العمليات الاستشهادية هي الحل

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
العمليات الاستشهادية هي الحل

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

قبل أربع وخمسين سنة أقام الصهاينة من اليهود دولتهم في فلسطين، وكان ذلك تنفيذا لوعد بلفور البريطاني، ولقد مكنت أوروبا لليهود في فلسطين، وزودتهم بالأسلحة والأموال والدعم الدبلوماسي والإعلامي ليرتكبوا أبشع المذابح التي أزهقت أرواح الآلاف من المدنيين الأبرياء العزل، وزعم الصهاينة أن أجدادهم قد أقاموا عليها دولة عبرية قبل ثلاثة آلاف سنة، وأنهم عبر هذه الآلاف من السنين لم يتنازلوا عنها بل ما زالوا يعدون أنفسهم لإقامة ما يسمونه إسرائيل الكبرى، ولما تنازل أنصار سلام الأوهام عن ثمانين بالمائة من فلسطين دفعة واحدة، رفض الصهاينة التنازل عن العشرين بالمائة المتبقية لصالح أصحاب الأرض الشرعيين، وقال شامير بعد عودته من مدريد مباشرة "لا أعلم أن هناك شعبا حرا تنازل عن أرضه حتى نتنازل عن أرضنا"، .

وكم كانت سعادة أوروبا عندما وجدت من بين الفلسطينيين من يقبل بالتنازل عن فلسطين خدمة لما يسمى زورا وبهتانا بالسلام العادل، ولم تيأس أوروبا حتى يومنا هذا من صناعة تيار يطالب بوقف المقاومة حتى يعطى شارون فرصة لإقامة السلام العادل على النمط والمقاس الشاروني، فلا غرابة إذن أن تدفع فاتورة حساب نداء إعلان الحرب على المقاومة الفلسطينية الموقع من الخمسة والخمسين، والذي يغض الطرف عن جرائم شارون والاحتلال، .

فالذي ينشر الحقد بين الشعبين من وجهة نظر الموقعين على النداء هم الذين يدافعون عن أنفسهم وليسوا الصهاينة الذين يمارسون العدوان بأبشع صوره على الشعب الفلسطيني، أنا لا أريد أن أبحث في تحديد المعالم البارزة لكل من الموقعين فالشعب الفلسطيني ليس بحاجة لذلك، وبوعيه قادر على فهم الأبعاد الأوروبية من هذا النداء، لكنه من الواضح تماما أنه كلما أصبح العدو في مأزق حقيقي بفعل المقاومة، يجد من يمد له يد العون ويطمئنه أن هناك أملا في وقف المقاومة.

والعمليات الاستشهادية بلا جدال هي الأكثر إيلاما للعدو المجرم، ولننظر ماذا يقول الكاتب الأمريكي اليهودي الأصل توماس فريدمان الليكودي في فكره والمقرب من البيت الأبيض " لقد أدت الانفجارات الانتحارية خلال شهرين متواصلين إلى قلب البلد رأسـًا على عقب، وأفقدت إسرائيل الشعور بالأمن أكثر من عمل أي جيش عربي خلال الخمسين سنة الماضية، في الوقت نفسه فإنها جعلت الإسرائيليين أكثر استعدادا من أي وقت مضى للتخلي عن الأراضي الفلسطينية".

أعتقد أيها الموقعون على النداء المدعوم أوروبيا أنكم تعرفون من هو فريدمان، كما أنكم تعلمون جيدا أنه على بينة من أمر الصهاينة في فلسطين، وإننا لنعجب من موقفكم هذا - رغم أننا ندرك أنكم لم تكونوا يوما مع المقاومة - الذي لا تريدون فيه أن يكون الصهاينة أكثر استعدادا من أي وقت مضى للتخلي عن الأراضي الفلسطينية، ألا ترون معي بأن أمركم غريب وعجيب ومريب ؟!!!!!!

لماذا لم يسعكم على الأقل أن تمسكوا العصا من المنتصف كما فعل مؤسس شبكة الـ "سي أن أن " الأمريكية " تَد تيرنر " الذي تفهم ما يقوم به الفلسطينيون من عمليات استشهادية في مواجهة الآلة العسكرية الصهيونية الطاحنة فقال :

"إن الفلسطينيين يحاربون بالقنابل البشرية، وهذا كل الذي يملكونه" ثم أضاف "وبينما يمتلك الإسرائيليون أكبر آلة عسكرية في العالم، فإن الفلسطينيين لا يملكون شيئا".

ولقد كان صاحبكم أفنيري وهو من كتلة (السلام الآن) الصهيونية أكثر اتزانا منكم وهذا مما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول أهدافكم من وراء هذا النداء المشئوم، فها هو ينتقد سياسات شارون قائلا: " إن ترك الجرحى ينزفون حتى الموت لأن الإسرائيليين منعوا سيارات الإسعاف من إجلائهم، لن يؤدي سوى إلى مزيد من الكراهية، وحين يدفن الجيش بشكل سري مئات من جثث الرجال والنساء والوِلدان، فإن ذلك لن يولِّد سوى الحقد البغيض، وحين تدمر الدبابات المنازل وتحطم أعمدة الكهرباء وتفجر قنوات الماء وتخلف من وراء ذلك آلافا من المشردين وتجبر الأطفال على الشرب من المياه الآسنة، فإنها لا تتسبب سوى في الحقد البغيض ".

ثم يضيف قائلا " لقد كانت الغاية المزعومة لهذه الحملة هي تدمير البنية التحتية للإرهاب، ولكن هذه الصفة نفسها لا معنى لها، إذ إن بنية الإرهاب توجد في صدور ملايين الفلسطينيين وعشرات الملايين من العرب الذين تضطرم نار الغضب في صدورهم.

لقد بين أفنيري بكل وضوح من هو المتسبب الحقيقي في هذا الحقد بين الشعبين، وعندما قال أفنيري ذلك لم يكن قوله من زاوية إنصاف الشعب الفلسطيني بقدر ما هو من باب الخشية على مستقبل هذا الكيان الزائل بإذن الله، فقد أضاف قائلا "بأن حرب شارون لم تخفق فقط في توفير الأمن للإسرائيليين، بل إنها تضع الأسس لبناء وطن ودولة فلسطينية جديدة"، وإذا كان أفنيري يشهد بأن الملايين مع المقاومة والجهاد فمن تمثلون أنتم يا أصحاب النداء المدعوم أوروبيا، ولماذا لم توجهوا سهامكم إلى المتسبب الحقيقي للكراهية والأحقاد، أم أنكم تعتقدون أنه ينبغي علينا أن نقبل بالاحتلال وممارساته، وإذا تألمنا ورفضنا هذا الواقع المهين بتنا نحن المتسببين بنشر الحقد والكراهية، وبات واجبا علينا أن نمد أعناقنا للجلاد حتى لا تنتشر الأحقاد بيننا وبين من يغتصب المسجد الأقصى و فلسطين!!!

فلماذا تتجاهلون أفعال وأقوال شارون وهو القائل في المؤتمر الصحفي الذي عقده في واشنطن بتاريخ 08/05/ 2002 " إن العمليات العسكرية التي شنتها القوات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية حققت مكاسب باهرة وأن المهمة لم تنته بعد "، ثم يضيف قائلا " أن إسرائيل لن تستسلم للابتزاز، وسنقاتل الإرهاب إلى أن ننتصر عليه، وحينذاك سنناقش أمر السلام "، أم أنكم ترون أن من حق شارون بدلا من وضع حد لاحتلال وطن بكامله أن يدافع عن جريمته وأن يحتفظ بما اغتصب بقوة السلاح وأن يقتل في سبيل ذلك الأطفال والشيوخ والنساء لأنهم يرفضون الاحتلال.

لماذا تريدوننا أن نستسلم للإرهاب والابتزاز الصهيوني الذي كان كل هدفه خلال عشر سنوات من المفاوضات خلق جيش لحد من السلطة الفلسطينية، وذلك باعتراف السلطة نفسها، فإذا كان لديكم استعداد للقبول بهذا الدور فالشعب الفلسطيني أسمى من أن يقبل به، وإذا كان لديكم استعداد أن تتنازلوا عن فلسطين، فالشعب الفلسطيني يرفض بيع أرض المسلمين ومقدساتهم، ومتشبث بكل شبر من وطنه، وإذا كان لديكم استعداد أن تبيعوا دماء الشهداء، فالشعب الفلسطيني يأبى إلا أن ينتقم لهم ولو بعد حين، وإذا كنتم لا تملكون البديل لتحرير الوطن، فإن العمليات الاستشهادية هي الحل.

يا أيها الموقعون على نداء مشفع باليورو، أذكركم أن نداء الشعب مشفع بالدم.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.