محمد نجيب جويفل

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢٠:٠٦، ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٩ بواسطة Helmy (نقاش | مساهمات)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

محمد نجيب جويفل شخصية مثيرة للجدل كانت في يوم من الايام من الاخوان وقد تباينت الاراء حولها يتهمه الاخوان السوريون بقيادة محاولة انشقاقية في تنظيم الجماعة في الخمسينيات ضد الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله تعالى بتكليف من المخابرات المصرية، وكان جهد المنشقين تشكيل تنظيم مسلح، وقد رفض الدكتور السباعي ومعه التنظيم كله هذه الفكرة، حتى استطاع استئصالها، وفصل أنصارها، وعلى رأسهم جويفل نفسه ونضع في ادناه شهادات معاصريه من الاخوان:

شهادة كامل الشريف

لقد جاء عرضاً ذكر نجيب جويفل في محاولة احتلال المركز العام للإخوان المسلمين في الحلمية، بهدف إحراج المرشد الجديد ووضع مرشد آخر يرضى عنه النظام الخاص، وقد لعب جويفل دوراً بارزاً في هذه المحنة، كما لعب أدواراً أخرى في المستقبل تصلح نموذجاً للتدليل على عناصر كثيرة تحدثنا فيها سواء في إشكاليات العمل السياسي، أو سيئات العمل السري.

كانت معرفتي بنجيب جويفل لأول مرة في معسكر النصيرات شمالي دير البلح قبل أن ننتقل إلى معسكر البريج بعد جلاء كتيبة الجيش البريطاني منه عام 1984 كان نجيب واحد من مجموعة من طلاب الجامعات الذين هجروا الأهل والدراسة وجاءوا للالتحاق بكتائب الجهاد، ولم أكن أعلم حين تعرفت به أن زمالتنا سوف تطول وتمتد أكثر من ثلاثين سنة، وأنها ستعبر بنا بلداناً وحالات مختلفة، وأنها ستصبح فصلاً تمتزج فيه الصداقة مع العداوة، والمثالية مع الواقعية، والإيمان وما يناقضه مع أخلاق الناس.

غريب هذا الإنسان المخلوق، الذي يستطيع أن يجمع في إهابه كل الميول والنقائض، ويتحرك بين الحدين الذين وضعه الله بينهما حين قال "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين" وفي يده أن يعلو حتى يخالط الملائكة، أو ينحدر حتى يعايش الشياطين.

كان نجيب جويفل جريئاً شجاعاً وكان يتمتع بصفات قيادية نادرة فهو محدث بارع، وخطيب مفوه، وكان لديه قدرة غير عادية على كسب من حوله، ولذلك أصبح الباب مشرعاً أمامه لكي يصعد في مدارج المسؤوليات والقيادات، فإذا اجتمعت تلك المواهب الطبيعية النادرة مع طموح لا حد له أصبح الرجل شحنة هائلة قابلة دائماً للانفجار، وهكذا كان نجيب جويفل.

يعرف الكاتب الساخر أوسكار وايلد الطموح بأنه الملجأ الأخير للفشل! ولو تركنا السخرية جانباً نجد الطموح في ناحية يأتي كرد فعل عن الفشل في نواح أخرى، ويكون الطموح أخطر ما يكون إذا كان الإنسان لا يملك الوسائل لتلبية ذلك الطموح، مما يدفع لاستباحة القيم وتنكب المبادىء، والاندماج نحو الجريمة، كما تغنى المتنبي في مطلع شبابه:

أي عظيم أنقى أي خطير أرتقى وكل ما خلق الله وما لم يخلق محتقر في همتي كشعرة في مفرقي!

وقد حمله هذا الطموح الهائج إلى حتفه كما هو معلوم. وفي مناخ العمل السري تثور تلك الميول وتنتعش وقد تستعين بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وتخرجها عن سياقها لتجعل منها سنداً وذريعة لأدنى النزعات البشرية، ألم تر كيف برر الخوارج لأنفسهم التمرد على الخلفاء، وشق الصف الإسلامي، وإثارة الرعب بين المسلمين تحت شعار "لا حكم إلا لله".

تعود بي الذاكرة الآن إلى واقعة قد تبدو صغيرة لكنها تعكس نزق الشباب وميلهم الفطري للمغامرة، كما تعكس حالة حرجة لا تحسمها إلاّ يد الله التي تعزل الموت عن الحياة، كان نجيب جويفل يقود أحد مواقعنا في "خزاعة" شرقي خانيونس في مواجهة مستعمرة "نيويم" وكان ذلك في الفترة التي مارس فيها نجيب هواياته الغريزية في التمرد والتأليب، وقد ذهبت لزيارة الموقع ذات يوم، فقال لي على مشهد من الجنود أن هناك دوريات إسرائيلية تجوب المنطقة وأنه يعد لها كميناً، واقترح عليّ أن نذهب سوياً لمطالعة المكان، وقد أدركت أنه يقصد إحراجي وإظهاري بمظهر الضعف والجبن، فلم أملك سوى الموافقة رغم خطورة المغامرة، فقد كان الوقت عصراً والساحات مكشوفة وقد نصبح هدفاً سهلاً لدوريات العدو بدل أن نجعلها هدفاً لنا، وهكذا ركبنا الخيول وعلى كتف كل واحد رشاشه، وتوغلنا بين "الحواكير" التي تعتبر منطقة معادية تخترقها الطرق الممتدة من المستعمرات وحين بدأت الشمس تميل نحو المغيب، كنا نحاول اجتياز ستار كثيف من شجر الصبر "التين الشوكي" حين سمعنا قهقهة الجنود والمجندات اليهوديات وراء الساتر، ولمحنا شبح سيارتهم المصفحة، كان الموقف حرجاً للغاية فنزلنا على أطراف الأصابع، وقد كتمنا الأنفاس، ويبدو أن خيولنا أحست بما نحن فيه فكتمت أنفاسها أيضاً، ولو بدرت منها أي حركة لجلبت علينا النيران من كل اتجاه، لقد بقينا على هذه الحالة فترة من الوقت حسبناها زمناً طويلاً حتى خيم الظلام، فانسحبنا بهدوء تتبعنا خيولنا الذكية حتى قطعنا مسافة معقولة ثم امتطيناها وتركنا لها العنان.

تمت المنازلة الصامتة التي دعاني إليها هذا المغامر الجريء بسلام، لكن بقي منها درس لا ينسى وهو أن التنافس والمزايدة تكون عادة على حساب الأمن والسلامة والمصلحة، ولا بد من تفادي أسبابها إذ أريد للعمل أن يكون محكماً، وأن يحكمه التخطيط الرصين والمسؤولية وليس مجرد تسجيل النقاط، غير أن هذه الحادثة توضح مفتاح شخصيته.

كان لدى نجيب جويفل قدرة عجيبة على شق أي مجموعة متحدة عن طريق "المزايدة" وأخذ مواقف التطرف، وهذا النوع يروج في الجماعات الإسلامية أكثر من غيرها لأنه ينفق من رصيد عاطفي زاخر يستطيع أن يبرز فيه تراث خالد بن الوليد، وأبو عبيدة، وغيرهم من أبطال الإسلام، بعد أن يضع حولهم ببلاغته هالة مضاعفة، وقد استطاع نجيب أن يشق معسكر البريج لعدة "شلل" حتى اضطررت لاعتقاله في انتظار ترحيله، ولكنه هرب في مرحلة ما وعلمت بعدها أنه ذهب للاشتراك في عملية عنيفة في بلد عربي، ثم ظهر في احتلال المركز العام، وحين حط بنا المقام في المنفى وجدناه ما دخل بلداً إلاّ أحدث فيه انشقاقات، إلا أن الختام المفجع قد وقع حين ظهر في بزته العسكرية ضابطاً في المخابرات العسكرية!

هل كان من البداية مزروعاً في الجماعة؟ أم هل وقع تجنيد له في مرحلة لاحقة؟

من الإنصاف لنجيب جويفل أن نقول أنه لم يستخدم منصبه الكبير لإيذاء أحد من رجال الجماعة، بل يبدو أنه حاول مساعدة بعض الأسر المنكوبة، لكنه يبقى نموذجاً فريداً لنوع من الشباب يدخل العمل الإسلامي للصيد والقنص باحثاً عن مصلحته وحدها، يساعده على ذلك مناخ الحزبية والعمل السري، الحزبية التي تثير الميول والمطامح الدنيوية، والسرية التي تعيش في الظلام، وتخفي النوايا، وملامح الوجوه.


شهادة الدكتور يوسف القرضاوي

بقيت في حمص نحو عشرة أيام مليئة بالحيوية والنشاط في إطار السرية المفروضة على العمل الإسلامي، وكان يقيم في حمص أخونا محمد نجيب جويفل رجل النظام الخاص، وهو صديق رفيقي محمد علي سليم، وكلاهما شرقاوي، ولكنه لم يكن موجودا بحمص ولا بسوريا فترة بقائي بها، فلم يتح لي أن ألقاه.

وقد اختلف الإخوة السوريون في دور جويفل في إخوان سوريا، وبعضهم يحمّله تبعة ما حدث من انقسام هناك، وليس عندي علم بتفاصيل ذلك، وقد أفضى إلى ما قدم، سامحه الله وجزاه بنيته

شهادة عدنان سعد الدين

في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، وعندما ضيق أديب الشيشكلي الخناق على الشيخ الدكتور مصطفى السباعي مراقب الجماعة وقائدها، وعلى إخوانه من قادة الجماعة، واضطر إلى مغادرة دمشق إلى لبنان، لم يجد شيخنا من يسد فراغه وينوب عنه مثل الأخ عبد الكريم عثمان ليقوم بمهمة المراقب العام وكالة، ولما يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره الميمون.

كانت حركة الانشقاق التي قادها ضابط المخابرات الناصرية نجيب جويفل، ومن التف حوله من دمشق وحمص وإدلب، قد استفحلت، وصارت تشكل خطراً على كيان الجماعة، فرأى المنشقون في الأخ عبد الكريم عثمان سداً في طريقهم، وعقبة أمام تطلعاتهم، وإحباطاً لمخططاتهم، فهدده أحدهم هشام جندل الرفاعي بالتصفية إذا لم يوافقهم، ويذعن لهم، أو على الأقل أن لا يعترض سبيلهم، فإذا بالأخ الوديع ذي الحاشية الرقيقة يتحول بلحظة إلى غضنفر، يواجه شططهم بموقف صلب، وعزيمة غير مألوفة ولا متوقعة، متحدياً المنشقين أن يفعلوا ما يعن لهم، فإذا بهم يرجعون القهقرى، ويرضون من سوء خلقهم بالإياب والتراجع، وطي صفحة التمرد الذي قاده ضابط المخابرات الناصرية نجيب جويفل وعصابته التي تبعثرت، وكأنها لم تكن، أمام صلابة الإخوان، وعلى رأسهم عبد الكريم عثمان والإخوة المخلصون في دمشق، وثباتهم وتلاحمهم، والتفافهم حول قيادتهم، وعلى رأسها فضيلة مراقبهم الفذ الشيخ الدكتور مصطفى السباعي طيب الله ثراه، وتلاشت حركة الضلال، وذهبت أدراج الرياح، ولم نعد نعثر لها على أثر.

شهادة الحاج عبد الحميد الزهرة أحد القيادات العمالية في الرعيل الأول للإخوان، وأمير الكتيبة الثانية من محافظة الدقهلية أثناء حرب 1948م.

لا أستطيع نسيان الأستاذ محمد نجيب جويفل (شرقية) أحد قادة المعسكر، والذي تميز بالشحنات الإيمانية العالية التي يغرسها فينا، وفي إحدى المرات أوصى جويفل أحد أفراد الكتيبة أن يقص شعره الطويل، فرفض فقال له أ. محمد: اتفضل روّح طالما أنك مش هاين عليك شوية شعر، إزاي هتهون عليك روحك.

مصادر

موقع كامل الشريف