لا للزيارة... ولا للزائر
15-01-2008
بقلم: د. محمد مرسي
تساؤلات حول اهداف هذه الزياره
تُثير الزيارة التي يقوم بها الرئيس الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط العديدَ من التساؤلات حول دلالات وأهداف مثل هذه الزيارة التي تأتي في توقيتٍ وفي ظروفٍ تشتعل فيها المنطقة بكل أنواع الفتن والحروب التي كانت الولايات المتحدة وربيبتها الدولة الصهيونية سببًا مباشرًا وأداةً واضحةً لإراقة الدماء، وتدمير المؤسسات، وقتل الأبرياء، وإثارة الفوضى، والاضطراب على مستوى الشعوب، والحكومات التي أضحت ضعيفةً ومتهالكةً لا تقدر على شيءٍ من دفع الضر عن نفسها، فضلاً عن أن تكون قادرةً- إن كانت ترغبُ في ذلك- على دفعه عن شعوبها ودولها.
فالزيارة تأتي مع هلال عامٍ هجري جديد، وأهل المنطقة يحتفلون بهذه الذكرى التي تبعث الأمل، ومعاني التضحية والهمة العالية التي يحتاجون إليها الآن أكثر من أي وقتٍ مضى لكي يحرروا أوطانهم ويحرروا إرادتهم من دنس الصهاينة، واستعمار الأمريكان لأرضهم وعدوانهم على أعراضهم، ومنذ سنوات طويلة؛ حيث ضربوا وهدَّموا أفغانستان شعبًا ونظامًا، وأثاروا قبل ذلك الفتنة بين الأشقاء في الخليج وشنُّوا بعد ذلك حربًا شعواءَ على العراق بزعمٍ باطل، وأسبابٍ مضللةٍ، وعبثًا حاولوا إثبات أن العراق يمتلك أسلحةً للدمار الشامل، في الوقت الذي يمتلك فيه الصهاينة مئات الرءوس النووية، وترسانة أسلحة متجددة من مخازن الجيش الأمريكي بكل أنوعها وأحدثها، ودأبوا على تهديد سوريا وإثارة الفتن والقلاقل في لبنان وتسيير الأساطيل في الخليج العربي، وإقامة القواعد العسكرية في ربوع المنطقة من شرقها إلى غربها.
الزياره وذكري الهجره
تأتي الزيارة في هذه الذكرى، والهجرة عندنا قيمة وعدل وحق وجهاد وتضحية وعطاء من أجل الأرض والعرض والعقيدة والمنهج والإسلام الذي حمله صاحب الهجرة محمد- صلى الله عليه وسلم-، ودفع من أجله- وأصحابه معه ومن بعده- كل غالٍ وثمينٍ حتى جاء الحق وظهر أمر الله، وأشرقت شمس الإسلام بالنماء، والخير والحرية على العالم وقتها، واستمر ذلك قرونًا طويلةً، فماذا يريد بوش أن يقول الآن بهذه الزيارة التي ترفضها كل شعوب المنطقة؟.
أيريد أن يقول كما قال الصهاينة من قبل:
- ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين؟ أم يريد أن يقول إن بلاده مستمرة في مواقفها العدوانية ضد المنطقة وأهلها ومع الصهاينة في كل مواقفه، وفي بداية حكمه، وآخر أيامه في الحكم؟ أم يريد أن يقول إنه استطاع أن يحدث شرخًا وصدعًا عميقًا بين الحكام والشعوب في هذه المنطقة.. ثم ها هو يأتي ويُستضاف ويقابله الحكام بالترحيب، والتهليل خوفًا وطمعًا؟! رغم أنف وضد إرادة الشعوب؟ أم يريد أن يقول إنه وإدارته والصهاينة يعتبرون هذه المنطقة ضمن ممالكهم وتحت سلطانهم؟.
الزياره مرفوضه
إن هذه زيارة مرفوضة، وتزيد الأمة بأسرها كراهيةً له ولأعوانه مهما كانت دوافعهم، وبغض النظر عن نواياهم وخططهم.
هذه الأمة قد وعت الدرسَ وشبَّت عن الطوق، ونور الحق يسري الآن في جسدها لتستيقظ فهي تقاوم، وتقف بالمرصاد للزائر، وأعوانه وللصهاينة والمطبعين معهم هؤلاء الجرذان المذعورة والمنهكة من اللا عمل الشاق.
هذه الأمة تنبت فيها الآن بذور الخير والتضحية والجهاد والمقاومة مستلهمةً من ذكرى الهجرة ما تقف به أمام نزوات بوش ودسائس ومكر الصهاينة وغدر وعجز النظم والحكام والحكومات، زادها- بفضل الله- التقوى والعود الحميد إلى الله وإلى منهج محمد- صلى الله عليه وسلم وصحبه- ونهج الأتباع من السلف الصالح الذين أحيا الله بهم الدنيا، ونشر بهم الحق، وأمَّن بهم الخائف بعدلهم.
فلا وألف لا للزيارة شكلاً ومضمونًا وتوقيتًا، ونعم للجهاد وللمقاومة للصهاينة وللغزو وللاحتلال مهما تزيا بزي المقابلات، والقبلات وزيف النفاق والخوف من غضب الزائر وحوارييه.
والزائر بجولته التي بدأها بلقاء الصهاينة الذين اغتصبوا- بمساعدة أجداده وأسلافه- أرض الإسراء والمعراج ثم ويا أسفًا ذهب بعدها بإملاءات وأوامر إلى حكام العرب الذين لم ولا يستطيعوا أن يعلنوا أو يظهروا اعتراضًا أو حتى يناقشوا تلك الأوامر حتى وإن لم تعجبهم أو كان لهم بعض الرأي فيها...!!
الزائر يُغريه استسلام الفريسة
الزائر لا يريد للشعوب، ولا للحكام خيرًا، والزائر يُغريه استسلام الفريسة وضعفها- مع قدرتها إن هي فعلاً وعت وأدركت- ويعرف أن أهم مصدر لقوته هو ضعف وإضعاف هذه الدول، فبات يُوقع العداوة والبغضاء بين أبنائها فقسَّمها وقطَّعها، ونشر الفتنة فيها، ففتح وحماس والفصائل، والسنة والشيعة والعرب والأكراد والمسلمين والمسيحيين من أبناء هذه الأمة، ومن سلالة هذه الحضارة، ودول البترول وغيرها، وأموال متضخمة في أماكن وبلاد وفقر مدقع في بلاد أخرى، وتذهب الأموال الفائضة بآلاف المليارات إلى خزائنه هو وإلى صناعته واستثماره هو؟ ويستمر الحال هكذا وهو يمضي في غيه ومؤامراته ومكره وحقده وكراهيته ودوافعه ويقود موجات من العدوان متتالية ويشرب حتى الثمالة كأسًا على جثث قتلانا، وعويل ثكلانا ونحيب أطفالنا واستمرار الظلم فينا ومن بني جلدتنا!!.
فلا مرحبًا بالزائر ولا ضيافة للمعتدي الخائن، وليس له عندنا إلا المقاومة فليعد من حيث أتى مذمومًا مدحورًا غير مأسوفٍ عليه، وليعلم أن هذه الأمة لن يخيفها أمثاله، وأن هذه الصحوة الرائدة لن تتراجع عن صده، والوقوف في وجهه ووجه أعوانه أينما كانوا وحيثما حلوا حتى يعود الحق إلى أصحابه ويرعوي الظالمون ويزهق الباطل ويزول، وإنا بالله على ذلك لماضون، والله مولانا وهو ومَن معه لا مولى لهم.. ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: من الآية 21).
ـــــــــــــ
- عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين- عضو مجلس الشعب السابق
المصدر
- مقال: لا للزيارة... ولا للزائر موقع اخوان اون لاين