تعيش جبهة علماء الأزهر ويسقط حزب الشياطين الخرس
بقلم:المستشار/ محمود الخضيري
عندما أعلنت الجبهة الشعبية لمقاومة تصدير الغاز إلى إسرائيل سارعت بالانضمام إليها باعتبار أن عملية تصدير هذه السلعة لإسرائيل خيانة عظمى تمس الأمن القومي المصري لأنه تبديد لثروة الوطن وإعطائها لعدو لكي يقوى بها ويستعملها في ضرب أبناءنا وإخواننا في غزة – ولم أستطع أن أتصور أن تبيت غزة مظلمة لعدم وجود طاقة لتوليد الكهرباء فيها في حين أن شوارع إسرائيل تتلألأ بالأضواء من الغاز المصري ولا أتحدث هنا عن الأسعار لأن هذا حديث لا يجب أن يثار في مثل هذه الأعمال المجرمة قانونا وإنما تثار مسألة الأسعار في الاتفاقيات التي تتم بين بلاد العلاقات بينها طبيعية، إنما هذا العمل الإجرامي بكل المقاييس يجب أن نقلع عنه سريعا وأن يعاقب من أقدم عليه – وقد طلبت من كل من الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر وفضيلة مفتي الديار المصرية أن يقولا لنا رأي الدين في إمداد إسرائيل بالغاز فلم أسمع جواباً رغم مسارعتهما في إبداء رأي الدين في مسائل أخرى أقل شأناً وإبداء أراء فيها تقيم الدنيا عليهما، وإنما جاء الجواب من جبهة علماء الأزهر الشريف برئاسة الدكتور العجمي الدمنهوري المنشور في جريدة الدستور يوم الأحد الموافق 11مايو 2008 وقد جاء البيان شافياً لصدر كل وطني مخلص يعمل على الحفاظ على ثروة بلده وأمنها القومي مؤيدا لرأينا بمطالبة عمال المصنع الذي يعمل على تصدير الغاز إلى إسرائيل بالامتناع عن العمل حيث خاطبهم البيان قائلا (لا تكونوا مسمارا في نعش مصر، وصونوا أولادكم وذريتكم من المال الحرام الذي يأتيكم من عملكم وسعيكم مع الساعين في خرابها وتدميرها) كما أكد البيان أن المال الذي يحصل عليه العاملون في هذه المصانع هو مال حرام وكل لحم ينبت منه هو في النار بالإشارة إلى حديث الرسول الكرم الذي يقول ذلك وأضاف البيان موجهاً حديثه إلى العمال قائلا وإياكم وبيع شرفكم وأعراضكم مقابل دراهم رخيصة للمجرمين وانه لا حرمة لجريمة ولا براءة لمجرم كائنا من كان.
واللافت للنظر في هذا البيان القوي أكرم الله من أصدروه أنه وصف المال الذي يحصل عليه العاملون في هذه المصانع بالحرام ووصف العمل بالجريمة وبالتالي فإن الأدوات التي تستعمل في هذا العمل هي أدوات مستعملة في جريمة يجب قانونا الاستيلاء عليها ومصادرتها وهذا ما يجب أن تقوم به الحكومة وإلم تقم بذلك وجب على الشعب القيام به.
تصدير الغاز لإسرائيل إذا جريمة خيانة عظمى أيا كان مرتكبها يجب التصدي لها ومن هنا رحبت بالجبهة الشعبية لمقاومتها وسارعت بالانضمام إليها وقد استغرب البعض انضمامي إليها وأعتقد أن مظهر العجب عملي كقاض، والحقيقة أني تعجبت كثيرا لهذا العجب وكأن القاضي إنسان مجرد من الأحاسيس الوطنية والقومية يعيش منعزلا عن مشاكل وهموم وطنه وأهله وعشيرته وسألت نفسي هل إذا داهم الوطن عدو خارجي هل يجلس القضاة في منازلهم مكتفين برفع أكف الضراعة بالدعاء للمقاومين بالنصر، وهل هذا الدعاء يمكن أن يسقط عن القادرين منهم فريضة الجهاد، قد يقول قائل نحن نجاهد على المنصة بإعطاء الناس حقوقها وأنا أقول أنه في أوقات الحروب والكوارث لا يوجد سوى حق واحد هو حق الوطن بالحفاظ عليه لأن الوطن إذا ضاع منا فلا حقوق ولا واجبات بل ضياع وذل وعار يهوون أمامه ضياع حقوق المواطنين بعضهم تجاه بعض.
بل إن هذه لحظات يجب أن ينسى فيها الناس خلافاتهم الشخصية ويتوحدوا من أجل الدفاع عن الوطن ومقدراته وما نحن فيه الآن لا يختلف كثيرا عن أزمات الحروب والكوارث العامة حيث إن مجموعة استولت على الحكم بالتزوير وبالقوة تقوم بتسليم ثروات الوطن للأعداء فهل ننتظر حتى تصل إلينا إسرائيل وتعاود احتلال سيناء منزوعة السلاح بحجة الحفاظ على ممتلكاتها المتمثلة في مصانع تصدير الغاز إليها وآلاته ومعداته.
تلك ملاحظة فقط أردت أن أرد بها على من يستغرب انضمامي إلى الجبهة الشعبية لمقاومة تصدير الغاز إلى إسرائيل. ومن هذا المنطلق فإني أدعو كافة إخواني من المصريين أيا كان موقعهم إلى الانضمام إلى هذه الجبهة والعمل سريعا على وقف هذه الجريمة التي تمس سمعة مصر وشعبها وأحمد الله على أن جاء بيان جبهة علماء الأزهر مؤيدا لما ننادي به وهي جهة بلا شك تمثل رأي الدين في هذا العمل المشين، ولا أتصور أن فضيلة شيخ الأزهر وفضيلة المفتي يمكن أن يكون لهما رأي مخالف لرأي الجبهة وأن كانت المناصب لعنها الله قد كممت أفواههم عن قول كلمة الحق.
الغاز سلعة استراتيجية أودعها الله باطن الأرض لكي نستغلها والأجيال القادمة في تقدم ورقي هذا الشعب، سواء باستغلالها في المصانع والمنازل أو تصديرها في حالة وجود فائض لكي نستفيد من ثمنها في نهوض الاقتصاد وتحقيق الرخاء، والمفروض أن ما يتم تصديره يكون فائضا عن حاجة الاستهلاك المحلي المدة التي يقررها الخبراء، وما يقوله الخبراء الآن أن مصر تصدر قدرا يفوق بكثير الفائض منها حاليا وأن المستقبل المنظور يجعل مصر في حاجة إلى الاستيراد لو أنها حققت المستهدف في إنشاء المصانع وتحديثها ولذلك فإن عملية التصدير تكون كارثة لو تحقق ما يتوقعه رجال الاقتصاد بالنسبة لحاجة البلد وكم المخزون من الغاز وهو ما يجعل مهمة هذه الجبهة في المرتبة التالية هي العمل على إلغاء تصدير الغاز من أساسه بعد أن ننجح في منعه عن إسرائيل إن شاء الله.
مطلوب من كل قوى الشعب أن تقف وقفة رجل واحد وتقول لا لتصدير الغاز إلى إسرائيل لا لمد العدو بأسباب القوة لا للتفريط في ثروة مصر ورزق أبنائها، لا للفساد الذي قام بهذا العمل الشائن في الخفاء، لا لحرمان إخواننا في غزة من الطاقة ومد العدو بها.
- شكر لأخي العزيز الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم على كلمته الرقيقة في جريدة الدستور يوم الأحد 11 مايو 2008 في بابه الجميل حلاوة زمان وأقول له إن انضمامك إلى جهة مقاومة تصدير الغاز لإسرائيل سيزيدها قوة.
- عرضت قناة الجزيرة بعض المشاهد لانقطاع التيار الكهربائي في غزة التي يكون لها وقت كتابة هذا المقال ليلتان تبيت في ظلمة تامة وهذا يؤثر على كل مرافق الحياة فيها وكان أكبر ما أثار مشاعري وجعل الدموع تنهمر من عيني مشهد الأطفال المحتاجين إلى الرعاية الطبية وأجهزة التنفس الصناعية والمعرضون للموت إذا لم تستطع هذه الأجهزة أن تعمل لمدة يوم ثالث مع عدم وجود أي وسيلة أخرى لتشغيلها وضاعف حزني وألمي قول الطبيب أن هؤلاء الأطفال سيكون مصيرهم الموت المحقق إذا لم تعمل هذه الأجهزة لمدة يوم أخر، كان هذا أمام أعين العالم المتحضر جميعا وأمام أعين وأسماع الأخوة الحكام العرب الذين يساهمون بجهد جبار في إحكام الحصار على غزة ولا أعرف ما هو شعورهم وهم يرون ويسمعون ما سمع العالم وما رأى ولم أجد أمامي خيار عندما رأيت هذه المناظر التي ينقطع لها نياط القلوب سوى أن على أدعو كل حاكم عربي ساهم ويساهم في حصار غزة أن يحكم الله عليه عقابا في الدنيا بأن يرى أبناءه وأحفاده في محنة كهذه وهذا إلى جوار عقاب الآخرة بالطبع وسبب دعائي هذا أن هؤلاء الحكام قد مات ضميرهم بحيث لم يعد يعبأ بعقاب الآخرة.