تاريخ الإخوان في محافظة المنيا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في محافظة المنيا

تقديم: ويكيبيديا الإخوان المسلمون

محافظة المنيا

محافظة المنيا هي إحدى محافظات مصر ، عاصمتها مدينة المنيا ، هي واحدة من أهم محافظات صعيد مصر وذلك بسبب موقعها المتوسط وما تضمه من مواقع أثرية فريدة ، وأيضا بها جامعة كبيرة تضم خمسة عشرة كلية ، تشتهر بأنها عروس الصعيد الجميلة ، ومحافظة المنيا تمتد بطول نهر النيل بمسافة 135 كم تقريبا مع عرض متوسط حوالي 18 كم ، تصل مساحة المحافظة 32279 كم مربعا .


دخول دعوة الإخوان المنيا

لم نستطع التحديد بالضبط متى دخلت دعوة الإخوان محافظة المنيا ، ولكن ما توصلنا إليه أن هذه الدعوة كانت موجودة بالمنيا قبل عام 1937 ، وكانت أولي شعبها هي شعبة سنجرج بملوي والتي كانت تابعة لمحافظة أسيوط في ذلك الوقت ولم تنضم إلي محافظة المنيا إلا قريبا، وكان نقيب هذه الشعبة الأستاذ علي أفندي شعبان.

كما أنه حضر مجلس الشورى العام الثالث للجماعة والذي عقد في الفترة من يوم السبت 11 من ذي الحجة 1353هـ الموافق 16 من مارس 1935م حتى يوم الاثنين 13 من ذي الحجة 1353هـ الموافق 18 من مارس 1935م. وكان مندوب المنيا في ذلك الوقت محمود عبد الحليم أفندي بمغاغة.

إخوان المنيا والهيئة التأسيسية

عقده المركز العام للإخوان المسلمين في اليوم الثاني من عيد الفطر الموافق 2 من شوال عام 1364هـ الموافق 8 من سبتمبر 1945م ودعا إليه رؤساء المناطق والشعب ومراكز الجهاد في جميع أنحاء المملكة المصرية للنظر في موقف الإخوان من الحقوق الوطنية في الظروف الحاضرة.

  • بني مزار:

حسين بك عبد الرازق . أحمد صيام . أحمد إسماعيل شكري . إبراهيم جلال الدين . عبد الرحمن جلال الدين . أحمد عبد الجليل حسن . عبد الكريم إبراهيم . عبد المنعم عبد الوهاب . زكي محمد إبراهيم . على إبراهيم . علي سعيد . محمد عبد الغني . عبد اللطيف محمد . أحمد صالح . حسن أبو الخير .


تكوين الشعب والناطق

ذكرنا أن سنجرج بملوي هي أولي شعب الإخوان في محافظة المنيا وما إن فتح الإخوان هذه الشعبة إلا وانتشرت الدعوة في المحافظة ، وسرت فيها كما تجري الروح في الجسد ، فقد افتتحت شعبة جديدة للإخوان بالناحية الغربية في مغاغة من الإخوان وقد عين فيها :

  • الحاج محمد رشوان (نائبًا).
  • الحاج عزيز محمد فوزي (وكيلاً).
  • والحاج سعد محمد وفا (سكرتيرًا).
  • محمد أفندي حسين خضر (أمينًا للصندوق) .

كما افتتحت منطقة المنيا شعبتين إحداهما بناحية قصر عمار ورئيسها الشيخ محمد إبراهيم ووكيلاها عبد القوي علي بك المصري والشيخ عبد الله عبد السلام والسكرتير الشيخ عثمان قاسم وأمين الصندوق الشيخ توني إبراهيم. والثانية بقصر شتيوي بك وتألف مجلس إدارتها من حضرات الإخوان الشيخ محمد إبراهيم رئيسًا والشيخ إبراهيم شتيوي بك والشيخ عبد الوهاب محمد موسى وكيلان، والشيخ أبو العيون شتيوي سكرتيرًا، والشيخ سويسي سالم أمينًا للصندوق.

بيان بشعب وفروع الإخوان داخل وخارج مصر عام 1940

أعد مكتب الإرشاد أعد مكتب الإرشاد فى تقريره عن شعب الإخوان حصرًا وافيًا تضمن اسم الشعبة والنائب والمندوب – إن وجد – والدرجة واسم المندوب العام للمنطقة، ونورده هنا بنصه ، حتى يتعرف الإخوان على عدد الشعب وأسماء نوابها فى القطر المصرى وكانت المنيا في هذا التقسيم هي المنطقة الثالثة وكان تقسيم شعبها كالتالي :

المنطقة الثالثة عشر – منطقة المنيا ومندوبها محمود عبد الحليم أفندى بمغاغة
شعب-المنيا.jpg

بداية تشكيل المكاتب الإدارية

رأى مكتب الإرشاد إعادة تقسيم المناطق، لا سيما فى الصعيد والقاهرة؛ فجعل القاهرة مضافًا إليها مناطق مديريات القليوبية والجيزة والفيوم وتولى رئاسته الأخ سالم غيث، وقسم الصعيد إلى مكتبين إداريين؛ أحدهما للصعيد الأوسط والآخر للصعيد الأعلى، ومقر الأول مدينة المنيا ومقر الثانى مدينة قنا، وتولى الأخ عبد العزيز أفندى أحمد سكرتارية مكتب قنا، كما تولى الأخ حسن سرى سكرتارية مكتب المنيا.

وكان المكتب الإدارى الفرعى يتشكل من سكرتير ومساعد للسكرتير وواعظ على الأقل، ويقيم هؤلاء فى مقر المكتب بصفة دائمة، ويتبعون مكتب الإرشاد مباشرة، ومهمة تلك المكاتب هى الإشراف والمساعدة فى تنفيذ قرارات مكتب الإرشاد وتوجيهاته، والقيام بالوعظ والدعوة فى الشعب التى تكون فى دائرة اختصاص كل مكتب، والقيام بإبلاغ مكتب الإرشاد بكل ما يلزم هذه المناطق والشعب من إصلاحات واقتراحات، وتحديدًا تنفيذ تلك التجربة فى مايو 1945م بإنشاء مكتب قنا.

وكان تشكيل المناطق عام 1944م كالتالي:
تشكيل-مناطق-المنيا.jpg


زيارات الامام البنا

زار فضيلته منطقة أبي قرقاص بالمنيا لافتتاح دار الإخوان المسلمين بها وقد اجتمع بكبار الأعيان في حفل غداء كبير كان فيه جمع من الأقباط والمسلمين، وكانت فرصة طيبة إذ توسط للصلح بين عائلتين كبيرتين ثم زار عمدة الفكرية وعمدة بني محمد شعراوي وشُعبة القابرتية ومسجدها ثم اجتمع بأعضاء المكتب الإداري بأبي قرقاص ومما يذكر أن السينما الملاصقة للدار قد ألغت حفلتين لها بمناسبة حفل الإخوان.

كما زار فضيلته منفلوط بناء على دعوة من الأستاذ محمد حامد أبو النصر واجتمع بمندوبي شُعب منطقة منفلوط للتفاهم في شئون الدعوة ، ثم توجه فضيلته إلى المنيا واتجه إلى دار المنطقة حيث تباحث مع مندوبي المناطق والشعب في شئون الدعوة والموقف الحاجز .. ثم زار دار الأستاذ توفيق خفاجة، وفي الساعة السادسة والنصف حضر حفل الشاي بدار المنطقة بين لفيف من وجوه المدينة ومندوبي الإخوان من أسيوط ومنفلوط حيث ألقى كلمة الترحيب رئيس وسكرتير المكتب الإداري بالمنيا وأعقب ذلك حديث جامع لفضيلة المرشد العام أجاب فيه على كثير من الأسئلة.

وقد قام فضيلة المرشد برحلة إلي الصعيد الأوسط وذلك في شهر جمادي الأولي من سنة 1357 هـ ، وقد كان برنامج هذه الرحلة كالتالي:

زيارة شعبة ملوى مساء الجمعة 17 جمادى الأولى 1357هـ الموافق 15 يوليو 1938م ، ثم زيارة شعبة المنيا مساء السبت 18منه ، ثم زيارة شعبة بنى مزار مساء الأحد 19منه .

وقد أرسل إخوان بنى مزار خطاب شكر للإمام البنا على زيارته، نورده لنقف على مشاعر الإخوان هناك بعد زيارة الإمام، يقول:

من الإخوان المسلمين ببنى مزار.. إلى فضيلة المرشد العام.. لقد كان لرحلتكم الميمونة أثرها العميق فى نفوس المسلمين عامة، وهى فى نفوسنا أشد أثرًا.

وتلك الليلة التى قضيناها سعداء بجوارك، نرتشف الإخلاص من تلك النفس العالية، ونستقى من هذا القلب الغض الذى يفيض إيمانًا بالله ووثوقًا بتلك الشريعة الخالدة، وحديثك العذب الذى ما نراه إلا أشعة من نور صادرة من ذلك القبس الذى وضعه الله بين جنبيك، تضىء به هذه الأمة التى غشيتها ظلمة كثيفة، وإنا إن شاء الله لمبددوها؛ فهاهى أيدينا.. لا بل قلوبنا نتقدم بها لمبايعتك على الجهاد والتضحية فى سبيل الدين؛ فإلى الأمام تقدم، وعلى بركة الله سر، أيدك الله بروح من عنده، وسدد خطاكم، وكتبها لنا شهادة فى سبيله، وتقبلوا منا أسمى تحية وأجل احترام.

وقد قام فضيلته بزيارة يوم الأربعاء 17 محرم 1358هـ الموافق 9 مارس 1939م، الى مغاغة حيث أقام الإخوان سرادقًا ضخمًا ضاق بالحضور على سعته، وتضمن برنامج الحفل خطبة للأستاذ الدكتور محمد المغربى، وكلمة للإمام الشهيد، ثم انتهى الحفل بقصيدة رائعة من الشاعر محمد أفندى إدريس، وفى اليوم التالى زار فضيلته المنيا ، ولقد استقبلت المنيا الإمام الشهيد، ومعه وفد إخوان مغاغة لحضور حفل المنيا الرائع؛ حيث تحدث الإمام الشهيد فى الحفل، وألقيت فى الحفل قصيدة للأخ الفاضل الأستاذ صالح على عبد الجواد أفندى المدرس بمدرسة الزراعة بالمنيا، جاء فيها:

الروح والملأ الكريم
رفا على ركن الحطيم

والدرة العليا بها

ركب الملائك لا يريم

ومنها أيضًا:

نور تبلج ضوؤه

فأزاح معتكر الغيوم

وهدى يريك سناؤه

خصب الأمور من العقيم

ومنها فى القرآن:

فى آية التقت اللُّغى

فتقاعس الشعر النظيم

الحق بعض نصوصه

والعدل والحق القويم

والسحر فى نغماته

أبدا بها حلو رخيم

و قام الإمام البنا برحلة الصعيد المعتادة فى صيف عام 1939م لمدة أربعين يومًا تقريبًا، ضمت جميع محافظات الصعيد؛ بدءا من المنيا وانتهاء بأسوان، زار خلالها أكثر من ثلاثين مدينة وقرية، وتفقد شعب الإخوان فى تلك المدن والقرى التى احتوى بعضها على أكثر من شعبة. وكان برنامج الرحلة كالتالى:وكان برنامج إحدى رحلاته كالتالى:

اليوم من بقطار إلى بقطار الإثنين 7أغسطس القاهرة 3.40مساء مغاغة 7مساء الثلاثاء 8منه مغاغة 6.59مساء بنى مزار 7.17مساء الأربعاء 9منه بنى مزار 7.17مساء المنيا 8.11مساء الخميس 10منه المنيا 5.17مساء ملوي 5.50مساء الجمعة 11منه ملوي 5.50مساء ديروط 6.30مساء

كما قام فضيلة الإمام البنا بزيارة شعبة المنيا للإشراف على انتخابات مجلس إدارة جديد لشعبة المنيا ، التي أسفرت عن اختيار فضيلة الأستاذ أحمد أحمد القط واعظ المنيا العام رئيسًا للشعبة.

هذا فضلاً عن زيارات المرشد ومندوبى المركز العام إلى شعب الأقاليم ، والتى كانت كالتالى:
زيارات-المرشد-للمنيا.jpg


أنشطة الشعب

من الأنشطة المشهودة التي تعد نقلة كبيرة في حياة الإخوان المسلمين باعتبار ما تمخض عنها من قرارات وما ترتب عليها من آثار ذلك الاجتماع الكبير الذي عقده المركز العام للإخوان المسلمين في اليوم الثاني من عيد الفطر الموافق 2 من شوال عام 1364هـ الموافق 8 من سبتمبر 1945م ودعا إليه رؤساء المناطق والشعب ومراكز الجهاد في جميع أنحاء المملكة المصرية للنظر في موقف الإخوان من الحقوق الوطنية في الظروف الحاضرة وكان ممن حضروا هذا الإجتماع :

محمد شوقي الزيني ، أحمد فؤاد الصاوي ، عبد الحميد محمد بكر ، أحمد حسن عثمان ، كمال مرسى ، سيد الجوهري ( من المنيا ) ، ومحمد كامل مرسي ( من أبي قرقاص ) ، ومحمود عبد العليم مصطفى ، رائد حسن ،إسماعيل دسوقي الحسيني ، صابر أحمد ، محمد عثمان زيدان (من سمالوط ) ، و حسين بك عبد الرازق ، أحمد صيام ، أحمد إسماعيل شكري ، إبراهيم جلال الدين ، عبد الرحمن جلال الدين ، أحمد عبد الجليل حسن ، عبد الكريم إبراهيم ، عبد المنعم عبد الوهاب ، زكي محمد إبراهيم ، على إبراهيم ، علي سعيد ، محمد عبد الغني ، عبد اللطيف محمد ، أحمد صالح ، حسن أبو الخير ( من بني مزار ) ، وعبد القادر مقلد ، حسن أحمد الكاشف ( من مغاغة ) ، ومحمد السيد عبد المجيد ( من ملوي ) .

جهودهم فى مجال التعليم

ومن أمثلة المدارس التي أنشأها الإخوان في هذه المحافظة:

المدرسة الخيرية الإسلامية الابتدائية بمغاغة

كان بمغاغة في محافظة المنيا مدرسة ابتدائية أهلية تملكها جمعية قبطية، وكان ناظر هذه المدرسة لفترة طويلة الأستاذ الشيخ حسن سيد -إمام وخطيب المسجد الكبير بمغاغة، وعندما أنشئت شعبة للإخوان بمغاغة انضم إليها فضلاء أهالي مغاغة ومنهم الشيخ حسن سيد، وقد اختير ليكون هو رئيس الشعبة، وفي صيف عام 1939م فوجئ الشيخ حسن سيد أن المدرسة قد استغنت عنه وكانت أجازة الصيف قد قاربت على الانتهاء، وعندما علم الإمام البنا بذلك قرر أن يتم إنشاء مدرسة بمغاغة ويكون الشيخ حسن سيد هو ناظرها، وكان ذلك صعبًا للغاية؛ لأن الدراسة قد اقتربت وإنشاء مدرسة يحتاج إلى مال وجهد ووقت، إلا أن الله قد يسر الأمر للإخوان، فقد تقدم أحد الإخوان وهو الأستاذ شلبي محمد جاد وكيل الشعبة بمنزل كبير كان يملكه ملحق به فناء واسع وهو مكون من ثلاثة طوابق بشارع عبد العظيم بمغاغة ليكون مقرًّا للمدرسة، وتبرع بقيمة إيجاره في السنة الأولى.

وقد كان مدرسو المدارس الابتدائية الأهلية غالبًا من حملة الشهادة الابتدائية أو شهادة الكفاءة -تقل عن شهادة الثانوية العامة بعامين- فأراد الإمام البنا أن يلفت الأنظار وأولياء الأمور لهذه المدرسة، فطلب من إخوان مغاغة أن يعلنوا أن المدرسة الإسلامية قد استقدمت جميع هيئة التدريس من القاهرة ومن خريجي كليات الجامعة وحملة المؤهلات العليا، وأعد الإخوان لذلك الأستاذ محمود عبد الحليم -بكالوريوس زراعة- وزميله الأستاذ عباس حلمي والأستاذ محمد بسيوني من كلية الحقوق، والأخ حسن عبد الله القباني حاصل على دبلوم فنون تطبيقية لتدريس مادة الرسم، وبالفعل سافر هؤلاء للتدريس بمدرسة مغاغة، وقد استطاع الإخوان توفير ما يلزم للمدرسة من مقاعد وقماطر -تخت- وغير ذلك مما تحتاجه المدرسة قبل بدء الدراسة بتوفيق الله وتبرعات الأهالي.

وقد ساعد الإخوان بالقاهرة إخوان مغاغة في توفير ما يحتاجون إليه، فقد نشرت مجلة "النذير" إعلانًا عن حاجة مدرسة الإخوان المسلمين الابتدائية بمغاغة إلى مدرسين، وأشارت إلى أن تقدم الطلبات إلى مكتب الإرشاد في ميعاد غايته 22 سبتمبر 1939م.

وبعد اكتمال إنشاء المدرسة وبدء الدراسة بها أشارت المجلة لذلك قائلة: إنه بعون الله تعالى أنشئت المدرسة الخيرية الإسلامية بمغاغة، وابتدأت عامها الدراسي في يوم 16شعبان 1358ه الموافق 30سبتمبر 1939م مستكملة فرقها الأربع، وكانت المدرسة الابتدائية آنذاك -والتي تعادل المدرسة الإعدادية الآن- تتكون من أربع فرق دراسية.

وقد أحضر لها باقي المدرسين من حاملي الدبلومات العالية، ومن ذوي الخبرة والكفاية الذين مارسوا التعليم زمنًا طويلاً، ورحمة بالأهالي وتشجيعًا على التعليم قد راعت المدرسة في المصروفات الدراسية حالة كل تلميذ حتى يتيسر لأبناء الفقراء أن يغترفوا من منهل العلم ويتأدبوا بأدب المعرفة.

وهكذا بدأت المدرسة واستمرت بعد ذلك، والتحق بها عدد كبير من المعلمين من أهل مغاغة، ورجع إخوان القاهرة مرة ثانية.

وفى منطقة سمالوط بالمنيا افتتح الإخوان فرع من مدارس الجمعة على إثر نشاط الإرساليات التبشيرية بالمدنية, وقد استجاب أهل المدينة لنداء الإخوان وبعثوا بأبنائهم إلى دار الإخوان ليتعلموا دينهم ولا يكونوا عرضة لإغراءات المبشرين.

إنشاء فصول محو الأمية

اعتنى قسم العمال بإقامة المؤتمرات والاحتفالات لتثقيف العمال, وتوحيد صفوفهم، ففي المنيا زخرت دار الإخوان بأفواج من الوافدين لشهود مؤتمر العمال, وقد تحدث فيها الأستاذ محمد شريف رئيس الشعبة, وتلاه الأستاذ محمد يوسف عضو الشعبة, ثم الشيخ محمود عبد المجيد رئيس المنطقة الذي أعلن في ختام المؤتمر افتتاح فصل لمحو الأمية يشرف عليها العمال ابتداء من يوم 5 أكتوبر ثم تحدث الأستاذ محمد الفاتح عن رسالة الشباب, وختم المؤتمر كما افتتح بآيات من كتاب الله.

الاحتفال بالمناسبات الدينية

ولم يترك الإخوان الإحتفال بالمناسبات الدينية كالاحتفال بالمولد النبوي، وفي هذه المناسبة كان الإخوان المسلمون فى البحيرة والمنيا يقيمون سرادقًا ضخمًا يجمع الإخوان والمدعوين من الناس على مستوى المدينة، وكذلك جميع الإخوان المسلمين بالمنيا.

كما ألقى فضيلة الشيخ حسن البنا محاضرته عن المواسم الدينية بدار جمعية الإخوان المسلمين، وقد استهل المحاضر محاضرته بتكرار التهنئة بهذا الموسم الكريم، سائلاً الله -تبارك وتعالى- أن يعيده باليمن والبركات على الأمة الإسلامية والمجموعة الإنسانية كلها، حتى يعم العالم الرخاء والطمأنينة والسلام، وتتحقق الغاية العظمى التى من أجلها أرسل الله هذا النبى العظيم ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾[الأنبياء: 107].

ثم شكر للقادمين هجرهم دورهم الخاصة، وإقبالهم على هذه الدار العامة، لتتألف منهم الأسرة الكبرى، فإن أبرك الأوقات وقت اجتماع القلوب على الخير متعاونة على البر والتقوى، وإن هذا لهو الجمع الذى تتغشاه رحمة الله، ويتنزل عليه الرضوان، واستشهد ببعض الأحاديث الشريفة، وعرض لقصة الصحابى الذى أقبل على معاذ بن جبل وهو يحدث الناس فقال له: إنى أحبك لله، فأجابه معاذ: آلله؟ "يعنى: أتقسم بالله؟" وكررها حتى بدأ التأثر على وجه الصحابى، فقال له: إنى لم أستحلفك تهمة ولكنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من نظر إلى أخيه نظرة حب لله غفر الله له بها"، ونحن قد أحببناكم لله كذلك، واجتمعنا هذا الاجتماع لنتعاون على تفقه شريعتنا، ونفهم رسالة نبينا، ومعرفة الخير فى دنيانا وديننا، وسأبشركم بشريات نبوية كريمة.

ثم عرج على إعلان الدعوة، فقال: إن الإخوان حملوا عنى نصف مهمتى هذه؛ إذ حددوا الموضوع الذى سأتكلم فيه الليلة، وهو اختيار جميل؛ لأنه قسمان: المواسم الإسلامية عامة، وعيد الأضحى المبارك خاصة.

ثم بدأ بتعريف المواسم الإسلامية فقال: إن الملوك يعينون أعيادًا للتشريفات تميزها الحكومات عن سائر الأيام بتعطيل المصالح لإراحة الموظفين من عناء العمل، وإطلاق سراح المسجونين، ومنح ذوى الوجاهة والحيثية الرتب والأوسمة ليعم الفرح والابتهاج بهذه الأيام، وقد اقتضت إرادة ملك الملوك جل جلاله أن يصطفى أيامًا من السنة، ويجعلها أيام تشريفات ربانية ويميزها من بقية الأيام، ويجعل لها قدسية خاصة ومنزلة خاصة، ويشعر عباده بذلك وهذا جدها "بختها".

ثم استشهد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التى تنص على تقديس هذه المواسم "كليلة القدر ويوم عرفة وأيام التشريق" وقال: إنها كأيام التشريفات تمامًا، فالمسجونون فى سجون آثامهم ومعاصيهم يطلق سراحهم بإعلان التوبة النصوح، والمقربون يرفع الله درجاتهم بصالح الأعمال.

وقال: إن الله وهو القاهر فوق عباده الغنى عنهم يتقرب إليهم وهم الضعفاء الفقراء إليه، وهذا تجل إلهى، وكرم ربانى، ثم أوصى بالحرص على هذه المواسم واستشعار أثرها فى أعماق القلوب؛ لأنها بمثابة "أوكازيون"حسنات، وضعه الله على فترات من العام، ليعالج به نسيان الإنسان، فيتذكر ويقبل على ربه بقلبه، فيكون له عنده زلفى وحسن مآب.

ثم عرض لعيد الأضحى وما فيه من ذكريات إسلامية جميلة فقال: إنى أسميه يوم التشريفة الكبرى؛ لأن ما عداه تشريفة موضعية، والله -سبحانه- سماه "الحج الأكبر"، وفيه عملان من أزكى الأعمال عند الله، أداء فريضة الحج، وشعيرة الضحية، والسر فيه أن الإسلام جاء ليكون دينًا شاملاً منقذًا للإنسانية كلها، ومن مبادئه الأساسية أنه دين يجمع كلمة الناس على الخير والحب والتعاون والسلام، ويشعر الإنسانية أنها وحدة لا تتجزأ، لا يفرق بينها لون أو جنس أو لغة؛ لأنها روحانية واحدة ومهمة واحدة هى أن نعبد الله ونفعل الخير ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾[الحجرات: 13]، "الناس لآدم وآدم من تراب"، وهذا ماثل فى المهمة التى أسندت إلى الرسول ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ﴾[سبأ: 28].

وحين قرر الإسلام هذه الوحدة لم يلجأ إلى طريقة الفلاسفة وهى وضع النظريات فحسب، ولكنه قام بعمل الربط فعلاً على أساس "الرمزية" التى يقول عنها العلامة "فرويد": إنها هى "الطريق الوحيد الذى يعبر به الإنسان عن مشاعره".

وضرب لنا مثلا،ً العلم المصرى فهو خرقة لا يزيد ثمنها على عشرين قرشًا، فكيف يقف الشعب وعلى رأسه جلالة الملك لتحيته وإجلاله وإحاطته بالأموال والأنفس؟ إنهم فعلوا ذلك لأنهم اتخذوه رمز كرامة البلد وكبريائه، وكذلك شاء الحق -تبارك وتعالى- أن يجمع الإنسانية ويجعل لها رمزًا هو إبراهيم عليه السلام؛ لأنه همزة الوصل بين الأمم ذوات الكتب السماوية، فبنى إبراهيم البيت، وهو علم الربانية ركزه الله فى الأرض، وأمر الناس أن يلتفوا حوله ﴿جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ﴾[المائدة: 97]، وجعل الحجر الأسود بمثابة النجم فى العلم يصافحه المسلم كما يقسم الجندى قسم الطاعة والإخلاص تحت العلم ليتمتع بشرف الجندية، وهو بيعة، وعهد تتجدد به صلة الإنسان بربه.

إذن فالحج تحقيق الوحدة الإنسانية العامة، وهى لا تتم إلا بالمساواة ومحو الطبقات، ولذلك صدر الأمر الإلهى بتجريد الناس من ثيابهم بحيث يلبسون شعارًا واحدًا يتساوى فيه الملك الكبير والبائس الفقير، حتى يستحيل الجميع نفسًا واحدة، وقلبًا واحدًا، وكلمة واحدة، واتجاهًا واحدًا إلى إله واحد.

وكما أن الوحدة الإنسانية لا تتم إلا بالمساواة، فهى كذلك لا تتوثق عراها إلا بمحو العدوان والأذى؛ لذلك يحرم الله فى الحج الصيد، وقطع الأشجار، بل وحلق الشعر وقص الأظافر ليمحو أثر العدوان من الإنسان فيأمنه غيره، ويأمن هو نفسه أيضًا، وقس على هذا التأديب الربانى حتى لا يبرح مكة من الإنسان إلا معنى الإنسان المستوعب أعلى مثل الإنسانية الكاملة، فيكون الفيض عامًّا والخير شاملاً.

ثم عرض لشعيرة التضحية فقال: إنها واجبة عند الأحناف "فى مرتبة الفريضة"، وسنة مؤكدة عند باقى المذاهب، وتذبح بعد صلاة العيد، وفيها معنى سام؛ لأنها تذكرنا بموقف سيدنا إبراهيم إذ بلغ سنًا كبيرة يئس فيها من الأولاد، ثم رزق بعد ذلك غلامًا وصفه الله بأنه عليم وحليم، أى: ممتاز، وأنه بلغ معه السعى، أى: السن التى يستطيع أن يعين أباه فيها، فأمره الله أن يذبحه بيده ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ﴾[الصافات: 106] فماذا كان؟ كان أن أسلم قلب إبراهيم لحكم الله تمامًا! وطاب قلب إسماعيل لقضاء الله تمامًا! فتغشاهما الله بالرحمة، وأنقذهما من هذا الكرب، وهذا يعلمنا أن قبول التضحية يتوقف على شرطين هما: التفويض اللانهائى، والسخاء اللانهائى ﴿لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ﴾[الحج: 37]، وفى ذلك رمز لأسمى وأكمل صور الإيمان، وإنها لذكريات فاضلة، ورموز نبيلة تحمل أروع المعانى الجميلة لهذا الدين الحنيف ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾[النساء: 82]. ثم قال: أيها الإخوان،

إن دين الله تجمعه كلمتان: افعل، واترك، ولم يأمرنا الله أن نفعل إلا ما كان نافعًا لنا، ولا نترك إلا ما كان ضارًّا بنا، وأن مهمتنا نحن الإخوان المسلمين أن نفهم الناس أن دين الله جاء لخيرهم وسعادتهم، وأن نضع أيديهم على الخير ليفعلوه، وأن نبين لهم الشر ليجتنبوه، فإذا كان يشاع عنا غير ذلك فهو لا حقيقة له؛ لأن دعوتنا إسلامية دستورها القرآن الكريم والسنة المطهرة، وكل ما نقوله هو: إن الله أنزل كتابًا هو نور تخرجون به من ظلمات الحيرة إلى نور الحق المبين ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِى أُوحِىَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾[الزخرف: 43]، ﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ﴾[النمل: 79].

ثم ألقى على أثره بعض الأدباء كلمات مناسبة كما أشرنا إلى ذلك فى العدد الفائت.

ثم وقف فضيلة الشيخ إدريس معتذرًا لطالبى الكلام نزولاً على رغبة الأستاذ، وقال: إن موعدنا بفضيلته رأس السنة الهجرية -إن شاء الله، ثم كان الذكر الحكيم مسك الختام.

محاضرات الأسبوع فى المنيا

كانت تلقي بدار الإخوان بالمنيا الكثير من المحاضرات ومن ذلك المحاضرة التي ألقاها الأستاذ محمد فتحي عثمان بدار الإخوان المسلمين شعبة قبلي البلد بالمنيا والتي كانت بعنوان "دور حاسم في حياة الأمة". ، وكذلك محاضرة فى شعبة المنيا عنوانها: "رسالة الإخوان"، للأستاذ حسن الحسينى (المحامى).

ومن أمثلة ذلك أيضا سلسلة محاضرات ألقيت فى شعبة المنيا خلال أسبوع واحد فى الموضوعات الآتية:

1- نظرة بين الإنسان والحيوان، لفضيلة الأستاذ أحمد أحمد القط، بدار الإخوان المسلمين.

2- مخاطرة غريبة لـ مستر مالون بدار المعهد البريطانى.

3- تعاون بين الطب البيطرى والبشرى، للدكتور نصرى قيصر، بدار المعهد البريطانى وجمعية الشبان المسيحيين.

خطبة بعنوان الفاروق عمرو بن الخطاب

كما أقامت جمعية الإخوان المسلمين بالمنيا سرادقًا فسيحًا فى فناء دارها فى يوم الخميس، وقد حضر فى المساء صفوة من كبار الموظفين، وجمهور من أهالى المدينة لسماع المحاضرة التى ألقاها فضيلة الأستاذ حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين، وموضوعها "الفاروق عمر بن الخطاب".

وقد افتتح الاجتماع بآى الذكر الحكيم، ثم وقف حسين أفندى الماقوسى رئيس الجمعية وألقى كلمة شكر فيها الحاضرين، ودعا إلى العمل مع الإخوان المسلمين لرفع لواء الدين وإعلاء كلمة الحق.

ثم أعطيت الكلمة لفضيلة الأستاذ أحمد أحمد القط واعظ عام مركز المنيا، فجعل محور كلامه حول قول الله تعالى: ﴿وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ﴾[الأنفال: 61].

ثم وقف فضيلة الأستاذ البنا وحمد الله الذى أتاح له الفرصة لمشاهدة جمهور المنياويين فى ليلة عيد ميلاد الملك فاروق -حفظه الله.

وبعد أن مرت لحظة قصيرة –ردد فيها المحاضر والحاضرون الدعوات الصالحات لصاحب التاج ورب العرش- عرج المحاضر على موضوع محاضرته فقال: إن المسلم يكرر فى كل ركعة من ركعاته قول الله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾[الفاتحة: 6]. فقال مفسرًا لهذه الآية: إن الله اختط للإسلام طريقًا وسطًا، ولو عرضنا جميع مشاكل الحياة على الإسلام لوجدنا أن الإسلام اختط الطريق الوسط، فلا هو فرط فى ناحية، ولا أفرط فى أخرى، ويقول الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾[البقرة: 143]. ودلل على قوله بمشكلة العالم اليوم، وهى صلة الحاكم بالمحكوم، وهى مشكلة حار فيها حكماء المجتمع، وكتاب المجتمع، وقادة العالم، فلم يتمكنوا من خلق الصلة الحقة بين الحاكم والمحكوم، التى تجعل الحاكم يهيمن على شئون الأمة بعد مشاورة الشعب الذى يقرر حقوقه، كما تعطى الأمة الحق فى مراجعة الحاكم إن أخطأ، أو اتباعه إن كان على صواب.

وقال المحاضر: إن الإسلام عالج هذه المشكلة بمنتهى الحكمة فقال رسول الله: "إذا نزلت ببلد وليس فيه سلطان فارحل عنه؛ فإن السلطان ظل الله فى الأرض"، كما قال الله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِى الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ﴾[آل عمران: 159].

وتكلم عن سر اختيار الله حماة الدين من الحجازيين فقال: إن الله جعل حماة كتابه من العرب؛ لأن النفس العربية كانت لا تزال بكرًا لم تؤثر فيها الفلسفات الجائرة، كما اتصلت بالاستقلال النفسى الذى جعل الإسلام يتخير هذه القلوب ليحل فيها، وليكون الغازى الأول الذى يلج هذه القلوب البكر.

أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى
فصادف قلبًا خاليًا فتمكنا

واستطرد فقال: إذا كان التاريخ يعيب على الأمة العربية بعض النقائص كوأد البنات، وشرب الخمر، ولعب الميسر، والتنابذ على أتفه الأسباب، فإن هذه النقائص كان مبعثها الغلو فى الفضيلة.

وما كاد عمر ينضم إلى أتباع الرسول حتى قامت أول مظاهرة إسلامية طاف فيها المؤمنون بيت الله، ونزلت الآية القائلة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾[الأنفال: 64]، ومنذ هذه اللحظة أطلق الرسول على عمر اسم "الفاروق"؛ لأن الله فرق به بين الحق والباطل.

وشرح المحاضر خصال عمر فقال: إن أول هذه الخصال: الإيمان الكامل بالله والاعتماد عليه، حتى إن الرسول وصف إيمان عمر بقوله: "لقد رأيت أصحابًا وعليهم قمص، منهم من بلغ قميصه إلى ثدييه، ومنهم من بلغ قميصه إلى سرته، ومنهم من بلغ قميصه إلى ركبتيه، ومنهم عمر يجر قميصه من ورائه جرًّا" اخرجه البخاري.

وقد عاش عمر محبًّا لرسول الله، فما كان أحد يغلظ للرسول حتى يأخذه عمر بسيفه، ويضرب عنق المغلظين، وحدث أن أفتى عمر برأى فى غزوة بدر، ولكن الرسول لم يأخذ برأيه، فنزلت الآية تزكى رأى عمر، فلم يشمخ بأنفه ويتكبر، ولكنه وضع رأسه بين يديه وقال: "ويح عمر ليت أم عمر لم تلد عمر، ومن عمر حتى يعاتب بسببه نبى الله" صحيح مسلم، وحدث مرة أن قال عمر لرسول الله: يا نبى الله اضرب على نسائك الحجاب، فثارت النسوة فى وجه عمر، فنزل الوحى يؤيد رأى عمر بقوله: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ﴾[الأحزاب: 53].

وذكر حادثة دلت على إيمان عمر القوى فقال: إنه كان ساريًا فى الليل فسمع رجلاً يتلو القرآن فبكى، ثم مال على جدار المنزل يستند عليه، ومرض بعد ذلك شهرًا يعوده الناس، ولا يدرون ما به من تأثير القرآن.

واستخلص المحاضر من سيرة عمر أن الرجال ليسوا بكثرة العدد وقوة العدد، ولكن بالمواهب وقوة الإيمان والتضحية ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾[البقرة: 249].

ثم ذكر ما آلت إليه الأمة العربية فى عهد عمر من قوة الروح المعنوية، حتى إن ثلاثة من عامة العرب دخلوا على ملك الفرس طالبين منه الإيمان بالله غير مبالين بما حوله من رهبة الملك وعظمة النفوذ. وعرج المحاضر بعد ذلك على الحديث عن سيرة عمر عندما أصبح خليفة المسلمين، فذكر بعض القصص والحوادث التى دلت على عدله وتفانيه فى الدعوة، وخلق روح الاتحاد والتضامن، والسعى لرفع مكانة الإسلام وإعلاء كلمة المسلمين.

وبعد انتهاء المحاضرة ألقى بعض الأدباء كلمات مناسبة دعوا فيها إلى العمل فى سبيل دين الله مستشهدين بسيرة عمر، وكان يقدم المتكلمين حضرة محمد أفندى عبد العال سكرتير الجمعية، وانتهى الاجتماع بآى الذكر الحكيم.


الإخوان والخدمات الطبية في المحافظة

لم يقتصر دور الإخوان الطبى على القسم الطبى فحسب بالمركز العام بل تسابقت الشعب على افتتاح المستوصفات التى تخدم أبناء شعبتها والشعب المجاورة, ومن هذه المستوصفات مستوصف مغاغة والتى افتتحه الإخوان, وتطوع للعمل فيه سبعة من الأطباء.


إخوان المنيا والرياضة

اجتمع مجلس الرياضة الأعلى للإخوان وقرر إقامة مسابقة رياضية على كأس تذكارية باسم فضيلة المرشد العام يتنافس على إحرازه منتجات كرة القدم بالمكاتب الإدارية, ولقد استقبل الإخوان ذلك بالفرح والسرور.

وقد أعلن المجلس جدول المباريات كالتالي:
جدول-مباريات-المنيا.jpg

ولقد تأجلت مباراة الفيوم والمنيا لعدة مرات, فقد تأجلت من 18إبريل إلى 22مايو., ثم تأجلت إلى يوم الأحد 1 يونية 1947, على أن الفائز منهما سيصعد إلى الدور الثانى مع سوهاج التي تغلبت على قنا, وبنى سويف التي تغلبت على أسيوط(4-1)

وفى المنطقة الصعيد أقيمت مسابقة دورى المنطقة وذلك يوم 20 ديسمبر 1946م فى الساعة الثالثة بعد الظهر على أن يتقابل:

فريق شبان المنيا × فريق نادى المنيا

كما كان للإخوان في المنيا فرق بسيطة في السلة ، ومن ذلك ما نشرته فى هذا الباب قائلة: "نتائج مباريات كرة القدم فى المدة من أول سبتمبر إلى 4أكتوبر 1943م":

3 – 2 إخوان المنيا × نادى الموظفين

المعسكرات والجوالة

معسكرات صيف 1939م قرر المركز العام لجوالة الإخوان المسلمين إقامة معسكرات صيفية إقليمية فى الجهات والمواعيد الآتية:
جوالة-المنيا.jpg


إخوان المنيا والصحافة

1- جريدة الأقاليم :

جريدة-الإقليم.jpg

أصدر الأستاذ إبراهيم فؤاد المنياوي بالمنيا جريدة الأقاليم الأسبوعية ، وقد تابعت هذه الجريدة التي أصدرت في الفترة من 1928م إلي 1957م، أنشطة الإخوان المسلمين بالمنيا، وقد نشرت مقالاً أوضح رؤيتها في الإخوان بصورة موسعة أكثر من جريدة الإنذار، وقد جاء فيه: "حيا الله تلك الجماعة المسلمة التقية البارة جماعة الإخوان المسلمين، فقد ارتضت ضميرها، وعملت لربها ونبيها، وبلغت رسالة الإسلام بهمة عالية، وروح قوية، وإخلاص عظيم، وبلغت الرسالة كاملة التبليغ، فلم تدع طريقًا يوصلها إلى إسماع هذا الصوت القوي صوت الدعوة المحمدية صوت دستور الإسلام، بل دستور البشرية، ولم تتوان هذه الجماعة البارة في بذل الجهد والمال في إرشاد المسلمين في التمسك بكتابهم والعمل بسنة نبيهم".

وكانت الجريدة تنشر كافة أخبار الإخوان بالمنيا، ففي الجانب الاجتماعي كانت تنشر الأعمال الخيرية للإخوان، مثل: قيام الإخوان بالمنيا بإطعام تسعمائة فقير بمناسبة شهر رمضان، وفي الجانب الفني كانت تنشر أخبار مسرح التمثيل الذي بناه إخوان المنيا تشجيعًا للتمثيل الروائي، كما كانت تنشر احتفالات الإخوان المختلفة مثل: الاحتفال بالهجرة، والاحتفال بافتتاح شعبة جديدة كشعبة قبلي البلد، ونشر المحاضرات التي تقيمها الجمعية مثل: محاضرات الشريعة الإسلامية مصدر صالح للتشريع الحديث، واحتفال الجمعية بعيد ميلاد جلالة الملك.

2- جريدة المنيا

جريدة-المنيا.jpg

جريدة أسبوعية أسسها أبو الليل راشد بالمنيا عام 1924م، تصدر يوم السبت من كل أسبوع، واشتراكها السنوي 100قرش، وكانت إدارتها بشارع ابن خصيب بالمنيا، وقد عرّفت الجريدة نفسها بأنها جريدة أدبية أخلاقية عمرانية أسبوعية سياسية، وكانت الجريدة تحرص على متابعة أخبار الإخوان بالمنيا وذلك بصفحتها الأولى، والتي يأتي معظمها عن الإخوان، وكانت الجريدة كثيرًا ما تحتفي بالإخوان، حيث تقول: نسأل الله ل[[جماعة الإخوان المسلمين]] التوفيق والنجاح لخدمة الإسلام والمسلمين، ومن أمثلة الموضوعات التي نشرتها الجريدة محاضرة الملازم بدر الدين أفندي ذكري عن أثر المحافظة على الدين في تقليل الجرائم، بالإضافة إلى متابعة أخبار اجتماعات الإخوان المختلفة.

3- جريدة الإنذار

اهتمت جريدة الإنذار الأسبوعية -التي أصدرها الأستاذ صادق سلامة بالمنيا عام 1930م واستمرت حتى عام 1955م- بمتابعة أخبار الإخوان بالمنيا، وقد ركزت بشكل أساسي على الجانب الثقافي لدى الإخوان، مثل: نشر المحاضرات التي بدأها الإخوان المسلمون بالمنيا تحت عنوان باب ثابت: "محاضرات الأسبوع في المنيا"، وقد تنوعت هذه المحاضرات من محاضرات في العقيدة للأستاذ محمد الأباصيري، إلى محاضرات علمية مثل: "نظرة بين الإنسان والحيوان" للأستاذ أحمد أحمد القط، إلى محاضرات طبية مثل: "التدرن الرئوي والوقاية منه" للدكتور علي محمد زكي، إلى محاضرات في مشكلات المجتمع، مثل: محاضرة عن مشكلات واحة سيوة ودور الإخوان في النهوض بها للدكتور محمود عبد الله.

كما تابعت الجريدة احتفالات الإخوان في المناسبات المختلفة مثل: الاحتفال بالهجرة النبوية والذي كان يحضره مدير المنيا بدار الإخوان، والاحتفال بالإسراء والمعراج، والاحتفال بعيد ارتقاء الملك للعرش. وكانت الجريدة تنشر بعض المقالات للأستاذ سيد قطب قبل أن ينضم إلى الإخوان تحت عنوان: "أحاديث الإنذار"، كما كانت تتابع اجتماعات مجلس إدارة الجمعية وقراراته.

رحلة الحج عام 1944م

بعد إقرار لائحة الحج الجديدة فى عام 1944م قرر الإخوان أن يوفدوا بعثة رسمية للأقطار الحجازية للحج، تمثلهم وتدعو لفكرتهم، وتوثق الصلات بينهم وبين الزعماء العرب والمسلمين، وكانت المفاجأة السارة أن أعلن الإمام البنا أنه سيقوم بأداء فريضة الحج هذا العام؛ الأمر الذى بث الروح فى نفوس كثير من الإخوان، وتقدموا لتأدية هذه الفريضة الجليلة مع مرشدهم للاستزادة من علمه والجلوس معه، وقد تألفت البعثة الرسمية للإخوان هذا العام من:

• فضيلة الإمام المرشد العام/ حسن البنا .. رئيسًا

• الأستاذ/ حسين عبد الرازق .. وكيلا "من بنى مزار"


مجلس الشوري الثالث

وقد رأى "مكتب الإرشاد" أن يكون انعقاد مجلس الشورى الثالث في عطلة عيد الأضحى بالقاهرة، ووجه الدعوة إلى الإخوان، وقد عَقد المجلس جلساته في الفترة من يوم السبت 11 من ذي الحجة 1353هـ الموافق 16 من مارس 1935م حتى يوم الاثنين 13 من ذي الحجة 1353هـ الموافق 18 من مارس 1935م وحضر من ملوي علي شعبان أفندي وأعتذر محمد أفندي الكيلاني .


الإخوان والأدب

كان لبعض إخوان المنيا إنتاج وفير غير أنه فقد مع ما فقد من تراث الإخوان المخطوط ، وبين أيدينا مجموعة زجلية لأخ يدعى عبد اللطيف العيلي، ومن المعلومات الموجودة على غلافها:

غلاف كتاب الأزجال الخاص بالأستاذ عبد اللطيف العيلي (مندوب الإخوان بشعبة ملوي )


والأخ عبد اللطيف العيلي كان مندوب جوالة الإخوان المسلمين بشعبة ملوي، وقد أهدى مجموعته الزجلية إلى الإمام المؤسس عليه رحمة الله:

يا مْربّي روحي يا مُرْشِدْنا
بالروح أفديك

وريتني كيف أنا أعيش مسلم

وأنا بأيه أهديك

يا بنّا من فضلك تقبل

مني الأزجال

هدية مش قيمتك لكن

على قدّ الحال

وفي المقدمة يقول بعد حمد الله والصلاة على رسوله الكريم: "فهذا كتيب صغير قد جمعت بين دفتيه أزجالاً نظمتها في مبادئ الدعوة التي أعيش لها وأسعد بالانتساب إليها دعوة الإخوان المسلمين، ولقد حرصت على أن يكون هذا الكتيب دعاية لدعوتي، فوضعت في أوله "تعاريف إخوانية" ليعم النفع، وتكثر الفائدة، وفقنا الله للجهاد في سبيله والعمل بشريعته إنه سميع مجيب".

والمجموعة بالفعل كما قال مؤلفها دعاية لدعوة الإخوان ومبادئها وأهدافها، ففي زجل بعنوان: "تحية" يقول:

يا بلبل يا طاير نواحي البقيع
تبلغ صحاب الرسول السلام

وتهدي التحية لطه الشفيع

يردد صداها صليل الحسام

هات إيدك نبايع "يا بنّا" يا مرشد

بنيت بالمسلح نفوس الشباب

بنيت جيش عرمرم لدينا مجند

يخوض المعارك يهد الصعاب

أساسه الشريعة وسنة محمد

ودينه النصيحة برفع الكتاب

وفي حفل افتتاح إحدى الشعب –هي شعبة الفكرية– يقول:

يا بلدنا دا عصرك بقى زاهر

وتاريخك أصبح شيء باهر

مكتوب فوق تاجك بجواهر

شرّفت "يا بنّا" الفكرية

نور طه الهادي دا نوّرنا

وهتفنا باسمه وكبّرنا

"والبنا" حبيبنا أهو جه زارنا

محروس م العين الحسودية

ويوضح همجية الغرب التي جلبت على شعوب أوروبا الدمار والخراب، ويظهر فضل المبادئ الإسلامية التي يدعو لها الإخوان، المستمدة من الكتاب والسنة:

إزاي أنا أوازن وريني

بين مبدأ غربي وبين ديني

هتلر والروسيا وموسوليني

يعطوك الصورة الحقيقية

في أوروبا الشعب بايت صابح

في مجازر قايمة ومدابح

والغرب جميعه صبح سابح

غرقان في البركة الدموية

في أوروبا بيفتحوا بقنابل

وبيقتلوا أطفال وأرامل

والمصطفى كان فتحه بوابل

من فضل ورحمة وحنية

يا نبينا أدينا إحنا جنودك

الغاب ضاق خالص بأسودك

راح نرفع في الدنيا بنورك

ونهز الكورة الأرضية

وفي إحدى احتفالات الإخوان بالإسراء والمعراج يقول:

يا رجب أهلاً بشهرك

يا أبو ليلة زاد حلالها

نلت فيها كل فخرك

يا رجب فيك أسرى طه

يا أبو ليلة زاد حلاها

للشعوب في الأرض ساعة

لاجل تتويج الملوك

وانت يا صاحب الشفاعة

تحت عرشه توجوك

تاج بيدّ الله بناها

وبعد أن يستعرض رحلة الإسراء والمعراج، يرحب بالإمام البنا، ثم يخاطب بلاد الشرق مستنهضًا إياها لأجل تحطيم القيود:

النسيم عمال يهفهف

مرحبًا أهلاً يا "بنّا"

البلد نالت مناها

لك درر في الحق غالية

لك عمل فاق الكلام

"يا حسن" لك همة عالية

أمضى من حدّ الحسام

في السما ساكنة في علاها

مهما أمدح مش هاوفي

وأبقى "يا مرشد" ظلمتك

"يا حسن" اسمك دا يكفي

في الدلالة عن عظمتك

"بنّا" للإخوان بناها

يا بلاد الشرق مالك

ليه تملّي اليأس قاتلك

قومي قومي شوفي حالك

الفرص سنحت وجتلك

والحروب دارت رحاها

تيأسي ليه وانت دينك

دين ما يعرفشي الخمود

قومي جاهدي الله يعينك

لاجل تحطيم القيود

أو تموتي في حب طه

واللي قص الناس جناحه

برضه راح يطلع له ريش

الجرح هتطيب جراحه

لو مقدر له يعيش
لو يريد الله شفاها


المؤتمر الدورى السادس واخوان المنيا

فى يوم الخميس الحادى عشر من شهر ذى الحجة المبارك سنة 1359هـ الموافق التاسع من يناير 1941م توافد على دار الإخوان المسلمين بالحلمية أكثر من خمسة آلاف شخص من كافة أنحاء القطر المصرى لحضور المؤتمر الدورى السادس وقد وردت إقتراحات على المؤتمر من شعب الإخوان ومنها : أقترح الإخوان بالمنيا أن تعمل كل شعبة على أن تجمع قرشًا فى كل شهر من كل مشترك باسم مكتب الإرشاد العام للمساهمة فى نواحى نشاطه المختلفة، التى تستلزم كثيرًا من النفقات، وتقوم الشعبة نفسها بتحصيله وإرساله.

وكان ممن رد إليهم ما زاد عن المائة جنيه الأستاذ محمد عبد الرحمن نصير، والأستاذ حسين بك عبد الرازق رئيس الإخوان ببنى مزار، والأستاذ كمال عبد النبى.

وفى انتخابات 1948م قام الإخوان بترشيح الأستاذ صادق سلامة (القبطي) صاحب جريدة الإنذار ووكيل نقابة الصحفيين عن دائرة المنيا, ولقد قامت شعبة الإخوان بالمنيا بتزكيته لدى مكتب الإرشاد والذى اعتمد هذه التزكية ووافق على ترشيح الأستاذ صادق

كما أرسل كذلك كثير من الإخوان برقيات التأييد لبيان المركز العام من المذكرة المصرية والرد البريطاني إلى الملك فاروق، فقد وصلت في يوم فبراير 1946م إلى ديوان جلالة الملك فاروق تأييد لبيان المركز العام من كل من محمود عبدالمجيد رئيس المكتب الاداري للإخوان بالمنيا

وفي يوم 8 أكتوبر 1946م أرسل الإخوان تأييدًا لبيان المركز العام إلى الملك، وقد جاءت من كل من:

رئيس المكتب الإداري للإخوان بالمنيا محمود عبد المجيد.


توحيد وتنسيق جهد الجماعات الإسلامية

لم يفكر الإخوان فى توحيد الجماعات الإسلامية فى جماعة واحدة؛ لأن الاختلاف من سنن الكون، وإنما يعملون جاهدين على توحيد المبادئ والمفاهيم، وتصحيح الأفكار وتنسيق الجهود، والتعاون فيما اتفق عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلف فيه، ثم بعد ذلك يتنافس أهل الخير فى تقديم الخير للجميع.

وقد بذل الإخوان فى ذلك جهدًا كبيرًا، وقد ظهرت فى هذه الفترة محاولة من إخوان المنيا فى هذا المجال، ورغم أنها باءت بالفشل إلا أنها بيَّنت مدى اهتمام الإخوان بهذا الأمر، ولأهمية هذا الموضع كتجربة رائدة ننشر أحد المقالات التى تلخص ما حدث.

تحت عنوان: "حول الجماعات الإسلامية أيضًا" نشرت مجلة الأقاليم ما يلى: "عرف القراء مما أسلفنا فى المقال السابق أن العمل على اتحاد الجماعات الإسلامية بالمنيا أخذ صورة جدية، وكان له طابع من الصدق والإخلاص يدعو إلى الإعجاب والغبطة، وكانت الحفلات الرائعة التى أقيمت من أجل الاتحاد والإعلان عنه والفخر به نشوة فرح غمرت الجميع. قلت: فماذا كان بعد ذلك؟

كان أن قرر الأعضاء المجتمعون الذين يمثلون جميع الجماعات والنوادى الإسلامية فى هذه المدينة تأليف لجنة يناط بها أمر وضع القانون الذى يسير عليه الاتحاد فيما يأتى من الأيام.

وقد كونت هذه اللجنة من أحمد أحمد القط (واعظ المنيا) كاتب هذا المقال، والأستاذ حسن الحسينى المحامى سكرتير جماعة الإخوان إذ ذاك نائبين عن هذه الجماعة، ومن الأستاذ راتب حمزة (المحامى)، والأستاذ عبد الرحمن عمارة مدير القسم المالى بمديرية المنيا إذ ذاك، وهما نائبان عن الشبان. وجلال أفندى سليمان نائبًا عن الاتحاد النوبى، وكان سكرتير داره إذ ذاك، والأستاذ الشيخ أحمد إسماعيل رئيس اتحاد التعليم الإلزامى بمديرية المنيا نائبًا عن هذا الاتحاد، وأظنه كان نائبًا أيضًا عن الجمعية الشرعية.

وقد رأى المجلس انتداب الأستاذ الشيخ أحمد إسماعيل للقيام بأعمال سكرتير هذه اللجنة، وقد اختلفنا طويلاً فى المبدأ الذى تسير عليه اللجنة فى وضع القانون، فقلت للمجتمعين: إن هناك أمرًا يوصد باب هذا الخلاف ويقطع دابره، وأرى أنه يرضى الجميع؛ وهو أن نأتى بقوانين هذه الجماعات جميعًا ونأخذ المواد المتفق عليها بين القوانين وتكون هذه مواد أساسية، وأما المواد المختلف فيها فتبحث اللجنة أصلحها للمجتمع وأعظمها نفعًا وأمسها بحاجة المسلمين من قوة ونشاط وتقدم ونهوض، ومن هذه المواد يوضع قانون الاتحاد.

وقد وافق المجلس على هذا الرأى وعهد إلى وإلى الأستاذ الشيخ أحمد إسماعيل بوضع الصيغة التى تعرض على اللجنة لإقرارها أو تعديلها بما يتفق وقوة هذا الاتحاد، وما يرجى من ورائه من خير، ولقد اتفقت مع حضرة السكرتير المنتدب على المواد التى تقدم للجنة.

وفى ذلك الحين وقبل أن تعرض المواد على اللجنة لفحصها غادرت المنيا فى الإجازة وأنا حسن الظن مطمئن القلب فرح مغتبط بما سيكون من وراء ذلك من خير لجماعة المسلمين فى هذا البلد وما انتهى إليه أمر الاتحاد. ولم تكد تنتهى الإجازة، ولم أكد أتبوأ مكانى بالمنيا وأسال عن الاتحاد حتى فوجئت بما لم يكد يدور بخلدى، وهو قبر هذا الاتحاد ودفنه ومواراته التراب غير مأسوف عليه.

لِمَ ذلك أيها المسلمون والناس حولكم ينظرون إليكم، ويزنون أعمالكم، ويقدرون خطواتكم وآراءكم؟! رجعت إلى السكرتير المنتدب الذى وضع الصيغة، وهو الأستاذ الشيخ أحمد إسماعيل وسألته عما جرى وما صار، فأجاب بأن اللجنة عقدت، وعرض عليها القانون فى صيغته الأولية فكان الاختلاف جد قوى، وكانت المعارضة قوية عنيفة، فلماذا كانت المعارضة؟

كانت المعارضة عنيفة حين عرضت المادة التى تقضى على هذا الاتحاد بأن يعمل على تقوية الروح الإسلامية الصحيحة، وتقوية المبادئ الإسلامية والنهوض بها والجهاد فى سبيلها، لم يكن الخلاف على غير ذلك، ولم تقم ثورة لغير ذلك. إن كان ذلك كذلك، فالأمل فى المسلمين أصبح على غير ما ينبغى أن يكون.

وإلى هنا أقف بالقراء وأضع أمامهم صورة مصغرة من هذا القانون الذى اختلف الناس عليه.

وقد دفع ذلك النشاط بعض الوجهاء بالتبرع ببناء مسرح للتمثيل فى دار الإخوان المسلمين بالمنيا.


خطاب خطير من المرشد العام إلى رئيس الوزراء

وقد اعتبرت الحكومة عريضة الإخوان المرفوعة إلى جلالة الملك المعظم معارضة لها، فرتبت على ذلك خطوات إيجابية -على قاعدة الحكومات المصرية التى يضيق صدرها بكلمة الحق- وأصدرت أمرها إلى رجالها بمصادرة حرية الإخوان والوقوف فى طريق نشاطهم. وكان من ذلك أن صودر حفل فرع هيئة وادى النيل العليا لإنقاذ فلسطين بالمنيا بمجرد أن تبينت الإدارة أن للإخوان يدا فى إقامته، كما قبض على بعض طلاب الجامعة من الإخوان وزج بهم فى السجن وعوملوا أسوأ معاملة، فى الوقت الذى ترك فيه المعتدون المشاغبون يسرحون ويمرحون ويظهرون بمظهر المعتدى عليهم، وطارد البوليس طلاب مدرسة السنطة الصناعية بحجة التظاهر، وأطلق عليهم أكثر من مائة طلقة وأصاب منهم أكثر من عشرين طالبا لأن معظمهم طلاب الإخوان.


المراجع

1- جمعة أمين عبدالعزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين- دار التوزيع والنشر الإسلامية.

2- محمود عبدالحليم: الإخوان المسلمون احداث صنعت التاريخ - دار الدعوة- 1999م.

3- جريدة النادى العدد 4 السنة 11/21 شعبان 1367هـ, 29/6/1948.

4- مجلة النذير– السنة الأولى – العدد 6 – صـ8 – 6جمادى الأولى 1357هـ / 4يوليو 1938م.

5- جريدة الأقاليم – السنة الثامنة – العدد 364 – 3صفر 1363هـ / 28يناير 1944م.

6- الإنذار – العدد 823 – السنة السادسة عشر – 17 جماد الثاني 1365هـ - 19 مايو 1946م.

7- ، أنور الجندى: مع بعثة الحج للإخوان المسلمين عام 1364هـ - صـ12 – دار الطباعة والنشر الإسلامية – 1365هـ / 1946م.