السيسي للقضاة: عودوا للنادي وبيعوا زبادي!
(27/04/2017)
كتب: سيد توكل
مقدمة
"السيسى الآن يسيطر على كافة التعيينات فى القضاء والجامعات.. وسلم لى على اللي قالوا مرسي] ديكتاتور علشان عزل النائب العام السابق.. الذي طالبت الثورة برفده" ، كان هذا تعليق من عشرات التعليقات التي انهالت على رءوس القضاة الذي وجدوا أنفسهم بين شقوق نعل البيادة مثل "العلكة" التي ملّ صاحبها من مضغها، فقذف بها إلى البرلمان الذي كورها بدوره ووضعها في سلة المهملات وحكم عليها بقانون السلطة القضائية.
فيما قال المستشار أحمد سليمان - وزير العدل في عهد الرئيس محمد مرسي - إن منظومة العدالة اختلت اختلالا رهيبا بعد الانقلاب العسكري، وبات القضاء أداة انتقام بيد السلطة التنفيذية في البلاد. ورأى أن الانقلاب بات مذعورا من كل شخص قادر على قول كلمة الحق، مشيرا إلى أن النظام الحالي يزعجه أن تصدر كلمة الحق من قضاة لما لكلمتهم من أثر في الداخل والخارج، واعتبر أن القضاة في ظل حكم مرسي تمتعوا بحرية التعبير عن آرائهم دون خوف أو وجل، بعكس ما هو حاصل بعد الانقلاب.
فلاش باك الزند!
في مساء الحادي عشر من أكتوبر 2012 اجتمع ما يقرب من 1200 قاض داخل مقر نادي قضاة مصر بوسط القاهرة بعد دعوة رئيس النادي وقتها المستشار أحمد الزند، وذلك للتنديد بما سمي حينها بـ"التدخل في شؤون القضاة" في أعقاب إقالة الرئيس محمد مرسي أحد أذرع المخلوع مبارك، وهو المستشار عبد المجيد محمود من منصبه كنائب عام، وهو مطلب ثورة 25 يناير.
تهديدات القضاة حينها بالتصعيد بنبرات مرتفعة، وصل في بعضها إلى حد الاستقواء بالرئيس الأمريكي أوباما للتدخل لإنقاذ القضاء من تدخلات مؤسسة الرئاسة في شؤونه الداخلية، مؤكدين على ضرورة تفعيل مبدأ الفصل بين السلطات وعدم تدخل أي مؤسسة أيا كانت في تعيين أو عزل أو اختيار أو ترشيح أي من القيادات القضائية في الدولة.
هذه الوقفة التي مر عليها ما يقرب من خمسة أعوام ونصف تقريبًا، والتي كانت غير مسبوقة، حيث انتفض القضاة خلالها في وجهة السلطة التنفيذية لأول مرة مدفوعين من المجلس العسكري من أجل الدفاع عما أسموه حينها "استقلالية السلطة القضائية" ، ورفض أي تدخلات من هنا أو هناك. وما أشبه اليوم بالبارحة ها هي مهمة استدعاء ذهني تاريخي في هذه الأيام، وذلك بعد إقرار برلمان الدم لقانون السلطة القضائية بالرغم من اعتراض غالبية القضاة عليه.
تجاهل السفيه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، رأي القضاة في مناقشة قانون السلطة القضائية، وما تبعه من تمرير للقانون عبر موافقة اللجنة التشريعية في برلمان الدم، دون مراعاة لمواقفهم الرافضة له، يضع العديد من علامات الاستفهام حول ما يمكن أن يتمخض عنه من رد فعل للمؤسسات القضائية، فهل تنتفض كما انتفضت في السابق؟ أم أن السلطة التي كشرت عن أنيابها أيام الرئيس مرسي خلع السيسي أسنانها؟
سحب صلاحيات المؤسسات القضائية ونقلها لرئيس الدولة، ما يترتب عليه تقليل نفوذ السلطة القضائية لصالح سلطات تنفيذية أخرى، هل من الممكن أن يحرك جموع القضاة كما حركهم في السابق.. ماذا فعلوا؟
عيش نملة تأكل سكر!
توقع المراقبون انتفاضة داخل الأوساط القضائية تنديدًا بتمرير المشروع من برلمان العسكر في تجاهل واضح لرأي الجهات القضائية المختلفة، والتي أرسلت في السابق خطابًا رفضت فيه مناقشة قانون السلطة القضائية معتبرة إياه شأن قضائي داخلي لا يحق لأي سلطة التدخل فيه، ومع ذلك لم يأخذ البرلمان بهذا الموقف وتم الموافقة على القانون.
نادي قضاة الانقلاب تحسس الكراسي والمناصب والفلوس التي انهالت عليه في السابق، جراء مشاركته في الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي، وجراء إفراطه في أحكام السجن والإعدام الجائرة بحق رافضي الانقلاب، واكتفى هذه المرة ببيان في درجة حرارة "الزبادي" علًق فيه على ما حدث، معلنًا أنه في حالة انعقاد دائم، وعلى تواصل مع مجلس القضاء الأعلى لحل الأزمة مع مؤسسة الرئاسة، إعمالاً للمادتين 5 ، 123 من الدستور.
النادي في بيانه الذي وزعه على وسائل الإعلام، بالغ في حيائه من سادته العسكر، وقال إنه "في سبيل استقلال القضاء فإن جميع الخيارات مطروحة بما لا يمس استقرار الوطن، وما زال مجلس إدارة نادي القضاة منعقدًا بمقر النادي حتى الآن؛ لبحث تداعيات أزمة موافقة مجلس لنواب على تعديل قانون السلطة القضائية" دون أن يشير إلى أي من الخيارات التي من الممكن أن يلجأ إليها حال عدم تراجع برلمان الدم عن المشروع الممرر!
المستشار محمد عبد المحسن، رئيس نادي القضاة أكد في مداخلة هاتفية له على إحدى الفضائيات إنه وعلى الرغم من أن المشروع مخالف للدستور ويهدد استقلالية القضاء ويتناقض مع مبدأ الفصل بين السلطات، ويسلب حق القضاة في إبداء رأيهم في القوانين التي تنظم شئونهم، إلا أن القضاة لا يريدون الصدام مع برلمان العسكر، وفيما يبدو انه إعلان انسحاب وعودة لمهنتهم القديمة وهى إدارة بوفيه نادي القضاة وترتيب رحلات الحج والعمرة للحفاظ على مكاسب الدماء التي سالت على منصة الشامخ في 30 يونيو 2013.
المصدر
- تقرير: السيسي للقضاة: عودوا للنادي وبيعوا زبادي! موقع بوابة الحرية والعدالة