حسن الحيوان
من هو
هو ابن الأستاذ الكبير الصحفي محمد الحيوان رحمه الله وهو طبيب نابغ وأستاذ جامعي هو حسن البسَّام الضحاك خفيف الظل هو الطبيب الذي أحبَّ مرضاه واحترمهم وأبى أن يتخلَّف عن عيادته وموعدها يومًا وهو الأخ حسن الداعية النشط والمحلل السياسي البارع صاحب الرؤية والحجة.
وهو أحد أبرز الوجوه السياسية والإعلامية لو أراد إلا أنه أبى الظهور منه تعلمنا كيف يكون أدب الحوار وعمق التعبير عن الفكرة وضرورة الالتزام بالمنهج والضوابط مع احترامِ الآخر.
اعتقال واختطاف وتآمر
أصرت مباحث أمن الدولة علي اختطافه واعتقاله شهورا طويلة من قلب عيادته ومن بين مرضاه الذين أحبهم وأحبوه وتقديمه للمحاكمة، وحتى عندما برأته المحكمة رفض الحاكم العسكري وهو رئيس الدولة أو من ينوب عنه وفق قانون الطوارئ التصديق علي الحكم وهو ما استدعى اختطاف مباحث أمن الدولة للدكتور حسن الحيوان -يرحمه الله- مرة جديدة كانت قبيل عيد الفطر بأيام وهو صائم يخدم مرضاه من عيادته وأهانوه، وظل مختفيا لديهم أسبوع حتى ظهر في سجن الزقازيق العام ويبدو أنهم يأسوا من قوة صلابته وأدركوا مدي قدراته وإخلاصه في دعوته فدبروا له أمرا ً وقرروا تقديمه لمحاكمة ثانية سريعة وعلي غير العادة ومن أول جلسة تم عرضه فيها علي المحكمة أصدر القاضي قرارا ببراءته
هو تحديدا بينما حبس رفيق له لمدة عام وأيضا علي غير العادة بعد صدور حكم البراءة بساعات ربما لا تتجاوز ال48 ساعة كان الرجل في منزله بين أسرته علي عكس المرة الأولي التي برأته فيها المحكمة قامت أمن الدولة باعتقاله لعدة أسابيع ولأن دافع غامض داخلي جعلني أتابع مجريات اعتقال هذا الرجل وجرجرته في المحاكم وهو أستاذ فاضل، يعلم أجيال في أرقي المهن الإنسانية.
الوداع
وفي مشهدٍ مهيبٍ مليئ بالدعواتِ والدموع شيَّع نحو عشرون ألفاً من الإخوان المسلمون وجماهير محافظة الشرقية عصر الأحد 19/11/2006م ابنًا بارًّا من أبناءِ الحركة الإسلامية هو المجاهد الدكتور حسن الحيوان الأستاذ بكليةِ الطب الذي وافته المنية أمس السبت بعد رحلةٍ حافلةٍ بالعمل وخدمة الدعوة، محتسبًا كل ما لاقاه من ظلمٍ وأذى عند الله تعالى.
بدأت مراسم الجنازة بعد صلاة الظهر حيث توافد عدد من الإخوان وأهالي الفقيد ثم تحركت الجموع في اتجاه قرية الروضة مسقط رأس د. حسن الحيوان وهناك في المسجد الكبير قدم المتحدثين الأستاذ سعيد صديق من دعاة الإخوان بفاقوس وتحدث كلاً من أعضاء مكتب الإرشاد :
الأستاذ الدكتور رشاد بيومي د. عبد المنعم أبو الفتوح أ.د محمود عزت أ.د محمد علي بشر والأستاذ جمعة أمين واختتمت الكلمات داخل المسجد بكلمة فضيلة المرشد العام، دارت كلماتهم حول عطائه وثباته وجهاده وبشاشته وتواضعه الجم وعلمه، فقدم النموذج والقدوة لأصحاب الدعوات ولشباب الأمة.
وأم فضيلة الأستاذ المرشد صلاة العصر وصلاة الجنازة، ثم تحركت الجموع إلى مقابر القرية ومدافن العائلة حيث ووري الجثمان الطاهر الثرى وسط بكاء ونحيب ودعاء وابتهال من الأحبة والإخوان والأهل.
لقد رحل الأخ الحبيب عن دنيا الناس إلى دارِ الآخرة بعد سنوات من العمل الدءوب والجهاد المستمر والتضحية العزيزة في سبيلِ إعلاء كلمة الله ونشر دعوة الإسلام ولتحقيق التمكين لدين الله في الأرض، وحريٌ بنا في هذا المقام أن نتناول عدة جوانب أساسية في سيرةِ الأخ الحبيب منها:
أولا: نموذج الفرد المسلم القدوة
فعندما نستعرض جوانب هذه الشخصية, نجده نموذجًا للفرد المسلم الذي جعله الإمام البنا هدفًا أساسيًّا من أهدافنا المنشودة في الإصلاحِ والتغيير، ولقد حدد الإمام البنا عشر صفاتٍ لهذا الفرد النموذج فقال: "نريد الفرد المسلم سليم العقيدة، صحيح العبادة، متين الخلق، قوي الجسم، مثقف الفكر، قادرًا على الكسب، منظمًا في شئونه، حريصًا على وقته، نافعًا لغيره، مجاهدًا لنفسه".
وعندما ننظر في تلك الصفات نجد أنَّ أخانا الراحل قد تمتَّع بها، وكانت بارزةً في شخصيته، ومنها على سبيل المثال:
1. متين الخلق: فالجميع يشهد له بمتانةِ خلقه وبشاشةِ وجه وحسن معاملته مع جميعِ أفراد وشرائح المجتمع المحيطة به، بل كان متميزًا بسعةِ صدره وحلمه ورفقه.
2. مثقف الفكر: مثلما كان متميزًا في علمه وتخصصه كان أيضًا متميزًا في ثقافته العامة والإسلامية فنجده في كلِّ موضوع أو قضية مطروحة للنقاش صاحب رأي وحجة ولديه قدر كبير من العلم والثقافة الذي يعينه على أن يفكر ويقدم الرأي والنفع لهذه الدعوة المباركة.
3.منظمًا في شئونه: ولقد كان دقيقًا ومنظمًا في كلِّ أعماله وترتيب شئونه متوازنًا في جميع شئونه وترتيب أولوياته، فمثلما كان طبيبًا ناجحًا وأستاذًا جامعيًّا بارزًا كان أيضًا داعيًا ومربيًّا وسياسيًّا ماهرًا، وكان أيضًا بارًّا بأهل بيته وعشيرته وأقاربه.
4. حريصًا على وقته: لقد كانت أجندة مواعيده مكتظة ولكن في نفس الوقت وفيًّا لعهده ووعده فلم يتخلف إلا لظرفٍ قهري، وكان أيضًا حريصًا على الاستفادةِ من جميع وقته بأفضل صورةٍ وأحسنِ وجه.
5. نافعًا لغيره: وكان حريصًا أن يُقدِّم لإخوانه ولمرضاه ولدوائر المجتمع المحيطة به كل نفعٍ وخير دون كللٍ أو مللٍ بل بنفس صابرة ومثابرة عالية.
6. مجاهدًا لنفسه: لم يكن لنفسه حظ، وكان يُعطي من نفسه لإخوانه بكل حبٍّ وتواضعٍ وأدبٍ جمٍّ، لا يغضب ولا يثور حتى لو انفعل عليه أحدٌ أو احتدَّ في نقاشه معه فتجده نموذجًا رائعًا للصابر المحتسب وحريصًا كل الحرص على بشاشةِ الوجه وحسن الخلق والأخذِ بمنهجية وموضوعية في العرضِ والمناقشة مع كل المخالفين له في الرأي.
ثانيًا: الداعية المربي
ومثلما كان نموذجًا للفرد المسلم القدوة فقد كان أيضًا نموذجًا للداعية والمربي القدوة الذي يتحرك بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا يُبالي بما يلقاه فهو الصابر والمحتسب المحب لدعوته المجاهد في سبيلها، ولقد شارك في كثيرٍ من الندوات والمؤتمرات، وكان له دورٌ بارزٌ في مجالاتِ الدعوة المختلفة يشرح دعوة الإسلام ويطرح الرؤية الصحيحة والمنهج الواضح لهذه الدعوة المباركة في مجالات الإصلاح المتعددة، وكان حريصًا على أن يجالس الإخوان كبيرهم وصغيرهم رجالاً ونساء ويعمل على حسن توجيهم وتربيتهم مما كان له عظيم الأثر في نفوسهم جميعًا.
ثالثًا: السياسي الماهر
ورغم قصر الفترة التي عمل بها في المجال السياسي إلا أنه تميَّز بموهبةٍ بارزةٍ في هذا المجال، وكان له فكره ورؤيته السياسية الواضحة واستطاع بتوفيقٍ من الله عزَّ وجل ثم عمله المتواصل أن يكون من أبرز رموز العمل السياسي والقائمين على إدارته وصاحب تجربة متميزة في هذا المجال.
رابعًا: القائد الحكيم
ويشهد له جميع أحبائه بذلك، فكان مثالاً رائعًا للقائدِ القدوة صاحب الحكمة والرأي السديد، وكان لديه القدرة وعظيم التأثير في كلِّ مَن حوله بالحبِّ أولاً ثم بالإقناع والبرهان ثانيًا ثم بالاحترامِ والتقدير والتواضع لإخوانه ثالثًا، ولهذا كان نموذجًا مثاليًا للإدارةِ الناجحة بالحبِّ والإقناع معًا، لم يختلف معه أحدٌ ولم يغضب منه أحد، بل الحب والتقدير والحرص الجميل علي العمل معه.
خامسًا: المجاهد الصادق
يجب علينا ونحن نتحدث عن هذا الجانب في شخصية أخينا الراحل أن نستشعر هذه المعاني التي ذكرها الإمام البنا:
- "تصور المجاهد شخصًا قد أعدَّ عدته, وأخذ أهبته, وملك عليه الفكر فيما هو فيه نواحي نفسه وجوانب قلبه.
- فهو دائم التفكير.. دائم الاهتمام.. على قدمِ الاستعداد أبدًا، إذا دُعيَ أجاب, وإذا نُودي لبَّى, غدوه ورواحه وحديثه وكلامه وجدُّه ولعبه لا يتعدى الميدان الذي أعدَّ نفسه فيه, ولا يتناول سوى المهمة التي وقف عليها حياته وإرادته، تقرأ في قسماتِ وجهه, وترى في بريقِ عينيه, وتسمع في فلتاتِ لسانه ما يدلك على ما يضطرم به قلبه من جوًى لاصق وألم دفين.
- وما تفيض به نفسه من عزمةٍ صادقة، وهمة عالية، وغاية بعيدة؛ وذلك شأن المجاهدين من الأفرادِ والأمم.. فأنت ترى ذلك جليًّا في الأمةِ التي أعدت نفسها للجهاد".. فلقد كان مثالاً للمجاهد الصادق نحسبه كذلك ولا نُزكي على الله أحدًا.
وأخيرًا أيها الأحباب الكرام.. علينا أن نحرص كلَّ الحرص على إعدادِ أنفسنا حتى نكون من المجاهدين الصادقين والفائزين في الدنيا والآخرة، وذلك من خلال:
- دوام الصلة بالله في كلِّ الأحوال دون ترخُّصٍ أو تقاعس؛ ولكن بهمة وإرادة.
- الحرص على العملِ المتواصل، وبذل الجهد والتضحية في سبيل الله.. ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (العنكبوت: 69).
- الحرص على الشهادة وحسن الخاتمة، وهذا يتطلَّب قلوبًا مخلصةً صادقةً ونفوسًا عظيمةً وهممًا قويةً, وصدق الله العظيم: ﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ (آل عمران: 92).
نسأل الله العظيم أن نكون من أولئك الذين يختصُّهم ربهم بالشهادة: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ (آل عمران: 140).
اللهم آمين، وصلِّ اللهم على سيدِنا محمد وآله وصحبه وسلم.
ألبوم صور