السعيد الخميسى يكتب: سوق"عكاظ"الجاهلية والدساتير المصرية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
السعيد الخميسى يكتب: سوق"عكاظ"الجاهلية والدساتير المصرية

بتاريخ : السبت 15 فبراير 2014

  • يعرف الدستور Constitution بأنه القانون الأعلى الذى يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم وشكل الحكومة رئاسية أم برلمانية وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات .

وفى تعريف آخر يعرف على أنه مجموعة المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة وحقوق كل من الحكام والمحكومين فيها .

والملاحظ فيما سبق استخدام مفردات : حدود , حقوق , واجبات , مبادئ , حكام , محكومين .

وكلها مفردات مهمة لها مغزى إذا نزلت لأرض الواقع ووجدت تربة خصبة لتنمو فيها نموا طبيعيا صحيحا .

أما فى أجواء الديكتاتورية فلاتتحدث عن حقوق ولاوجبات ولامبادئ ولاحكام ولامحكومين لأنه لاصوت يعلو فوق صوت المعركة والمعركة هنا هى تهيئة الأجواء لصناعة فرعون جديد يأمر فيطاع وينظر بطرف عينيه فتنحنى له الجباه , نظراته تعليمات , وتلميحاته واجبات , وتوصياته إملاءات , وخطاباته فرض عين على مواطن بالغ راشد عاقل بلغ سن الرشد ...! .

  • ستظل الدساتير فى الدول المتخلفة أو ماتسمى بدول العالم الثالث مثل"الدمية" Doll المزركشة المزينة والملونة بألوان الطيف والتى يضعها المزارعون فى فى رقاب "البقر" لكى تسر الناظرين وتصرف نظرهم عن " الروث " التى تتركه تلك البقر على الطرقات فتلوثه وتلطخه بل وتعطل حركة المشاة عليه .

أو إن شئت فقل فى أحسن الظروف مثل باقة الورود الصناعية البلاستيكية التى توضع فى حجرة استقبال الضيوف ولكنها لارائحة لها ولاطعم لها حتى ينشغل بها الضيف عن أمور أخرى مهمة من باب إشغل الضيف قبل أن يشغلك..! .

فالدستور فى أوطاننا العربية والإسلامية ينص على الحقوق والواجبات والحريات والتعليم والعيش والحرية والكرامة وحفظ النفس والعرض والمال وكل مايخص الإنسان .

لكن التطبيق على أرض الواقع يدل دلالة قاطعة أن المهم ليس هو الدستور ولكن من يطبق هذا الدستور...!؟

  • نحن قوم نجيد فن صياغة الكلام وتفصيل العبارات تفصيلا دقيقا على مقاس أى زبون..! .

بل نتقن تفصيل مواد أى دستور على مقاس أى نظام لعله يرضى عن ترزية تفصيل القوانين والدساتير بصرف النظر عن رضى الشعوب لان الشعب لاقيمة لها ولاوزن لها فى عقيدة الطغاة والبغاة .

فترزية القوانين والدساتير فى أى وطن يرفعون شعار : أئنا لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين..! ؟"

وشعار الطاغية معروف ومعلوم ومفهوم " نعم.. وإنكم لمن المقربين..! ؟" فتبادل المصالح والمنافع والمآرب هى اللغة الرسمية المعترف بها بل والتى يجيدها كلا الطرفان .

  • لقد تحول الوطن .. كل الوطن إلى " مكلمة وثرثرة " فارغة جوفاء عن الحريات وحقوق الإنسان فى الدساتير المصرية فى كل العهود والعصور .

والحق أقول أن المواطن المصرى مكلوم ومقهور ومظلوم لأنه مكبل بالإغلال ومقيد بالسلاسل ولم يستنشق يوما ما عبير الحرية ولم ينعم برحيقها بقدر مايتنفس وسط دخان القنابل المسيلة لاأقول للدموع ولكن لآماله وطموحاته وتتطلعاته .

وديست حرية المواطن تحت عجلات البغى وانتهكت كرامته وخلعت نوافذ وأبواب غرفته التى كانت تحفظ عرضه وعورته وشرفه وآدميته . صارت عورته مكشوفة .

وآماله مقتولة , وطموحاته مدفونة تحت رماد الخوف والذعر والقلق من الحاضر والمستقبل لأنه لايوجد شئ فى الآفاق يبشر بخير.

  • إن المشهد اليوم لايختلف كثيرا عن مشهد العرب فى الجاهلية عندما أقاموا سوقا للشعر والنثر والكلام والبلاغة يسمى " سوق عكاظ " حيث كانت العرب تجتمع فيه كل سنة يفاخر بعضهم بعضا "ويعكظ " بعضهم بعضا بالفخار وكانت العرب يتعاكظون فيما بينهم أى يتفاخرون بالشعر والبلاغة والكلام ومن ثم سمى بسوق " عكاظ " لأن العرب كانوا أرباب اللغة وتلك بضاعتهم التى كانوا يجيدونها.

وكانت العرب تجتمع فى هذا السوق شهرا من كل سنة لعرض بضائعهم المادية والأدبية وربما قامت حروب بسبب منافرات قيلت فى السوق كحرب " الفٍجَار" كما كانوا يعرضون بناتهم فيه للتزويج .

هذا هو شأننا اليوم , أقمنا أسواقا نناقش فيه الدستور .

وسوقا نناقش فيه الحريات . وسوقا نناقش فيه الحقوق والواجبات , وسوقا نناقش فيه الرئاسة وشكل الحكومات .

ونسينا ماهو أهم من كل ذلك ألا وهو: أين المسئول المصرى الفذ بل أين المؤسسات المنضبطة التى تؤمن بحق الإنسان فى كل ماسبق ذكره..؟

  • إن الحريات ليس عبارات , وإن الحقوق ليست مزادات , وإن الواجبات ليست مزيادات .

وإن الدساتير ليست بضاعة تباع وتشترى فى سوق " عكاظ الساسيى." وسيظل هذا الشعب يدور فى رحى الظلم والبغى فى دوائر فارغة حتى يدوخ ويسقط على الأرض مغشيا عليه من كثرة اللف والدوران دون هدف أو فائدة أو نقطة محددة يريد الوصول إليها او محطة معينة يريد اللحاق بها .

نريد أن ننتقل من الدستور الورقى إلى الواقع الحركى..! .

نريد أن ننتقل من مرحلة التراشق إلى مرحلة التوافق . نريد أن ننتقل من مرحلة أنا ومن بعدى الطوفان إلى مرحلة بناء الأوطان .

نريد أن ننتقل من مرحلة العبودية الى مرحلة السيادة . نريد ان ننتقل من مرحلة المصائب والفجائع الى مرحلة اتقان العمل وحسن والصنائع .

نريد ان ننتقل من مرحلة التخويف والترهيب والتأديب إلى مرحلة الأمن والأمان لكل إنسان .

  • هل قدرنا أن نظل قابعين فى ذيل قائمة الأمم والشعوب ..؟

هل قدرنا أن ظل نلهث ورؤوسنا فى التراب..؟

هل مكتوب على جباهنا " العبد يقرع بالعصى ..؟

هل مخطوط على وجوهنا إن العبيد لأنجاس مناكيد..؟

هل قدرنا إن أصبحت فى بيتك فلاتتنظر المساء إلا وانت فى المعتقلات..؟

هل نحن بشر أسوياء أم عبيد بلهاء..؟

هل نحن مواطنون لنا حقوق وعلينا واجبات..؟

أم نحن لعب أطفال يلعبون بنا ثم يستنفذون منها رغباتهم ثم يقذفونها فى أكوام القمامة..؟ ه

ل نحن أدوات بناء أم معاول هدم يجب طحنها وإبادتها تحت مجنزرات أولات الذوات..؟

أجيبونا ياقوم من نحن بالتمام والكمال..؟

فلقد تاهت فى رؤوسنا الفكرة وجاءت السكرة فلن نعد ندرى أعلى أرجلنا نسير أم على رؤوسنا..؟

  • أنا لاأريد المستحيل , بل أريد الممكن . أريد أن أعيش مواطنا حرا فى وطن حر..! . أريد أن أعيش بلاخوف أو قلق أو تهديد او وعيد .

أريد أن أعيش كأى إنسان حر طليق , لايخشى اقتحام غرفته , وتكسير شقته , وسحق كرامته , وتشويه سمعته. أريد أن أعبر عن رأيى فلا يتهمونى بالأرهاب .

أريد أن أشرح فكرتى فلاتغلق فى وجهى كل الأبواب .

أريد أن أقول للظالم أنت ظلوم فلايقول لى أنت اليوم مقتول..!؟

أريد أن أتنفس نسمات الحرية بانتظام , لكن ليس من أنبوبة أكسجين النظام , أريد أتظاهر بسلمية فلايقطع جسدى وتكسر العظام .

أريد أن أعقد مؤتمراتى فوق الأرض وفى النور وليس فى الظلام داخل الجحور . أنا فى رأسى فكرة وليس فى يدى قنبلة .

أنا فى عقلى على توجهك تحفظات , لكن ليس فى جيبى ضدك رصاصات . أنا وأنت فى صراعات وتنافسات , لكن ليس فى قلبى ضدك أحقاد ولا مؤآمرات .

هذا ماأريده.. وها أنا ذا ..!... فقل لى من أنت وماذا تريد...!؟

  • لاتضيعوا أوقاتنا سدى بلانفع ولافائدة . وتشغلونا بسوق " عكاظ " فى الفضائيات الليلية وفى المهرجانات السياسية .

مرة أخرى مرارا وتكرارا , ضعوا ماشئتم من قوانين ودساتير , وشكلوا ماشئتم من حكومات , وانتخبوا ماشئتم من رؤساء .

فكل هذا سيضيع هباء منثورا وسيضيع معه الوطن طالما أن الإنسان المصرى مازال يبحث عن التعليم فلايجده وعن لقمة العيش فلايحصل عليها وعن شربة الماء فلايصل إليها وعن ثمن الدواء فلا يمتلكه وعن بيت يأويه فلا يجده .

أنا لاأحدثك عن الحرية والكرامة والعدالة والمساواة والأمن والأمان فهذا حلم نائم وطيف خيال فى وطن ضاع فيه الأمل إلى أجل غير مسمى فى مستقبل مشرق ساطع .

تحول كل شئ إلى سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا مذكورا.! .

ابنوا الإنسان قبل أن تبنوا له بيتا , واصنعوا المواطن قبل أن تبحثوا له عن وطن ,واقيموا شعبا حرا قبل أن تنتخبوا له رئيسا .

الدساتير والقوانين لاتبنى شعبا أبيا ولاتقيم وطنا قويا , لكن الشعب القوى الحر هو الذى يفعل كل ذلك فافيقوا قبل أن نتحول إلى وطن سابق وشعب هالك..!؟

المصدر