رحلة الشيخ عبد الله العقيل تركيا وبلغاريا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
رحلة الشيخ عبد الله العقيل تركيا وبلغاريا

جريدة العالم الإسلامي

طالب فضيلة الشيخ عبد الله العقيل - الأمين العام المساعد لشؤون المساجد برابطة العالم الإسلامي - الدول والهيئات والمنظمات الإسلامية بسرعة المبادرة بتقديم العون المادي والمعنوي لمسلمي بلغاريا الذين عانوا كثيرًا من الحكم الشيوعي الماضي، الذي نسوا خلاله إسلامهم وثقافتهم وهويتهم الإسلامية، وقال فضيلته في حديث شامل عن رحلته إلى كل من تركيا وبلغاريا: لقد كانت هذه الرحلة بالدرجة الأساس إلى تركيا وبلغاريا، ثم أسبانيا، وقد وفقنا الله ـ سبحانه وتعالى ـ إلى جولة ميدانية اطَّلعنا فيها على أحوال المسلمين في هذه البلاد، فقد بدأت الرحلة في تركيا بزيارة عدد من المساجد التي تحتاج إلى ترميم، أو التي هي في طور الإنشاء، وتحتاج إلى مساعدة، كما زرنا عددًا من دور القرآن الكريم، وشاهدنا هذا التقدم فيها وإقبال المسلمين على إلحاق أبنائهم بهذه المدارس، ولا شك أن المرء المسلم ليشعر بالغبطة والفرحة حينما يرى العودة إلى الإسلام في تركيا التي كانت معقلاً للعلمانية.

كما قمنا بإلقاء بعض المحاضرات والكلمات والخطب في المساجد ودور القرآن، وعُقدت اللقاءات مع المسؤولين عنها وتم إعطاؤهم بعض ما لدينا من خبرات وتجارب في هذا الميدان، لعل الله ينفع بها العاملين هناك، ولقد وجدنا تجاوبًا كبيرًا، كما وجدنا في الشعب التركي عودة صحيحة إلى الإسلام تنتظم جماهيره، وبالأخص شبابه.

ومن هنا، فنحن نشعر أن رابطة العالم الإسلامي وغيرها من الجهات الإسلامية في داخل المملكة وخارجها تقوم بدور مهم في رفد ودعم هذا النشاط الإسلامي المتمثل في إنشاء المساجد وإقامتها، والتوسع في افتتاحها، وخاصة في القرى التي لا توجد فيها مساجد وفيها كثافة سكانية، وكذلك أيضًا الدعم المستمر لمدارس تحفيظ القرآن الكريم، وتقديم المساعدة اللازمة للقائمين عليها، وللطلبة الدارسين فيها، وقد أثمرت هذه الجهود ثمارها، ونحن على صلة، حيث ألاحظ في كل زياراتي هذا التقدم في المجالات كلها من نمو وتصاعد، هذا بإيجاز عن جولتي في تركيا التي استغرقت أسبوعين.

زيارة بلغاريا

بعد ذلك قمنا بزيارة إلى بلغاريا، فزرت العاصمة صوفيا، ومن خلال زيارة للمسجد الكبير الموجود في العاصمة، والذي تُؤدى فيه الصلوات، وجدنا أنه تنقصه كثير من الإنشاءات والإضافات لترميمه وإصلاحه، كما ينقصه بناء دورات للمياه، وأماكن للوضوء، ورغم هذا فقد وجدنا عودة عند المسلمين لدينهم بعد تغير النظام الشيوعي، واسترداد الكثيرين من البلغار لأملاكهم التي استولى عليها الحزب الشيوعي بالقوة، وكان من ضمن ما استولى عليه الكثير من المساجد التي حولها إلى متاحف، وثمة مسجد ضخم كبير في صوفيا لا تُؤدى فيه الصلاة؛ لأنه الآن مستغل كمتحف، فشجعنا المسلمين البلغار على المطالبة به، ووعدناهم بأنه إذا تم استرجاعه ليعود لأداء مهامه كمسجد فإننا في الرابطة على استعداد للتعاون مع المسلمين البلغار في إعادة المسجد إلى ما كان عليه من حيث صيانته، وترميم ما حدث فيه من تصدعات ليعود كما كان عليه سابقًا، ورغم أن هذا المسجد هو المسجد الأساسي الكبير في صوفيا، ولكنه متخذ الآن كمتحف، وهناك مطالبة قانونية من المسلمين البلغار في ذلك، خاصة أن لهم في المجلس النيابي (34) نائبًا يمثلون المسلمين في عموم بلغاريا، وقد التقيناهم في صوفيا، حيث تم نقاش كيفية استرداد جميع المساجد والمدارس والمعاهد الإسلامية السابقة، والتي استولت عليها الحكومة الشيوعية من قبل.

وقد أعربوا عن ثقتهم بكسب القضية من الناحية القانونية والقضائية، باعتبار أن لديهم وثائق، وسندات ملكية تفيد بأن هذا المكان كان مسجدًا أو كان معهدًا أو مدرسة إسلامية، أما البعض الآخر من هذه الأبنية فللأسف الشديد كان ثمة ضغط على المسلمين أو القائمين عليه لكي يتنازلوا عنه، وأخرى أُتلفت وثائقه، ولا يملكون شيئًا.

وقد شملت الرحلة التي استغرقت قرابة الثلاثة أسابيع زيارة مناطق مهمة مثل منطقة «فلينجراد» التي يبلغ عدد المسلمين فيها نحو خمسين كلهم من أصل بلغاري (البوماك)، ومنطقة أخرى هي غوشا و«الدشيف» وعدد قرى المسلمين فيها قرابة ثلاثين قرية، ومعظم سكانها من أصل «مقدوني» والمنطقة الثالثة هي منطقة «سمولين»، وعدد قرى المسلمين بها يزيد عن (150) قرية معظمهم من المسلمين البلغار البوماك، ثم منطقة «كورج علي» «كرجلى» التي تبلغ نسبة المسلمين فيها 90% يعود أكثرهم إلى أصول تركية.

أما المنطقة الخامسة فهي منطقة «بورغاس»، ومعظم المسلمين فيها من الأتراك أيضًا، ويشكل المسلمون فيها 50% من مجموع السكان ومنطقة شومان، ومعظمهم من الأتراك، ونسبتهم 75% من السكان.

كما قمنا بزيارة «راز قراد»، وهي منطقة إسلامية سكانها من أصول تركية، ويشكلون 80% من عدد السكان، ثم «ترغوفيتش»، ونسبة المسلمين فيها من السكان 75%، بالإضافة إلى قرى أخرى مثل قرية فراموفو، وسلانتيسا إلى غير ذلك.

وقد وجدنا أن المسلمين هناك في حاجة ماسة لأن يُمنحوا منحًا دراسية للدراسة في البلاد الإسلامية كالمملكة العربية السعودية، ومصر وغيرهما.

وكذلك الحاجة ماسة إلى المصاحف وإلى ترجمات معاني القرآن إلى لغات هذه المناطق، خاصة وأن المصاحف التي كانت قد شحنت من قبل قد تصرف فيها المفتى السابق الذي كان معنيًا بالطبع من قِبل الحزب الشيوعي وباعها وحينها سئل: كيف تبيع ذلك؟

قال: إنما بعتها لأجل أن يستفيد من ثمنها في منفعة المسلمين بهذا الثمن، فقيل له: إن هذه المصاحف التي طُبعت على نفقة خادم الحرمين الشريفين بمجمع الملك فهد بالمدينة المنورة إنما هي مصاحف كُتب عليها على أنها وقف لا تباع، والأصل فيها أن يستفيد منها المسلمون وبالذات في المساجد. ولكن هذا الأمر قد قُضي وحُسم، وقد تم عزل هذا المفتي، وتم تعيين آخر بدلاً عنه في انتخاب جرى في شهر سبتمبر الماضي، حيث تم اختيار «فكري علي حسن»، وهو من أصل تركي، ويبلغ من العمر ثلاثين عامًا.

كما يحتاج المسلمون البلغار بالإضافة إلى المنح الدراسية، وتزويد مساجدهم بالمصاحف في القرى والمدن فهم بحاجة إلى تأمين بعثات الحج، وهذه نرفعها للقائمين على أمور الحج؛ فعليهم أن يتعاونوا مع المسلمين الحقيقيين البلغار.

ويضيف الشيخ العقيل: من جهة أخرى أبدى المسلمون البلغار رغبتهم التي نرفعها إلى المسؤولين في المملكة العربية السعودية، وخاصة وزارة الخارجية، في فتح سفارة للمملكة العربية السعودية في بلجراد، لما لذلك من أهمية، ولحاجة المسلمين لذلك، أسوة بالبلاد العربية التي لها سفارات في بلغاريا كالكويت ومصر وغيرهما، كما أن المسلمين البلغار حريصون كل الحرص على ابتعاث أبنائهم لإكمال الدراسات الإسلامية العليا بالمملكة.

كما طلبوا مساعدتهم في إقامة وتنظيم الدورات التدريبية لإعداد الأئمة والدعاة في بلغاريا، وقد كان هناك إسهام جيد من قِبل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث أقامت بعض الدورات، كما أن رابطة العالم الإسلامي ستعطي هذا الأمر أهميته وحجمه من الدراسة وتهيئة ما يمكن لإقامة مثل هذه الدورات.

كما يجب أن يولي المسلمون اهتمامًا بأمر زيارة الدعاة لهذا البلد، وألا يقتصروا في زياراتهم على العاصمة، بل عليهم أن يطوفوا القرى والمدن الإسلامية.

ومضى فضيلته قائلاً: ومن جهة ثانية أثنى المسلمون البلغار على جهود هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية التي ساعدت في إعمار بعض المساجد، سواء من ميزانيتها أو بما تبرع به أهل الخير، كما أنهم يقدرون للهيئة دورها في إعداد الولائم الرمضانية التي أقامتها في الكثير من القرى مما كان له الأثر الطيب في التأليف بين المسلمين وجمع كلمتهم.

وتجدر الإشارة هنا أيضًا إلى ضرورة إيفاد دعاة لمناطق بلغاريا المختلفة على أن يكونوا من المتفرغين البلغار أو من العرب الذين أقاموا فيها مدة طويلة ممن يجيدون اللغة البلغارية؛ لأن المسلمين البلغار لا يتحدثون إلا بلغتهم، ومن الطبيعي أن يكون هؤلاء من الدارسين للفقه الإسلامي وأصول الدين.

كما أنهم حريصون كل الحرص على التزود بالكتب الإسلامية المترجمة بالبلغارية، وقد وفق الله بعض المحسنين في المملكة العربية السعودية لطباعة مثل هذه الكتب وتوزيعها على المسلمين هناك، ونأمل أن يكون لنا إسهام في ترجمة بعض الكتب الإسلامية إلى البلغارية.

عادات خطيرة لابد من إزالتها

وعن جهل المسلمين بأمور دينهم وضرورة إيلاء هذا الأمر المزيد من الأهمية وعلاج هذه الحالات يقول فضيلة الشيخ عبد الله العقيل: لقد وجدنا ثمة عادات متفشية بين المسلمين نتيجة الجهل والأمية، ويجب العمل على إزالتها وتطهير عقيدتهم من هذه البدع والخرافات، وإزاء هذا الوضع؛ فإن علينا أمانة كبيرة في أن ننهض بتوعية المسلمين بأمور دينهم، وتعليمهم وتبصيرهم بالفقه الإسلامي الصحيح من القرآن والسنة، ومما صح وأجمع عليه سلف الأمة.

ـــــــــ

جريدة العالم الإسلامي، العدد 1287، 6ـ12 من جمادى الآخرة 1413هـ، ديسمبر 1992م.

المصدر