المؤتمر الشعبى العالمى لنصرة فلسطين
استضافت العاصمة التركية اسطنبول وعلى مدى يومين( 22 و23 ماي) فعاليات المؤتمر الشعبي العالمي لنصرة فلسطين تحت شعار "نحو نصرة دائمة ل فلسطين " بحضور حوالي 500 شخصية من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني من مختلف انحاء العالم يتقدمهم عدد كبير من العلماء والشخصيات الفكرية والسياسية منهم المشير عبد الرحمان سوار الذهب والشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين والشيخ رائد صلاح والشيخ راشد الغنوشي و الأستاذ أسامة حمدان
وفي كلمة الافتتاح قال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي " لكي تنتصر فلسطسن علينا أن نجمع شمل الأمة ومن أهداف مؤتمرنا هذا جمع الفعاليات المختلفة اسلامية و مسيحية عربية ودولية وكل من ينتصر الى الحق كي نقف صفا واحدا كالبنيان المرصوص فنحن نعمل على توحيد الكلمة كما نعمل على كلمة التوحيد، فلله سنن في النصر ومنها ان لا ينصر الحق الا بأهله، فأمة المليار ونصف مسؤولة عن هذه القضية والله لن ينصرنا الا اذا نصرناه قال تعالى " وكان حقا علينا نصر المؤمنين" فالنصر للمؤمنين بالمؤمنين قال تعالى " هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين" وأضاف الشيخ القرضاوي أن " المقاومة يجب ان تبقى وان نعمل على بقائها ونشد من ازرها ونقوي ظهرها فبدون مقاومة لن يعطي اليهود شيئا وأقول للذين يلهثون وراء عملية السلام ان شجرة الحرية لا تروى إلا بالدماء:(وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق)، فاتقوا الله في وطنكم وشعبكم وتنازلوا عن اهوائكم وشهواتكم وامتثلوا لما يطلبه منكم دينكم وأمتكم وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ومن البر المحافظة على حقوق شعبكم المشروعة في العودة واستعادة القدس والمسجد الأقصى وتحرير فلسطين.
وحول زياة البابا الأخيرة الى المنطقة قال الشيخ يوسف القرضاوي " كنا نود لو أن البابا تفضل بزيارة المحرقة الهائلة والكبرى في غزة ولقد كرر البابا الاعتذار لليهود دون ان يعتذر للمسلمين عن إساءته لرسولهم صلى الله عليه وسلم رغم انهم لا يعادون أحدا ويسالمون كل من بسط يده اليهم بالسلام ولا يدخلون الحرب إلا مكرهين قال تعالى " كتب عليكم القتال وهو كره لكم" واعرب الشيخ في الختام عن أمنيته بأن يؤم المسلمين في المسجد الأقصى المبارك رافضا زيارته في الوقت الحاضر وقال " أنا أحرم زيارة الأقصى الآن وهي في يد الإحتلال"
أما الشيخ رائد صلاح فقد نبه الى الأصوات التي بدأت ترتفع منادية بتدويل القدس والمسجد الأقصى و قال " إن التدويل مرفوض لأن التدويل يعني الإحتلال والحل الحقيقي هو زوال الإحتلال وليس غير ذلك"
وأكد الشيخ راشد الغنوشي من جهته أن قضية فلسطين قضية مباركة لم تجمع حولها فصائل الأمة فقط بل جمعت معهم ممثلي أحرار العالم والإنسانية، "على نحو إنه لو لم تكن لنا قضية بحجم فلسطين لوجب أن تكون حتى توقظ الأمة وتستفزها فالأمم العظيمة في حاجة الى قضايا كبرى تتوحد بها ومن اجلها"، منبها الى أن هذه الوحدة لا يجب ان تكون اصطناعية وانما وحدة حقيقية على ارضية الثوابت والحقوق المشروعة، "ففي القاهرة مثلا امتدت اللقاءات والمناقشات لأسابيع من أجل ترقيع وحدة بين انصار التسوية وانصار المقاومة، كيف يمكن التوحيد بين من يطالب بالتحرير والمقاومة، وبين من يتاجر بالقضية ويجعل منها سلعة؟ لقد حصلت سابقا صيغ توحيدية مختلفة ولكنها جميعها فشلت عندما وضعت على الأرض ـ فتميز الخبيث من الطيب والحق من الباطل" وقال الشيخ الغنوشي " إن التفوق في السلاح ليس عاملا حاسما في النصر وشواهد ذلك في لبنان وغزة فالشعوب المؤمنة والمصممة على المقاومة بإمكانها النصر على ترسانة السلاح لأن الإنسان هو الذي صنع السلاح والإنسان المؤمن أقوى من الآلة والشعوب المستضعفة قادرة على مقاومة أفتك الأسلحة اذا تسلحت بالمقاومة وطلب الشهادة، فعندما يتجاوز الانسان حاجز الخوف من الموت يصبح قوة لا تقهر، فالشيخ أحمد ياسين بقليل من المادة وكثير من الإيمان والروح هزم جنرالات الجيش الذي قيل عنه إنه لا يقهر".
وأضاف الشيخ " إن الذي يتنازل عن القدس إنما يتنازل عن المسجد الحرام و المسجد النبوي لأن الله تعالى ربط بينهما في كتابه العزيز قال تعالى " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى" فهذا الربط بين المسجدين يفيد أن سقوط أحد أطراف المعادلة يسقط الآخر" منبها الى "أن من العرب من يبيعون فلسطين كما باعوها بالأمس فهم يكررون سيرة من سبقهم من الذين أسهموا مع الجيش البريطاني في تفكيك الخلافة وبيع فلسطين" وأكد الشيخ الغنوشي " أن المشكل مع الصهاينة ليس لأنهم يهود فقد تظاهر معنا بعض اليهود ضد العدوان على غزة وانما المشكل مع الاحتلال وقادة المشروع الصهيوني الذين لا علاقة لهم باليهودية"، فالمشروع الصهيوني هو كيان استعماري وظيفته تفكيك الأمة وإعاقة نهضتها، فهو سرطان في جسم " الأمة التي ستلفظه بقدر ما فيها من مقومات البقاء ولأننا نؤمن أن هذه الأمة إنما وجدت لتبقى لحملها الرسالة الخاتمة فإنها بالتأكيد ستلفظ هذا الكيان" وخاطب الشيخ الغنوشي أنصار التسوية بقوله "إن الصهاينة يبيعون لكم الأوهام بالوقت والاستيطان، فكفوا عن بيع الوقت والأرض بالأوهام" معتبرا الخلاف حول السلطة في فلسطين ظاهرة غريبة في التاريخ " إذ لأول مرة يختلف الناس حول شيئ غير موجود ففي ظل الإحتلال لا مكان لغير المقاومة فصراعنا مع الكيان الصهيوني ليس صراع حدود وإنما هو صراع وجود فوجود الأمة مرتهن بتحريرها من هذا السرطان" وقد صفق الحضور طويلا لقول الشيخ الغنوشي " لن نعترف بإسرائيل لن نعترف باسرائيل .هذا هو صوت الأمة والذين يساومون على فلسطين ليسوا من الأمة"
وأما الأستاذ أسامة حمدان فقد أكد على أن " مشكلة المقاومة ليست في الإحتلال وحده، وإنما في عيشها في ظل من يعارض وجودها من أبناء شعبها، ويحاصرها من أبناء الأمة" مشيرا الى التحديات التي تواجه المقاومة من مثل حالة الاستنزاف المستمر من خلال العدوان المتكرر بالإضافة الى التحدي الفلسطيني ممثلا في الاتفاقيات التي تنبذ " العنف" وتضمن أمن الكيان الصهيوني عبر الأجهزة الأمنية" التي أصبح عملها وطنيا بعد أن كان خيانة وعمالة " وكذلك التحدي الثقافي الذي "تقف وراءه نخبة مهزومة مقتنعة بالتسوية والتعاون مع المحتل فصار في عرفها الاعتراف بالصهاينة خدمة للوطن وهو ما يعني تسويقا للهزيمة في ثوب وطني".
وفي مقابل هذه التحديات عدد الاستاذ أسامة حمدان عوامل التقدم والنمو في عمل المقاومة ومنها "ارتباط مسيرتها بالله تعالى ولا يمكن لمن ارتبط بالله أن يهزم" مشيرا الى ارتفاع روح الجهاد والارادة والتصميم لدى شباب فلسطين فظهر " إقبال كبير على المقاومة وإقبال على الشهادة التي صارت فخرا بعد أن كان الموت مصيبة" وقال الاستاذ حمدان " إن العمل الشعبي العربي والاسلامي يوفر دعما ماديا ومعنويا للمقاومة ويشكل ضغطا متواصلا على الحكومات والأنظمة لمراجعة خياراتها تجاه المقاومة" ومن عوامل تقدم خيار المقاومة نجاحاته في لبنان والعراق وافغانستان واتساع محور دعم المقاومة كما تجلى في قمة الدوحة ومن المضحك المبكي حسب قوله " أن تطالب الادارة الامريكية بتعديل المبادرة العربية بحذف قضية القدس لتصبح المبادرة اسلامية ويعالج فيها موضوع حق العودة في اطار الدولة الفلسطينية التي ستعترف بيهودية دولة الكيان الصهيوني وليس قبل كذلك".
وختم حمدان كلمته بالقول " إن إسرائيل عاجزة عن تحقيق انتصارات حاسمة ضد المقاومة، فقد فشلت في حرب تموز 2006 وفي عدوانها على قطاع غزة، فخرجت المقاومة أقوى وأشد عودا، والذي يظن أننا سننتصر دون تضحيات يراجع حساباته، فما نصاب به اليوم من قتل وهدم للبيوت هو ثمن النصر القدم بإذن الله"
وأما المفكر الاسلامي الصحفي فهمي هويدي فقد أكد " أن الذي يعرض على الأمة اليوم هو تصفية للقضية الفلسطينية مقابل ان يتكرم نتنياهو باستئناف المفاوضات فالمطروح هو تهويد القدس والغاء حق العودة مقابل ايقاف الاستيطان".
وبحسب هويدي " ليس من المفيد مناشدة الزعماء العرب فالمراهنة على النظام العربي لم تعد مجدية وانما علينا التفكير في تفعيل اداء الشعوب، فحركة الجماهير في العالم العربي والاسلامي هي الفاعلة، فالصهاينة لا يستعلون علينا لقوة فيهم وانما لخوار في قادتنا"
وفي ختام المؤتمر قرأ الشيخ عصام البشير البيان الختامي للمؤتمر الشعبي العالمي لنصرة فلسطين الذي جاء فيه " إن فكرة يهودية الدولة تعبير عن النموذج العنصري لدولة الاحتلال في فلسطين وهو مسعى لتهجير من تبقى من الفلسطينيين ومحاولة لقطع الطريق عن إنفاذ حق العودة"
للمزيد عن الشيخ راشد الغنوشي
.