رسالة حزب العدالة والتنمية التركي: لا بديل

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
رسالة حزب العدالة والتنمية التركي: لا بديل
اردوغان.jpg

طه عودة | 19/8/1429 هـ

كأن (رئيس الوزراء التركي) رجب طيب إردوغان وأركان حزبه العدالة والتنمية عموما كانوا على يقين تام منذ أسابيع بأن قرار المحكمة الدستورية لن يكون ضدهم بدا ذلك من تصريحات أركان الحزب في الأيام الأخيرة أن إجماعا سيتحقق بين القضاة الـ11 الذين يؤلفون هيئة هذه المحكمة الفائقة الصلاحيات على عدم قبول دعوى المدعي العام لمحكمة التمييز عبد الرحمن يالتشينكايا الذي تقدم بها في الرابع عشر من شهر مارس/آذار الماضي لحظر الحزب الحاكم ومنع 71 من أعضائه من مزاولة العمل السياسي لخمس سنوات بحجة تحول الحزب إلى بؤرة للنشاطات المعادية للعلمانية.ومنذ البداية كان واضحا أن إثارة الدعوى القانونية ضد الحزب التركي وكوادره جاءت بهدف عرقلة قضيتين مركزيتين في مشروع حكومة إردوغان: قضية الحجاب وقضية ERGENEKON فآخر التحقيقات أظهرت أن هناك ارتباطا قويا بين دعوى يالتشينكايا وعصابات الدولة داخل الدولة المرتبطة بسلسلة جرائم ارتكبت ضد مثقفين ويساريين وأكراد وكانت تعد لانقلاب عسكري في العام المقبل يطيح الإسلاميين.

ارتباط أكدته واقعة أن نص الدعوى كان موجودا على جهاز الكتروني لأحد زعماء الخلية السرية قبل تاريخ 14 آذار الماضي.

وقبل صدور القرار كان يسود جو في البلاد يوحي بالتشاؤم منذ تقديم يالتشينكايا دعواه حيث دخلت تركيا في مرحلة عد عكسي فللمرة الأولى في تاريخ البلاد الحزب الحاكم يقف في قفص الاتهام إلا نجاح إردوغان في إدارة معركة المواجهة وفي استخدام عناصر القوة عنده والضعف عند خصومه كانت هي القشة التي قصمت ظهر البعير وفي مقدمة هذه العناصر توقيت الكشف عن منظمة "أرغينيكون" السرية التي كانت تضم شخصيات بارزة في الدولة من بينها قائد جيش إيجه السابق وقائد الدرك وشخصيات أخرى قضائية وصحافية واقتصادية وما إلى ذلك وتبين من التحقيقات أن هذه المنظمة كانت تخطط للإطاحة بحكومة إردوغان وأن بعض قياداتها كانت على اتصال مع المدعي العام لرفع دعوى لحظر حزب العدالة والتنمية وهو ما أحرج الجيش والقضاء أمام الرأي العام وأظهر حزب العدالة والتنمية في موقع المدافع عن الديمقراطية،

فضلا عن الاجتماع الذي عقده إردوغان مع قائد القوات البرية التركية الجنرال إلكر باشبوغ الذي يتوقع تعينه رئيسا جديدا لرئاسة الأركان نهاية هذا الشهر وحول وجود اتفاقية بين الحكومة والمؤسسة العسكرية على أن تتوقف حملة الإعتقالات في صفوف منظمة "أرغينيكون" وفي موازاة ذلك ورغم الظروف الصعبة التي كانت تمر بها حكومة حزب العدالة والتنمية فقد استمرت تركيا بالاضطلاع بدور كبير في قضايا العالم الخارجي ومنها الوساطة بين سوريا وإسرائيل والتقريب بين طهران وواشنطن في الملف النووي وكذلك استمرار توفير التغطية السياسية لملفات مثل قبرص وأرمينيا والزيارة الهامة التي قام بها إردوغان إلى بغداد كل هذه الأمور زادت من رصيد الحكومة التركية في عيون الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي التي تأكدت بأنه من غير الممكن الاستغناء عن هذه الحكومة التي تقوم بدور نشط في منطقة الشرق الأوسط.

لا بديل ل حزب العدالة والتنمية

راهن حزب العدالة والتنمية خلال الأشهر الأخيرة الماضية بشكل كبير على النمو الاقتصادي الذي شهدته تركيا تحت لوائه وما يتعلق بذلك من مؤشرات النمو الايجابية فقد وعد إردوغان بصفته زعيما للحزب بالتمسك باستمرار سياسة حكومته الناجحة وتأهيل تركيا بغية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي وعلى الرغم من أن إنجازات حزب العدالة والتنمية الحاكم على صعيد السياسة الخارجية لا تتمتع بوزن كبير بسبب عدم حل القضية القبرصية وتقهقر مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي فإنه بقى بدون بديل سياسي حقيقي فالمعارضة العلمانية تعاني من غياب نهج سياسي واضح وإستراتيجية مقنعة تمكنها من قيادة تركيا إلى مستقبل أفضل وعلى ضوء ذلك جدد حزب العدالة والتنمية نفسه بشكل يتوافق مع متطلبات المرحلة ليصبح حزب تركيا الوحيد الذي يضم في كنفه كافة الأطياف كما أن حزب العدالة والتنمية نجح في إقناع الكثير من المواطنين الأتراك بمصداقية تحوله إلى حزب جديد يحتل وسط اليمين السياسي على خارطة الأحزاب التركية فقد حسن الحزب من صورته أمام الناخب التركي وجعلها أكثر جاذبية.

هل انتهت المعركة؟

إن الصراع الأساسي في تركيا ليس في جوهره بين علمانيين وإسلاميين، بل بين قوى تسعى للتغيير من أجل الاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية وإرساء الديمقراطية وجعل تركيا بلدا له مكانته ودوره في الساحة الإقليمية والدولية وهو ما يمثله مشروع حزب العدالة والتنمية وبين قوى تريد استمرار إضاعة تركيا للوقت لإبقائها في قمم القمع والاستقطاب الداخلي والذهنيات المنتجة للتوتر من هنا نفهم أن الصراع القائم هو بين مشروعين متباينين وليس الحجاب سوى أحد مظاهرها الرئيسية ولا شك أن القـوى العلمانية المتشددة وفي قلبها المؤسسة العسكرية وأذرعها القضائية متضررة جدا من إصلاحات حزب العدالة والتنمية التي تهدف إلى إقامة دولة حديثة تـطيح بمصالح مـزمنة للنخب الكمالية وهذه القوى التي يطلق عليها اسم "الدولة العميقة" إذ أن مشروع حزب العدالة والتنمية كان الأكثر خطورة على هذه الطبقة لأنه الأكثر إنجازا على الصعيد الاجتماعي والإقتصادي والأكثر احتضانا من جانب الخارج، ولاسيما الاتحاد الأوروبي ومن هنا كانت الصعوبة في مواجهة مشروع القضاء على حزب العدالة والتنمية.

خلاصة الحديث..

من الممكن القول: إن حزب العدالة والتنمية بعد هذا القرار قد تخطى "عقبة كبيرة" كانت تهدد وجوده على الساحة السياسية غير أنه من غير المستبعد بوجه عام جولة مواجهة جديدة بين القوى العلمانية المتشددة وعلى رأسها الجيش وبين حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية خصوصا أن حكم المحكمة في جوهره لم يبرئ تماما حزب العدالة من تهمة تهديد المبادئ العلمانية للدولة وبعد هذا القرار فإن الكرة تقع في ملعب حزب العدالة والتنمية وفي انتظار ما سيقرره إردوغان وحزبه في التعامل مع التيارات العلمانية المنافسة.

الزمصدر

للمزيد عن علاقة الإخوان بتركيا

وصلات داخلية

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

أعلام من تركيا

أخبار متعلقة

وصلات خارجية


وصلات فيديو