مبادرة الجماعة الإسلامية لمعالجة الأزمة السياسية اللبنانية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مبادرة الجماعة الإسلامية لمعالجة الأزمة السياسية اللبنانية
26-02-2005


مقدمة

لم يشهد لبنان منذ اتفاق الطائف حدّة في الصراعات السياسية كالتي يعيشها اليوم، وبمقدار ما وحَّد استشهاد الرئيس رفيق الحريري اللبنانيين حول إدانة هذه الجريمة، فقد استفاد منها بعض الفرقاء في تأجيج الصراع المحتدم أصلاً حول مجموعة من القضايا اللبنانية والإقليمية والدولية، التي أصبحت كلّها بعد التمديد لرئيس الجمهورية تدور حول الوجود السوري في لبنان .

الشيخ فيصل مولوي يعلن مبادرة الجماعة وأصبح لبنان يعيش صراعًا محتدمًا بين السلطة والمعارضة، وهو صراع سياسي بامتياز، لكن الظروف المحيطة به اليوم تجعله قابلاً للتحوّل إلى فتنة عمياء.

حرصًا على لبنان وطنًا لجميع أبنائه، يتمتّع بعلاقات أخوية مميّزة مع محيطه العربي وخاصة سوريا ، ويدير شئونه من خلال مؤسساته الشرعية بحرية كاملة، وضمن حوار مسئول، ويساهم بدور إيجابي في مواجهة العدوان الصهيوني .. تعلن الجماعة الإسلامية هذه المبادرة على جميع الفرقاء، وعلى مختلف شرائح الشعب اللبناني، وهي تتضمّن موقفها من أهمّ القضايا المطروحة:

أولاً: مسؤولية الجريمة

في أي دولةٍ من دول العالم المعاصر، لا يمكن أن تمرّ جريمة بمستوى اغتيال الرئيس الحريري بمثل الخفّة التي حدثت عندنا، إننا نطالب الدولة أن تبادر إلى إقالة المسئولين الأمنيين، الذين يتحمّلون المسئولية عن الخرق الأمني الكبير الذي تسبّب بحدوث الجريمة، ثمّ عن الإهمال الكبير في معالجة آثارها على الأرض، فكيف يعقل أن يعثر على جثّة تحت سيارة في مكان الحادث بعد وقوعه بأسبوع؟

ثانيًا التحقيق في الجريمة

لا يمكن إنكار أنّ جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، شكّلت زلزالاً عنيفًا يكاد يطيح بكلّ المنجزات التي تحققت بعد اتفاق الطائف، وأنّه لا يمكن البحث في أية مبادرة لإزالة الاحتقان وإعادة الصراع السياسي إلى أجوائه الطبيعية في ظلّ تقصير فاضح من قبل أجهزة الدولة في الكشف عن مرتكبي هذه الجريمة ومعاقبتهم، بل في ظلّ إطلاق الاتهامات الباطلة التي لا تستهدف إلاّ الشرائح الإسلامية (السنيّة) تحديدًا، ولا ترمي إلاّ إلى تضليل التحقيق.

إنّ استمرار الغموض يساعد على اتهام السلطة بارتكاب الجريمة أو بالتستّر عليها، وهو أمر ينذر بتحويل الاحتقان إلى انفجار؛ لذلك ورغم أنّ مقتضيات السيادة اللبنانية التي يحرص عليها كلّ لبناني تفرض أن يكون التحقيق تابعًا للقضاء اللبناني، فإننا نعتقد أنّ تصدي القضاء اللبناني وحده للتحقيق في هذه الجريمة لا يريح أهالي الشهداء والمصابين وجمهور الناس، كما أنّنا في المقابل نعتقد أنّ لجنة دولية للتحقيق ستكون مدخلاً للتدخّل الدولي في الشئون اللبنانية.

وإنّنا كلبنانيين وعرب ومسلمين- رغم حرصنا الكامل على التواصل مع الأسرة الدولية- إلاّ أننا نعاني مشكلة كبيرة مع المؤسسات الدولية المنبثقة عن الأمم المتّحدة، وخاصةً مجلس الأمن وما يتفرّع عنه؛ فهي دائمًا خاضعة للنفوذ الصهيوني الأمريكي، وكانت منحازة بشكل سافر في قراراتها الدولية، كما كانت دائمًا تستعمل مكيالين في تنفيذ هذه القرارات.

لذلك فإننا نطالب.. بأن يكون التحقيق بإشراف لجنة منتدبة من الجامعة العربية، وبمشاركة ممثّل عن عائلة الفقيد الشهيد.

ثالثًا:استقالة رئيس الجمهورية

نناشد الرئيس إميل لحود، أن يتقدّم إلى الشعب اللبناني المكلوم ببيانٍ يعلن فيه عزمه على الاستقالة من أجل تخفيف الاحتقان والمحافظة على وحدة البلاد، وحتى لا يترك الوطن في مهبّ الرياح العاتية، وذلك بعد إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.

رابعًا:إطلاق الحوار المباشر

ليس طبيعيًا إغلاق باب الحوار، هذا انتحار للجميع ونحر للوطن، وليس طبيعيًا أن تطالب المعارضة بحوار مع سوريا، لأنّ هذا الحوار مع سوريا كدولة لا يكون إلاّ من قبل لبنان الدولة، حتى يمكن الوصول إلى اتفاقات تلزم الجميع.

إنّ الخلاف حول الدور السوري في لبنان قائم بين اللبنانيين، ولا بدّ أن يحسم بالحوار بينهم أولاً ثمّ يتم التوافق مع الإخوة في سوريا على ذلك، إننا نطالب السلطة والمعارضة بإقامة حوار مباشر بينهما بهدف الوصول إلى صيغة توافقية جديدة لاستكمال تنفيذ اتفاق الطائف، وهو حوار يمكن أن يبدأ فورًا.

خامسًا:ضرورة إجراء الانتخابات في ظروف طبيعية

لقد أحسن رئيسا الحكومة والمجلس النيابي في الاستجابة لطلب المعارضة عقدَ جلسة عامّة لمناقشة هذه الجريمة البشعة وتداعياتها قد تنتهي بطرح الثقة، سواء من المعارضة أو من الحكومة نفسها، لكننا نشدّد بعد ذلك على واجب المجلس النيابي في الإسراع بإصدار قانون جديد للانتخابات، من أجل إجرائها في موعدها، لأنّ صناديق الاقتراع هي وحدها سبيل الحسم في الخيارات الكبيرة المختلف عليها.

وأيًّا كان مصير الحكومة بعد جلسة المناقشة العامّة، فإننا ندعو إلى تشكيل هيئة عليا للإشراف على الانتخابات من مجموعة من كبار القضاة، تكون مهمّتها متابعة جميع الإجراءات التنفيذية المتعلّقة بالانتخابات التي تقوم بها الأجهزة المختلفة، وذلك لضمان حياد السلطة.

سادسًا: وضع آلية محددة لتنفيذ ما لم ينفّذ من اتفاق الطائف

إننا ننبّه اللبنانيين جميعًا إلى خطأ الانسياق وراء الضغوط الدولية؛ لأنها تفتح الباب أمام عودة الصراعات الدولية إلى الساحة اللبنانية، ونؤكّد أنّ اتفاق الطائف لا يزال السقف السياسي لنا جميعًا، هذا الاتفاق الذي ساهم فيه بفعالية الرئيس الشهيد، وقضى حياته متمسكًا به.

وإذا وقع بعض الخلاف على كيفية تنفيذ بعض بنوده، فإنّ هذا الخلاف لا يُحلّ باللجوء إلى الشارع وإثارة المشاعر، وإنما يحلّ بنفس الطريقة التي عالج بها اتفاق الطائف أمورًا خلافية أكبر بين اللبنانين، وهي الحوار المتواصل حتى نصل إلى التوافق.

إننا نطالب بوضع آلية محددة لتنفيذ البنود المختلف عليها في اتفاق الطائف، وهذا يحتاج إلى فترة زمنية لا بدّ أن تمتدّ لما بعد الانتخابات.

لذلك فإننا نتوجّه إلى الرئيس بشّار الأسد ونناشده إعلان مبادرة أخوية تجاه الشعب اللبناني تساهم في استعادة العلاقات المميزة بين الشعبين، وفي انتزاع فتائل التفجير وفي تخفيف الاحتقان.

وأخيرًا

في الوقت الذي نشعر فيه بخطورة كبيرة على لبنان ومستقبله مما يطرحه بعض المعارضة من شعارات عنصرية، ومن رغبة جامحة في الاستعانة بالقوى الأجنبية، إلاّ أننا نشعر أيضًا بجسامة الأخطاء المتتالية التي تقع فيها السلطة.

ولأنّ تجمّع "عين التينة" أصبح محسوبًا على الموالاة، ونحن لم نكن في أيّ يوم معها، وحتى نكون أكثر قدرة على التحاور مع الجميع من أجل الحفاظ على لبنان ومستقبله، نعلن امتناعنا عن حضور اجتماعاته، مع تمسّكنا بالثوابت الوطنية التي قام عليها لبنان ما بعد الطائف، ومع استعدادنا للمشاركة في أي جلسة حوارية مع أي من الأطراف.

المصدر