أمين إسماعيل

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أمين إسماعيل .. شخصيات لا تنسى


مقدمة

أمين-إسماعيل.1.jpg

عرف دعوة الإخوان وانضم إليها كثير من الناس فمنهم من أمن بها وضحى من أجلها، ومنهم من اعتبرها بداية لحياته تركت فيه بصمة قبل أن يذوب في حياته لكنه ظل يحمل لها الخير، وغيرهم من انقلب عليها وهاجمها، وهو الامر الطبيعي لكل فكرة تظهر.

وأمين إسماعيل واحد من الذين برزت موهبتهم في شبابهم حتى أصبح أحد قادة الجماعة قبل أن ينزوى بعد ثورة يوليو كغيره من الذين انزوا لأسباب كثيرة.

بين صفوف دعوة الإخوان

رغم مكانته في الدعوة في عهد الأستاذ حسن البنا إلا أننا لم نتمكن من معرفة أى تفاصيل عن حياة الأستاذ أمين إسماعيل حسن الأولية قبل التحاقه بدعوة الإخوان المسلمين، ولا متي التحق بالدعوة على وجه التحديد غير أنه يبدو أنه التحق بها في وقت مبكر من الدعوة خاصة في ثلاثينيات القرن العشرين لأنه كان أحد خواص الإمام البنا في هذه الفترة، وعمل في مجال صحافة الإخوان منذ وقت مبكر حتى محنة ما بعد الثورة.

كان أمين إسماعيل حاضرا كأحد قادة الإخوان حينما اعتقل الإمام البنا في عهد حكومة سري أكتوبر 1941م حيث تحدث عن هذا الأمر ذاكرا أن ما حدث خلال فترة اعتقال الإمام البنا وصاحبيه؛ حيث سادت حركة تذمر شديدة بين الطلاب فى جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا)، وقام طلبة الإخوان بتعبئة طلاب الجامعة بسبب موجة الاعتقالات التى سادت فى عهد سرى باشا بضغط من الإنجليز، وكانت تنزل بالأبرياء والآمنين لمجرد الاشتباه.

واشتدت حركة التذمر فى الجامعة وعلا لهيبها، وكانت الحكومة حريصة على إخماد هذا الاشتعال بأى وسيلة؛ خاصة أن الإنجليز كانوا يرتكبون أبشع الجرائم فى حق الشعب فى تلك الآونة، وخافت أن يؤدى الأمر إلى ثورة وكان أقوى عمداء الجامعة فى ذاك الوقت وأكبرهم منزلة عند الطلبة الدكتور على بدوى عميد كلية الحقوق، فكان طلاب الجامعة يحبونه وينزلون على إرادته وكان البوليس السياسى يعرف ذلك

فتقدم البوليس السياسى إلى حسين سرى ليتدخل بنفسه ويطلب من الدكتور على بدوى أن يعمل على تهدئة الوضع، واتصل سرى بالعميد ورجاه أن يهدئ الطلبة، وقد عبر له الدكتور بدوى عن رفضه لسياسة التخبط والاعتقالات، وقبل أن يقوم بمسئوليته بتهدئة الطلاب كان فى مقابل ذلك شرط واحد وهو الإفراج الفورى عن المرشد العام وصحبه.

وحينما تم الإفراج عن الإمام حسن البنا في نوفمبر من نفس العام، اصطحب الإمام البنا والأستاذ أمين إسماعيل إلى منزل الدكتور على بدوى لشكره فى مسعاه ومطالبته بالإفراج عن الإمام البنا لدى حسين سرى؛ حيث إنه تم الإفراج عن الإمام بعد 24 ساعة من المحادثة التى تمت بين الدكتور على وحسين سرى، وقد عبر الدكتور عن إعجابه بالإمام البنا وخجله مما فعلت الوزارة، وأنه لم يفعل إلا ما يجب على كل مسلم لزعيم النهضة الإسلامية الحديثة.

وهو الموقف الذي عبر به أمين إسماعيل بقوله:

فى ظل تدهور موقف بريطانيا المستمر فى الحرب وقيام ثورة الكيلانى بالعراق، وزيادة الضغط الشعبى الداخلي على الإنجليز لم يجد الإنجليز أجدى من اغتيال المرشد العام للإخوان المسلمين؛ ظانين أنهم باغتيال المرشد العام وأحد مساعديه يمكن القضاء على الدعوة تمامًا، وبها يكون الإنجليز قد تخلصوا من غصة كبيرة فى حلقهم (وهى الإخوان المسلمون)، ولكنهم لم يتعلموا الدرس؛
حيث إن الدعوة الإسلامية مهما كانت شخصية القائد لا ترتبط بشخص، كما أن التضييقات لا تزيدها إلا قوة ورسوخًا، وقد جربوا أساليب النفى والاعتقال والرشوة ومصادرة الصحف وغيرها من الوسائل التى ظنوا أنها مجدية بالنسبة لهم، لكنها لم تؤدِّ إلا إلى انتشار الدعوة وازدياد الاقتناع بها.

لكنهم هذه المرة قرروا التخلص من القائد ليستريحوا –وهذا ظنهم– فوضعوا خطة محكمة لاغتيال المرشد والسكرتير العام عن طريق حادث اصطدام عربة لورى بعربة الإمام البنا وعبد الحكيم عابدين فى أحد شوارع القاهرة تكون نتيجة مقتلهما فى حادث تصادم عادى تختم النيابة تحقيقها فيه بالحفظ بسبب القضاء والقدر.

عضو مكتب الإرشاد

أجريت انتخابات مكتب الإرشاد عام 1944م حيث تم اختيار أمين إسماعيل ضمن تشكيلة المكتبة والتي تكونت من:

  1. الأستاذ حسن البنا.
  2. الأستاذ أحمد السكري.
  3. الأستاذ عبد الحكيم عابدين.
  4. الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي.
  5. الدكتور محمد أحمد سليمان.
  6. الأستاذ محمود محمد أحمد البراوى.
  7. الأستاذ حسين مصطفى بدر.
  8. الأستاذ طاهر عبد المحسن.
  9. الأستاذ محمد أحمد الحلوجي.
  10. الأستاذ عبده أحمد السيد قاسم.
  11. الأستاذ أحمد محمد عطية.
  12. الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة.
  13. الأستاذ سالم غيث.
  14. الأستاذ صلاح الدين محمد عبد الحافظ.
  15. الأستاذ عبد الحفيظ سالم الصيفى.
  16. الأستاذ صالح مصطفى عشماوي.
  17. الأستاذ محمد عبد المنعم أبو الفضل.
  18. الأستاذ حسين كمال الدين.
  19. الأستاذ محمد خضرى محمد.
  20. الأستاذ محمد محمود شريف.
  21. الأستاذ أمين إسماعيل حسن.
  22. الدكتور إبراهيم حسن.
  23. الأستاذ حلمي نور الدين.
  24. الأستاذ محمد عبد الحميد أحمد.

وفي هذه التشكيلة تم اختياره للأشراف على قسم المشروعات التابع للجماعة وهو قسم كان يهتم بمتابعة مشروعات الإخوان. ولمزيد من الإشراف والمتابعة قرر مكتب الإرشاد تخصيص ثمانية من أعضاء مكتب الإرشاد العام للإشراف على المناطق، وموالاة الاتصال بها وإمدادها بكل جديد من نظم المكتب وأساليبه فى التكوين والتركيز حيث تم تكيف الأستاذ أمين إسماعيل بالإشراف على مناطق الفيوم – إبشواى – جرجا. وأيضا شعب مراكز منوف وشبين الكوم وأشمون.

وحينما تجدد انتخاب مكتب الإرشاد في في مايو 1945م تم انتخاب الأستاذ أمين إسماعيل ضمن تشكيلة المكتب وظل فيه حتى قدم استقالته منه عام 1947م للرد على إسففات حزب الوفد عبر صحفه.

نشاطه الإداري داخل الجماعة

عمد الإخوان المسلمون إلى تفعيل قرارات مؤتمر رؤساء المناطق والشعب ومراكز الجهاد عام 1945م وألفوا لجنة تنظيم المؤتمرات التي سيزمع عقدها في عواصم المحافظات والمديريات والمدن برأسه الأستاذ أحمد السكري وكيل الإخوان وسكرتارية الأستاذ أمين إسماعيل وعضوية كل من حضرات الأساتذة محمد خضري وحسين كمال الدين وصلاح عبدالحافظ وعبدالحفيظ الصيفي وسعد الوليلي وفريد عبد الخالق وشكري عبد المجيد.

ثم توجه وفد مكون من الأساتذة أحمد السكري وكيل الإخوان المسلمين وعبده قاسم السكرتير العام وأمين إسماعيل عضو مكتب الإرشاد العام إلى سراي عابدين وقدم المذكرة المتضمنة قرارات الجمعية لرفعها إلى مقام جلالة الملك.

ثم توجه الوفد إلى رئاسة مجلس الوزراء وسلم القرارات لتبليغها لدولة رئيس الحكومة كما طاف بالسفارات والمفوضيات التي تمثل الدول العربية والأجنبية في مصر وفي مقدمتها السفارة البريطانية والأمريكية والروسية وبلغها هذه القرارات.

وقد أرسل المركز العام صور هذه القرارات إلى الهيئات والأحزاب والصحف اليومية والمجلات الأسبوعية لنشرها. كما تألفت لجنة تذكر رؤساء الهيئات والأحزاب والجماعات بواجبها وتدعوهم إلى العمل مجتمعين أو منفردين على تحقيق الأهداف القومية بوسائل يتفق عليها.

هذه اللجنة برئاسة الأستاذ أحمد السكري وسكرتارية الأستاذ أمين إسماعيل وعضوية حضرات النائب محمد بك نصير وكمال بك عبد النبي والصاغ محمود بك لبيب والدكتور إبراهيم حسن والأساتذة حسين كمال الدين وأحمد عطية وعبدالحفيظ الصيفي وتوفيق الشاوي وصالح عشماوي.

وقد سافر بعض أعضاء الوفد إلى الإسكندرية لمقابلة زعماء الأحزاب ورؤساء الهيئات للتفاهم معهم على طريقة العمل لصالح البلاد منفردين أو مجتمعين كما تولى بقية أعضاء اللجنة الاتصال بالجمعيات والهيئات الأخرى في القاهرة للتفاهم معهم لنفس الغرض.

وحينما تم إقرار نظام الأسر التعاونية فى ربيع الأول 1362هـ الموافق مارس 1943م، وتشكلت لجنة عامة لهذا النظام التعاونى من المرشد العام بصفته وأربعة من أعضاء مكتب الإرشاد، وقد تشكلت اللجنة بالإضافة للمرشد من الأستاذ عبد الحكيم عابدين للمراقبة العامة، وضمت اللجنة كلا من سالم غيث رديفًا للمراقب العام، والأساتذة أمين إسماعيل ومحمد الشريف وحلمي نور الدين

وطاهر عبد المحسن مساعدين بصفة دائمة، وكلا من محمد الحلوجي والدكتور عبد المنعم أبو الفضل كمساعدين بصفة احتياطية، كما تولى الأستاذ حسين بدر مسئولية قسم الأسر، وكان الغرض من تأليف تلك اللجنة هو تقوية روح التعاون العملى، وتوثيق رابطة الأخوة بين الأعضاء العاملين من الإخوان المسلمين أيًا كان، مع توفير نوع من أنواع التأمين الاجتماعى لهم يتفق مع قواعد الشرع الحنيف.

لماذا استقال أمين إسماعيل من مكتب الإرشاد؟

كان إسماعيل شاب يتقد حماسة ولا يستطيع تحمل بذاءات الوفديين خلال صحفهم، وكان لموقعه مكانة لا يستطيع أن يرد على هذه البذاءات بنفس أسلوبهم وهو عضو مكتب إرشاد ولذا تقدم باستقالته

حيث يقول الأستاذ جمعة أمين عبد العزيز:

وفي عام 1947م تطورت الأوضاع الداخلية للجماعة حيث حدث انشقاق جزئي داخلا الجماعة من قبل بعض أعضاء المكتب مما حدا بالمرشد العام أن يجتمع بالهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين في 14 من المحرم عام 1367هـ الموافق 27 من نوفمبر 1947م وكان من ضمن قرارتها:

قبول الاستقالتين المقدمتين من الأستاذين أمين إسماعيل ومحمود عساف من عضوية الهيئة وبالتالي من عضوية مكتب الإرشاد. وجدير بالذكر أن هاتين الاستقالتين كانتا تتيح لكل من العضوين المذكورين مهمة الرد على أكاذيب وافتراءات صحف الوفد على الإخوان بأسلوب سافر متميز لا يتفق مع أسلوب الدعوة في محاربة الحزبية من خلال مجلة الكشكول.

حيث قدم كل من الأستاذين محمود عساف وأمين إسماعيل استقالتهما من الهيئة التأسيسية في 14 من المحرم عام 1367هـ الموافق 27 نوفمبر 1947م للتفرغ لمهمة الرد على أكاذيب وافتراءات وسباب الصحف الوفدية على الإخوان المسلمين وبخاصة الإمام البنا وبالفعل أصدرا مجلة الكشكول الجديد لتقوم بمهمة الرد على أكاذيب صحف الوفد والتعريف بتاريخ الزعماء المحترفين للسياسة والممالئين للاستعمار والمتصارعين على الحكم بأسلوب ساخر متميز

يقول محمود عساف:

وأمام غضب الإخوان رأيت والأستاذ أمين إسماعيل أن نتقدم باستقالتنا من الهيئة التأسيسية للإخوان، حتى لا نحرج الجماعة ونسئ إلى تاريخها، ونتحمل نحن عبء ما يقع من أخطاء أو إسفاف في الأسلوب، الذي كان يناسب ظروف ذلك الوقت.

وفيما يلي نص الاستقالة المرفوع إلى المرشد العام:

"... وبعد، فقد انتوينا إصدار مجلة "الكشكول الجديد" بروح قد لا تتفق مع أسلوب الدعوة في محاربة الحزبية، وحتى نتحمل تبعة عملنا وحدنا أمام الله وأمام أنفسنا وأمام الرأي العام، رأينا أن نرفع إلى فضيلتكم استقالتنا من الهيئة وتبعاتها وما يترتب على عضويتها راجين التفضل بقبولها مشكورين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

ونشر نص هذه الاستقالة بالعدد الرابع من مجلة الكشكول الجديد الصادر في 29 أغسطس 1947م.

وقد رد الإمام على هذه الاستقالة، برسالة تحت عنوان: "في سبيل بناء جديد قال فيها:

"فقد تلقيت استقالتكما من الإخوان المسلمين، وقرأت ما كتبتماه عن ذلك في مجلة الكشكول في عددها وعرضتها على الهيئة التأسيسية للإخوان في اجتماعها الماضي فوافقت عليها شاكرة لكما جهودكما الصادقة في خدمة الدعوة الكريمة سابقًا وحسن استعدادكم لخدمتها لاحقًا، وجميل ثنائكما عليها واعترافكما بما تقدم للشباب من خير وحسن توجيه، فأبلغكما ذلك سائلًا الله تبارك وتعالى أن يوفقنا جميعًا لخير دينه والعمل على إعلاء كلمته وإرشاد الناس إلى سبيله آمين.
ولقد تابعت بعدد ذلك ما يكتب الكشكول فأردت أن أتقدم لكما بمخلص النصيحة، نصيحة من لا يزال وسيظل يشعر لكما بعاطفة الأخوة الكاملة التي ربط الله بها قلوب عباده المؤمنين في محكم كتابه إذ يقول "إنما المؤمنون إخوة"، ذلك أني وإن وافقتكما موافقة تامة في وجوب محاربة الحزبية والاستعمار ومقاومة المبادئ الهدّامة الفاسدة كائنة ما كانت، فإني لا زلت أخالفكما في الأسلوب على الصورة التي رأيتها في "الكشكول الجديد"، ولهذا أرجو أن تسلكوا به مسلكًا آخر نحو بناء جديد.
حاربوا الحزبية بصورتها البغيضة التي ظهرت بها في مصر فأحرجت الصدور وجرحت الأبرياء ونفرت القلوب وقززت النفوس، وأوهنت القوى وأفسدت الأخلاق والضمائر، وفعلت بالمجتمع الأفاعيل، وحاربوا الاستعمار الغاشم الظالم الماكر الخادع الذي سلب حريتنا، وقيد استقلالنا وتدخل في كل شؤوننا، وحرمنا خيرات بلادنا وتراث كدنا وكفاحنا، واستأثر دوننا بكل شيء ومهد في وطننا لكل دخيل، وكان في حياتنا الاجتماعية رأس كل خطيئة.
وحاربوا هذه المبادئ الهدّامة التي لا تتكشف في حقائقها وأهدافها ومراميها إلا عن الإلحاد والكفران والإباحية والإثم والعصيان والتمكين للمستعمر القديم أو التمهيد للمتحفز الجديد، كأنما كتب على هذه الأمة ألا تنقل من سيادة إلا إلى سيادة وألا تتذوق طعم الحرية أبدًا على أيدي هؤلاء الخبثاء. ويأبى الله ذلك والمؤمنون، حاربوا كل هذا واكشفوا عن مخازيه للناس وحذروهم إياه.
ولكن تحروا في ذلك كلمة الحق الذي لا يفترى ولا يعتدي ولا يكذب –والجد – الذي يحفظ على النفوس قوتها فلا تتميع معه الأخلاق ولا تموت بكثرته القلوب، ولا يذهب برهبته العدوان ولا يضعف مشاعر السخط وهي عدة المجاهدين، ولا ينافي ذلك ورود المزحة القاسية والنكتة اللاذعة، ورب واحدة من هذه أبلغ من قول كثير، ثم خصصوا أبوابًا لهذا، واحرصوا على أن يظهر هذا اللون واضحًا وتجنبوا الانحياز إلى جهة
فإنكم تحاربون مذاهب وآراء وأعمالًا على يد كائن من كان، ولا تكشفوا عما ستر الله من النقائص الشخصية، فإن الإذاعة عن ذلك في ذاتها إثم من الآثام ما لم يتعلق بذلك حق للمجتمع أو مصلحة تعود على الناس، والعفة عن الولوغ في الأعراض أدب الإسلام، ولا أجمل من التورع والاحتشام. كونوا كذلك واطبعوا مجلتكم بهذا الطبع وانهجوا بها نهجًا جديدًا، "ونحو بناء جديد" وأعتقد أنكم بذلك ستقدمون إلى الناس غذاء شهيًا سائغًا لا تعب معه ولا ضرر فيه إن شاء الله.

ومن المعروف أنه صدر العدد الأول من الكشكول الجديد يوم الاثنين 8 سبتمبر 1947م، واستمر الصدور إلى العدد 59 الصادر في 27 نوفمبر 1948م أي قبل حل الإخوان بأيام. لم ينفصل أمين إسماعيل عن الجماعة فعليا لكنه أراد أن يرد على الوفديين وصحفهم دون الزج بالجماعة في هذا السجال

وهو ما ذكرته صحيفة الكشكول الجديد بقولها:

" أن ما حدث ليس انفصالا عن الإخوان عقيدة وروحا وإنما هو اختلاف حول الأسلوب الذي ينبغي أن يقاوم به الفساد بشتي صوره في المجتمع فالإخوان يرون أن الأسلوب الأمثل هو بناء شعب جديدة للإخوان على الفضيلة والإسلام .. وتقوية ألأخلاق ولا يحبون أن ينزلوا إلى ميدان التشهير بمخازي هذه الأحزاب ومساوئها حتي تحذرها الأمة ...
ونحن – أي صاحبي المجلة نري أن هذه الطريقة طويلة وأن موجة الفساد عاتية ولابد من ان يضم إلى هذا الأسلوب الإنشائي البنائي (نقصد أسلوب الإخوان) الهدم والتحطيم والفضح والكشف العام عن مثالب هذه الأحزاب ودجلها وتهويلها ، وتهريجه وتضليلها للرأي العام ونعتقد أن هذا هو أسلوب القرآن الكريم الذي يتخذه الإخوان دستورا لهم والذي يجب أن يكون دستور العالم لا دستور الإخوان وحدهم " ثم تعقب المجلة "
ومن هنا افترقنا في الرأي والأسلوب لا في الإيمان والعقيدة والغاية ولما ضقنا ذرعا بصبر الإخوان وطول أناتهم لم تجد بدا من أن نصدر هذه المجلة (اللاحزبية) بهذا الأسلوب الذي يراه القراء والذي نعتقد ا،ه يرضي كل من ضاق ذرعا بمفاسد الأحزاب وسوء أثرها في هذا الوطن وحتي نتحمل وحدنا تبعة عملنا هذا وحتي نكون منطقيين مع أنفسنا ، ومع الحقيقة... وهي تجربة أردنا أن نقوم بها وحدنا ، فإن نجحنا فلنا وللدعوة، وإن أخفقنا فعلينا وحدنا ولله عاقبة الأمور.

محنة واعتقال

أمين-إسماعيل.2.jpg

بعدما حلت الجماعة اعتقل عدد كبير من قادتها كان منهم أمين إسماعيل الذي رحل إلى سجن الطور بسيناء

حيث يصف محمود عساف حاله بقوله:

كان جندي الحراسة في معتقل الطور إذا اقترب أحد من بوابة المعتقل سواء من داخله أو خارجه ، يهتف طالبا كلمة السر كما هو معتاد في حراسة الجيوش ، فيقول : من أنت ؟ فيرد القادم : أمين . فيقول الجندي أمين مين ؟ (طالبا كلمة السر) فيرد عليه الأخ من داخل المعتقل : أمين إسماعيل ؟ كان أمين إسماعيل هو الوحيد الذي يسمى بأمين . رحمه الله رحمة واسعة.

نشاطه بعد استشهاد البنا

خرج أمين إسماعيل مع غير من الإخوان في السجون وسعى إلى إعادة شرعية الجماعة مرة أخرى وكان له دور بارز في التعاون مع إخوانه لإعادة الجماعة.

فحينما حاول الوفد تمرير قانون بحظر الجماعة حرك الإخوان مظاهرات اعتراضا على تلك القوانين التي كانت تستهدف في المقام الأول جماعة الإخوان حيث قد درس مشروع قانون الجمعيات وأدلوا برأيهم القانوني فيه. وإنهم لا يزالون عند رأيهم من أن أوضاعهم التشريعية ليست بحاجة إطلاقا لصدور أى قانون يضيف جديدا إلى ما ضم القانون المدني من نصوص كاملة لا تحتاج إلى مزيد.

وحينما تحركت المظاهرات كانت تهتف " الإسلام دين ودنيا" " الإسلام نظام لا يحتاج إلى نظام " " الإسلام قانون لا يحتاج إلى قانون " وهم يحملون المصاحف، وخطب الجموع صالح عشماوي ثم فريد عبد الخالق. ثم سمح لوفد منهم بمقابلة رئيس مجلس النواب وتقديم مذكرة إليه، وكان الوفد من صالح عشماوي وسعد الوليلي وفريد عبد الخالق وأمين إسماعيل.

ابتعاد وإنزواء

نشط أمين إسماعيل في العمل الصحفي حيث كتب في مجلة المباحث القضائية يعرف القراء بطبيعة المجلة فقال تحت عنوان (من نحن؟) ليقدم المجلة للقراء

فقال :

" نحن يا سيدي بعض نفر عملوا في الصحافة – صحافة الإخوان المسلمين وغيرها حالت بيننا بين عملنا ظروف شاذة ولما أحببنا أن نعود للصحافة بعد زوال الشذوذ جدنا أنفسنا غرباء عليها وأقيمت في سبيلنا بعض سدود مصطنعة فنأينا بأنفسنا غن هذا الجو حتي لا نخرج الناس ولا نخرج أنفسنا وانزوينا في مكان سحيق شهورا طوالا وجاءت نقابة الصحفيين تسألنا عن العمل الذي نزاول أو تنفي عن بعضنا صفته النقابية ويحال بين البعض وبين القيد في الجدول ".

ثم يضيف قائلا :

" وأمام هذه السباب جميعا لم يكن بد من العمل الذي هيأت له أنفسنا ودربنا عليه بضع سنين واستطاع احدنا – بعد لأي – أن يصدر هذه المجلة فدعانا لمشاركته لسابقة عملنا مرؤوسين له في أحدي الجرائد وبعض المجلات ".

وعن هدف المجلة وخطتها يقول :

" ونحن نعتقد أن الشرق الإسلامي ومصر على الأخص خلو من مجلة تستهدف نشر الثقافة الإسلامية وتجلي للناس محاسن الإسلام ونحن نحاول أن نسد هذه الثغرة سائلين الله أن يخلق من ضعفنا قوة ومن عجزنا قدرة ".

وحينما صدرت مجلة الدعوة تولى أمين إسماعيل مدير تحرير المجلة، حيث صدر العدد الأول من مجلة " الدعوة" يوم الثلاثاء 22 ربيع الثاني 1370 هـ - 30 يناير 1951م.

حيث فيكتب أمين إسماعيل تعليقا على اتجاه الصحف المصرية التي علقت آمالا كبيرة على المؤتمر الثلاثي في برمودا .... ويشير إلى أن كل ذلك ووعود أمريكا والمعونات ما هو إلا مخدر وتثبيط للهمة وكسب للوقت عند الانجليز وأن مفتاح الجلاء في أيدينا نحن وحدنا ومكان المعركة في القناة

ومن ثم تنادي "الدعوة" بالكفاح المسلح .... لتحرير الأرض وطرد الغاصبين وتشير إلى ما سبق أن حذرت منه بالجري وراء سراب الوساطة الأمريكية وغيرها .. مؤكدة أن الحق المشروع لا ينال إلا عن طريق الكفاح الشاق المرير.

ويعلق الكاتب على الإنذار الذي وجهه قائد القوات البريطانية في مصر إلى وكيل محافظة الإسماعيلية بشأن إعادة جاويش بريطاني اختفي وإلا سيتخذ تدابير من شأنها إحداث ذعر بين المدنيين

ويقول :

" لئن كانت مصر انتظرت طويلا حتي اليوم على اعتداءات الانجليز على سيادتها فليس ذلك ضعفا أو ذلة وإنما استعداد لمعركة فاصلة سيخوضها كل فرد من ملايين المصريين فإذا كان الإنذار مناورة سياسية أعدت للتصدير لمؤتمر واشنطن فنحن نعزي المستر هانكي بطل المؤامرات في فشله الذريع وإن كانت بداية لحملة طائشة وتدابير إجرامية فقد سعي الإنجليز إلى حتفهم واستعجلوا ساعة الخلاص "

ثم يهدد قائلا :

" فليستعد الانجليز لا ليختفي جاويش منهم وإنما ليجلد ضباطهم بالسياط ويشنقون على الأشجار ... ويمنعنا ديننا وتقاليدنا من تجريد الرجال والنساء من ملابسهم ولكن ليس هناك ما يمنعنا من أن نقذف بجنودهم في مياه حتي نكون من أجسامهم جسرا تعبر عليه مصر إلى حريتها الشاملة وسيادتها الكاملة .. فمرحبا بالجهاد ... وألا هبي ريح الجنة .. فقتلانا في الجنة.. وقتلاهم في النار ".

وتطالب الدعوة بالاتجاه نحو القوة فهو الاتجاه السليم وجعل التدريب إجباريا لنزود كل فرد بالسلاح ولا ننسي سلاح الإيمان والإخلاص وعندئذ سيخوض ال22 مليون مصري معركة الحرية.

ولا تري الدعوة سبيلا غير الجهاد والكفاح لتحرير الأرض وتحقيق الاستقلال وأن الوحدة طريق القوة واستعادة الحقوق وتحذر من سياسة العرائض والاحتجاجات والخطب والمظاهرات وتطالب الشعوب الإسلامية بأن تنفض يدها من الثقة بالهيئات الدولية التي لم تعالج قضية واحدة على أساس العدل المجرد عن الهوي والمصالح الاستعمارية.

وفي 17 رمضان 1370هـ الموافق 21 يونيو 1951م أصدرت السيدة زينب الغزالي رئيسة جمعية السيدات المسلمات مجلة أسبوعية باسم " السيدات المسلمات" مجلة دينية سياسية واجتماعية وهي صاحبة الامتياز وتولت رئاسة التحرير أيضا وتولي أمين إسماعيل منصب مدير التحرير وسيف الغزالي مدير الإدارة وبدأت المجلة إصدارها أسبوعيا حتى مارس 1953 حيث بدأت تصدر شهريا وتعرضت المجلة المصادرات عديدة أحيانا قبل التوزيع وأحيانا يصادر العدد بعد توزيعه.

بعد ثورة يوليو شهدت الجماعة أحداث داخلية واختلافات في وجهات النظر عمد عبد الناصر على تغزيتها بهدف تفتيت الجماعة، مما أدى بالهيئة التأسيسية لأقالة عدد من أفرادها على رأسهم الأستاذ صالح عشماوي وبعض رجال النظام الخاص على رأسهم السندي.

ويبدوا أن أمين إسماعيل كان في جانب الأستاذ صالح عشماوي لأنها هاجم جبهة المستشار حسن الهضيبي. وحينما سافر المستشار الهضيبي للأسكندرية واختفى كتب أمين إسماعيل يصف هذا الاختفاء بأنه "عجز عن مواجهة الأحداث" وأنه "هرب من الذين يريدون أن يناقشوه الحساب، حساب سياسته الفاشلة التي أودت بالدعوة وبالجماعة إلى ما آل إليه الأمر من تفكك بعد ترابط، وتباغض بعد ألفة، وانحراف بعد استقامة".

لم نستطع معرفة أى شيء عن الأستاذ أمين إسماعيل بعد الأحداث الداخلية التي خرج الأستاذ صالح عشماوي عن الجماعة وانفصل بمجلة الدعوة عن الجماعة طيلة حكم عبد الناصر حتى عاد للجماعة مرة أخرى في بداية حكم السادات ويظل فيها حتى وفاته، لكن أمين إسماعيل لم نعرف تفاصيل حياته.