مبارك عبد العظيم
إعداد: موقع إخوان ويكي
- أ/ علاء ممدوح
تقديم
يقول الله عزوجل : " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين و نبلوا أخباركم " - سورة محمد.. آية 31 .
يتفضل الله تعالى على رجال من المؤمنين فيبتليهم بالمحن والنكبات مرات تلو كرات ، اختبارا لإيمانهم و صبرهم على صدق نصرتهم لدين الله و إعلاء كلمته ، فيمتثل هؤلاء الرجال المؤمنون لأمر الله تعالى ليعلنوها : الجهاد سبيلنا ، و الموت في سبيل الله أسمى أمانينا .. تاركين بذلك القدوة الحسنة في من حولهم ، وفي من هو آت بعدهم .. ليبقى أثرهم العطر في أرواح السالكين سبيل المؤمنين .
من هذه الصفوة الطيبة .. المبارك أثرها ، و العظيم نفعها ... الأخ الأستاذ مبارك عبد العظيم .
فمن هو مبارك عبد العظيم ؟.. وكيف خدم الدعوة التي رفع رايتها الإخوان المسلمون ؟!.. وما شأنه في محنة 65 ؟.. وماهي أهم صفتين اتصف بها هذا المجاهد الأبي حتى وهو خلف الأسوار؟
نبذة تعريفية
واحد من إخوان الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين ، وتحديداً من إخوان الخمسات ، وأحد قيادات تنظيم 65 .. إنه مبارك عبد العظيم محمود عياد.. مدرس العلوم للمرحلة الثانوية .
نشأ في أسرة ميسورة الحال ساندته كثيراً في فترة اعتقاله على خلفية ما عرف بقضية تنظيم 65 .
يعرفنا المهندس محمد الصروي به أكثر فيقول :
" هو من "إخوان الخمسات" .. متعدد المواهب فهو مصارع روماني ممتاز .. مدرب سباحة قدير .. يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب .. بطل رياضي .. مثقف ثقافة واسعة .. كل هذا جانب .. لكن الجانب الأهم قدرته على الحوار والإقناع مع الصبر الطويل .. وروحانيات عالية جدا .."
أولوية الدعوة في حياته
منذ أن التحق الأخ مبارك عبد العظيم بجماعة الإخوان المسلمين ، وهو في خدمة هذه الدعوة المباركة بائعا نفسه لله تعالى يبتغي الجنة الثمن .
جاعلاً لهذه الخدمة الأولوية في أمور حياته كلها ، ولا أدل على ذلك مما حكاه المهندس محمد الصروي بقوله :
" خرج من السجن في عام 1960 وعاد إلى كليته .. كلية العلوم جامعة عين شمس .. وتخرج منها وكان من الأوائل .. وله فرصته معيداً في الجامعة ثم أستاذاً بها .. ولكنه رفض تماماً لأنه قرر التفرغ للتنظيم .. واستطاع في جلسات حوار طويلة أن يضم إلى التنظيم أكبر عدد من المثقفين المهنيين فى القاهرة الكبرى .. وقبلها ضم أغلب إخوان الخمسات .
وكان ممن ضمهم إلى التنظيم إثتنى عشر مهندساً كمياوياً ـ جامعة القاهرة:
2- فايز إسماعيل
5- فؤاد حسن علي
6- أحمد عبد الستار عوض كيوان (دمياط)
8- محمد عبد العزيز الصروي (كاتب هذه السطور)
9- عز الدين عبد المنعم على شمس
11- علي بكري بدوي
12- عبد الرحمن منيب (كان في طور الإقناع والحوار)
ومن قسم التعدين بهندسة القاهرة:
1- مهندس محمد أحمد عبد الرحمن
ومن قسم الميكانيكا:
ومن قسم الكهرباء:
2- والفنان الموهوب محمد عبد المعطي عبد الرحيم وشهرته (محمد رحمي)
مجموعة الطاقة الذرية:
1. ... محمد عبد المعطي الجزار.
2. ... أحمد عبد العزيز السروجي.
3. ... صلاح محمد خليفة.
4. ... محمد المأمون يحيى زكريا
وكلهم من حملة الدكتوراه ( فيما بعد ) في الطاقة النووية وتعرف عليهم أثناء دراسته بعلوم عين شمس ومعهم ممدوح درويش الديري ( طالب بعلوم عين شمس - صار فيما بعد أستاذا بعلوم الزقازيق ) .. رحمه الله"
لله دره ، أي همة عالية تلك التي كانت تسكن في نفسه التي بين جنبيه . تلك النفس التي امتلأت يقينا بقوله تعالى: " والآخرة خير وأبقى " – سورة الأعلى .. آية 17
إخوان الخمسات
يحدثنا المهندس محمد الصروي عن معنى هذا المصطلح ، وعن أهم ما تميز به هؤلاء الإخوان فيقول :
"وإخوان الخمسات " اصطلاح يطلق على كل من حكم عليه بالسجن خمس سنوات .
وغالبية هؤلاء ليسوا ممن قبض عليهم في أكتوبر ( 1954م ) . ولكن تقريبا جميعهم ممن حوكموا أمام المحكمة العسكرية ، أو بما يسمى بالمجلس العسكري برئاسة " صلاح حتاتة " .. الضابط من رجال الثورة الذي حاكم تنظيمات " يناير " , و" مارس " , و" يونيو " في عام 1955م .
وبدأت طلائع الإفراج عنهم في أوائل عام 1960م واستمر الإفراج عنهم بعد نهاية المدة .
فلقد أمضوا المدة كاملة بغير نقصان . ولكنهم كانوا ـ من الناحية النفسية ـ أكثر سكينة من "المؤيدين" فهم لم يخضعوا للتأييد ولم يتعذبوا بعذابه النفسي الشديد أثناء السجن وإصرارهم على قضاء كل المدة أعطاهم عزيمة نفسية قوبة وخرجت من السجن تقارير معظمها غير مكتوب عنهم , لذلك سارع مؤسسو ( تنظيم 65 ) بالاتصال بهم , وذلك لضمهم إلى التنظيم الجديد الوليد .. ولقد استجاب منهم عدد لا بأس به وصدق فيهم قول الله عز وجل " الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم " ولا نزكي على الله أحدا.
ومن الأسماء اللامعة التي انضمت إلى التنظيم الجديد من إخوان الخمسات :
1. مبارك عبد العظيم عياد (الجيزة): طالب بكلية العلوم وصار بعد ذلك من قيادات (تنظيم 65).
يتميز " إخوان الخمسات " بالمميزات التالية :
1- الحب الشديد لجماعة الإخوان المسلمين حباً لا يقبل المناقشة أو الجدل.
2.- الطاعة الشديدة لتعليمات القيادة إذا صدرت ولقد ظهرت هذه الطاعة واضحة جليلة في محنة " التكفير " داخل السجون والتي سنعرض لها في حينها فلقد كانوا صمام الأمن الذي نجا الإخوان من هذه المحنة وكانت لهم وقفة عظيمة إلى جانب الفكر الصادر من قيادة الإخوان آنذاك .. الأستاذ حسن الهضيبى فسارعوا إلى المبايعة الجديدة على هذا الفكر وعلى رأسهم مبارك عبد العظيم وبذل جهدا عظيما مع (شباب 65) في سجن قنا لإقناعهم بفكر الأستاذ " حسن الهضيبي " .. ولنا عودة لهذا الموضوع في حينه ـ إن شاء الله ـ حينما نتعرض لقضية " التكفير ".
3- الجلد الشديد : فعندهم جلد وصبر ومصابرة لافتة للنظر ... وعندهم عقيدة " أن لكل شئ نهاية " وشعارهم " افعل ما تحتاجه اليوم .. ولا تنظر كثيرا إلى الغد ... فالغد بيد الله عز وجل ".
4- الثقة في قيادة الجماعة: فهم لا يقبلون همزا أو لمزا ... بل أحيانا ولا اعتراضات على ما يصدر من الجماعة من تعليمات .
وشعارهم الاستمرار مع " الشرعية الجماعية " أو" الشرعية التنظيمية " ... وسوف نناقش فيما بعد انضمامهم إلى (الإخوان المسلمين تنظيم (1965) الزلزال ... والصحوة .... محمد الصروي تنظيم 65)
5- كثير منهم يجيد فن " تجليد الكتب ":
- ومنهم من يجيد " تفصيل الملابس البسيطة "
- ومنهم من يجيد " الصناعات الزراعية .. مربات ... مخللات "
- ومنهم من يجيد " أعمال الطبخ "
- ومنهم من يجيد " المصارعة اليابانية "
- ومنهم من يجيد " الترجمة "
- ومنهم من يجيد " التعامل مع المعدات العسكرية والآلات الحربية "
- ومنهم من يجيد " السباحة "
6- الصبر: كان لقسوة محنة ( 55 ـ 60 ) عليهم أثر في الصبر الطويل .. والرضا النفسي السريع بقضاء الله وكذلك الرضا بأي لبس .. وأي أكل .. فالطعام والشراب والملبس ليس لها ثقل في حياتهم ... وهذا الذي جعلهم ـ دائما ـ غير قابلين للمساومات تحت أي ضغط فلا فرق عندهم بين لحم الطير ... وبين الطورشى ولا فرق بين " الكافيار " و " الجبن القريش " كلاهما سواء .. وكذلك الملبس فهم بعيدون تماما عن ما يسمى بـ" الشياكة " .. فيكفى أن يكون اللبس نظيفا فقط .."
دوره في تنظيم 65
يبينه المهندس محمد الصروي بقوله : " ولقد تولى فور انضمامه إلى التنظيم المسؤلية التنفيذية للقاهرة الكبرى كلها .. كما تولى الجانب الروحي والتربوي والثقافي لمجموعة هؤلاء الإخوان الشباب الجدد " .
وقد اعتاد الإخوان الذهاب إلى مصيف جمصة من أجل إقامة معسكراتهم الصيفية منذ الأربعينات وأوائل الخمسينات وكان لهذا المعسكر الصيفي برنامجه الواضح سواء كان البرنامج التقليدي ، أو البرنامج العسكري و الذي كان فيه الأخ مبارك عبد العظيم أحد المدربين الأساسيين في السباحة ، و المصارعة اليابانية .
يقول المهندس محمد الصروي :
" التربية العسكرية للتدريب على المصارعة اليابانية ...وقد كان يتولاها الكثير من الإخوان المدربين مبارك عبد العظيم ـ حسين عبد العزيز قرقش ( من المنصورة ) ـ رحمه الله ـ وغيرهما .. ثم يصير المتدربون مدربين تعليم السباحة ... وكان يتم ذلك في حمام سباحة كلية الهندسة على يد مدرب قدير هو أيضا مبارك عبد العظيم عياد وكان الرأي السائد أن هذا التدريب هو تعلم فن الدفاع عن النفس الذي كثيرا ما يفيد عند اللزوم .. فإذا جاء الشيوعيون مثلا واستولوا على الحكم كما كان يردد الشيخ عبد الفتاح إسماعيل فسوف يقيمون مجزرة للإخوان حينئذ نستطيع الدفاع عن أنفسنا على الأقل ولا نموت ( فطيس ) كما يقال " .
ويؤكد هذا الدور الهام جدا و الحيوي الأستاذ سامي جوهر في كتابه الموتى يتكلمون حيث يقول :
1 - سيد قطب .. رئيسا للتنظيم.
2- محمد يوسف هواش .. نائبا لرئيس التنظيم.
ثانيا : كمجلس قيادة التنظيم مكون من خمسة أفراد على النحو التالى:
1- علي عبده عشماوي .. مسئول عن التدريب والسلاح - ومسئول عن تنظيمات القاهرة.
2- مجدى عبد العزيز متولي .. مسئول عن الناحية العسكرية - ومندوب الاتصال بين الإسكندرية والبحيرة.
3- عبد الفتاح عبده إسماعيل ... مسئول عن الناحية الدينية والمالية والاتصالات الخارجية ومسئول عن تنظيمات منطقة الشرقية.
4- صبرى عرفة إبراهيم ... مسئول عن الدقهلية والغربية ودمياط وانتخب رئيسا لمجلس القيادة.
5- أحمد عبد المجيد عبد السميع .. مسئول عن الأمن والمعلومات ومسئول عن تنظيمات الصعيد.
وبيان مسئولية الأول والثانى كالآتى:
مسئول عن السلاح والتدريب - ومسئول عن تنظيم منطقة القاهرة ويتبعه الأفراد الآتية:
أ - أسرة الطيارين: يحيى حسين .. نقيب أسرة - ضياء الطوبجي - محمد غنام - فاروق عباس.
ب - أسرة عرب الحصن: عبد الحميد عفيفي نقيب أسرة - محمد عبد الرسول - إسماعيل الفيومي.
جـ- أسرة مبارك عبد العظيم عياد: وتتكون من خمسة أسر على النحو الآتى:
1-أسرة الطاقة الذرية .
2-أسرة فاروق المنشاوى .
3-أسرة السيدة .
4-أسرة الخمسات .
5-مجموعة نقباء برئاسة علي عشماوي .
وكل نقيب تتبعه الأسر التالية :
1- مصطفى عبد العزيز الخضيري .. مسئول عن شبرا وتتبعه أسرتان.
2 - حمدي حسن صالح .. مسئول عن الخانكة وتتبعه أسرتان.
3- السيد نزيلي محمد .. مسئول عن كرداسة وتتبعه أسرتان.
4- مجموعة نقباء برئاسة محمد عبد الله الخطيب ...." انتهى .
وهكذا ساهم الأخ مبارك عبد العظيم بفعالية مؤثرة في إعادة تجميع الإخوان ، و إلحاق ركب جديد بهذه الجماعة الطيبة ، فكانت بصمته المميزة على تنظيم 65 .
كيف تم القبض عليه ؟!
وحدث القضاء ، لينزل البلاء ، مصيبا هذا التنظيم الوليد .. تنظيم 65 .. فكانت محنة 65 لجماعة الإخوان المسلمين .. التي سطرها التاريخ لتبقى على صفحاته شاهدة على ثبات الفئة المؤمنة ، وطغيان الظلم و أعوانه .
يخبر عن قصة القبض على مبارك عبد العظيم الأستاذ أحمد عبد المجيد فيقول :
" وتحت التعذيب الشديد لحبيب عثمان ولمدة 15 يومًا اعترف علي أعضاء أسرته ، واختفي النقيب ولم يتم القبض عليه ، وانقطع الخيط ، وكان هذا النقيب هو الأخ مصطفى الخضيري ، يرحمه الله .
وكان الشهيد عبد الفتاح إسماعيل مطلوب اعتقاله ضمن من اعتقلوا عام 1954 ، فلم يجدوه في قريته ، فذهبوا إلي أخيه الشيخ علي إسماعيل - رحمه الله - ليسألوا عليه فلم يجدوه فاعتقلوا الشيخ علي كرهينة وسألوه مع التعذيب عن معارفه فدلهم علي المهندس فاروق الصاوي ، وأفرجوا عنه .
وعلموا بصلة الشيخ عبد الفتاح إسماعيل بالشيخ محمد عبد المقصود العزب واعتقلوا صهره الشيخ عبد الفتاح فايد المقيم بالمطرية بالقاهرة فعذبوه عذابًا شديدًا اعترف بعدها علي بعض الشباب الذين يعرفهم الشيخ عبد الفتاح منهم ثلاثة بكلية الطب وواحد بكلية التجارة وهو محمود فخري فاعترف علي بعض الإخوان منهم محمد عواد أول شهيد عام 1965 في السجن الحربي ، وكان عنده مصطفى الخضيري (المحامي) الذي استطاع الهرب وكان هو نقيب أسرة حبيب عثمان الهارب .
وتحت التعذيب لمحمود فخري دلهم علي شقة مرسي مصطفى مرسي (باحث بالمركز القومي للبحوث) ، وعملوا فيها كمينًا علي القادمين للشقة التي كانت في إمبابة بمحافظة الجيزة . ومن القادمين للشقة والذين اعتقلوا عند طرق الباب الشهيد عبد الفتاح إسماعيل ومبارك عبد العظيم عياد وعلي عشماوي وحملوهم إلي السجن الحربي وكان ذلك يوم 20 أغسطس 1965 .
وحتى ذلك الوقت لم تتضح صورة التنظيم لهم ، وكانت الصورة أمامهم مجرد معارف ولقاءات ، ولكن علي عشماوي اعترف لهم اعترافات مذهلة بعد التعذيب المبدئي تمت علي أثرها حملة الاعتقالات الواسعة لأعضاء التنظيم وبعض معارفهم ، وأصدقائهم وأي إنسان له صلة بأي شخص بالتنظيم ، وشملت الإعتقالات جميع الإخوان علي مستوي الجمهورية من واقع ملفات المباحث العامة من عام 1948 حتى عام 1965 ."
ولقد عذب الأخ مبارك عبد العظيم تعذيباً شديداً في السجن الحربي خاصة ، حتى أنه أصيب بمرض في الأحبال الصوتية وظل يعالج عدة شهور حتى شفاه الله.
ثم حوكم مع إخوانه تلك المحاكمة الهزلية المعروفة ، و التي حكمت عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة .
وظل ينتقل بين سجون مصر مع إخوانه ، فقد رحل من عنبر الإيراد بليمان طره إلى سجن قنا والذي يصفه المهندس محمد الصروي بقوله : " موقع السجن في صحراء قنا القاحلة، والمناخ قاري هناك، شديد البرودة ليلاً شديد الحرارة نهاراً.
أما في الصيف فالحرارة مختلفة تماماً عما تعودناه في السجن الأخرى.. وإذا أغلقت الزنازين كان الأمر رهيباً.. والعرق أنهاراً."
يقول الأستاذجابر رزق في كتابهمذابح الإخوان في سجون ناصر :
" وقفت على " نظارة " باب الزنزانة . .وهي فتحة سعة العشرة قروش الفضية أو أكبر قليلا . . أخذت أرقب الخارجين إلى دورة المياه في الدور الثاني لأتعرف عليهم فعرفت الأستاذ محمد قطب . . وعرفت الأخ مبارك عبد العظيم ولكن هالني منظر الأخ حبيب عثمان الذي كان قد قبض عليه أوائل شهر أغسطس سنة 1965 وكانت لحيته كثة وغزيرة الشعر . . والشعر يغطى وجهه كله ولا ترى إلا أنفه وعينيه فقد استطال شعره حتى ذكرني للنظرة الأولى بالفتية في قصة أهل الكهف ورأيت بين من رأيت الأخ محمد الغزالي الصغير ابن أخ الحاجة زينب الغزالي وكان شابا صغير السن ذكيا ونشطا وسريع الحركة ورأيت شابا غيره أقر الله بهم عيني وزادني طمأنينة وسكينة وغمرتني سعادة وقلت لنفسي : أحمدك يا رب أنني في زمرة هؤلاء الشباب الطاهر المجاهد . ." .
خلف الأسوار ... إيمان و إيثار
صفات حميدة تحلى بها مبارك عبد العظيم .. شهد بها كل من عرفوه . غير أن أبرز هذه الصفات كانت صفتي : الإيمان الراسخ ، و الإيثار .
لقد أمرنا الله تعالى بالاستعانة بالصبر و الصلاة لزيادة الإيمان في القلب و تجديده . وامتثل الأخ مبارك عبد العظيم لهذا الأمر الإلهي فقد لازم الصبر و الصلاة في كل حياته خاصة في فترات المحن و الابتلاءات ، فكان لذلك أثر كبير في ثباته راسخا كالجبل الأشم ، بل و أيضا في ثبات غيره بسببه وتأمل كيف كان يؤدي الصلاة المكتوبة بخشوع يشعر به بل و يعايشه كل من يقف خلفه للصلاة .. يقول الأستاذ زكريا الطباخ :
" كان معي أخ اسمه مبارك عبد العظيم ، وكان طالبا في السنة الثانية في كلية العلوم .. هذا الأخ أثر في كثيرا ..فقد كان عندما يقف ليصلي تشعر فعلا أنه واقف أمام الله تعالى ، كان يصلي بخشوع وخضوع و أمانة.." .
ويقول المهندس محمد الصروي :
" كان الأخ مبارك عبد العظيم .. يصلى قيام الليل يستفتح بسورة البقرة .. ويتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم .. كما روى البخاري كانت قراءته مدا .. يمد ببسم الله , ويمد بالرحمن , ويمد بالرحيم كما تحدث السيدة عائشة رضى الله عنها عنه صلى الله عليه وسلم .. يقف مبارك عبد العظيم قارئا بهدوء وسكينة حتى تتملل أقدام المصلين وراءه ثم يركع .. وبعد السلام .. يقول " هذا هو الطريق " ولقد كان له فضل التربية الروحية لغالبية أبناء تنظيم القاهرة والجيزة ".
ومن أهم صور ثباته الرائعة موقفه من محنة التكفير.. وكيف كان صمام أمان حمى الإخوان من الانزلاق في هذا المنحدر الخطر .
يقول المهندس محمد الصروي عن إخوان الخمسات والذي كان مبارك عبد العظيم منهم :
" .... ولقد ظهرت هذه الطاعة واضحة جليلة في محنة " التكفير " داخل السجون والتي سنعرض لها في حينها فلقد كانوا صمام الأمن الذي نجا الإخوان من هذه المحنة وكانت لهم وقفة عظيمة إلى جانب الفكر الصادر من قيادة الإخوان آنذاك .. الأستاذ حسن الهضيبى فسارعوا إلى المبايعة الجديدة على هذا الفكر وعلى رأسهم مبارك عبد العظيم وبذل جهدا عظيما مع (الإخوان المسلمون تنظيم إخوان 1965 في سجن قنا لإقناعهم بفكر الأستاذ " حسن الهضيبي " ..
وعن نفس المحنة يخبر الأستاذ أحمد عبد المجيد فيقول :
" فعندما وصل إخوان 1965 إلي قنا ، طلب منهم الإخوان القدامى المحكوم عليهم في عام 1954 بعد فترة من استقرارهم كتابة بعض الأوراق الخاصة بآرائهم ، وقالوا إننا نريد أن نسمع منكم بعد الزوبعة التي أثيرت حولكم ، والكلام الذي قيل عنكم بأنكم تكفرون الناس ، وتصدرون الأحكام السريعة ، وترمون الحاكم بالكفر ، وقد ساهمت أجهزة الإعلام المختلفة في ذلك ، وقد أوضح لهم إخوان 1965 الأمر وأنهم لا يقولون بذلك ، ولا نكفر أحدًا دون ضوابط شرعية ، ثم إنه ليست قضيتنا هي إصدار الأحكام علي الناس والانشغال بذلك ، بل نحن ندعو الناس إلي الإسلام بصورته الواضحة الناصعة التي نزل بها علي رسول الله صلي الله عليه وسلم مع تبيان ما هم فيه الانحراف عن منهج الله حتى يفيقوا ويرجعوا إلي الله .
وبعدها تم كتابة مذكرة تقع في أربع وثلاثين صفحة (فولسكاب) تشرح جوانب العقيدة ، وما عليه أعضاء تنظيم 1965 ، اشترك في كتابتها البعض أذكر منهم الشيخ فتحي رفاعي ، مبارك عبد العظيم ، وعبد المجيد الشاذلي"
كان أيضا معروفا بين إخوانه بأنه صاحب نفس جوادة و كريمة تؤثر غيرها على نفسها ممتثلا أمر الله تعالى : " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " – سورة الحشر .. آية 9
ورتبة الإيثار من أعلى المراتب، وإنما ينشأ الإيثار عن قوة اليقين وتوكيد المحبة، والصبر على المشقة، مع الرغبة في الأجر والثواب و الفلاح .
يحكي لنا الأستاذ زكريا الطباخ هذا الموقف في الإيثار للأخ مبارك فيقول :
" رحل جزء من الإخوان إلى الواحات ، واستبعدت لكوني صغيرا ، فوجدت الأخ مبارك عبد العظيم و قد أتى ببلوفر من الصوف من نوع فاخر جدا و نادر ولم يكن يملك إلا هو - وكان مهربا له - وقام بلفه و أعطاه لأحد الإخوة .. فأثر في هذا الموقف كثيرا ، وما فيه من معاني الإيثار والحب في الله ".
هذا هو الأخ الفاضل مبارك عبد العظيم .. الجندي المخلص و المتفاني في خدمة الدعوة الإسلامية ، و الذي لم يأبه لكل المصائب التي واجهته في طريقه رغم هولها ذلك أنه كان يضع نصب عينيه قوله تعالى : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم و يعلم الصابرين ) – آل عمران .. آية 142 - فاستصغر بذلك الدنيا بما فيها طمعا في جنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين .
وفاته
ظل مبارك عبد العظيم على صله باخوانه الذين عاشوا معه المحنة غير انه ظل صامتا لا يتحدث عن تاريخه حتى رحل عن دنيانا يوم الاحد 14 مايو 2017م الموافق 17 شعبان 1438هجرية وقد نعته جماعة الإخوان على موقعها الرسمي
المراجع
- كتاب: الإخوان المسلمون تنظيم (1965) الزلزال ... والصحوة ،محمد الصروي ،لتحميل الكتاب
- كتاب: الإخوان وعبد الناصر .. القصة الكاملة لتنظيم 1965م ،أحمد عبدالمجيد.
- كتاب: الموتى يتكلمون ،سامي جوهر.
- كتاب: مذابح الإخوان في سجون ناصر ،جابر رزق .
- مقال:زكريا الطباخ ،أ. علاء ممدوح
وفاته
ظل مبارك عبد العظيم على صله باخوانه الذين عاشوا معه المحنة غير انه ظل صامتا لا يتحدث عن تاريخه حتى رحل عن دنيانا يوم الاحد 14 مايو 2017م الموافق 17 شعبان 1438هجرية وقد نعته جماعة الاخوان على موقعها الرسمي