رسالة مرشح من خلف الأسوار

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
رسالة مرشح من خلف الأسوار
احمد عز الدين.jpg

الزملاء والزميلات..

أكتب إليكم رسالتي هذه من سيَّارة الترحيلات، التي تقلُّني من سجن مزرعة طرة إلى مستشفى المنيل الجامعي، الذي أذهب إليه اليوم بحثًا عن علاج من الآلام التي لم تبارحني منذ أُصبْتُ بانزلاق غضروفي أثناء وجودي بالسجن.

منذ ليلة 14 ديسمبر 2006، أي منذ أكثر من عشرة أشهر، وأنا ملازم السجن على ذمة قضية لا ناقةَ لي فيها ولا جمل؛ ففي تلك الليلة فوجئتُ بزوَّار الفجر يقتحمون المنزل ويستبيحونه، ويأخذون ما يشاءون، من كتب وأوراق، وبعد العرض على نيابة أمن الدولة العليا فوجئتُ أنني ضمن مجموعة تضم أكثر من 150 شخصًا، جرى القبضُ عليهم دفعةً واحدةً، غالبيتُهم العظمى من طلبة جامعة الأزهر، والباقون من مهن مختلفة، وكنت الصحفيَّ الوحيد بينهم.

كنت قد قرأت في اليوم السابق للقبض عليَّ عن العرض الرياضي الذي قدَّمه طلاب الأزهر، ولم يخطُر ببالي لحظةً واحدةً أن يتم حبسي ثم اعتقالي ثم محاكمتي أمام محكمة عسكرية بسبب ذلك الحدث؛ إذ ليس لي أدنى علاقة بجامعة الأزهر أو طلابها أو طلاب أي جامعة أخرى، بل إنني لم أدخل أي جامعة منذ سنوات، ومع ذلك فقد واجهتني الاتهاماتُ في نيابة أمن الدولة العليا بأنني أتولَّى عملاً قياديًّا في جماعة الإخوان المسلمين، وأنني مسئولٌ عن النشاطات الطلابية والدعوية والتربوية والمالية، هكذا دفعة واحدة!!

بعد أشهر من الحبس الاحتياطي تظلَّمْتُ مع 15 آخرين من قرار الحبس أمام محكمة جنايات القاهرة، فأمَرَت بالإفراج عنا جميعًا، وفي الطريق إلى سجن مزرعة طرة كانت وزارة الداخلية قد أصدرت قرارًا باعتقالنا، وبعد مضيِّ شهرين وحين أصدرت المحكمة قراراتٍ جديدةً بإلغاء الاعتقال جرى دفع القضية إلى المحكمة العسكرية العليا، والتي تولَّت منذ 26/4/2007م تجديد حبس المجموعة التي أصبحت 32 شخصًا.

ورغم انتفاء قرارات الحبس الاحتياطي، ورغم الدفوع العديدة التي قدمَتْهَا هيئةُ الدفاع، والتي توجب الإفراج عنا؛ فإن المحكمة لم تستجب لأي مطلب من تلك المطالب!!.

قد يتساءل البعض: وما علاقتنا نحن الصحفيين بقضية تخص الإخوان المسلمين؟!

وأقول- أيها الزملاء والزميلات- إنها قضية واحدة.. قضية الحريات العامة، التي يطالب بها جميع المواطنين المخلصين؛ حيث الرأي والتعبير، وحرية تشكيل الأحزاب والقوى السياسية.. إنها قضية واحدة، قضيه مواجهة الاستبداد السياسي، الذي ينكل بمعارضيه، رغم أسلوبهم السلمي.

لقد أثبتت مجرياتُ القضية تزييفَ الادعاءات التي وُجِّهت للمتهمين, فقد جرى الإفراجُ عن طلاب الأزهر جميعًا، ومع استمرار عرض القضية أمام المحكمة العسكرية تنهار يومًا بعد يوم أدلةُ الاتهام، ضابط أمن الدولة الذي شهد أمام المحكمة لم يقدِّم دليلَ إثباتٍ واحدًا على التُّهَم الموجَّهَة لي ولغيري، واكتفى بالإشارة إلى مصادر معلوماته السرية الدقيقة والحساسة!!.

أما الأحراز المنسوبة إليَّ فلا تعدو أن تكون مجموعةً من الكتب والأوراق التي يوجد مثلها في مكتبة أي صحفي..

إنني على قناعة تامة بأن قضيتي هي قضية قلم ورأي، وإنني أحاكَم أمام محكمة عسكرية؛ بسبب كتاباتي ونشاطاتي التي لا تخرج عن نطاق العمل الصحفي بأي حال، وقد زُجَّ بي في السجن في قضية أكبر؛ لأن هناك من يرى أن الإخوان المسلمين.. دماءهم وأعراضَهم وأموالَهم مستباحة، وأنني لن أجد من يقف إلى جانبي ويدافع عني، طالما أنني متهمٌ في قضية الإخوان المسلمين.

ولكنني على ثقة في أن الزملاء والزميلات لديهم الوعي الكافي لإدراك محاولات التلبيس والتلفيق، بل إن تلك المحاولات أصبحت مكشوفةً للعامة من الشعب، فضلاً عن قادة الرأي من الصحفيين والكتَّاب.

ورغم ظروف السجن والمرض؛ فإنني أتابِعُ- عن كثب- قضايا المهنة وأحوال النقابة، وبخاصةٍ قضايا حبس الصحفيين الأخيرة، التي أراها متطابقةً مع حالتي, مثلما أرى أن قضايا المهنة جزءٌ من قضايا الوطن، الذي يمر بمرحلةِ تحوُّلٍ حرجة، تحتاج إلى مشاركة الجميع بالرأي والقول والعمل.

وقد أرسل إليَّ مجموعةٌ من الزملاء يفاتحونني في مسألة الترشيح لعضوية مجلس نقابة الصحفيين، وبعد تفكيرٍ عميقٍ استعنتُ بالله، وقرَّرتُ أن أخوض الانتخابات.

إن إجراءات المحكمة العسكرية تتسارع وتيرتُها هذه الأيام، وكلِّي أملٌ أن يُحِقَّ اللهُ الحقَّ قريبًا، وتحكم المحكمةُ ببراءتي، وهذا الأمل يزدادُ كلما تضافرَت جهودُكم لدعم قضية يمكن أن يتعرَّض آخرون لمثل ما أتعرَّض له، من نظام يعطي آذانًا صاغيةً لكتبَة التقارير "المفبركة" وتلفيق القضايا.

الزملاء والزميلات..

هذه رسالتي الأولى لكم، وستليها إن شاء الله رسائلُ أخرى، إلى أن يأذن الله قريبًا باللقاء خارج أسوار السجن, لا السجن الذي يضمُّ شخصي الضعيف وحده، بل السجن الكبير الذي يضمُّ بلدًا بأسره.. وعاشت مصر حرة.. وعاشت حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير.

أخوكم الصحفي السجين/

أحمد عز الدين

مرشح فوق 15 سنة (من خلف القضبان)

المصدر