ذكرى استشهاد ياسين.. تجدد الأمل في نفوس الأحرار

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ذكرى استشهاد ياسين.. تجدد الأمل في نفوس الأحرار

21-03-2014

بقلم: عامر شماخ

في فجر يوم 22 من مارس 2004، ارتقى الشيخ أحمد ياسين شهيدًا أمام مسجد المجمع الإسلامي الذي أسسه بغزة؛ إذ بعد أدائه للصلاة استهدفه الصهاينة بثلاثة صواريخ من ثلاث طائرات فقتلته في الحال مع تسعةٍ آخرين منهم اثنان كانا يدفعان كرسي الشيخ المشلول، وأصيب 15 آخرون منهم اثنان من أبنائه، وقد تناثرت دماء وأشلاء الشهداء والمصابين في أرجاء المكان.

لقد حاول الخنازير قتله أكثر من مرة قبل هذه الحادثة، آخرها في سبتمبر 2003م حين استهدفت مروحيات صهيونية شقة في غزة كان يوجد بها الشيخ، وكان يرافقه إسماعيل هنية، لكنه نجا من الحادث.

ولد الشيخ- رحمه الله- عام 1938 في قرية الجورة- قضاء المجدل جنوبي مدينة غزة؛ تلك القرية التي تقع على أنقاض عسقلان التاريخية المشهورة، وهي تقع على شاطئ الأبيض المتوسط.

تُوفي والده وهو صغير لم يتجاوز عمره الثلاثة أعوام، وكان ترتيبه الثالث بين إخوته الذكور الأربعة الذين عاش معهم في (الجورة) حتى حلّت النكبة بفلسطين عام 1948، فلجأت الأسرة إلى قطاع غزة فهاجر مع أسرته واستقر في مخيم الشاطئ على بحر مدينة غزة، .

وقد ظل في المخيم قرابة ربع قرن من الزمان، ترعرع فيه وتزوج وأعقب عددًا من الأولاد والبنات، ولما ضاق البيت بالأسرة في المخيم عن استيعاب الشيخ وأسرته وزواره ومريديه الذين أصبحوا حديث القطاع، انتقل بأسرته إلى حارة جنوبى مدينة غزة تسمى (جورة الشمس) حيث بنى له مريدوه بيتًا متواضعًا أقام فيه حتى استشهاده.

تعرض الشيخ في فترة صباه (صيف عام 1952) إلى حادث أصابه بالشلل التام الذى لازمه طوال حياته، ففى هذا الصيف وكان عمره 14 عامًا وفى أثناء أدائه لبعض التمرينات الرياضية مع زملائه في البحر سقط على رأسه فاختلت فقرات عنقه، فنقل على الفور إلى منزله، وعولج بالتدليك بالماء الدافئ والزيت -كما هى العادة القروية وقتها- ولما لم يفد ذلك نقل إلى المستشفى ليكتشف الأطباء أن الإصابة خطيرة للغاية؛ إذ تداخلت فقرات العنق وضغطت بالتالى على الحبل الشوكى، ما تسبب في إصابته بشلل جزئى، تطور فيما بعد إلى شلل تام أصاب أطرافه جميعًا.

ورغم هذا الشلل فقد ضرب الشيخ ياسين أروع الأمثلة في التضحية، وقال بلسان الحال: كفانا عجزًا وجبنًا، فالمشلول لم ىمنعه شلله من مجاهدة الأعداء، والمقعد كان رمزًا للفعال قبل المقال، فما بال الملايين يحيون ويموتون فلا نسمع لهم ذكرًا؟! لقد أحيا الشيخ الأمة بعد مواتها، وربى جيلاً ممن يضحون في سبيل الله؛ فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً..

ولقد أسرى روحًا جديدة غيرت وبدلت حال الهزيمة والهوان إلى حال النصر والعزة ..

ولسوف يكتب التاريخ أن الشيخ وتلامذته هم أول من دقوا مسامير نعش الصهيونية في فلسطين، وهم أول من أذنوا برحيل هؤلاء الخنازير عن أرض الإسراء، ولسوف يكتب التاريخ كذلك أنه لولا الإسلام ما تحررت الشعوب، ولولا الجهاد لعاش الناس في ذل.. وهى رسائل واضحة لمن أراد أن يذكّر من القاعدين العاجزين.

والمجال لا يتسع هنا لذكر تفاصيل حياة الشيخ والمحطات الفاصلة التى وجهته هذه الوجهة وجعلته -بفضل الله تعالى- شخصية تاريخية ذات فضل وتأثير..

لكننا نشير لبعض ما أثر عنه؛ لعل فيه الأمل لأمتنا المهيضة في أن تسترد وعيها وتفيق من سباتها، مع العلم أن صاحبنا كان له عذر القعود، لكنه لم يفعل؛ بل العجيب أنه لم يكن أيضًا رقمًا، بل كان- رغم عجزه الجسمي- قائدًا وزعيمًا، ما يدين الأصحاء القاعدين، ويؤكد أن العجز ليس عجز الجسم، بل هو عجز النفس والروح وغياب الإيمان وعماء البصيرة.

يقول الشيخ: - السر يكمن في الإرادة، وإيمان الإنسان بالمبدأ الذى يسير عليه؛ فالدنيوى لو أن الدنيا ذهبت منه فقد خسر كل شىء، لكن الإنسان المؤمن الذى يؤمن أنه ذاهب إلى جنة عرضها السماوات والأرض يريد أن ينتقل من دنيا فانية إلى الراحة والطمأنينة والاستقرار عند رب العالمىن؛ فهو ينتظر هذا اليوم، ويستبسل ويقاتل من أجل الفوز في هذا اليوم، ويثبت في الميدان حتى آخر رمق في حياته.

- هؤلاء المهرولون الذين انتصروا لمعصية الله، لا يصلحون أن يدافعوا عن قضايا الأمة، وأن يقفوا في وجه الأعداء، وسيلفظهم التاريخ كما لفظ من قبلهم، والأيام دول، وصدق الله العظيم القائل: (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران: 140] وصدق الله العظيم القائل: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ) [الأنبياء: 105] فهؤلاء مفسدون لا بقاء لهم في سجل الخالدين.. لا أحياء ولا أموات.

- أؤكد لكم أن الشعوب أقوى من الأنظمة؛ فالشعوب تتحرك في هذه الأيام على عكس ما ترى تلك الأنظمة وما يخطط له العدو.

- إنه ما من خلاص إلا بالعودة إلى الله ومنهج السماء ودعوة محمد بن عبد الله. إن هذه الأمة كانت يومًا ذات عز بالإسلام، وبدون الإسلام فلا غلبة ولا نصر، وسوف نظل نراوح الأقدام مع ما نحن فيه من تخلف.. حتى يتسلم الراية والقياد نفر من هذه الأمة ملتزم بالإسلام منهجًا وسلوكًا، حركة وتنظيمًا، ثقافة وجهادًا.. هذا هو الطريق، ولا طريق غيره.

- أنا أحب الحىاة جدًا، وأحب كل ما خلق الله على الأرض، وأحب الحىاة لى ولغيرى من الناس، ولا أكره الحياة،.. ولا أحسد أحدًا على ما أعطاه الله، وأقبل ما قسم الله لى، ولكننى أرفض الذل والخضوع والعدوان على نفسى.

- أحب العدل وأقيمه، ولو على نفسى، أقىمه بكل شدة، لا أتخاذل في ذلك، أريد الخير لشعبى ولأمتى ولكل العالم.

- أنا متفائل دائمًا، أنظر إلى الكوب فأرى الجزء المملوء فيه ولا أرى الفراغ، أرى الجزء الجيد ولا أرى الناقص، لأن ذلك هو الذى أعطانى هذا الوجود الذى لازلت فيه بالرغم من أني أعانى منذ 45 عامًا الشلل.

- أحمد الله أنى أملك ثقة في الله سبحانه وتعالى، وأملك توكلا كبيرًا على الله سبحانه وتعالى، وأقبل كل ما يصدر من الله في قدره، إن كان خيرًا شكرت، وإن كان شرًا صبرت، هذا هو موقفى إن شاء الله.

- سأبقى مجاهدًا إن شاء الله حتى يتحرر وطنى، لأنى لا أخشى الموت، لأن الأعمار بيد الله مقدرة، لا تزىد ولا تنقص، ولا أخشى الفقر، لأن الرزق بيد الله مقدر، لا ىمكن أن تموت ويبقى لك رزق في الدنيا إلا أن تستوفيه، وعلى ذلك فلماذا الخوف؟ ولماذا التردد؟

- أنا كرست حياتى للعمل وليس للكتابة، وحياتى كلها كانت تطبيقًا لما أقرأ وما أتعلم، أنقل ما تعلمت إلى واقع الحياة، فإن تعلمت آية أو حديثًا قمت وعلمته للناس.

- النصر قادم والتحرير قادم.. المهم أن نجعل مع دعائنا شيئًا من العمل لنصل إلى يوم النصر والتحرير.

المصدر