تقييد حق الترشيح ومواطنون من الدرجة الثانية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تقييد حق الترشيح ومواطنون من الدرجة الثانية


بقلم:أ/ محمد السيسى


الانتخاب والترشيح والمساهمة في الحياة العامة واجب وطني، هذا ما نعلمه ونعلمه لشبابنا من أجل بناء جيل يؤمن بثقافة التغيير، والمواطنة في جوهرها الصحيح تعنى كفالة الحقوق للمواطنين والمساواة بينهم دون تمييز بسبب الدين أو الأصل أو الجنس أو اللون أو المذهب، بمعنى أن كل مواطن في هذا الوطن يتساوى مع غيره من المواطنين في التمتع بالحقوق الدستورية دون أدنى تفرقة بأي سبب كان.

والدستور ينص في المادة 62 على أن: ( للمواطن حق الترشيح والانتخاب وإبداء الرأي في الاستفتاءات العامة والمساهمة في الحياة العامة واجب وطني ).

وهذا النص لا غبار عليه لأنه في صميم حق المواطن الطبيعي الذي تكفله كافة الدساتير، فالانتخاب والترشيح من الحقوق الدستورية العالمية والمنصوص عليها في المواثيق الدولية التي وقعت وصادقت عليها الدول والشعوب ومن بينها مصر، والتي تعلو في مقامها الدساتير الوطنية.

وهذا النص كان سببا في القضاء بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب فيما تضمنه من قصر الترشيح على الأحزاب فيما كان يعرف بالقوائم الحزبية في انتخابات مجلس الشعب عام 1984، بسبب حرمان المواطن الطبيعي غير المنتمى إلى الأحزاب من حق الترشيح مما أدى على حل مجلس الشعب لعدم دستورية قانون انتخابه، واستندت المحكمة الدستورية حينها إلى نصوص المواد 62، 40، 8 من الدستور.

وحينما عدل القانون واستحدث مقعد فردى بجوار القوائم الحزبية في كل دائرة انتخابية بغية تفادى عدم الدستورية، وكان الهدف أيضا هو منع المستقلين من خوض الانتخابات والادعاء زورا بتمكين الأحزاب من الممارسة السياسية، وعلى أساس هذا القانون المعدل أجريت انتخابات مجلس الشعب عام 1987.

وللمرة الثانية قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب فيما تضمنه من قصر ترشيح المستقلين على مقعد واحد في كل دائرة انتخابية بجوار القائمة الحزبية بسبب عدم تكافؤ فرص المستقلين مع ممثلي الأحزاب وعدم تناسب مقاعد المستقلين مع نسبتهم في الشارع المصرى، حيث تمثل نسبة المستقلين أكثر من 98% من الناخبين في حين لا يمثل الأحزاب سوى 2%من الناخبين، بينما يمثل المستقلون في مجلس الشعب نسبة لا تتجاوز 10% من عدد الأعضاء، وهذا يتناقض مع الدستور في المواد 40، 62.

ومن أجل ذلك تم حل مجلس الشعب وأجريت انتخابات 1990، 2000، 2005 بنظام الانتخاب الفردي بعيدا عن القوائم الحزبية لموافقة هذا النظام للدستور.

وبعد هزيمة الحزب الوطني في الانتخابات الأخيرة أمام المستقلين والإخوان المسلمين، حيث لم يحصل سوى على 32% فقط من مقاعد المجلس بينما حصل المستقلون على 66% من المقاعد، الأمر الذي هدد كيان الحزب في الشارع وهدد كيان النظام الحاكم المستبد فقام بضم المستقلين الخارجين عن الحزب في الانتخابات إلى صفوفه مرة ثانية مع منحهم امتيازات داخل الحزب وفى دوائرهم ليس من بينها فحسب منح كل منهم ما مقداره 25.000ج(خمسة وعشرون ألف جنيه) مقابل الدعاية الانتخابية أسوة بأعضاء الحزب الخاسرين، إضافة إلى منح كل نائب من مجلس الوزراء مائة ألف جنيه وتعيين خمسة من دوائرهم.

وإزاء هذا الموقف دخل الترزية على الدستور ليعبثوا به وينالوا من حق المواطن في الترشيح ويقسموا بين المواطنين بسبب انتمائهم الحزبي بالمخالفة للدستور ذاته.

إذ ينص الدستور في المادة 40 على أن: (المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات ولا تمييز بينهم بسبب الأصل أو الجنس أو الدين أو العقيدة أو المذهب ).

وحرمان المواطن من الترشيح كحق فطرى أصيل، أو تقييد مشاركته في الحياة السياسية ومنها حق الترشيح باشتراط انضمامه إلى حزب من الأحزاب هو لا يرغب باختياره في الانضمام إليه، أو قصر حقه في الترشيح على مقاعد للمستقلين لا تساوى نسبتهم الحقيقية في الشارع المصرى، كل هذا يمثل اعتداء على الحقوق الدستورية الأصيلة، وعلى مبدأ فوق دستوري وعلى حق فطرى جبلي.

والتعديل الدستوري يهدف إلى الإبقاء على حق الانتخاب وإبداء الرأي في الاستفتاءات العامة والمساهمة في الحياة العامة كواجب وطني، إلا أنه بالنسبة إلى حق الترشيح فقد أراد ترزية الدستور هذا الحق مرهون بقانون يصدره مجلس الشعب ينظم هذا الحق بما يكفل إجراء الانتخابات بنظام القوائم الحزبية بدعوى تمكين الأحزاب من التمثيل بمجلس الشعب، ويكفل تمثيل المرأة.

ومن شأن هذا النص وما يستتبعه من تعديل تشريعي تستخدم فيه الأغلبية الصورية للحزب الوطني لاستصدار قانون يحرم المستقلين من حقهم الكامل في الترشيح ويقصر حقهم على نسبة محددة من التمثيل داخل المجلس النيابي.

والهدف من كل هذا هو تقليص دور المستقلين والقوى السياسية المحجوبة عن الشرعية من الوصول إلى البرلمان بنسبة مؤثرة تستطيع فيها أن تصدر قانونا أو تعارض تمرير قانون.

والهدف واضح بعد نجاح الإخوان المسلمين في انتخابات عام2005 وهم القوة الرئيسية في الشارع المصرى، وهو منعهم من الصعود إلى البرلمان أو التأثير في الشارع السياسي، ويفهم في هذا السياق الحملات الأمنية المتصاعدة ضد رموز الجماعة السياسية وحملات الاعتقال ومصادرة وتجميد الأموال والمحاكمات العسكرية، وجميع هذه الإجراءات البوليسية القمعية تهدف إلى منع الإخوان من العمل السلمي في الشارع المصرى.

  • ولكن هل سيستمر هذا ؟

كافة العقلاء يدعون النظام إلى فتح حوار هادف وفعال وبناء جسور الثقة مع الشعب المصرى وقواه العاقلة المؤثرة، وإذا كان النظام يجلس مع أولمرت وبيريس أفلا يجلس مع أبناء الوطن المخالفين له في الرأي.

والكل يراهن على أن هذا النظام قد فقد عقله ورشده ووعيه وبات يسير إلى هاوية التاريخ وأقرب إلى الخروج من الجغرافيا السياسية فهو نظام قد تآكلت شرعيته وبات مكروها من رجل الشارع العادي البسيط، ولا يحتاج إلى عناء السياسيين لتنحيته قدر ما يحتاج إلى عامل نظافة بسيط ليلقى به في مزابل التاريخ.