أسس بناء التنظيمات
لنشر الدراسات والتقارير
الإصدار الأول
أسس بناء التنظيمات
أبو مصعب السوري
إعداد وترتيب
أبو عمر الكردي
توطئة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئا أعمالنا من يهديه الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
بعد إسقاط الخلافة الإسلامية في أوائل هذا القرن وذلك لطمس الشخصية الإسلامية للمسلمين وتجريدهم من معتقدهم وعقيدتهم فإن هذا قد أثرت كثيرا على التواجد الإسلامي بين الأنظار وعاش المسلمون حقبة من الزمن تحت حمنة الجهل يلتفتون يمينا ويسارا فلا يجدون من يردهم إلى دينهم ولكن شاء الله سبحانه وتعالى .
كما قال صلى الله عليه وسلم: ( سيبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة من يجدد لها دينها) فانطلقت صيحات للعودة إلى الإسلام لكانت نبراسا لانطلاقة شرارة الإسلام في نفوس المسلمين وبفضله تعالى تكونت جماعات إسلامية من هنا وهناك تدعو إلى إقامة الدين والعودة إلى حكم الإسلام فانطلقت الصحوة إسلامية في مشارق الأرض ومغاربها وأصبحت واقعا تخشاه من الأعداء في عقر دارهم .
واستجمعت روح الأمل في قلوب المسلمين والعاملين في الحقل الإسلامي وأصبح الحديث عن الصحوة الإسلامية مدارا لتخطيط الأعداء للنيل منه والتنكيل به وبم يبق بيت مدر ولا وبر إلا ودخله الإسلام بعز عزيز أو بذل ذليل فالإسلام هو البديل وهو الحل للخروج من هذا الواقع البليد والماضي التليد.
وأصبح العمل الجماعي واجبا مفروضا على من استنهضت الهمم في قلوبهم لتحكيم شرع الله ولكن في كثير من الأحيان القيام بالواجب ليس كافيا للوصول إلى الفلاح وتحقيق الأهداف ما لم تصاحبه الأخذ بالأسباب والمسببات بعد التمسك القويم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولذلك نرى في كثير من الأحيان الثغرات والعراق يل التي تؤدي غلى عدم الوصول إلى نتائج طيبة .
فالتمكين وعد والرجوع إلى الله شريط ولا يمكن تحقق الوعد إلا بتحقق الشرط( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلكم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" . النور ( 55).
إن الذي نقدمه الآن هو جزء مما طرحه أحد أعلام الإسلامي الجهاد ي والذي كان له تجربة كبيرة في إحدى أهم تجارب العمل الإسلامي ألا وهي الثورة الإسلامية في سوريا هذا الباحث هو ( عمر عبد الحكيم) المعروف بـ ( أبو مصعب السوري) .
وأصل هذا البحث محاضرة القاها الشيخ في بيشاور في جمع من المجاهدين وذلك في عام 1991 للميلاد والذي ركز فيه بأسلوبه البليغ المعروف عنه أهم الأسس التي ينبغي أن تتوافر في أي تجمع إسلامي، ونظرا لمماثلة تلك التجربة لتجربة الصحوة الإسلامية في وكردستان .
رأينا من الضروري تقديمه إلى إخواننا في وكردستان لتكون نبراسا لمعالم العمل الإسلامي الرصين قبل الوقوع في الأخطاء التي وقعوا هم فيها في السابق – أي المجاهدين السوريين- ومن الملاحظ بأن تقديم هذا البحث لا يعني بالضرورة موافقتنا للشيخ في بعض المواقف والآراء التي يطرحها في محاضراته وكتاباته على أننا نؤكد إتفاقنا التام مع الشيخ في الأسس التي يطرحها ضمن هذا البحث ونترك الجزئيات لاجتهاداته الخاصة وكل يؤخذ منه ويرد إلا الرسول صلى الله عليه وسلم والمعصوم من عصمه الله. اللهم إن أصبنا فمنك وأنت ناصرنا، وإن أخطأنا فمن أنفسنا.
أسس بناء التنظيمات
في الحقيقة أن الحركة الجهاد ية في أزمة لوجود فارق كبير بينها وبين العدو، وأصبحت تجد عثرات كبيرة جدا أمام القفز إلى موضوع استلام الحكم والاصطدام مع السلطات .
وما يزال إلى الآن بيننا وبين أن نحقق هذا الهدف فارق كبير جدا، ونحن بحاجة إلى مراجعة للفكر والمنهج وأسس بناء التنظيمات وطريقة القيادة وعندنا أزمات على أكثر من مستوى حقيقة.
الدكتور عبد المعز استعرض جانبا من الموضوع في محاضرته، والدكتور حمدي مراد فيما بعد أيضا استعرض جانبا من الموضوع، يعني كل الذين يفكرون بهذا الموضوع يدورون ويلفون حول أزمة العمل الإسلامي، لماذا نحن متعثرون بهذا الشكل؟
وواقفون دون المستوى المطلوب في أداء الفريضة التي تصدينا لأدائها؟ فالآن إن شاء الله نحاول أن نضع بعض اللمسات على صعيد تنظير تخطي هذه العقبات التي نحن عليها، فنرى والله أعلم إن المشكلة في بنية ههذ التنظيمات، إنها لم تكتمل أسس بناءها، ولم تكتمل أسسها كتجمعات.
- فهذه التجمعات يجب أن تحوز على بعض المواصفات، هذه المواصفات تقريبا ناقصة في كل الجماعات، هناك جماعات أو نسميها تجمعات ليست لديها من مقومات التنظيم ولا مقوم واحد، وهناك تجمعات عندها مقومين أو ثلاثة، ولكن ليست هناك جماعة إسلامية إلى الآن وصلت إلى أن تتخطى هذه العقبات وتكتمل وإلا لو اكتملت إحدى هذه الجماعات لوصلت إلى الحكم بإذن الله تعالى .
نحن نفترض إن الإخلاص موجود ومتوفر أصلا وأنها لا تصل لعدم اكتمال أسباب النجاح التي هي من سنن رب العالمين في هذه الأرض، إن الله لا يقبل من العبد إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم وكان صوابا هذه هي شروط القبول، أن يكون خالصا أي أن يكون نية العبد سليما وهو يؤدي هذه الفريضة، وأما الصواب فهي كما قال شراح الحديث هو موافقة الكتاب والسنة قال تعالى ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) ( الكهف 110) فهذه شروط لقبول العمل عند رب العالمين، أما كون العمل مقبول عند رب العالمين فلا يشترط بالضرورة أن يحرز النجاح في الدنيا.
يعني قد تفشل ويقبل عملك رب العالمين وهناك سنن لأي عمل وإن استكملتها قد لا تصل ولكن على نيتك يقبلك رب العالمين وقد تكيل هذه السنن وتصل ولكن لا يقبلك رب العالمين، لعدم توفر الإخلاص وعدم توفر الصواب الشرعي.
فمثلا لو جئنا واستعرضنا نظريا: من الناحية السطحية ( حسن الترابي) وصل وحقق نتيجة واستلم الحكم في السودان، العمل يعتبر ضمن المقاييس الأرضية، فهم اتبعوا السنن ولعلهم أصابوا في بعض الأمور التطبيقية والتكتيكية أكثر من غيرهم، ووصلوا إلى نتيجة هذه النتيجة ليست بالضرورة أن تكون مقبولة عند الله سبحانه، لأنها مخالفة في كثير من زواياها للكتاب والسنة.
ولأنها تفتقر لكثير من زوايا الإخلاص بدليل الكلمات والتنظيرات التي يطرحونها، فأقصد بأنه يجب أن نفصل بين القبول عند رب العالمين وموضوع النجاح وتحقيق الدولة في الدنيا، إضافة إلى أننا إذا اتبعنا منهجا ووصلنا غلى نتيجة وكان مخالفا للكتاب والسنة فهذا الوصول وصول جزئي سيتحطم ولا يستمر لأن الله تعالى يقول ( إن الله لا يصلح عمل المفسدين) .
فلا يمكن لهذه الدولة أن تقوم وتستمر ويكون لها صولة وهي مؤسسة أصلا على أسس يعملون وفق سنن وحققوا انتصارات ووصلوا إلى بناء حضارة هذا رغم أنهم بعيدون عن المنهج الشرعي فنحن نريد أن نستعرض بعض السنن الواضحة نتيجة استقراء تجارب العمل الإسلامي وما حصل فيها، في أكثر من مكان وخاصة في العشرين سنة الأخيرة نريد أن نستعرض هذا الحركات ونستخلص نتائج هذه المقومات وسأجعلها تحت عنوان ( مقومات أو أسس بناء التنظيمات).
نقول والله أعلم : بأن التنظيم يجب أن يقوم على خمس مقومات أساسية فالتجمع يبقى ناقصا بدون ههذ المقومات، وإذا غلب عليها أنه ليس لديه من هذه المقومات أي مقوم فلا يمكن أن يعتبر تنظيما وإنما تجمع، ناس مجتمعين حول البعض، فنحن الآن بإذن الله نستعرض مقومات هذا العمل الجماعي( أسس بناء التنظيم) فأعدد هذه الأسس بشكل إجمالي وأقول بأن أسس بناء التنظيمات هي خمسة وتتسلسل بصورة مرتبة وبهذه الأهمية:
- 1- وجود منهج وفكر.
- 2- وجود قيادة ربانية متخصصة.
- 3- وجو البنية الاقتصادية الثابتة والمستقلة.
- 4- وجود مخطط وبرنامج أو ما يسمى بالإستراتيجية .
وجود السمع والطاعة يربط القاعدة بالقيادة ربطا شرعيا.
والآن نأتي إلى بيان واستعراض هذه المقومات بشيء من التفصيل.
أولا وجود منهج وفكر يلتقي عليه هذه الجماعة
نجد أن جماعة الجهاد لها فكر ومنهج وتجانس بين أفرادها والجماعة الإسلامية جزاهم الله خيرا طبعوا كتابا سموه ( ميثاق العمل الإسلامي) فمن أراد أن يتعرف على الجماعة الإسلامية ليقرأ هذا الكتاب فيعرف أن هؤلاء الناس التقوا وتجمعوا على هذه الأفكار والإخوان المسلمين عبر ستين سنة لعم فكر ومنهج ففي كتابات ( البنا) وفي كتابات الهضيبي وفي كتابات سعيد حوى وفي بعض الكتب مثل ( الطريق إلى دعوة الإخوان المسلمين ) فصلت أكثر هذه الأمور، وجماعة الجهاد الاريتري يوجد بينها تجانس وقضية وقد لا يكون عندها منهج واضح، والتجمعات الصغيرة توجد بينها تجانس أكبر من التجمعات الكبيرة وبلا فكر ومنهج سيكون التجمع خليطا.
مثل تجمع ( العمل العربي) التي تكونت في بيشور وأرادت أن تؤدي فريضة الجهاد ، ولكنها لم تصل إلى أن تكون تنظيما لأداء هذه العملية وأبرز المحاولات التي قامت بتنظيم العمل العربي بصفته العربية المحاولة التي كانت باسم قاعدة مجلس التنسيق ومجلس شورى العرب، حاولوا في أكثر من مرة أن يكون هناك هيكل لهذا العمل العربي ولكنهم فشلوا، لأن هذا العمل لم يحز على أسباب قيام التنظيمات من الناحية النظرية.
وبالنسبة للقضية الأفغانية فنحن ابتداءا اتفقنا على أن الجهاد فيها فريضة عينية ، وكل من جاء إلى هذه الساحة تقريبا كان في ذهنه الأمر ولم تحتاج إلى البرهنة له، فريضة عينية على المسلمين بشكل عام وفريضة عينية على المسلمين بشكلهم القطري.
فنحن محتلون بشكل عام ومحتلون بشكل قطري، كل قطر بنفسه محتل لعصابة من الحكام الكفرة، فهو فرض عين على المسلم بحد ذاته لأنه هو بنفسه مستهدف في دينه وعرضه ماله إذا أراد أن يكون مسلما كاملا كما يريد الله عز وجل، فكون الجهاد فريضة عينية إذن لابد أن يؤدى .
ويمكن للمسلم تأديتها بصورتين: الصورة الأولى هي ( الصورة الجماعية) فالأصل في الجهاد أنه عبادة جماعية وليس عبادة فردية ، أما الصورة الثانية فهي ( الصورة الفردية) فيكون في حالات شاذة .
مثلا ( سلمان رشدي) – صاحب كتاب الآيات الشيطانية قاتله الله- كتب كتابا يطعن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب رجل وحمل سلاحه ليقتله على أساس إنه من أئمة الكفر ( فإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) ( التوبة 12) .
فهذا الرجل قام بالجهاد بصورة فردية، أو أن رجلا قدر الله أن يسر له قتل رئيس الجمهورية أو رئيس المخابرات، وقتله بمفرده دون أن يكون له تنظيم فهذا جهاد فردي بل أن هذا الجهاد إذا قدرت عليه ولم تأت به تأثم إذا كان الذي تجاهده من الطاعنين في دين اله ومن المحاربين لله وللرسول صلى الله عليه وسلم وقدرت عليه فيجب عليك أن تقوم بهذا النوع من الجهاد لأنه متعين.
ولكننا الآن لسنا بصدد استعراض وجوب الجهاد الفردي لقول الله تعالى ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشج تنكيلا) ( النساء 84) ، ولعل من أفضل ما قرأت في هذا الموضوع( الجهاد الفردي أصوله وطريقة عمله) بيان حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) الذي نزل هذه الفترة في الساحة.
هذا البيان يهتم بالجانب الذي نحن لسنا الآن بصدده أي جانب الجهاد الفردي وكيف يكون هذا الجهاد ؟ فيمكن للإنسان أن يسقط هذه الفريضة فرديا في حالات معينة تكو واجبة عليه وهذا موجود وممكن، أما الآن فنحن بصدد الجهاد بصورته الجماعية فهو عادة جماعية في الإسلام.
لأنه هناك عبادات جماعية مثل الإسلام والنوافل والصيام والحج وصلاة العيد وصلاة الجمعة فهذه عبادات جماعية، فالجهاد عبادة جماعية ويؤدى في جماعة وهذه الجماعة يكون عليها أمير وبينها اتفاق على منهج معين.
نعود إلى القضية الأفغانية التي كانت قضية عامة ولم يختلف فيها أحد فالشيوعيون في طرف والمسلمون في طرف آخر ونحن جئنا ننصر هذا الجهاد الأفغاني، فالمسألة إذن بسيطة وليست معقدة ولا يحتاج إلى تفصيلات .
اجتمع عليه كثير من الناس، هؤلاء الناس منهم من جاء بفكر أبيض أي ليس له فكرة عن جماعة أو عمل تنظيمي رجل سمع بالجهاد فجاء إلى ذلك ، وأناس في أذهانهم خلفيات أخرى ذو أصول تبليغية أو إخوانية أو سلفية أو صوفية أو جهادية أو غيرها مما ازدحم ساحة العمل الإسلامي.
فتجمع هؤلاء الناس في صورة خليط لن يمكنهم قطعا وأبدا من أن يكونوا جماعة واحدة لأنه عندما تتشكل مثلا حكومة انتقالية وتصرح بأنها تريد إنشاء دولة ديمقراطية في أفغانستان تجد الساحة مباشرة صارت فيها خلخلة ضخمة ، فئة يعتبر الديمقراطية عملا عاديا أي وسيلة للوصول إلى الحكم الإسلامي إذا كان أصوله من الإخوان المسلمين ، وإذا كان الرجل تفكيره سلفي أو جهادي يرى أنه كبيرة.
يخرج هذا التجمع كله من دين الله، ولست بصدد الصواب والخطأ في هذه القضية ولكني أقول إن وجود أكثر من فكرة أو طريقة أو منهج يؤدي إلى تفكك الجماعة عند أي معضلة يتعرض لها الجماعة أو أي قفزة، بوجود صح أو خطأ ويجوز أو لا يجوز، والسبب أن هؤلاء الناس التقول على غير منهج فأهمية هذا الأمر يجب أن تكون قبل أن تحصل التنظيمات.
يعني ينهض رجل من الأمة مثل حن البنا أو سيد قطب يطرح منهجا أو فكرا هذا الفكر يلقي رواجا عند مجموعة من الناس الأكفاء الكوادر وعندهم طاقات كافية، فيقرروا أن يؤسسوا عملا فتنشأ قيادة لهذا العمل .
الحالة النموذجية أن يكون القائد الذي يريد أن يبني هذا العمل هو الذي أبدع هذا الفكر فهذه هي الحالة النموذجية وهى الحالة التي تمت في الدعوات والرسالات نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بدعوة ودين ومنهج كامل وقاد دعوته بنفسه وأشرف على بناءه فتقض به كفرا كاملا وأقام دولة ولم يتوفى عليه الصلاة والسلام إلا وأركانها الأساسية قائمة وهذه هي الحالة الأولى.
أما الحالة الثانية فهي حالة موسى عليه السلام جاء بدين وتشريع في عصره وكان متكاملا على مستوى بني إسرائيل وقادهم في حروب وكانوا يتقدمون في طريقهم لأن يقيموا دولة في الأرض التي كتبها الله لهم والتي لم يدخلوها وإلى آخر القصة.
وقد تأتي القيادة بعد وجود المنهج فإذا جاءت قيادة تريد أن تقوم بعمل وهذا يمكن أن تحصل في ظروف غير نموذجية فهذه القيادة تتخير من المناهج التي تحت أيديها منهجا وفكرا، فيمكن للقيادة أن تسبق المنهج أو للمنهج أن يبدع من قبل هذه القيادة ولكن يبقى هذان العاملان قريبان جدا من بعضها.
فمثلا كارل ماركس عليه لعنة اله أتى بالفكر الشيوعي وبعد عدة سنوات جاء رجل ملعون آخر اسمه فلاديمير لينين وحقق لهذا الفكر قيادة وأقام به دولة، وهتلر جاء هو بنفسه بالفكر النازي ونظره وأبدعه ومن الكتب التي أنصحكم بقراءته كتاب ( كفاحي) تأليف أدولف هتلر نفسه، هذا الرجل يضع كثيرا من أسس ومقومات بناء التنظيم في كتابه هذا لأنه يشرح كفاحه لإقامة النظرية النازية، أو الشباب الألماني الذي سماه.
فهو الذي أبدع الفكرة وهو الذي قلم على تأسيس الشباب الألماني النازي ، وهو الذي حقق هذه الدولة فهذه السنة تحصل عند المؤمنين وعند الكافرين سنة طبيعية أنه كل تجمع حتى يتماسك يجب أن يكون له فكر ومنهج وغياب هذه النقطة يجعل هذا التجمع ركاما من الناس لا يلبث أن يتخامل عند أول أزمة تحصل بسبب فكري.
نحن مع الإخوان المسلمين لما كنا نعمل في القضية السورية ضمن تنظيم الإخوان المسلمين لأنهم هم الذين ابتلعوا الساحة نتيجة لقدراتهم المادية التي طرحوها، أنا كنت جهاديا وكنت أعمل في الطليعة.
والآخر كان أصلا من الإخوان وآخر كان من الشارع تحمس للجهاد فجاء ودخل واستوعب في الحركة فصرنا خليطا ، فلما كان الجهاد لم ينتبه أحد لهذه المسألة، في مرحلة من مراحل الجهاد قال الإخوان المسلمين سنعمل تحالفا وطنيا مع الأحزاب العلمانية، كيف تعملون تحال وطني؟
قالوا نحن يجب أن يكون لنا وجهة علمانية حتى لا نرعب الشرق والغرب والقوى العظمى وحتى يقبلوا إسلامنا، فبالوجه الإسلامي لا يقبلوننا وهم بهذا يرون أنهم يحسنون صنعا، نفترض أنه هناك إخلاص في ذلك جدلا ولكنهم أخذوا في قضية هي مجال تضارب فانشطرت القواعد مباشرة فالذي كان جهاديا ترك وخرج ونحن اعتبرنا هذا الكلام نقض للبيعة ونقض للمنهج والسير بخطى حثيثة نحو الكفر الواضح، الإخوانيون وجدوا أن القيادة فيها علماء والعلماء يفتون وهم ليس لهم علاقة بهذا الموضوع والناس العاديون حسب تأثراتهم وإلى آخر، فهناك أكثر من مثال نستطيع أن نضربه.
وكمثال آخر عندما طرح موضوع الحاكمية في السعودية وجدنا أن تنظيمات كثيرة مثل القاعدة تخلخلت جدا والسبب في ذلك أن هذه الجماعات ليست لها فكر ومنهج واضح والله أعلم.
ثانيا القيادة
ننتقل غلى النقطة الأخرى وهي موضوع القيادة، وهو موضوع بديهي ، سنة من سنن الله ليس في البشر وحسب بل وفي الحيوانات أيضا وفي الطيور فإذا اجتمعت نجد أن لها رأسا عندها تطير في السماء يقودها ويوجهها وأينما يطير يلحق به كل الفريق فهذا من سنن الله في هذا الخلق .
فكما قال الشاعر: لا يصلح الناس فوضى لا سرات لهم، فلا يصلح كذلك قاعدة دون قيادة حتى أن علماء السياسة الشرعية طرحوا شيئا لم يكن موجودا أصلا، بل اخترعوه من قبل أنفسهم وهو موضوع صحة إمارة المتغلب بسيفه، يعني إذا كان الناس ليس لهم إمام وقام رجل ذو شوكة وجعل من نفسه إماما فقالوا بصحة هذه الإمامة ، فالذي يقرأ كتب ( السياسة الشرعية) لابن تيمية ، و ( الطرق الحكمية) لابن القيم، و ( الأحكام السلطانية) للماوردي و ( الأحكام السلطانية) للفراء وكتاب الجويني ( رياسة الأمم) .
هذه الكتب الأمهات، فيها معظم السياسة الشرعية الذي استقر عليها الدين الإسلامي فمن الوجهة السياسية للدين قبلوا شيئا اسمه إمارة المتغلب بسيفه يعني أن الأصل أن تكون الخلافة شورى بين المسلمين فإذا لم تكن شورى تكون وراثة.
وقد قبلها التابعون على شرط أن تكون بالحكم بما أنزل الله ، مثلا معاوية ورث ابنه ورث ابنه الآخر، هذا الكلام مخترع وأحدث أزمة في التاريخ ولكنهم قبلوه بشرط الحكم بما أنزل الله ، فلماذا قبلوا؟ قبلوه حتى لا يحصل هرج ومرج... قبلوه من باب دفع أكبر المفسدتين.
قالوا إن بقاء الناس بلا إمام مفسدة عظيمة، فينتشر النهب والسلب وقطاع الطرق والجرائم والكفر، فدفعا لهذه المفسدة قبلوا مفسدة أخف وهي دخول الحكم الوراثي على الإسلام وهي بدعة أحدثها معاوية بن أبي سفيان ( رضي الله عنه) كما قلنا فهو الذي ابتدع هذا الأمر في الإسلام وكانت وجهة نظره أن يدفع مفسدة الخلاف عند المسلمين.
ومن يريد أن يبرر ويحسن الظن في هذا العمل الذي أقدم عليه معاوية أنه كان غرضه أن لا يقتتل المسلمون مرة أخرى، فما صدقنا أنه تجمع المسلمين على خلافة واحدة، فكيف يتركهم يقتتلون مرة أخرى، أو ربما كان عنده شهوة توريث، والله أعلم به.
ولكن قال أننا ندفع مفسدة أعظم فقط حتى يكون هناك قيادة للمسلمين وليقرأ من شاء كتاب ( العواصم من القواصم) لمؤلفه أبو بكر ابن العربي حيث برر لمعاوية بن أبي سفيان ( رضي الله عنه) بهذا التبرير، لأنه إن لم يأخذ بقضية التوريث كان المرشحون للخلافة عشرة أو اثنا عشر من أولاد الصحابة الكبار.
وهم ( سعيد بن عثمان بن عفان) و ( عبد الله بن الزبير بن العوام) والآخرين وهناك أسماء لامعة سوف يقولون بفجور وفسوق ( يزيد) والذي تجمع عليه أهل السنة فضلا عن الشيعة وغيرهم من الطوائف ولكن الجيش والشوكة بيد يزيد( جيش بني أمية) فيستطيع أن يفرض سطوته وينهي هذه المشكلة.
فقبلوا هذه المفسدة حتى يكون للمسلمين قيادة تدفع عنهم مشكلة الاختلاف، وقبلوا شيئا آخر وهو أبعد عن التصور الإسلامي وهو إمارة المتغلب بسيفه حيث تضطرب الأمور في الدولة التي تكون بعيدة عن مركز الخلافة فقامت مثلا دولة الأغالبة ودولة الحمدانية ودولة الأيالمة ودول كثيرة أخرى، وكلها قامت على المتغلب بسيفه.
فربما الرجل الذي هو ذو شوكة في عشيرته وأهله يسيطر على مكان ويحكم بما أنزل الله ولم يخرج أحد منهم بالحكم بما أنزل الله ولكن أراد أن يكون الدولة له ولأولاده، حتى أن صلاح الدين وهو ملك من أصلح ملوك المسلمين لما توفي كانت من المصائب التي حدثت بعد وفاته أنه قسم مملكته بين أولاده الأربعة أخذ ( الملك كامل) مصر و ( نجم الدين أيوب) أخذ الشام والآخر أخذ جنوب الأردن وإلى آخره وحصلت مفسدة.
وهذه المفسدة أدت غلى سقوط بيت المقدس بعد 27 سنة فقط من فتحه، يعني أن صلاح الدين فتح بيت المقدس وتوفي في نهاية العام ولما قسم الدولة بين أولاده الأربعة عاد الضعف والاقتتال لم سلم أحد أولاده ( أو بالأحرى أهدى ) بيت المقدس للصليبيين هدية حيث ينصرونه على أخيه ، فهذه المفاسد كلها قبلت، تصور ذلك لأن مفسدة عدم وجود القيادة أعظم وبوجود القيادة يستقر الأمن وتضبط الأمور.
إن موضوع وجود القيادة أمر جوهري وأساسي ومن سنن الله في هذه الحياة، ونقول كثير من التجمعات تغفل عن موضوع المنهج ولا تعيرها أهمية، أنا سمعت هنا من أناس مشرفين على جماعات جهادية كبيرة، يقولون ما هي أهمية الفكر والمنهج، ويقولون أنتم تقولون فكر ومنهج .. فكر ومنهج، أما نحن فلا نرى أهمية للفكر والمنهج فنحن نجتمع على الجهاد وانتهى... ولكن لم ينكر أحد أهمية القيادة حتى من أنكر المنهج.
ولكن الناس يختلفون في تفسير ههذ القيادة، فهناك بعض من الجماعات يظن أن القيادة هي الأمير فقط ( يعني تجمع له أمير والناس يبايعونه على السمع والطاعة وانتهى) القيادة ليست أميرا فق بل القيادة ثلاثة عناصر يجب أن تحصل مجتمعة، أولا: وجود أمير .
وثانيا : وجود قيادة حول هذا الأمير، وثالثا: وجود طريقة لاتخاذ القرار بين الأمير وقيادته هذه الطريقة نحن نسميها بالشورى.
إذن أمير ثم قيادة ثم طريقة لاتخاذ القرار بصورة معينة، نحن لا يمكننا الآن أن نعمل على طريقة ( جنكيز خان) كان عنده ربع مليون مقاتل، يأمرهم وينهاهم كيفما أراد.
بغض النظر عن الكفر والإسلام( وعلى طريقة فرعون عنده ناس وانتهى) أو على طريقة الخلفاء والملوك الأولين رجل يأمر وينهى وانتهى ، لأنه في العصر القديم ما كانت الأمور تعقدت وتشعبت بهذه الطريقة فقد كان الناس يسمعون ويطيعون ويلتقون على هذا المنوال.
ولكن حتى أولئك الملوك والخلفاء كانت لديهم طريقة للقيادة، فالرسول عليه الصلاة والسلام كان أهل شوراه المهاجرين والأنصار في غزوة _ بدر) ، أما عمر ( رضي الله عنه) قال إن الرأي لأهل المدينة من المهاجرين والأنصار، والأعراب بعد ذلك لهم تبع.
يعني الأعراب لهم علاقة بمسألة الحكم فلا يذهب كل واحد في إعلان رأيه بالتصويت ليقول في المسألة صح أو خطأ .
لذا فعندما بدأت حروب الردة لم يذهبوا لعمل استفتاء على مستوى البوادي والأعراب أيقاتلون المرتدين أم لا، فلا نجد أحدا طرح هذا الكلام ومع ذلك فالخليفة أبو بكر ( رضي الله عنه) اتخذ القرار بنفسه ولكن قبل تقرير القرار عرض الأمر على وجوه القوم فعرضه على المهاجرين والأنصار، فوافق بعض القوم، أما أكثر الصحابة لم يوافقوا الرأي ومنهم عمر، فأبو بكر اتخذ القرار وخالف إجماع الصحابة.
وهذا صحيح وهذا من ديننا ( ولكن الشورى حصلت هذه الشورى فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعلها الخلفاء الراشدون) وعبر التاريخ الإسلامي كله كان هناك أمير وقيادة وطريقة لاتخاذ القرار.
أما الآن فنجد في كثير من التجمعات الإسلامية أمير الجماعة يتخذ القرار وانتهى، فهذه من وجهة النظر الشرعية صحيحة وليست عليها غبار لأن موضوع الشورى في الإسلام له ثلاثة وجوه وجهين شرعيين ووجه بدعي دخل في الإسلام وهو وجه محدث، أما الوجهين الشرعيين.
فالأول يقول: وهذا ورد فى كتاب ( العمدة في إعداد العدة) لصاحبه الشيخ عبد القادر عبد العزيز والرأي الذي تبناه، أن الشورى مستحبة للإمام وغير واجبة عليه أى مندوبة، أي إذا شاء فعلها وإن لم يفعلها ليس عليه شيء ولا لأحد حق في محاكمته بقوله لماذا لم تقم بالشورى؟ أو لماذا اتخذت القرار بصورة فردية.
والوجه الثاني، إن الشورى واجبة على الأمير الذي لا يستشير أهل العلم والدين والكفاية يعزل فهذان الرأيان موجودان في الشريعة الإسلامية والرأي الأول هو رأي الجمهور نقل بن تيمية بأنه رأي الجمهور أي أن الشورى للأمير مستحبة وليست واجبة ولكن في نهاية المطاف هو الذي يقرر، الرأي الآخر يقول يجب أن يستشير الأمير فهو ملزم بالشورى فإذا دأب على أن لا يستشير باستمرار يعزل.
ولكن حتى جماعة الرأي الأول من الناحية العملية فاءوا إلى رأي الجماعة الثانية ( فنقلوا رأى الجمهور بأنها مندوبة ومستحبة) ولكن قالوا دأب الصالحين من الخلفاء والعظام من الملوك والأمراء ومن لا يستشير أهل العلم والكفاية يصل إلى فشل، في النهاية هم أخذوها، فمن الناحية الشرعية هل لنا أن نخرج على الأمير ونقول له أنت لا تستشير إذا نعزلك؟
رأي الجمهور الذي نقله ابن تيمية هي لا ، لأن الشورى مستحبة للأمير ويجب أن يفعلها من باب الخير وليس من باب الاضطرار ولكن في النهاية ليست ملزمة فهو يقرر ما يراه صحيحا.
الرأى الأخير يقول بأن الشورى واجبة على الأمير فيجب أن يفعلها ولكن رأي الشورى غير ملزمة له، أما الرأي الثالث المحدث الذي دخل على الإسلام في الثلاثينيات أو الأربعينيات وهو أن الشورى لازمة للأمير وملزمة بالنتيجة هذا الرأي يفرض على الأمير أن يأخذ بالأكثرية فتجد في القيادة (24) شخص يجتمعون كلهم لإبداء الرأي في مسألة ما، مثلا هل نحارب أو لا ؟ هل تقوم بهذه العملية أو لا تقوم بها؟
فنرى أن البعض يقول (نعم) والآخر يقول ( لا ) فمثلا نجد أن (15) صوتا يقول (نعم) و (9) يقولون (لا) . فيقول الأمير إذن الحق مع (15) وهو ملزم لنا بنص من النظام الداخلي حيث يلتزم الأمير بالأكثرية، ومعظم الإخوان المسلمين على هذا الفكر وأيضا معظم الحركات الإسلامية الأخرى وحتى كثير من الحركات الجهاد ية نفسها وأنا نفسي تعرفت على حركات جهادية هنا في الساحة قلما سألتهم كيف نظام الشورى عندكم ؟
قالوا الشورى ملزمة فاستغربت وقلت سبحان الله ، أولا: الأخذ بالشورى الملزمة هي بدعة ، فهو مخالف لما اتفق عليه رأي الجمهور، وهي أيضا من الناحية العسكرية فاشلة ومن الناحية الواقعية أيضا فاشلة، فيمكن لدول مستقرة أن يجتمع الوزراء فيها ويتخذوا قرارا سياسيا بالأكثرية هذا ممكن.
وإن خالف الشريعة فليس له خطورة كبيرة ولكن بالنسبة إلى جماعة جهادية تريد أن تقدم على حرب وقتال وقرارات سريعة وذات طابع سري وبعض الأعضاء يعرف جانبا من العمل والبعض الآخر لا يعرف، كيف سيصوتون؟ أنت عندك خلايا، خلية واحدة في الشمال والآخر في الجنوب.
ومسئول مكشوف ومسئول غير مكشوف، وهذا يعرف الآخر وهذا لا يعرف، كيف تحقق بهم شورى ملزمة؟ وهذا الكلام فضلا على أنه ليس شرعيا بل بدعي، فهو أيضا فاشل عند الفريقين الذين اخترعوا الديمقراطية بأنفسهم.
فالديمقراطية نظام وجد على أيدي الإغريق القدماء ثم أخذه الرومان وطوروه وقننوه، والنظام الديمقراطي الآن عبارة عن نسخة – تقريبا- طبق الأصل عن النظام الروماني- والآن الغرب يتجمع لإعادة الديمقراطية الرومانية تحت اسم أوربا الموحدة الفدرالية- وقد فشل على صعيد إدارة الناس، وهو أخف فشلا منه في حالة العمل العسكري، حتى أن أحد جنرالات الحرب العالمية الثانية أظنه الجنرال ( ديغول) قال: ( أسوأ الطرق لاتخاذ القرار العسكري هو الديمقراطية) والرجل فرنسي ووليد الحضارة الديمقراطية ويصدر منه هذا الكلام .
ولما حصل غزو الحلفاء على ألمانيا(برلين) بقيادة ( ايزنهاور) وهجوم النورمندي وجد أن هيئة أركان الدول الأوربية التي تدير الحرب العالمية الثانية يتألف من (400) جنرال يعني مجلس الحرب الأوربي الذي يواجه هتلر يتألف من (400) جنرال.
في الوقت الذي كان يتألف المجلس الحربي لهتلر من (5) أشخاص ويقود كل هذا الحرب ضد الحلفاء، وكانت خطة أو طريقة ناجحة جدا وقدر الله رحمة بعباده فأفشله، وأعداءه كان عندهم مجلس أركان من (400) جنرال فتصور وجود (400) جنرال من عدة دول إذا اجتمعوا في مجلس كيف سيصدروا القرار وما هي سرعة هذا القرار .
فلما جاء ( ايزنهاور) قام بحل هيئة الأركان ههذ وأخذ لنفسه غرفة لقيادة العمليات متكونة من ثمانية جنرالات، وقاد الحرب وحسم المسألة في عدة شهور، فواضح حتى لو أردنا أن نستأنس بتجربة الديمقراطيين أنفسهم نجدهم لا يأخذون بالمنهج الديمقراطي في الحالات العسكرية، ونحن جئنا حتى نقوم بعمل جهادي فدخلت علينا هذه البدعة، بدعة أن الأمير يجب أن يشاور وملزم بنتيجة الشورى.
فارجع إلى المسألة بعد هذا التفصيل وأقول بأن القيادة عبارة عن أمير وقيادة ( أعضاء الشورى) وطريقة لاتخاذ القرار التي هي الشورى، وللجماعات الإسلامية أن تتراوح بين هذين الرأيين أولا: أنها مستحبة وغير ملزمة.
وثانيا: أنها واجبة وغير ملزمة، وأنا شخصيا أميل للرأي الثاني وإن لم يكن رأي الجمهور لأننا ليست لدينا الآن أمراء يستكملون صفات الخلفاء، الخليفة في الأصل أنه مجتهد ومستكمل لشروط الأمانة والكفاية وسلامة الحواس وغيره من الشروط، فليس لدينا الآن أمراء على مستوى الاجتهاد حتى نقول أنه يتخذ قرارا ولا يستشير أصلا..
فأنا أظن أن كل أمراء الجماعات الجهاد ية ليسوا أهلا لأن يتخذوا قرارا بدون شورى، ومن ناحية أخرى أن الحياة بتعقدها أصبحت فيها اختصاصات أصبح من المتعذر على الرجل الواحد أن يلم بكل هذه الاختصاصات فلابد له أن يستشير.
فعلى الأقل أن يكون له ثلاث أو أربع دوائر للشورى الشرعية لأنه ليس بنفسه عالما مطلقا مجتهدا، فلنأتي بمثل مثل أبو عبد الله أو الشيخ عبد الله أو عبد المعز وأبو طلال القاسمى.. أو غيرهم، فليس فيهم مجتهد مطلق بنفسه حتى نقول أنه لا يستشير أهل العلم .
النقطة الأخرى في الشورى السياسية فهو ليس بذاته ذلك الفرد المبدع سياسيا والمنظر العظيم حتى لا يكون له شورى سياسية، فيجب أن يكون عنده شورى سياسية.
النقطة الثالثة في الشورى العسكرية فإنه ليس بذاته جنرال عسكري خريج أكاديمية عسكرية حتى لا تغيب عنه شاردة أو واردة في الأمور العسكرية، لهذه يجب أن يكون عنده مسئول عسكري. النقطة الرابعة والتي يغفل عنها الجميع والتي أراها مهمة جدا وهي الشورى الإدارية التنظيمية فلو سألت إحدى الجماعات وقلت له ما هي الشورى عندك؟
يقول الشورى السياسية والشورى العسكرية، وهذا جميل ورائع إن وجد ولكن في نقطة الإدارة والتنظيم تجد أنه ليس لديه شورى، إن هذه الكلمة ( الإدارة) أصبحت اختصاصات تدرس في الجامعات سنوات طويلة وأيضا عملية تنظيم الوقت وتنظيم الإدارات، فكيف بنا نحن نريد أن نواجه دولا ونحطم حضارات ونقيم بدل الكفر إيمانا ومع هذا نقول تعمل بلا إدارة أصلا، فمثلا تأتي وتسأل من هو مسئول التسليح؟
فنرى أنه ليس هناك مسئول تسليح ونحن ذاهبون للجبهة ، فاليوم الأمير يبعث بهذا ليسلح الجماعة وليس له مخطط للتسليح، ونضرب مثالا على سبيل الاستفادة، الذي كان يدخر الجبهة من سنتين كان ( أبو عنتر) يذخر جلال آباد فقدر الله أن أبو عنتر قتل حيث رمي بصاروخ فقتل، فكيف تريد أن تدخر جلال آباد؟
فما من أحد خطط بأن يكون هناك فريق يسد هذه الثغرة ، لذلك تجد شاب يود أن يصرف له حذاء أو بطانية فيأتي ( أبو عاصم) .
فيضرب الباب حتى يصرف له بطانية أو حذاء، يا أخي سوف تنحل القضية بمسئول الخدمات، فمسئول الخدمات هو الذي يحل هذه القضايا ، أنا كنت مع أبي عبيدة مرة في قضية مهمة جدا وحاسمة وعندنا اجتماع حول ذلك فطلع علينا رجل جزائري جزاه الله خيرا فقلنا له ماذا تريد؟ فقال : أنا أريد أبو عبيدة .
فجاءه أبو عبيدة ثم عاد وهو يضحك، قلت له : ماذا هناك؟ فقال : ان الأخ يريد أن يتزوج، قطع علينا الاجتماع لأنه يريد أن يتزوج فقلت له أنت مسئول عن الزواج أو شيء آخر؟
فقال والله لا أدري الأخ يريد أن أتوسط له في مسالة زواجه. فلو كنا تنظيم كبير فلابد من وجود مسئول الشئون الاجتماعية لحل ههذ القضايا فيزوج ويطلق، فموضوع الشورى الإدارية غير متوفرة لهؤلاء القادة نهائيا بل إنهم يعتبرونها قضية سخيفة ويعتقدون أنهم قادرون على حل كل هذه القضايا .
فنجد أن قرارات خطيرة جدا لها بعد شرعي وبعد سياسي وبعد عسكري وبعد إداري يتخذها شخص واحدا. فيا أخي هذا الشخص ليس هو المهدي المنتظر ولا عنده هذه العبقريات كائنا ما كان التنظيم وكائنا ما كان الأمير.
لذلك فأنا أ{ى والله أعلم لهذين السببين : عدم وجود كفاية في الأمراء وتعقد الحياة وتشعبها، إن الرأي الأصلح لنا وهو رأي شرعي هو رأي ابن عطية، ( وهو أن الشورى واجبة على الأمير وإن خالفنا الجمهور في هذه المسألة لمخالفة العصر نفسه والنتيجة نفسها مضمونة وهي أن الأمير ليس واجبا عليه الالتزام برأي هذه الشورى فنتفق مع الجمهور في هذه النقطة) إنه أنت يا أخي يا أمير قرر ولكن استشر أولا.
فالقيادة هي الأمير وأعضاء القيادة ثم الشورى، ويتفقوا فيما بينهم على طريقة لاتخاذ القرار، وطريقة الاجتماع هنا يولد شيئا اسمه ( النظام الدالي للجماعة) وهي مجموعة اللوائح التنظيمية التي تحدد طبيعة العلاقة بين القائد وبين المقود، وتبين حقوق الآخرين وتفريغ الأعضاء والرواتب وكل هذه الأمور المتشعبة تسمى اللوائح التنظيمية والنظام الداخلي.
ثالثا البنية الاقتصادية
وهي وجود أموال، فيجب أن يكون لهذا التجمع أموال حتى تتخلص من طريقة ( مجاهد شحاذ) الذي يطلب حقه، فتلقائيا ترى هذا التجمع يصمم على أن تنظيمه يجب أن يكون له علاقة بالخليج حتى يحصل على المال الكافي من أهل الخليج لكي يجاهد.
فكل التنظيمات الجهاد ية قامت على هذه الطريقة، وأنا وإن استخدمت هذه الكلمة الكبيرة فلأنها حقيقة ولأنه في النهاية ربط المجاهد الشحاذ مصير تنظيمه بالممولين، وهذه أفضل صورة للتمويل لأن الممولين مسلمون.
الصورة الأخرى للتمويل هي ربط مصير التنظيم بدول علمانية كافرة، وبأنظمة مرتدة ومعادية، وبتجمعات ليس لها علاقة بالإسلام، فمثلا نجد هذا الرجل يأخذ تمويله من ( ياسر عرفات) فلو أخذه من صالحي أهل الخليج لكان أحسن مائة مرة ، لأنه على الأقل هؤلاء الناس يعطونك على قدر طاقاتهم ولما ينتهوا يقولون لك ( حسبنا الله ونعم الوكيل) ، ثم أنه عندما تأتي لتؤسس حركة ما.
نرى أن الله سبحانه وتعالى يقول ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) ( العنكبوت 69) والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( وجعل رزقي تحت ظل رمحي) رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح) فالجهاد بحد ذاته إذا حكمت الخطة، يأتي بأموال كثيرة ومن المسلمين من يتحمس لمساعدة هذا الجهاد فيقوم بالإنفاق عليه، ولكن يجب عليك أنت أن تحدد وتفرض طريقة الأخذ ولا تبقى العنصر الأضعف في القضية.
ويجب أن يكون عندك مخطط لتتخلص من هذه الطريقة، طبعا أنت تغنم مغانم من العدو، فتستطيع أن تسلب وتستطيع أن تسطو ويكون هذا جزء من العمل وجزء من التمويل وتستطيع أن تأخذ من المسلمين الذين يريدون أن يجاهدوا .
والقرآن الكريم حض المسلمين في عشر آيات قارن فيها الجهاد بالمال والنفس وقدم الأموال على الأنفس في تسع من هذه الآيات العشر وفي آية واحدة فقط قدم النفس على المال لأهمية موضوع التمويل، ولكن القيادة لما يكون عندها مخطط وفي جزء من المخطط المالي في حسبانها أن تستثمر ههذ الأموال وتسخرها وصولا لمرحلة ( الاستقلال المالي) فلو استعرضنا القضية الأفغانية التي جاءتها مليارات الدولارات كانت دائما تصرف فيما يرضي الله وفيما لا يرضي الله أولا بأول.
فلو هؤلاء الناس شدوا حزامهم ووجدوا لهم استثمارات تجارية سواء على الأراضي الإسلامية أو الغربية أين ما كان، لكانوا وصلوا إلى مرحلة لو قطع عنهم الأموال لكانت عندهم استثماراتهم ومؤسساتهم المالية الخاصة بهم.
ولذلك أقول بأن مصادر التمويل هي من المحسنين المسلمين، وكذلك هي مما تغنمه منم العدو وأيضا هي مما يتبرع به الأعضاء أنفسهم، مثلا الجماعة الإسلامية يقولون أنهم يجبون حوالي ( 40) ألف أو (50) ألف أو (100) ألف جنيه مصر ي في المظاهرة الواحدة، حسنا مظاهرة واحدة من هذه المظاهرات إذا استمرت لمدة أسبوع وكان عددهم مائة ألف شخص فإنهم سيحصلون على مائة ألف جنيه، والجنيه لا يعجز إنسانا في مصر .
فإننا في مرة من المرات التقيت بالشيخ ( محمد سرور زين العابدين) فتحدثت معه عن قضية التمويل قال: لو كان عندنا ألف عنصر- وهذه طريقة سليمة- فلو قلنا لكل شخص يا أخي أنت أجلب لنا ألف دولار فيستطيع أن يستدين ألف دولار من اين ما كان وبأيه طريقة إذا لم يكن يملكه، ومعظم الناس الذين يعملون في أوربا يعتبرون مبلغ ( 1000) ألف دولار مبلغا طبيعيا وعاديا.
فأنا عدي ألف عنصر لو أعطاني كل واحد ألف دولار يصبح لكل واحد منهم مساهمة ويربح منها أموال مساهمة في مؤسسة تجارية، فلو تبرع كل واحد بألف دولار، وحاصل ضرب ألف في ألف يساوى مليون دولار، وبهذا المبلغ تستطيع أن تقوم بمشروع لا يقل ربحه السنوي في العام التجاري والله أعلم عن ربع مليون دولار سنويا ونسبة الأرباح التجارية في الاستثمارات عموما ما بين 20 – 25 % سنويا.
فأصبح عندك ربح مليون دولار هذا المبلغ يغطي مصاريف أكبر تنظيم جهادي فأقول والله أعلم من خلال المصائب التي نزلت بنا أثناء الجهاد في سوريا رايت أن الحل الوحيد هي أن تجمع الأموال من مصادرها ويكون لك منظمة تجارية تمشي بجانب منظمتك العسكرية، يعني عندك بعض الأعضاء المجاهدين، هذا مختص في المدافع وذاك مختص في الدبابات والثالث عمله الاغتيالات وهذا عمله التجارة..
فيجب أن يكون عندك أعضاء تكون وظيفتهم في التنظيم تجارا وهؤلاء التجار يجب أن يأخذوا حصة معينة بموجب نظام المضاربة، أو أن يأخذوا راتبا ثابتا ليس له علاقة بالأرباح ويعتبر نفسه على ثغرة من ثغرات الجهاد .
وهي الثغرة المالية وهي من أهم الثغرات على الإطلاق أهم من العمل العسكري نفسه لماذا؟ لأنه في لحظة من اللحظات يتساقط بناءك التنظيمي قطعة وراء قطعة نتيجة أن الممولين قطعوا تمويلهم أو غيروا رأيهم أو لم يبق عندهم مال فـ ( أبو عبد الله ) – جزاه الله خيرا- واحد من ألمع الممولين الذين مولوا حركات الجهاد .
فعندما كان عنده أموال كان فاتحا يديه بالعرض بطريق صح أو خطأ فلما جاءت حرب الخليج وكان ظرفا قاهرا خارجا عن إرادته انخفضت مستواه المالي، فكل الناس الذين كانوا قد بنوا تنظيماتهم وأعمالهم على تمويل هذا الرجل أو على تمويل تجار آخرين من الخليج خسروا كثيرا، وهذا الرجل لم يقطع عليهم المال قصدا أو عمدا- وهذه قناعتي وهذا ما أعرفه- فالحصار الذي حصل ضرب مستوى الاستثمارات في الجزيرة.
والمخابرات السعودية بدأت تضغط على التجار حتى يحددوا مصادر تبرعاتهم لأفغانستان عن طريق الأمير المجرم ( سلمان) لأنه هو الذي يتلقى التبرعات الذاهبة غلى أفغانستان وكان هناك حساب مصر في باسم حساب ( سلمان) والمخابرات تأتي إليك وأنت تاجر فتقول لك أنت تريد أن تدفع لأفغانستان ؟
هذا حساب واضح جاري فتحاول بذلك خنق مصادر التبرعات التي هي ليست مضبوطة. فبدأت هذه الأموال تأتي للمخابرات السعودية بطريقة يحقق بها حرب الله ورسوله في هذا البلد وبالمختصر حجمت هذه الأموال التي كانت جزء منها يتسرب عن طريق هذه العلاقات.
واختصارا أقول: إن موضوع الأموال ركن أساسي، وجعلناه الركن الثالث من مقومات التنظيم فالتنظيم الذي ليس لديه سياسة مالية مستقلة سينحل أو يباع ويشترى وهذا بحث موجود في المذكرة السورية الذي لعلكم قرأتموه أو اطلعتم عليه، مبحوث باستفاضة .
وضربنا مثالا بالجهاد الذي حصل في سوريا فبدأ الجهاد كما بدأ الجهاد الأفغاني بأسلحة مستعرة من بعض المهربين للمخدرات يعني من تجار المخدرات استعرنا مسدسا أو مسدسين وذهبنا ونفذنا عملية وأخذنا أسلحة الذين قتلناهم وأرجعنا تلك الأسلحة غلى أصحابها فبدأنا شيئا فشيئا فبدأت الأمور بهذا الشكل حتى أصبح العمل ضخما وصار مصاريفه باليوم ملايين الليرات فاستغل الجهاد نوعين من الناس .
النوع الأول : الإخوان المسلمون بالدرجة الأولى ونفرض أنهم مسلمون فالناس دفعوا تبرعات بدون أي قيد أو شرط وكانوا يجمعون المال حتى في مساجد مصر ويرسلونه غلى الساحة.
أما النوع الثاني: فهو العراق وهي دولة علمانية كافرة لها مآرب في الصراع مع حافظ الأسد فبدأت ترسل معونات دون قيد أو شرط وبعد فترة رأينا أن الإخوان المسلمين أرسلوا إلى المجاهدين في الداخل أمرا وليس طلبا أو عرضا بل أرسلوا أمرا، بأنه يجب أن تكونوا تابعين لقيادتنا في الخارج أنتم قيادة عسكرية ونحن قيادة سياسية ويجب على القيادة العسكرية أن تتبع القيادة السياسية .
وهذا الكلام مستعرض باستفاضة في المذكرة السورية، فهؤلاء الناس قالوا: القيادة لنا فقلنا لكم القيادة السياسية ولنا القيادة العسكرية فما وافقوا قم قاموا بقطع الأموال، قطعوها فجأة وليست بصورة متدرجة فبعد أن كان يصل إلينا 6-7 مليون ليرة في الشهر أصبح لا يصل إلينا ولا ليرة واحدة فنتيجة لذلك تغير وضع مئات المجاهدين وبالذات في مدينة حلب التي كانت حاوية لمعظم العمل الجهاد ي.
فقتل المجاهدين أكثر من ( 600) مجاهد من خيرة الكوادر العسكرية المدربة لأنهم لم يجدوا مأوى تؤويهم ولم يجدوا السلاح ولم يجدوا الذخيرة نتيجة القطع المفاجئ للأموال.
فكان المجاهدين ينامون في البساتين والحمامات والمقابر لعدم وجود مكان تؤويهم ففي البداية كنا نكون قاعدة ونضع فيها ثلاثة أو أربعة مجاهدين ولكن بعد القطع أصبحت كل قاعدة تضم حوالي 19- 20 مجاهد فإذا دهمت القاعدة فبدلا من أن يقتل ثلاثة مجاهدين أصبح يقتل (20) عشرين مجاهدا.
فهنا حتى هؤلاء المسلمين ( الإخوان) أرادوا أن يوظفوا عطائهم لصالحهم السياسي، والعراق بشكل أبشع دفعت ودعمت وفي لحظة من اللحظات قالت لنا أنتم يجب أن تنشئوا تحالفا وطنيا بين الإسلاميين والعلمانيين وبالضغط والقناعة والانحراف دخل البعض في التحالف وباعوا الراية كلها من راية إسلامية غلى راية علمانية مرتدة.
اتفقت فيها الإخوان المسلمون والجبهة الإسلامية التي تضم العلماء ومعظمهم متصوفة وحزب البعث التابع للعراق فرع سوريا والناصريون في سوريا والمستقلون من ماسونية سوريا اتفقوا فيما بينهم على إسقاط ( حافظ الأسد) وإقامة نظام دستوري برلماني- وهذا مذكور في المذكرة السورية- يكفل حرية الاعتقاد والتعبير وتأليف الأحزاب، وهذا الكلام الذي نعتبره نحن كفرا اتفق عليه نفس الناس الذين قالوا نحن نجاهد لنقيم دولة إسلامية وكان أحد الأسباب الرئيسية للنكسة وكان سبب الانحراف هذا منهجي أصلا.
يعني الناس الذين نتكلم عنهم لك يكن لديهم منهج، وأحد الأسباب التي كرست هذا الانحراف كان الدعم المالي الذي يأتي من العراق قالوا: نحن من أين لنا السلاح والمال والتكاليف أصبحت باهظة جدا؟
فنرجع ونقول :- والله أعلم – أنه للحصول على هذه الأموال ينبغي أن يكون لك مخطط ولا تعتمد على حجم التبرعات التي تأتيك وهذه نقطة مهمة جدا فإذا جاءتك مائة ألف دولار وتنظيمك مائة شخص، أو قام المتبرع بإعطائك عشرة ملايين دولار لا تقم بجمع عشرة مليون عنصر عندك، لأنك سوف ترتبط بهذا الحجم تماما من المصاريف فإذا صرف المبلغ وانتهى التبرع.
فانظر من أين تطعم الناس وتسلحهم وتحركهم؟ لذلك يجب أن يمتد تنظيمك بحدود ما تملك رسميا من مردود الأموال التي عندك يعني أنا عندي مليون دولار فاستثمر هذا المبلغ فتصبح مردودها مثلا ربع مليون فأنا أعمل تنظيما حجمه ليس بمليون بل بربع مليون، يعني حجم ما تملك حقيقة ولمدى منظور ومعين، فأنا أقول لمدى سنة أو سنتين عندي احتياطي...
فموضوع الأموال يطول وستجدون تفصيلاتها في المذكرة السورية، إذن الركن الثالث في إقامة التنظيمات هو الأموال والتنظيم الذي ليس له سياسة مالية سيجد نفسه إما يباع ويشترى أو أنه يقطع ويتساقط وينهار والعناصر كلها لا تتفهم ظرفك المالي.
العناصر تفهم أنك أمير مغفل أدخلته في أزمة وهو جاء بزوجته وأولاده إلى هنا وفجأة تقول له ليس عندي ما أعطيك الرجل غامر بمصيره ومستقبله وأصبح لا يستطيع أن يرجع لبلده نتيجة دخوله في الجهاد وفجأة تقول له أنا لا أستطيع أن أنفق عليك، ونحن عندما قطعنا كنا تحت راية الإخوان المسلمين قبل الكفر الذي عملوه وكان لنا رواتب شهرية فلما أتوا على هذه المصائب التي عملوها.
كثير من العناصر خرج أنا وغيري فقطعوا حتى المساعدات الشخصية التي كانوا يدفعونها كرواتب لأنه أنت خالفته في هذه الفكرة والمنهج فلم يعطك وثيقة ولم يعطك الأموال ولم يعطك كذا فوجدت نفسك معلقا في الهواء لا تستطيع أن ترجع لبلدك ولا تستطيع أن تعمل ولا تستطيع أن تتحرك ولهذا السبب بدأ شباب مهندسون يبيعون على ( البسطة) الجوارب أو الأقمشة أو الصوف فهذا المهندس أين يعمل؟ ولا أحد يعترف به إذن قضية ألأموال قضية مهمة فلا تدخل نفسك في أزمة دونها فيجب أن يكون لهذا التنظيم مخطط مالي واضح وسياسة مالية معينة.
رابعا وجود الإستراتيجية وبرنامج ومخطط
أما المقوم الرابع في قيام التنظيمات فهو وجود مخطط للعمل العام هي لماذا تجمعنا؟ نريد أن نجاهد ماذا يعني أن نجاهد ما هو مخططنا في هذا الجهاد ؟
عندنا مراحل لبناء الكوادر، مرحلة الإعداد تمتد لعشر سنوات خلال هذه العشر سنوات مثلا هناك تنظيم من دولة ( هنهولو ) في هذه الساحة يوجد (50) عنصرا فيضعون مخططا لجعل الناس يقعدون ويأكلون ويشربون ويخضع هؤلاء الشباب في البيوت لدورات شرعية مثلا لمدة شهر، وبعد هذه الدورات الشرعية يوزعون على الاختصاصات العسكرية ، أنا عملت إحصاء للاختصاصات العسكرية الموجودة هنا في الساحة الأفغانية فوجدت أنها مل بين 20 – 25 اختصاص للأسلحة الخفيفة والمدفعية والمتفجرات وتركيب المتفجرات والاغتيالات وحرب المدن، فأي تنظيم عاقل يضع مخططا لاستكمال هذه العلوم من خلال إرهاصاتها بادية الآن.
فهذا مخطط جزئي لمخططك العام فمثلا أنا في مرحلة بيشاور كتنظيم ماذا سأستفيد منها في الأرشيف حيث أجمع كل البحوث والدراسات المتناثرة في الساحة، فهذا العمل لا يمكن أن تكون اعتباطا أبدا ولا يمكن للأمير كل يوم يقول أنت اذهب واشتري الأغراض وأنت اذهب غلى الجبهة وأنت انزل إلى جلال أباد وتجد نفسك بعد شهرين لم تعمل شيئا ولم تضع مخططا ولم تستفد ورصيدك مجموعة من الشهداء ومجموعة من الجرحى ومجموعة من المشردين فماذا تريد أن تعمل بهؤلاء الناس؟
فإذا ميت على خيط عشوائي لت تصل إلى نتيجة فهذا من زاوية واحدة فقط فما بالك من كل الزوايا، في المذكرة السورية يوجد بحث في الفصل الثالث من الكتاب الأول اسمها ( معطيات المسألة الإستراتيجية) تحدد لك كيف تبني مخططا؟
يعني قبل بناء المخطط أنا جمعت هؤلاء الناس لأي هدف؟ ما هو الهدف من هذه الجماعة؟ فإذا كان الهدف هو إسقاط نظام الحكم في الصومال مثلا وإقامة نظام حكم إسلامي فأول شيء أدرسه القوة التي عندي، العناصر بشرا كانت أم أموالا ومصادرها، اكتبها كتابة كمخطط ثم أدرس العدو عدده، تسلحه، معداته، ارتباطاته الإقليمية ، ثم أدرس واقع البلد ماذا فيها من أحزاب علمانية؟ وماذا فيها من جماعات إسلامية؟ ثم أقوم بعملية تصنيف، هذا معادي، وهذا محايد.
وهذا مناصر، وهذا مني وهذا مؤيد للعدو وليس مني... فأقوم بدراسة لارتباطات العدو ولارتباطاتي بناءا على هذه المعلومات الكثيفة، فإذا كنت سأقاتل على أرض الصومال فما هي طبيعة هذه الأرض؟ ما هي ا لمناطق الصالحة للقتال فيها؟ الجبال أو الغابات أو السهول؟
ما هي مصادر التسليح؟ فأقوم بدراسة شاملة لكل مستلزمات هذه المعركة فأجد نفسي حتى أحصل على الحد الأدنى الذي لا يمكن أن أبدأ بدونه، احتاج إلى سنتين وهنا لا أفكر بطريقة الإخوان المسلمين عندما أجد قوة وعظم العدو أقول أنا بحاجة لسبعين سنة من الإعداد هذا الكلام فارغ لأن العدو لن يجعلك ولن يسمح لك أن تتحرك بهذه الطريقة لأن كثير من مقومات المعركة نفسها تستكمل من خلال المعركة لا تأتي إلا بالمعركة.
يعني كثير من مقومات العمل إذا بدأت المعركة تأتي وإلا فلا وهذا من صميم قول الله تعالى ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلن وإن الله لمع المحسنين ) ( العنكبوت 69) أى سيهديهم سبل التمويل وسبل العمل وسبل النصر وسبل التجميد كلها، فأنت تبدأ ولكن لا تبدأ بشكل بدوي أنت تبدأ وفق مخطط واضح، ثم تضع احتمالات وتبدأ بالعمل .
مثلا إن قتلت ( حسني مبارك) ما هو الظرف الذي سينبني عليه؟
طبعا أحيانا أقوم بالحل لذاتها فإذا قدرت عليه أعمله، ولكن هذا ليس الأصل فالأصل أن أقول أني سأعمل عملية سينبني عليا ظرف هذا الظرف كيف سأستفيد منه لصالحي الخاص؟
كيف ستستفيد منه القوى المعادية؟ ما هي الاختلافات الإسلامية الناجمة منه؟ إلى آخره دراسات منطقية وبديهية ستجدها في دراستك للحركات الجهاد ية، ونحن حاولنا في المذكرة السورية أن نستفيد من هذه الطريقة حتى نعطي مثلا يحرك عقل القاريء فيستفيد من تجربة حصلت عمليا.
فعدم وجود مخطط يجعلك تعمل فوضى والفوضى لا توصل إلى إلى الدمار.
وقد تحقق إنجازات جزئية ولكنك لن تصل غلى نتيجة وهذه من السنن ومن المخطط مثلا وجود جهاز فني يتابع قضايا التكنولوجيا التي أستفيد منها، فبدلا من أن أبعث عشرة مجاهدين في كمين ويقتل ههذ العشرة استخدمهم في عملية متفجرات متطورة فهذه التكنولوجيا أصبحت جزءا عاما من العمل الإسلامي والجهاد ي.
فينبغي أن يكون عندي جهاز فني وجهاز للاستثمارات التجارية وجهاز لتربية العناصر التي تلتحق بنا في الشارع، أناس غير مربين كيف أريد أن أربيهم؟ ما هو المنهج الذي أربيهم عليه؟ وما هذه الدورة التي أنتم فيه إلا جزء من الإعداد وجزء من المنهج ولم تأتي إلا لأن هناك أشخاص شغلت عقولها ووجدت أنه من الضرورة أن تفيد الساحة ونطعمها بهذه الخبرات الشرعية فهذه كلها من المخطط، وهذا هو المقوم الرابع.
فالمقومات الأربعة التي ذكرناها هي واجب القيادة، فالفكر والمنهج واجب القيادة وتشكيل الشورى والقيادة هي واجب القيادة فهي التي يجب أن تحددها ، والمشكلة المالية وحلولها واجب القيادة فهي التي يجب أن تحلها.
وكذلك المخطط وتفصيلاته هي واجب القيادة فلما تأتي القيادة بفكر وقيادة وبمخططها المالي وبمخططها الاستراتيجي العام، ننتقل الآن إلى المقوم الخامس والأخير والذي هو من واجب الجنود وليس من واجبات القيادة، وهو موضوع السمع والطاعة.
خامسا : السمع والطاعة
التنظيم الذي فيه السمع والطاعة يستطيع القائد أن يضع مخططا ويقول أنا أقاتل في جلال أباد بأربعمائة مقاتل، ويحتمل أن يفر ويتخذل منهم عشرة أو عشرين أو مائة أى ربع الجيش ، ولكن إذا لم يكن عندي سمع وطاعة على هؤلاء الناس وكل ما هناك أنه يوجد قدر من الحماس للجهاد أن نصل إلى شيء.
لما كان في أفغانستان وفي منتصف إحدى المعارك جاء صبغة الله مجددي وصر بأنه يريد الديمقراطية فانسحب نصف المجاهدين من جلال آباد لأنهم لم يلتقوا على منهج يحدد هذه الأمور. وهناك نقطة هامة وهي أن المجاهد لو كان يربطهم سمع وطاعة حقيقية لكانوا عولوا الأمير.
وتولد عندهم قناعة أن الأمير لا يستمر في المعركة إلا إذا كان عنده مبرراته الشرعية، وهذا لكلام كان موجودا عند قيادة القاعدة فالمجاهدين المبايعين ( لأبي عبد الله) كانوا متفهمين لطبيعة البيعة والسمع والطاعة فبقوا وانضبطوا وأما المجاهدين الذين لم يكن لهم بيعة أو كانت بيعتهم مائعة على طريقة البيعات التي تجري في الساحة فكانوا غير منضبطين تماما.
فهذا شاب يرى نفسه مجتهدا من المجتهدين يرجح بين المذاهب أفلا يقوم بالترجيح في قضية عسكرية أو رأى عسكري؟ فهو بمجرد أن رأى أن الراية اختلفت أخذ حقائبه وانسحب وانتهى الموضوع.
إن عدم وجود السمع والطاعة في معركة مفتوحة قد لا يكون لها ضرر كبير أن ينسحب المجاهدون منها، قياسا مع تنظيم يعمل بطريقة سرية وانسحاب عنصر يؤدي إلى مائة كارثة.
حصل مرة في سوريا في قاعدة من هذه القواعد في دمشق كان الناس مطاردين وانسحاب شخص يؤدي إلى كشف القاعدة بمجرد الخروج من باب القاعدة، انسحب شخص لكون مسئول القاعدة ليس من أبناء دمشق والقواعد التي كانت مرتبطة بهذه القاعدة أربع أو خمس قواعد كل قاعدة فيها أربع وخمس أخوة.
هذه كارثة بكل معنى الكلمة فهذا الرجل لو فهم طبيعة البيعة التي بايعها والواجبات المترتبة عليه لما خرج من القاعدة نحن لسنا تنظيمات علمانية نستطيع أن نطبق السجن أو الإعدام والوسائل والسلطات الأخرى، مثلا تنظيم ( أبو نضال) هذا التنظيم لا يتجاوز مائة شخص أو مائتين في معظم الدراسات لماذا متماسك بهذا الشكل؟ ولماذا قوي بهذه الطريقة ولا تخشى كل أوربا من تنظيم علماني فلسطين ي ولا من كل منظمة التحرير وما وراءها من التنظيمات.
مثل ما تخشى من تنظيم أو نضال تنظيم متماسك جدا فأحد أسباب هذا التماسك هي الشراسة وقوة الضبط العظيم الذي عندهم فمثلا عنصر من العناصر لو أحدث خللا ما يقتلوه مباشرة والداخل في هذا التنظيم يعلم أنه دخل بصورة وأنه إذا خرج يقتل، فلا يدخل لا بعدما يحسبه مائة مرة وبعدما يجد نفسه مندمجا تماما في هذا العمل.
ولكن نحن كمسلمين ليس عندنا هذه السلطة ولا يحق لنا أن نقوم بهذه الأعمال والأمير ليس خليفة المسلمين والخروج من التنظيم ليس خروجا على الجماعة وعلى الطاعة أو مفارقة للجماعة ولا إذا مات الخارج من الجماعة مات ميتة جاهلية، فليس الأمر كذلك فالناس تعمل عندما تقتنع بالعمل وتترك إذا ما اقتنعت بالترك وليس لك أن تعدم هذا وتسجن ذاك، هذه نقطة ضعف عندنا فكيف ستعوض هذا الأمر؟
يعوض هذا الأمر بمستوى التربية العالية في قضية السمع والطاعة وبإفهام الناس بالبعد الشرعي للبيعة.
في كتاب ( العمدة) هناك أربع أو خمس صفحات تبحث في البيعة باستفاضة يجعل من يقرأ هذا البحث يتريث تماما قبل أن يبايع حيث أن هذه البيعة عندنا في بلاد الشام( أن البيعة في الجماعات الإسلامية كلها إذا أردت أن تنتقضها فإنك تنتقضها مثل أى نذر من النذور فتصوم ثلاثة أيام وتكفر عنك كأي يمين) هي ليست بهذه السهولة فأنت بايعت وقلت ( على عهد الله ) وليس عهد أبو أحمد.
( على عهد الله ) أن أسمع وأطيع أو ( أعاهد الله ) أو صيغة من هذه الصيغ أن تسمع وتطيع فكيف تنزلها إلى مستوى يمين وتقول حلفت خطأ ثم تصوم ثلاثة أيام وتكفر عن ذلك هي ليست بهذا الشكل وكذلك ليست كما تريد بعض الجماعات ومنهم الإخوان أن يجعلوها بيعة خليفة كاملة بحيث أنك بهذه البيعة دخلت في الإسلام وإذا خرجت منها خرجت من الإسلام هي ليست هكذا أيضا بل أن البيعة أنما هي عهد غليظ قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) هذا عهد غليظ لأنك جعلت الله عليها وكيلا وعقدت الأيمان عليها.
فيجب على من يأخذ البيعات أن يفهم الرجل الذي يبايع مدى المسئوليات التي تترتب عليه بحكم ههذ البيعة وإذا وجده انه إنسان قاصر على الفهم لا يدخله في التنظيم أصلا، وعلى الذي يبايع أن يطلع أولا على هذا التنظيم الذي سيبايعه، هل استكمل المنهج؟ عل استكمل القيادة ؟ ما هي طريقته في اتخاذ القرار؟
ما هو قدرته العالية للاستمرار ؟ ما هو مخططاته العامة؟ فإذا رضي بها على ما عليه يبايع ولا يشترك عليهم أن يكون عندهم مؤسسات مالية ضخمة أو يقول لا أدخل لأنهم سيكونون جماعة ذليلة مستضعفين في الأرض فيقبلها على واقعها ولكن على بينة ووضوح ويقول أنا قبلت هذه الجماعة على وضعها وأبايع على نصرتها والجهاد تحت رايتها فإذا حصل هذا الأمر ووافقه ضغط تربوي كثيف وباستمرار لتحصين هذه البيعة من أن تنحل نحصل عندئذ على جنود عندهم مستوى من السمع والطاعة يصل إلى مستوى إذا عرض عليه أمر ولم يدخل عقله يستند إلى ثقته بالقادة الذين بايعهم.
ويبقى معهم ولا يتركهم، يعنى إذا عرض عليه أمر هو ليس كفرا بواحا له من الله به دليل ينفذه لأن هذا الأمر لن يكون أعظم من صلح الحديبية ووقعه على نفس الصحابة حتى عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه) يهتز وهم خير القرون يأمرهم الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يحلقوا ويتحروا الهدي فلا أحد يتحرك حتى أشارت عليه أم سلمة أن يبدأ بالحلق بنفسه فيتبعون فحلق فتبعوه فهذا دليل على أن هذا الأمر الذي حصل مع الرسول صلى الله عليه وسلم يحصل في التجمعات الإسلامية أيضا.
ولكن الصحابة ( رضي الله عنهم) ورجعوا إلى ثقتهم بالرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال أبو بكر لعمر لما جاءه يسأل ( هو رسول لله ولن يضيعكم) فيثق وانتهى الموضوع يثق حتى وإن لم يفهم حقيقة الأمر فيجب أن يصل غلى هذه المستوى وحقيقة أنا أحسد الإخوان المسلمين على مستوى السمع والطاعة التي توجد عند عناصرها على الرغم من فساد المنهج وفساد الخطة وفساد الإدارة وفساد كل شيء وتجد أن من يدخل في هذه المصيدة يكاد لا يخرج منها إلا قليلا فالداخل في تنظيمهم كأنه منوم مغناطيسيا.
فارتباط العناصر بهم سهل لأن الداخل في الإخوان المسلمين على النحو من هذا الدخول لن يكلفه رقبة فيبقى معهم ولا يخرج أما الداخل في التنظيمات الجهاد ية فإن التزامه في هذا التنظيم قد يكلفه رقبته أو يكلفه مستقبله أو عرضه أو مشاكل معقدة فتجد الناس متحفزة، فأقول موضوع السمع والطاعة.
إذا لم يكن عند القائد جنود على مستوى من السمع والطاعة يعرف أنه يستطيع أن يرسلهم للعمليات الاستشهادية وجنود لديهم القدرة على الصبر وعلى الجهاد وفراق الأهل والالتزام بالمهمات وتنفيذها بدون تردد بحيث لو قال له الأمير ننسحب ، أو سنصالح أو سنتحالف وأبرز الدليل الشرعي له لا يقف عند الأمير فقيها ويقول له لا هذا صح أو خطأ وهذا حرام أو حلال أو هذا يجوز وهذا لا يجوز ويكلف شخصا أو عنصرا بعملية عسكرية وهو ذاهب إلى العملية يناقش شرعيتها ويناقش بعدها السياسي، وهل هي مفيدة أو غير مفيدة وهل ينفذها فإذا لم تتحقق مستوى من السمع والطاعة في التنظيم فهو ليس بتنظيم ولم يكتمل عنده المقوم الخامس.
ولكن هناك نقطة هامة أود أن أشير إليها وهي إن القيادة من وجهة النظر الشرعية ومن وجهة النظر المنطقية التنظيمية ليست لها الحق – والله أعلم – أن تلب السمع والطاعة بالمفهوم الكامل إذا لم تتحقق المقومات الأربعة السابقة في لتنظيم لأنه إذا أنت منهجك غير واضح تطلب مني بيعة على ماذا ؟ يعني على ماذا أبايعك ؟
بايعتك على الجهاد حسنا إذا حدث حادث وأنا وجهة نظري ومنهجي في السياسة الشرعية مختلف لمنهجك، هل أعود لرأيك الذي ليس معروفا أصلا ولم تكتبه ولم تبلوره أو أعود لرأيي؟
إذا لم يكن عندك منهم فإن ظهور أية بادرة تخالف منهجي فأنا لا أسمع ولا أطيع وسأكون معذورا في أنني لا أسمع ولا أطيع لأني لم أبايع على هذا ، أنا بايعتك على الجهاد في أفغانستان وتطلب مني قضية معقدة... فأنا لا أقبل هذا ، وإذا لم يكن عندك قيادة واضحة، مثلا قتل أمير التنظيم هل كل بيعات التنظيم تتفكك؟ فهل هذا معقول؟
إذا أنت لم تكن عندك قيادة فهذا معناه أنا بايعت شخصا إذا مات هذا الشخص انتهى الموضوع، فنحن لابد أن نبايع جماعة يرمزها هذا الشخص بحيث لو ذهب الشخص أو مات واستخلف آخر فطاعة هذا الأخير واجبة في استخلافه أو في إنابته، وأنت إذن لما بايعن هذا الشخص بايعت عمليا جماعة وتنظيم.
فإذا هذا التنظيم لم يستكمل بنيته القيادية أصلا فكيف يطلب من الناس البيعة على ما يحدث من ألأحداث ولا ينحرف ولا يصيب ولا يخطي وإذا لم يكن عنك مخطط مالي يغطي معركتك بشكل منطقي وبشكل معقول في لحظة من اللحظات سيجد المبايع نفسه في ضائقة مالية لا يستطيع أن يكمل بسبب وضعه المالي وخاصة عندما يجد زوجته مقطوعة وأولاده جياع نتيجة ارتباطه بهذا التنظيم فسيتركه لا محال والله سبحانه يقول ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ( البقرة 286 ) هو كمسلم عنده مسئوليات عن عائلته قبل مسئولياته عن الأمة بكاملها، فإذا ما استكملت أنت هذا الأمر فستجد الناس من الناحية المنطقية لن يتحملوا هذه البيعة، وهذا ما ترونه كل يوم.
نجد هذا يبايع وهذا ينفصل وذاك يترك وآخر يخرج فلا تجد عملية ضبط وهذا لا يحصل في التنظيمات العلمانية أبدا ولا يحصل في التنظيمات الجهاد ية المضبوطة أيضا التي تتعرض للمعارك .
النقطة الأخيرة إذا أنت لم يكن عندك مخطط سيكون عملك خبط عوائي، فالعناصر الفاهمة عندك في مرحلة من المراحل سيتركك صحيح أنك لم تأتي كفرا بواحا لنا من الله به دليل ولكنك تأتي بفوضى بواح وتأتي بخطأ بواح وتأتي بعدم جدوى بواح كل هذه الأمور صحيح ليس لنا من الله به دليل أو برهان نخرج به أو ننقض به البيعة ولكن أنا التقيت مع هذه المجموعة لأداء مهمة وجدوى فإذا تراكمت عندي القناعات نتيجة الخطأ تلو الخطأ إن هذه المهمة والجدوى لن تحصل .
إذن ما الذي يبقيني في هذا التنظيم؟ هناك بحث في المذكرة السورية اسمه ( الهدف والوسيلة) في الفصل الثالث والرابع تبحث شرعية الهدف والوسيلة هل نحن التقينا في الجماعات لأنها دين بمعنى أن الذي لا يعمل في الجماعة يكفر أو هي وسيلة لتحقيق هدف معين؟
نحن التقينا فيها لأن الجماعة وسيلة فإذا نتيجة الأخطاء المتراكمة تكون عندي قناعة أن هذه الوسيلة أصبحت فاسدة ولن تؤدي إلى الهدف والنتيجة التي قامت من أجلها فماذا يبقيني فيها؟
لن أبقى ، وهناك بعض العناصر يلتزم ببيعته ويقول أنا لم أرى من الأمراء كفرا بواحا أو معصية بواحا، فأنا أبقى على ما فيهم من فوضى وما فيهم من خلل ولكن ما هي نسبة الناس الذين يبقون بهذه القناعة .
إذا كان عندك مائة عنصر في التنظيم والتنظيم يتخبط ويتخبط وينتقل من عشواء إلى عشواء ومن فوضى إلى فوضى فما عدد العناصر الذي يبقى فقط لالتزامه ببيعته الشرعية التي بايعها للتنظيم؟ قطعا قليل والذي يبقى اليوم معناه سيحتج إلى سنين أخرى من الفوضى وسيخرج وهناك آخر يحتاج إلى أربع سنوات من الفوضى وسيخرج .
وتجد نفسك في الأخير مع مجموعة لا تخرج لأن عقولها من ( النوع الامعي) سيبقى هو في هذا التنظيم طالما أن التنظيم يعطيه راتبا يعيش به ويسقط عنه وزر العمل الجهاد ي فيقول لماذا أخرج؟
وهذا النوع ( أمعي ) لا تستطيع أن تعمل معه ( بيض مقلي) فضلا أن تنزل معه في معركة لأن هذا الإنسان هو عالة عليك أصلا عالة على أميره ولا يستطيع أن يتخلص منه، فالكوادر الفاهمة فهي أول من يهرب نتيجة الفوضى ثم تهرب الكوادر التي هي أقل فهما وأطول صبرا ثم الناس على قدراتهم ينتهي صبرهم.
إذا كنت تتخبط من فوضى إلى فوضى، فلذلك أقول ليس للقيادة من الناحية الشرعية وكذلك من الناحية العقلية والمنقية والتنظيمية أن تحصل على سمع وطاعة حقيقيين تستطيع أن تدخل به معركة إذا لم تحقق لنفسها منهجا وتشكيلا قياديا ومخططا ماليا معقولا ومخططا استراتجيا واضحا فيه ثوابت لأنه نحن جماعة نريد أن نقاتل على كذا وكذا.
وليس بالضرورة أن القائد يجب أن يفهم كل عنصر عنده دقائق وتفصيلات هذه المخططات ولكن يكفي وجود روح للتنظيم يتضح من خلاله العمل ولا تؤدي إلى تخبط كالتي كانت تحدث في أفغانستان حيث تجد أن شخصا ترسله إلى دورة شرعية مع عشرة أشخاص من ثم يأتيك أي من مسئول يقول نريد تحويل الأخ فلان إلى دورة الهاونات يا أخي ما زال في نصف الدورة الشرعية يقول لا يجب الآن أن يذهب غلى دورة الهاونات .
وذهب إلى دورة الهاونات وفي نصف الدورة اشتعلت المعارك في ( لوكر) هيا يا شباب اقطعوا الدورات وإلى ( لوكر) فالإنسان في آخر المطاف يجد نفسه أنه لم يحصل على شيء ، قعد سنتين في أفغانستان ولم يحصل على شيء فهذه علامة على التخبطات الشديدة، بينما تجد التنظيمات التي لها منهج تعرف أنها شاركت مثلا في القضية الأفغانية لأغراض واضحة ومحددة، أولا: لأداء فريضة القتال .
وثانيا : لأداء فريضة النصرة ( فإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) وثالثا: الأعداد ولعلها لبعض التنظيمات تعتبر أولا فإنها بالنسبة لي هي أولا فإن ما جاب بي إلى هذه الأرض هي الأعداد لقضايا أنا أراها أولى من هذه القضية فيؤدي فريضة الأعداد.
ورابعا: فريضة البناء أى أنا ابني تنظيمي حتى أنهض فهؤلاء الناس لم يضعوا مخططا بهذا الشكل بحيث يكون حجم مشاركتهم وطبيعتها وفق مخطط واضح ومعلوم ويعرف ما هي النسبة التي يدخل فيها وما هي النسبة التي يخرج منها، فأحببت أن أعطيكم نبذة عامة وسريعة عن هذا الأمر.
وسأنتقل الآن إلى التفصيل في الفقرة الخاصة بالفكر والمنهج وأنا وضعتها بهذا الترتيب عمدا لأنها تأتي بهذه الصيغة، يتكون المنهج ثم تتشكل القيادة والقيادة هي التي تدرس وضع الأموال وعندما تتوفر الأموال تضع مخططا على حجم أموالها ثم تنتقل إلى الأفراد تجمعهم على هذا المنهج وتكون السمع والطاعة.
الذي حصل في أفغانستان لدى بعض التجمعات كان معكوسا تماما حيث جماعة من الناس اجتمعت على القتال ولما قلنا يا جماعة نحن خليط ويجب أن يكون عندنا منهج وبدأنا نبحث لنا عن منهج يألف بين كل هذه الجماعات رأينا السعودي الذي لا يكفر ( فهد) والمصر ي الذي يكفر ثلاثة أرباع الأمة والذي لا يكفر أحدا والذي لا يهمه هذا الأمر والذي يرى أن الديمقراطية لا بأس بها والذي يرى أن الديمقراطية كفر، فتعال أبحث لهم عن منهج .
كيف تريد أن تضع منهجا لكل هذا الخليط؟ فعليك أن تضع منهجا صائبا تغربل الناس على أساس هذا المنهج فمن بقي على هذا المنهج فأهلا وسهلا ومن لم يبق أتخلص من أعبائي ثم أشكل قيادة فمن ارتضى بهذه القيادة بقي ومن لم يرتضي خرج.
ثم أحسب حجمي العالي فأضع له سلعا فما أراه أعباء حقيقية أمسك بها وما أراه أعباء زائدة أتخلص منها، ثم أضع مخططا واضحا، نحن نريد الجهاد مثلا درسنا الأمور فوجدنا أن الجزائر أصلح البلاد لبدء الجهاد أو اليمن أو فلسطين وما حولها أو مصر ، وإلى آخره.
فكل واحد عنده قضية يعتبرها أم القضايا فهذا الرجل يضع مخططا وعلى أساسه يقيس الناس، أما إذا قلت إذا وضعت منهجا فنصف العناصر سيخرج وإذا لم أضع أي منهج فلن يخرج نصف العناصر أقول ولكن بهذا الشكل يتحول التجمع إلى ورم سرطاني ففيه منكل التشكيلات ومن كل الأشكال يقول الأمير رأيا فتتضارب الآراء صح أو خطأ يجوز أو لا يجوز وعندما يهدأ القتال وتذهب وتيرة حماس الناس ويرجعوا إلى المعسكرات والبيوت يبدأ الفساد.
قبل أن أ‘د هذا البحث قمت بدراسة لمنهج ( جماعة الجهاد ) ومنهم ( الجماعة الإسلامية) ومنهج ( جماعة السرور) ومنهج ( بعض التنظيمات الجهاد ية الفلسطين ية) ، ولمنهجنا نحن بالذات( بقايا الجهاد الذي حصل في سوريا ) فوجدت أن هناك قاسم مشترك في بعض النقاط يجب أن تتضح ، أولا: لأن هذا من صميم العقيدة ولتستبين سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين وأن لا تبقى الأمور مختلفة .
ثانيا: حتى نعرف كيف نجمع الناس، من معي على هذا المنهج؟ ومن ليس معي على هذا المنهج؟ فوجدت التنظيمات الجهاد ية التي ذكرت، بعضها جيدة على صعيد المنهج أما على صعيد العمل والتخطيط فإنها تتفاوت، فأنا أرى جماعة سرور جماعة منهجها سلفي وصحيح سياسيا وشرعيا ولكنها جماعة لم تجاهد ولن تجاهد على هذه البنية وعلى هذه الأفكار والقيادات التي فيها.
وهذه شهادة أشهدها لله سبحانه وتعالى على معرفتي بهم، وأقول لك مثالا على قولي ( لن تجاهد) فهي قضية غيبية والله أعلم معها، أنا التقيت بالشيخ (سرور) وجماعة السرور جماعة انبثقت عن الإخوان المسلمين أصلا في سوريا وذهب بعض أمراءها إلى السعودية.
وهناك مكثوا حوالي 15- 20 سنة ونشأ لديهم جيل من الطلبة على فكر الإخوان ولكن على المنهج السلفي من الناحية العقدية والسياسية الشرعية وصار لهم علماء كبار من بعض تلاميذهم وشيوخهم وأنصارهم قعدوا في منطقة الجزيرة وفي الكويت والإمارات منهم الشيخ ( سفر الحوالي) والشيخ ( ناصر العمر) والسيخ ( محمد سرور زين العابدين) الذي حرر مجلة ( السنة) والشيخ ( محمد عبده) محرر مجلة البيان، فأنا ضربت مثالا فقط وليس لي معهم علاقات.
فهم بنيتهم ليسوا جماعة ذات بيعة وأمير وإنما كتلة التقت على هذا المذهب، فأقول لك ( لن تجاهد) لأني جلست مع الشيخ ( محمد سرور زين العابدين) فوجدت عندهم ثلاث مسلمات لكل واحدة منهن تمنعهم أن يجاهدوا.
المسلم الأول: أنهم لا يكفرون أعيان الحكام فيقول لك حاكم لا يحكم بما أنزل الله قد يعذر بجهله وهذا سمعته من (سرور) بأذني ولم يروها لي أحد.
المسلم الثاني: أنهم لا يجيزون قتال الطوائف الممتنعة خلافا لابن تيمية وقال لي ( حسنا يا بني أنت تعمل تنظيما جهاديا فكيف تريد أن تطلق النار إذا كان الذي جاءك مسلم؟ ) كيف تريد أن تجاهد وأنت لا تجيز إطلاق النار على هؤلاء الناس من المخابرات والأمن والشرطة والجنود؟
وقال لي ( إن المخابرات تأتي وتأخذني إلى السجن فقط وانتهى الموضوع ) فهذا الفقه يمنع صاحبه من أن يجاهد.
والمسلم الثالث: هي أن هؤلاء الناس يرون عدم الاستعجال في الجهاد إلى أن تستكمل الجماعة الجهاد ية مؤسساتها بشكل كامل يعني يجب أن تستكمل مؤسساتها الاقتصادية ويجب أن تستكمل مؤسساتها الإعلامية ومؤسساتها العسكرية ومؤسستها التربوية فعندما تستكمل مؤسساتها تصبح مؤهلة لأن تبدأ الجهاد حسنا، أروني متر مربع في الدنيا تستطيع الجماعة الجهاد ية أن تنهي هذا البرنامج فيها دون أن يقضي عليها الطواغيت؟
أنا طرحت هذا السؤال على سرور فغضب وقال: ( أنتم سبب البلاء كلما اجتمعت عشر عناصر جاءوا بالأسلحة والمتفجرات وأحدثوا بلبلة يقضون على كل ا لعمل الإسلامي فأنتم الجهاد يين سبب البلاء والمصائب) قلت لع إذن أعطيني طريقة منطقية تذهب به إلى سوريا أو مصر أو المغرب أو أية دولة أخرى تدعوا للإسلام فيها، يا أخي أنت قاعد في السعودية الآن ومنهجك سلفي والسعوديون يدعون السلفية فليس هناك أحد يخاف منك ولكن عندما تبدأ تربي عناصرك على أن هؤلاء الناس كفرة وتقع جزء من منهجك بأيدي المخابرات أو ينقل عناصرك السلاح من منطقة غلى أخرى وقدرا تنقلب السيارة فيكتشف فيها السلاح، هل سيحصل هذا أو لا يحصل على مدى سنوات ؟
حتما سيحصل ، فاكتشفوا أنه هناك أناس يعدون العدة للجهاد هل يتركون أن تستكمل مؤسساتك؟ قال : ما هو الحل إذن؟
قلت إن الحل أن نضع مخططا للبناء من خلال المعركة والصدام ونضع حدا أدنى يجب أن نصله ثم حلول أخرى تستكمل من خلال ا لعمل ، قال ( هذا سبب البلاء وهذا سبب التعجل وأنتم بهذا الفكر على حافة أن تصبحوا خوارج) قال : لماذا ؟
قال : ( لأنكم بدأتم بتكفير الحكام ثم بتكفير الأعوان وقليلا قليلا ستكفرون الناس) فمن خلال دراستي لمناهج هذه الحركات رايت أن هناك أربع أو خمس نقاط يجب أن تحدد كل جماعة إسلامية جهادية هذه الهوية أو شيئا شبيها بها قبل أن تقوم بالعمل الجهاد ي.
وضعت لهذا الكلام في كتاب الثورة الجهاد ية في سوريا مقدمة من صفحتين وأهم ما في المقدمة ، تحليل أن الجماعات الإسلامية لم تصل إلى نتيجة خلال الستين سنة الماضية من العمل الإسلامي نتيجة ارتكابها لأحد هذه الأخطاء الأربعة التالية أو كلها أو نصفها:
الخطأ الأول: الذي ارتكبته الجماعات الإسلامية وأشهر من ارتكبها الإخوان المسلمون ومن على منهجهم من حسن الترابي في السودان وراشد الغنوشي في التونس والجماعة الإسلامية الباكستانية وغيرهم، حيث وضعوا منهجا سياسيا شرعيا فاسدا تجد فيه عملية جمع وتكوين بين الصوفية والسلفية وتجد فيه تقاربا مع الشيعة ودخولا في البرلمانات.
ورأس المصائب في هذا المنهج أنهم جعلوا من المصلحة دينا، هم يرونه مصلحة فيبحثوا له في الشريعة عن تلفيقات من الأدلة فعندما لا يجدون شيئا من الأدلة القاطعة يقولون بالمصلحة المرسلة فهذه الجماعات لم تصل ولن تصل لأن الله سبحانه وتعالى يقول ( إن الله لا يصلح عمل المفسدين) ( يونس 81) وهذا ليس لع علاقة بالإخلاص والقبول فقد يتوفر لدى شخص من الإخوان المسلمين إخلاص وقبول فيستشهد ويقبله الله في الفردوس الأعلى هو بذاته وبنفسه ولوحده، أما كجماعة عامة منهجها فاسد فلن تحقق نصرا ولن تصل غلى نتيجة وقد تتمكن من الوصول لاستكمال الأسباب الدنيوية أولها لا يحصل قبول عند الله سبحانه وتعالى.
والثانية يبقى معرضة للدمار في أية لحظة وإذا امتد بنا العمر سنجد زوال دولة السودان قطعا وستجدها مهددة دوما فعملية الوصول إذن هو إنسان استكمل الأسباب الدنيوية فمثلا ( حسن الترابي) جماعة أخذوا بـ ( الغاية تبرر الوسيلة) وتحالفوا مع ( النميري) وامتدوا وتشعبوا.
ولكن منهجهم منهج غثائي حيث يتمثل في جمع الناس فقط وهم يعملون أعراسا جماعية يأخذ كل رجل خطيبته ويرقص أمام الآخرين، فمثل هذا المنهج يستهوي كثيرا من الناس ولكن هذه البنية المنخورة لا تستطيع أن تكمل مشوارها.
فنحن نريد أن نصل وصولا شرعيا أما الوصول غير الشرعي فالجنرال ( جياب) وصل في فيتنام وكثير من الناس وصلوا ولكن هذا الوصول يختلف عن الوصول باسم الإسلام فهذا لا يستمر بسبب العيش في تناقض بين الإسلام في المبادئ العلمانية أما الكفرة ليس عندهم هذا التناقض.
الرجل الكافر يبني سياسته كلها على ( الغاية تبرر الوسيلة) ، فالإنسان الذي عنده تناقضات إسلامية يبقى عنده حواجز لا يستطيع أن يقفز عليها فيحصل عنده تناقض بين المنهج الإسلامي والمنهج العلماني وينهار ويتفكك، فالمهم أقول بأن النقطة الأولى هي أن هذه الجماعات عندها خلل في المنهج من ناحية السياسة الشرعية.
الخطأ الثاني: فهو غياب فقه الواقع فالمنهج لدى هؤلاء من ناحية السياسة الشرعية صحيح ولكن فقد الواقع عندهم غير صحيح، وتأتي تحت هذه النقطة كل الحركات والعلماء الذين قاموا على أيدي مناهج سلفية مثل ( الألباني) و ( ابن باز) وغيرهم فهؤلاء الناس فقههم في السياسة الشرعية إجمالا ، صحصح من الناحية المجردة عن القضايا السياسية.
ولكن لما ينخرطون في القضايا السياسية الشرعية نجد فهمهم لمعطيات الأمر الواقع غير صحصح.
( جماعة التبليغ) كلها قامت بإخلاص وانطلاقا لإصلاح الناس ولكن على فهم غير صائب في معطيات الأمر الواقع فظنوا أن بالإمكان إصلاح كل المجتمع وهذا خلاف لقوله تعالى ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) ( يوسف 103) هم ظنوا أنه يمكن أن نجعل بهذه الدعوة أكثر الناس مؤمنين فهؤلاء غابت عنهم فهم الأمر الواقع أما المشايخ فترى الشيخ ( محمد ناصر الدين الألباني) يقول : إن الحل الوحيد ليس في الجهاد وأن أعمال العنف بدعة دخلت على الإسلام وليست من الإسلام قال هذا في تعليقه على حاشية العقيدة الطحاوية، وقال : إن الحل في التصفية والتربية فأي وأي تربية لا أفهم هذه ؟
كيف تريد أن تصفي وتربي في ظل احتلال غربي وفي ظل احتلال يهودي وغيره؟ فهو بنى فقهه السياسي الشرعي على قواعد خاطئة ومن أشهر فتاويه قبل حرب الخليج الأخيرة الشهادة على صدام حسين بالإسلام وعلى حزب البعث بالإسلام .
واقل في شريط وهو منتشر في الساحة ( الكفر كفران) : كفر اعتقادي وكفر عملي ويقول أننا لا نجد ما يخرج القيادة العراق ية إلى كفر الاعتقاد .
سبحان الله بين كل أحاديث الكفر والعلم لم يجد ما يخرج القيادة العراق ية إلى كفر الاعتقاد؟
كيف بنى هذا الفقه الضال؟ على أية قاعدة مميزة من الحديث والسنة؟ لا أدري كيف انتقل هذه النقلة؟ وهذا كان الفتوى الثانية ، أما الفتوى الثالثة: هي قوله إن الانقلابات والأعمال العسكرية هي بدعة ليست من الإسلام.
والفتوى الرابعة قوله: إن قتل الأمريكان في الجزيرة والقوات الغربية يعتبر غدرا إذا ما سبق ذلك إعلان من أمير يجاهد على بينة .
والفتوى الخامسة: هي أنه يجب على مسلمي فلسطين الهجرة ، فمن تعذر عليه القيام بواجبات دينه في فلسطين يهاجر.
والإسرائيليون متى أعينهم أن يقوموا بتهجير ثلاثة أو أربعة أو خمسة فيقوم الشيخ الآن يعطيهم فتوى بتهجير مليون ونصف مليون مسلم.
بنى كل هذا الفقه على أن الملك حسين مسلم، فأقول هؤلاء الناس لم يقعوا في مصائب الإخوان فيجعلوا من المصلحة أساسا للسياسة الشرعية ولكن وقعوا في مشكلة غياب فهم الأمر الواقع.
الخطأ الثالث: هو أن أناسا تخلصوا من المشكلة الأولى فلديهم فهم سياسي شرعي صحيح وعندهم فقه الواقع ولكن وقعوا في الثالثة وهي أنهم لن يجاهدوا عمليا أي ليس لديهم من برنامجهم أن يعدوا ويجاهدوا.
وأوضح الأمثلة على هذا هي جماعة (سرور) ، تخطوا الخطأ الأول عندهم فهم سياسي شرعي صحيح وتخطوا الخطأ الثاني عندهم فهم للواقع فلهم دراسات جيدة مثل ( وجاء دور المجوس) و ( الشيعة في لبنان) ولكنهم وقعوا في الثالثة وهي أنهم لن يجاهدوا وقد أوضحنا السبب سابقا، فهؤلاء الناس ليس من برنامجهم أن يجاهدوا فلا يستطيعون أن يحققوا نقطة القوة التي يصارعوا بها العدو.
الخطأ الرابع: تتمثل في أمثالنا ، حركاتنا التي ننتمي إليها فنحن تخلصنا من المشكلة الأولى لنا سياسة شرعية صحيحة وتخلصنا من المشكلة الثانية عندنا فهم للأمر الواقع وتخلصنا من المشكلة الثالثة جاهدنا وسنجاهد والحمد لله تعالى فوقعنا في الرابعة وهو أننا لم نعد إعداد مبرمجا صحيحا ولم يأخذوا بالسنن في الإعداد يقول الله تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم) ( الأنفال 69) فكل ما قلته لكم من مقومات الجهاد في التنظيمات وأسس هذه التنظيمات هي من ( ما استطعتم) فمن الذي منعك أن تخطط؟ ومن الذي منعك أن تبرمج؟ من الذي منعك أ، تعمل كوادر ومؤسسات؟ من الذي منعك أن تستعجل؟ فأنت عمليا لم تعد إعدادا صحيحا ولم تأخذ بالسنن.
وأنا أخذت على نفسي أن أكتب ما فيه تغطية هذه الزاوية لدى المجاهدين، لدى الناس الذين تخطوا العقبات الثلاثة وأريد أن أخلصهم من العقبة الرابعة وهي أن يعدوا إعدادا سليما وصحيحا حتى يصلوا إلى نتيجة- فوالله أعلم – أننا جميعا لم نصل إلى تخطي ههذ المعضلات الأربعة وهناك بعض التنظيمات لديها أربعة ولبعض الآخر لديها ثلاثة والبعض الثاني لديها اثنين .
ونحن نعتبر أنفسنا خلاصة تجارب العمل الإسلامي تخلصنا من ثلاثة ولدينا الرابعة والله أعلم، ويجب أن يحدد المنهج مجموعة من الأمور والمعتقدات السياسية بوضوح ويجيب على مجموعة من التساؤلات الهامة أيضا، ويرسم معالم الانطلاقة والتعامل مع مختلف الشرائح المحيطة بالعمل وكيف نتعامل معهم؟
باختصار يجب أن نجيب على أسئلة من قبيل من نحن من بين هذه الأمة كلها؟ وبماذا نتميز؟ وما عقيدتنا؟ وما منهجنا السياسي الشرعي؟
وهذا المنهج يتعلق بكل قضايا الحاكمية وما يتفرع عنها، فماذا نأخذ من هذا الفقه وماذا نترك؟
ثم ماذا نريد من هذه الأمة أن تقوم بها ؟ ثم نريد أن نقاتل؟ أم نريد أن ندعو؟ و نريد أن نبلغ؟ أو نريد أن نتاجر؟ ماذا نريد بالتحديد؟ ما هي أهدافنا؟ وما هو أسلوبنا لتحقيق ههذ الأهداف فأهدافنا هي إقامة الحكم الإسلامي مثل معظم الجماعات الإسلامية حسنا كيف سنحقق هذا الحكم الإسلامي؟
الإخوان سيحققونه بالبرلمان فقد قالوا أخيرا أننا سنحقق الحكم بالبرلمان، أما نحن فسنحققه بالقتال فيجب أن ننص منهجا على أننا جماعة نريد أن نحقق الحكم الإسلامي قتالا حتى إذا جاءك شخص وأردت أن تكلفه بالقتال فقال لك أنا لا أستطيع قلت له أنت دخلت على منهج يتبنى القتال أصلا كطريقة عمل للوصول إلى الحكم فأنت لا تصلح لأن تكون منا أو إذا جاءك شخص من جماعتك وقال لك اسمح لنا أن نجعل أحد أعضائنا وزيرا يساعدنا على تبليغ الدعوة فتقول له هذا خلاف لمنهجنا نحن لا نصل بدخول الوزارات وإنما نصل بالقتال فيجب أن تحدد الأسلوب. وكيف نصف القوى من حولنا؟
ما هو رأينا بالإخوان والعلماء والناس؟ كيف نصلهم؟ من هو الصديق ومن هو العدو ومن هو المحايد؟ كيف نتعامل مع العلماء؟
فهل كل عالم ظهر وأعطى فتوى خاطئة نتعامل معه بالقتل أم نتعامل معه بالحجة؟ هل نتعامل مع الحكام بالدعوة أو نتعامل معهم بالرصاص؟
فيجب أن نحدد كيف نتعاون مع هذه القوى؟
ثم كيف ننظر إلى الديار التي نعيش فيها وهذه نقطة أساسية فهل نعتبر الديار التي عندنا دار إسلام؟
كما يعتقده الألباني وغيره وبالتالي يبني على هذا فقه طويل وعريض، أم نعتبره دار حرب؟
أم نعتبره على طريقة ابن تيمية ديار مشتركة مركبة؟
ثم كيف نتعامل مع القوى التي تعيش في هذه الديار؟ جملة هذه الأمور والتساؤلات والإجابة عليها هي المنهج السياسي الشرعي.
الملامح الأساسية للكتائب المجاهدة في نقاط رئيسية
- 1- جماعة من العاملين للإسلام، قامت ليتعاون أعضاؤها على البر والتقوى والجاد في سبيل الله لنصرة دين اله في الأرض وإعادة خلافته الراشدة.
- 2- عقيدتنا: عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي عقيدة السلف الصالح بشمولها وتفصيلاتها. نتميز من خلالها عن كافة فرق الضلال وروايات الجاهلية.
- 3- منهجنا: هي اتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح رضي الله عنهم وفق منهج إسلامي تربوي شامل، عقيدة وسلوكا، علما وفقها وتطبيقا.
- 4- أهدافنا: بناء طائفة من المسلمين تقتل على أمر الله لتكون كلمة الله هي العليا حيثما تيسر لها ذلك، ومن ذلك:
أ- نشر دعوة الإسلام ومنهجها السياسي الشرعي وتميزه عن كافة رايات الانحراف.
ب- إعداد المسلمين للجهاد المسلح إعدادا عسكريا وعمليا، إيمانا وسلوكا علما وعملا ونشر روح الجهاد في الأمة.
ت- العمل والجهاد لإقامة الحكم الإسلامي ينبغي أن تكون في المناطق التي تصلح لمثل هذا العمل بحيث وصل النضج فيها إلى مستوى معين فليس من المعقول أن أذهب إلى نيجيريا وأقول أنا أريد أن أقيم حكم الله وليس في نيجيريا أي شىء من المعطيات لإقامة حكم الله.
فيجب أن أختار بلادا مثل بلاد الشام أو مصر أو الجزائر حيث وصلت فيها مستوى العمل الإسلامي إلى حد تسمح بطرح هذه المسألة.
ث- قتال فراعنة وطواغيت بلاد الشام وطوائفهم الممتنعة وكل من والاهم- بما يتناسب مع برنامج العمل- حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
ولو لم يؤدي هذا القتال غلى إقامة الحكم الإسلامي لأنه واجب عني فأنا مثلا بقتل( مارغريت تاتشر) – رئيسة وزراء بريطانيا السابقة لن أقيم الحكم الإسلامي ولكنه واجب على وداخلة في مفهوم القتال فهؤلاء الطواغيت الموجودون الآن قتالهم وارد وواجب وإن لم تؤدي ذلك إلى إقامة الحكم الإسلامي.
ج- التصدي للحملات الصليبية واليهودية على عالمنا الإسلامي بكافة أشكالها العسكرية والثقافية والاقتصادية... ومواجهة الاحتلال المباشر التي تفرضها علينا بالقوة فقتال الصليبيين واليهود واجب وإن لم تؤدي ذلك إلى إقامة الحكم الإسلامي .
لأنه أصبح هناك مفهوم غريب لدى المجاهدين والحركات الجهاد ية حيث يربطون بين عملية القتال وقيام الحكم وكأنهم لا يستجيزون القتال إلا إذا كان هذا القتال سيؤدي إلى قيام الحكم الإسلامي وهذا ليس بالضرورة، فمثلا أنت تمشي مع زوجتك في الطريق وجاء رجل ليتعدى عليها أو على مالها فهل تقول له أنا لا أقاتلك لأنه ليس عندي مخطط لإقامة الحكم الإسلامي فهل هذا معقول؟
رب العالمين خلقك وكرمك وقال لك أنت شهيد إذا قتلت دون مالك أو دينك أو عرضك أو نفسك فكيف تربط هذا الأمر بهذا؟
حسنا عرضك الذي عندك هي بصورة مستقلة كبرها واجعلها أعراض الأمة كلها ، أليست هذه الأعراض مهددة معرضة للانتهاك؟
عرضنا كل يوم ينتهك على التلفزيونات ، أنت جالس مع ابنتك في البيت لا تستطيع أن تمنعها من أن تتفرج على الراقصات والممثلات والممثلين والمغنيين والمغنيات فهؤلاء الناس يفسدون لك ابنتك حتى تصبح لا سامح الله عاهرة من العاهرات وقس على ذلك عمليات التجويع والتهجير والحصار..
ح- الدفاع عن دين الله وحرماته ومقدساته وقيمه ونصرة المسلمين المستضعفين ومد يد العون لهم في كل مكان – نرى مثلا سلمن رشدي وأمثاله فهناك كاتب مصر ي يؤلف الكتب على غرار سلمان رشدي غير نجيب محفوظ.
وكاتب آخر تونسي والكاتبة المصر ية ( هدى شعراوي) والتي تحول النساء المسلمين إلى عاهرات فهؤلاء الناس يسرحون ويمرحون مثلما يريدون فأقول أن سلمان هذا ( قاتله الله) له كتاب بعنوان ( آيات شيطانية) يقول فيه: أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان ذات يوم سكرانا وأخطأ في البيت فدخل على هند زوجة أبي سفيان فجامعها.،
وهذا الكتاب ينشر ويترجم في أماكن عدة ونقل هذا الفكر مما أجازه العلماء حتى لا يقول لي أحد كيف تنقل لي هذه الصورة حتى تستبين عندنا هذه الأمور، فأنا اشتريت الكتاب بلغة أجنبية وقرأت صفحتين فلم أستطع أن أكملها حيث إذا كان الباقي هكذا فلا داعي لأن أقرأها .
واقل أيضا أن الرسول صلى الله عليه وسلم استكثر من الزوجات لأنه كان يشغلهن عاهرات ويأخذ عليهم أجرا وكانت عائشة أكثرهن أجرا لأنها كانت صغيرة السن وجميلة.
– أعوذ بالله من هذا الكفر- فانظر ما علاقة قتال هؤلاء الناس بقيام الحكم الإسلامي ؟ فيجب أن يأخذ المجاهدون قضية القتال على أنها عبارة عن أهداف.. إن إقامة حكم إسلامي هذا أصل عام ولكن عملية الدفع هدف أيضا .
الله سبحانه وتعالى يقول ( وما لم لا تقاتلون في سبيل الله ) هذا عام ( والمستضعفين من الرجال والنسا والولدان.. ) ( النساء 75) هذا هدف آخر والرسول عليه الصلاة والسلام قال عرضك... دمك.. مالك..
هذا كله من أسباب القتال وقال تعالى ( وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) ( التوبة 12) يقول ابن تيمية في من يشتم النبي صلى الله عليه وسلم بوجود الإمام في كتابه( الصارم المسلول على شاتم الرسول) .
بعدما جاء بالأدلة ( يقتل ولا يعذر به ولا يؤاخذ وإن جاء بالشهود وشهدوا أنه إنما قتله لأنه شتم الرسول صلى الله عليه وسلم ) وقال في مكان آخر: ( لو أن رجلا قتل آخر لأنه سب الله سبحانه وتعالى يعذر به ولا يحد.
لأن رب العالمين قادر على رد حقه وهو حي موجود بينما الرسول عليه الصلاة والسلام ميت غير موجود وحقه متعلق في رقاب المسلمين والدفاع عنه واجب على المسلمين) .
فذاك الرجل تؤجل مسألته وترفع إلى الإمام والإمام يحاسبه، أما رجل شتم الرسول صلى الله عليه وسلم فحقه متعلق بك أنت..
فهذه الأمور كلها يجب أن تتبناها الجماعة، فنحن جماعة إسلامية في مصر أو في سوريا أو فى مكان آخر كل عملنا محصور في أننا نقارع مشاكلنا بالذات ولكن هذا ليس كل الدين.
إنك تقاتل لإقامة الحكم الإسلامي ولكن هذا ليس كل الدين، ولكن عليك كمسلم أن تشارك في دفع الصائل عن العرض وأن تشارك في دفع الصليبين والأمريكان أن تشارك في قتال الطواغيت والطاعنين في دين الله الصحفيون في مصر هلكوا الدين وهلكوا الحرث والنسل جهارا نهارا، والصحفيون في كل مكان.
البارحة نشرت صورة في مجلة ( فلسطين المسلمة) وكانت صورة مخزية للغاية تجعل الإنسان أن يضع رأسه بين الأحذية( ديفيد ليفي) هذا اليهودي زار مصر فدخل على ( جامع محمد على) وفي الصورة يظهر رجل وهو أحد العاملين في المسجد وهو يقوم بوضع الحذاء البلاستيكي لديفيد لكي يمشي به على السجاد ولحية الرجل تبعد عشر سنتيمترات عن قدمي ديفيد.
فهذه الأمور نحن نقول أننا يجب أن نحاول أن نقوم بها وقد يأخذ أحدهم بمبدأ الكف عن واجب لأداء واجب أعظم .
أنا لو قتلت اليهودي الآن قد أضرب مخططي العام.. فللأمير والجماعة الجهاد ية أن تتخذ المنهج الذي تراه صحيحا.
ولكني أنصح أمراء الجماعات الإسلامية أن يتفتحوا قليلا عن قضاياهم ويهتموا بقضايا المسلمين، لأنك حتى تكون قد انتهيت برنامجك في مصر أو في الجزائر يكون الصليبيون قد ابتلعوا المنطقة كلها وابتلعوك وانتهى الموضوع وسبق السيف العظم، مثل الرجل القاعد على الماكينة وهو ينسج الثوب بالماكينة وبيته يحترق .
فتقول يا أخي إن البيت يحترق فيقول : لا أقوم قبل أن أنسج الثوب يا أخي إن النار سوف يحرقك ويحرق البيت ويحرق ثوبك.
أنا أقول وأستطيع أن أناقش نصف الدنيا في هذا الموضوع إنه ليس ع هناك جماعة إسلامية واحدة على ظهر الأرض أعلمها، قادرة على أن تطيح بدولة الكفر وتقيم بدلها دولة إسلامية أبدا..
قد يكون هناك جماعات إسلامية قادرة على أن تطيح بكفر في منطقة ما ولكنها غير قادرة على أن تقيم محلها الإيمان لأن عملية إقامة الإسلام عملية كوادر مبينة. الرسول صلى الله عليه وسلم بنى كوادره العسكرية أولا،.
والكوادر العسكرية نفسها كانت كوادر تنظيمية ودعوية، تجد أنه كان يرسل شخصا كائد جيش، وتجده يرسل نفس الشخص كقاضي ويرسله كمفتي ويرسله كداعي... وذلك لأنهم كانوا مستكملين لهذه الصفات.
والكلام الذي فصله سيد قطب وهو موجود في كتاب ( الدعوة في ظلال القرآن) وأنا أؤيده في ذلك : ( إن استكمال الكوادر قبل الجهاد لن يكون) لذلك يجب أن يكون هناك جهاد ولكن هذا الجهاد ما ربطه بقضية الدولة.
أنا أرفض فكرة التنظيمات التي تقول أننا لا نجاهد إلا عندما تستكمل إمكانية إقامة الحكم العام لإقامة الحكم الإسلامي وقتال الطواغيت والجهاد الخاص لدفع الصائل بأشكاله وهذا الجهاد يجب أن يحصل أيضا عندما يقوم..
يقول سيد قطب وأنا على هذه الفكرة وعلى هذا المذهب في موضوع قيام الدولة (إن هؤلاء الناس الذين قاتلوا في سبيل الله فترات طويلة وتمايزت مقاديرهم من خل القتال وليس من خلال الجهاد تنبت ههذ الطاقات التي تكون قادرة على أن تستلم الدولة من خلال القتال وليس من خلال أعدادها فترة سابقة للقتال.. ) وهذه تحصل لدرجة تجعل الجماعات الجهاد ية ناكصة أداء فرائض حقيقية موجودة على أرضها بزعمها أن لديها مخططا ويترك الكفر يسرح ويمرح، يذهب ويأتي.
أنا كنت مرة في المسجد الأزهر فدخل سواح أجانب ودخلت معهم امرأة عارية، فمسكت شخصا يبدو عليه أنه خادم المسجد من الذين يلبسون السواح الأحذية البلاستيكية قلت له: كيف تدخل هذه المرأة العارية فقال لي ( دى يا ابني من شئون وزارة السياحة) سبحان الله.. مسجد الأزهر تابع لوزارة السياحة .
وليس لوزارة الأوقاف.. فحالة مثل هذه الحالة تجعل الجماعات الجهاد ية كلها ملتفتة إلى موضوع أساسي وهو أننا نعد لقيام الحكم الإسلامي ونترك كل هذه المصائب تحصل.. تجمع هذه المصائب تمنع هذه الجماعات أصلا من الوصول إلى نتيجة، وهي نتيجة إقامة الحكم .
ونحن نريد أن نربحهم سلفا ونقول لهم: لن تستطيعوا أن تعدوا لأن تكونوا قادرين على إقامة دولة قبل بدء المعركة.. المعركة يجب أن تحصل وتتمايز أقدار الناس فيستشهد من يستشهد، ويبقى من يبقى فيبرز عندك فلان يكتب النشرات خلال المعركة وقليلا قليلا يظهر لك أنه كادر إعلامي ممتاز. فلان من خلال معارك جلال آباد ظهر أنه رجل عسكري يقود الجيوش ويستطيع أن ينتصر.
وفلان ظهر أنه رجل فقيه ويمكن أن يكون هو المستشار الشرعي.. وهكذا تتمايز أقدار الناس من خلال المعركة، وبعد ذلك يجب أن تضع في حساباتنا أن قيام الدولة الإسلامية أو قيام الحكم الإسلامي هو ملك والله سبحانه وتعالى يقو ل( .. تؤتي الملك من تشاء وتنز الملك ممن تشاء.. ) ( آل عمران 26) عملية إعطاء الملك ليس لها علاقة بمقوماتك فهو هبة من الله سبحانه وتعالى .
وقدرتك على هذا الملك ليس لها علاقة بعالم الأسباب والمسببات فعلاقتك بعالم الأسباب هو قوله تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) ( الأنفال 60) فهذه هي استطاعتك ولو طال بنا الحديث إن شاء الله في مجال آخر نستعرض معارك المسلمين التي حصلت في التاريخ والتي كانت من العجائب حيث كان المسلمون قليلين ولم يكن هذا في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عصر التابعين ولا في عصر الصالحين بل كان في عصر دول الطوائف والانحطاط التي كانت البدع تغمر العالم الإسلامي غمرا.
وأضرب مثالا سريعا على ذلك، معركة حدثت قبل قيام الدولة العثمانية من قبل طائفة اسمها السلاجقة – سلاجقة الترك وسلاجقة الروم هم أجداد الترك في هذه المناطق وبرز منهم ملوك جيدين- فهؤلاء السلاجقة كانوا رعاة من التتار وخليطا من الترك في أواسط آسيا وأسلموا بالعدوى فالإسلام الذي كان عندهم كان ممزوجا وخليطا بمصائب كثيرة ولكنهم تقربوا من أهل السنة ومن العرب ثم بدأوا يصلحون المملكة وحولوها من الوقت إلى مؤهلات إسلامية عالية فهي التي ولدت الخلافة العثمانية فيما بعد.
ومن ملوكهم المشاهير رجل اسمه ( ألب أرسلان) الذي خاض معركة مع الروم كانت عجيبة جدا فلو كان الجيش من الصحابة أو من التابعين قلنا يمكن أن يحدث كل شيء فهم كانوا مستكملين لأسباب يمكن أن تؤدي إلى نزول الملائكة.
هؤلاء كانوا أناسا مسلمين وعاديين وضعاف وبدائيين لكنهم أخذوا باليسر فعبدوا الله سبحانه وتعالى على ما بلغهم من العلم وأخلصا في ذلك ثم استكملوا الأسباب وأرادوا عرض الصلح على الإمبراطورية الرومانية وكان الخلاف حول منطقة فى تركيا كان اسمه - الري) وكان فيه ملك ألب أرسلان فالإمبراطور ( رومانوس) أرسل غلى ألب أرسلان وقال له ( لا صلح إلا في الري).
فالرجل وجد أن عملية الحرب واقعة لا محال فجمع الناس وقال إنه سيخرج للجهاد وكان جيشه يعد بمئات الآلاف فقال لهم لا يخرج معي رجل أرسل تجارة ينتظر عدتها ولا رجل خطب امرأة يريد أن يبيت بزوجته ولا رجل أقام أسس دار يريد أن يرفعه إي إنه لم يكن يريد أن يخرج معه رجل قلبه معلق بشيء آخر سوى الجهاد .
فتجمع عنده مجموعة من الناس فقال فيهم وخلع تاجه فرماه على الأرض وقال لهم ليس هناك ملك يأمر فيطاع يعني لا أحد يتعامل معي كملك يأمر فيطاع والذي يعصيه يقطع رأسه بل يذهب فقط من يحمل كفنه فخرج معه على رواية (15) أل مقاتل فنحن نأخذ أعلى رواية للمسلمين مع أخفض رواية من الروم يعني 160 ألف لـ 25 ألف قال قلما أحاطوا بهم كانوا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود.
ودارت المعركة وكان الوقت يوم الجمعة وساعة الصلاة حتى يكون الأئمة على المنابر ويدعون لمسلمين بالنصر ودارت المعركة وسحق الروم سحقا واسر ( رومانس) وأخذوه معهم وقالوا له أنت قلت لا صلح إلا في الري فهذه هي الري فنقوم بالصلح هنا فوقع الصلح وكان مذلا جدا للروم فيه تخريب للحصون والقلاع الرومانية الموجودة على حدود تركيا وغيرها.
وهذه المعركة مذكورة في كتاب ( عشر معارك حاسمة في التاريخ الإسلامي) للكاتب (بسام العسلي) وهذا المؤلف مؤلفاته جديرة بالقراءة وهو مقدم مسرح في الجيش السوري ويعتبر من المؤرخين الإسلاميين وضربت هذا المثال حتى نتصور أنه يجب أن نستكمل أسباب الملك قبل بدء المعركة هذا التصور لا علاقة له بالتصور الإسلامي.
التصور الإسلامي هو عند ما يفرض الله سبحانه وتعالى علينا القتال فرصا نتيجة وجود ظرف استوجب الفريضة العينية للقتال فنحن نعد ما استطعنا ونقاتل بقدر ما نستكمل من الأسباب الإيمانية والأسباب المادية الأرضية فيكون القبول في السماء والنصر في الأرض، لذلك حاولنا في هذه النقطة أن نحدد المنهج الشرعي عن المستعرض .
حيث يحدد أنه نحن قبل ننطلق أصلا في فكرة واحدة إذا انطلقنا منها يبنى عليها فقد ذات اليمين وإذا انطلقنا من الحاكم معترفين بكفر لحاكم فإن هذا يبني عليه فقه ذات اليمين بأن الحاكم يجب أن يقاتل، وهذا الحاكم له طائفة يبني عليه أحكام الطائفة الممتنعة.
وإذا قلنا إن هذا الحاكم غير كافر ابتداءا كما يزعم الإخوان المسلمون وكثير من الحركات الإسلامية، فهم يريدون أن يقطعوا الطريق على من يريد أن يحصرهم في الزاوية الشرعية لأنه عندما يقول أن الحاكم مسلم لا تستطيع أن تلزمه بالقتال أو تلزمه بالجهاد أو تلزمه بالخروج ولكن إذا قال لك أن الحاكم ببساطة تقول له إذا كان الحاكم مسلم وغير كافر فأنت على أي أساس تكون جماعة وتجمع الناس وتطلب البيعة فأصبحت أنت أميرا تريد أن تفرق كلمة المسلمين وهم على رجل جامع؟
فأنت شرعا على منهج أهل السنة يجب أن نضرب عنقك لأن الحاكم مسلم فأنت لماذا أصبحت مرشدا عاما للإخوان المسلمين؟
فإذا هو مسلم أنت ماذا تفعل؟ فإذا كان مسلما اذهب وادخل في طاعته نادي المسلمين إلى أن يدخلوا في هذه الدولة ودعنا ننطلق لفتح البلاد وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد والسعي لإعادة الخلافة الإسلامية الراشدة.
خ- إذا كان الخميني مسلما على زعم كثير ممن زعم ذلك فى 1979 لماذا لم تهاجر الحركات الإسلامية كلها إلى قم وننطلق من طهران لفتح العالم؟
هؤلاء الناس وقعوا في تناقض أساسي هي أنه إذا كان هؤلاء الناس مسلمين فنحن أما في طاعتهم وإما بغاة يجب أن تضرب أعناقنا هذه النقطة الأولى فهم قطعوا الطريق على أنفسهم وقالوا بإسلام الحاكم علما أنهم كانوا يكفرون الحاكم فلما جاءهم من يقول كيف تقول بإسلام الحاكم وسيد قطب عندكم يقول بكفر الحاكم خرج عمر التلمساني المرشد الأسبق للإخوان وغير القضية كلها.
وقال : ( سيد قطب يمثل نفسه ولا يمثل الإخوان المسلمين وليس لع علاقة بالإخوان المسلمين لأن فكرنا يبنى على ما كتبه حسن البنا وما كتبه حسن الهضيبي وما كتبه قادة الجماعة أما سيد قطب فهو مفكر إسلامي نأخذ منه ما نراه مناسبا ونترك) وقطع الطريق وتحلى عن سيد حتى لا يجد نفسه على بقعة من الملح لأنه يقول بإسلام الحاكم .
وفي الأردن كانوا يقولون بكفر الملك حسين وربوا كل جماعاتهم على هذا الأساس والآن بدأوا يدخلون البرلمان ويصرحون جهارا ونهارا أننا كنا مخطئين لما قلنا حسين بن طلال كافر ولكن تبين لنا بعد دراسة المسألة مرة أخرى شرعيا أن الحاكم ليس بكافر وأنه كفر دون كفر وأنه هناك رأي ابن عباس وغيره على هذه المسألة.
ثوابت وأساسيات في المنهج السياسي الشرعي للجماعة المجاهدة
أولا: أنظمة الحكم والدساتير والتشريعات والقوانين المطبقة في بلاد المسلمين اليوم أنظمة وضعية كافرة، مستوردة من ديار الكفر لا تمت هو القاتل الإسلام بصلة غلا في فرعيات محدودة لا تخرجها في مجموعها عن حالة الكفر الأكبر المخرج من ملة الإسلام.
ثانيا: حكام بلاد المسلمين بناء على ما تقدم وبناء على موالاتهم الكاملة لليهود والنصارى والملحدين بصورة سافرة أو متسترة كفار أكبر يخرجهم من ملة الإسلام.
ثالثا: أعضاء الجهاز الحكومي المباشر رئيس الدولة ( أو ملكها أو أميرها) ونوابه ووزراؤه ونوابهم المباشرين وأعضاء البرلمان والجهاز التشريعي في الدولة.
هم من الناحية الشرعية الحاكم المباشرون بغير ما أنزل الله يدخلون في عموم الآية الكريمة ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) منهم فئة كافرة مرتدة خارجة من الملة.
رابعا: طائفة أعوان الحاكم وكبار معاونيه وقادة أجهزته السلطوية والمدافعون عنه بأي شكل من الأشكال سواء بالسلاح أو الإعلام أو الفتاوى .
وكذلك صغار أعوانه وجنوده وقضاته وجلاديه ه طائفة كفر ممتنعة بشكل عام لقول الله تعالى:" إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) وقوله تعالى (والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت) .
ولا يمنع هذا الحكم العام على الطائفة بالكفر لعموم النصوص أي يكون فيهم من يخرجون عن حكم الكفر بأعيانهم لعذرهم بمانع من موانع التكفير، كالعذر بالجهل أو التأول الفاسد أو الإكراه أو الشبهة أو انتفاء القصد.. الخ مما بينته السياسة الشرعية الإسلامية.
ومن كان منهم معذورا بعذر معتبر شرعا فهذا ينفعه في الآخرة بينه وبين الله تعالى، كما في حديث البيداء ( ثم يبعثون على نياتهم) كذلك من علم من أحدهم عذرا معتبرا عامله معاملة المسلمين، إلا أنه لا يجب علينا تبين أحوالهم فردا فردا كما لم يفعل الصحابة مع المرتدين. وإنما تقاتلهم جميعا على صفة واحدة الردة، ومن قتل منهم بعثه الله على ما يعلم من نيته وسريرته.
خامسا: إننا بناء على ما تقدم ومن خلال جهادنا في سبيل الله نوجب قتال هؤلاء الطواغيت وطائفتهم الممتعنة بعد إعلان الجهاد ولو كانوا مكرهين أو جاهلين أو غير ذلك ويبقى قتلهم أو عدمه محل تقدير المصلحة والضرر بعد علم جواز بل وجوب ذلك من الناحية الشرعية غذ ليس بالإمكان تبين أحوال الأفراد لكونهم ممتنعين عن أهل الجهاد .
سادسا: عامة المسلمين ودماؤهم في بلاد المسلمين حرام الدم والمال والعرض، يعصمهم شهادتهم أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وحسابهم على الله تعالى، لا نكفر أحدا منهم إلا إذا أنكر معلوما من الدين بالضرورة أتى ناقضا من نواقض الإسلام وقامت عليه الحجة فاستنكف وأصر.
'سابعا: بلاد المسلمين تعلوها أحكام الكفر. ونظام الحكم فيها بغير ما أنزل الله . والحكام وطائفتهم فيها فئة ممتنعة ذات شوكة قائمة على الكفر وقهر الإسلام والمسلمين.
وجمهور أهلها مسلمون لا نكفرهم، وهم بإسلامهم معصومون كما أسلفنا.
ولذلك ههذ الديار كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية اختلط فيها الأمر وتركب فيها المعنيان ، فهي من حيث الحكم عليها دار الإسلام لكون عموم أهلها مسلمين. وهي من حيث الأحكام التي تعلوها والسلطة المرتدة المحاربة لله ورسوله دار حرب وكفر.
وهي بذلك حالة طارئة كما ذكر ابن تيمية- رحمه الله – للمؤمن المسلم فيها عصمة الدم والمال العرض وكل حقوق أهل الإسلام.
وللمحارب المناجز عن الطاغوت فيها ما يستحقه من حلة الدم والمال وأحكام أهل الحرب وبناء على علة هذا فأعيان ومؤسسات الهيئة الحاكمة وطائفتها المحاربة حلال الدم والمال للمجاهدين في سبيل الله أما المسلمون فيها فهم حراء ذلك ويجب تمييزهم والانتباه لذلك ( يا أيها آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا).
ثامنا: سائر المعاهدات والعهود والتشريعات المحلية والاتفاقات الإقليمية والدولية التي أبرمها وقررها الطواغيت في بلاد المسلمين مع مختلف الجهات المحلية ومع طواغيت المسلمين ومع الجهات الاستعمارية الكافرة من يهودية وصليبية غيرها باطلة شرعا بطلانا كاملا وغير ملزمة للمسلمين لكونها بين حكام لا ولاية لهم لكفرهم وردتهم.
تاسعا: بناء على ما تقدم فكافة أشكال تواجد الصليبيين واليهود والجهات الكافرة الخارجية والموالية لها محليا، وهي سند للطاغوت الذي يمثلها ويحافظ على مصالحها، كل هذه الجهات هدف أساسي للجهاد لا تعصمهم منا اتفاقياتهم مع الطاغوت ولا تؤمنهم فهم حلال الدم المال بإطلاق – من الناحية الشرعية- ويجب تنظيف بلاد المسلمين منهم
عاشرا: كافة الجماعات الإسلامية – من أهل السنة والجماعة- والتي رفعت راية جهاد صافية هم أولياء لنا ونحن أولياؤهم وبيننا وبينهم حق النصرة والعون ونحن وإياهم في حلف على أعدائنا من الطواغيت ومن وقف معهم في الداخل والخارج.
أحد عشر : كافة الجماعات العاملة للإسلام من أهل السنة والجماعة ، إخوة لنا في الدين ونواليهم بقدر ما لديهم من حق والتزام بشرع الله تعالى، ولا نقرهم على ما كان لديهم من البدعة والانحراف عن شرع الله ونبرأ من ذلك. ولهم علينا حق النصيحة والإرشاد، ننبهم على ما لديهم من الانحراف كي يتجنبوه والحوار بيننا قائم، يفصل بيننا كتاب الله تعالى وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم وهدي سلفنا الصالح ويحكم علينا وعليهم الحجة والدليل.
نعتبر دائرة العمل للإسلام كالسفينة التي استهم ناس أعلاها وناس أسفلها ونرى لزاما علينا واجبا شرعيا أن نقيم الحجة على كل خرق وحدث وبدعة ليس عليه أمرنا، ونبين مدى الانحراف وتدعوهم والمسلمين جميعا للتنبيه إليه والعودة عنه.
ونعتبر ذلك من جهاد البيان المتوجب علينا حتى لا نكون من الذين كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه.
ولا نعتبر السكوت على ما أتوا به وأشاعوا من باطل وانحراف- حال وجوده- من باب ان يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه.
لأن العذر فيما كان من خلاف التنوع المشروع المؤيد بالدليل الشرعي وليس في الزيغ والهوى والبدعة والانحراف عن منهج الله تعالى.
اثنا عشر: علماء الإسلام وأهل العلم وقادة العمل الإسلامي ومفكروه وأهل الفتوى والرأي في المواضيع التي تمت بشكل من الأشكال للعمل الإسلامي وأمور السياسة وما تعلق بها هم بالنسبة لنا أحد الأصناف التالية:
- 1- العلماء العاملون: وهم العلماء القادة العاملون للإسلام المجاهدون في سبيله الواقفون في وجه الطواغيت سواء باليد أو اللسان أو بكليهما معا.
- جمعوا العلم يشرع الله إلى العمل في سبيله فهؤلاء قدوة لنا وأوليا وهم أولوا الأمر الحقيقيون وقدوتنا في كل ما وافق كتاب الله وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم وهدي سلفنا الصالح رضي الله عنهم.
- 2- العلماء المستقلون: الذين لم يتجاوز الطاغوت من الطواغيت، ولم يناصروه ولم ينتموا إليه وكذلك لم ينضموا لقافلة العاملين على حربهم المجاهدين في سبيل الله، بل تفرغوا للعلم الشرعي البحث واكتفوا بالتأليف والتدريس فصار لهم أتباع وطلاب وجمهور.
- فصاروا يتكلمون أحيانا في أمور السياسة وقضايا العمل الإسلامي بشكل مباشر أو غير مباشر للرأي العام حينا وبالفتوى الشرعية حينا آخر.
- فهؤلاء بالنسبة لنا يؤخذ منهم العلم بشكل عام ويستفاد منهم في مجالات اختصاصاتهم الشرعية العلمية .
- أما ما كان من فتاواهم وآراؤهم في السياسة وما يمس العمل الإسلامي فيؤخذ منهم بقدر ما وافقت أراءوهم الحق المدعوم بالدليل الشرعي ويرد عليهم وفق نفس المقياس بكل ما يناسب أدب الخلاف وإنزال أهل العلم منازلهم..
- 3- العلماء المرتدون: وهم العلماء الذين يوالون الطواغيت المرتدين من حكام المسلمين ويشهدون عليهم بالإسلام رغم انكشاف حالهم وافتضاح ردتهم للقاصي والداني، وهم يحاربون من خرج على هؤلاء الحكام ويصفونهم بالبغي والخروج على أولياء الأمر الذين أوجب الله طاعتهم كما يزعمون بل يقاومون من قاوم هؤلاء الطواغيت وجاهدهم في سبيل الله.
4- فهؤلاء العلماء هم طائفة الطاغوت الكافر وأعوانه المباشرين المحاربين في سبيله والمدافعون عنه بسلاح أمضى من السيوف والمدافع وهو سلاح الفتوى وسيف العلم والشرع.
- يبدلون الكلم عن مواضعه ويشترون بآيات الله ثمنا قليلا فنحن وهذه الفئة المرتدة من العلماء في حرب.
- ويجب الرد عليهم ردا شرعيا مدعوما بالدليل، ثم فضح طريقتهم ونفاقهم والتصدي لهم، وقطع دابر المفسد منهم لأنهم رؤوس الطائفة الممتنعة المحاربة لله ورسوله والمؤمنين.
- 5- قادة العمل الإسلامي ومفكرته وكتابه: وهؤلاء إجمالا ليسوا من أهل العلم الشرعي الفاصل ومعظمهم من قادة العمل والحركة السياسية أو من أهل الفكر والكتابة والصحافة والخطابة وتتفاوت مراتبهم العلمية الشرعية زيادة أو نقصانا.
- ومن مصائب العمل الإسلامي أن ترى جلهم يتدخل في أمور الشرع فيفتي ويصرح وينظر ويكتب وينشر...
- 6- والأصل أن يكون حوارنا مع هؤلاء الاحتكام للشرع وفقه الدليل، لإنصاف المصلح العامل بمقتضى الكتاب والسنة ، والأخذ على يد المفسد المبتدع والسرد عليه وفق الأساليب الشرعية والخلق الإسلامي المتزن.
ويجب لفت النظر هنا إلى ضوابط هامة في التعامل مع هذه الطائفة من أهل العلم والعمل الإسلامي:
- 1- ليس بعد نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم فكما قال الإمام مالك كل يؤخذ من كلامه ويترك إلا صاحب القبر الشريف عليه الصلاة والسلام.
- 2- الحكم الفصل فيما اختلفنا فيه هو كتاب الله وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم .
- 3- ليس في الإسلام أحبار ولا رهبان نتخذهم أربابا من دون الله كما فعلت اليهود والنصارى، وليس لدى أعل السنة والجماعة آيات معصومون كما فعلت الروافض وطوائف الضلال.
- وليس لأحد قدسية مهما كان قدرة في العمل وليس لأحد قدسية مهما كان قدره في العمل ومكانته بين الناس تمنع رد رأيه إن هو حاد عن منهج الإسلام وناصر الطاغوت ووقف معه.
- فقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء والثابت البين هو دين الله المحفوظ المتين.
- 4- ليست البذاءة والشتيمة والطعن واللعن من أخلاق المسلمين فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء .
- وفي قاموس الشرع الواسع المحيط من الصفات المصطلحات ما يغني عن الإسفاف والهبوط لأخلاق وألفاظ لا تليق بالمسلمين .
- فكل فعل وقول منحرف عن الإسلام له اسمه ووصفه وحكمه في شرع الله الكامل.
- 5- ثلاثة عشر: لابد لأداء فريضة الجهاد بأسلوب متكامل مجد من العمل من خلال جماعة منظمة منضبطة يتعاون أفرادها على البر والتقوى وذروة سنام الإسلام وهو الجهاد في سبيل الله .
- ولابد لكل تجمع شرعا وعقلا من قيادة عليه ومن رأس يتولى المسئولية فيه في القيادة والتوجيه والسير غلى الهدف المنشود ولما كان الإسلام قد شرع للمسلمين أن يتعاهدوا ويتواثقو على الطاعات ومرضاة الله عز وجل فإنه لابد من أن يتخذ التنظيم المجاهد في سبيل الله أميرا يتعاهدون معه على السمع والطاعة وفق الأصول الشرعية للقيام بهذه المهمة.
- خصوصا في طريق تكتنفه المشاق وتميزه التضحيات ولذلك نقول بوجوب التزم أعضاء التنظيم الجهاد ي الذين اتفقوا على منهج واضح لأداء هذه الفريضة مع قيادة هذا العمل ممثلة بأميرها بالعهد على الجهاد الذي تسميته لغة وشرعا الموثق أو البيعة.
أربعة عشر: لابد لكل أمير يقود جماعة على طريق الجهاد في سبيل الله من الشورى التي تعينه وتقربه – بمشيئة الله وعونه- نحو الصواب .
ولابد ولا سيما أن الأمر أمر جهاد ومسيرة وتضحيات من أن تستكمل هذه الشورى وفق المتيسر حسب ظروف التنظيم وأميره وأحوال العمل بأسلوب عليه أفراد القيادة بحيث تتحقق من خلال الهيئات، المؤسسات والأفراد والأمناء من أصدقاء الجماعة الأكفاء.
ويجب أن تكون هذه الشورى ( لازمة غير ملزمة) أى واجب على الأمير تحقيقها بطريقة من الطرق لأمر الله تعالى( وشاورهم في الأمر) وغير ملزمة له( فإذا عزمت فتوكل على الله) يستنير بها ولا تفيده فينطلق متوكلا على الله في القرار ويتحمل مسئوليته أمام الله تعالى ثم أمام جماعته.
خمسة عشر: يجب أن تتوثق قيادة العمل الجهاد ي من أهلية الأعضاء المنتسبين وتتأكد من توفر شروط العضوية فيهم من قبيل :
الإسلام، العقل ، البلوغ، الكفاءة ، السلوك الحسن والاستقامة ، التعهد بالسمع والطاعة في غير معصية وأداء القسم على العهد، تبني فكرة الجماعة ومنهجها، عدم وجود التزام في جماعة أخرى .
وإنني إذا اختم ههذ السطور أعلم أني قد وطأت موطئا يغيظ الكفار وأرجو أن يكون قد كتب لي به عمل صالح.
اللهم إن أحسنت فمنك لا يهدي للخير إ أنت ولك المنة والفضل وإن أحسنت فمن نفسي القاصرة وأنت غفور رحيم فسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.