معركة دستور 2011.. بين الثورة والثورة المضادة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

كانت معركة الدستور إحدى أهم معارك الثورة المصرية في 2011، إذ كانت تمثل الخطوة الأهم في بناء دولة ما بعد ثورة يناير وما بعد (جمهورية يوليو)، وهى المعركة التي احتشدت فيها كل قوى الثورة المضادة، سواء من جهاز الدولة العميقة التي تكوَّنت عبْر ستة عقود من انقلاب يوليو 1952، أو من الخاسرين في معركة الديمقراطية من التيار العلماني واليساري، وفي الخلفية بطبيعة الحال العامل الخارجي سواء الإقليمي أو الصهيوني، الذي يوظف تلك المكونات لتحقيق أغراضه والحفاظ على مصالحه.

وسنرى فرقاً واضحاً بين فترة حكم المجلس العسكري (الجمعية التأسيسية الأولى)، وبين فترة حكم الرئيس محمد مرسي (الجمعية التأسيسية الثانية)، حيث يبدو دور الرئيس مرسي واضحاً وجلياً في الإفلات بالدستور من فِخاخ الثورة المضادة، وتمكين الشعب من إبداء رأيه بحرية ونزاهة في دستوره.

وهذا الإنجاز الذي حققه مرسي وقوى الثورة الحقيقية، لا يعني بطبيعة الحال تحقيق انتصار مطلق في الصراع بين الثورة والثورة المضادة، إنما يعني – في سياق العمل السياسي – فرض واقع جديد في الساحة المصرية، يجبر الجميع على الإلتزام بالدستور أو بالإنقلاب على الإرادة الشعبية، وذلك يعني في الخيار الأول إستقراراً، ويعني في الخيار الثاني فعلاً مجرَّماً أمام القانون والشعب والتاريخ، إذ لم يعد الصراع حينها – في محكمة التاريخ - بين العسكر وبين جماعة الإخوان المسلمين، إنما بين (انقلابيين) وبين الشعب المصري كله.

وليس فيما نكتبه حديثاً عن التاريخ، إنما هو قيام بواجب التوثيق لنضال الشعب المصري وثورة يناير، وقطعاً للطريق على مَن يحاول أن يزوِّر تاريخاً قريباً، كنا جزءًا منه.

إستكمال بناء مؤسسات الدولة

طوال عامين تقريباً، منذ منتصف فبراير 2011 وآخر ديسمبر 2012، وهى الفترة التي تمت فيه خمس استحقاقات إنتخابية، حرصت جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي على (تمكين الإرادة الشعبية) من صناعة المشهد في مصر، سواء في فترة حكم المجلس العسكري أو فترة الرئيس محمد مرسي.

بينما استهدفت الثورة المضادة عبْر أذرعها في الإعلام والقضاء وداخل التجمعات السياسية والدينية بالإضافة للمال السياسي، إطالة المرحلة الإنتقالية، وعدم اللجوء إلى (الإرادة الشعبية) إلا إضطراراً..

آلت إدارة شئون البلاد للمجلس العسكري بعد إسقاط الرئيس السابق حسنى مبارك فى 11 فبراير 2011، ومنذ ذلك التاريخ، بدأت معركة بناء مؤسسات دولة ما بعد الثورة، بين قوى الثورة وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين وبين الثورة المضادة وعلى رأسها المجلس العسكري.

فبعد أقل من 48 ساعة على توليه السلطة الفعلية في البلاد، أصدر المجلس العسكري إعلانا دستوريا عطل بموجبه العمل بدستور 1971، وقرر تشكيل لجنة لإجراء تعديلات فى عدد من مواد هذا الدستور، فتشكلت لجنة برئاسة المستشار طارق البشري، والتي طرحت إعلانا دستورياً للشعب المصري في 19 مارس 2011.

وبموافقة الشعب بنسبة كبيرة على الإعلان الدستوري الذي طرحته اللجنة، تحدَّد جدولاً زمنيا يجعل وضع الدستور تالياً للانتخابات البرلمانية بل مرتبطا بنتائجها، وعلى الفور بدأت معركة بين قوىً موجودةً في الشارع ولها شعبية وهى تمثل روح الثورة، وبين قوىً أخرى ليس لها وجود حقيقي بالشارع المصري، لكنها تمتلك وجوداً كبيرا في وسائل الإعلام، يمثل الإتجاه الأول التيار الإسلامي وأكبر مكوناته جماعة الإخوان المسلمين، ويمثل الإتجاه الثاني التيار العلماني واليساري والذي كان أكثر التصاقاً بنظام مبارك منه بالشعب المصري، وبين التيارين وقف المجلس العسكري الباحث عن فرصة للحفاظ على نفوذه ومكتسباته التي راكمها منذ انقلاب يوليو 1952 وحتى نظام حكم مبارك، والتي تركزت فيما عُرف بـ (جمهورية الضباط)، وهى بيت الحكم الفعلي الذي يخرج منه حاكم مصر.

وطبقاً للإعلان الدستوري الصادر في مارس 2011، مَن يضع مسودة الدستور لجنة مختارة من مجلسي الشعب والشورى بعد انتخابهما، وليست معينة من سلطة الدولة، وكانت هذه أولى مكتسبات ثورة يناير 2011، فكل الدساتير التي وضعت في مصر منذ دستور 1923، وضعتها لجان معينة وليست منتخبة، وفي هذا يقول عمر عاشور: (تُعدّ هذه أول عملية صياغة للدستور في مصر تُنتخب جمعيتها من قِبل البرلمان ولا يعينها دكتاتور، سواء في شكل نظام ملكي كما هو الحال في عامي 1923 و 1930، أو في شكل مجلس عسكري كما هو الحال في عامي 1956 و 1971)[١]

إنصبت الجولة الأولى من الصراع بين الثورة وبين الثورة المضادة، على محاولة الطعن في الجمعية التأسيسية التي تشكلت لوضع مسودة الدستور، من خلال المحكمة الدستورية العليا، خاصة بعد نجاحها في إلغاء مجلس الشعب المنتخب في يونيو 2012.

التأسيسية الأولى.. المجلس العسكري

تشكلت الجمعية التأسيسية الأولى في ظل حكم المجلس العسكري، فطبقاً للإعلان الدستوري في مارس 2011، قام مجلس الشعب المنتخب في 28 نوفمبر 2011 - 10 يناير 2012، بتشكيل جمعية تأسيسية لوضع مسودة الدستور، إلا أن هذه الجمعية لم تصمد أكثر من 16 يوما فقط! حيث جرى حلها قبل أن تبدأ عملها فعلياً، بقرار قضائي، والذى قضى بوقف عمل تلك الجمعية فى 10 إبريل 2012، وإعلان تشكيل الجمعية الثانية فى 12 يونيو 2012 من العام نفسه، وهكذا:

  • تم إعلان تشكيل الجمعية التأسيسية الأولي في 25 مارس 2012
  • تم إبطال تشكيل الجمعية التأسيسية الأولي في 10 إبريل 2012، بحكم من المحكمة الإدارية العليا، واتخذ حزبا الحرية والعدالة والنور موقفا إيجابيا عندما رفضا الطعن عليه، وقبلا التوجه إلى طريق الحل الصحيح وهو إعادة انتخاب الجمعية، ولكن وفق معايير أكثر موضوعية هذه المرة.[٢]

وما بين إعلان تشكيل الجمعية التأسيسية وإلغائها، إنسحب عدد من ممثلي الأحزاب العلمانية بالإضافة لممثلي الكنيسة والأزهر، وبلغ عدد المنسحبين من الجمعية 24 عضوا هم ممثلو أحزاب الوفد والمصرى الديمقراطى والمصريين الأحرار والكرامة والتحالف الشعبى، وأعضاء البرلمان (السيد البدوى ومحمود السقا ومحمد عبدالعليم داود ومارجريت عازر وزياد بهاء الدين وإيهاب الخراط ومحمد أبوالغار وأحمد سعيد وسعد عبود وعبدالغفار شكر) وآخرون مثل نصر فريد واصل ممثل الأزهر الشريف، وممثلا الكنيسة مجدى شنودة ونبيل ميرهم. وكان لانسحاب هؤلاء الثلاثة أثر جوهرى فى إضعاف فرصة استمرار تلك الجمعية فى عملها، كما شملت قائمة المنسحبين أيضا د. مصطفى كامل السيد وأشرف عبدالغفور وسامح عاشور وفاروق جويدة وأحمد السيد النجار وممدوح الولى وأحمد حرارة ومنى مكرم عبيد ود. عمرو الشوبكى ود. عمرو حمزاوى.

ومن أغرب ما رواه دكتور محمد محسوب في لقائه مع قناة الجزيرة، أن رئيس حزب الكرامة الناصري (محمد سامي)، والذي استمر في النقاش حتى النهاية، وقبل التوقيع جاءه تليفون بعدم التوقيع! فغضب الرجل غضباً شديداً، لكنه في النهاية إلتزم بما جاءه ولم يوقع! وحزب التجمع الذي تم تمثيله في الجمعية التأسيسية بمقعد (حسين عبد الرازق)، برغم أنه لم يكن ممثلاً في البرلمان! شارك ممثله حسين عبد الرازق بحماس في النقاش، لكنه قال بأن الحزب رفض التوقيع! وكذلك فعل الحزب الإشتراكي الديمقراطي! ثم نكتشف أن المجلس العسكري حرضهم وغيرهم، أن ينسحبوا من الجمعية التأسيسية فانسحبوا! [٣]

إنقلاب المجلس العسكري على الثورة

بعد تشكيل الجمعية التأسيسية الثانية بيومين، قام المجلس العسكري – الحاكم للبلاد - بإستصدار حكم مسيَّس من المحكمة الدستورية العليا، بحلِّ مجلس الشعب في 14 يونيو 2012! وبعدها بثلاثة أيام في 17 يونيو 2012، قام بإصدار إعلان دستوري مكمِّل، إستحوذ من خلاله على السلطة التشريعية، إلى جانب السلطة التنفيذية التي كانت في يده بالفعل! وقد نصَّ الإعلان الدستوري المكمل على:

  1. تحصين أعضاء المجلس العسكري من العزل لحين إقرار الدستور الجديد!
  2. مباشرة المجلس العسكري صلاحية التشريع وإقرار الموازنة لحين انتخاب مجلس الشعب الجديد!
  3. يعطي الحق للمجلس العسكري - في حال تعذر عمل الجمعية التاسيسية للدستور- بالقيام بتشكيل جمعية تأسيسية جديدة!
  4. يعطي الحق للمجلس العسكري بالاعتراض على نص أو أكثر من النصوص المقترحة للدستور!

وقد علق د. عمرو حمزاوي على هذا الإعلان بقوله: (معنى الإعلان الدستوري المكمل: أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة اصبح دولة فوق الدولة بصلاحيات تشريعية وتنفيذية واسعة، وقوات مسلحة لا يتدخل بشئونها أحد، ولمجلسها حق الفيتو على الدستور وغيره، ورئيس منتخب بصلاحيات منقوصة تجعله في موقع أشبه برئيس وزراء ضعيف، ومرحلة انتقالية جديدة لا سقف زمني محدد له، الإعلان المكمل نكوص وتراجع عن تسليم السلطة، وعسكرة للدولة، ومرحلة انتقالية جديدة خطيرة، توظيف جميع الأدوات السلمية لمواجهة هذا السيناريو الخطير ضرورة وواجب وطني)[٤]

وقد أصدر المجلس العسكري هذا الإعلان الدستوري قبيل إعلان نتيجة الإنتخابات الرئاسية بأيام قليلة، بعدما رأى أن إتجاهات الفوز سوف تكون من نصيب مرشح جماعة الإخوان المسلمين د. محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة.

أُعتبر هذا الإعلان الدستوري بمثابة (انقلاب) نفذه المجلس العسكري، حيث عاد بالثورة إلى نقطة الصفر، منتهزاً خلاف القوى السياسية، مستخدماً في الوقت ذاته كل مؤسسات الدولة في ذلك الانقلاب، ومنها مع الأسف مؤسسة القضاء! وقد ألقت هذه التطورات بثقلها على كاهل أول رئيس مدني منتخب، الرئيس محمد مرسي.

الرئيس مرسي يُفشل الإنقلاب

فاز الرئيس محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب، فقام بإجراءات لحماية الجمعية التأسيسية لوضع مسودة الدستور، حتى تتمكن من طرح الدستور على الشعب المصري للاستفتاء عليه، باعتباره الخطوة الأخيرة لاستكمال بناء مؤسسات الدولة:

  • فألغى الرئيس مرسي الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري في يونيو2011، فاسترد حق التشريع من المجلس العسكري.
  • ثم قام بإصدار إعلان دستوري ينص على أنه في حالة قيام مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسية لعملها، يشكل رئيس الجمهورية خلال 15 يوما جمعية تأسيسية جديدة.

فوفر بذلك الرئيس محمد مرسي شبكة أمان واسعة للجمعية التأسيسية لإنجاز عملها، واستطاع أعضاء الجمعية الاتفاق على (95 % من المواد بما يعادل 230 مادة من 240) كما قال مقرر لجنة الدفاع والأمن المنبثقة عن لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية، (محمد محيي الدين) وذلك في الأسبوع الأول من نوفمبر 2012 [٥]

وحاولت المعارضة خلال ذلك ممارسة كافة الضغوط لتعطيل عمل الجمعية التأسيسية، فاتبعت جملة من الإجراءات، كلما فشلت واحدة، لجأت للأخرى:

  1. الإنسحاب من الجمعية!

فأعادت المعارضة مشهد الإنسحاب من الجمعية التأسيسية مرة أخرى! لكن كان مشهد الإنسحاب من الجمعية هذه المرة هزلياً، وقد أشار إلى ذلك أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط الجديد وعضو الجمعية، حين قال خلال كلمته الاثنين 19 نوفمبر2012 (إخواننا الذين انسحبوا، بعضهم لم يشارك بكلمة أو يحرك شفتيه خلال المناقشات، وبعضهم إنسحب ثم عاد ولم يقدم اقتراحا ولا كلمة ثم انسحب نهائيا) واشار إلى أن أحد المنسحبين قام بعرض مادة على الجمعية وبعد موافقة الأعضاء، أعلن الاعتراض عليها! وأكد أن المنسحبين تراجعوا عن أشياء طالبوا بها مرارا وأبرزهم عضو كان مصراً على إضافة كلمة الامتداد الآسيوي وانسحب! وقال: (لن أقول اسمه وعليكم أن تستنتجوه)، في إشارة منه للسيد عمرو موسي عضو الجمعية المنسحب، وهو صاحب هذا الاقتراح!

أما عمرو دراج، أمين عام اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، فقد أكد أن الجمعية لم تتلق رسميا ما يفيد بانسحاب أي عضو و أنه في حال انسحاب أحد الأعضاء فسوف يتم استكمال الجمعية من الأعضاء الاحتياطيين حتى يتم التصويت على مسودة الدستور والانتهاء من كتابة الدستور في وقته المحدد. [٦]

وهكذا فشلت المعارضة في إدارة نقاش موضوعي حول بنود مسودة الدستور![٧]

وكان واضحاً مدى الجهد المبذول في الجمعية التأسيسية الثانية، من أجل إنجاز أكبر قدر ممكن من التوافق، وننقل هنا شهادة حاتم عزام عن تلك الفترة إذ يقول: (من الإنصاف القول إن تشكيلها الثاني والنهائي قد نتج عن عملية توافق حقيقية، ناتجة عن حوار وتفاوض جاد ومتكافئ بين الأطراف السياسية الفاعلة.. عملت التأسيسية لمدة ستة أشهر متصلة بمقر مجلس الشورى، وبثت جميع جلساتها على الهواء مباشرة، بالتزامن مع عمل "لجنة التوافق" التي ضمت ممثلين عن جميع الأطياف السياسية، وممثلين عن الأزهر والكنيسة للتوافق حول صياغة المواد الأكثر حساسية في الدستور، ولعب المهندس أبو العلا ماضي دورا محوريا في عمل هذه اللجنة هو وزملاؤه حتى انتهت بتوقيع الحضور جميعهم على الصيغة النهائية لهذه المواد لينتهي الجدل حولها.. وبعد خمسة أشهر وصلنا خلالها لهذا القدر من التوافق، بدأت حمى انسحابات البعض لأسباب سياسية بحتة، ولكن بقي كل ما توافقوا عليه بالدستور دون أن يمس منه حرف، وبالتوازي مع ذلك جابت لجان المحافظات المصرية لشرح مواد الدستور للمصريين، و لجان أخرى لتلقي الاقتراحات من الأفراد والجمعيات المختلفة، لتتم الجمعية عملها ويتم الاستفتاء على الدستور بإشراف قضائي كامل، رغم حملات التشويه الإعلامي، ورغم حشد جبهة الإنقاذ للتصويت بـ"لا")

وعن دور الرئيس مرسي يقول حاتم عزام: (هذا إلى جانب الاتفاق على تحسين تشكيل الجمعية بعد ثلاثة أشهر من بداية عملها، بتصعيد عدد من الاحتياطيين بدلا عن الذين لم يحضروا أو اعتذروا عن الحضور (تنفيذا لوعد الرئيس محمد مرسي في اتفاق فيرمونت).. وقد أمر الرئيس مرسي بتشكيل (لجنة في رئاسة الجمهورية، حضرها ممثلون عن العديد من الأحزاب السياسية وأرسل لها آخرون اقتراحاتهم لتعديل الدستور، وكان الحديث يدور عن تعديل من١٠ إلى١٥ مادة من أصل ٢٣٦ مادة، و تعهد الرئيس مرسي بتقديم هذه التعديلات للبرلمان المنتخب القادم لإقرارها، وهي إحدى الآليات التي نص عليها هذا الدستور لتعديله)

ثم ينقل لنا شهادة مهمة من المعارضة (وفي لقاء جمع بين عضوي الجمعية التأسيسية جابر جاد نصار ومنار الشوربجي، والأستاذ وائل قنديل وآخرين في مكتب جريدة الشروق بالمهندسين، أسرّ لهم جابر نصار بأن هذا الدستور هو أفضل وثيقة دستورية مصرية على الإطلاق، فتعجب الحضور، وسأله وائل قنديل مدير تحرير جريدة الشروق في حينها -ولم يكن عضوا بالجمعية التأسيسية للدستور- لماذا إذن تهاجمه وأنت عضو بجمعيته التأسيسية؟ فرد نصار قائلا: الهجوم محاولة ضغط لتحقيق أقصى المكاسب)![٨]

حصار مقر الجمعية التأسيسية!

وجَّه (تحالف القوى الثورية) دعوة للاعتصام والإضراب والمبيت، أمام مقر الجمعية التأسيسية بمجلس الشورى، لمنع أعضائها من دخول مقر اجتماعهم اليوم، والمخصص لمناقشة المسودة. وأكد التحالف في بيان له، مشاركة عدد من النشطاء والمثقفين في الاعتصام، لمواجهة إصرار الجمعية على الاستمرار في عملها، رغم رفض القوى الوطنية لها، لعدم تمثيلها للشعب. وقال منسق تحالف القوى الثورية، إن رابطة «الدم والهم» التي أسسها مصابو الثورة وأسر الشهداء، اتفقت مع نشطاء وثوار، على الاعتصام والإضراب عن الطعام، أمام البوابة الرئيسية لمجلس الشورى، من الساعة العاشرة مساء أمس، لمنع أعضاء «التأسيسية» من الدخول صباح اليوم، بتشكيل حائط بشري أمام البوابة، لتعطيل إقرار مسودة الدستور![٩]

اللجوء للقضاء من أجل حل الجمعية التأسيسية!

مثلما حدث مع حل الجمعية التأسيسية الأولي، وقبله حل مجلس الشعب المنتخب، لكن الرئيس عاجلهم بإصدار إعلان دستوري (بتدابير حماية الثورة) يوم 21 نوفمبر 2012، يحمي بمقتضاه المؤسسات المنتخبة من العبث، كما يحمي في ذات الوقت مؤسسة القضاء من التورط في هكذا ألاعيب تنال من استقلاله وهيبته، خاصة بعدما إنجاز أكثر من 95 من مواد الدستور بالتوافق.

وقد قال المستشار محمود مكي نائب الرئيس المصري محمد مرسي أن الرئيس مرسي تعهد بعدم استخدام الإعلان الدستوري الذي أصدره إحتراما وإجلالا لقضاة مصر خلال الفترة المتبقية قبل الاستفتاء على مشروع الدستور المقرر يوم 15 ديسمبر، وأوضح أن هدف الإعلان الدستوري "عدم استغلال القضاة في ضرب مؤسسات الدولة"، مؤكدا أن الرئيس "تعهد بعدم إساءة استخدام سلطة النصوص الموجودة في الإعلان الدستوري (…)، وأكد أكثر من مرة أنه يحرص على استقلال القضاء وعلى ضمان نزاهته وحصانته، وأنه ينأى بالقضاء تماما عن معترك السياسة" وقال مكي إن اعتراض بعض القضاة على الإعلان الدستوري تقف وراءه دوافع سياسية، مضيفا أن الدستور الجديد "يحقق نسبة عالية مما كنا نحلم به كتقليص صلاحيات الرئيس" [١٠]

وبالفعل ألغى الرئيس محمد مرسي هذا الإعلان الدستوري يوم 8 ديسمبر 2012، مع إبقاء الموعد المحدد لطرح الدستور على الشعب للاستفتاء عليه يوم 15 ديسمبر 2012، دون أن يستغله في إصدار أية قوانين استثنائية، سوى تمكين الشعب المصري من إملاء إرادته، بالاستفتاء على الدستور في موعده المقرر. [١١]

  1. التظاهر لأجل الحشد لرفض الدستور!

ثم كانت المحاولة الأخيرة، الدعوة للتظاهر عند القصر الجمهوري قبل 10 أيام فقط من الاستفتاء على الدستور، وتطور الأمر إلى محاولات تخريب وحرق بل وخلع باب القصر الجمهوري ببلدوزر تم الاستعانة به، ورافق ذلك سلبية مريبة من حرس القصر ومن الشرطة.. فكان ذلك تمهيدا لاقتحام القصر وقتل او خطف الرئيس المنتخب.. كانت محاولة انقلاب لكن بغطاء مدنى! [١٢])

الشعب يوافق على الدستور

دعا الرئيس محمد مرسي الشعب المصري ليقول رأيه في الدستور، فهو صاحب الكلمة الأخيرة في تقرير مستقبله ودون وصاية من احد، وجاءت نسبة الموافقة 63.8 % فكانت هذه النسبة دلالة على أن الشعب حسم امره وانه ماضٍ في ثورته وراغب في استقرار يحمي ثورته ويستثمر مكتسباتها. [١٣]

الخيار الأخير .. الإنقلاب العسكري

وعندما فشلت كل محاولات الانقلاب الناعم على الثورة، قام المجلس العسكري بمعاونة أجهزة (الدولة العميقة)، بانقلاب خشن كخيار أخير اضطرارى لمواجهة الثورة كانت رغم شراسة المعركة وشتات أبنائها تكسب في كل يوم ارضا جديدة.

جاء الانقلاب بعد أن استقر امر الدولة دستوريا، فالدستور يبين أسباب عزل الرئيس وكيف يتم عزله ومن يخلفه في منصبه، وقد تم إقرار هذا الدستور رغم مقاطعة القوى السياسية آنذاك، وبلا تشكيك في نزاهة عملية الاستفتاء ..

وهكذا إنتهت معركة الدستور لصالح الثورة

ومَن قال كلمة الفصل فيها كان الشعب المصري نفسه

وجاء الإنقلاب العسكري يوم 3 يوليو 2013، إنقلاباً على إرادة الشعب المصري، وليس على الرئيس محمد مرسي، أو جماعة الإخوان المسلمين.

المصادر

  1. ما مدى ديمقراطية مسودة الدستور المصري؟ https://www.brookings.edu/ar/articles/%D9%85%D8%A7-%D9%85%D8%AF%D9%89-%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A/
  2. القصة الكاملة لمعركة الجمعية التأسيسية https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=20062012&id=3a6452e6-5c5f-4856-8300-ff8241b63569
  3. شاهد على العصر| محمد محسوب مع أحمد منصور: تفاصيل عمل الجمعية التأسيسية للدستور https://m.youtube.com/watch?v=NR80cWYSCtI
  4. الصفحة الشخصية لعمرو حمزاوي على موقع التواصل الاجتماعي https://www.facebook.com/amrhamzawyofficial/posts/397691476933248?__cft__%5B0%5D=AZUhCFpq-Jq7As_v2Vq9bli_byoJgdPf6Qfs7hlqTvqVZy1yEAecyK_Ir60myqc91fFvtc1YnP99egrlGqbZlpo89_zRvYIWVz9Gc8-b0vb3dIEItYcZNizXOxm5gHs9_P-_ZuaAyGGzfM9zr5IB_8HXl4Joqb2gQnr7QyoSW9LrlQ&__tn__=%2CO%2CP-R
  5. الجريدة https://www.aljarida.com/articles/1462077594299157400
  6. الجمعية التأسيسية للدستور المصري: سؤال وجواب https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2012/11/121119_egypt_costitution_questions
  7. ثورة مصر – عزمي بشارة – الجزء الثاني
  8. حاتم عزام – اللقيطة – الجزيرة https://www.aljazeera.net/opinions/2013/9/26/%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%B7%D8%A9
  9. الجريدة https://www.aljarida.com/articles/1462077594299157400
  10. مكي: مرسي لن يستخدم الإعلان الدستوري https://www.aljazeera.net/news/2012/12/3/%D9%85%D9%83%D9%8A-%D9%85%D8%B1%D8%B3%D9%8A-%D9%84%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A
  11. مرسي يلغي الإعلان الدستوري https://www.aljazeera.net/news/2012/12/9/%D9%85%D8%B1%D8%B3%D9%8A-%D9%8A%D9%84%D8%BA%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A
  12. https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=04122012&id=58ba6114-98dc-47bb-bb2c-6354137eef7a
  13. https://referendum2012.elections.eg/results/referendum-results