عبدالحليم الوشاحي
مقدمة
خلق الله الحياة لتكون ساحة اختبار لعباده فمنهم شقي وسعيد، ولقد عرف قليل منهم طبيعة هذه الحياة فعاشها لله، وضحي في سبيله بالكثير طمعا فيما عند الله، ومنهم الأستاذ عبد الحليم الوشاحي الذي نذر نفسه لدين الله.
حياته
لم تذكر المصادر مكان ولا تاريخ ميلاد الأستاذ عبد الحليم الوشاحي لكن يبدو من سياق ما ذكر أنه ولد في مدينة المنزلة بمحافظة الدقهلية تقريبا عام 1918م، والتحق بالتعليم وعمل بعده كمحاسب وصحفي فعمل فترة في بنك التسليف، كما كان مدير حسابات شركة الإخوان للصحافة فترة من الزمان.
بين صفوف الإخوان
تعرف عبد الحليم الوشاحي على دعوة الإخوان من خلال جوالتها حيث انضم لها عام 1936م وهو الخبر الذي أوردته صحيفة الإخوان المسلمين
حيث قالت:
- في المنزلة: في يوم الأحد 7 من جمادى الأولى سنة 1355هـ 25 يوليو 1936م وجهت الجمعية الدعوة للشباب المثقف بالمنزلة لتكوين فرقة للرحلات بالجمعية، وقد لبى الشباب الدعوة وفهم الفكرة حق الفهم وأظهر ارتياحه وترحيبه بتكوين الفرقة
وفعلاً أجريت عملية الانتخاب فأسفرت النتيجة عن:
- محمد أفندي قاسم صقر رئيسًا وأمينًا للصندوق، محمد أفندي كامل على الخريبي سكرتيرًا، والأفندية فتحي النظامي، رشاد أنسي، عبد الغفار حمزة، المندوه الشبيني، كمال القدسي، داود عافية، الحسيني الشناوي، فريد المالح، زاهر حسين، سعيد القفاصي، محمد القيسي، أحمد محمد مسعد صقر، عبد اللطيف الكوش، عبد العزيز حيدر، طه الفوي
- أحمد منيس، عبد الحليم الوشاحي، أحمد خليل سنان، علي سليم عبده الخياط، محمود نور الدين، عبد الرحمن صقر، أحمد البنا، حسن موسى، محمد البنان، طه موسى، أحمد شاهين، محمود القيعي، رشاد حال، محمد عبد الجواد، حسن الزيني، طه الشبيني، محمد حال، عبده القباني، هاشم سليم
- نوار السرجاني، حلمي حمود، عبد العزيز محمود حال، أحمد زين الدين، فضل المرسي حبيب، بكر عمر، عبده علي وهيب، إبراهيم أبو النور حال، برهان السميلي، التميمي سعد السري، حامد محمود زيادة، أنور الترامس، عبد السلام التتنحي أعضاء.
ويبدو أن الأستاذ عبد الحليم انتقل للعيش في القاهرة وأحيانا في طنطا وانضمت زوجته الحاجة سنية الوشاحي للدعوة في وقت مبكر أيضا ونشطت وسط الأخوات حتى أنها تم انتخابها في أول هيئة لمكتب الأخوات المسلمات عام 1944م، بل أنها اعتقلت عام 1965م في عهد عبد الناصر.
ويبدو أن الأستاذ عب الحليم الوشاحي كان صاحب قلم استخدمه في محاربة الآفات والعادات السيئة المنتشرة في المجتمع، حيث كتب سلسلة مقالات تحت عنوان: " فى الطريق" عالج فيها عدة ظواهر وعادات منتشرة فى المجتمع مثل الباعة المتجولين، والمقاهى الغاصة بالجالسين عليها من مختلف البيئات لقضاء الوقت دون فائدة، وحال الطلبة الذين وضعت أسرهم كل آمالهم فيهم لكنهم تركوا دروسهم وآخذوا يتسكعون فى الطرقات، ومضايقة المارين.
كما كتب تحت عنوان " فى الطريق" عدة مقالات يعالج فيها بعض ظواهر فساد المؤسسات الحكومية، ففى العدد 133 من مجلة الإخوان الأسبوعية يتحدث عن الحالة التى آلت إليها عربات الترام وتهالكها وعدم صلاحيتها للإستخدام الآدامى. ثم تحدث فى أعداد تالية عن ظلام الشوارع وما يترتب عليها من سرقات وتحولها لبؤر للفساد وأوكار للجرائم.
غير أن الفساد قد بلغ مداه فى مؤسسة تعمل على حماية المجتمع وهى مؤسسة البوليس حيث أصبحت تنكل بالشعب دون وجه حق ولا تقوم بدورها في حماية الأفراد، وذكرت المجلة عدة أحداث كان طرفها رجال البوليس وأظهرت مدى الظلم الذى وقع منهم على أبناء الوطن، مثل رجل المرور الذي أعطى سائق مخالفة إلا لكونه لم يعجبه شكله، وأخر يتعنت مع بائع في الشارع بعد أن يطرح له كل بضاعته على الأرض لا لشيء إلا أنه يحاول أن يتكسب من مصدر يراه البوليس غير قانوني وهو البيع في الشارع.
ولقد استمرت جهود الإخوان فى التصدى لكل عوامل انهيار المجتمع، فلم يدعوا مجالا ينشر من خلاله الانحلال والضياع إلا وقام بسده محاولين إصلاح المجتمع، فقد كتب الأستاذ عبد الحكيم الوشاحى فى عموده بمجلة الإخوان تحت عنوان «ورقة اليانصيب» يوضح مدى إنتشار ظاهرة ببيع ورق اليانصيب
حتى أن الطرقات أصبحت مليئة بهؤلاء الباعة ما بين شباب وشيوخ ونساء وأطفال حتى أصبح هذا الشىء المحرم أسهل مشروع للتربح، وتعطلت قدرات وطاقات المجتمع، وجاءات بآثار سيئة على الانتاج، وأصبح التربح من هذا الشيء لا يعود على الأمة بالنفع بل أدى لحالة من السلبية.
وفى عمود بعنوان "فى الطريق" كتب الأستاذ عبد الحليم الوشاحى تحت عنوان "الطفولة المشردة" يقول:
- "أهؤلاء الأطفال الذين يتزاحمون على أفاريز الشوارع وزوايا الطرق وينتقلون من ترام لآخر يلبسون الأسمال ويستترون بالخرق التى تظهر ما خفى من أجسامهم الهزيلة، هؤلاء الأطفال يطوفون طول النهار وأكثر الليل على المقاهى والحانات لعلهم يجدون ما يسد رمقهم
- من هؤلاء تكونت عصابات النشل بعد أن وقع هؤلاء المساكين تحت رحمة رؤساء العصابات فيطلقونهم على وسائل النقل المزدحمة فيسلبون الأموال، فهؤلاء الصبية هم الذين يستخدمون فى توزيع المخدرات على مدمينها، هذا غير نبذ الطبقة الغنية لهم، فمن لهؤلاء؟".
كما كتب الأستاذ عبد الحليم الوشاحي سلسلةً مقالات بعنوان "في الطريق"، عالج فيها أيضًا هذه العادات والبدع.
الوشاحي وجريدة الإخوان اليومية
كان إنشاء جريدة يومية إسلامية حلمًا يراود كثيرًا من قادة الفكر الإسلامي، وإذا بالإمام البنا يضع ذلك موضع التنفيذ، وذلك في 3 من جمادى الآخرة 1365هـ الموافق 5 من مايو 1946م؛ حيث صدر العدد الأول من جريدة (الإخوان المسلمون) اليومية، ذلك المشروع الضخم الذي استنفر فيه الإخوان جميعًا حتى تحقق لهم ما يريدون.
وأصبح الحلم حقيقة واقعة، وكان مدير إدارة المجلة الأستاذ أحمد السكري، ورئيس التحرير المسئول الأستاذ زكريا خورشيد، وتولى الأستاذ صالح عشماوي رئاسة التحرير بدءًا من العدد 373 من السنة الثانية، ثم تولى الأستاذ عبد الحليم الوشاحي مديرًا لإدارة الجريدة بعد فصل الأستاذ أحمد السكري من الجماعة.
وليس ذلك فحسب بل تم اختيار الوشاحي في أول هيئة تأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين في عام 1945م.كما كتب الوشاحي في صحيفة الكشكول الجديد وكان احد كتابها.
محنة الوشاحي الأولى
اعتقل الوشاحي أكثر من مرة في عهد الإمام البنا حيث كانت المرة الأولى حينما اعتقل في ديسمبر 1946م. وحينما اصدر النقراشي قرارا بحل الإخوان في 8 ديسمبر 1948م اعتقل قادة الجماعة ومنهم الوشاحي وزج بهم في سجن الطور
حيث يقول الشيخ أحمد الشرباصي:
- مصطفى أمين كان يظن أن هؤلاء الإخوان قليلي العلم والمعرفة فطلب من الحكومة أن ترسل من يحاضر الإخوان في السجون مما أثارة شجون الشيخ أحمد الشرباصي الذي كتب يقول:
- سمعت أن الأستاذ مصطفى أمين بك كتب هذا الأسبوع فى "جريدة أخبار اليوم" يقترح على الحكومة ارسال محاضرين الى المعتقل ليعلموهم كيف يكون الاقناع بالحجة والدليل لا بالقوة والارهاب ... وأتطلع حولي فأرى أناسا مثقفين مهذبين مؤمنين بأن الإسلام لا يقر الاعتداء الا على المعتدين فما الحاجة الى هذه المحاضرات اذن ؟ .
- وأتطلع حولي فأرى أناسا أولى بهم مناصب التدريس لا مقاعد التعلم وكيف لا وفيه أمثال الأساتذة الفضلاء : طاهر الخشاب وصالح عشماوي وكمال خليفة وعبد الحكيم عابدين وجمال عمار وعبد الحليم الوشاحي وفريد عبد الخالق وعمر التلمساني ومحمود لبيب وزكريا خورشيد وعبد الحفيظ الصيفي ومصطفى مؤمن وأنور الجندي ومحمود البراوي وطاهر عبد المحسن وعبد العزيز كامل وغيرهم وغيرهم ... هؤلاء بحاجة الى توجيه أو تعليم.
ويضيف:
- يوم الأربعاء أول [[يونيو 1949م جاءت اليوم خطابات كثيرة لقدماء المعتقلين من اللجنة " القضائية " الخاصة ببحث شؤون المعتقلين تعلنهم باستمرار اعتقالهم وأخذ هؤلاء يقدمون معارضات والتماسات حسب النظام الجديد
- وقد عرفت أن من بين الذين أعلنوا باستمراراعتقالهم الأساتذة : عبده قاسم وعبد الرحمن الساعاتي وطاهر الخشاب وصلاح عبد الحافظ وعبد الحكيم عابدين وصالح عشماوي وعبد الحليم الوشاحي وغيرهم . الجنوب الآن فى قلق فمن جاءه عرف نهايته ووقوع البلاء خير من انتظاره وأما الباقون فمعلقون بين الشك واليقين ... وقد بدأت أسمع الهمس القائل : لقد خيبت اللجنة القضائية آمال الكثيرين .
ويقول:
- كتبت كلمة أرجو فيها التعجيل بالافراج عن زملائى العلماء ومنهم حضرات أصحاب الفضيلة الأساتذة المشايخ : محمد الغزالي وعبد المعز عبد الستار وعبد المنعم النمر وعبد الرحمن البرل وعبد اللطيف الشعشاعي ومحمد الأباصيري وعبد الرحمن الصوالحي وغيرهم .
- وكتبت كلمة أخرى أرجو فيها التعجيل بالافراج عن الزملاء الصحفيين المعتقلين وأذكر منهم الأساتذة الفضلاء محمد أحمد البنا وصالح عشماوي وأحمد أنس الحجاجي وسعد الدين الوليلي وعبد الحليم الوشاحي ومحمود صادق وزكريا خورشيد وأمين اسماعيل ومحمد لبيب البوهي ومحمود عساف وزيد شريف وعلوي عساف ومصطفى مؤمن وعبد العزيز الزهيري وصابر عبده ابراهيم . وبعض هؤلاء أعضاء فى نقابة الصحفيين فيجب أن يكون لها موقف حاسم فى الموضوع.
الوشاحي والمستشار الهضيبي
كان الوشاحي أحد قادة الجماعة المعروفين حتى أنها كان له رأى في اختيار المستشار الهضيبي مرشدا للجماعة خلفا للإمام البنا حيث يقول الشيخ عبد البديع صقر: فى جلسة لى مع بعض الإخوان بدار المركز العام – كنا نتدارس وضع المرشد الجديد وكيف أن هناك برودا فى العاطفة بين بعض الإخوان وبينه .
فقد تعودوا من المرشد الأول كثرة الحركة والنشاط وتدفق العاطفة وتأليف القلوب وكان بالنسبة لهم الوالد والمربي والأخ والمتفضل (حتي فى شئون الحياة الخاصة) وكأنهم لم يلمسوا مثل ذلك من المرشد الجديد – فهو رجل لم يعرفهم ولا يتكلم إلا قليلا ولا يحضر إلا بميعاد ولا يداني سابقه فى الخطابة والحيوية وكان أكبر سنا من الإمام حسن البنا .
قال الأخ أحمد نار رحمه الله
- " أن من شروط البيعة لأى قائد جديد أن يسلم الجنود له كل ما كان بينهم وبين القائد السابق من أسرار وأموال وجهود وحتي عاطفة الحب – فإن أخروا عنه عاطفة الحب فلم يصدقوه البيعة ".
وقال الأخ عبد الحليم الوشاحي
- " هذا حق – ولعل المرحلة الحالية تحتاج هذا الالتفاف حوله أكثر من أى وقت مضي – وعذره أنه كان بعيدا عن تنظيم الجماعة يوجب علينا الاقتراب منه ".
وقال الأخ سعد الوليلي
- "لقد كان الهضيبي من أخطب الناس وأنشط الناس لولا المرض الذى أصابه فثقل لسانه وأمره الأطباء بترك الإجهاد".
وقال آخر :
- " إذن علينا أن نقدم أنفسنا إليه ونكثر من التردد عليه حتى يتم تبادل الثقة " وفعلا كنا نذهب أحيانا أنا والوشاحي وحسن دوح – وكانت مساكننا قريبة من منزله فى الروضة – نذهب كل يوم تقريبا لنسلم عليه ويقول كل منا " أنا أخوك فى الله فلان " إلى أن قال " خلاص يا جماعة عرفتكم .. والله عرفتكم".
محنة الخمسينات والستينات
كان عبد الحليم الوشاحي أحد الفاعلين في دعوة الإخوان منذ عودتها بعد الحل عام 1948م حتى محنة 1954م والتي أعتقل على إثرها وحكم عليه بالسجن 10 سنوات قبل أن يعود للسجن مرة أخرى في محنة عام 1965م لكن ليس وحده بل بصحبة زوجته السيدة زينب الوشاحي التي اعتقلت ضمن عدد كبير من الأخوات المسلمات وبقيت في السجون شهور حتى خرجت وعادت لبيتها في طنطا.
الغريب أن مسيرة الأستاذ عبد الحليم الوشاحي انقطعت عند هذه الفترة فلا نعرف ماذا حدث له ولا لزوجته بعد خروجها من المعتقل، وكم عاش بعد خروجه، حيث أننا لم نعثر على معلومة تؤكد لنا بقية حياته.
ماذا قال عن الإمام البنا
خصصت مجلة الدعوة صفحاتها في ذكرى استشهاد الإمام البنا فكتب لها كبار العلماء والسياسيين وقادة الإخوان
فكتب الأستاذ عبد الحليم الوشاحي تحت عنوان (مع الإمام الشهيد):
- حيث كان الأستاذ عبد الحليم الوشاحي يعمل بقسم المناطق بالمركز العام، وقد طاف مع الإمام الراحل رضوان الله عليه القطر المصري من أقصاه إلى أقصاه وكان الغرض من ذلك أن يدرس جغرافية القطر ويتعرف إلى الإخوان، حتى يكون على إلمام تام بشئون هذا القسم.
فكتب يقول: إخواني:
هذه مجموعة أعمال أسطرها كما وعتها الذاكرة للتسجيل، وأرجو أن ننتفع بما جاء بها:
ورد المحاسبة:
في ملوي، وبعد الانتهاء من حفلات الإخوان، وبعد أن استقر بنا المطاف في هذه الليلة بمنزل أحد الإخوان، طلب مني الإمام الراحل أن أقدم له سجل مذكراته، وكان يسجل بها حوادث اليوم ورأيه فيمن قابل من أشخاص، ويحاسب نفسه حسابًا دقيقًا، وبعد الانتهاء من الكتابة سلمني السجل لأضعه في مكانه بحقيبته، فقلت لنفسي: هل يحق لك أن تفتح هذا السجل وتقرأ ما فيه، وصرت مترددًا بعض الشيء، ثم تذكرت أن الإمام كان ملكًا للإسلام والمسلمين، وإنه بحكم صلتي به لا يمانع في الاطلاع على هذه التسجيلات.
كتب يقول:
- "في هذه الليلة أبلغ من العمر أربعين عامًا هجريًا كما أخبرني والدي.. والآن وأنا قائم بالدعوة إلى الله أجدني مقصرًا فيما فعلت فلابد لي من الاهتمام بأورادي، ولا تشغلني مشاغل الدعوة عنها، ولابد من الإعداد والتحضير لحديث الثلاثاء، ففي ذلك خير كثير، ولابد كذا.. ولابد كذا.
وصار يحاسب نفسه حسابًا شديدًا عسيرًا، ويذكر كل شيء.. وهكذا كان يوصينا دائمًا بورد المحاسبة وكان يطبقه على نفسه بأقصى مما يتصوره إنسان.
أمله في الصحافة ونشر الدعوة
وفي الزقازيق وبمنزل الأستاذ حمدي البنهاوي وبعد الانتهاء من شراء المركز العام وتأثيثه، وقد شرعنا في الإعداد للمشروع الجديد مشروع الجريدة والمطبعة قال لي: هل تظن أننا سننجح في إتمام هذا المشروع كما أحب؟ أريد أن يكون لنا جريدة تطبع بعدة لغات وتوزع في أنحاء العالم، أريد أن أكتب عن دعوة الإسلام بكل اللغات..
أريد أن ينتشر الإخوان في أنحاء العالم يدعون للفكرة ويوزعون هذه المطبوعات، وأظن أنني لو أتممت هذا العمل وتوفاني الله أكون بذلك قد قدمت للإسلام والمسلمين أعظم عمل هم في حاجة إليه والأمل الكبير في الله أن يحقق الإخوان - رعاهم الله - أمل الإمام الراحل طيب الله ثراه.
تولية الأمور أكفاءها
قال رضوان الله عليه:
- إني أعرف الإخوان جيدًا، وأعرف الأمكنة التي يصلحون للعمل فيها، فلو عاونني الإخوان وصارحوني بأن يقول أحدهم: إني أصلح لكذا ولا أصلح لكذا لكان أحسن وأنفع.. وهذه القاعدة مقررة في القرآن الكريم حيث قال الله في كتابه العزيز على لسان سيدنا يوسف: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).
لكل اختصاصه
ذهب أحد المفصولين من شركات الإخوان شاكيًا بمناسبة فصله من عمله وقال للإمام الشهيد:
- إن فلانًا ظلمني، وفصلني من غير حق.. فقال له: إن الذي فصلك هو المسئول عن عمله، وأن نظام الشركة التي كنت تعمل بها لا تسمح لي بالتدخل، فإذا كانت لك شكوى فاكتبها وسلمها إليه ليرفعها إلى مجلس الإدارة المختص.. وثق أنك لو كنت صاحب حق فسينصفك مجلس الإدارة، وهكذا وضع الأمور في نصابها وأعطى فرصة لكل مختص أن يشعر بمسئولية عمله.
جاهز دائمًا
كنا في أبي تيج في أواخر شعبان فتلقى الإمام – رضوان الله عليه – خطابًا من الأستاذ صالح عشماوي وكان يتلقى - وهو في رحلاته - البريد بأخبار الإخوان، كما أن الاتصالات التليفونية لا تنقطع مع المركز العام، أقول تلقى خطابًا يطلب فيه الأستاذ صالح مقالا بمناسبة شهر رمضان فقال لي: ربع ساعة، ودخل في حجرة من حجرات المنزل الذي كنا فيه وفي أقل من عشر دقائق كتب مقالا ممتعًا أرسلناه في ليلتها بالبريد.
مجلة المختار
كان الإمام رضوان الله عليه سريع القراءة بدرجة مدهشة، وهذا يرجع لكثرة الاطلاع، فكان يكفيه نصف ساعة للاطلاع على الجرائد اليومية وكان يقرأ مجلة المختار وهي المجلة التي كانت معروفة بجمود موادها من الجلدة إلى الجلدة ليتعرف على أفكار الغرب.
عقلية جبارة
كنا في صدد إعداد شركات الإخوان الإعداد الذي يتطلبه القانون الجديد، واحتاج الأمر للاستعانة بالأستاذ محمد كامل الحاروني – أستاذ المحاسبة بجامعة إبراهيم باشا – الآن – عين شمس حاليًا – يشرح لنا ما يلزم من الترتيبات ونص القانون اللازم لذلك.
ثم قال الإمام رضوان الله عليه: تقصد كذا وكذا.. وأعاد ما قاله الأستاذ الحاروني وأضاف.. فنظر إليه الأستاذ الحاروني قائلا: إذن يا أستاذ لا لزوم لي، وضحكنا.. وهكذا كان
المصادر
- الدعوة – العدد (52) – 16 جماد أول 1371هـ - 13 فبراير 1952م.
- أحمد الشرباصي: مذكرات واعظ أسير، دار الكتاب، مصر، 1371هـ.
- جمعة أمين عبد العزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية، الجزء السادس، 2008.
- جابر رزق: حسن الهضيبي الإمام الممتحن، دار اللواء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 1991م