وزير خارجية السودان: أمريكا تقود العالم إلى الهاوية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
وزير خارجية السودان: أمريكا تقود العالم إلى الهاوية

[21-09-2004]

مقدمه

ماذا وراء تصريحات باول

دارفور مفتوحة لكل المنظمات الحكومية وغيرها

الصين تتبنى وجهة النظر العربية فيما يخص دارفور

الحوار مع إريتريا أصبح مستحيلاً

مزاعم باول حول الإبادة الجماعية تعقِّد الوضع في الإقليم

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين دعا لوضع السلاح وإحلال السلام

حوار: محمود سمير

أثارت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي كولن باول- واتهامه الحكومة السودانية بممارسة إبادة جماعية في دارفور، وإعداده مشروع قرار لمجلس الأمن بهذا الخصوص- ردود أفعال متباينة.

فعلى مستوى الحكومة السودانية اتهمت الخرطوم واشنطن بالاعتماد على الكذب في إدارة الصراعات الخارجية، وليس الكذب فقط، بل النفاق والتهديد والإكراه، ووصفت الخرطوم هذه السياسة بأنها تقود العالم إلى الهاوية، مستشهدةً في ذلك بما قاله الرئيس الفرنسي جاك شيراك في العاصمة الإسبانية مدريد: إننا فتحنا في العراق أبواب جهنم، وإننا عاجزون عن إغلاقها، هكذا وصلت أمريكا بالعالم.

واتهمت الحكومةُ السودانية الولايات المتحدة بأنها تسعى- من وراء التصعيد في دارفور- إلى لفت أنظار العالم- وخاصةً المواطن الأمريكي- عما يجري في العراق، من قتل للأبرياء، فاختاروا إفريقيا- وخاصةً السودان- كما أنهم (أي الأمريكان) يتنافسون على أصوات السودان في أمريكا؛ للحصول على أصواتهم في الانتخابات الأمريكية؛ ولذا تقدمت بمشروع قرار لمجلس الأمن تم رفضه، وستتقدم بآخر سيكون مصيره كسابقه.

وعلى مستوى المتمردين فقد أدى التحرك الأمريكي إلى تشدد المتمردين في مفاوضاتهم مع الحكومة السودانية في أبوجا، وقد يؤدي هذا إلى فشل المباحثات حول السياسة الأمريكية في دارفور.. حول هذه القضية وقضايا أخرى دار هذا الحوار مع الدكتور مصطفى إسماعيل عثمان- وزير خارجية السودان.


إبادة جماعية

  • وزير الخارجية الأمريكي كولن بول صرَّح خلال زيارته لدارفور أنه ليس هناك إبادةٌ جماعية أو تطهير عراقي، ثم عاد مؤخرًا واتَّهم السودان بممارسة الإبادة الجماعية في دارفور..!! ما تعليقكم على هذا التغير الواضح في اتجاهات السياسة الأمريكية؟!
الحديث عن إبادة جماعية في دارفور هي نتيجة مغلوطة ومحزنة ومفجعة في نفس الوقت، وهي بالتأكيد تعادل الخطأ الفادح الذي ارتكبته الإدارة الأمريكية بشأن أسلحة الدمار الشامل في العراق، كما أن الأسلوب الذي اتُّبِع للوصول إلى تلك النتيجة لم يكن أسلوبًا علميًّا ولاعقلانيًّا، فقد اعتمد الفريق الأمريكي الذي جمع المعلومات على مشاهدات جزئية من خارج الحدود السودانية؛
حيث قام باستجواب أشخاص مسيَّسين ومتحاملين على الحكومة، ووفقًا لرواية كولن باول فإن الفريق استجوب ألف شخص من مجموع مليونين ومائتي ألف متأثر، حسبما ادعى في بيانه، وهذه نسبة ضئيلة لا يمكن أن تقود إلى نتيجة يُعتمد عليها أبدًا..
  • النتيجة التي توصل إليها باول أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي من أن هناك إبادةً.. لماذا لا تكون دارفور مفتوحةً لكل المنظمات؛ حتى تنقل صورةً صحيحةً تدحض ما ردَّده كولن باول أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ؟!
دارفور ليست منغلقة، بل أصبحت قبلةً لزيارة كبار الشخصيات الدولية؛ حيث زارها كوفي عنان- الأمين العام للأمم المتحدة- وعشرات الوزراء من أوروبا وآسيا وإفريقيا، كما بات الإقليم مسرحًا لأنشطة العديد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية الدولية، وخلافًا لما توصَّل إليه كولن باول من مزاعم لم يصف أيٌّ منهم الوضع في دارفور بأنه إبادة جماعية، وأجمع رؤساء الحكومات والدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي بأن ما يجري في دارفور ليس إبادةً جماعيةً وليس تطهيرًا عرقيًّا.
وزارت الإقليم فرقُ تحقيق من الأمم المتحدة ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان والجامعات العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومختلف المنظمات غير الحكومية.. كل هذه الجهات أجرت تحقيقات وتوصيات حول الوضع ولم تصف أيٌّ منها ما يجري في دارفور بأنه إبادة جماعية.
  • إذن فلماذا أعلن باول ذلك وفي هذا التوقيت؟
التوقيت الذي صدرت فيه مزاعم وزير الخارجية الأمريكي تُثير العديد من الشكوك حول مصداقيتها، فهي تأتي في وقتٍ احتدمت فيه حرارة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وذلك لخداع الناخبين الأمريكيين من أصول إفريقية لكسب أصواتهم، وهي تأتي في وقت تسعى فيه الإدارة الأمريكية لصرف الانتباه المحلي والدولي عن المستنقع الذي أدخلت نفسها فيه (العراق- أفغانستان)، وهي تأتي في وقت ينهمك فيه وفدا الحكومة وحركة التمرد في محادثات السلام في أبوجا بنيجيريا بحثًا عن سلام عادل ودائم لمشكلة دارفور، تحت رعاية رئيس الاتحاد الإفريقي الرئيس النيجيرى أولوسيجون أوباسانجو.
  • وما هي التداعيات التي ستترتب على اتهامات باول؟
هذه المزاعم التي استخلصها وزير الخارجية الأمريكي ستعقِّد الوضع فى دارفور لا محالةَ، وستوجِّه ضربةً مدمرةً لجهود الاتحاد الإفريقي من أجل حل مشكلة دارفور، وهذه المزاعم أَرسلَت رسالةً خاطئة للأطراف المتفاوضة في أبوجا، لا سيما أن المتمردين بدأوا إظهار التعنت والتشدد خلال المفاوضات.
  • بعد هذه الاتهامات الأمريكية ما هي رسالتكم لواشنطن؛ ردًّا على هذه المزاعم؟
أولاً دعنى أتساءل عما يمكن أن يصف به كولن باول القتل الجماعي لملايين المدنيين الذي ارتكبته الولايات المتحدة في هيروشيما وناجازاكي في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، ومذابح الملايين من الفيتناميين المدنيين بفضل آلة الحرب الأمريكية، وقتل آلاف الصوماليين، وإن كان ذلك أضحى تاريخًا فبماذا يصف كولن باول قتل ملايين المدنيين في العراق وفي أفغانستان وهو يجري الآن على أرض الواقع وتتناقله وسائل الإعلام بمختلف ألوانها.
ومن أجل إعادة الأمور إلى نصابها فتحنا أبوابنا للمراقبيين الدوليين وللآلاف من ممثلي المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة وأجهزة الإعلام الدولية والناشطين في مجال حقوق الإنسان.. فهل باستطاعة الولايات المتحدة فتح أبواب سجن أبو غريب؛ حيث يتعرض آلاف العراقيين للتعذيب وهم عراة، ويخضعون للاستغلال الجنسي؟ وهل باستطاعة واشنطن أن تفتح قاعدة جوانتانامو للمراقبيين وناشطي حقوق الإنسان ليقفوا على ما يجري هناك؟ أشك في ذلك..!!
  • هل ستغلقون الباب في وجه واشنطن فيما يخص دارفور بعد هذه الاتهامات؟
بالطبع لا.. لكن في حدود، فاذا كانت واشنطن تريد المشاركة في القوات الإفريقية فأهلاً و سهلاً، وإذا أرادت أن تمد دارفور بمواد إغاثية فأهلاً وسهلاً، وإذا أرادت العمل تحت المظلة الدولية لا مانع لدينا، لكن الإدارة الأمريكية- واقعيًّا- تلعب لعبةً خطيرةً، فهي تضع أصوات الناخبين فوق تحقيق السلام في السودان في جنوبه وغربه، ولكنها لن تكون جادةً في يوم ما لحل أزمة دارفور أو غيرها.


الجامعة العربية

ملف دارفور أمام الجامعة العربية
رحَّب مجلس الجامعة على المستوى الوزاري بالخطوات المتخَذة من قِبَل الحكومة السودانية لتنفيذ التزاماتها بقرار مجلس الأمن رقم 1556/2004م واتفاقها مع الأمم المتحدة، ورحَّب مجلس الجامعة بما تم التوصل إليه في مباحثات أبوجا- رغم تعنت المتمردين- خاصةً ما أسفرت عنه من اتفاق على بروتوكول للشئون الإنسانية والاتفاق على الملفات الأمنية والسياسية والاجتماعية.
وأيد وزراء الخارجية العرب الجهود التي يقوم بها الاتحاد الإفريقي في رعاية الوساطة السياسية، ومراقبة اتفاق وقف إطلاق النار الموقَّع في شهر أبريل الماضي بالعاصمة التشادية أنجامينا، وطالب وزراء الخارجية العرب جميعَ الأطراف بالالتزام التام بالشروط الواردة به، ودعا المجلس الوزاري الدول العربية إلى تقديم الدعم المالي والفني اللازمَين إلى الاتحاد الإفريقي؛ لمواصلة جهوده في هذا الشان، كما طالب الوزراء العرب بتقديم الدعم العاجل للحكومة السودانية لتعقد جهودها الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في دارفور، واستعادة الأمن والاستقرار في الإقليم.


الدور الإسلامي

  • الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين- برئاسة الدكتور القرضاوي- زار دارفور مؤخرًا، ودعا إلى عقد اتفاق مصالحة في جدة بين الحكومة والمتمردين.. فهل آن الآوان لتفعيل الدور الإسلامي في أزمة دارفور؟
أولاً الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين ما زال في بداية عهده، ونحن نشكر له جهودَه؛ حيث دعا وفدُ الاتحاد مواطني دارفور لوضع السلاح وإحلال السلام.
أما عن الدور الإسلامي فهو ليس غائبًا، فقد طلب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان من منظمة المؤتمر الإسلامي تقريرًا عن الوضع في دارفور، وقامت المنظمة بكتابة التقرير واستلمه الأمين العام للأمم المتحدة، لكنه لم يُشِر إلى التقرير من قريب أو بعيد، ولم يستند عنان إلى ما جاء في التقرير، رغم أنه هو الذي طلب تقرير منظمة المؤتمر الإسلامي، ويبدو أن التقرير لم يخدم أفكار عنان أو الولايات المتحدة الأمريكية.
  • الصين كان لها دور بارز في رفض مشروع القرار الأمريكي.. فما هو موقف الصين كعضو دائم في مجلس الأمن من قضية دارفور؟!
بالفعل كان للصين موقف مشرِّف، فقد طلبت إعادة النظر في مشروع القرار الأمريكي، واعتبرت أن المشروع لا يتفق مع ما ورد في تقرير كوفي عنان- الأمين العام للأمم المتحدة- وأن ممارسة الضغط والتهديد بتوقيع عقوبات لا يفيد شيئًا، وإنما يجعل قضية دارفور أكثر تعقيدًا، وخلال زيارة وزير الخارجية الصيني تشاو شينج لتوقيع إعلان تأسيس منتدى التعاون العربي- الصيني في مقر جامعة الدول العربية أعلن شينج أن بلادة تتبنَّى وجهة النظر العربية في معالجة أزمة دارفور.
  • وماذا يعني تأسيس منتدى التعاون العربي- الصيني؟
منتدى التعاون العربي- الصيني يعتبر أول إطار مؤسَّس شامل يضم الدول العربية وإحدى القوى الكبرى (الصين)، وذلك منذ انهيار الحوار العربي- الأوربي في السبعينيات، وفي هذا الوقت ترفض أوروبا والولايات المتحدة الدخول في تعاون مؤسسي مع جامعة الدول العربية تأسيسًا على أن الجامعة إطارٌ تاريخيٌّ ينبغي أن يحل محله إما إطار (شرق- أوسطي) أو (أورو- متوسطي)، ولكن الصين اختارت أن تدعم المشروع العربي في المنطقة من خلال هذا المنتدى.
لا يمكن أن يتم الاتفاق مع إريتريا أو فتح حوار معهم؛ وذلك لأسباب يعرضها الحكام الإريتريين أنفسهم، ولكننا تقدمنا بشكوى إلى الاتحاد الإفريقي بخصوص تدخلات "أسمرا" في شئون الخرطوم، ورغم ذلك لم تُبدِ إريتريا اهتمامًا بمناشدات الاتحاد الإفريقي الذي يمنع أي دولة إفريقية أخرى، ومشكلتنا مع إرتيريا أنها تتعاون مع حركات التمرد السوداني بمساعدات صهيونية معروفة، وقد بُحَّت أصواتنا من كثرة ما رددنا "التعاون الصهيوني- الإريتري يهدد الاستقرار في السودان" ولا مجيب.

المصدر