هل كان السادات ثعلبا حقا ؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
هل كان السادات ثعلبا حقا؟!


أحمد الشريف

أحمد الشريف

(19-4-2019)

لم يقرر السادات العودة مرة أخري ومضى لنهاية الشوط حتى بعد تحذير صديق عمره ووزير خارجيته محمد إبراهيم كامل بعدم توقيع الاتفاقية أثناء تواجدهما في كامب ديفيد في قصة نجيب محفوظ الشيطان يعظ أراد "شطا" صبي المعلم، الخروج عن طاعة معلمه فتوة الحارة "الديناري"؛ فلجأ إلي منافسه في الفتونة المعلم "الشبلي"!

ولكنه كان كالمستجير من الرمضاء بالنار والسعير!! فبعد ان استقبله "الشبلي" بنعومته المعهودة وطمأنه علي حمايته وحماية زوجته، ووعده بالأمان التام في ظل جواره، قام بكل خسة باغتصاب زوجته والاعتداء عليه و سحق كرامته!

وهنا أدرك "شطا" خطئه الفادح وقرر العودة بزوجته مرة أخري إلي المعلم "الديناري" ليعيش في جواره ويعِدَّ نفسه ليوم الثأر والانتقام لشرفه من "الشبلي" ورجاله ،ولم يلبث هذا اليوم أن جاء ليستعيد "شطا" شرفه وكرامته وقد قُتِـلَ في سبيل ذلك! هذه القصة شبيهة في بداياتها (إلي حد ما) بما حدث عندما قرر السادات أن حل المسألة كلها في يد أمريكا وعليها هي فقط أن تقرر مصيره ومصير دولته!

ولكن للأسف لم يقرر السادات العودة مرة أخري ومضى لنهاية الشوط حتى بعد تحذير صديق عمره ووزير خارجيته محمد إبراهيم كامل بعدم توقيع الاتفاقية أثناء تواجدهما في كامب ديفيد حيث قال له: "أرجو منك ثانية أن تعيد النظر في الأمر ولنعد إلي مصر ونجري مشاورات مع الدول العربية لنري خطوتنا التالية"!

فرد عليه السادات:

"لا.. أنا أعلم ما أفعله، وسأمضي في مبادرتي إلي النهاية"!

فأسقط في يد وزير الخارجية وقال:

"إذن فأرجو أن تقبل استقالتي"! "أنا لا أستطيع أن أوافق علي شيء يبدو لي من المؤكد خطؤه وخطره ، ولا أنا أستطيع أن أغشك وأغش نفسي وضميري …!!" (السلام الضائع ص 598) ..

ولكي نفهم هذه المقارنة جيدا يجب أن نعلم ما هي نقاط القوة التي كان يملك السادات استخدامها في مواجهة الصهاينة !!

وتتلخص نقاط القوة التي كانت تمتلكها مصر في خمسة نقاط رئيسية :

  1. العبور المدهش للقوات المصرية أثناء حرب أكتوبر 1973 إلي الضفة الشرقية ل[[قناة السويس]] وتمركزها في سيناء المحتلة!!
  2. الجبهة العربية التي اتفقت كلمتها على التصدي للمشروع الصهيوني والتي حققت تضامنا وتكاتفا عظيما سياسيا وعسكريا واقتصاديا في حرب 1973 وما بعدها للمرة الأولي في العصر الحديث!!
  3. الحليف القوي الذي تمثل في دولة الإتحاد السوفييتي التي كانت تمثل وقتها إحدي القوتين العظميين في العالم ، وهي الدولة التي حاربنا بسلاحها أثناء الحرب ، وأمدت مصر وسوريا بكميات كبيرة من السلاح حتي بعد أن طرد السادات الخبراء الروس من مصر سنة 1972، وبالمناسبة كان هناك مجموعة كبيرة من الخبراء الروس علي الجبهة السورية (5 آلاف) أثناء حرب أكتوبر!!
  4. الثقل الحضاري والجغرافي والديموجرافي (القوة البشرية) لدولة مصر وقدرتها على قيادة الصراع مع الصهاينة مهما طال الزمن!!
  5. أخيرا وقبل كل هذا تأييد الله سبحانه وتعالى لمن يدافع عن قضية الحق ويجاهد في سبيله.

"فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ ۚ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ" … ومن العجيب جدا أن السادات ثعلب العرب، قام بالتفريط في نقاط قوته كلها ثم ذهب عاريا ليفاوض الصهاينة في ظل التحكيم الأمريكي!

بالنسبة للتفريط في النقطة الأولي فكانت علي شقين:

الشق الأول

أثناء حرب أكتوبر حيث حققت بفضل الله القوات المصرية نصرا عظيما بعبور القناة وتحطيم خط بارليف والساتر الترابي مع تحييد التفوق للطيران الإسرائيلي بالقتال تحت مظلة حائط الصواريخ الذي مداه لا يتجاوز العشرة كيلو مترات شرق القناة.

ولكن للأسف قرر السادات الدفع بالقوات المصرية خارج مظلة الصواريخ وتطوير الهجوم علي الصهاينة يوم 14 أكتوبر بحجة تخفيف الضغط علي الجبهة السورية؛ بالرغم من المعارضة الشرسة للقرار من الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان القوات المسلحة مهندس حرب أكتوبر!

والذي ذكر السادات بأنه في عام 1971 كان هناك اجتماع لوزراء الدفاع العرب في إطار اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وقد قال وقتها (حيث كان الشاذلي سكرتير عام المؤتمر) أنه في حالة حدوث حرب مشتركة تدخلها مصر وسوريا معا ضد إسرائيل فإنه لا يمكن لأي دولة من الدولتين الدفع بقواتها خارج مظلة الدفاع الجوي لتخفيف الضغط علي الدولة الأخرى نظرا لتفوق سلاح الجو الإسرائيلي !!

وقد كان الأمر منطقيا بصورة كبيرة حيث أن الهجوم المصري كان بأربعة ألوية في مقابل 8 ألوية إسرائيلية، فلم يكن هناك داع للصهاينة لسحب قوات لهم من الجبهة السورية لمواجهة تطوير الهجوم المصري !!

وكانت النتيجة مذبحة للدبابات المصرية حيث خسرنا 250 دبابة وحوالي 1000 شهيد نتيجة تفوق سلاح الجو الإسرائيلي والخروج خارج مظلة حائط الصواريخ وما تبعها من عبور قوات الصهاينة لغرب القناة ومحاصرة مدينة السويس والجيش الثالث بالكامل وإجهاض النتائج الباهرة للأيام الأولي من الحرب!

وأما الشق الثاني

فكان من خلال أوامر "كيسنجر" وزير الخارجية الأمريكي في لقاء الوفد المصري بأسوان يوم 11 يناير 1974 بعد الحرب مباشرة … والتي تمثلت في سحب القوات المصرية المتمركزة في سيناء مع الإبقاء على 7 آلاف جندي فقط و30 دبابة في شرق القناة وهو ما يمثل أقل من 10 % من القوات الباسلة التي عبرت القناة!

ولما رفض الفريق "عبد الغني الجمسي" رئيس الوفد العسكري المصري، هذه الاقتراحات بشدة لخطورتها علي موقف مصر في مفاوضات فض الاشتباك مع العدو الصهيوني؛ أخبره "كيسنجر" بأن هذا ما اتفق عليه مع الرئيس السادات وعليه مراجعته في الأمر!

فلما راجع "الجمسي" الرئيس وأخبره بأنه لن يستطيع الدفاع عن موقف مصر في سيناء بالقوات الهزيلة الباقية (حسب أوامر كيسنجر) وأنه لا يوجد ما يدعو لهذا التخفيض سياسيا وعسكريا!! فلما أصر السادات علي أوامر كيسنجر أطاع الفريق الجمسي الأوامر وحبس دموعه علي دماء المصريين المهدورة في الحرب التي أجهضها السادات (مذكرات الفريق الجمسي ص 481 – 483)

وأما كيف فرط السادات في نقطة القوة الناتجة من الوحدة العربية وما يليها من نقاط القوة وكيف كانت حياته ونهايته فللحديث بقية إن شاء الله في الحلقات القادمة!!

المصدر