سيبقى التخبط الشاروني سيد الموقف حتى يذهب شارون

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سيبقى التخبط الشاروني سيد الموقف حتى يذهب شارون

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

الواقع الفلسطيني في كل جزئياته يختلف عن أي واقع آخر، ف فلسطين في بؤرة الاهتمام عند كل مسلم ، فهي قضية مقدسة لدى المسلمين، ولذا فأي قائد لا يمثل المسلمين كافة سيقف عاجزا أمام هذه القضية، وشعب فلسطين الذي أخرج من أرضه عنوة عام 1948 لا زال ينتظر العودة ، ولن يستطيع قائد فلسطيني أو غير فلسطيني أن يمرر حلا يحرم المبعد الفلسطيني من حق العودة ، و فلسطين شعبها شعب مرابط ، فهي أرض رباط إلى يوم القيامة، ولا تزال بها طائفة مؤمنة مجاهدة كما بشر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أعتقد أنه في استطاعة أي زعيم مهما بلغ من الدهاء أو الجبروت أن يتجاوز هذه الطائفة أو أن يقفز عن تطلعاتها التي هي تطلعات الأمة بأسرها، و فلسطين بها قبلة المسلمين الأولى ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى المبارك ، وليس في مقدور أي زعيم حتى وإن توج من أمريكا أو شارون أن يفرط في القدس ، و فلسطين المخضبة بدماء الصحابة لا يمكن لقائد أن يتجرأ على التنازل عنها ليدنسها الصهاينة من اليهود.

ولذا فقد باءت بالفشل كل المحاولات التي كان هدفها الأول والأخير صرف الفلسطينيين عن خيار المقاومة، وإقناعهم بالحلول التصفوية التي تقر للغاصبين بما اغتصبوا، وكان اقتحام الضفة الغربية بكاملها إحدى تلك المحاولات الفاشلة، فرغم الدمار الهائل واعتقال الآلاف واغتيال القيادات العليا والقيادات الميدانية العسكرية منها والسياسية إلا أن أحدا لم يستطع أن يقنع الشعب الفلسطيني بالتنازل عن حقوقهم المشروعة، ولم يتجرأ أحد أن يتجاوز الإرادة الفلسطينية، ومن حاول ذلك فقد لفظه الصف الوطني الفلسطيني.

ولقد وضعت أوراقا وخططا أمريكية مثل ورقة تينيت وخطة ميتشيل وكان آخرها خريطة الطريق، وكلها تهدف لتحقيق القضاء على المقاومة لصالح الاحتلال، ولكنها لم تر النور وبقيت على الرفوف أو في بطون الأدراج، ثم نفذت خططا عسكرية إرهابية صهيونية، ولكنها تحطمت جميعها أيضا على صخرة الإرادة الفلسطينية الصلبة.

ولم يكن حوار القاهرة بعيدا عن هذه المحاولات ولكن نتائج الحوار أيضا جاءت على غير ما تشتهي أمريكا والعصابات الصهيونية، حيث أن ستة فصائل فلسطينية تمثل الغالبية الساحقة في الشارع الفلسطيني كانت مع خيار المقاومة، وهذا الموقف للفصائل الفلسطينية جاء أيضا على غير ما ترغب عناصر هامة في السلطة عملت جهدها من أجل وقف الانتفاضة والمقاومة، وهذا بالتأكيد قد دفع تلك العناصر للالتقاء مع شارون في مفاوضات تقوم على قاعدة أمنية بحتة تهدف إلى وقف المقاومة وإجهاض الانتفاضة وذلك بعدما التقت مصالح الطرفين ، وما من شك أن أمريكا وأطراف أخرى تعمل جهدها لإنجاح هذه اللقاءات التي لا يخفى على المراقبين أنها ضد حماس أولا والفصائل الفلسطينية المقاومة ثانيا.

وتبدأ المفاوضات متزامنة مع حملة عسكرية صهيونية ، وحملة إعلامية يبثها الإعلام الفلسطيني الذي يمثل السلطة ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس ، وضد أدوات المقاومة المختلفة ، مع إفساح مساحة واسعة للتركيز على معاناة الشعب الفلسطيني واعتبارها سلبيات خطيرة لمواصلة الجهاد والمقاومة، وبات واضحا أن اللقاءات الأمنية ترمي إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية، وذلك بتدمير بنيتها التحتية واغتيال عناصرها الفاعلة وهذه هي مهمة العدو الصهيوني، وبعزلها جماهيريا عن طريق تشويهها وتحريض الجماهير عليها وهذه هي مهمة الإعلام الفلسطيني الرسمي على قاعدة "الغاية تبرر الوسيلة"، ولما كانت حماس تمثل عنوان المقاومة وعمودها الفقاري، لذلك كان المخطط في معظمه موجه ضد حماس .

ومما يثير الدهشة أن السلطة التي كانت تسابق الريح في التنديد بأي عملية تقوم بها المقاومة ضد العدو الصهيوني نراها تلتزم الصمت إزاء الجرائم الصهيونية، فمقتل ستة من كوادر كتائب عز الدين القسام لا يحتاج إلى بيان شجب واستنكار وإدانة من وجهة نظرها ، وهذا الموقف يعزز القول بأن السلطة على علم بالمخطط الصهيوني وأنها لا ترفضه خاصة أنها تصدر تعليمات واضحة لرجال الأمن بعدم التصدي للعدو الصهيوني عندما يقوم بعمليات اجتياح لقطاع غزة، ومع كل اجتياح يقوم به العدو الصهيوني نرى أن حماس تتصدر المواجهة بكل قوتها ومعها باقي الفصائل التي وقفت في حوار القاهرة مع خيار المقاومة، في الوقت الذي تنسحب فيه قوات الأمن الفلسطيني من مواقعها بعد أن تصدر لها الأوامر الصارمة بعدم إطلاق النار على العدو الصهيوني، بل يكلف أفرادها بتوفير الأمن على الحدود الفاصلة بين غزة و فلسطين المحتلة، وبالرغم من موقف السلطة هذا فإن العدو المجرم لم يرحم سيارة الأمن التي كانت تقوم بأعمال الدورية كما ذكر ذلك الأستاذ حسن الكاشف مساء الأربعاء 19/2/ 2003 على شاشة تلفزيون "أبو ظبي"، فوجه صواريخه إليها وافتعل مجزرة في رجال الأمن الفلسطيني الذين لم تشفع لهم الأوامر الصادرة بعدم إطلاق النار على العدو، مع يقيني أن العديد من شباب الأمن يتحرقون شوقا للمقاومة وقد أخبرني بعضهم بذلك، كما أنه من المعلوم أن بعضهم لم يلتزم بالأوامر الصادرة إليه.

ومع بداية تنفيذ هذا المخطط تلوح بشائر الفشل الذريع، ففضلاً عن أن تصفية المقاومة أمر مستحيل فإن الضربات الموجهة للمقاومة أدت إلى التفاف الجماهير حولها، وفي نفس الوقت أدت إلى عزلة المفاوض الفلسطيني ، مما جعله يقف عاجزا عن القيام بمهمة تنفيذ المخطط وفق الرؤية الشارونية ، فلا يمكن لمن يتناقض مع إرادة الشعب أن ينصب قائداً للشعب، وإن نصبوه فلن يتمكن من تحقيق ما يتمناه شارون من وقف الانتفاضة والمقاومة، ومما لا شك فيه أن ذلك سيجعل شارون يعيد حساباته من جديد ليغدوا أسير اًلخوف على مستقبله السياسي خاصة إذا تصاعدت ضربات المقاومة الفلسطينية، والواقع يقول إنها ستتصاعد ، وأنه عندئذ سيجد نفسه أمام خيارات صعبة أقلها خطراً عليه القبول بشروط المقاومة الفلسطينية.

ولقد أثبتت الأيام أن الضربات التي توجه ل حركة حماس تزيدها قوة ، وهذا أمر لا يخفى على المؤسسة العسكرية الصهيونية فأمامها تجربة طويلة تفننت خلالها في تسديد الضربات للحركة، إلا أن الحركة كانت تخرج من كل ضربة أقوى شكيمة وأصلب عوداً وأكثر إصراراً على مواصلة الجهاد ، ولذا كانت المؤسسة العسكرية الصهيونية ولا زالت تتمنى أن تقوم السلطة الفلسطينية بالتصدي للحركة الإسلامية، وقد يكون هذا الأمر ممكنا لو أن الشعب الفلسطيني لم يكفر بما يسمى بالعملية السلمية، ومن هنا فإن التخبط الشاروني سيبقى سيد الموقف حتى يذهب شارون.

المصدر


للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.