الأزهر والإخوان المسلمون .. الدور الغائب والفرض الواجب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الأزهر والإخوان المسلمون .. الدور الغائب والفرض الواجب


مقدمة

لم يكن الأزهر الشريف قادرا على ممارسة دوره كممثل للشعب المصرى وقائدا له بسبب محاصرة السلطة له طوال عقود طويلة من الزمن. تفاوتت ردات فعل القوى السياسية والمجتمعية تجاه هذه السياسة التى أقصت الأزهر الشريف عن آداء واجبه الدينى

ففى حين رحب التيار التغريبى الذى تبناه ورعاه الاستعمار، بذلك الغياب باعتباره نصرا لمفاهيم مدنية وليبرالية الدولة! كان لجماعة الإخوان المسلمين رأىٌ آخر، تراوح ما بين الدعم والتأييد لدور الأزهر الشريف وما بين محاولة انقاذ مايمكن انقاذه، حفاظا على هوية الامة وتاريخها.

الأزهر.. من الجامع الى المؤسسة

لم تكن الميزة الأكبر لجامع الأزهر الشريف أنه الاقدم، فربما كان جامع القرويين بفاس المغربيّة يسبقه بناءً، كما أنها لم تكن في مكانته العلمية فقط، برغم أنّ الأزهر هو الذى حوى في رحابه تدريس المذاهب الفقهية مجتمعة ومتجاورة، مما جعله جامعا لكل المسلمين مهما اختلفت مذاهبهم الفقهية أو العقدية، الا أن تلك المكانة العلمية المرموقة، لم تكن سبب التميز والتفرد.

بل كانت ميزة الأزهر التي تفرَّد بها عن بقية الحواضر الإسلامية، هو دوره في مواجهة الحكام المستبدين داخلياً، ومقاومة الاحتلال الاجنبى خارجياً. مما جعله طوق النجاة والحماية للشعب المصرى خاصة، ومنبرا لحماية الهوية الإسلامية من موجات التغريب والعلمنة للامة العربية والإسلامية عامة.

ونتيجة لهذا الدور التاريخى والسياسى والحضارى، فاستطاع الأزهر الشريف – بذلك الدور – تحريك جموع الشعب المصرى لمواجهة جيوش أكبر دولتين استعماريتين في ذلك الوقت، فرنسا التي غزت مصر في عام 1798 ولم تستطع أن تمكث فيها سوى ثلاثة سنوات فقط، وبريطانيا التي غزت مصر في عام 1807، واضطرت كذلك للجلاء عن مصر بعد مقاومة شرسة من الشعب المصرى في مدينة رشيد. وبهذا صار الأزهر الشريف جامعة إسلامية تحمى الدين والهوية والوطن، جامعة تملكها الامة الإسلامية كافة، تعتز بها وتنافح عنها.

الا أن تلك المكانة التى حظي به الأزهر الشريف، تعرضت للانتقاص والانتقاض من سلطة الحكم، التي رأت في ذلك الدور وتلك المكانة تهديدا لسلطانها ونفوذها! فمع تأسيس الدولة القومية ذات النزعة العلمانية على يد محمد على، بدأت حربا ضروسا على الأزهر الجامع والجامعة، وأكمل هذا الدور عبد الناصر لكن بشكل أكثر شراسة وعدوانية! رغبة منه في الاستفراد بالشعب المصرى بعيدا عن أية قوى سياسة أو دينية أخرى يمكن أن تهدد انفراده بالسلطة أو استبداده الحكم.

ففي أواخر حكم أسرة محمد على، صار من حق الملك وحده تعيين شيخ الأزهر. ثم انتقل ذلك الحق من الملك إلى رئيس الجمهورية في العهد الجمهوري، والذى شهد توسع في المؤسسات التابعة للازهر وتقليل كبير في الصلاحيات، حيث حرص عبد الناصر على تدجين الإسلام الرسمي واستخدامه، ولم يستطع شيوخ الأزهر أن يتخذوا موقفاً حاسماً ضد تدخل السلطة في شئون الأزهر الشريف، بل سعى بعضهم إلى تملق السلطة، وآخرون لم يجدوا أمامهم سوى الاستقالة كسبيل للاعتراض على تتدخل السياسة فى الدين.

وإزاء ماحدث للازهر الشريف عبر سنوات حكم محمد على وأولاده، ثم في عهد الحكم العسكرى عقب انقلاب يوليو 1952، صار الشعب المصرى وحيدا في معركته مع استبداد سلطة الحكم، ولم يستطع الأزهر ولا علماؤه الدفاع عن انفسهم فضلا عن الدفاع عن أمتهم! كاسابق عهدهم.

وانقسمت القوى السياسية والمدنية ما بين مرحب بانكماش دور الأزهر السياسى والحضارى، وما بين ساكت صامت على ذلك التغول من قبل سلطة الحكم على الأزهر وأوقافه. الى أن نشأت جماعة الإخوان المسلمين والتي حاولت دعم الأزهر الشريف، وعندما لم تجد استجابة قامت هي بالدور الذى شغر بانسحاب الأزهر من الفضاء السياسى والحضارى..

الإخوان والأزهر.. تكامل وتعاضد

مثلت جماعة الإخوان المسلمين هيئة شعبية واسعة الانتشار، على حين مثَّل الأزهر الشريف التاريخ والمكانة العلمية. فلم يرى الإخوان المسلمون أنفسهم بديلا عن الأزهر الشريف، فهم لا يملكون ما يملكه الأزهر، كذلك الأزهر لم يكن يملك ما يملكه الإخوان المسلمون من الشعبية والانتشار.

فالعلاقة بينهم علاقة تكامل وتعاضد لا علاقة تنافس وتناحر، وقد عبر الاستاذ حسن البنا عن هذه العلاقة بقوله:

"إن الأزهر معقل الدعوة وموئل الإسلام، فدعوة الإخوان دعوته وغايتها غايته، وإن صفوف الإخوان امتلأت بعلماء الأزهر وشبابه الناهض، وكان لعلماء الأزهر الشريف وطلابه أثر كبير في تأييد الدعوة ونشرها"

كما دلت الرسائل والمذكرات التي بعث بها الإخوان للأزهر على وجود قنوات مفتوحة بين الأزهرالشريف والإخوان، خاصة وأن الأزهر الشريف قد تفاعل مع رسائل الإخوان تفاعلاً اعترف به مرشد الإخوان لما قال:

"أبشركم بان مكتب الإرشاد وجد روحا طيبة من كل الهيئات الإسلامية التي اتصل بها وتحدث إليها) . وكان واضحا أن هناك علاقة فعلية تتجاوز الامانى والكلام، بين الأزهر الشريف وبين جماعة الإخوان المسلمين، بالإخوان يقدمون اقتراحات للازهر، والأزهر يلبى تلك المقترحات بصدر رحب وأفق واسع..
  1. فلقد قبل الأزهر التماس الإخوان لإنشاء معهد ديني في السنغال (وإن كان التنفيذ تأخر جدا)
  2. واستجاب لدعوة الإخوان بإرسال بعثة إلى اليابان لنشر الدعوة الإسلامية
  3. كما أن الأزهر الشريف لبى دعوة الإخوان في العناية بموضوع "الزى الأزهري" بما يحفظ للأزهري هيبته ووقاره حيث اجتمعت لجنة خاصة بأمر من شيخ الأزهر الشريف، وفحصت الموضوع لتأخذ فيه رأيا ، وسعد الإخوان لاستجابة الأزهر لطلبهم
  4. فضلاً عن مدى الارتياح الذي عبر عنه [حسن البنا] بمناسبة اعتزام الأزهر والأوقاف تأليف لجنة تبحث مواضيع البدع والخلافات التي تصدر من الصوفية..
  5. كما أشادت جريدة الإخوان باستجابة الأوقاف لطلبها بفتح المساجد الكبيرة بعد صلاة العشاء، والاهتمام بها من الناحية العلمية والتاريخية.. وهكذا كانت علاقة الإخوان بالأزهر الشريف علاقة تكامل أهداف وتقاطع أفكار (1)

سيد قطب ينتصر للازهر

وكان لسيد قطب فى بداياته الاسلامية قبل انتظامه فى جماعة الإخوان المسلمين نفس توجه حسن البنا، وان لم يستطع أن ينقل أفكاره تلك الى حيز التنفيذ، فاكتفى بالتعبير عن تلك الافكار من خلال المقالات التى كان يكتبها. فهو يرى أن الاسلام يقدم

(فكرة مستقلة معينة عن الحياة. فكرة كلية تمد فروعها إلى كل جانب من جوانب الحياة الإنسانية الكثيرة. وإن للإسلام رأياً في الشعور والسلوك، في العبادة والعمل، في الاقتصاد، والاجتماع، في سياسة الحكم وسياسة المال، في سياسة الدولة الخارجية والداخلية.. في كل باب من أبواب النشاط الإنساني في كل اتجاه)

ومن ثَمَّ فهو يرى أن الأزهر كمؤسسة لديها دور فى هذا، حيث يقول:

"ورسالة الأزهر الأولى هي أن يعكف على استخلاص هذه الفكرة الكلية، وعلى تنميتها بالبحوث والدراسات في كل حقل من حقول المعرفة، وعلى إعدادها للتطبيق العملي في واقع الحياة اليومية الحاضرة، ثم على الدعوة إليها في النهاية بعد هذه الخطوات" (2)

وفى ذات المقالة طالب سيد قطب الأزهر الشريف بممارسة دور التعليمى والتربوى والتوجيهى، حيث انتقد سياسة الأزهر التعليمية، وأوضح أن للأزهر رسالة، ولكنه لا يؤديها

فقال:

"إن رسالة الأزهر رسالة إنشائية إبداعية لا تقليدية، رسالة خلق وبناء وكفاح، رسالة بعث للفكرة الإسلامية وللنهضة الإسلامية، وطالب رجال الأزهر بإنشاء ثقافة إسلامية كاملة مستمدة من الأصول الأولى للإسلام ومن الحياة النامية المتجددة، ثقافة تتناول مشكلات الحياة الفردية والاجتماعية القائمة بالبحث، وتوجد لها الحلول حتى تكوين ثقافة إسلامية؛
لهذا ناشد الأزهر الرد على تساؤلاته التي كان أهمها ما رأي الإسلام في العمل والأجور؟ وتوزيع الملكيات والثروات؟ وفي علاقة الفرد بالدولة؟ وعلاقة الدولة بالفرد؟ وسياسة الدولة الخارجية؟ وفي المجتمعات الدولية؟ ما رأيه في الجريمة والعقوبة؟ والمعاملات المالية والاقتصادية؟ والحكم ونظم الإدارة؟ ما رأيه في خلق الكون وناموس الحياة؟ خاصةً أن للإسلام رأيًا في كل أمر من الأمور المشار إليها؛
لأن تفهُّم الأزهر لنا والأمة يساعد على تأسيس ثقافة متشعبة الفروع متشابكة الأصول، تواجه فلسفات الشرق وفلسفات الغرب، وتعلن عن وجودها العالمي.. والأزهر وحده قادر على أن يمثل هذه الثقافة، وعليه الاهتمام باللغة العربية وآدابها وتراثها وتنميه التشريع الإسلامي الذي وقف منذ ألف عام ليساير حاجات الحياة في كافة الميادين في العقوبات والمعاملات في التجارة والملاحة في السياسة والحكم في علاقات الأفراد والجماعات، كما أن عليه إعادة كتابة التاريخ من وجهة النظر الإسلامية، وطالب بأن يكون القرآن أساس الدراسة الإسلامية، وأن تشرف الدولة على تحفيظ القرآن"

ثم يتحدث الشهيد سيد قطب عن دور الأزهر الشريف فى حراسة وعى الامة وتوجيهها وتثقيفها، فقال:

"هذا المعهد العظيم العريق، الذي قام حارساً على الثقافة العربية، والثقافة الإسلامية، زهاء ألف عام. . لم ينته دوره بعد، ولم تكمل رسالته. ودوره الذي ينتظره كبير، ورسالته التي تناديه ضخمة. ولكنه لا يؤديها.. أدى الأزهر دوره في هذه الحقبة فوقف حارساً على ذلك التراث، يؤدي وظيفة الحارس ولا يضيف للتراث شيئاً يذكر..
إن رسالة الأزهر اليوم ليست مجرد العكوف على الحواشي والشروح والتنبيهات والاعتراضات. وليست كذلك المحاكاة لبعض المعاهد والكليات الجامعية باسم التجدد. فكلتاهما هي اللدنية بالقياس إلى رسالة الأزهر الحقيقة.. إن رسالة الأزهر اليوم رسالة إنشائية إبداعية، لا تفسيرية ولا تقليدية. رسالة خلق وبناء وكفاح. رسالة بعث للفكرة الإسلامية وللنهضة الإسلامية..
ما رأى الإسلام في العمل والأجور؟ ما رأيه في توزيع الملكيات والثروات؟ ما رأيه في علاقة الفرد بالدولة، وعلاقة الدولة بالفرد؟ ما رأيه في سياسة الدولة الخارجية وفي المجتمعات الدولية؟ ما رأيه في الجريمة والعقوبة؟ ما رأيه في المعاملات المالية والاقتصادية؟
ما رأيه في طرق الحكم ونظام الإدارة؟ ما رأيه في خلق الكون وناموس الحياة؟ إن للإسلام لرأيا في حقل من هذه الحقول. وحول هذه الآراء يمكن أن تنهض ثقافة متشعبة الفروع، متشابكة الأصول، تواجه فلسفات الشرق وفلسفات الغرب، وتعلن عن وجودها العالمي في هذا المضمار. والأزهر هو الذي يجب أن يمثل هذه الثقافة.." (3)

بطبيعة الحال لم يكن الأزهر بحاله الذى أوصله اليه حكام مصر، سواء فى العهد الملكى أو ما تلاه من عهود، لم يكن باستطاعة الأزهر الشريف القيام بتلك الجهود، لكن كانت مقالة سيد قطب اشارة الى ما يعتمل فى صدور الغيورين على الاسلام دينا وحضارة وتاريخا

تأثر الأزهريين بكتابات سيد قطب

مثلت تلك الكتابات التى كتبها سيد قطب، سواء قبل انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين أو بعد انتمائه لها، وكذلك كتابات الشيخ محمد الغزالى وغيرهما، مثلت زاداً وحافزاً لطلاب الأزهر الشباب، خاصة بعد سيطرة الشيوعين على الكثير من مفاصل الدولة المصرية فى عهد عبد الناصر.

ففى كتاب "التراث والتجديد.. مناقشات وردود" لشيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب، يروى ذكرياته عندما كان طالبا فى الأزهر الشريف

اذ يقول فى مقدمة كتابه:

"هكذا عشنا نحن طلاب الأزهر في هذه الحقبة (الستينيات) تهب علينا الرياح الثقافية العاتية من شرق أوروبا وغربها، وكنا بين طريقين: إما فتح النوافذ لهذه الرياح ومعاناة الاغتراب، وإما الانغلاق في مقررات التراث ومعاناة الاغتراب كذلك.. ولم ينقذنا من هذا الصراع إلا هذه النخبة من عظماء مفكري مصر، الذين صمدوا لهذا الفكر الوافد من شرق ومن غرب، وكشفوا عن كثير من عوراته ونقائصه ونقائضه أيضًا، وبينوا للتائهين من القراء والشباب مواطن الضعف والتهافت في هذه المذاهب، وكيف أنها مذاهب هدامة".

ويذكر الشيخ أحمد الطيب من هؤلاء النخبة من عظماء الفكر، الشيخ محمد الغزالى والمفكر الشهيد سيد قطب فيقول:

"مؤلفات المفكر الإسلامي الكبير الأستاذ الشيخ محمد الغزالي، ومقالاته ومحاضراته، "مصدات" قوية وشامخة وقفت في مهب الرياح المادية العاتية.. وقل مثل ذلك عن الأستاذ سيد قطب وكتبه التي ألفها ليصور عدالة الإسلام الاجتماعية التي تقف دونها الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية في الشيوعية والاشتراكية والرأسمالية حَسْرَى كليلة الطرف" (4)

ولم يقتصر الامر على مجرد قراءة المقالات والكتابات، بل تجاوز ذلك الى الاستشهاد بمقتطفات من تلك الكتابات ضمن مقررات الدراسة فى الأزهر الشريف. فمن ضمن الكتب المقررة على طلاب كليتي أصول الدين، والدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، كتابً "النظم الإسلامية" أُعتمد فيه كتاب "في ظلال القرآن" كمرجع في هامش الكتاب

وقد جاء فى الكتاب لفظ (الحاكمية) حيث قال:

"وإلى هنا وفي ضوء ما قررته آيات القرآن الكريم، يحق لنا أن نعرف الحاكمية. التي هي جوهر أساسي في مضمون إسلام الوجه لله. بأنها: إفراد حكم الله سبحانه بالطاعة والامتثال؛ وإفراد تشريعاته سبحانه وحده بالتنفيذ والتطبيق، الأمر الذي يترتب عليه أن مجرد إعطاء حق التشريع لغير الله.. كائن من كان.. يعتبر شرك، ولو لم يصاحبه اعتقاد بألوهية هذا الغير"؟ (5)

وقد ذكر الشيخ محمد متولى الشعراوي الشهيد سيد قطب في أحد دروس التفسير التى كان يبثها التليفزيون المصري فقال: (رحم الله صاحب الظلال الذي استطاع أن يستخلص من هذه الغزوة مبادي إيمانية عقائدية لو أن المسلمين في جميع بقاع الأرض جعلوها نصب أعينهم لما كان لأي دولة من دول الكفر غلبة علينا) (6)

وهكذا أفسد سيد قطب على عبد الناصر خطته في حرف الأزهر الشريف عن مهتمه، وتوظيف تلك المؤسسة العريقة، وجعله مجرد أداة من أدوات مشروعه (القومية العربية)، وهذا ما جعل عبد الناصر وأبواقه يشنون هجوما شديدا على فكر سيد قطب، فى محاولة لصرف الناس عنه وإبطال مفعوله لدى الجماهير.

ولم يكن سيد قطب وحده فى ذلك المضمار، فكان معه الشيخ محمد الغزالي وسيد سابق، بالاضافة لطلبة الأزهر الشريف الذين انتسبوا لجماعة الإخوان المسلمين، مثل يوسف القرضاوي وأحمد حسن الباقوري وأحمد العسال وغيرهم كثير..

وكان هذا التأثير بين الإخوان المسلمين وبين علماء الأزهر الشريف متبادل، فيقول أحد من الإخوان المسلمين الذى أعتقلوا على خلفية انتمائه لتنظيم شكله سيد قطب وهو أحمد عبد المجيد (1933-2012) - أحد تلاميذ سيد قطب المقرَّبين - في كتابه "الإخوان وعبد الناصر: القصة الكاملة لتنظيم 1965م" أن البرنامج العلمي والتربوي الذي وضعه سيد قطب للتنظيم اشتمل على بعض كتب محمد البهي (7)

وهكذا استطاع الإخوان المسلمون أن يقفوا فى ظهر تلك المؤسسة العريقة، ذاكرين لها دورها مقدرين لها تاريخها.

الإخوان المسلمون وتعويض الدور

وفى الوقت الذى نجحت فيه سلطة الحكم فيما بعد انقلاب يوليو 1952، الى تحويل الأزهر الشريف إلى جامعة نصف علمانية، نصف أزهرية، لتكون احدى أدوات "القوة الناعمة" للدولة صاحبة المشروع القومي العربي الراغب في التوسع داخل المجال الإفريقي والآسيوي الإسلامي غير العربي!

ونجاحها فى (تدجين) العديد من شيوخ الأزهر، الى حد أن الأزهر دخل كـ "ظهير ديني" للعسكر في معركته ضد الإخوان المسلمين، تمثل ذلك في بيان شيخ الأزهر عبد الرّحمنِ تاج الّذي اعتبر الإخوان كالخوارجِ! لا يُقبلُ في أمرهم توبة ولا شفاعة! والذي نشر أيضا بالأهرام! بتاريخ ١٧ نوفمبر - تشرين الأول 1954م! (8)

واجه الإخوان المسلمون هذا التخريب المتعمد الذى حدث للازهر الشريف، بخطة ناجحة لتعويض ذلك الدور الذى عجز الأزهر – فى ثوبه الجديد – عن القيام به. فقد انتسب لجماعة الإخوان المسلمين العديد من شيوخ الأزهر وطلابه، أمثال الشيخ أحمد حسن الباقوري، والذي قبل منصبا وزاري في دولة عبد الناصر

والشيخ سيد سابق صاحب كتاب الفقه الاشهر فى العالم العربى والاسلامى (فقه السنة)، والشيخ محمد الغزالي والذي عمل مراقبا من قبل الدولة ومراجعا لتفسير في ظلال القرآن الكريم لسيد قطب، وكذلك صاحب العديد من المؤلفات والكتب الاسلامية، والشيخ يوسف القرضاوي الذى طالت شهرته بسبب علمه الواسع وفقه أرجاء العالم العربى والاسلامى، والشيخ صلاح أبو إسماعيل وغيرهم.

كل هؤلاء كانوا جزءا من الدور الذى قامت به جماعة الإخوان المسلمين فى مواجهة التغريب واستبداد الحكام ومقاومة الغزاة المعتدين على ديار الاسلام. وهو ذات الدور الذى عجز الأزهر (المكبل) عن القيام به.

وهكذا كانت جماعة الإخوان المسلمين داعمة للازهر الشريف ومقدرة له دوره السياسى والحضارى، وعندما سقطت الراية من يد شيخ الأزهر المعين من قبل سلطة الحكم، انتقلت تلك الراية الى يد أزهريين انتموا الى جماعة الإخوان المسلمين. فبقيت هذه الثغرة (الدفاع عن الامة فى مواجهة التغريب والاستعمار) مليئة بمن يشغلها، فان لم يكن الأزهر بشيخه، فلتكن بشيوخ الأزهر متكاتفين مع اخوانهم فى جماعة الإخوان المسلمين.

المصادر

  1. العلاقة بين الإخوان والأزهر الشريف
  2. للأزهر رسالة ولكن لا يؤديها"، مجلة الرسالة، 18 يونيو 1951م، السنة 12، العدد 937
  3. المصدر السابق
  4. كتاب (التراث والتجديد.. مناقشات وردود) احمد الطيب
  5. أستاذ الإمام.. كيف شكل «سيد قطب» عقلية «أحمد الطيب»؟
  6. سيد قطب.. مفكر عظيم عند شيخ الأزهر وزعيم الإرهاب لدى المفتي
  7. التفسير السياسي للإسلام عند محمد البهي
  8. الأزهر والعسكر .. من التحالف إلى التدجين!