نور بارود

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشيخ نور بارود


مقدمة

يعد الشيخ نور بارود أحد رواد الصحوة الإسلامية المعاصرة في الإخوان في الصومال، وكانت له إسهامات متميزة تمثلت بنشاط التوعية ، والمشاركة في الجهود الرامية للتقريب بين وجهات النظر،وفي السطور التالية سنعرض طرفا من سيرته الشخصية كما يرويها بنفسه ، وشهادته على عصره ، إذ يلقي نظرة عامة على الصحوة الإسلامية في الصومال ، ونشوئها والتحولات التي شهدتها منذ فترة السبعينات، بفصائلها الدعوية وشخصياتها المحورية، وما شهدته من ألوان الصراع مع النظام الحاكم ،ومع الشعب وفيما بينها .مفاتيح من السيرة الشخصية :

ينتمي الشيخ نور بارود غرحَن(بضم الغين وسكون الراء ) إلى عشيرة (عبدله) الأجادينية ، ومن محافظة (قرحي) وهي إحدى محافظات الإقليم الصومالي في إثيوبيا (أجادين )وعاصمته مدينة قبردهرّى.

ولد بادية شيكوش تقريبا عام 1950م في الثامنة من العمر أتي به للعلاج إلى مدينة بيدوا (جنوب غرب الصومال ومقر الحكومة الانتقالية حاليا )بعد إصابته بمرض في عينه سبب فقد البصر أخيرا وقد كان في بيدوا إحدى عماته وهناك التحق بالكُتَّاب ، ونترك الشيخ يتحدث-بنفسه- عن سيرته الذاتية ومسيرة الدعوة :

الجد في طلب العلم

رجعت من بيدوا بعد فترة إلى البادية الأصل ثم توجهت منه إلى مقدشو وبدأت دراسة العلوم الشرعية في حلقات المساجد على أيدي كثير من العلماء المشهورين في ذلك الوقت (لم يسم الشيخ هؤلاء العلماء)وأبديت تفوقا في دراستي.

في رحاب معهد التضامن الإسلامي

التحقت بعد اجتياز اختبار تقويمي بمعهد التضامن الإسلامي الذي كانت ترعاه رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في سنة 1971م وكان المعهد متطورا حيث كان يقدم للطالب مكافأة ماليَّة قدرها 90 شلنا وكانت تغطي مصروفات الطالب وفوق الكفاية ، كما كان يدفع للطالب أيضا كتب المقرر وتشجيعات أخرى متنوعة كان المعهد ذا تأثير قوي في الساحة الدعويَّة ، وعاداه المشائخ التقليديون وحين أمَّمت الحكومة الاشتراكية المعاهد الخاصَّة ومنها المعهد سنة 1972م تحوَّلت إلى المعهد الديني الذي عرف فيما بعد بمعهد الشيخ صوفي وتخرجت من الثانوية عام 1974م .

واعظ في وزارة العدل والشئون الدينية

بعد تخرجي مباشرة عيِّنت واعظا في وزارة العدل والشئون الدينيَّة ، وحين لم أنصع لسياسات الدولة ولم أتأثر بالأفكار الاشتراكية مثل كثير من المشائخ لتأثري بدروس معهد التضامن الإسلامي ودروس الشيخ محمد معلم ، التي أكسبتني مناعة من عدوى الأفكار الاشتراكية والغربية بشكل عام عارضت كثيرا من السياسات وبدأت أجد في الدعوة ، فكنت أول من تحدث عن ستر المرأة وحجابها ، وشرعت أجمع النسوة في أحد البيوت وأحاضر لهن حتى ظهر تأثيرهن في المدينة وتحدث الناس بذلك ، وفي نفس الوقت كنت متعاونا مع(حركة الأهل) التي كان لها يومئد نشاط فقط كنت متعاونا متفاهما معهم ولم يخبروني في ذلك الوقت أنهم حزب وكان عندهم نفور من الفكر السلفي عموما ومن الشيخ محمد بن عبد الوهاب خاصة ، وكان أكثر شباب الحركة من المتدينين على طريق الصوفية فكانوا ينظرون بعين الريبة كلَّ من درس في معهد التضامن.

حملة اعتقالات تطال الشيخ والنشطاء الإسلاميين :حين اندلعت حملة الاعتقالات التي شملت أكثر الشباب سجنت في 18/مايو 1976م ويومها هرب كثير من الشباب إلى السعودية والتحق أكثرهم جامعة الملك عبد العزير في جدة ، وكلية الشريعة في مكة والتي تحوَّلت فيما بعد إلى "جامعة أم القرى" .

وكانت الدولة السعودية تتعاطف مع الصوماليين بسبب الحملة الاشتراكية الشرسة التي كان الصوماليون يتعرضون لها وكان ممن فرَّ عبد القادر شيخ محمود الذي قاد جماعة التكفير فيما بعد .

كان من الذين سجنوا معي : عبد الواحد حاشي حسن ، والشريف محمد عبد الله حسين ( يدير الآن هلال الأحمر الإماراتي-قاله الشيخ ) وعثمان عبدلّى روبلى ( بقي في حركة التكفير -قاله الشيخ) وكان في السجن أيضا بعض المساجين السياسيين كان من بينهم حسين عبد الله عدوين الذي اقتنع بفكرة الشباب داخل السجن .

مكثنا في السجن سنتين وستة أشهر ، وكان سجننا مجرد إيداع ، ولم تكن هناك محاكمة إطلاقا ، ثم أفرج عنا يوم 26/أكتوبر 1978م وهذا يوافق يوم إعدام الضباط الذي دبَّروا الانقلاب العسكري الفاشل ضد زياد برى ففي ذلك اليوم أصدر الرئيس زياد عفوا عاما للمساجين ليجمع للشعب الصومالي في نفس اليوم المر والحلو ،وليمتص شيئا من غضب الجماهير ،فخرج حوالي ثلاثة آلف سجين فالذين تولَّوا عملية إعدام الضباط جاءونا في السجن وأطلقوا سراح المسجونين .

الانضمام إلى جماعة الإصلاح

وبعد ذلك الوقت انضممت إلى جماعة الإصلاح 1978م وكان اسمها الصحيح جماعة الإصلاح الإسلامية في شرق إفريقيا لكن الاسم الذي شاع فيما بعد وكنا نتعامل به مع وسائل الإعلام هو الحركة الإسلامية.

الشيخ محمد معلِّم الداعية المشهور

الشيخ محمد معلم تعلم في بلاد غرب الصومال ودرس العربية وبعض علوم الشريعة ثم توجه إلى مصر عن طريق السودان وبعد كثير من المتاعب وصل إلى مصر 1959م وتخرج من جامعة الأزهر بدرجة ماجستير قسم العقيدة والفلسفة ثم سجل الدكتوراة وبعدها عاد إلى الوطن الأم عام 1968م في شهر إبريل تقريبا كما ذكر لي -رحمه الله -.

وهناك سؤال يطرحه البعض وهو : هل الشيخ محمد معلِّم تأثر بالفكر الإخواني أثناء دراسته في الأزهر ؟ وهل كانت له علاقة بالإخوان المسلمين في مصر ؟ أقول لك : لا ،دخلت معه السجن عام 1986م وكان لبقا أليفا يحدث للآخرين ويفيدهم ،وقد أخبرني هو بذلك لأن الاتصال بالقادة الإخوان والانخراط في صفوفهم لم من السهولة بمكان، ولاسيما لهذا الشاب الوافد/الأجنبي في مصر فالنكسات المتتالية والمذابح التي تعرض لها الإخوان في مصر 1954م و1965م جعلت الجماعة تفقد القيادات والرموز ذوي التأثير ، ولهذا كان الشيخ محمد دارسا عاديا وترأس منظمة الطلبة الصوماليين في مصر وحدثت له مواجهات مع بعض الطلبة الصوماليين آنذاك لانهم كانوا يتهمونه بشئ من القبلية(هذا حسب رواية الشيخ،ولا أدري هل يوافق هذا أم لا ؟ والغالب أنه لا يوافق ذلك) .

وحين عاد إلى البلاد عاد كأي رجل عادي لكنَّه اكتسب كثيرا من الاحترام والتقدير بسرعة لكونه ضليعا في المسائل اللغوية والشرعية .

كان في مقدشو آنذاك اتجاهان : اتجاه يدعو إلى التغريب وينادي بذلك ، واتجاه آخر مناصر للعربية والعروبة كانوا يسمونه ( pro-carab ) أي أنصار العروبة.

منظمة النهضة البذرة الأولى للإخوان في الصومال

وكان في مقدشو آنذاك جماعة تسمى : منظمة النهضة وهي التي بذرت البذرة الأولى لحركة الإخوان في الصومال ، أسسها الشيخ عبد الغني بن الشيخ أحمد (توفي -رحمه الله -في الكويت 17 أغسطس 2007 حيث كان عضوا في الموسوعة الفقهية الكويتية -محمد عمر )والشيخ محمد أحمد غريرى 1966م تقريبا ،كانت تلك الحركة تملك مكتبة واسعة عامرة بالكتب وخصوصا كتب بالمنهج الإخواني كان منها : في ظلال القرآن ل سيد قطب ،ومجموعة الرسائل للشيخ حسن البنا ،وبعض الكتب الأخرى وهذه المكتبة أتى بها الشيخ عبد الغني من مصر وكان يعمل في وزارة العدل ولما يصبح وزيرا بعد .

ولما كان الشيخ محمد معلم لغويا بارعا مكنه ذلك من القراءة المتواصلة ومن هنا تأثر الشيخ بفكر الإخوان وقد أخبرني أنه في أيامه الأولى ناصر الاشتراكية ودبج المقالات في صحيفة نجمة أكتوبر مما أكسبه إعجاب أعضاء المجلس الأعلى للثورة ورحَّبوا به وعيَّنوه واعظا في وزارة الشئون الدينية ، ومفسِّرا في مسجد المقام ( المشهور بمسجد الشيخ عبد القادر ) وكان الشيخ عبد الغني من سعى لذلك .

وكان من نشاط الجمعية المذكورة إعارة الكتب للقرَّاء ومحاضرة عامة حاشدة في مسجد أربع ركن في مقدشو ، وأيضا كان الشيخ محمد معلم من المتخرجين من الجامعات المصرية ( الأزهر ) الذي يتمتع بسمعة طيبة بين الشعب الصومالي ،ولم يكن عند الناس حساسية من مصر ( ومثله الشيخ عبد الغني وغيره .)) .

مفسر متميز في مسجد المقام

حين بدأ الشيخ محمد معلم التفسير في مسجد المقام رأى الناس عجبا عجابا ، وجدوا مفسّرا عذب الحديث بليغا مؤثرا يطبق الآيات بالواقع المعيش ،ووجدوه مختلفا عما عهدوه من أسلوب الشيوخ التقليديين ،ولأول مرَّة يرى الناس مفسرا يعتمد على المصحف عند عرضه للتفسير لأن العلماء قديما كانوا يقرؤؤن التفسير من حاشية الجلالين ( الجمل ) أوالجلالين أيضا ويخللون به عبارات النحو المصبوغة بالجفاف والبعد عن الواقع .

والشباب الذين كوَّنوا حركة الأهل كانوا من المتأثرين بالشيخ – رحمه الله –ومن طلبته لكنهم لم يستشيروا الشيخ في ذلك ولم يعلموه .

منذ ذلك الوقت ( أي سنة 1978 كما ذكر أعلاه)وإلى اليوم كنت أعمل في ظل (حركة الإصلاح) وبعد نشوب الحروب الأهلية في الإخوان في الصومال عام 1990 رجعت إلى الأرض الأم (أجادين) وهناك شاركت في تأسيس حزب التضامن في الإخوان في الصومال الغربي عام 1997 م وهو حزب سياسي يتكون من أعضاء من حركة الإصلاح بل هم القوة الخفية ( المحرك ) وبعض السياسيين من اتجاهات مختلفة .

التكفير والهجرة في الصومال

الشيخ نور بارود

أول مرَّة سمعت فيها التكفير والهجرة كنت في سجن ( لانت بور ) حين اغتال التكفيريون الشيخ الشهير محمد حسين الذهبي – رحمه الله – صاحب كتاب التفسير والمفسرون , وحين أفرجنا وجدنا الشباب الذين تركناهم منقسمين إلى تكفيريين ومخالفيهم .

المجموعة التي فرَّت إلى السعودية الذين كان منهم عبد القادر شيخ محمود الذي زار السعودية ودرس فيها وزار الأردن ومصر .

عاد إلى الوطن وصرَّح بالفكرة وفي البداية تأثر بالفكرة كثيرون لكنهم فيما بعد تناقصوا جدا ، وهؤلاء انقسموا بدورهم إلى شطرين : الجماعة الإسلامية ( وأعضاؤها فيما بعد كوَّنوا حركة الاتحاد الإسلامي ) والتكفيريين .

الاتحاد الإسلامي في الصومال

وأصحاب الجماعة الإسلامية ( الاتحاد الإسلامي فيما بعد) كانوا متأثرين في بدايتهم بالإخوان المسلمين، وكانوا يعيبوننا بأننا وهابيون ، ولكن حدث فيهم تحوُّل جذري في عام 1981م وكان من الذين أسهموا في تحويل مجرى الحركة ( الجماعة الإسلامية ): عبد الله علي حاشي ، والشيخ محمد جلس، وعبد العزيز فارح محمد-رحمه الله-، وأكثرهم شباب متخرجون من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة فجاءوا معهم حاوية ( كونتينر ) من كتب المذهب السلفي مثل : فتح المجيد وبدءوا يقرؤؤن للأعضاء وللآخرين في مجموعات ويدرسونها وكأنهم يقيمون دورات مكثفة لرجال الحركة ( الجماعة الإسلامية ) سعيا لإحداث تغيير جذري في تفكير الجماعة وتحويل وجهتها إلى الاتجاه السلفي ،وفي البداية كانوا يرغبون في تكوين علاقة واتصال ثم انضمام إلى حركة الإخوان المسلمين العالمية ولكن سبقهم إلى ذلك ( الإصلاح ) فلم يسمح لهم بالقبول إلا أن يدخلوا من بوابة الإصلاح ومن قبلهم وكنت حينئذ رئيسا لجماعة الإصلاح في الداخل .

ترابيون من السودان

في سنة 1983م وصل من السودان وفد أرسله الترابيون ( إخوان السودان ) : ليكون لهم نفوذ في الصومال ومنافسة لإخوان مصر وبين البلدين نوع من العداء والتنافس حتى على مستوى الحركة ، فجاء عضوين منهم إلى الصومال وقد زاروني في منـزلي وعرضوا عليَّ فكرة توحيد الجماعات الإسلامية فاتصلت بأصحابي في الخارج وعرضت عليهم المسألة فقالوا : نتوقف ، وقد نجح المبعوثان في جمع: ( الجماعة الإسلامية ) و ( الوحدة في شمال الصومال ) و (وآل الشيخ) نسبة إلى الشيخ محمد معلم وكتبوا منهجا وطالت المناقشات وساير معهم الشيخ محمد معلم ولكنه أخيرا انقطع في الطريق وانسحب (لم يبين الشيخ الأسباب التي أدت إلى الانفصال) وبقي ( الجماعة الإسلامية ) و ( الوحدة ) واندمجتا تحت اسم : (الاتحاد الإسلامي) برئاسة الشيخ علي ورسمه ( مازال على قيد الحياة في مدينة برعو بشمال الصومال )الذي كان عضوا من الإصلاح سابقا .

الشيخ في غياهب السجون مرة أخرى

سجنت في عام 1986م وكان ممن سجنت معهم : حسن طاهر أويس ، وعبد العزيز فارح[1] ، وعبد الرزاق حسين عيسى[2] وغيرهم الكثير وحكمنا بالإعدام ونقلونا إلى سجن شيلو مورتو ( حبس الموت ) فكنا في انتظار الإعدام أربعة أشهر كاملة ثم خففوا عنا الإعدام إلى السجن مدى الحياة أما سبب الاعتقالات في أوسط الشباب وما تبعه من الحكم بالإعدام فسببه أن بعض الشباب دخلوا في مواجهات عنيفة مع الشعب والعلماء التقليديين ،وكان من هؤلاء الشيخ حسن طاهر أويس ( رئيس شورى اتحاد المحاكم الإسلامية لاحقا ) فثارت ثائرة الطرق الصوفية وتجمعوا من المناطق وشكوا الأمر الى الحكومة ،وكانت الجلسات التشاورية بين الحكومة وبين علماء الطرق الصوفية تعقد في قصر مجلس الأمة وتبثها الإذاعات على الهواء فكانوا يتشنجون ويتباكون قائلين : "إن هؤلاء-أي شباب الصحوة- قالوا إن لله ستة أصابع وهو يجلس على الكرسي ..." !! وأقنعوا الحكومة بأن الوضع خطير يحتاج إلى التدارك مما يتطلب القبض على الشباب وإعدامهم .

وقد جاء بهذا الخصوص شيخ الربيعية[3]وكان وزير الداخلية آنذاك أحمد سليمان دفلى (من قبيلة طلبهنتى ) وكان من أتباع الشيخ محمد ربيع فاحتج له الشيخ واستعجله بالقيام بضربات موجعه تنسى الشباب الوساوس ، وحرضه على تقتيلهم فقبل ذلك وأقنع الحكومة بذلك ، وفي ذلك الوقت لم تصل الحكومة إلى مستوى من الفهم تميز به بين الجماعات الدينية ، ولهذا شملت ضرباتها كلَّ النشطين الإسلاميين تقريبا (من الإصلاحيين والاتحاد الإسلامي والتكفيريين على حد سواء) .

السلفيون في الصومال وخيار المواجهة مع الشعب

السلفيون في الصومال اتخذوا طريق الثورة ،وتصحيح العقيدة في قلوب المجتمع فكانوا يركزون قراءة كتب مثل : فتح المجيد ، وكشف الشبهات ، وركزوا على باب الأسماء والصفات إضافة إلى محاربة الخرافات وظهروا بمظهر الثوريين المتحفزين للصراع دوما حتى كان منهم صراع على المساجد فبدأت حملة ما سمي بـ(تحرير المساجد)! هذا مما تميّز به السلفيون وهم كانوا أكثر عددا وأعلى شهرة لأن المواجهات التي تنشب بينهم وبين الشعب أكسبتهم نوعا من الظهور.

وبعد انهيار الحكومة وبداية الحرب الأهلية خاض السلفيون في الصومال حروبا شديدة مع الشعب وحصلت مواجهات مع جهات كثيرة يعرفها المتابع.

حركة الإصلاح اختارت السرية والهدوء

أما حركة الإصلاح فكانت قد التزمت السرية والعمل الهادئ ، والفكر المعتدل ،وتجنب مواجهة المجتمع ، في البداية كان المنطلق والمركز للإصلاح في مقدشو مسجد في ( مَعمَعانكَ ) ثم انتشروا في كثير من المساجد وبعد التسعينات ظهر الإصلاحيون وعرفهم المجتمع ، وبرز علماء كثيرون أمثال : الشيخ القطبي والدسوقي وشهدوا مرحلة طفرة غير عادية ....

حركة الإصلاح لم تكن طرفا في تلك المواجهات ليس لأن هناك أوامر تلقوها من الخارج ( الإخوان الدولي )-كما قد يقول البعض - بل لأن منهج الإخوان كان واضحا مشهورا ، مسطرا في الكتب بآلامه وأحلامه وتجاربه الناجحة والفاشلة، والحروب التي خاضها في مسيرته التي امتدت طويلا والمنهج الإخواني يعتمد على : تربية القاعدة – عدم الثورة والهيجان – وعدم الإتيان على السلطة من فوق والانقلابات ، ولو سار الإصلاحيون نفس الوتيرة التي ساروا عليها في البداية لغيَّروا من وضع الأمة شيئا كبيرا ولأصبحوا قوَّة من الدرجة الأولى ؛ لكن الخلافات التي دبَّت بين أعضاء الحركة أضعفت المسيرة وأفقدتهم الفاعلية والتأثير ، وهذه الخلافات لم تكن على أساس قبلي-كما يصوره البعض- وإنما هناك خلافات من نوع آخر : كإدانة البعض من داخل الحركة بأن الحركة ( الإصلاح ) قد انحرفت عن الجادة ، وأن هناك تساهل في تطبيق الإسلام ،وضعف التدين ، ووجود استبداد من قيادة الحركة .- وأنت تعلم أن مشكلة الصوماليين بشكل عام هي غياب الاستمرارية في المشاريع والجمعيات.

الجماعات الإسلامية آخذة في الاضمحلال والتآكل

ولذلك فإن الجماعات الإسلامية آخذه في الاضمحلال والتآكل فأرى أنه آن الأوان لظهور دماء جديدة والآن مظلة العلماء[4] يمكن لها أن تملأ هذا الفراغ وهي تجربة جديدة حديثة الولادة فيجب أن تحظى من التأييد ما يجعلها منطلقا لتوحيد الصف .

قراءة الشيخ لأحداث مقدشو ( بعد إعلان تحالف محاربة الإرهاب بمقديشو 18/فبراير2006)

هذه الأحداث جديدة على الساحة الصومالية ولنعلم أنه حين انفردت أمريكا بقيادة العالم ظهرت كثير من الشرور التي كانت كامنة وقد قال المولى :﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ﴾ والأمريكيون يتعاملون مع العالم وكأنهم فوق القانون ،وواضح أن أمريكا تعادي الحكومة الفدرالية ولا تريد لها أن تقوم إطلاقا كما أن مما يعيقها : شح الموارد الاقتصادية لأنها لو امتلكته لاستطاعت إقناع الكثيرين الذين يعادونها عن طريق المال.

الحكومات العربية تعرف نوايا الأمريكان حاليا وأنها لا تريد حكومة في الصومال ولكنهم –للأسف- يراعون خواطر الأمريكان ، وقد أعلنت متحدثة لأمريكا مؤخرا في كينيا بأن أمريكا ستكوِّن مليشيات تحارب الإرهاب في الصومال وهذا التحالف(أي تحالف مكافحة الإرهاب الذي أعلن في مقديشو يوم 18 فبراير2006) لعله تلك المليشيات التي جاءت على لسان المتحدثة .

أنا شخصيا أستبعد قيام ثورة شعبية تتزعمها المحاكم الإسلامية تقضي على أمراء الحرب ودورهم في مقديشو[5] ولا أعلق عليها كبير أمل لأن الوضع في الصومال ما زال متأزما متخما بالعصبية القبلية، وخطأ واحد بسيط كفيل بتحطيم الإنجازات الكثيرة التي تحققها المحاكم .

والصوماليون من طبيعتهم الحربائية والتلون في الأفكار أضف إلى ذلك أن المجتمع المدني الذي يبدي التعاطف مع المحاكم الإسلامية حاليا لظرف مؤقت هواه ضد هذه المحاكم وما تمثله من من أيدلولوجية الحكم الإسلامي ، وحين تحق الحقائق فإن المجتمع المدني سيفضل الحكومة الفدرالية والتعامل معها فرارا من الحكم الإسلامي ، بل إن فئات المجتمع المدني أكثرهم جواسيس.

في هذا المساء قبل أن تأتيني بعشرين دقيقة تقريبا –والكلام للشيخ نور-اتصلت مع أحد الإخوة المطلعين وأخبرني بأن إثيوبيا سلَّحت محمد عمر حبيب ( محمد طيرى ) ، وعندهم الآن مطار الجزيرة وتهبط فيه يوميا طائرتان.

الأحداث الأخيرة تنبه العدو كما حدث للإخوان عام 1948م

فالأحداث الأخيرة قد تنبه العدو ، وتكشف عن قوة المحاكم التي قد تشكل تحديا كبيرا على الأمريكان وعلى الحكومة الفدرالية وهم لا شك بدءوا يحسبون لها حسابا كبيرا ويفكرون في طريقة سهلة للتخلص منها وهذه التجربة تذكرنا بتجربة الإخوان المسلمين في مصر حين خاضوا حرب 1948م مع اليهود وظهرت قوَّتهم تآمر عليها الأعداء القريبون والبعداء على السواء، ورموهم من الأمام ومن الظهر،والعدوُّ سيجتهد في المرحلة المقبلة على تأييد أمراء الحرب الفرقاء , أو تكوين زعماء جدد يتبنَّون مشروع محاربة الإرهاب ، ولهذا لست متفائلا في هذه الأحداث.

المصدر : موقع حركة الأصلاح الإسلامية بالصومال


للمزيد

وصلات داخلية

وصلات خارجية

مقالات متعلقة

أخبار متعلقة