تاريخ الإخوان في محافظة قنا
إعداد: ويكيبيديا الإخوان المسلمون
محافظة قنا
محافظة قنا هي إحدى محافظات جنوب الصعيد بمصر، وتقع جنوب العاصمة القاهرة بحوالي 600 كيلومتر. يحدها شمالاً محافظة سوهاج وجنوباً محافظة الأقصر التي انفصلت عنها، وشرقا محافظة البحر الأحمر ؛ وغربا محافظة الوادي الجديد.
وتبلغ المساحة الكلية لمحافظة قنا 10798 كيلومتراً مربعاً، ويتوسط المحافظة نهر النيل الذي يساهم قي قيام النشاط الزراعي.
كما توجد من جهة الشرق سلاسل جبال البحر الأحمر، وفى الغرب الصحراء الغربية، ونظراً لوجود الصخور الجرانيتية يغير النهر مجراه قي قنا مكونا ما يعرف بثنية قنا التي تميز جغرافية المحافظة.
وتضم قنا حاليا 9 مراكز إدارية وهم: مركز أبو تشت، ومركز فرشوط، ومركز نجع حمادي، ومركز الوقف، ومركز دشنا، ومركز قنا عاصمة المحافظة، ومركز قفط، ومركز قوص، ومركز نقادة، وذلك بعد فصل مركزي أرمنت وإسنا عنها وضمهما إلى محافظة الأقصر الجديدة سنة 2009.
بداية الدعوة في قنا
من الثابت في صحف الإخوان المسلمين القديمة والتي صدرت في عام 1933م أن الدعوة بلغت محافظة قنا في عام 1935م حيث إنه لم يأت شهر فبراير 1935م إلا وكان للإخوان في مصر أكثر من خمسين شعبة لها عناوين ومقرات، وقد نشرت مجلة الإخوان المسلمين الصادرة في العدد 37 السنة الثانية الموافق الخميس 17ذو القعدة 1353هـ / 21فبراير 1935م، حصرًا بتلك العناوين تحت عنوان: "عناوين جمعيات الإخوان المسلمين" وذكرت أن أول شعبة فتحت للإخوان في العديسات بمديرة قنا.
ومع تطور الدعوة وزيارات الامام البنا للصعيد المتكررة زادت عدد شعب الإخوان في قنا، حتى ورد في جريدة الإخوان المسلمين السنة الخامسة العدد 4 الموافق 2من ربيع الثاني 1356هـ / 11يونيو 1937م، تقريرا حول عدد شعب الإخوان في قنا كالتالي:
وقد جاء في كتاب الأستاذ جمعة أمين (أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين) توزيعة شعب الإخوان في قنا عام 1940م حيث تبوأت المنطقة السادسة عشر وكانت كالتالي:
كما نشأت شعب كثيرة عن طريق زيارت الطلبة ونشاطهم أو نشاط الجوالة وفي نجع حمادي استطاع الإخوان فتح شعبة في العزبة البيضاء بشركة السكر .
وفي عام 1943م رأت شعبة الإخوان فى قنا؛ بناء دار لهم، فاختاروا قطعة أرض من أملاك الدولة، استأجروها لمدة مائة عام، وتولى الأستاذ أحمد عيسى المقاول عملية البناء، وافتتحها فضيلة المرشد العام الأستاذ البنا.
مناطق الإخوان المسلمين المعتمدة حتى أبريل 1944م
ويقول الأستاذ جمعة أمين: وبعد مرور عام رأى مكتب الإرشاد إعادة تقسيم المناطق، لا سيما فى الصعيد والقاهرة؛ فجعل القاهرة مضافًا إليها مناطق مديريات القليوبية والجيزة والفيوم وتولى رئاسته الأخ سالم غيث، وقسم الصعيد إلى مكتبين إداريين؛ أحدهما للصعيد الأوسط والآخر للصعيد الأعلى، ومقر الأول مدينة المنيا ومقر الثاني مدينة قنا، وتولى الأخ عبد العزيز أحمدأفندي سكرتارية مكتب قنا، كما تولى الأخ حسن سرى سكرتارية مكتب المنيا.
وكان المكتب الإداري الفرعى يتشكل من سكرتير ومساعد للسكرتير وواعظ على الأقل، ويقيم هؤلاء فى مقر المكتب بصفة دائمة، ويتبعون مكتب الإرشاد مباشرة، ومهمة تلك المكاتب هى الإشراف والمساعدة فى تنفيذ قرارات مكتب الإرشاد وتوجيهاته، والقيام بالوعظ والدعوة فى الشعب التى تكون فى دائرة اختصاص كل مكتب، والقيام بإبلاغ مكتب الإرشاد بكل ما يلزم هذه المناطق والشعب من إصلاحات واقتراحات، وتحديدًا تنفيذ تلك التجربة فى مايو 1945م بإنشاء مكتب قنا.
خريطة زيارات الإمام البنا لقنا
لقد حرص الإمام البنا على زيارة الصعيد بكل محافظاته وافتتاح الشعب بها،كما كان لقنا خصوصية حيث إنه عام 1941م قامت الحكومة المصرية بنفي الإمام البنا إلى قنا لإبعاده عن العاصمة ومركزية الدعوة، وذلك بإيعاز من الإنجليز.
هذا ولقد تم نفي الإمام البنا إلى قنا في سلسة من اضطهاد الإخوان حيث تم نفيه يوم 19 مايو من عام 1941م، حيث لم تجد بريطانيا صعوبة فى تنفيذ مخططها لنفى الإمام البنا؛ حيث إن الأحكام العرفية مفروضة على البلاد، وعلى رأس الوزارة أحد رجالها والتقى مايلز لامبسون "لورد كليرن" سفير إنجلترا فى مصر بحسين سرى رئيس الوزراء فى السادسة مساء يوم 16 مايو 1941م وتم بحث الوضع الداخلى، وكانت حادثة هروب عزيز المصرى محل بحث، وقد صرح حسين سرى بأن المقابلة تضمنت بحث مسائل داخلية التى كان منها طلب نقل الإمام البنا إلى قنا فى تلك المقابلة.
وفى اليوم التالى استقبل رئيس الوزراء حسين سرى فى مكتبه لمحمد حسين هيكل وزير المعارف، وقد استدعاه حسين سرى ليبلغه بما أراد الإنجليز، وتم الاتفاق على نقل الإمام البنا لقنا.
وقد اعترف محمد حسين هيكل ذاته بما أبلغه به حسين سرى؛ حيث قال فى مذكراته: "كان الإنجليز يومئذ شديدى الحساسية، وبخاصة إزاء ما يبديه بعض ذوى الرأى من المصريين من ميولهم المحورية، وإزاء بعض العناصر ذات النشاط بين سواد الشعب، وكانت جماعة الإخوان المسلمين تدعو للتخلق بالأخلاق الإسلامية وللأخذ بقواعد التشريع الإسلامى فى النظام المصرى، وكان الشيخ حسن البنا مرشدها العام، وكان معلمًا للغة العربية فى مدرسة المحمدية الابتدائية الأميرية. وقد أبلغت السلطات البريطانية رئيس الوزراء حسين سرى أن هذا الرجل يعمل فى أوساط جماعته لحساب إيطاليا، ورغبت إليه العمل على الحد من نشاطه، ورأى حسين سرى أن نقل الرجل من القاهرة إلى بلد ناءٍ بالصعيد يكفل هذا الغرض، فحدثنى فى الأمر وطلب إلىَّ نقله لقنا، ولم أجد بأسًا بإجابة طلبه، فنقل مدرس فى مدرسة ابتدائية ليس أمرًا ذا بال؛ إذ يقع مثله خلال العام الدراسى فى كل سنة ولا يترتب عليه أى أثر".
كما أضاف هيكل بعد ذلك فى مذكراته: "أدى قرار نقل الشيخ حسن البنا إلى قنا ما لم يؤدِّ إليه نقل مدرس غيره؛ إذ جاء غير واحد من النواب الدستوريين يطالب بإعادته إلى القاهرة، وخاطبنى فى ذلك عبد العزيز فهمى باشا رئيس الحزب، فذكرت له أن حسين سرى هو الذى طلب إلىَّ نقل الشيخ حسن البنا بحجة أن نشاطه سياسى، وأن النشاط السياسى محرم على رجال التعليم، كما أننى لا أمانع فى عودته إلى القاهرة إذا أبدى سرى عدم اعتراضه".
وصل الإمام البنا إلى قنا أثناء اجتماع كان يعقد فى المعهد الدينى لبحث شراء دار للإخوان، فتوجه الإمام البنا بحقيبته إلى المعهد الدينى وحضر الاجتماع، واتفق الإخوان على شراء مسكن مناسب يكون دارًا للإخوان بقنا، وتم ما أرادوا، وما أن علم الأهالى بقدوم الأستاذ المرشد حتى توافدوا على الدار التى دبَّ النشاط بها، وازدحمت لاستقبال الضيوف والترحيب بالمرشد العام.
وقد حرص فضيلة المرشد كعادته إذا نزل بمكان أن يزور كل الفئات، سواء أكانوا أعيانًا أو شيوخًا أو نصارى أو كبراء، فضلا عن عامة الناس، وهذا ما فعله بقنا؛ فقد اتصل بالنصارى، وأوضح لهم أن هذا الوطن هو ملكنا جميعًا، فيجب أن ننهض به، وأن الأخلاق الحسنة والفضائل الإنسانية هى شعار التعامل بيننا، وقد دعا القساوسة والرهبان إلى كثير من ندواته ولقاءاته فاستطاع أن يحوز ثقة الكثير من الأقباط.
لقد كان الإمام البنا منذ وصوله لقنا دائم الزيارات لبطون العائلات فى المدن والقرى والنجوع المجاورة، حتى أولئك الذين يكونون على خلاف مع الإخوان أو الذين يرتبطون بأحزاب سياسية، ثم يلتقى بالناس فى المساجد فى الصلوات يؤمهم ويحاضرهم فى مفاهيم الإسلام الصحيحة، ويصالح المتخاصمين، ويقيم الحفلات والندوات ويلتقى بالعلماء، حتى أصبحت قنا شعلة تضىء الصعيد شمالاً وجنوبًا، ويقصدها الحائرون من كل مكان، وانتشرت شعب الإخوان، وأصبحت دارهم بقنا حركة دائبة صباح مساء. وجاءت ذكرى مولد النبى صلى الله عليه وسلم، وكان لا يقام لها احتفال بقنا، فبدأها باثنتى عشرة محاضرة اختتمها باحتفال كبير دعا فيه الأعيان والقساوسة وكبار رجال المدينة، وفعَّل فيه الطرق الصوفية للعمل للإسلام، وأصبح هذا الاحتفال موسمًا سنويًّا للالتقاء على الطاعة والحب وعمل الخير.
وقد أشار الإمام البنا إلى هذا الحفل فى خطاب له أرسله لوالده قال فيه: "وكان عندنا بالأمس حفلة كبيرة دعونا إليها كل الطائفة القبطية وعلى رأسها المطران، وأقبلوا جميعًا لم يتخلف منهم أحد، وكانت ضربة قوية للمنافقين الذين يتزلفون إلى هؤلاء بالفتنة. ولقد كنت صريحًا -فى لباقة- فى بَسْط فكرة الإخوان بصورة حازت إعجاب الجميع والحمد لله( )، وإضافة إلى المسيحيين تم دعوة جميع رجال الإدارة دعوة رسمية بأسمائهم. وبعد حديث الإمام البنا عن جوهر الدعوة وأننا جميعًا نعمل لوطن واحد للمسلمين فيه حق وللمسيحيين فيه حق وكلاهما عليه واجب. قال وأحب أن أتقدم لسيادة المطران وأن يقترب منى، فاقترب المطران منه فقال الإمام البنا له: أنشدك الله هل فى دينكم إباحة لقتل النفس؟ قال: لا، قال: هل دينكم أحل السرقة؟ قال: لا يمكن ذلك، قال: هل فى دينكم الربا؟ قال: هو حرام عندنا، قال الإمام: هل فى دينكم القِمَار والكذب والخيانة وأكل المال الحرام؟ قال: أبدًا. فما زال الإمام البنا يسأله ولم يدع فضيلة يأمر بها الإسلام ولا رذيلة ينهى عنها إلا وسأله عنها وهو يجيبه، ثم قال له الإمام البنا: إذن نحن متفقون على ذلك، وبقى بيننا وبينكم بعض الخلافات، فهل يمكن أن نعمل سويًّا فى المساحة التى نحن متفقون فيها؟ وأما الخلافات بعد ذلك فلنا مسجد ولكم كنيسة ولا تضارونا فى مسجدنا ولا نضاركم فى كنيستكم.
وبذلك نستطيع أن ننهض بهذا الوطن كما كان فى ظل الحكم الإسلامي الذى نعمتم فيه بأزهى حرية وأن نعمل على استقلاله، قال له المطران: هذه يدى أبايعك باسم المسيحيين جميعًا فى هذه البلاد على أن نكون معكم وأن نسير وراءكم، وأطلب منك باسم الرب ألا تتقدم بأى عريضة أو تشكل أى وفد لمقابلة حاكم أو للدعوة للإصلاح إلا وأخذت توقيعى عليه. وبذلك استطاع الإمام البنا أن يوحد الصف، ويقضى على ما يريده الأعداء.
أنشطة شعب الإخوان في قنا
لقد نشط الإخوان في قنا سواء بنشر الدعوة أو العمل الخدمي والتصدي للتبشير، حيث كانت جريدة الإخوان المسلمين تتابع باهتمام أخبار المبشرين وخاصة من أسلم منهم، فكتبت في ذات يوم مقالاً تحت عنوان "إسلام ابنة مبشر" ذكرت فيه أن الآنسة عزيزة أمين ابنة أحد المبشرين في الإرسالية الأمريكية والمقيمة مع والدها في الأقصر قد اعتنقت دين الإسلام بعد تفكير طويل وإمعان نظر وبعد دراسة وافية لأصول هذا الدين الحنيف الفطري، وهي فتاة على جانب عظيم من الثقافة تخرجت من مدرسة الأمريكان بالأقصر والتحقت بالمستشفى الإنجليزي بفلسطين حتى حصلت على دبلوم الطب بتفوق، وقد كان إعلان إسلامها بعد جهود خائبة من والدها وأهلها لصدها عن الإسلام في محكمة قنا الشرعية بحضور لفيف كبير من أعيان المسلمين في الأقصر وقنا.
فنهنئ الآنسة الفاضلة عزيزة المهدية بهدايتها إلى نور الإسلام ونرجو لها التوفيق في عملها كطبيبة حيث اعتزمت على أن تعول نفسها من احتراف الطب، ونسأل الله لها مستقبلاً زاهيًا سعيدًا، ونرجو أن تقبل من جمعية الإخوان المسلمين جريدتها هدية كل أسبوع.
ومن الأنشطة المشهودة التي تعد نقلة كبيرة في حياة الإخوان المسلمين باعتبار ما تمخض عنها من قرارات وما ترتب عليها من آثار ذلك الاجتماع الكبير الذي عقده المركز العام للإخوان المسلمين في اليوم الثاني من عيد الفطر الموافق 2 من شوال عام 1364هـ الموافق 8 من سبتمبر 1945م ودعا إليه رؤساء المناطق والشعب ومراكز الجهاد في جميع أنحاء المملكة المصرية للنظر في موقف الإخوان من الحقوق الوطنية في الظروف الحاضرة، وقد حضرها من قنا: نجيب يوسف الخطيب . عبد الكريم محمد عبد الرحيم. ومن إسنا: عبد الخالق محمد عطيفي . علي حسين يوسف. ومن الأقصر: الصادق حسن داود. ومن دشنا: عبد المجيد أحمد إسماعيل . إبراهيم أحمد الزير . أحمد حسن عبد الرحمن . حسين عبد الرحيم عبادي. ومن نجع حمادي: سليمان عبد الله . عبد الحميد عبد الرحيم، ومن فرشوط: هران إسماعيل عثمان . مهدي أحمد عسقلاني . عبد الفتاح محمد حماد . محمد مصطفى عبد الحكم .
كما تم في منطقة قنا وبالتحديد في شعبة فرشوط أن أعلن الإخوان المسلمون عن وجهة نظرهم إزاء الأحداث التي تمر بها البلاد ورفعوا ذلك إلى جلالة الملك وهذا هو نص البرقية:
منطقة قنا
بسم الله الرحمن الرحيم
الله أكبر ولله الحمدحضرة صاحب المعالي كبير أمناء ديوان جلالة مولانا الملك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد،،،
فيتقدم الإخوان المسلمون بمنطقة قنا إلى معاليكم لتسجيل إرادتهم وإعلان وجهة نظرهم في الموقف في الموقف الحاضر الدقيق الذي تجتازه البلاد. فنرجو أن ترفعوا هذا إلى مولانا جلالة الملك يا صاحب المعالي.
لقد أعلنت الأمة على بكرة أبيها أفرادًا وهيئات إرادتها وأبان الكبير والصغير فيما يخالج شعوره، ويدور في أعماق نفسه نحو مطلب البلاد التي تتلخص في الجلاء الناجز السريع بلا قيد ولا شرط عن أرض الوطن ومائه وهوائه والوحدة الكاملة لوادي النيل شماله وجنوبه. وكان أن تألف الوفد البريطاني للمفاوضة مع الوفد المصري الذي أخذ على عاتقه تحقيق مطلبي البلاد السابقين.
ولكنّا نأسف لمرور سبعة أشهر أو تزيد قُضيت في الأخذ والرد والمماطلة والتسويف والقطع والوصل ولم تسفر الحال بنتيجة تذكر وعجلة الزمان تدور يا صاحب المعالي ولا تتحمل بعد اليوم إبطاء والبلد في أشد الحاجة إلى كل دقيقة من الوقت لتسير مع القافلة السائرة. فكان لابد والحالة هكذا من إعلان إرادتنا وتسجيل شعورنا نحو هذا الضياع وتلك المماطلة من الجانب البريطاني والاستكانة واللين من الجانب المصري. ونحن لا نرتبط بمعاهدة سنة 1936م نعدها باطلة وغير ذلك موضوع ولا نعترف بأية مفاوضة قبل الجلاء الناجز السريع ولا نسمح للغاصب أن يفرق بين شطري الوادي حيث لا حياة لأحدهما بدون الآخر كما لا نقر بسفر دولة رئيس الوزراء لاستجداء مطالبنا لأن تجارب الماضي أثبتت أن الانجليز لا يريدون إلا ضياع الوقت لتصفية مشاكلهم الخارجية وإعلان الحماية من جديد.
ونحن أن نقرر هذا نؤيد فضيلة المرشد العام في بيانه الذي أعلنه على الملأ من هدم التعاون مع الانجليز سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا والبعد عن كل ما يتصل بهم والحق لنا وبأيدينا والله معنا يناصرنا وهو القاهر فوق عباده وهو حسبنا ونعم الوكيل.
رئيس المنطقة
محمد العربي المحاميومن الاهتمامات التي عنيت بها شعب الإخوان في قنا هى الاهتمام بتحفيظ القرآن حيث حرص الإخوان المسلمون على إنشاء مكاتب لتحفيظ القرآن الكريم، فأنشأت معظم الشعب مثل هذه المكاتب إما فى مقرات خاصة أو فى مقر الشعبة، أو فى مسجد الإخوان فى الشعبة، وقد كانوا يهتمون بالتعاقد مع أمهر معلمى تحفيظ القرآن لإدارة هذا المكتب وذلك مثلما حدث في شعبة الإخوان بفرشوط.
كما اهتم الإخوان بالأمور الصحية حيث كانت كثير من قرى ومدن الأقاليم ليس بها مستشفى قروي ولا مركزي ولا رمدي ولا جراحي، ولا مركز لرعاية الطفل، ولا منشأة صحية اللهم إلا أحيانًا مستشفى للبلهارسيا والإنكلستوما، وهذا ما ضاعف تفشي الأمراض حتى إن بلدًا مثل فرشوط بالصعيد أرسلت إلى مجلة "التعارف" تستغيث من هذا الوضع رغم أنها تتوسط منطقة يزيد عدد سكانها عن الستين ألفًا من الأفراد.
وفى نجع حمادي افتتح الإخوان المسلمون عام 1945م مستوصفًا لعلاج المرضى يشرف على إدارته الدكتور توفيق عثمان أبو النصر بك حكيمباشى المستشفى الأميري، ويستقبل المستوصف المرضى مرتين فى الأسبوع يومى الاثنين والجمعة، وذلك لعلاج الفقراء والمرضى الغير قادرين.
كما احتفلت شعب قنا بليالى شهر رمضان، وإحياء ليلة القدر؛ فقد قامت منطقة دشنا بإطعام مائتى فقير فى شهر رمضان فى أيام الجمع.
كما أنشأ الإخوان أقسام محو أمية لتعليم الأميين حيث أنشأ الإخوان بها قسمين لمكافحة الأمية أحدهما نهارى والثانى ليلى.
دفاع الإخوان عن الفلاحين
كما دافع الإخوان عن الفلاحين وما يتعرضوا له فقد قدمت الأخت عائشة مصطفى صورة من هذا الظلم في مقال بعنوان: "رفقًا بالفلاح المسكين.. يا قومنا رحمة به.. ضريبة فادحة – والقانون قاس لا يرحم" إذ عرضت في هذا المقال أن شركة ري الأراضي بنجع حمادي كانت تكتري من الفلاح أربعة جنيهات على ري الفدان الواحد على الزرعة الواحدة لا على السنة كلها، مما أدى إلى عجز الفلاح عن دفع هذه النفقات الباهظة، حتى أصبح عدد قضايا الجنح التي تقدم في الدورة الواحدة للمحكمة الجزئية في هذا الإقليم قد تبلغ المائة منها 75جنحة خاصة بأعمال الشركة في حجوزات ضد عملائها الفلاحين الذين اعتبرهم القانون مبددين، وقد لا يرى القاضي بدًا من الحكم على أغلبهم بالسجن، ومما يؤسف له أن ملفات هؤلاء البائسين طافحة بمثل هذه السوابق التي لحقتهم ظلمًا في قضايا شركة الريّ، حتى ليكاد يكون أهل الإقليم جميعًا في عداد المشبوهين.
ولقد ختمت الأخت مقالها تناشد الإخوان المسلمين قائلة: "فإلى الإخوان المسلمين أبسط يد الرجاء أن ينشطوا، فليس من أمل نرقبه إلا على أيديهم، إذ إن القانون الإسلامي الذي يلتمسونه أرحم وأعدل من أي قانون تقدمه أو جاء بعده".
دور إخوان قنا ضد البغاء
كما تعرض الإخوان للآفات الموجودة مثل البغاء وغيره فقد توالت العرائض والمذكرات والتي نتج عنها إلغاء البغاء في كثير من المناطق، ففي الخضيرات ونجع حمادي كتب الإخوان مذكرة إلى مأمور المركز جاء فيها: "حضرة صاحب العزة.. يتشرف الإخوان المسلمون بالخضيرات برفع رجائهم هذا إليكم أن تنظروا إليه بعين العطف والرعاية، وأن ما هو مشاهد وما سمعناه عنكم من اهتمامكم ببناء مجد الإسلام، وحث المسلمين في كل يوم جمعة في بلدة من بلاد المركز على التمسك بآدابه بما فيه لهو جدير بأن نطمع وكلنا أمل في إلغاء البغاء الرسمي على يديكم، الذي هو وصمة عار تلطخ جبين المركز وأهله، وإنه كبيرة من أشنع الكبائر مرتكبه مطرود من رحمة الله، وإنا لسنا أول من طالب ولا أنتم أول من نفذ، بل سبقنا في العمل مسلمون كثيرون، لهذا نرجو ونلح أن تعملوا على إلغاء البغاء في بندر نجع حمادي إجابة لداعي الله وحفظًا للأخلاق والصحة، وإبقاء على كيان الأسرة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وفي نجع حمادي بـ"يابورة" رفع الإخوان مذكرة أخرى إلى المأمور ورئيس المجلس القروي ومجلس "فرشوط" القروي قالوا فيها: "حضرة صاحب العزة مأمور مركز نجع حمادي ورئيس مجلس القروي ومجلس فرشوط القروي.. الإخوان المسلمون بيابورة يتشرفون برفع الآتي إلى عزتكم، وما عرف عن عزتكم من حب للدين وتعاليمه، وما اشتهرتم به من شرف ونبالة يجعلنا على ثقة أن تحققوا مطلبنا العادل الذي يحتمه الدين، ويوجبه رب العالمين، ومثلكم يحب إعلاء كلمة الدين وتنفيذ أوامره، ولذا نرفع الآتي:
البغاء كبيرة من الكبائر حرمها لله صيانة للأنساب، وحفظًا للصحة والأخلاق، وإبقاء للأسرة والعائلات، وإن أثره السيء محسوس معاين، وفتكه بالصحة والأخلاق مشاهد، وقد نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان عن مرتكبه وعمن يرضى به، وإننا في حالة شدة وإن الأمن والطمأنينة من رب الأرض والسماء، وإن الانخلاع عن معصيته إرضاء له سبب في إبعاد الكرب عنا، وإنزال الطمأنينة والأمن بنا، فبلسان الدين وصوت القرآن الكريم نتقدم برجاء عزتكم أن تقرروا إلغاء البغاء من ناحيتي نجع حمادي وفرشوط، أول جملة من ملمات جليلة، وأن تأمروا بمنع الإعلانات التي تنشر عن الخمور من على الجدران حتى تطهروا المركز من دنس هذه الكبيرة، ولسنا أول من يتقدم بهذا الطلب ولستم أول من يلغي هذه الكبيرة، فقد سبق بإلغائه وزير الأوقاف الحالي عندما كان مديرًا للبحيرة من مدينة دمنهور، وقد ألغاه مدير القليوبية من مدينة بنها، ولنا وطيد الأمل في عزتكم أن تكونوا من السابقين إلى إلغائه ليكون لكم عند الله عهدًا وأجرًا، وللدين من عزتكم تأييدًا ونصرًا،
دور إخوان قنا نحو فلسطين
لقد اهتم الإخوان بالقضية الفلسطينية فقد اهتموا بها ماديا وإعلاميا وليس ذلك فحسب بل دفعوا بأبنائها للدفاع عنها في حرب فلسطين عام 1948م.
فلقد جمع الإخوان بقنا مبالغ وأرسلوها للمركز العام من اجل فلسطين كما يحدث الآن وقد بلغ مجموع ما أرسل من نجع حمادي من التبرعات لمنكوبي فلسطين المجاهدين والأبرار من الشهداء 32 ج. م" وذلك عام 1938م.
كما شارك الإخوان في حرب فلسطين والقنال عام 1951م، كما شاركوا في ثورة يوليو 1952م، ولقد تعرض الإخوان بقنا لمحنة عام 1954م واعتقل منهم عدد كبير.
المراجع
1- جريدة الإخوان المسلمين السنة الثانية، العدد 37 الموافق الخميس 17ذو القعدة 1353هـ / 21فبراير 1935م.
2- جريدة الإخوان المسلمين السنة الأولى: العدد 23 الموافق 22ذو القعدة 1362هـ / 20نوفمبر 1943م.
3- جمعة أمين عبدالعزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
4- أحمد أنس الحجاجي: روح وريحان.
5- النذير، العدد (24)، السنة الأولى، 15 رمضان 1357ه- 7 نوفمبر 1938م.
6- مجلة التعارف، العدد (9)، السنة الخامسة، 5ربيع الأول 1359ه/ 13أبريل 1940م.
7- محمد حسين هيكل: (مذكرات فى السياسة المصرية)، الجزء الثاني، دار المعارف، 1977م.
8- صبرى أبو المجد فى كتاب: (سنوات ما قبل الثورة 1930 – 1953) الجزء الثالث، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الثانية.
9- جريدة المقطم: السنة 53 العدد 18161 الموافق 20ربيع الآخر 1360هـ / 17مايو 1941م.
10- محمد العدوي: (حقائق وأسرار الإخوان المسلمون).. نسخة الكترونية على موقع إخوان ويكي.