أجندة «الاخوان» في زمن «همام سعيد»
ماهر أبو طير
5/4/2008
اتصل بي قبل يومين ، تلفزيون البي بي سي ، في لندن ، ليسألني احدهم عن مغزى فوز الدكتور همام سعيد بموقع المراقب العام ، لجماعة الاخوان المسلمين في الأردن ، وهل سنشهد سيطرة لحركة حماس على الجماعة - وفقا للسؤال - وهل ستكون هناك مواجهات بين الجماعة والدولة ، على الطريقة المصرية ، تؤدي الى حل الجماعة في نهاية المطاف.
بالنسبة لي شخصيا ، فقد سألت مسؤولا بارزا ، في الدولة ، عن موقف الدولة من وصول الدكتور همام سعيد الى اعلى موقع في الجماعة ، فقيل لي ان الدولة لا تفكر في مواجهات ، ولا تريد مواجهات ، وان على الجماعة ان تتصرف بشكل منطقي وعاقل وموزون ، لاغلاق الباب امام اي سيناريوهات يفترضها البعض ، فللجماعة نوابها في مجلس النواب ، وما زالت تمارس اعمالها ، وما يحكم الفعل ورد الفعل ، هو حجم تصرف الجماعة خلال الفترة المقبلة باعتبارها جماعة لها خصوصيتها الأردنية ، مذكرا ذات المسؤول ، ان قيادات في جماعة الاخوان المسلمين في مصر نصحوا الجماعة ، هنا في الأردن ، بالحفاظ على الاستقرار والسلم ، وهذه الاجواء التي توفرها الدولة للجميع.
هناك بالمقابل ، من يرى في وصول اول قيادي اردني من اصل فلسطيني ، الى قيادة الحركة ، امرا مثيرا للغاية ، خصوصا ، ان القيادات السابقة من المرحوم محمد عبدالرحمن خليفة الى عبدالمجيد ذنيبات وصولا الى سالم الفلاحات ، كانت تضبط الحركة على الساعة الأردنية ، وتتلقى ايضا الضربات ، بكل تحمل ، لما لها من ثقل عشائري واجتماعي وسياسي وحزبي ، والمراقب العام الجديد ، كان نائبا للمراقب العام لمدة اربع سنوات ، غير ان المفاجأة في وصوله تتعلق بكونه محسوبا على التيار الذي لا يؤمن بالفصل بين حماس والاخوان المسلمين ، ويعتبر ان الساحة كلها مترابطة ، فهي ساحة اسلامية عربية ، والخصوصيات هي من صنع الاستعمار ، ويعد التيار الذي يتزعمه الدكتور همام ، اكثر تشددا من تيار الصقور الذي نعرفه ، وبطبيعة الحال ، يختلف عن تياري الوسط والحمائم ، وهو يرى ان هذه تقسيمات مصطنعة يراد منها تهيئة الجماعة لانشقاقات وانقسامات ، على يد من لا يرغبون بوجود الجماعة اصلا.
اضف الى ذلك ، ان التيار الذي يؤمن بالترابط بين حماس والاخوان المسلمين في الأردن ، هو تيار موجود تاريخيا ، على مستوى الكوادر ، وعلى مستوى بعض الرموز ، لكنه لاول مرة ، يوصل رمزا الى الموقع الاول في قيادة الجماعة ، والمتشائمون يعتقدون ان هناك معركة "مصير" ستنشب بين الجماعة والدولة خلال الفترة المقبلة ، عند اول اختبار للقوة ، على خلفية اي طلب لاعتصام ، او اصدار بيان ، او اي مناسبة اخرى ، ستكون سببا ، في انجلاء الغبار ، وكشف مواقف كل الاطراف.
ما نتمناه ، ان ترسل قيادة الجماعة الجديدة ، اشارات طمأنة للدولة ، انها لن تدخل في معارك ، تحت اي عنوان ، واذا كانت الدولة عاقلة ولا يتم جرها الى معارك لا.. ندية فيها اصلا ، فان الجماعة تحوي رموزا عاقلة ، ايضا ، ستلعب دورا في الحفاظ على الجماعة ، ومنع جرها ايضا ، الى مستنقع الخلاف والاختلاف في هذا التوقيت الصعب محليا واقليميا ، ومن يظن ان وصول الدكتور همام سعيد الى موقع المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين في الأردن ، هو رد من الكوادر واعضاء مجلس الشورى ، على ما جرى في الانتخابات البلدية والنيابية ، ولما تعرض له تيار الاعتدال من اقصاء وطني ، وفقا لتعبير اسلاميين ، فهو يقدم لنا وصفة اولية لمعركة كبرى لا نريدها ، ولا يريدها اي اسلامي عاقل ، يعرف ان الزج برصيد الحركة ، كله ، في هذا التوقيت يقترب من حدود المقامرة على سمعة الحركة الاسلامية.. اذ ماذا ستكون الخطوات التالية ، على صعيد كافة الاطراف.
وصول الدكتور همام سعيد الى موقع المراقب العام ، يجب ان لا يتم تحميله اكثر مما يحتمل ، فالرجل الذي خبر العمل الإسلامي ، طوال عقود ، قادر ايضا ، على تصنيف المخاطر ، ومنع تسللها الى البيت الاسلامي ، الذي ليس من مصلحة احد ، اشعال معركة فيه.. اذ يكفيه ما فيه.