إسماعيل حامد يكتب: ثلاث رسائل
18-05-2014
يخطئ البعض في فهم جماعة الإخوان وأهدافها وغايتها ووسائلها وطبيعة عملها التنظيمي، وحينما يحلل مواقفها السياسية بعيدًا عن رؤيتها الشرعية وفقها للواقع، وينتج عن هذا الفهم الخاطئ سوء ظن بها وبمواقفها السياسية وممارساتها اليومية ولإدارة قيادتها للعمل.
ومن هذا البعض قرأت لأحدهم وهو يتساءل عن موعد ظهور حركة كفاية بين الإخوان، وهو مقال مليء بأخطاء في التصور وتحليل المواقف مع جهل تام، ناهيك عن سوء الأدب في التعامل مع التنظيم الأكثر وطنية وانتماءً لهذا الوطن، وهذا التساؤل يدل على الخلل الكبير الذي تعاني منه النخبة المثقفة في تعاملها مع الإخوان .
إن هذه الجماعة بحكم فهمها الصحيح للإسلام ولتاريخها الممتد عبر ٨٦ سنة وتجاربها الميدانية، لم تكن منغلقة على نفسها ولم تكن معزولة عن مجتمعها ولم تكن تعيش في كهف تنظيمي يحول بينها وبين التفاعل مع الآخر، بل كانت ولا زالت تفتح أبوابها وتمد يدها للجميع وتستمع لهم ولنصائحهم وتقبل منهم كل ما هو صالح نافع.
وظهرت التحالفات بين الإخوان وكافة قوى المجتمع، في دلالة على سعة صدر الإخوان للجميع وتقبل الآخر مهما كانت الخلافات السياسية أو الصراعات التاريخية، وما التحالف مع حزب الوفد في انتخابات ٨٤ ثم مع العمل والأحرار في ٨٧ ثم التحالف الديمقراطي في 2011 إلا صورة من ذلك التطبيق الإخواني للقبول بالآخر والتعاون معه فيما يعود على المجتمع بالخير .
إن هذه الجماعة بما تمتلكه من خبرات عملية طوال تاريخها المشرف، جعلها تحت المجهر دائمًا نقدًا وفحصًا وتقييمًا، وهي لا تضيق ذرعًا بذلك، بل تستقبله برحابة صدر وتعتبره هدية، سواء كان من صديق ناقد أو عدو حاقد، ما دام محقًا وموضوعيًّا فيما قال او كتب، وكم قبلت الجماعة نصائح الغير لها، وعدلت من بعض مواقفها ومساراتها بناءً على هذا النصح او ذاك، ولكن حينما تصبح الكتابة تنظيرا وترفا فكريا، وحينما تختلط الحقائق الثابتة بالمواقف المتغيرة، .
وحينما تصبح الغاية هي الطعن والتشكيك وخاصة فيمن هم مغيبون خلف سجون الظالمين ولا يملكون حق الرد والدفاع عن أنفسهم، هنا يصبح لزامًا أن نكتب ونعقب على ما قيل، ليس دفاعا عن الجماعة وقيادتها ورد الظلم الواقع عليها فحسب ، ولكن لبيان الحقيقة وتوضيح ما التبس على الاخر.
لقد اخطأ من ينتظر حركة " كفاية الإخوانية " حينما خلط بين قرارت الجماعة السياسية وبين خطاب منصة رابعة العاطفي، وأخطأ حينما لم يفرق بين قيادات وجنود التنظيم الإخواني وبين حشود الشعب المصري عامة المشاركة معهم في الحراك الثوري ضد الانقلاب، وأخطأ حينما لم يفرق بين الممارسات السياسية اليومية التي قد تحتمل الخطأ والصواب وبين القواعد والأسس الحاكمة للإخوان كتنظيم محكم، وأخطأ حينما خلط بين تصريحات إعلامية إخوانية هنا او هناك المبنية على حدث وقتي قد تتغير النظرة التحليلية له وبين البيانات الرسمية التي تسأل عنها، .
وأخطأ حينما لم يفرق بين آراء الجماعة الوقتية التي قد تتغير بحسب الظروف والعرف والعادات وبين قرارات الجماعة الاستراتيجية المصيرية القائمة على الجمع بين الحكم الشرعي وفقه الواقع، وأخطأ حينما لم يحسن فهم مباديء الجماعة وبالتالي أساء اليها وطعن فيها وفي قياداتها وتنظيمها واتهمها بالغباء والغرور، وأخطأ حينما لم يقرأ وقائع تاريخها جيدا وبخاصة فترة المحنة وما تعرضت له من مواقف فأساء الفهم، وأخطأ حينما حرض شباب الإخوان على القيام بحركة كفاية داخل الإخوان كي تترنح كراسي القيادة بأيديهم وهو يجهل ان الذي يقود الجماعة الان والحراك الثوري في الشارع المصري هم الشباب بعد تغييب قيادات الصفوف الثلاثة الاولى داخل الجماعة في السجون والمعتقلات.
ونود في النهاية ان نوجه رسائل ثلاث لكل من :
- 1- الناصحين للجماعة من داخلها بصدق وإخلاص : بارك الله فيكم وتقبل منكم هذا النصح ، والجماعة تمضي بكم وبنصائحكم الغالية وبتفاعلكم البناء مع أهدافها ووسائلها، فلا تنخدعوا بحبائل الشيطان التي تزين لكم في الاعلام للهجوم على دعوتكم وقيادتهم في هذه اللحظة الفارقة.
- 2- الناقدين للجماعة من خارجها بحسن نية وحرص : نشكر لكم حرصكم على مسيرة الجماعة في الحياة السياسية المصرية ونشعركم أن الجماعة تستجيب لنقدكم وتطور مسيرتها وتصلح من أحوالها وتجدد حيويتها عبر آلياتها ووسائلها ولن تروا منها الا كل حرص على خير هذه البلاد
- 3- المتربصين بالجماعة الدوائر : مهما كانت أفكاركم وتصوراتكم ومخططاتكم لهدم الجماعة عن طريق نصح مغلف بالكراهية والحقد، لطفا بأنفسكم فالجماعة ماضية في طريقها وهي ليست بحاجة الى ميلاد حركة كفاية بداخلها، ونقولها بكل ثقة ويقين يامن تنتظر " كفاية الإخوانية " سيطول انتظارك، فالجماعة ليس بها صقور وحمائم وليس بها تباين بين قيادتها وأفرادها، والجماعة على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض
وأختم بأن الجماعة ترحب بأي نصائح واقعية غير متجنية تأتينا من الناصح الصادق او الناقد الحريص او المتربص بسوء، حول مسيرة الجماعة خلال الفترة الماضية وضرورة المراجعات والنقد الذاتي.
المصدر
- مقال:إسماعيل حامد يكتب: ثلاث رسائل موقع: إخوان أون لاين