" الألم والرجاء .. بين الثوار والإنقلابيين "

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
" الألم والرجاء .. بين الثوار والإنقلابيين "


السبت,18 أبريل 2015

كفر الشيخ اون لاين | خاص

كانت رسالة الإنقلابيين واضحة عندما أطلقوا النار فجرا على المصلين في اعتصام الحرس الجمهوري في أيام اختطاف الرئيس الأولى فيما عرف بمذبحة الساجدين ، وهى ألا حدود عندهم في مواجهة الفعاليات السلمية المعارضة للإنقلاب العسكري ، ولو كانت الفعاليات صلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله ، فالرصاص والنار هما الخيار الأقرب لعقلية القابضين على السلطة أو بالأحري هما مبلغ علمهم ومنتهى فهمهم ، ومذبحة بين مذبحتين أصبح حال المصريين كل يوم ، وسجن وتشرد واضطهاد وقطع أرزاق واغتصاب وافك و "اجرام في اجرام " كما قالت محكمة البداري في ثلاثينيات القرن الماضي واصفة افعال ضباط الشرطة .

هذه اللوحة الجدارية التي ترى فيها الإنقلابيين أولي قوة وأولي بأس شديد لا تعبر عن الواقع داخل معسكر الإنقلاب سياسييه وجنوده ومموليه ورعاته المحليين والأجانب ، بل المؤكد أن أمريكا الآن تحمل الإنقلاب وهنا على وهن ، والشبكة التي أنتجته توشك أن تتمزق ، فالسياسيون الذين مثلوا النواة الصلبة التي تجمعت عليها كل مفردات الإنقلاب في الثلاثين من يونيو سرعان ما انقسمت إلى طائفتين ، طائفة الشباب وطائفة الشيوخ والعجزة ، وقد تم استبعاد أغلب الشباب وبخاصة أصحاب الوسامة والمظهر الأنيق فلا تكاد ترى منهم أحدا بدءا بعمرو حمزاوي وانتهاء بحمدي الفخراني وغيرهما ، وبدت اجتماعات حكومات الإنقلاب المتعاقبة أشبه بمقدمة برنامج ربيع العمر الذي كان يعرضه التليفزيون المصري في السبعينات مستهلا اياه بمقدمه منطوقها " أيامه لسة قدامه .. والعمر حيزيد في مقامه " فمن حازم الببلاوي إلى فايزة أبو النجا مرورا بالجنزوي ومحمد حسنين هيكل إلى آخر الخارجين من الأجداث سراعا ، ما يعكس حساسية واضحة من جيل الشباب مردها احساس غيرة فحولي ذكوري من قبل الممسكين بالسلطة وقد أظهرت التسريبات التي تمت بين القيادات مقدار ثقافتهم وميولهم الشخصية التي لم يكن أولها قول أحدهم بعد أن صفقت له السيدات " الرجالة بتوعكوا كده حيزعلوا " ولم يكن آخرها حديث الترامادول ، وفي تلك المدارات التي تجعل من حاجات الأنا الدنيا هدفا نهائيا تتخذ الكثير من القرارات ويترقي البعض ويستبعد البعض في اطار من الولاء والصلات العائلية و تقديم الهدايا والعلاقات مع الأجهزة الخارجية وهكذا في مدي قصير تخلص الإنقلاب من كل الشخصيات التي يمكن البناء عليها أو التحرك في اطار شعبيتها وأصبح الشعب اليوم لا يعرف من القوم إلا السيسي وصدقي صبحي ، والمقصود في القول أن هكذا هيكل اداري ومعرفي ومعلوماتي ليس له من القوة أكثر من بيت العنكبوت ولا يمكن أن أبدا أن يصمد في مواجهة احتقان شعبي وتجربة ثورية ناجحة ومكاشفة معلوماتيه وتواصل اجتماعى ونزاع إقليمي وإفلاس اقتصادي ... إلى آخره .

على العكس نرى معسكر الثورة يعيد تجميع نفسه على أساس من الشفافية و مراجعة الأخطاء على زهد في الأسماء مع استعداد واسع للتضحية بالنفس والمال والولد والأهل ، الأمر الذي أعاد الإتزان إلى المعادلة من الناحية العددية الصرفة ، ففرد واحد من هؤلاء لابد وأن تكون له اسهامات ايجابية وتفاعلات متراكمة كونه يتعاون مع أمثاله من المخلصين لقضيتهم ، وفرد من معسكر الإنقلاب يتنازع مع أقارنه ويتشاحن هو من ناحية النتائج قوة سلبية تخصم من تلك الكومة غير المتجانسة والتي تراكمت على عجل .

من ناحية أخري نري الغطاء الشعبي للإنقلاب والإنقلابيين قد انحسر إلى أقصى مدي أو ما يمكن تسميته بالنقطة الحرجة من جهة القدرة على الحشد أو حتى الإرشاد و " الخبص " اللذان كانا من أهم أدوات العسكر لتمرير الإنقلاب والإنقضاض على قيادات الإخوان في مكامنها بعد فض ميدان رابعة فلا تكاد تجد من هؤلاء إلا حشاشات انفس خاصة بعد توقف القدرة على تمويل البلطجية وضعف جبهة النصاري بعد أن حاك في صدورهم كذب الكنيسة واندفاعها غير المبرر نحو مواجهات أكبر من قدرة وامكانات الأقباط ، بينما زاد التأييد للفريق الإسلامي على المستوى الشعبي خاصة بين طوائف الشباب الذين اكتشف من عارض الإخوان منهم من قبل عندما استنفرت أكاذيب الإعلام نقاط ضعفه اكتشف أنه بمعارضته تلك قد ساهم في مليونية خصصها الإنقلابيون لخلع الحجاب وازالة الصيان والخروج من السمت الإسلامي برعاية الدولة ، وأنه بسكوته قد شارك في تهجير أهالي سيناء وقتل العديد منهم بدم بارد وتوطئة السبيل لإسرائيل في سيناء من غير جيش يرد ولا شعب يصد ، هذا الشباب الآن يبحث عن مكفرات الذنوب خصوصا من اعتنق منهم الفكر السلفي من قبل بنية حسنة ، وحتي يتخلص هؤلاء من الضعف البشري الذي تربي عليه مجتمعنا سنوات طويله يحتاج الأمر إلى بعض الوقت وأخذ ورد وربما كانت الفترة التي تلت الإنقلاب وحتى الآن هى ذلك الوقت .

حال امتلاء السجون بين العسكر واعتقال كل معارضي الإنقلاب ، ورغم أن الإنقلاب قد دخل الموسوعات من جهة عدد القتلي والجرحي والمعتقلين إلا أنه لم ينجح سوى في اعتقال أقل من ثمانية بالمائة من النشطاء السياسيين الذين يستطيعون تحريك الشارع والإحتجاجات ضده وجلهم بكل تأكيد من الإخوان المسلمين ورغم أن امكانات الفريق الإسلامي المادية قد اهتزت بشده من جراء توقف الكثيرين عن العمل نتيجة هروبهم واعالة اسر المعتقلين ، ولكن المعسكر الإنقلابي معاناته أشد بكثير فمن ناحية لا يسمح الإنقلابيون بحكم " الغريزة " بمرور دولار واحد دون أن يقتسموه مع خزينة الدولة ، وبعد اقتسامه أول مرة ربما يعودون لإقتسام نصفه وهكذا رغم صب " الرز " عليهم صبا فهم في مأزق مالي ربما يحول الحكومة إلى جابية من أنصارها بأسلوب " عتريس " وهو موقف أقرب إلى رجال أعمال السلطة من حبل الوريد ، وعندما يحين ذلك قريبا يمكن تصور مشهد خروج " أجولة " الأموال من مصر وانهيار الأسواق وارتفاع سعر العملات الأجنبية ، بينما الطرف الثائر لا ينسحب عليه من أثر ذلك إلا مثل ما يألم له الناس جميعا وهو حد مقبول عند من لديهم الإستعداد للتضحية بالمال والنفس والولد ...

إذا قمنا بالمقارنة بين ألم الإنقلابيين وألم الإسلاميين بحياد وموضوعيه سترجح كفة ألم الإنقلابيين ، وأي ألم وأي حسرة أكبر من تلك التي تخلفها الجرأة على قتل نفس بغير نفس وفساد في الأرض ، وحتى مع سماكة جلودهم وفقدان المشاعر الإنسانية التي تدفع للألم فإنهم يخشون من مرور الوقت ، فآلاف الأسباب والتفاصيل تؤكد على أن انهيار الإنقلاب وبعجلة مفاجئة هو مسألة وقت فلا غطاء شعبي ولا قيادة حكيمة ولا تنظيم سياسي ولا قدرات اقتصادية تغطي ذلك الفشل ولا حتى رجوع إلى الله ولو بالكذب ، بل إن الإنقلابيين قد انقطعت آمالهم إلا بحبل من مهاجمة الإسلام والتعدي عليه ظنا منهم أن ثمة انطباع سينشأ في ذهن الأمريكيين فحواه أن الإنقلابيين هم الأكثر اخلاصا وايمانا بالهجوم على القيم الإسلامية وهو ما يضمن لهم وظيفة في المشروع الأمريكي الإستعماري .

ويبقى لقوى الثورة أن ترجو من الله ما لا يستطيع الإنقلابيين رجاءه ولا حتى الأمل فيه .

المصدر