التعديلات الدستورية المقترحة
مقدمة
لم يكن ممكناً أن يقف القضاة موقفاً سلبياً من التعديلات الدستورية المقترحة نظراً لأنها تمسهم بصفتهم مواطنين وبصفتهم قضاة منوط بهم تطبيق الدستور وما يسفر عنه من قوانين لازمة لوضع المبادئ التي ينص عليها الدستور موضع التنفيذ ، وأول ما يمس القضاة في هذه التعديلات الدستورية تعديل المادة 88 من الدستور الخاصة بالإشراف القضائي على الانتخابات والاستفتاءات بجعل الانتخابات تتم في يوم واحد ، وهو ما يجعل الإشراف القضائي إشرافاً صورياً كما كان قبل تفسير المحكمة الدستورية للإشراف بأنه الإمساك بالزمام بجعل العملية الانتخابية كلها في يد السلطة القضائية من أول وضع الكشوف حتى إعلان النتيجة مروراً بعملية الاقتراع روح العملية الانتخابية بأن يكون هناك قاض على كل صندوق ، وحجة المطالبين بإجراء الانتخابات على يوم واحد هو أن إجراءها على عدة أيام يعطل عمل المحاكم وهو ما ينجم عنه تأخير الفصل في القضايا المتأخر الفصل فيها فعلاً ، وأنه يجب النأي بالقضاة عن الاشتراك المباشر في الانتخابات لما يترتب على ذلك من تعرضهم لما يسيء إليهم وهم أصحاب المقام الرفيع ، فضلاً عن ان ذلك يتفق مع مبدأ الفصل بين السلطات وأن غالبية الدول لا تعرف الإشراف القضائي ورغم ذلك تجري فيها انتخابات حرة وسليمة والحقيقة أن جميع هذه الحجج ساقطة ، لأن اشتراك القضاة في الانتخابات يتم على فترات متباعدة ( شهر كل خمس سنوات بالنسبة لمجلس الشعب وهو مدة لا تقاس في عمر الزمن فضلاً عن أنه يمكن إجراء الانتخابات في العطلة القضائية التي تعطل فيها المحاكم يضاف إلى ذلك أن الانتخابات هي القضية الكبرى لمصر كلها وهي أهم من أي قضية أخرى يمكن أن يفصل فيها لأنه إذا أنصلح حال الانتخابات في مصر أنصلح حال مصر كلها ، هذا بالنسبة للحجة الأولى ، أما بالنسبة للحجة الثانية وهي البعد بالقضاة عن المعارك الانتخابية فإني أقول أن من يسيء إلى القضاة ويعتدي عليهم هي الحكومة التي ترغب في تزوير الانتخابات فإذا رفعت يدها تماماً عنها مرت بسلام دون مشاكل أو تعديات ، أما عن القول بأن أكثر بلاد العالم لا تعرف الإشراف القضائي فإن الرد على ذلك سهل يسير وهو أن هذه البلاد لا تعرف تزوير الانتخابات عن طريق تدخل الحكومة فيها وفرض إرادتها عليها ولو أن الحكومة رفعت يدها عنها لأمكن لأي أفراد في المجتمع مهما كان شأنهم الإشراف عليها .
هذا بالنسبة لتعديل المادة 88 من الدستور أما بالنسبة لإلغاء المادة 179 منه واستبدالها بقانون لمكافحة الإرهاب متحرر من القيود الموجودة في المواد 41 ، 44 ، 45 الخاصة بالحريات والضمانات فهذه هي الكارثة التي ستحل بالوطن وتحوله إلى سجن كبير بالقضاء على كافة الضمانات التي تصون هذه الحريات وإطلاق يد الأمن أكثر مما هي عليه الآن وهو ما يجب أن يتصدى له الشعب كله بكل قوة وألا يسمحوا بذلك أبداً مهما كلفهم ذلك من تضحيات .
يأتي بعد ذلك دور المواد 75 الخاصة بشروط من يتم ترشيحه للرئاسة و76 التي تضع قيوداً لهذا الترشيح والمادة 77 الخاصة بمدد الرئاسة ، 93 الخاصة بالطعون الانتخابية ، 148 الخاصة بحالة الطوارئ ثم المواد الخاصة بالسلطة القضائية .
هذه هي فقط المواد التي قالت فيها اللجنة المشكّلة في نادي القضاة حكمها في تعديلها والتي نأمل أن تكون موضع اهتمام المسئولين عن وضع هذه التعديلات حتى تأتي معبرة عن رأي جموع شعب مصر .
مـادة 41 -الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس ، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة ، وذلك وفقاً لأحكام القانون ولا يجوز الخروج عن ذلك في أي حالة وتحت أي ظرف أو النص في قانون على جواز ذلك .
ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي التي لا يجوز أن يزيد على ثلاثة أشهر .
مادة 44 – للمساكن حرمة فلا يجوز دخلوها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب ولا يجوز النص في أي قانون على الخروج عن ذلك .
مادة 45 – لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون وللمراسلات البريدية والبرقية والتليفونية وغيرها من وسائل الاتصالات حرمة ، وسريتها مكفولة ، ولا يجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محدودة وفقاً لأحكام القانون مع عدم جواز النص في أي قانون على الخروج عن رقابة القضاء مع عدم جواز النص في أي قانون على الخروج عن رقابة القضاء في هذا الشأن .
مــادة 54 – للمواطنين حق الاجتماع الخاص في هدوء غير حاملين سلاحاً دون حاجة إلى إخطار سابق ، ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة ، والاجتماعات العامة المواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون الذي يجب أن يقتصر على تنظيم هذه الاجتماعات دون وضع قيود عليها أو اشتراط موافقة الأمن عليها .
مادة 62 – للمواطن حق الانتحاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون ، ومساهمته في الحياة العامة واجب وطني ، وأي مساس بذلك يعتبر جريمة خيانة عظمى .
نظام الحكم – الفصل الأول رئيس الجمهورية
مادة 75 – يشترط فيمن ينتخب رئيساً للجمهورية ، أن يكون مصرياً من أبوين وجدين مصريين ، وأن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية ، أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها بمقتضى القانون ، غير مزدوج الجنسية ولو تنازل عن جنسيته الأجنبية وألا يقل سنه عن أربعين سنة ميلادية وقت الترشيح .
مـادة 76 – يجوز لأي مصري تتوافر فيه شروط المادة السابقة أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية ويعرض أمر هذا الترشيح في انتخابات عامة مباشرة ، ويقدم طلب الترشيح إلى لجنة تسمى لجنة الانتخابات الرئاسية تتكون من أعضاء من السلطة القضائية يتم اختيارهم عن طريق الجمعيات العمومية للمحاكم تنظم عملها وقواعد الانتخاب وإجراءاته وإعلان النتيجة قانون حاص يصدر بهذا الشأن .
مادة 77 – مدة الرئاسة خمس سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخابات ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا مرة أخرى ثانية فقط .
الفصل الثاني – السلطة التشريعية
مجلس الشعب
مـادة 88- تبقى كما هي وإذا رأى أي إضافة لها فلتكم بإضافة كلمة مباشر إلى الإشراف تنفيذاً لحكم المحكمة الدستورية العليا .
مـادة 93 – يختص مجلس الدولة في هيئة قضاء إداري دون غيره بنظر الطعون المقدمة في شأن انتخابات مجلس الشعب بعد إحالتها إليه من رئيسه ، أو التقدم بها مباشرة إليه وتعتبر العضوية ساقطة بمجرد صدور حكم نهائي في هذا الشأن ، ولا يحول ذلك دون إسقاط المجلس لعضوية أعضائه للأسباب المبينة في المادة 96 من الدستور .
- صياغة أخرى : تختص محكمة النقض دون غيرها بنظر الطعون المقدمة في شأن انتخابات مجلس الشعب بعد إحالتها إليها من رئيسه أو التقدم بها مباشرة إليها وتعتبر العضوية ساقطة بمجرد صدور حكم بها ، ولا يحول ذلك دون إسقاط المجلس لعضوية أعضائه للأسباب التي تنص عليها المادة 96 من الدستور .
مادة 148 – يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين في القانون ، ويجب عرض هذا الإعلان على المجلس خلال خمسة عشر يوماً التالية للتقرير بأغلبية الثلثين ما يراه في شأنه وإذا كان المجلس غير منعقد يعرض الأمر عليه في أول اجتماع له ، وفي جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر ، ولا يجوز مدها إلا بموافقة مجلس الشعب بالأغلبية سالفة الذكر .
الفصل الرابع – السلطة القضائية
مادة 165 – السلطة القضائية مستقلة ، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون ، وهي تتكون من المحاكم العادية ، ومجلس الدولة الذي يختص بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية ، وما يسنده إليه القانون من اختصاصات أخرى .
مادة 166 – القضاة مستقلون ، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة .
مادة 167 – تحدد قوانين السلطة القضائية اختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ، ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم .
مادة 168 – القضاة غير قابلين للعزل ، وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً .
مادة 169 – جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب ، وفي جميع الأحوال يكون النطق بالحكم في جلسة علنية .
مـادة 170 – تلغى .
مـادة 171 – تلغى .
مـادة 172 – أدمجت في المادة 165 .
مـادة 173 - تلغى .
مـادة 174 – المحكمة الدستورية العليا جزء من السلطة القضائية مقرها مدينة القاهرة .
المادة 175 – تتولى المحكمة الدستورية دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح ، وتتولى تفسير النصوص التشريعية ، وذلك كله على الوجه المبين في القانون ، ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها .
مـادة 176 – ينظم القانون كيفية تشكيل المحكمة الدستورية العليا ، ويبين شروط توافرها في أعضائها وحقوقهم وحصاناتهم .
مـادة 177 – أعضاء المحكمة الدستورية العليا غير قابلين للعزل ، وتتولى المحكمة مساءلة أعضائها على الوجه المبين بالقانون .
مـادة 178 – تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوي الدستورية ، والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية ، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار .
مـادة 179 – تلغى ( خاصة بالمدعي العام الاشتراكي ) .
ملاحظات على التعديلات الدستورية المقترحة :
1- استقر رأي لجنة التعديلات الدستورية بنادي القضاة على عدم التعرض للمواد التي تنظم سلطات الدولة الأخرى غير السلطة القضائية وترك هذا الأمر للمتخصصين في القانون الدستوري وأعضاء هذه السلطات فهم الأقدر على إجرائها ، والتعرض فقط لمواد الدستور التي تخص السلطة القضائية مباشرة مع التعرض لبعض المواد التي تمسها بصور غير مباشرة مثل المواد التي تنظم الحريات العامة والخاصة والممتلكات باعتبار أن السلطة القضائية هي المختصة لحكم وظيفتها بحمايتها والمحافظة عليها .
2- عدم المساس بالباب الثالث من الدستور الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة إلا بقدر ما يمنع من صدور قانون يمسها ولو في حالة الطوارئ بمنع النص في أي قانون على حظر الرقابة القضائية في حالة المساس بهذه الحريات .
3- عدم المساس بالمادة 88 بما تتضمنه من الإشراف القضائي على الانتخابات و الاستفتاءات واعتبار ذلك من المحرمات وأن ما يقترح من تعديلها يجعل انتخابات مجلس الشعب تتم في يوم واحد وهو قضاء على هذا الإشراف والعودة به إلى ما كان قبل حكم المحكمة الدستورية العليا بتفسير معنى الإشراف على أن يكون مباشراً ، وعودة بالإشراف إلى جعله صورياً بدلاً من تعزيزه بأن يكون شاملاً منذ بداية وضع الكشوف حتى إعلان النتيجة .
4- اعتبار التدخل في الانتخابات بقصد تزوير نتيجتها أياً كان نع هذا التدخل جريمة خيانة عظمى ( المادة 62 ) .
5- تعديل المادة 75 من الدستور الخاصة بشروط المرشح للرئاسة بإضافة شرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها طبقاً للقانون ، وغير مزدوج الجنسية ولو تنازل عن جنسيته الأجنبية .
6- تعديل المادة 76 بما يرفع أي قيد على التشريح وذلك لإتاحة الفرصة لكل مصري تتحقق فيه شروط المادة 75 من الترشيح ولا خوف في ذلك من تزايد عدد المرشحين لأنه لن يكون هناك فاعلية إلا للقليل منهم لأن هذا المنصب الخطير لا يمكن لأي إنسان عادي أن يكون لترشيحه صدى يذكر ، وفي الحقيقة أن المداولات في طريقة صياغة هذه المادة قد أخذت وقتاً طويلاً حيث ترددت الآراء فيها بين وضع قيود حقيقية تحد ولا تمنع مثل تخفيض عدد أعضاء مجلس التشعب والشورى والوحدات المحلية من 250 عضواً إلى مائة فقط والواجب الحصول على تزكيتهم أو الحصول على عدد من توقيعات المواطنين في المحافظات المختلفة يتردد بين خمسة آلاف توقيع أو عشرة آلاف ولكن رأي في النهاية الاستقرار على الصياغة التي وردت في التعديلات بمنع وضع أي قيد في هذا الشأن .
7- ضرورة تعديل المادة 77 بإنقاص مدة رئاسة الجمهورية إلى خمس سنوات فقط مع قصر عدد مرات الترشيح على اثنين فقط إتاحة الفرصة لتداول السلطة روح الديمقراطية والتي بدونها تصبح الجمهورية ملكية وتتيح المناخ للتسلط والدكتاتورية نتيجة البقاء مدة طويلة في هذا المنصب الخطير .
8- تعديل المادة 63 من الدستور يجعل الطعون الانتخابية من اختصاص أما مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري أو محكمة النقض بحيث يكون ما يصدر منها حكماً قابلاً للتنفيذ دون تدخل مجلس التشعب تحقيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات الذي يعطي السلطة القضائية الاختصاص بنظر كافة المنازعات باعتبار أن الطعن الانتخابي هو في حقيقة منازعة قضائية لا يجوز أن يختص بالفصل فيها سوى السلطة القضائية وحدها وليس في هذا تعدي على السلطة التشريعية التي أتاح لها الدستور تنظيم وإسقاط عضوية أعضائها في غير هذه الحالة بمقتضى المادة 96 منه .
9- تحديد سلطة مجلس الشعب في حالة إعلان حالة الطوارئ بعد عرض رئيس الجمهورية ذلك عليه طبقاً للمادة 148 باشتراط موافقة ثلثي أعضاء المجلس على فرضها وحدها بشرط عدم تجاوز كل من الفرض لأول مرة والمد عن ستة أشهر فقط .
10- السلطة القضائية تتكون من القضاء العادي ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا ، أما النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة فهي حسب نص الدستور هيئتان قضائيتان ، وهناك فارق كبير بين السلطة والهيئة لأن الهيئة لا تمارس سلطة ، ولما كان الدستور لا ينظم إلا سلطات الدولة ولذلك فقد رأى اقتراح التعديل ألا ينص فيه إلا على السلطة القضائية بشعبها الثلاثة العادية والإدارية والدستورية وترك ما عدا ذلك لقوانين تنظمها .
11- إلغاء المادة 173 الخاصة بالمجلس الأعلى للهيئات القضائية حيث أنه لم تعد له سلطات بعد إنشاء مجلس القضاء الأعلى بالنسبة للقضاء العادي ونظيره في مجلس الدولة وعدم حاجة المحكمة الدستورية العليا لشيء من ذلك وكذلك إلغاء المادة الخاصة بالمدعي الاشتراكي بعد أن رأى إلغاء هذا النظام لعدم حاجة الدولة إليه في الوقت الحالي وكذلك إلغاء نص المادة 170 الخاص بالإسهام الشعب في إقامة العدالة بعد إلغاء المدعي الاشتراكي ومحاكم القيم، المحاكم الوحيدة التي كان يسهم فيها الشعب وإلغاء المادة 171 الخاصة بترتيب محاكم أمن الدولة واختصاصاتها تبعاً لإلغاء قانون الطوارئ .