الإخوان المسلمون خصم للإصلاح أم داعمون له؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون خصم للإصلاح أم داعمون له؟


مقدمة

ظهرت جماعة الإخوان المسلمين نتيجة الأحداث التي شهدها العالم الإسلامي وبسط الاحتلال الغربي نفوذه عليه بكامل أراضيه والعمل من أجل تفتيت كلمة الأمة الأسلامية وإسقاط خلافتها وتغريب أبنائها وسلخ هويتهم والسيطرة عليهم تحت شعارات براقة بعيدة عن الشريعة التي يؤمن بها كل مسلم.

لم يكن حسن البنا الطفل الصغير يحلم إلا أن يطبق تعاليم الإسلام بشكل صحيح على نفسه ويدعو غيره للسير وفق مبادئه، فكان شعاره "أصلح نفسك وادعوا غيرك"، ومن أجل ذلك جاءت كلماته حينما سأل عن طموحاته "أن أكون مرشدًا معلمًا أقضي سحابة النهار في تعليم الأبناء وأقضي ليلي في تعليم الآباء أهداف دينهم ومنابع سعادتهم، تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة" وهي أدوات إصلاحية عبرت عن منهج حسن البنا منذ صغره وتشوقه للاصلاح الوطني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والاخلاقي والثقافي، والتي أصبحت عنوانا لجماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها عام 1928م.

لقد أمن حسن البنا بالاصلاح الشامل في جميع جوانب الحياة، ووضع من أجل ذلك منهاجا مرتكزا فيه على تعاليم وشرائع الدين الحنيف، وهو ما جعل الكثيرين – خاصة الذين لا يرون في الدين منهج إصلاح أمثال العامنيون والشيوعيون وأتباع الغرب- أن الجماعة لابد أن تفرق بين مصدر احتكامها وهل هو الدستور والقانون أم القرآن؟. رغم أن الإمام حسن البنا رأى أن الدستور يتماشى مع تعاليم القرآن في كثيرا من بنوده.

كما رأى أن الإسلام ليس مجرد ديانة بل كذلك أيدولوجية سياسية فهو يشمل كونه دين ودولة ووطن وجنسية وروحانية وعمل ومصحف وسيف. كما أن الاصلاح الذي نادى به الإمام حسن البنا قائم على رفض التبعية لأحد والاعتزاز بالسيادة الوطنية والاستقلال الوطني، ورفض مفهوم الوطنية الحديث والقومية العربية حيث اعتبر جميع المسلمين أعضاء في مجتمع قومي واحد ودعي لتعاون ثقافي واجتماعي واقتصادي بين الشعوب الإسلامية. بل دعت جماعة الإخوان المسلمين إلى الإصلاح الأخلاقي التدريجي ولم تكن لديها خطط للاستيلاء على السلطة بالعنف.

عاش حسن البنا نيف وأربعون عاما ظل خلالها يدعوا للاصلاح الشامل فلم يفرق بين الاصلاح السياسي أو الاخلاقي أو الاقتصادي أو الاجتماعي وغيره، غير أن الجماعات والأحزاب السياسية ظلت تكابد من أجل الضغط على جماعة الإخوان وحصرها في الجانب السياسي والعمل من أجل الابتعاد عن الجانب الديني، وعبر عن ذلك واحد من دعاة العلمانية الكارهين للتيار الإسلامي عامة والإخوان خاصة

ومن أرباب النظام الحاكم وهو جهاد عودة - أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان - مشيرا إلى أن ظهور الجماعة في الحياة السياسية المصرية جاء ضمن القوى المعادية للديمقراطية ودستور 1923 وأنهم كانوا منذ عام 1937 من القوى المعادية للديمقراطية ثم تحالفوا مع ثورة يوليو 1952 بما يعني – في رأي عودة - أن الفكر الانقلابي وغير الدستوري هو الطريق المفضل لدى الجماعة (1)

طريق من الاصلاح ودعمه

خلال سنوات اقتربت من المائة عام ظلت جماعة الإخوان المسلمين جماعة إصلاحية شاملة تفهم الإسلام فهما شاملا وتشمل فكرتهم كل نواحي الإصلاح في الأمة.

ولقد تنوعت أسس إصلاح الجماعة سواء من خلال الخطابة أو الكتابة أو الجوانب العملية التي ترجمتها الجماعة واقعا عمليا لمسه الجميع وأشادوا به في كل وقت سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي بتكوين الشركات الاقتصادية أو غيرها.

وفي الوقت الذين غيبت فيه العدالة الاجتماعية بين أفراد الشعب الواحد نادى الإخوان بفرض العدالة الاجتماعية حتى يشعر كل مواطن بالانتماء للوطن والعدل فيه، ودعوا لتذليل العقبات أمام العدالة الاجتماعية والتي تتمثل في:

  1. غياب الحريّة وانتشار الظلم والفساد والمحسوبيّة.
  2. عدم المساوة في توزيع الدخل بين الأفراد على المستوى المحليّ أو الوطنيّ، بحيث يختلف الدخل باختلاف العرق أو الجنس أو غير ذلك.
  3. عدم المساوة في توزيع الموارد والممتلكات كالأراضي والمباني بين الأفراد.
  4. عدم المساوة في توزيع فرص العمل بأجر. عدم المساوة في الحصول على فرص التعليم، وعلى الخدمات التعليميّة المختلفة كالإنترنت والكتب.
  5. عدم المساوة في توزيع خدمات الضمان الاجتماعيّ والخدمات الصحيّة (2)

لقد بنت جماعة الإخوان المسلمين رؤيتها الإصلاحية للمجتمع على تحقيق العدالة الاجتماعية وكان هذا هدف رئيسي من تأسيس الجماعة وهو تحقيق مبادئ الإسلام وتطبيق شرعيته والقيام بأصول الإسلام ومن أهم أصوله هو المساواة وتطبيق العدالة الاجتماعية وقد عبرت أدبيات الإخوان ورؤاهم الفكرية عن رؤية الجماعة ووسائلها لتحقيق العدالة الاجتماعية.

وبالرغم من الاتهامات العديدة للإخوان المسلمون بتغييب العدالة الاجتماعية من رؤاهم الفكرية والسياسية إلا أن الواقع يكذب تلك الاتهامات الباطلة.

فيقول الإمام حسن البنا:

فالعدالة الاجتماعية، والحريات الأربع، ومبادئ ميثاق الأمم.. إلخ هذه القائمة الطويلة العريضة من المبادئ السامية والأهداف المغرية أصبحت فى خبر كان، ولم تعد لهؤلاء الساسة والزعماء "فلسفة راقية" يقودون بتوجيهها العالم إلا فلسفة المصالح المادية والمطامع الاستعمارية ومناطق النفوذ والاستيلاء على المواد الخام!
وكل ذلك على صورة من الجشع والنهم لم تر الدنيا لها مثيلا ولا بعد الحرب العالمية الأولى. وأصبحت هذه المعانى وحدها محور التنافس بيت الدول المنتصرة (روسيا من جانب وأمريكا وإنجلترا من جانب آخر) وإن حاولت كل منها أن تستر جشعها ومناورتها بستار من دعوى المبادئ الاجتماعية الصالحة والنظم الإنسانية الفاضلة، باسم الشيوعية أو الديمقراطية، وليس وراء هاتين اللفظتين إلا المطامع الاستعمارية والمصالح المادية فى كل مكان" (3)

ولذا واجه الإخوان قضية الصراع الطبقي بالدعوة إلى العدالة الاجتماعية واستندوا في ذلك إلى النص الشرعي وتجربة التاريخ الإسلامي الأول، واجتهادهم العقلي في ضوء ذلك.

وأن العدالة الاجتماعية أساسا عقدية وخلقية ونفسية يتم بناؤها في الإنسان عن طريق التربية التي تعتبر الوسيلة الأولى لتحقيقها أما الوسيلة الثانية فهي وضع التشريعات الكفيلة بتحقيقها موضع التنفيذ وتستند على عدة مبادئ عقدية واقتصادية تمثل جزءا من المحتوى المعرفي في التربية العقلية عندهم (4)

بل أن الجماعة سعت إلى تحقيق هذه العدالة من خلال المشروعات التي أقامتها فجعلت للعامل نصيب من أسهم هذه المشروعات، وحددت أقصى عدد من الأسهم حتى لا يحتكر أحد بنفوذه وماله هذه المشروعات.

وأما الجانب الاقتصاي فقد عبر عنه ما جاء في لائحة الإخوان المسلمين الصادرة في 2 من شوال 1364هـ الموافق 8 من سبتمبر 1945م، حيث جاء فيها تحت المادة 2: الغرض الاقتصادي وهو تنمية الثروة القومية وحمايتها وتحريرها والعمل على رفع مستوي المعيشة وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الأفراد والطبقات والتأمين الاجتماعي لكل مواطن وضمان تكافؤ الفرص للجميع (5)

ويستمر منهج الاصلاح

مع اندلاع ثورة 23 يوليو 1952 وكان هدف جماعة الإخوان المسلمين من مشاركتهم في الثورة والعمل على نجاحها هو تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة بين أبناء الشعب المصري وإلغاء الإقطاع ، فقد أصدرت الجماعة بيانها الأول عقب ثورة 23 يوليو 1952 لتؤكد على تحقيق مطالب الثورة ومن بينها تحقيق العدالة الاجتماعية

فيقول البيان المنشور تحت عنوان (بيان الإخوان المسلمين عن الإصلاح المنشود في العهد الجديد):

يأمل الإخوان المسلمون أن تبادر الحكومة إلى إطلاق الحريات ويود الإخوان المسلمون في غمرة هذه الأحداث الوطنية الكبرى أن يضعوا تحت الحكومة قضايا الإصلاح الداخلي وتحقيق العدالة الاجتماعية التي تعالج الخلل والفساد وتهيئ للأمة حياة كريمة تتسم بالأمن والطمأنينة والاستقرار. (6)

وفي انتخابات 1987م رفع الإخوان شعار العمل على تحقيق مبدأ العدالة بين الجميع، حيث جاء في برنامجهم الانتخابي

  1. القضاء على التضخم النقدي كسبب رئيسي للغلاء ويقتضي هذا وقف الاعتماد على الإصدار النقدي (أي طبع أوراق نقدية جديدة) لسد ما قد يوجد في موازنة الدولة من عجز..
  2. ضغط الإنفاق العام الحكومي بمنع الإنفاق على أبهة الحكم ومظاهره وتخفيض نفقات المهرجانات والاستقبالات ..
  3. إصلاح النظام الضريبي في مصر بزيادة التركيز على الضرائب المباشرة التي تفرض على الدخول الكبيرة التي لا تتفق على الإنتاج حتى لا يؤدي اتفاقها الكبير على الاستهلاك إلى زيادة الأسعار. (7)

حتى أن الرؤية التي وضعها حزب الحرية والعدالة جاء لتحقيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وضرورة تحقيق العدالة وتعميق الانتماء للوطن

ويتحقق ذلك عن طريق:

  1. عدم التمييز بين المواطنين فى الحقوق والواجبات على أساس الدين أو الجنس أو اللون بإتاحة الفرص أمامهم فى التعبير عن الرأي، والترشح، وتولى الوظائف والتنقل، والانضمام للتنظيمات السياسية، والتعليم والعمل، فى ظل الحفاظ على القيم الأساسية للمجتمع .
  2. إرساء مبدأ المساواة بين الأفراد في المشاركة في الاقتصاد الوطني كل حسب مهاراته وقدراته وهو ما يعني ألا تكون هناك فرصة للوساطة أو المحسوبية، فالعبرة يجب أن تكون للقدرة والكفاءة. ويستلزم ذلك أن يتاح لأفراد المجتمع ككل وسائل بناء القدرات والمهارات حتى يتمكنوا من المشاركة الفعالة.
  3. إعادة هيكلة أنظمة المعاشات والضمان الاجتماعي وبخاصة للفئات الفقيرة حتى تضمن الحياة الكريمة لهؤلاء.
  4. تحديد الملكيات الزراعية. فإن الملكيات الكبيرة قد أضرت أبلغ الضرر بالفلاحين والعمال وسدت في وجوههم فرص التملك.
  5. إصلاح نظم التوظيف: على أساس تقريب الفوارق بين الحد الأعلى والحد الأدنى للمرتبات والأجور، وكفالة الضمانات القانونية والمالية في الخدمة والمعاش وتأمين المرءوسين ضد أهواء الرؤساء واستبدادهم وتحديد التبعات وتبسيط الإجراءات وإلغاء المركزية (8)

المراجع

  1. صالون ابن رشد: الإخوان المسلمون خصم للإصلاح أم داعم له؟، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، 4 أكتوبر 2005، https://cihrs.org/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88%D9%86-%D8%AE%D8%B5%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%A5%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A3%D9%85-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%85-%D9%84/
  2. مهدي محمد القصاص: سلسلة قضايا مجتمعية (4): العدالة الاجتماعية، المركز الدولي للأبحاث والدراسات، 1 يناير 1970 - 23 شوال 1389هــ
  3. رسالة مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي: مجموعة رسائل الإمام البنا، صـ697.
  4. عثمان عبد المعز رسلان: التربية السياسية عند الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1990م، صـ 217-219.
  5. لوائح وقوانين الإخوان المسلمين من التأسيس حتى الانتشار 19302009، دار إقرأ للنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة، 2012م، صـ 218.
  6. مجلة الدعوة السنة الأولى العدد 51 - الثلاثاء 9 جماد أول 1371 – 5 فبراير 1952.
  7. برنامج التحالف الإسلامي المصري، عام 1987م. https://www.ikhwanwiki.com/index.php?title=%D8%A8%D8%B1%D9%86%D8%A7%D9%85%D8%AC_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%81_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A_%D8%B9%D8%A7%D9%85_1987
  8. برنامج حزب الحرية والعدالة: https://www.ikhwanwiki.com/index.php?title=%D8%A8%D8%B1%D9%86%D8%A7%D9%85%D8%AC_%D8%AD%D8%B2%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%A9