كتب السعيد الخميسي : حقيقة الصراع فى مصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كتب السعيد الخميسي : حقيقة الصراع فى مصر


بتاريخ : الأحد 27 اكتوبر 2013

يظن بعض الناس وان بعض الظن إثم أن الصراع الحالي فى مصر هو صراع من اجل الوصول لكرسى الحكم والاستمتاع بأريجه وعطره وشذاه الفواح...!

أوان شئت فقل صراع بين السيسى قائد الانقلاب الدموي وبين الإخوان من جهة أخرى .

والحق أقول إن حقيقة الصراع فى مصر ليس فى جوهره واصله هذا ولاذاك وإن بدا للناظرين أن الأمر هكذا .

إن حقيقة الصراع فى مصر هو صراع تاريخي بين الدولة المدنية الديمقراطية التي يحدد ملامحها ويؤسس أركانها وينتخب برلماناتها الشعب بكامل طوائفه وفصائله وأحزابه وبين الدولة العسكرية الفاشية التي تعتمد على مبدأ " كله تمام يافندم..! "

وان لاصوت يعلو فوق صوت المعركة فإن لم تكن هناك معركة ولا يحزنون فلابد من اختراع نشيد وطني آخر وليكن مثلا " لاصوت يعلو فوق صوت محاربة الإرهاب ...! "

وان لم يكن هناك عنف ولاارهاب فلابد من اختراع تلك الظاهرة وتسويقها محليا وعالميا فان عجزوا استأجروا شركات يهودية صهيونية تجمل الوجه القبيح تحول الهجاء إلى مديح حتى تهنأ سلطة الانقلاب وتستريح من مغبة التعرض لشدة الريح...!

  • إن شعب مصر منذ أن تفتحت أعيننا على تلك الدنيا بل وقبلها بعشرات بل بمئات السنين لم يهنأ بحكم مدني ديمقراطي حر يكون فيه الشعب هو صاحب الرأي والكلمة والسيادة بل كانت دائما الكلمة العليا فى هذا والوطن والسيادة للبيادة ومن صار تحت نعالها وارتضى أن يلعق ترابها ويلحس ماسقط من فضلاتها...!

وظل العسكر هم الحاكمون بل والمتحكمون فى مصير هذا الشعب وهم الذين يحددون موعد استيقاظه وموعد نومه وموعد ذهابه للعمل وموعد رجوعه من الدوام وموعد تناول وجبات الغذاء حتى أن أحد حكام مصر الطغاة السابقين قال بالحرف الواحد " أريد أن يكون تحت يدى مفتاحان اضغط على احدهما فينام الشعب ثم اضغط على الآخر فيستيقظ الشعب..! ؟"

إن هذه العبارة هى خلاصة مايفكر فيه العسكر بل هى وبصدق تعبر عن مكنون الضمائر وخبايا الصدور وأسرار النفوس التي انطوت عليها تلك النخبة العسكرية التي ترى أنها الأولى بحكم مصر حتى ولو من وراء ستار فان لم يكونوا هم الحكام فلا اقل من أن يكونوا هم المتحكمون فى المشهد السياسي ظاهرا وباطنا قلبا وقالبا شكلا وموضوعا على أساس أنهم هم الورثة الحقيقيون الذين ورثوا هذا الشعب ومقدراته وممتلكاته كابرا عن كابر وأبا عن جد...!

  • المتابع للمشهد السياسي المصري يدرك ومن أول نظرة عميقة متفحصة أن العسكر لم يحموا ثورة يناير بقدر مااحتموا بها وتظاهروا أنهم يساندون مطالب الشعب الحقيقية فى الحرية والعدالة الاجتماعية .

ولكن الحق أقول أنهم اظهروا غير ماأخفوا وأنهم وقفوا فى خندق الثورة لاحبا ولا غراما فيها ولا عشقا فى ترابها ولا ماسيترب عليها من عدالة اجتماعية تجعل الشعب المصري كله يقف على قدم المساواة كأسنان المشط لافرق بين وزير وغفير أو غنى أو فقير أو حاكم أو محكوم .

وإنما وقفوا وساندوا وأيدوا ولم يطلقوا الرصاص والقنابل والقاذفات فى صدور الشعب العارية كما فعلوا فى هذه الأيام لأنهم أرادوا أن يتخذوا موقفا تكتيكيا مرحليا يمتصون به غضب الشعب وثورة الشعب ونفرة الشعب التي زلزلت الأرض من تحت أقدام نظام الطاغية حتى أن الأرض أخرجت أثقالها وكشفت اسررارها وعرت حكامها وفضحت طغيانهم وتوحشهم ولؤمهم ومكرهم وجرائمهم فى حق الشعب .

حتى إذا ماعاد الثوار إلى بيوتهم وهدأت النفوس بإسقاط رأس النظام حتى أنهم ظنوا أن خيمة النظام قد هوت وان رأسه قد قطعت فإذا بهم يفاجئون بذيول النظام تتحرك وتضرب وتدبر وتفكر وتدمر وتقلب الأرض على رؤوس ساكينها على حين غفلة من شعب مصر الذى ضحى من اجل ثورته .

  • فى تلك الحقبة من تاريخ مصر وجنين الثورة لم يكتمل نموه بعد فى رحم هذه الأمة إذ بمحاولات إجهاض هذا الجنين تسير على قدم وساق على أعين الأجهزة الأمنية والعسكر يرى ويسمع ويشاهد ونسوا أن احد قادتهم وقف إبان ثورة يناير يؤدى التحية العسكرية لشهداء يناير وهو يضرب برجله الأرض حتى أن الأرض اهتزت تحت قدمه وربت وفرحت وسعدت بتلك الروح الفدائية القوية التي أيدت مطالب الشعب لكن فى النهاية أتت ريح العسكر بما لايشتيهه سفن الشعب..!

وكانت المؤامرات تحاك بليل والناس نيام وجنين الثورة فى رحم الأمة لايتنفس ولا يتحرك ولا يتقلب يمينا أو يسارا حتى لفظ أنفاسه الأخيرة بعدما منعوا عنه الماء والهواء .

وكان لابد من إسقاطه نهائيا وتنظيف رحم الأمة من أى آثار لهذا الجنين حتى ينسى الشعب انه قام بثورة ومن جاء بالترغيب فأهلا به وإن لم يكن فآلة الترهيب جاهزة ومستعدة وسيف المعز يرهب النفوس وفوق الروس يلمع ويبرق ولسان حاله يقول : إن أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها..!

وفعلا كل رأس عارضت الانقلاب قطفت , وكل الألسنة التي هجت الانقلاب قطعت , وكل الايدى التي حملت أشارات رابعة سجنت , وكل الأرجل التى مشت فى طريق الثورة بترت . ولاعزاء لشعب مصر البائس الفقير..!

  • اربد أن أركز على حقيقة واحدة ألا وهى أن الصراع فى مصر ليس بين حزب وآخر ولابين جماعة وأخرى ولابين رئيس وآخر ولابين فصيل وفصيل آخر ولابين هذا ولاذاك ولكن جوهر الصراع فى مصرهو بين شعب ظل يرزح تحت سياط الجلادين واستبداد المستبدين وتحكم العسكريين وسطوة الطغاة الظالمين وبين الدولة العتيقة ومكوناتها أجهزة أمنية متسلطة وهيئة قضائية مستفيدة .

ووزارة داخلية للأعراض منتهكة وأجهزة إعلامية مرتشية وبعض قادة العسكر وهم فى الأصل لايمثلون جيش مصر الذي هو من صلب هذا الشعب . إذا الصراع هو بين الشعب الذي يريد أن يتنفس الحرية وتفتح له النوافذ حتى يستنشق هواء نقيا خاليا من التلوث والغبار والأتربة التي علقت باالانظمة الفاسدة السابقة وبين تلك الدولة العتيقة القديمة التى انتفخت بطونها وعلت كروشها وضاق ذرعها بكل المثل والقيم الأخلاقية .

حتى أن مصطلحات الحرية والديمقراطية والمدنية والعدالة الاجتماعية هي رجز من عمل الشيطان يجب على الشعب أن يجتنبها ويتحاشاها لعلهم يفلحون...!

  • إن اختصار المشهد الحالي بأنه صراع على السلطة هو ظلم بين لحاضر ومستقبل هذا الشعب ودفن لرؤوس الحقائق فى التراب وتعتيم اسود على صفحة بيضاء يراد بها شطب وإخفاء كل اسطر النور الذي خطها الشعب بدمائه فى سجلات الحرية إبان ثورة يناير حتى يعود الشعب عبدا مملوكا لايقدر على شئ كل مايشغله لقمة خبز يسد بها جوعته وشربه ماء يروى بها ظمأه وعشة دجاج يأوى إليها آخر النهار لعلها تحميه من حر الصيف وبرد الشتاء .

أما الحرية فهى ملك للأحرار . وأما الديمقراطية فهى ملك لدول العلم الأول . أما حقوق الإنسان فهى حلم بعيد المنال .

أما حق الشعب فى اختيار من يمثله فهو رجس من عمل الشيطان . أما حق الشعب فى التظاهر السلمي فهو عنف وإرهاب .

أما نحن غالبية الشعب المصري فأمامنا طريقان لاثالث لهما : إما أن نعيش أحرارا سعداء وإما أن نموت شهداء فى سبيل الحق والعدل والحرية والى ذلك الحين يفعل الله مايشاء وعنده أم الكتاب

المصدر