لو كانت لنا حكومه إسلاميه؟!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإمام حسن البنا يخاطب إخوانه : " لو كانت لنا حكومة إسلامية ؟!

بقلم : الإمام الشهيد حسن البنا

لو كانت لنا حكومة إسلامية: صحيحة الإسلام، صادقة الإيمان، مستقلة التفكير والتنفيذ، تعلم عظمة الكنز الذي بين يديها، وجلال النظام الإسلامي الذي ورثته، وتؤمن بأن فيه شفاء شعبها، وهداية الناس جميعاً... لكان لنا أن نطلب إليها أن تدعم الدنيا باسم الإسلام.. لاكتسبت مركزاً روحياً وسياسياً وعملياً بين غيرها من الحكومات، ولاستطاعت أن تجدد حيوية الشعب؛ وتدفع به نحو المجد والنور، وتثير في نفسه الحماسة والجد والعمل..

عجيب أن تجد المذاهب الاجتماعية والسياسية المختلفة أنصاراً أقوياء، يقفون عليها أرواحهم وعقولهم وأفكارهم وأقلامهم وأموالهم وصحفهم وجهودهم، ويحيون ويموتون لها..

ولا نجد حكومة إسلامية تقوم بواجب الدعوة إلى الإسلام، الذي جمع محاسن هذه النظم جميعاً وطرح مساوئها، وتقدمه لغيرها من الشعوب كنظام عالمي فيه الحل الصحيح لكل مشكلات البشرية، مع أن الإسلام جعل الدعوة فريضة لازمة، وأوجبها على المسلمين شعوباً وجماعات قبل أن تخلق هذه النظم، وقبل أن يعرف فيها نظام الدعايات: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) (آل عمران: 104).

لقد تقدمنا بهذه الأمنية إلى كثير من الحاكمين في مصر، وكان طبيعياً ألا يكون لهذه الأمنية أثر عملي. فإن قوماً فقدوا الإسلام في أنفسهم وبيوتهم وشؤونهم الخاصة والعامة لأعجز من أن يفيضوه على غيرهم، ويتقدموا بدعوة سواهم إليه.. وفاقد الشيء لا يعطيه.

ليست هذه مهمتهم أيها الإخوان، فقد أثبتت التجارب عجزهم المطلق عن أدائها، ولكنها مهمة هذا النشء الجديد، فأحسنوا دعوته، وجدّوا في تكوينه، وعلموه استقلال النفس والقلب، واستقلال الفكر والعقل، واستقلال الجهاد والعمل، واملأوا روحه الوثابة بجلال الإسلام وروعة القرآن، وجندوه تحت لواء محمد ورايته، وسترون منه في القريب الحاكم المسلم الذي يجاهد نفسه ويسعد غيره.

أيها الإخوان المسلمون.. بل أيها الناس أجمعون..

لسنا حزباً سياسياً وإن كانت السياسة على قواعد الإسلام من صميم فكرتنا..
ولسنا جمعية خيرية إصلاحية، وإن كان عمل الخير والإصلاح من أعظم مقاصدنا..
ولسنا فرقاً رياضية، وإن كانت الرياضة البدنية والروحية من أهم وسائلنا..
لسنا شيئاً من هذه التشكيلات، فإنها جميعاً تبررها غاية موضعية محدودة لمدة معدودة، وقد لا يوحي بتأليفها إلا مجرد الرغبة في تأليف هيئة، والتحلي بالألقاب الإدارية فيها.

ولكننا أيها الناس :

فكرة وعقيدة، ونظام ومنهاج، لا يحدده موضع ولا يقيده جنس، ولا يقف دونه حاجز جغرافي، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ذلك لأنه نظام رب العالمين، ومنهاج رسوله الأمين..
نحن أيها الناس - ولا فخر - أصحاب رسول الله ، وحملة رايته من بعده، ورافعو لوائه كما رفعوه، وناشروا لوائه كما نشروه، وحافظو قرآنه كما حفظوه، والمبشرون بدعوته كما بشروا، ورحمة الله للعالمين ولتعلمن نبأه بعد حين.

أيها الإخوان المسلمون :

هذه منزلتكم، فلا تصغروا في أنفسكم، فتقيسوا أنفسكم بغيركم، أو تسلكوا في دعوتكم سبيلاً غير سبيل المؤمنين، أو توازنوا بين دعوتكم التي تتخذ نورها من نور الله ومنهاجاً من سنة رسوله، بغيرها من الدعوات التي تبررها الضرورات، وتذهب بها الحوادث والأيام.
لقد دعوتم وجاهدتم، ولقد رأيتم ثمار هذا المجهود الضئيل أصواتاً تهتف بزعامة رسول الله وهيمنة نظام القرآن، ووجوب النهوض للعمل، وتخليص الغاية لله، ودماء تسيل من شباب طاهر كريم في سبيل الله، ورغبة صادقة للشهادة في سبيل الله. وهذا نجاح فوق ما كنتم تنتظرون، فواصلوا جهودكم، واعملوا والله معكم، ولن يتركم أعمالكم.
فمن تبعنا الآن فقد فاز بالسبق، ومن تقاعد عنا من المخلصين اليوم فسيلحق بنا غداً، وللسابق عليه الفضل. ومن رغب عن دعوتنا، زهادة بها، أو استصغاراً لها، أو يأساً من انتصارها، فستثبت له الأيام عظيم خطئه، وسيقذف الله بحقنا على باطله فيدمغه فإذا هو زاهق.
فإلينا إلينا أيها المؤمنون العاملون، والمجاهدون المخلصون «فهنا الطريق السويّ»، والصراط المستقيم، ولا توزعوا القوى والجهود: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) (الأنعام).