محمد فهمي أبو غدير

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محمد فهمي أبو غدير الشاب القائد


إخوان ويكي


مقدمة

كان من الأسباب الرئيسية والهامة التي جعلت الإمام البنا لا يقبل وساطة كبار القوم من أجل عودته مرة أخرى إلى الإسماعيلية بعدما نقل للقاهرة عام 1932م هي رغبته في الولوج إلى الجامعة والتقرب من شبابها لكون الشباب العنصر الفعال في الدعوات.


حيث كان يرغب كما وصف:


أن تكونوا مثلاً صالحة للخلق الإسلامي الفاضل تجدون حين يهزل الهازلون، وتصدقون حين يكذب المخادعون، وتنصفون من أنفسكم حين يجور الجائرون وتعزمون فلا تترددون حين يجبن الضعفاء والمخنثون، وتعفون عن المحارم والمنكرات حين يغرم بها العابثون، وتؤدون فرائض الله حين يتكاسل عنها المتكاسلون، وتعملون لآخرتكم كمن يموت غدا وتعملون لدنياكم كمن يعيش أبدا. ثم عليكم مع هذا أن تنشروا الفضيلة بين إخوانكم، وأن تبلغوا دعوتكم لكل من يتصل بكم فى سهولة ووضوح.


وكان الطالب محمد فهمي أبو غدير بكلية الحقوق واحد من هؤلاء الطلبة الأوائل الذين حملوا مشعل الدعوة داخل أروقة الجامعات المصرية.


حياته

في قرية الواسطي القريبة من مدينة أسيوط بصعيد مصر ولد محمد فهمي مصطفى أبو غدير عام 1917م (تقريبا) في أسرة لها مكانتها ووضعها الاجتماعي، حيث دفع به والده إلى التعليم في وقت مبكر حتى تخرج في كلية الحقوق جامعة الملك فؤاد الأول (القاهرة حاليا) عام 1939م، وبعدها عمل بالمحاماه حيث افتتح مكتبا بميدان فاروق بالعباسية حيث كان أحد محامي جامعة الإخوان المسلمين.


وفي نفس عام تخرجه تزوج من ابنة عمه الشيخ قاسم أبو غدير وعقد زواجه الشيخ حسن البنا حينما كان في زيارة أسيوط. حيث ذكرت صحيفة النذر أن الإمام حسن البنا قام عند زيارة الواسطى بمركز أسيوط بعقد زواج الأخ فهمى أبو غدير على كريمة عمه فضيلة الشيخ قاسم أبو غدير، وتولى الإمام صيغة العقد بنفسه، كما أتم المصالحة بين أسرة أبو غدير ممثلة فى الشيخ مصطفى أبو غدير وأسرة عمر بك طه من أهالى الواسطى بعد عداوة امتدت من عام 1907م حتى عام 1939م.


وسط جماعة الإخوان المسلمين

حينما نجح في الثانوية العامة سافر إلى القاهرة حيث حلمه الالتحاق بكلية الحقوق والتي كان لها شأنا عظيما في ذلك الوقت، وسكن مع بعض الطلبة في حي السيدة زينب وهو الحي الذي كان يقطن فيه أيضا العالم الجليل طنطاوي جوهري، والذي كان رئيسا لتحرير مجلة الإخوان المسلمين.


وحينما سعى بعض الطلبة إلى تكوين جمعية إسلامية للتحصن بها أمام موجات التغريب التي غزت الجامعة نصحهم بتوفير الجهد والانضواء تحت لواء جماعة الإخوان المسلمين ومرشدها الشاب الأستاذ حسن البنا، وبالفعل كان هؤلاء الطلبة نواة قسم الطلاب بالجماعة والذي أولاه البنا اهتماما خاصا، وكان من ضمن هؤلاء الطلبة الطالب بكلية الحقوق فهمي أبو غدير وذلك عام 1934م وهو العام الذي اختير فيه عضوًا فى لجنة طلبة الإخوان.


كما اختياره الإمام البنا ضمن طلبة الإخوان عام 1936م لزيارة المحافظات لنشر الدعوة حيث كلفه الإمام البنا هو والطالب شاكر محمد حسن بزيارة مديريتي قنا وأسوان ومراكزها: نجع حمادي، دشنا، قنا، قوص، الأقصر، إسنا، إدفو، أسوان.


يقول محمود عبدالحليم:


ومن مظاهر حرصه على الاتصال بالطلبة والعناية بأمرهم ما حدثني به فى ذلك الوقت الأخ الكريم محمد فهمي أبو غدير قال لي: إن الأستاذ المرشد حريص كل الحرص على الاتصال بطلبة الجامعة بكل الوسائل الممكنة ، وكان يعتبر إقناع طالب واحد فى كلية من الكليات أنفع للدعوة من دخول بلد بأسرها فيها ، وكان يتلمس وسائل هذا الاتصال فعلم أن كلية الحقوق قررت على طلبة السنة الأولى بها دراسة مائة حديث نبوي اختارتها ..


فهرع الأستاذ إلى هذه الأحاديث المقررة فشرحها شرحا رائعا ونشرها فى مجلة الإخوان وقام الإخوان الطلبة بعرض هذا العدد من المجلة على طلبة الكلية فأقبلوا عليها وتهافتوا على اقتنائها وبهذه الوسيلة اكتسبت الدعوة عددا جديدا من طلبة كلية الحقوق.


وهو ما أكده الأستاذ محمد العدوي بقوله:


حدثني الأستاذ محمد فهمي أبو غدير المحامي أنه طلب من زميل له في كلية الحقوق مذكرات الحديث النبوي التي أملاها الأستاذ عبد الوهاب حمودة عليهم فقال له: لقد شرح الأستاذ البنا هذه النصوص في مجلة الإخوان ... وفي شارع المغربلين التقى محمد فهمي بالطالب محمد أحمد البنا شقيق الإمام الشهيد فأكرم وفادته وأعطاه المجلة ودعاه إلى استماع حديث ديني يلقيه شقيقه بعد أيام...


وذهب أبو غدير وهناك وجد آخرين يتداولون حديثا دينيا أعجبه، وحان وقت الصلاة فقام الجميع يصلون إلا أبا غدير فلما انتهى الإمام في صلاته وحديثه نادي إلى جواره أبا غدير فلاطفه بما يزيل عنه الحرج دون أن يمس موضوع تخلفه عن الصلاة. تاركا للهزات الروحية أن تعمل عملها في نفسه دون أمر أو نهي فالنصيحة غير المباشرة كثيرا ما تكون أجدى.


رسالة الإمام البنا إلى أبو غدير

الإخوان بشر مثلهم مثل غيرهم إلا أنهم يسعون لتقوى الله قدر استطاعتهم، وفي مجتمعهم تتعدد الأمزجة، ولذا فمن الوارد الاختلاف والانشقاق، وهو ما وقع عدة مرات ومنها شباب محمد الذين رأوا المنهج المتشدد في العمل الدعوي وهو ما رفضه الإمام البنا وكل الإخوان، لكن هؤلاء الشباب رأوا الانشقاق وتكوين جماعة وفق رؤيتهم والذي حدث بالفعل يوم 9 من ذى الحجة سنة 1358هـ الموافق 20 يناير 1940م.


كان للأستاذ محمد فهمي أبو غدير بعض الملاحظات على هذه الفتنة والميل لمطالب هؤلاء الشباب، وكان حديث التخرج من الجامعة، لكن كان له مكانة في الجماعة، فأرسل له الأستاذ المرشد شارحا له ألمه لفراق هؤلاء الإخوة ومذكرا بأن دعوة الإخوان ستظل دعوة الحق فقال له:


الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومن والاه.


القاهرة فى 21 صفر 1359ه


عزيزى الأستاذ فهمى أفندى


السلام عليك ورحمة الله وبركاته


وبعد: فأرجو أن تكون بخير صحةٍ وعافيةٍ وراحة بال، أما نحن فمعافون صالحون والحمد لله على كل حال، وكل ما يأتى من القدر فهو جميل، والله نسأل أن يلهمنا الرشد ويسير بنا إلى الخير ويهدينا سواء السبيل. علمت طبعًا بكل ما كان من انفصال الجماعة ثم سلوكهم سبيل الخصومة اللدودة، ثم استمرارهم إلى الآن فى الاتصال بشباب الإخوان ومهاجمة أشخاص بل ومهاجمة الفكرة نفسها، وسامحهم الله وهدانا وإياهم.


وأنا أعلم أنه قد يكون لك فى هذه النواحى وفى بعض الوسائل آراء ربما كانت لم تكن كذلك ولكني هل يرضيك هذا الأسلوب من أساليب الهدم والتحطيم الذى يحطم صاحبه قبل الناس. أحب أن أقول لك إن هذه الحركة كانت خيرا عظيمًا وإن بدت على أبشع الصور إعجاز القدر، فقد نشط هؤلاء الإخوان الخارجون فى ميدان لا شك أنه نافع ومفيد، ولا شك أنهم ليسوا من خصوم هذا الدين.


وإنى لأجد فى الألم الشديد لفراق قوم أحببناهم حينًا من الدهر ولا زال لهذا الحب أثره، ولكنى أجد فى صورة الإخوان الآن وفى تلاحمهم بعض العزاء وبعض السلوى. أحب أن تكون بكل خير وهناءة، وأن يكون الإخوان عندك فى سائرون فى عملهم مندفعون بفكرتهم إن شاء الله.


والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.


أخوك حسن البنا


ثم بعث برسالة أخرى يعفيه من المسئوليات حتى يطمئن قلبه إلى دعوته والتي سرعان ما أنجلت الغمة وأكد أبو غدير على تمسكه بدعوته، فكتب له الإمام البنا يقول:


الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومن والاه.


القاهرة فى 24 من ربيع الأول 1359ه،2 مايو 1940م


عزيزى الأستاذ فهمى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


وأشكر لك تفضلك بالسؤال عنى والتضحية بشىء من وقتك معى وأنا فى أسيوط، وأحسن الله جزاءك وكتب لك التوفيق دائما. لم يخف على نفسى موقفك منى ومن الإخوان هذه المرة يا عزيزى فهمى، ولم أرد كذلك أن أتركه هكذا غامضًا بدون تحديد حتى لا يثقل هذا الغموض على نفسك وعلى نفسى كذلك، ولو على الأقل ليكون هذا التحديد بيننا نحن ليعرف كل منا أين هو من أخيه.


وأعتقد أن هذا التحديد ليس شيئًا إلا أن أصارحك بأننى أعفيك من أعباء الصلة الخاصة بيننا مؤقت حتى تستريح نفسك وتطمئن إلى صاحبك، ويعود إليك يقينك فى إخلاصه ومنهاجه وسداد رأيه وتوفيق الله إياه، مع احتفاظى التام بمحبتك وتقديرك وحسن الاعتقاد فيه وجميل الظن بك، والحرص الكامل على مودتك، وصلتك بى صلة الصديق المخلص الشريف بصديقه المخلص الشريف كذلك.


مع رجائى أن تقدم ما تستطيع تقديمه من المساعدة للإخوان بالواسطة وبأسيوط بحكم أنهم يقدمون جميعا وتحيتى إليك وإلى آل أبى غدير الأكرمين جميعًا مع شكرى الجم للإخوان الذين سعوا لمقابلتى.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


أخوك: حسن البنا.


بين أروقة المحاكم

عمد فهمي أبو غدير لصناعة نفسه كمحامي وبالفعل شارك في الكثير من قضايا الإخوان الكبرى وكان أولها أول قضية عسكرية يحال لها أحد من الإخوان والذي اتهم فيها محمد عبد السلام فهمي... مهندس بمصلحة الطرق والكباري، جمال الدين فكيه.. موظف ببلدية طنطا، في الجناية العسكرية العليا 883 لسنة 1942م قسم الجمرك.


وعندما اصطدم البوليس مع طلبة معهد فؤاد الأول بأسيوط عام 1946م، وسقط عدد من الطلبة ما بين جريح وقتيل أثناء المظاهرات سارع الإخوان بتكوين لجنة من قسم البر والخدمة الاجتماعية بأسيوط لجمع تبرعات الأسر القتلى والمصابين. كما قام الأستاذ فهمى أبو غدير المحامى والأستاذ صلاح عبد الحافظ بالحضور مع الطلبة أثناء التحقيق معهم والدفاع عنهم.


وعندما عرضت القضية على المحكمة والتى رأسها القاضى أبادير بك يوسف، حضر للدفاع عن الطلبة كوكبة من المحامين أمثال الأساتذة فهمى أبو غدير بك بدوى وفهيم عبد المسيح وعبد الكريم أبو شقة وعبد الناصر حسن وغيرهم والذين طالبوا بالإجماع الإفراج عن الطلبة، فقررت المحكمة الإفراج عن كل المتهمين والبالغ عددهم 27 بعد أن دفع كلا منهم كفالة مالية قدرها 500 مليم.


وقد اختير لهذه القضية مجموعة من خيرة المحامين من الإخوان ومن غيرهم؛ ومن هؤلاء الأساتذة: محمد على علوبة باشا، وعبد الرحمن البيلى بك، ومحمد فريد أبو شادى بك، وعمر التلمساني، وعلى منصور، والدكتور على بدوى وفهمي أبو غدير.


كما كان فهمي أبو غدير عضو فريق المحامين في كبرى قضايا الإخوان كقضية السيارة الجيب وقضية الأوكار عام 1949م، وكان يشاركه في هذه الأعمال القضائية الأستاذ محمد المسماري المحامي (رحمه الله) والأخ المجاهد الأستاذ الشهيد إبراهيم الطيب المحامي (تقبله الله في الشهداء)، والأخ المجاهد الأستاذ المرحوم حسن العشماوي المحامي والأخ المجاهد الأستاذ المرحوم منير أمين دله.


رئيسا للإخوان بأسيوط وعضو الهيئة التأسيسية

حينما تخرج من الجامعة عام 1939م برز نجمه بسبب نشاطه ولباقته وقوة شخصيته، فأختاره الإمام البنا ضمن مجلس الشورى عام 1939م، بل إنه كان ضمن الهيئة التأسيسية للجماعة عن أسيوط والتي تشكلت في سبتمبر عام 1945م هو والأستاذ محمد حامد أبو النصر (منفلوط)، الشيخ حامد شريت (مفتش الوعظ بأسيوط)، وحامد شريت، والحاج هاشم خليل (أبو تيح).


وفي عام 1946م تم اختياره رئيسا للمكتب الإداري للإخوان في أسيوط وظل كذلك حتى حلت الجماعة عام 1948م وفي أول تشكيل للمكتب بعد خروج الإخوان في السجون واختيار الأستاذ الهضيبي مرشدا تم اختيار أبو غدير عضوا بمكتب الإرشاد أواخر ديسمبر من عام 1951م (كما ذكر الأستاذ محمد حامد أبو النصر).


عاملا بين أروقة لجان الإخوان

كان فهمي أبو غدير يمتلك لسانا مفوها حصيفا قويا وهو ما مكنه للخطابة في مؤتمرات الطلاب وهو ما زال طالبا وبعده.


ففى مساء الأربعاء الموافق 22 شوال 1357هـ الموافق 15 ديسمبر 1938م، عقد مؤتمبر الزقازيق وكان برنامج المؤتمر يتناول كلمات للإخوان: كلمة الأخ إبراهيم مأمون، وكلمة للأستاذ أحمد السكري، وكلمة طلاب الجامعة التى ألقاها الأخ فهمى أبو غدير، كما تحدث عن الأزهر الأخ الشيخ محمد نايل، كما تحدث الأخ محمد الحلوجى عن الموظفين، ثم اختتم المؤتمر بكلمة الإمام الشهيد حسن البنا.


وحينما عقد طلاب الإخوان في أسيوط مؤتمرهم السنوي في مارس من عام 1947م في فناء المدرسة الإسلامية بأسيوط خطب فيه الشيخ الباقوري وعبد العزيز كامل والشيخ عبد المعز عبد الستار وفهمي أبو غدير المحامى ورئيس المكتب الإداري.


وحينما حينما كون الإخوان اللجنة المركزية العامة لمساعدة فلسطين شكلوا أيضا لجنة ثانية من الطلبة لنفس الغرض وذلك في مساء يوم السبت الموافق 25 من صفر 1355هـ الموافق 16 مايو 1936م حيث تكونت لجنة الطلبة من بينهم الأستاذ حسن عثمان، فهمي أبو غدير، ومحمود عبد الحليم، وعبد الحكيم عابدين .. وغيرهم، وسبعة أعضاء من الأزهر منهم محمد البنا، وأحمد شريت، ومحمد شريت.


مواقف لها تاريخ

يقول محمد عبدالحميد أحمد:


كان عام 1938 حافلا بالأحداث الجسام فقد أقام الإخوان فى قسم الطلاب مؤتمرا عاما بجمعية الشبان المسلمين وأعلنا عنه فى الجرائد وطبعنا بطاقات للدعوة إليه ودعونا الصحفيين والمصورين ومندوبى الجمعيات الإسلامية وأساتذة الجامعة المهتمين بالقضايا الإسلامية لحضور وقد زخرت قاعة جمعية الشبان العامة للمحاضرات بعدة آلاف من الطلاب والأساتذة


وقد تكلمت أنا مندوبا عن الجامعة " كلية الآداب" كلمة عنوانها " حاجتنا إلى الدعوة الإسلامية فى الوقت الحاضر " وقد كلفنى الإمام الشهيد بإلقاء هذه الكلمة باسم الجامعة وقد انتابنى شعور بالرهبة والهيبة فى وقوفى خطيبا فى مثل هذا المؤتمر الكبير الجامع لآلاف الطلاب والأساتذة الجامعيين ورغبت فى أن ينوب عنى فى إلقاء هذه الكلمة أخى " محمد فهمى أبو غدير" الطالب بكلية الحقوق وذلك لتفوقه فى الخطابة


وقد أقنعته بذلك فاقتنع الأخ مشكورا بهذا الراى ثم عاد بعد عدة أيام قبيل انعقاد المؤتمر العام للطلاب يعتذر عن عدم رغبته فى إلقاء هذه الكلمة ولما سألته عن السبب فى هذا الاعتذار أجابنى : إنى خشيت على نفسى الغرور ووجدت نفسى تتمثل النجاح الباهر فى إلقاء هذه الكلمة وسوف أكون موضع الإعجاب والإكبار من الجمهور المستمع لى فى هذا الحفل الكبير


فأحببت أن أؤدب نفسى بحرمانها من هذه الشهوة النفسية الخفية شهوة حب الثناء والإكبار ثم سألنى وما يمنعك من إلقاء كلمتك أنت؟ قلت خشيت عدم التوفيق فى إلقاء هذه الكلمة وأرى نفسى دون هذا المقام التحدث فى هذه الجموع الكثيرة من الشباب فأجابنى إجابة شفت صدرى ودفعتنى إلى إكبار هذا الأخ الكريم فى قوله " لقد حرمت نفسى من شهوتها فى إلقاء هذه الكلمة وعليك أن تجاهد نفسك بإلقائها فتحارب فى نفسك نزعة الرهبة وخشية نقد الناس وبذلك ينتصر كل منا على نفسه.."!


ويقول عباس السيسي:


وجاء يوم الفراق وتحدد موعد السفر إلى الإسكندرية وعلى محطة السكة الحديد التي نزلت فيها منذ ثلاث سنوات ولا أحد في انتظاري أري اليوم جمعا كبيرا من الإخوة الأحباب على رأسهم الأساتذة " فهمي أبو غدير وأحمد بالغ ومحمد سالم والحاج محمد النشار " فضلا عن هذا الشباب الذي آمن بالدعوة وربط الله بين قلوبنا برباط الإخوة في الله والحب فيه وغيرهم من الذين تآلفت أرواحنا وقلوبنا معهم فعز علينا الفراق كما حضر بعض الإخوة الفضلاء من زملاء العمل وبينما كانت الأبدان تتعانق كانت القلوب تهتف بالحب في الله والأرواح تتنادي بالثبات على طريق الله . وتحرك القطار وبعد عن الأنظار وجلست أستعيد هذا المشهد الكريم الذي صنعته دعوة الإسلام.


أبو غدير مرشحا برلمانيا

اعتمد مجلس الشورى مشاركة الإخوان في الانتخابات البرلمانية حيث جاءت أول مشاركة من قبل الإمام حسن البنا عام 1942م في وزارة النحاس باشا، ثم عام 1945م في وزارة أحمد ماهر باشا. وحينما حلت الجماعة وخرج الإخوان من السجون تولى حسين سري بعد إقالة إبراهيم عبدالهادي فعمد إلى إجراء انتخابات حرة في 3 يناير 1950م فدعم الإخوان حزب الوفد والذي فاز 225 مقعدا وشاركوا مشاركة رمزية كان فهمي أبو غدير واحد من مرشحي الإخوان.


حيث ذكر ذلك في مقدمته لرسالة قضيتنا بقوله:


كنت شخصياً أحد الضحايا فقد رشحت نفسي ضد الأستاذ حامد جودة عن دائرة (درنكة أسيوط) استجابة لطلب الإخوان فكانت فرصة طيبة لإعطاء الشعب فكرة واضحة عن الإخوان غايتهم ووسيلتهم والمبادئ والقيم التي يدعون لها وصورة مجسدة عما قام به حزب السعديين من وسائل الإجرام والإرهاب


ولقد قوبل ترشيحي بقبول حسن مما دفع خصمي أن يدفع بسخاء للناخبين لأول مرة في تاريخه السياسي ويشهد الله أنني صارعته فصرعته ولكنه الغش والتزوير أظهر نتيجة لا تعبر عن الحقيقة وقد ذكر الأستاذ "محمد هاشم" وزير الداخلية الذي أجري الانتخابات أننا (لم نستطع الذهاب لمنازلنا إلا بعد أن أخطرنا السراي في ساعة متأخرة من الليل بسقوط مرشح الإخوان بأسيوط).


يقول عباس السيسي:


فتحت حكومة حسين سري باشا باب الترشيح لانتخابات مجلس النواب وقد رشح بعض الإخوة أنفسهم ومن الذين رشحوا أنفسهم في أسيوط الأخ الأستاذ فهمي أبو غدير في دائرتين وكان منافسة في أسيوط الأستاذ محمد توفيق خشبة (سعدي) ومنافسه في دائرته (درنكة) الأستاذ حامد جوده (سعدي)


وقام الإخوان في أسيوط بمجهود كبير للدعاية لمرشحهم بكل الوسائل المتاحة كطبع الإعلانات وكتابة اليفط بصور مختلفة ومثيرة كذلك استخدموا الدعاية في (الفانوس السحري) و(الطائرات الهوائية المضاءة ببطارية صغيرة تحمل اسم الأستاذ فهمي أبو غدير) كما أقمنا المؤتمرات وألقينا الخطب في المساجد.


وحين أراد الأستاذ فهمي أن يخرج في مسيرة انتخابية منعته وزارة الداخلية حفاظا على الأمن ولما ألح في مطالبته وافقت الداخلية مشترطة ألا تزيد المظاهرة عن عشرين فردا فوافق على ذلك وخرجت المظاهرة من مكتبه ملتزمة بالعدد وعندما مر على احدي المقاهي ليحي الناس كانت هناك مجموعة من الإخوان في انتظاره فخرجت معه فتجاوز العدد الخمسين


وفي الطريق كانت احدي الفرق في موكب خاص فانضمت إلى المسيرة فصار العدد أكثر من مائة كما انضم عدد آخر إلى المسيرة كل هذا والبوليس في حيرة من أمره وعندما وصلت المسيرة حي القيسرية كانت هناك جماعة تقف بالمشاعل وفور دخولنا هذه المنطقة انضمت جماعة المشاعل فكان لها وقع جميل أعطتنا دفعة حماس وما كدنا نصل إلى النهاية المحددة للمسيرة حتي كان عدد المتظاهرين يزيد عن 500


وقبل أن نصل إلى حي شركة قلته إذا بمدير أمن أسيوط يحضر ويطلب من الأستاذ فهمي أبو غدير أن يطلب من الإخوان الانصراف فقام الأستاذ فهمي وألقي خطبه حماسية طلب في نهايتها من الإخوان الانصراف في هدوء فانصرفوا مشكورين ليعودوا إلى نشاكهم في تبصير الجماهير كما حضر من القاهرة الأخوين الشيخ يوسف القرضاوي


والشيخ أحمد العسال للمشاركة في الدعاية الانتخابية . وكانت نتيجة الانتخابات الإعادة في (درنكة) بين الأستاذ فهمي أبو غدير وبين الأستاذ حامد جودة رئيس مجلس النواب السابق وفي الإعادة لم ينجح أحد من مرشحي الإخوان في جميع الدوائر والسبب معروف.


وهو ما أكده الدكتور يوسف القرضاوي في مذكراته بقوله:


رُشِّح الشيخ الباقوري في دائرة القلعة، والأستاذ طاهر الخشاب في العباسية، والأستاذ مصطفى مؤمن في الجيزة، والأستاذ علي شحاته في شبرا، والشيخ عبد المعز عبد الستار في فاقوس، والأستاذ فهمي أبو غدير في الوسطى وأسيوط. وكنا ننتقل من دائرة إلى أخرى لنشارك في المسيرات المؤيدة، أو في حملات الدعاية؛ بدافع من أنفسنا، ورغبة صادقة في مساندة إخواننا، الذين لا يملكون من وسائل الدعاية والتجنيد ما يملك خصومهم المرشحون.


ثم إن الإخوان طلبوا إليّ أن أسافر إلى أسيوط لأسهم في تأييد مرشح الدعوة المحامي فهمي أبو غدير، الذي رشح نفسه في دائرتين: دائرة الوسطى، ومنها (درنكه) بلدة حامد جودة النائب السعدي الكبير، ووكيل مجلس النواب السابق، وقال الأستاذ أبوغدير: إن قصدي ليس النجاح، ولكن إحياء الدعوة في الدائرتين، وكان معي في هذه الرحلة الأخ أحمد العسال.


أبو غدير من البنا للهضيبي

ذكر الأستاذ حسن العشماوي أن الأستاذ محمد فهمي أبو غدير لم يتم اعتقاله ضمن من اعتقل من الإخوان في محنتها عام 1948م وكان ضمن المحامين المدافعين عن أفرادها. وحينما عهد الإمام البنا بشئون الجماعة إلى الشيخ أحمد حسن الباقوري اتخذ من مكتب الأستاذ فهمي أبو غدير بالعباسية مقرا له.


فيقول أبو غدير:


انتقلت إلى القاهرة للعمل مع الشيخ الباقوري مرشد الإخوان المؤقت والمرحوم منير الدلة أمين الصندوق وانتهي بي المطاف إلى مكتب العباسية.. كنت استقبل فيه أقارب المعتقلين والمسجونين المتهمين وباشرت خدمة قضايا (مقتل النقراشي، سيارة الجيب، الأوكار، الشروع في قتل حامد جودة)


نشتري الملف المطبوع من قلم النسخ بمحكمة الاستئناف فتنسج منه (بالرونيو) العديد من النسخ التي تسلم لحضرات الزملاء المحامين الذين نوكلهم للدفاع عن المتهمين.. هذا الأمر جعلني اقرأ كل كلمة في هذه الملفات فأتيحت لي فرصة دراسة القضايا بتعمق فظهر لي بوضوح أن اتهام الجماعة بالانحراف وبقلب نظام الحكم بالقوة اتهام مفتعل وملفق مزيف.


وحينما خرج الإخوان من السجون وسعوا إلى اختيار مرشدا عاما للجماعة ووقع الإختيار على المستشار حسن الهضيبي كان أبو غدير واحد من الذين سعوا إلى إقناع المستشار بقبول المنصب كما ذكر الأستاذ إسماعيل الهضيبي


حيث يقول:


(وقبل توليه تردد عليه إخوان كثيرون منهم الأستاذ منير دله والأستاذ سعيد رمضان والأستاذ حسن عشماوي والأستاذ صالح عشماوي والأستاذ فهمي أبو غدير ... هؤلاء أذكرهم يقينا .. وقد كان والدي رافضا منصب " المرشد" لفترة طويلة لأنه كان يري للمنصب أعباؤه ... وربما لا تساعده صحته فى القيام بهذه الأعباء على الوجه الأكمل ... وهي أمانة ظل الإخوان يترددون عليه مدة طويلة تي شرح الله صدره ووافق وكان ذلك فى عام 1950م).


وذلك بعدما سافر الأستاذ محمد فريد عبدالخالق لأسيوط لإعلام أعضاء الهيئة التأسيسية باختيار المستشار الهضيبي حيث يقول أبو النصر:


ولكن الإخوان والوا زيارتهم وأخذت الرسل تنتشر في الأقاليم تحمل اختيار الإخوان الكبار لفضيلته وبالفعل جاءنا في أسيوط الأخ المجاهد الأستاذ فريد عبد الخالق يحمل معه عريضة كتبت وموقعا عليها من إخوان كثيرين من أعضاء الهيئة التأسيسية لاختيار الأستاذ المستشار حسن الهضيبي مرشدا عاما للإخوان المسلمين، وعندما قدم إلي الأخ الأستاذ فريد عبد الخالق العريضة


وطلب مني الاطلاع عليها والتوقيع بالموافقة كان لي موقفا أري من الأمانة أن أسجله ، وهو أنني رفضت التوقيع بسبب أنني لم ألتق بالمستشار الهضيبي ولا أعرفه، مع أن أغلب أعضاء الهيئة قد وقعوا سيما الممثلين لمنطقة محافظة أسيوط وهم الأستاذ فهمي أبو غدير المحامي والأخ المجاهد المرحوم الشيخ أحمد شربت، والأخ المجاهد المرحوم الأستاذ حامد شربت والأخ المجاهد الحاج هاشم خليل.


ويؤكد ذلك الأستاذ عباس السيسي:


جاءنا في أسيوط وفد من الإخوان بالقاهرة على رأسه فضيلة الشيخ البهي الخولي وقابلوا فضيلة الشيخ أحمد شريت مفتش الوعظ والأستاذ فهمي أبو غدير وتحدث معهما بشأن ترشيح الأستاذ المستشار حسن الهضيبي مرشدا عاما للإخوان المسلمون ثم تم لقاء موسع بينهم وبين مجموعة من الإخوان وعرضوا عليهم الأمر الذى طالت فيها المناقشة حيث أن الأغلبية من الإخوان لم يعرفوا عن الأستاذ حسن الهضيبي شيئا من قبل.


لم يستمر كثير عضوا في مكتب الإرشاد حيث تم اختيار الأستاذ محمد حامد أبو النصر ممثلا عن الصعيد. لكن الأحداث تثبت تواجد أبو غدير في مركز القيادة في الجماعة. فحينما أراد الإخوان التقدم للحكومة بإنشاء حزب تم اختيار محمد حسني عبد الباقي ممثلا للقاهرة والدكتور محمد خميس حميدة ممثلا للوجه البحري ومحمد فهمي أبو غدير المحامي ممثلا للوجه القبلي غير أن الأمر لم يتم وظلت الجماعة هيئة إسلامية جامعة.


أحداث المنشية ونهاية القصة

كان تدافع الأحداث في 1954م ينذر بصدام عنيف بين الإخوان وبعض قادة مجلس قيادة الثورة على رأسهم عبدالناصر، وهو ما تحقق بالفعل حينما اختلق حادثة المنشية واتخذها مسوغ ومبرر لتوجيه ضربة لجماعة الإخوان بل وكل خصومه في الجيش وغيرها.


حيث تم اعتقال آلاف من قادة وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين ومنهم الأستاذ محمد فهمي أبو غدير الذي اعتقل في 19 نوفمبر إلا أنه لم يبق في السجن كثير حيث قررت المباحث العامة الإفراج عنه وعن الأستاذ صالح عشماوي. لم نستطع معرفة جيدة عن أخبار الأستاذ فهمي أبو غدير بعدما تم الإفراج عنه، لكن يبدو أنه انخرط في عمله في المحاماه والتزم الصمت بسبب وضع البلاد التي كانت تمر به.


ولم نقف على حقيقة تركه الإخوان أو الاستمرار فيها، لكنه عام 1978م وجدناه أخرج رسالة قضيتنا وقدم لها بمقدمة شرح فيها ما وقع في هذه الأيام قبل أغتيال الإمام الشهيد حسن البنا. ويرجح أنه توفى في أواخر السبعينيات أو بداية الثمانينات، خاصة بعدما انتهى من رسالة قضيتنا، ويتضح من السياق أنه ظل وفيا لدعوته ولم يبدل أو يهاجمها أو يهادن عبدالناصر أو السادات على حساب دعوته.


من كتاباته

في عام 1978م كتب الأستاذ محمد فهمي أبو غدير مقدمة لرسالة قضيتنا التي شرح فيها الإمام البنا ظروف الحل وفند الاتهامات التي أرودها عبدالرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية.


حيث شرح أبو غدير كثير من الأحداث في هذه المقدمة والتي جاء فيها:


بـِسْــمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيـمِ


سعدت بصحبة أستاذي ال أستاذ البنا في مكة موسم حج 1367 هـ 1948 م وتوثقت الصلة بيني وبين أحد النجديين المتحركين المتصلين.. نصحني لله ألا أعود لمصر هذا العام الاعتقالات والسجون والمنافي والمحاكمات والمشانق والاغتيالات في انتظاركم  !! وعهد الله أنني أجوب معك نجد والحجاز داعين إلى درب الإخوان المسلمين..


تبسم الأستاذ البنا عندما سمع بذلك.. "ألا تعلم أن الحكومة السعودية لم تسمح لي بالحج هذا العام إلا بعد أن تعهدت بعدم الخطابة والكلام في السياسة" "قلت بلي.. " فكيف تسمح بالدعاية للإخوان؟ أما الذي سنلقاه في مصر فكم يؤرقني مجرد التفكير فيه ما دام على رأس الحكومة صاحب العقل (المصفح) كان الله في عون الإخوان في مصر.


عاد فضيلته في أخر نوفمبر 1948 وكنت في استقباله مع الحاج عبده قاسم السكرتير العام للجماعة وصحبته إلى المركز العام حيث هدأ النفوس وحذّر من خطورة الاصطدام وبادر بمقابلة وكيل الداخلية (عبد الرحمن عمار) ليوضح له وجه الحق فيما ظن بالإخوان .. وحاول أن يقابل النقراشي فلم تتم المقابلة.. وسط كل من يعرف أن له صلة بالحكومة ومفكرة الإخوان سنة 1368 التي وجدت في جيبه عشية اغتياله توقفنا على المحور الذي دارت حوله تحركاته..


أرسلني بصحبة الشيخ أحمد شريت إلى نائب دائرتنا الانتخابية (الأستاذ حامد جودة) رئيس مجلس النواب والمشرف على جريدة السعديين (الأساس) اعتذرنا عن المهمة إذ كنت هاجمته في آخر عدد ظهر من الجريدة اليومية في 2/12/1948 فقال (قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يرجعون) أحسن الرجل استقبالنا وهش لنا ورحب.. وعندما فاتحناه بمهمتنا اعتذر وصمم على ذلك.. رجعنا نقص قصتنا مع نائبنا.. فقال "إن قرار الحل في الطريق.. وكيل الداخلية يعد مذكرة بمبررات الحل فصبر جميل والله المستعان".


في 8/12/1948 صدر الأمر العسكري رقم 63 لسنة 1948 بحل "جمعية الإخوان المسلمين" فورًا نشرته الصحف ومعه مذكرة وكيل الداخلية معدًد تهمًا نسبها للإخوان وطبع الأمر والمذكرة بالمطبعة الأمرية وزعها على التجار والموظفين والطلبة والعمال ونشر في عدد خاص بالوقائع المصرية العدد 168 لسنة 120 وأذيع بالراديو (وضم أخيرًا إلى تحقيق مقتل النقراشي) وفي الحال عطلت الحريات


وتم الاستيلاء على المركز العام وقبض على جميع من فيه عدا المرشد إذ لم يصدر أمر اعتقاله ! ؟ ؟ صادروا أموال الإخوان الخاصة في البنوك وشركاتهم ومؤسساتهم ومدارسهم ومستوصفاتهم واخرج البوليس بالقوة عشرين مريضاً داخلياً بمستشفي الإخوان الشعبي بالعباسية كان معمولاً لهم عمليات جراحية لم تلتئم بعد..


بادر المرشد بكتابة مذكرة رد بها على وكيل الداخلية فند كل ما جاء بها والقمة الحجر. ولكنها لم تنشر بل كل من وجدت معه قبض عليه لمحاكمته أو اعتقاله وإذًا للرأي الآخر !! لقد حكم بالإعدام على أكبر هيئة إسلامية وقضي على شخصها المعنوي ولم يسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم وبعد عشرين يومًا في 28/ 12/ 1948 قتل الحاكم العسكري في وزارة الداخلية وهو يهم بدخول المصعد قتله طالب بكلية الطب البيطري اسمه (عبد الحميد أحمد حسن) وكان مرتديًا بدلة ملازم.


كل الوسائل والأساليب لم تحمل القاتل على الاعتراف بشيء وقابله شيخ الأزهر الشيخ الشناوي ليلا بسجن الأجانب حاوره وأطلعه على بيان علماء الأزهر بحرمة القتل وأن قاتل النفس مخلد في النار (نشر بأهرام 3 / 1 / 1949 وضم إلى تحقيقات قضية مقتل النقراشي) ومع ذلك لم يهتز..


قالوا له أن الأستاذ البنا لا يقر الجريمة ولا يرضي عنها.. لا حظوا أن هذا القول شد انتباهه فبيتوا أمرهم بليل ولجأوا إلى الأساليب الملتوية ليحصلوا من الأستاذ البنا على استنكار للجريمة بقصد التأثير على القاتل عساه يحل عقدة لسانه كان الاتصال قد تم بين بعض الوزراء و فضيلة المرشد - عن طريق صالح باشا حرب رئيس الشبان المسلمين - بشأن التعاون


حتى تهدأ الحال في وقت كانت آلاف الأسر قد سجن أو اعتقل عائلها ومرتبات الموظفين وأجور العمال قد حجزت وأوقفت والأموال الخاصة في البنوك قد جمدت والمنازل فتشت ونهب الزبانية ما بها من نقود واستولت الحكومة على المتاجر والشركات والمؤسسات والويل كل الويل لمن يقدم لهم المساعدة.. كيف تعيش هذه الأسر وأن استمرت الحال فستكون كارثة.


هكذا كان يردد الإمام الشهيد الذي بات يشعر بوطأة المسئولية وثقلها. إنه يعتبر نفسه المسئول عن هؤلاء إنه مؤرق متألم، حزين حائر فلا هو بقادر على أن يقدم لهم العون وإن استطاع فأنى له ذلك والحكم العرفي له بالمرصاد ولا يسمح له بشيء بل يعتقل كل من اتصل به.. فهل إلى إنقاذهم من سبيل؟؟ لقد أقلقه أن أبناءه وإخوانه قد تدهورت صحتهم بسبب إلقائهم على الأسفلت في الأقسام والمعتقلات وبسبب حرمانهم من الغذاء والغطاء..


ويا ويل من يقدم لهم شيئًا من ذلك وإن استطاع بعضهم بأسلوب أو بآخر أن يقدم لهم شيئا فلا يصل إليهم بل يأخذه ويتمتع به غيرهم من الزبانية. كيف يحيي هؤلاء هذه الحياة إنهم لم يتعودوها وليس في طاقتهم أن يتحملوها.. وكلما سمع المرشد بشيء من ذلك غص وتألم..


وقد وصفه الكاتب الأمريكي في كتابه حسن البنا الرجل القرآني بقوله :


"وكان لابني لحظة عن محاولة استخلاص أنصاره من الأسر وكان يبلغ به الأمر مبلغه.. فيستيقظ في الليل ويضع كلتا يديه على أذنيه ويقول: أنني أسمع صياح الأطفال الذين غاب آباؤهم في المعتقلات".


وعدوه بالإفراج عن بعض المعتقلين وطالبوا منه كشفا بأسماء المطلوب الإفراج عنهم كما وعدوه بإعادة المفصولين إن كتب يستنكر الجريمة.. في هذا الجو وتحت تأثير الرغبة الملحة في إنقاذ أبنائه المعذبين المهددين بالخطر في حياتهم وأرزاقهم، كتب - وهو سليم دواعي الصدر - يستنكر الجريمة كأسلوب.


وفي 13/1/1949 شرع "شفيق إبراهيم أنس" في نسف الدولاب الذي وضعت فيه أوراق تحقيق قضية السيارة الجيب فقبض عليه وعلى 300 أخ من القاهرة واتخذت الصحف من الحادث مادة للتشنيع بالإخوان فخرجت بعناوين ملونة مثيرة تصف الحادث بأنه شروع في نسف محكمة الاستئناف كلها ومكتب النائب العام ووكلائه والقضاة والموظفين والمتقاضين لتستعدي هذه الفئات ضد الإخوان.


ولما كان المرشد لا يعلم عن الحادث إلا ما كتبته الصحف ولم يكن التحقيق قد أظهر الحقيقة بعد!! في ظل هذا الجو وهذا التهويل المزيف طلب السادة الوزراء منه أن يكتب استنكاراً آخر لكي يمكنهم الإفراج عن المعتقلين طبقا للكشف المقدم منه فكتب يستنكر الجريمة في شتى صورها وتسلمه (الناغي) الذي أسرع ليعطيه لقريبه رئيس الوزراء فتلقفه وكيل الداخلية ولكنه لم ينشر..


وبعد اغتيال المرشد بأيام خرجت جريدة السعديين (الأساس) على الناس بهذا الاستنكار منقولاً بالزنكوغراف لتقول زوراً وبهتاناً : إن الإرهابيين هم الذين قتلوه وما قتله - علم الله - إلا رجال الداخلية لحساب السراي والسعديين كما أظهر تحقيق النيابة وحكم المحكمة.


وكتب فضيلته قبيل اغتياله آخر ما كتب في حياته (قضيتنا) موضحاً وجهة نظرة وقد نشر (الوثيقة الأولي) .. الكثير منها بالصحف الحزبية أثناء المعركة الانتخابية سنة 1949 فساهم في إسقاط المرشحين من حزب السعديين عدا قلة منهم نجحوا بالغش والتزوير وكنت شخصياً أحد الضحايا فقد رشحت نفسي ضد الأستاذ حامد جودة عن دائرة (درنكة أسيوط)


استجابة لطلب الإخوان فكانت فرصة طيبة لإعطاء الشعب فكرة واضحة عن الإخوان غايتهم ووسيلتهم والمبادئ والقيم التي يدعون لها وصورة مجسدة عما قام به حزب السعديين من وسائل الإجرام والإرهاب ولقد قوبل ترشيحي بقبول حسن مما دفع خصمي أن يدفع بسخاء للناخبين لأول مرة في تاريخه السياسي


ويشهد الله أنني صارعته فصرعته ولكنه الغش والتزوير أظهر نتيجة لا تعبر عن الحقيقة وقد ذكر الأستاذ "محمد هاشم" وزير الداخلية الذي أجري الانتخابات أننا (لم نستطع الذهاب لمنازلنا إلا بعد أن أخطرنا السراي في ساعة متأخرة من الليل بسقوط مرشح الإخوان بأسيوط).


وفي 12/2/1949 - 14 ربيع الثاني 1368 ولمناسبة عيد ميلاد الملك المخلوع استدرجوا شهيد الإسلام إلى جمعية الشبان المسلمين ليسمع من "الناغي" أخباراً.. لكنه لم يسمع إلا طلقات الرصاص من رجال الداخلية تدوي وتصيب.


ثم يهربون في سيارة رئيسهم - مدير إدارة المباحث الجنائية - وتحت حمايته وراح الملك المخلوع - كما جاء في تحقيق النيابة - يتحدث إلى أصدقائه بالتليفون (حسن انضرب بالرصاص وحالته خطرة) ويرسل من يخلص عليه في قصر العيني ولكن رؤي أن يترك جرحه ينزف ففاضت روحه إلى بارئها وكان آخر كلامه : لا إله إلا الله.


وكذلك جاء في تحقيق النيابة أن السراي تلقت "التبريك" من وزارة الداخلية وقد حظي رجالها بالهدايا والمكافآت بعد أن كانوا قد صرفوا لهم من المصاريف السرية حوالي 1000 جنية خلاف الملابس التي اهديت لهم من السعديين الذين خلعوا ملابس الحداد.


وأراد وكيل الداخلية تشييع الجثة من المشرحة إلى المقبرة ولكن والد الشهيد تمكن بعد جهد من استلام الجثة لتجهيزها وتشييعها بدون احتفال، وزرعت الحلمية برجال البوليس الذين سدوا كل مدخل يؤدي إلى منزله ولعدم السماح بوصول رجال - أي رجال - قام الوالد نفسه بتجهيز الجثة وخرج النعش محمولا على أكتاف النساء!!!.


وبدأ تحقيق الحادث ولكن على استرخاء والقتلة يسرحون ويمرحون ورجل القسم السياسي (الجزار) يعين الجناة بإخفاء رقم السيارة التي هرب بها الجناة ويسخر لهذه المهمة القذرة -للأسف الشديد - أحد رجال التعليم الجامعي بقصد تجهيل رقم السيارة لإبعاد الشبهة عن الجناة كما جاء بمذكرة رئيس النيابة الأستاذ "فؤاد سري" وقد قامت جريدة المصري بجهد في هذا الشأن يذكر فيشكر إذ نشرت الرقم الصحيح للسيارة التي هرب بها الجناة مما عرضها للمصادرة والفضل في ذلك يرجع إلى الأستاذ أحمد أبو الفتح الأستاذ مرسي الشافعي و محي الدين فكري.


وفي يوليو 1949 آخر رمضان 1368 سقطت وزارة عبد الهادي، وأشاع الملك المخلوع: أن هدية العيد للشعب هي إسقاط وزارة الإرهاب !! وجاءت وزارة سري الأولى تخفف من الإرهاب الحكومي.. فبدأت تفرج عن المعتقلين وتخفف من القيود.


انتقلت إلى القاهرة للعمل مع الشيخ الباقوري مرشد الإخوان المؤقت والمرحوم منير الدلة أمين الصندوق وانتهي بي المطاف إلى مكتب العباسية.. كنت استقبل فيه أقارب المعتقلين والمسجونين المتهمين وباشرت خدمة قضايا (مقتل النقراشي، سيارة الجيب، الأوكار، الشروع في قتل حامد جودة) نشتري الملف المطبوع من قلم النسخ بمحكمة الاستئناف


فتنسج منه (بالرونيو) العديد من النسخ التي تسلم لحضرات الزملاء المحامين الذين نوكلهم للدفاع عن المتهمين.. هذا الأمر جعلني اقرأ كل كلمة في هذه الملفات فأتيحت لي فرصة دراسة القضايا بتعمق فظهر لي بوضوح أن اتهام الجماعة بالانحراف وبقلب نظام الحكم بالقوة اتهام مفتعل وملفق مزيف..


إن الأستاذ البنا قبل اغتياله كتب يقول:


(إن الدليل القاطع الدامغ ينادي ببراءة الإخوان من هذا الاتهام، فهذه دورهم وشعبهم وأوراقهم وسجلاتهم ومنشآتهم قد وضعت كلها تحت يد البوليس فلم يعثر في شيء منها على ورقة واحدة تصلح أن تكون دليلا أو شبه دليل على هذا الانحراف المزعوم - الوثيقة الثانية)


أمام هذا التحدي الصريح راح وكيل الداخلية يجري من رئاسة الوزراء إلى مكتب النائب العام ليعلن أنه عثر على أوراق خطيرة فيها الدليل على قلب نظام الحكم ومبايعة رئيس الجماعة خليفة للمسلمين ! أراد أن يربط (بالقوة لا بالفعل) هذه الأوراق بعجلة سيارة الجيب.


إذن - فاتهام الجماعة بقلب نظام الحكم يستند على هذه الأوراق ! ! فتطوعت بالدفاع عن المتهم صاحب هذه الأوراق، وبينت في مرافعتي أن الإخوان ما فرقت دعوتهم أبدًا بين السياسة والدين ومن ظن أن الإسلام لا يعرض للسياسة فقد ظلم نفسه وظلم علمه بالإسلام..


وأن الأوراق المضبوطة كتبها طالب يخطئ في فهم آيات كتاب الله ويخلط بين السلطان والخليفة وأن ما بها من آراء ليست بآراء إسلامية فهو يقول على الله ما لا يعلم أنه حاطب ليل حمل حطبًا فيه أفعى وهو لا يدري فلدغته ولدغتنا.. إنها بمستواها وعباراتها وبما فيها من آراء لا تصلح أن تكون دستورًا تحكم به الجماعة بعد قلب نظام الحكم أنها تصلح فقط أن تكون مقالاً إنشائيًا لينشر في مجلة الطلبة.


وكان أول الغيث الحكم الذي أصدرته محكمة الجنايات بالقاهرة التي نظرت قضية السيارة الجيب 17/3/1951 في القضية 3249 / 1950 الوايلي 227 / 950 ك كان الحكم - فعلاً - باكورة الأحكام العادلة التي تعتبر بحق عنوان الحقيقة لقد برأت الإخوان من تهمة الانحراف عن الدين إلى السياسة فقالت أن الاتهام (لا يتفق مع الحقيقة المعلومة من أن الإسلام دين ودولة)


ورددت قول شهيد الإسلام (من ظن أن الإسلام لا يعرض للسياسة وأن السياسة ليست من مباحثه فقد ظلم نفسه وظلم علمه بالإسلام أما عن تهمة قلب نظام الحكم المستندة على مقال موكلي سليمان مصطفي عيسي فقد استبعدتها المحكمة قائلة: "هذا الذي ذهب إليه الاتهام فيه تحميل لألفاظ المقال أمورًا لا تحتملها وفيه استنتاج لا أساس له على الإطلاق.. وتصبح تهمة الاتفاق الجنائي على قلب نظام الحكم لا سند لها من واقع التحقيق أو الأوراق".


وقد أدانت الحاكم العسكري بالعبث والتدخل في التحقيقات في غية النيابة وسجلت وقوع تعذيب على المتهمين:


(.. فإن حريات الأفراد يجب أن يكون لها حدود تقيها من العبث أيًا كان مصدره وألا يترك أمر استجواب المتهمين - المقبوض عليهم - فوضي يتولاه تارة المحقق وطوراً الحاكم العسكري صاحب السلطان الأكبر وذلك في غيبة المحقق وعلى غير علم منه وبدون إخطاره بما تم بشأن الاستجواب..


وتري المحكمة أن كتابة الطلب الخاص بالاعتراف.. قد شابته عوامل غير عادية قد تكون تعذيباً كما زعم المتهم أو على الأقل إغراءً وتحريضًا.. لا تعول عليه المحكمة.. وأن هذه المحكمة تري أن إطلاق يد رجال البوليس في معاملتهم للمتهمين.. هذه السلطة المطلقة لا تتفق وما كفله القانون للمتهم من حرية الدفاع عن نفسه والإدلاء بأقواله قي جو بعيد عن شتى المؤثرات).


وفي يونيو سنة 1951 أصدرت وزارة الداخلية قراراً بشراء دار المركز العام للإخوان المسلمين ولما كان القرار باطلاً ومخالفاً للقانون ومجافياً للعدالة رفع المرحوم عبد الحكيم عابدين دعوى يطلب وقف تنفيذ هذا القرار الباطل المجافي لأحكام القانون وقد استعرضت المحكمة موضوع الدعوي وانتهت فيه إلى مبادئ قانونية عادلة نكتفي منها بما يعنينا في هذا المجال:


المبدأ الأول: أن جمعية الإخوان المسلمين تكونت في ظل ذلك الحق الأصيل في تكوين الجمعيات الذي أعلنه الدستور وقرر قيامها فاكتسبت صفتها القانونية كما تمتعت بشخصيتها المعنوية منذ تكوينها وفق المبادئ المقررة وبذلك استوت في ظل أصول القانون الخاص - خلقاً سويًا متكاملاً.


المبدأ الخامس: أن جمعية الإخوان المسلمين كشخص معنوي باقية رغم صدور الأمر العسكري 63 لسنة 1948 محتفظة بكينونتها القانونية ويحق لها بسقوطه أن تسترد نشاطها وتعود إلى سيرتها ومنهاجها.


المبدأ التاسع: أن يد الحكومة على أموال جمعية الإخوان المسلمين يد عارضة فهي في حراسة المندوب الخاص وبسقوط الأمر العسكري بانتهاء مدته ترتفع يده وتبطل سلطته.


وأدانت وزارة الداخلية واعتبرت قرار شرائها للمركز العام قد وقع على غير محل صحيح واستند إلى أساس باطل ومن ثم يكون المدعي محقًّا في طلب وقف تنفيذه بشأن دار اشتراها الإخوان بأموالهم وقد اشترك فيها صغيرهم وكبيرهم وغنيهم وفقيرهم رجالهم ونساؤهم بل ساهم في ثمنها سيدات فضليات بحليهن ومصاغهن - أن المحكمة حكمت بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الخاص بدار الذكريات دار الجماعة ودار الدعوة القائمة إلى يوم الدين وقد أصدرت هذا الحكم في 17/9/1951 دائرة وقف التنفيذ برياسة المستشار (محمد سامي مازن) وقد أحالت في حيثياتها إلى الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة في قضية السيارة الجيب.


وبعد سنة من صدور هذا الحكم الخاص بدار الذكريات أصدر وزير العدل - بعد خلع الملك - كتابًا سريًّا رقم 683 في 17/9/1952 لندب مستشار من مستشاري محكمة استئناف القاهرة لتحقيق قضية الجناية رقم 19 لسنة 1949 عسكرية عابدين الخاصة بمقتل المغفور له الشيخ حسن البنا وذلك استجابة لطلب حضرة النائب العام.


بدأ التحقيق يأخذ طابع الجد وقبض على المتهمين وظهر بوضوح ثبوت الجريمة على رجال الداخلية بتدبير الأميرالاي (محمود عبد المجيد) وتحريضه ومساعدته.. وكان ذلك لحساب السراي والسعديين الذين خلعوا ملابس الحداد ودغت جزار المباحث العامة بتضليل العدالة هو ومن سخره.. - كما ثبت أنه صرف لهذا الشأن حوالي "1000" ألف جنيه من المصروفات السرية - قدمتهم النيابة للمحاكمة مقبوضاً عليهم.


وكان الأستاذ المرشد قد رفع الدعوة 190 لسنة 53 أمام مجلس الدولة يطلب إلغاء الأمر العسكري 63 لسنة 1948.

وفي 30/6/1952 أصدرت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري حكمها بإلغاء الأمر العسكري 63 لسنة 1948 وقالت بما قالته محكمة جنايات القاهرة التي نظرت قضية السيارة الجيب وكشفت عما في مذكرة وكيل الداخلية من زيف وتغيير للحقائق وانتهت إلى إلغاء أمر الحل فقد تجاوز مصدره الحدود والحقوق وانحراف عن الدستور والقانون وعبث بالحريات وصادر الأموال


وفي سنة 1954 أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكمها بإدانة قتلة الشهيد من رجال الداخلية وبقبول الدعوة المدنية وحكمت بإلزام الحكومة بالتعويض المطلوب بالتضامن مع رجالها المتهمين. وهكذا تواكبت الأحكام المختلفة لتلتقي جميعها عند براءة هيئة الإخوان مما نسب إليها.


فالجماعة إذن لم تنحرف عن أغراضها المبينة في قانونها الأساس ولا هي ناهضت نظام الحكم ولا هي حاولت قلبه بالقوة والإرهاب فذلك استنتاج لا أساس له على الإطلاق وأن متطوعيها كانوا مثال البسالة وحسن المران والقيام بالواجبات


وقد شهد قائدا حملة فلسطين أمام محكمة الجنايات بسمو روحهم المعنوية وإلمامهم بفنون حرب العصابات وأن العدو كان يتفادى مواجهتهم لحرصهم على الموت - وسجلت الأحكام - وهي في نظر القانون عنوان الحقيقة - أن الحوادث التي حدثت وإن كانت وقعت من بعض المنتمين إليها إلا أنه لا يجوز أن تتحمل الهيئة وزرها وإثمها؛


وأدانت الحكومة بالافتراء ومخالفة الحقيقة فيما ذهبت إليه من اتهام الجماعة ودمغت الحاكم العسكري بتجاوزه كل الحدود والحقوق وانحرافه عن الدستور والقانون حين حل جمعية الإخوان وقضى على شخصها المعنوي وأعدم حياتها القانونية وصفى أموالها التي تتكون منها ذمتها المالية وألغت ما أصدر من أوامر عسكرية بهذا الخصوص.


وتوجت هذه الأحكام بصدور المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 الخاص بالعفو الشامل عن جميع الجرائم السياسية التي وقعت ما بين 26/8/1936 و 23/7/1952 - وكان العفو الشامل يمحو – بقوة القانون – الجريمة وعقوباتها الأصلية والتبعية، وجميع الآثار المترتبة عليها.


لذلك: أعيد الإخوان إلى وظائفهم التي فصلوا منها بل صرفت لهم مرتباتهم عن المدة التي أوقفوا فيها عن العمل لأنهم يستحقون التشجيع بل التمجيد على ما قاموا به من أعمال استهدفوا بها الصالح العام ألم تقل عنهم الأحكام أنهم من ذوي الأغراض السامية التي ترمي إلى تحقيق الأهداف الوطنية.


إن صوت الإمام الشهيد يدوي في سمع الزمن:


لو أن الأمور تسير في حدودها الطبيعية أن تنتظر الحكومة نتيجة التحقيق. ولو فعلت لجنبت البلاد الجور والظلم والإرهاب الحكومي وترويع الآمنين ولحافظت على سيادة القانون ولأبقت على حريات الأفراد وحقوقهم - ولحقنت الدماء ولأبقت على فلسطين عربية.


ولكنها لم تفعل وأصغت إلى المستعمرين المجتمعين في فايد لتسمع تضليلهم وتطيع أوامرهم فأعدمت أكبر هيئة إسلامية وصادرت الأموال الخاصة وقضت على الحريات واعتقلت الآلاف وسفكت الدماء وأزهقت الأرواح وأهدرت الكرامات وضيعت ثمرة انتصار الجيش ومكاسبه الاستراتيجية في فلسطين بقبول الهدنة وقضت على هيبة الجيش وسمعته إذ سلمته أسلحة وذخائر فاسدة وتركته محاصراً في الفالوجا.


والحق أن الجيشُ مني بخسائر فادحة أفقدته معنوياته بسبب الأسلحة الفاسدة والقرارات والأوامر السياسية!!! فقد ثبت من تحقيق النائب العام (محمد عزمي) أن الملك المخلوع وبطانته وحاشيته كانوا يتجرون بالأسلحة الفاسدة : إدارة الجيش تدفع الثمن والعمولات تقيد باسم فاروق ببنوك أوربا ورجال الجيش لهم الدمار ولتنفجر فيهم الذخائر والأسلحة الفاسدة تفتك بأرواحهم وتودي بحياتهم ولتحاصر بعض كتائبه كيف لا !! وأسرار الجيش وخططه كلها عند الإسرائيليين، كانت الأوامر تصدر من القاهرة طبقا للأوضاع السياسية تأثرًا بأوامر السادة المحتلين وبرغبات أصدقاء وصديقات السراي من البنات الاسرائيليات!!!.


كانت الأوامر سياسية وليست عسكرية ودون نظر إلى أوضاع المحاربين وأرواحهم ودون نظر إلى سمعة مصر وجيش مصر، وقد نقل عن قائد الحملة اللواء فؤاد الصادق باشا أنه قال: "لم يتعبني شرتوك إسرائيل بقدر ما أتعبني شراتيك القاهرة أن ما حدث من شراتيك القاهرة يهزم أعظم جيوش العالم".


أراد اللواء المواوي أن يستفيد من تجارب متطوعي الإخوان وقد خاضوا الكثير من المعارك الموفقة رأى هو وقواده وضباطه معه بعيونهم استبسال الإخوان ولمسوا معنوياتهم العالية فليستفيدوا من خبرتهم في حروب الليل وحرب العصابات والهجوم ومعاملة المستعمرات، إنهم يحرصون على الموت في سبيل الله فالقتال عندهم


كما قال أحد قواد الصهاينة - ليس وظيفة يمارسونها وفق الأوامر الصادرة إليهم بل هو هواية يندفعون إليها بحماس وشغف جنوني، إنهم يقاتلون ليموتوا، إننا لم نهاجم (صور باهر) لأن فيها قوة كبيرة منهم، إن الهجوم على مثل هؤلاء مخاطرة كبيرة ونحن لا نحب مثل هذه المغامرة المخيفة . إنهم ضحايا تعساء لوعد الإسلام لهم بالجنة التي تنتظرهم بعد الموت.


رأي اللواء المواوي في أكتوبر سنة 1948 بعد حصار الفالوجا أن يمد الإخوان الموجودين بفلسطين بكتيبتين جديدتين..، سجلت محاضر جلسات محكمة جنايات القاهرة التي نظرت قضية سيارة الجيب أن اللواء المواوي قد أعد خطة ليستعيد بها (الأسدود والمجدل) وليفك حصار (الفالوجا) أرسل بالخطة لرئاسته


وأوفد الشيخ فرغلي للجامعة العربية للتنسيق بينها وبين وزارة الحربية لإمداده بكتيبتين 1600 من الإخوان. بناء على ذلك استدعى عزام باشا إلى الجامعة الصاغ محمود لبيب قائد كتائب المجاهدين ليجتمع بالأميرالاي (أحمد بك منصور) ضابط الاتصال الذي اشترط في الكتيبتين أن تكونا من الإخوان بالذات


ويقول الصاغ محمود لبيب للمحكمة:


"أخذني (ضابط الاتصال) معه لوزارة الحربية حيث قابلنا البكباشي (صلاح صبري) مدير مكتب وزير الحربية الذي سألني : هل أخبروك بالمهمة : قلت نعم على أتم الاستعداد وكنا في يوم الأحد وتعهدت بأن يكون المتطوعون في هايكستب صباح الخميس، وقصدت المركز العام للإخوان المسلمين واتصلت تليفونيا بالمناطق أن ترسل كل شعبة متطوعًا من الإخوان يكون صباح الخميس بالهايكسبت". يا خيل الله اركبي!!


ولكن شيئًا من ذلك لم يتم؛ لأن النقراشي رفض كل ذلك وأمر بعدم التنفيذ ؟ ! وأصدر أمراً بالقبض على الشيخ فرغلي في 24/10/1948 وأخيراً تبين للنقراشي أن الشيخ مريض في مستشفي صدناوي فوضعت على حجرته بالمستشفي حراسة مشددة من 25/11/1948.


هل يعقل أن يسمح النقراشي بتنفيذ خطة المواوي والمستعمرون في فايد في 10 نوفمبر عام 1948 يستعجلون قرار حل الإخوان، وجريدة مصر تقوم بحملة تحريض مكثفة، فليبق الجيش محاصرًا بل يقتل جميعه وليحتل الصهاينة فلسطين وليسرح قائد الحملة المواوي في 11 نوفمبر 1948، وليقبض البوليس على سيارة الجيب في 15 نوفمبر 1948 بما فيها ومن فيها بعد أن كانت تغدو وتروح تحت سمع البوليس وبصره، ولتصدر الأوامر بتعيين اللواء أحمد فؤاد الصادق قائدا لحملة فلسطين ليعتقل متطوعي الإخوان فلهم الفناء والتعذيب والاعتقال والقبض والتنكيل والمحاكمات.


ولكن ليس من رأى كمن سمع، فلما رأي القائد الجديد متطوعي الإخوان وعرفهم على حقيقتهم، وأن أمر الحل لم يؤثر على روحهم المعنوية لم يعتقلهم بل أرسلهم - بعد قرار الحل – ليحموا العريش، واشتركوا في الدفاع عن موقع 86 في دير البلح.


ويقول أحمد فؤاد باشا للمحكمة:


"وأعطيتهم واجبا من الواجبات الخطرة فكانوا في كل مرة يقومون بأعمالهم ببطولة استحقوا من أجلها أن أكتب لرياسة مصر أطلب لهم مكافأة بنياشين، ولشجاعة بعضهم في الميدان ذكر اسمه في الأوامر العسكرية واتصلت بالحكومة.. وطلبت منها مساعدة هؤلاء بأن يعطوهم أعمالاً عند عودتهم، ويعاونوا أسرهم.. وعندما طلب مني اعتقالهم رفضت ووضعتهم تحت حراستي الخاصة.. وعوملوا معاملة كريمة لأنني اعتبرهم زملاء ميدان.. فهل عاملتهم الحكومة معاملة كريمة؟.


لقد حُلَّت جماعة الإخوان المسلمين في 8/12/1948 وغُيّبت في السجون والمعتقلات آلاف الشباب من الإخوان حتى لا يعارضوا وقف القتال النهائي والانسحاب من الميدان. واغتالت المرشد العام للإخوان المسلمين (في 12/2/1949)


حتى لا يناهض توقيع الصلح والهدنة الدائمة في رودس (في 24/2/1949) تحت تمثال آدم أو حواء - لا أدري - مع إسرائيل لتتكرم بالسماح لأبنائنا المحاصرين في الفالوجا أن يعودوا لأرض الوطن وليدخلوا القاهرة وعلى رأسهم الضبع الأسود وأركان حربه.. بين هتافات الجماهير وأهازيج المستقبلين ولتصدح الموسيقي وتعزف الحان العزة والنصر والفخار بدلاً من الحان الذل والهزيمة والعار.


ولا حول ولا قوة إلا بالله.


كما كتب تحت عنوان (الحياة بلا أمن لا تساوي شيء):


إذا امتلأت قلوب الناس خوفاّ وذُعراّ ، ونَزْعِ الأمن من البلاد ، لم يأمن الناس على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم وعاشوا في قلقٍ واضطراب ، فلا يجدون السعادة في جاه ولا مال ولا يهنئون بطعام ولا بشراب ولا يرتاحون بمنامٍ ، ولا يخشعون في صلاة وقد لا يتلذذون بطاعة ، فالحياة بلا أمن لا تساوي شيء ، والأمن نعمة في غاية الأهميَّة والخطورة لا يشعُر بها ولا يدرك قيمتها إلا من حرم منها.


فكيف يكون حالك لو غاب الأمن والنظام من بلدك وعم الخوف والرعب والفوضى ، لاشك أنك لا تأمن على ابنك لو خرَج إلى الشارع ، أو بنتك لو ذهبتْ إلى المدرسة فستخشى عليهماَ عدم العودة سالمين ، ولو ذهبتَ إلى عملك جلست قَلِقًا على أطفالك ومَحارِمك في المنزل، ولو سافرت بعيدا ولو قصيرا تتوجس خوفا من لصوص البيوت والسيارات وقُطَّاع الطُّرُق وغيرهم، لذلك فأن الأمن نعمة يجب علينا أن نشكر الله عليها وأنْ نسعى جاهدين للمحافظة عليها .


ولقد امتنَّ الله تعالى بنعمة الأمن على قريش حين أعرضوا عن دِين محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال سبحانه: (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ) القصص: 57 ، وبها دعاهم إلى الإيمان؛ فقال جلَّ ذِكرُه : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) "قريش: 3"


ومن قبل كان الأمن مطلب إبراهيم عليه السلام (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ) البقرة: 126 وكما من الله على رسوله وعلى المؤمنين بالأمن فقال تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الأنفال 26 .


والأمن والأمان شريعة من الله تعالى أمر بإقامتها ، وفريضة على الدولة والحكام فهم مكلفون بنشره في كافة ربوع الدولة وواجبهم تحقيقه ، وإخلال الأفراد بالأمن جريمة بل كبيرة من كبائر الذنوب ، فلقد حفِظت شريعةُ الإسلام العُقول وطهَّرتِ الأموال وصانت الأعراض وأمَّنت النفوس وكفلت للإنسان السلام والأمن والاطمئنان .


ولقد كفلت مواثيق حقوق الإنسان لكل فرد الحق في الحرية والأمن فلا يقبض عليه ولا يجوز توقيفه أو اعتقاله إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه ، ومن حق كل مقبوض عليه أو معتقا أن يتم أبلاغة بأسباب اعتقاله أو القبض عليه فور توقيفه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه ، وأن تظل كرامة الإنسان مصونة مهما كانت الجريمة التي ارتكبها وأيا كانت عقوبتها، وأنه لا يجوز حمل المتهم على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها .


وقد سبقت شريعة الإسلام تلك المواثيق فقررت حماية نفس الإنسان وبدنه وماله وتمتد هذه الحماية لتشمل المجتمع كله على اختلاف أجناسهم ومعتقداتهم وألوانهم هي ، وكما تحمي الفرد من عدوانه على نفسه وبدنه، فهي تحمي المجتمع كله وفرضت على ولي الأمر إقامة الحدود وإنزال القصاص بمن يستحقه من المعتدين على الأنفس والأبدان ، وقصرت هذا الواجب على ولي الأمر أو من ينيبه دون الأفراد حتى تنتفي الفوضى ولا يتحول القصاص إلى ثأر أو انتقام .


ولقد حرمت شريعة الإسلام تعذيب المجرم فضلا عن المتهم فقال صلى الله عليه وسلم : "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا" رواه الخمسة، ، ويبطل كل اعتراف أو إقرار ينتزع بوسائل التعذيب أو الإكراه فقال صلى الله عليه وسلم : "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجه بسند صحيح.


ويمتد الأمن ليشمل حياة الناس الخاصة فليس لأحد أن يقتحمها فلا يجوز دخول مسكنك ولا تفتيشه إلا بأمر قضائي ولا يجوز الإطلاع على لمراسلاتك البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال ولا تجوز مصادرتها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقا لأحكام القانون.


وفي الشريعة الإسلامية لا يجوز الاعتداء على حرمة المسكن لأنها اعتداء على حق الإنسان في حياته ، فلا يجوز لأحد أن يدخلها إلا بإذن صاحبها ، ولقد قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون، فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم، والله بما تعملون عليم) النور 27 و 28، ومن حرمة المساكن تحريم التجسس والتلصص على الساكنين فيها، فقال تعالى: (ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً) الحجرات - 12.


وأول ضمان لحماية الحق في الأمن هو الإنسان نفسه ، فيجب عليه أن يأبى المهانة ولا يرضى الظلم وان يتمسك بكافة حقوقه ولا يخش إلا الله ، لأن الله كرمة وفضله على سائر خلقه ، وعليه أن يصرخ رافضا أن تنتهك حرمته أو تقيد حريته أو تنتقص حقوقه ، فخير للمرء أن يموت حرا كريما من أن يحيى ذليلا مهانا ، وقد روى عَن عبد الله بن عَمْرو ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ : " إِذا رَأَيْتُمْ أمتِي تهاب الظَّالِم أَن تَقول : إِنَّك ظَالِم . فقد تودع مِنْهُم " .


وأن يفضح المعتدين أمام الرأي العام المحلي والدولي فيعلم وسائل الأعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية بوقائع التعدي عليه ، ويبلغ مراكز وهيئات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية بذلك.


وألا يترك الظالمين الذين تعدوا على نفسه أو بدنه أو ماله ، أو اقتحموا مسكنه وفتشوه دون أمر قضائي ، ويجب عليه ردعا وزجرا لهم أن يشكوهم إلى النيابة أو أي جهة أخرى مختصة ليتم محاكمتهم وليوقع عليهم أشد العقاب ، وله أن يرفع مظلمته إلى القضاء مطالبا بالتعويض عما لحق به من أضرار مادية وأدبية من جراء ذلك.


المصادر

  1. جمعة أمين عبدالعزيز: أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2008م.
  2. رسالة قضيتنا للإمام حسن البنا: تقديم فهمي أبو غدير، 1978م.
  3. محمود عبدالحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، جـ2، دار الدعوة الإسكندرية، 1999م.
  4. عباس السيسي: في قافلة الإخوان المسلمين، جـ2، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
  5. محمد عبدالحميد أحمد: ذكرياتي، دار البشر للتوزيع والنشر، طنطا مصر، 1993م.
  6. عبد العظيم المطعنى: ١٩ رسالة من حسن البنا الى قيادة الدعوة الاسلامية (مكاتبات مطوية تنشر لأول مرة)، دار الأنصار القاهرة، طـ1، 1979.