جروح الأمة النازفة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


جروح الأمة النازفة باكستان وأفغانستان والعراق والصومال


خريطة أفغانستان وباكستان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن والاه ..

يكاد القلب يذوب من كمد ومن حزن إن كان فى القلب إسلام وإيمان .. أينما تولِ وجهك اليوم إلى بلاد الإسلام خاصة المناطق الملتهبة فى باكستان وأفغانستان والعراق والصومال تجد أنهاراً من الدماء البريئة تسيل بصورة يومية وبأيد - للأسف - مسلمة، والفتنة أطلت برأسها فى كل بلد ومن ورائها أيد خبيثة ومؤامرات أجنبية تريد تمزيق الأمة بل تمزيق كل بلدٍ وتقسيمه، والمستفيد الوحيد هم أعداء الأمة من الصهاينة والاستعماريين الغربيين فى أمريكا وأوربا.


إننا - معشر الإخوان - نريد لكل بلد مسلم ووطن من أوطاننا القطرية أن ينهض ويتقدم ويحقق وحدته الوطنية فى إطاره الضيق وأن يسعى الجميع فى كل منطقة جغرافية إلى تمتين أواصر الروابط الإقليمية والعلاقات الثقافية والاقتصادية فيما بينها حتى يتحقق تكامل إقليمى يمهد الطريق إلى إعادة الكيان الدولى للأمة الإسلامية كلها بتقريب ثقافتها وجمع كلمتها وإحياء مجدها وتحرير أوطانها.


أين المسلمون؟

فى باكستان وبعد اتفاق مع الحكومة على تطبيق الشريعة الإسلامية فى "وادى سوات" نزولاً على رغبة شعبية جارفة لدى أبناء الإقليم وهى رغبة قوية لدى كل الشعب الباكستانى بل هى الهدف الذى أنشئت من أجله باكستان وإلا فما معنى انفصال المسلمين عن الهندوس فى شبه القارة الهندية إن لم يكن من أجل إحياء مجد الإسلام وتطبيق شريعته الغرّاء؟


لم تمض أيام على هذا القرار إلا وأطلت الفتنة برأسها وبدأت حوادث التحرش وهجمات مريبة خارج الإقليم ويتم نسبتها - صدقاً أو كذباً - إلى التنظيمات الإسلامية مما أدى فى النهاية إلى انهيار الاتفاق واجتياح الجيش لمنطقة وادى سوات وقتل المئات من الأبرياء ونزوح مليون ونصف مليون لاجئ داخل باكستان.


من كان وراء ذلك التحريض على إفشال الاتفاق ثم اجتياح الإقليم؟

إنها أمريكا التى تتغنى بعظمة الإسلام فى خطاب رئيسها بينما تحرم شعباً من اختيار حر لتطبيق الإسلام فى بلده.


أمريكا التى ورثت السياسة الاستعمارية الإنجليزية "فرق - تسد"، فإذا بها تقسِّم العرب إلى معتدلين ومتشددين، وتعيد للمسلمين ذكريات تاريخية أليمة كادت تنتهى فتشعل فتنة مذهبية بين شيعة وسنة، أمريكا التى أنهت سيطرة الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة : بريطانية وفرنسية وإيطالية وغيرها لترث هى تركة هذه الإمبراطوريات وتنهب ثروات المسلمين خاصة البترول، وما زالت تضع يدها على هذه الثروات طوعاً أو كرهاً، رضاً أو غصباً.

الصومال.jpg

حرضت أمريكا الحكومة الباكستانية وما زالت ضد جزء من شعبها وتسببت فى إراقة دماء الأبرياء ولجوء الملايين وتهديد بقاء باكستان نفسها كدولة ووطن لكل أبنائه.


وفي الجوار من باكستان لم يتوقف قصف الأبرياء من الأفغان منذ ثمانى سنوات ويغرق جنود حلف الأطلنطى يوماً بعد يوم فى أوحال أفغانستان ليعيدوا تكرار تجارب لم يستفيدوا منها منذ الأسكندر الأكبر مروراً بالبريطانيين وانتهاءً بالسوفيات.


كل يوم قصف لقرى الفلاحين الأبرياء الذين ما زالوا رغم كل شيء يحيون حياتهم المتواضعة ويقيمون أعراسهم البسيطة فإذا بالطائرات الحربية الأطلنطية والأمريكية تقصف أفراحهم فتحولها إلى مآتم ويسقط العشرات ولا تعتذر أمريكا ولا يتوقف القصف العشوائي المميت.


ويتربع على رأس الدولة حاكم مهدد بالقتل كل صباح لا يجد تأييداً شعبياً، ولم ينتخب انتخابا حرًا ويعيش تحت الحراسة الأمريكية، وبدعم مالى من أمريكا، وليس فى الأفق حل سلمى، بل هى الحرب الضروس التى لا تنتهى، فالاحتلال يستدعى المقاومة، والمقاومة لن تتوقف إلا بعد التحرير، ويقع البلد رهينة للنزاعات الإقليمية والدولية ولن يعجز المقاومون عن الحصول على مددٍ من هنا وسلاح من هناك.


ونفس الموضع المأساوي في الصومال الذي وقع فريسة الصراع بين إثيوبيا وأرتريا، ورهينة للمؤامرات الدولية التى تنسج خيوطها أمريكا، فوقع النزاع والشقاق ثم القتال والصراع بين إخوة الأمس لتتحول شوارع العاصمة مقديشو إلى ساحات للقتال ويسقط عشرات القتلى يومياً فى صراع مميت لا يحقق أمناً ولا استقراراً ولا استقلالاً، وتغذى هذا الصراع القوى الإقليمية التى تمد أطراف النزاع والقتال بالأسلحة والمدد والتدريب بينما يتحول الصومال إلى بلدٍ لدفن النفايات النووية والكيماوية مما يهدد صحة أبنائه وتربة بلاده وثرواته الحيوانية، وتتحول سواحله إلى ساحات للقرصنة الدولية، وبعد أن فقد الشعب الصومالى ثقته بالقيادات السياسية ثم أمراء الحرب ها هو على وشك أن يفقد ثقته بالزعماء الإسلاميين الذين كانوا أملاً فى نهضة جديدة بالصومال.


وجرحالعراق الذى لم يتوقف عن النزيف منذ بداية الغزو الأمريكى رغم سنوات الحصار الطويلة التى أرهقت العراقيين ولكن المقاومة الشجاعة أجبرت الاحتلال الأمريكى على الاستعداد للرحيل، ولم تتوقف المؤامرات بل ازدادت لتمزيق العراق وزرع الفتن المذهبية والطائفية بين أبنائه وعرقلة نهضته ووحدته الوطنية حتى لا يكون درعاً لأمته العربية وعاملاً مساعداً للوحدة الإسلامية.


العراق الذى أصبح مسرحاً للنفوذ الإيرانى والصهيونى بعد النفوذ الأمريكى، وغاب عنه العرب، وها هم يبكون على اللبن المسكوب والنفوذ المفقود بعد غياب أو تغييب مقصود ومتعمد.

العراق.gif

وأمام هذا النزيف الذى لا يتوقف علينا أن نضع خريطة للحل ووقف نزيف الدماء.


1- على الجمع المتورطين فى الصراعات والنزاعات أن يستمعوا إلى قول الحق تبارك وتعالى: (.. فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (الأنفال: 1).


2- على الجمع الذى يتفرج على هذه الدماء من المسئولين أن يستمعوا إلى قول الحق تبارك وتعالى: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات : 9)، وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) (آل عمران : 100).


3- على الأمة أن تحذر أعداءها المتربصين وتستمع إلى قول الحق : (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ..) (آل عمران: 103).


إننا ندعو العقلاء من هذه الأمة أن يقفوا وقفة حساب مع أنفسهم وأن نعلم ان الطريق إلى وقف النزيف هو:


إعادة الحرية إلى الشعوب واحترام اختياراتهم الحرة النزيهة.


استقلالية القرار الوطنى والقومى والإسلامى ومنع التدخلات الأجنبية فى الشئون الوطنية والإقليمية.


احترام الحق فى المقاومة ودعم المقاومين الشرفاء فى كل مكان ضد الاحتلال الأجنبي.


الحذر من مؤامرات الأعداء المتربصين بالأمة.


السعي إلى تنمية حقيقية ونهضة اقتصادية واجتماعية وثقافية تعيد للأمة روح التماسك والترابط وتمنع الفتن من أى نوع.


هذا هو دور القوى الحية ومؤسسات المجتمع المدنى فى كل بلادنا أن يرتفع صوتها الداوى فى مواجهة الاستبداد والفساد ، وأن تكون لها حركتها المتوثبة فى إيقاظ الأمة ورفع وعيها وتنبيهها لما يحاك ضدها ويراد لها.


والله من وراء القصد وهو يهدي إلى سواء السبيل.