"حماس" و"حزب الله" ليسا سواء

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"حماس" و"حزب الله" ليسا سواء


بقلم : فادي شامية

يطيب لمعظم تشكيلات فريقي 8 آذار و14 آذار على السواء، "القياس" و"التعميم" في الصراع الذي تخوضه كل من حركة "حماس" في فلسطين و"حزب الله" في لبنان، على اعتبار أنهما حركتا مقاومة مسلحة لـ "إسرائيل" و"المشروع الأميركي"، وأنهما فصيلان مؤثران يخوضان صراعاً داخلياً، وأن لهما ارتباطات إقليمية بسوريا وإيران. إلى هنا المقارنة صحيحة، لكن "قياس" أداء كل منهما على الآخر من أجل فهمه وتحليله، وربط كل مواقفهما بالمحور السوري- الإيراني، أمر ليس بصحيح، فأوجه الاختلاف بين الفصيلين الكبيرين، في الطبيعة والواقع والأداء، كثيرة جداً.

في الطبيعة، لا ترتبط "حماس" بإيران بالمعنى الوجودي الذي يرتبط به "حزب الله". لا وجود لنظرية اسمها "ولاية الفقيه". لا قدسية للأشخاص. المدرسة الفكرية التي ينتمي إليها "حزب الله" مختلفة في جذورها وتاريخها عن "حماس" التي تنص المادة الثانية من ميثاقها على أنها "جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين"، أي أنها جزء من فكر الحركات الإخوانية الموجودة في أكثر من 80 بلداً في العالم، بما فيها إخوان سوريا، الذين يعانون من اضطهاد نظامهم بما لا يقل بشاعة عن اضطهاد "إسرائيل" للفلسطينيين. وأخيراً فإن أفراد حماس في لبنان كانوا إلى وقت قريب جزءاً من "الجماعة الإسلامية" في لبنان، قبل أن يجري الاتفاق بعد نهاية الحرب الأهلية على أن يعمل "الإخوة الفلسطينيون في إطارهم المستقل".

في الواقع الذي يعيشه الفصيلان، يبدو الاختلاف كبيراً أيضاً، فـ"حماس" تقاتل في أرض معظمها محتل، وفي بيئة من لون مذهبي واحد تقريباً. لا وجود هناك لدولة من الأساس، ولا صراع طوائف، ولا محكمة دولية يشعر بقيامها نظام إقليمي أنه مهدد. أما في لبنان، فالأرض منذ العام 2000 باتت محررة، وشبعا تنتظر "التعاون" السوري منذ ذلك الحين لتعود إلى الوطن. الدولة اللبنانية قائمة وتواجه محاولات فرض الوصاية عليها، وطوائفها الـ18 متعددة الولاءات. إذاً الواقع في كل من لبنان وفلسطين مختلف تماماً.

في الأداء السياسي، نجد أن حركة "فتح" -وليس "حماس"- تمارس دوراً شبيهاً بالدور الذي تلعبه "المعارضة" في لبنان. "فتح" هي من يعرقل اليوم جلسات المجلس التشريعي، بحجج واهية. "حماس" ومنذ لحظة فوزها كانت تدعو إلى حكومة وحدة وطنية، و"فتح" هي التي رفضت في البداية قبل أن تقبل بعد اتفاق مكة. "حماس" اليوم ترفض انتخابات تشريعية مبكرة "لأن الشعب قال كلمته"، لكن "حزب الله" في لبنان لا يرى حلاً إلا بانتخابات نيابية مبكرة!. "حماس" لم تشكك يوماً بشرعية الرئيس، لكن الأخير يعتبر حكومتها غير موجودة، تماماً كما يفعل الرئيس لحود في لبنان.

الجهة التي استضعفت الناس في الضفة وغزة وعذبتهم وقتلتهم، هي تلك المرتبطة بمحمد دحلان، وقد غطت "فتح" ذلك، تماماً كما غطى حلفاء سوريا ممارساتها في لبنان، وأخيراً فإن "حماس" هي الجهة التي تدعو الآن إلى الحوار بلا شروط، فيما ترفض "فتح"، "إلا أن تحل حماس حكومتها"، تماماً كما يشترط "حزب الله" في لبنان استقالة السنيورة كشرط للحوار!

ما فائدة هذا التمييز؟ هو ضروري لقراءة سياسية أوضح، لعدم التعميم وتالياً لعدم توليد شعور بالاستهداف وتحمّل أخطاء الآخرين لدى أحد من هذين الفصيليين من قبل من يشملهما بأحكام سياسية واحدة. هو ضروري أيضاً لرفض استنساخ ما يجري في فلسطين إلى لبنان وبالعكس، ولعدم قول جانب من سياسيي 14 آذار بأن "حماس" أداة بيد سوريا وإيران، ولصد محاولة "حزب الله" تشبيه ما يواجهه في لبنان بما تواجهه "حماس" في فلسطين فيما خص الشأن الداخلي -وليس فيما خص الصراع مع العدو الإسرائيلي-.

قد يعتبر "حزب الله" نفسه صنو "حماس"، وبالمقابل قد تعتبر طائفة من سياسيي 14 آذار الأمر كذلك، وثمة من سيعتبر هذه الملاحظات والمفارقات انتقائية، لكن في مطلق الأحوال فإن اعتبار فريق 14 آذار أن "حماس" و"حزب الله" وسوريا وإيران كتلة واحدة، غير مفيد لطروحات هذا الفريق، تماماً كما هو غير مفيد البتة لـ"حزب الله" أن يصنف كل من ليس مع طروحاته السياسية أنه مع المشروع الأميركي في المنطقة، ويبقى الاطلاع على هذه التمايزات بين "حماس" و"حزب الله" مفيداً للفريقين.

المصدر