محمد عبد المعطي الجزار
حوار: أيمن سيد
مقدمة
- الشهيد سيد قطب قال لي: "الوصف بالجاهلية لا يعني الكفر".
- الشيخ محمد الغزالي عبقريٌّ سبق عصره.
- الحملات الإعلامية ضدنا أتت بنتائج عكسية.
- أنصح الشباب بدراسة رسالة "التعاليم" للإمام حسن البنا.
وأنا في الطريق إليه تذكرت ذلك الجيل الأول من الإخوان المسلمين .. الذين حملوا دعوة إيقاظ الأمة من غفلتها وعودتها إلى صحيح الدين، وضحُّوا في سبيل ذلك بالغالي والنفيس.
ولعل له نصيبا من حديث النبي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يُفتقدوا، وإذا حضروا لم يُعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل فتنة عمياء مظلمة"، فكم هي المرات التي حاولت معه إجراء هذا الحوار، إلا أنه كان يأبى أن يطلع على جهاده غير الله.
إنه الدكتور محمد عبد المعطي إبراهيم الجزار .
المولد والنشأة
- الدكتور محمد عبد المعطي إبراهيم الجزار من مواليد سنة 18/2/1937م قرية ميت بشار مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، حفظ القرآن الكريم في سن التاسعة في كُتَّاب القرية، وحصل على الشهادة الابتدائية سنة 1950م، من مدرسة الأقباط الابتدائية بميت بشار، وحصل على الثقافة العامة سنة 1954م، من مدرسة الألفي الثانوية بمنيا القمح، وحصل على التوجيهية قسم رياضة 1955م، وحصل على بكالوريوس العلوم جامعة القاهرة في 1960م، ثم عيِّن معيدًا في هيئة الطاقة الذرية في 27/8/1960.م
- ثم حصل على الماجستير في كلية العلوم في 1964م في موضوع نظرية التفاعلات النووية، ثم اعتقل في 20/8/1965م مع قيادات وكوادر الإخوان المسلمين، ثم صدر الحكم عليه في 20/8/1966م بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 سنة.
- مكث في السجن الحربي بعد صدور الحكم حتى 17/6/1967م، وبعدها تمَّ ترحيله إلى سجن طرة حتى أُفرج عنه في عام 1975م.
- بعد خروجه من السجن شارك مع إخوانه في إعادة بناء تنظيم الإخوان من جديد، وقام بتسجيل الدكتوراه في عام 1976م، وحصل عليها في عام 1980م، وتمَّ تعيينه بدرجة مدرس في هيئة الطاقة الذرية، ثم سافر إلى المملكة العربية السعودية في عام 1984م حتى 1998م.
حوار مع الدكتور محمد عبد المعطي الجزار
- في البدايه.. كيف تعرفتم على جماعة الإخوان؟
- في سنة 1958م كنت أتردَّد على مكتبة الجامعة، فقابلني أحد الزملاء وسألني عما أقرأ، ولما أجبت بأنني أقرأ أي كتاب سألني، هل قرأت شيئًا في تفسير القرآن الكريم فلما أجبته بالنفي، دلني على كتاب "في ظلال القرآن" للأستاذ الشهيد سيد قطب؛ بحثت عن الكتاب فوجدت منه في أرشيف المكتبة خمسة أجزاء، فقرأتها وتأثرت بالكتاب جدًّا؛ حيث إنني علمت منه ما لم أكن أعلم عن هذا القرآن.
دور القرآن الكريم
- ما الشيء الذي تأثرت به في تفسير الظلال؟
- لم أكن أعرف قيمة القرآن الكريم؛ من حيث أنه كتابٌ أخرج به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هذه الأمةَ من جاهليتها إلى أن صارت أمة تُقيم هذا الدين في حياتها العقائدية، والاجتماعية، والسياسية، وفي كل أمورها الأخرى، ثم قامت هذه الأمة بواجبها تجاه هذا الدين فدعت غيرها من الأمم إلى هذا الدين العظيم.
- لم أكن أعرف دور القرآن الكريم في نهضة الأمة الإسلامية، ولم أكن أتصور هذا الأمر إلا عندما قرأت مقدمة كتاب الظلال، فانبهرت بذلك فتحوَّلت من قارئ للقرآن إلى متدبِّر للقرآن.
- ثم سألت عن الأستاذ سيد قطب فعرفت أنه مسجونٌ في قضيةللإخوان المسلمين، وقتها لم أكن أعرف عن الإخوان المسلمين شيئًا.
- وأثناء بحثي في كتب أرشيف المكتبة، صادفني بعض الكتب الأخرى للأستاذ سيد قطب مثل كتاب "العدالة الاجتماعية في الإسلام"، وكتب أخرى للشيخ محمد الغزالي، والشيخ سيد سابق؛ فتأثرت بها، وسألت عنهما فعرفت بأن الشيخ محمد الغزالي يخطب الجمعة في مسجد الأزهر، وأن الشيخ السيد سابق يخطب الجمعة في مسجد عمر مكرم بالتحرير.
- فكنت أذهب إلى هذين المسجدين بالتناوب، إلى أن تعلقت بالشيخ محمد الغزالي تعلُّق القارئ المحب الذي يبحث عن أي كتاب يقرؤه للشيخ، وواظبت على حضور خطبته في الأزهر، ولم أترك أي درس أو محاضرة له في أي مكان إلا وحضرتها.
- كانت خطبة الشيخ الغزالي خطبة في نفس السياق الذي قرأته في كتاب ظلال القرآن الكريم، وكأن الاثنين يتكلمان بلسان واحد، فقد أثر هذا الشيخ في نفسي أثرًا عظيمًا؛ حتى إنني أقول: إن هذا الرجل هو الذي حببني في هذا الدين، ونال إعجابي بهذا التراث من التفكير العقلاني المتحرر، فقد كان عبقريًّا يسبق عصره.
أما الشيخ سيد سابق؛ فكنت أرى فيه الأكاديمية العلمية، فاشتريت كتابه (فقه السنة)، وكنت أشتريه جزءًا جزءًا، وكان لهذا الكتاب الأثر العظيم في معرفتي بالدلالة النصية على الحكم الشرعي، وأن ما أقوم به من عبادات له أدلته من القرآن والسنة.
وفي تلك الأيام كنت أصلي العصر في مسجد عمر مكرم، فبعد الصلاة قام أحد الناس- وكان يرتدي ملابس الباكستانيين- يلقي درسًا، شرح فيه سورة العصر بطريقة حركية عجيبة، ثم دعا الحاضرين بعد الدرس إلى اللحاق بمسجد بالسبتية في حوض الزهور؛ حيث كانوا يقيمون هناك.
فذهبت معهم، وأقمت معهم في المسجد 15 يومًا كاملة، فكانوا يمثلون جماعة الدعوة والتبليغ، وظللت معهم حتى سافروا إلى أداء فريضة الحج في هذه السنة، وهي سنة 1962م.
وقد عايشت هذه الجماعة معيشة يومية من صيام وقيام وأحببتهم حبًّا جمًّا، وظل التواصل معهم من خلال مسجد أنس بن مالك ومسجد الاستقامة بالجيزة، وكان بعض هؤلاء لهم صلة ببعض الإخوان المسلمين، فبدأت تدور بيننا مناقشات وأخذ ورد مع هؤلاء الإخوان، فلجمال حديثهم وقوة حجتهم؛ استطاعوا أن يضموا بعض الإخوة من جماعة التبليغ، وأنا كنت واحدًا منهم.
"مفهوم قيام الدولة الإسلامية مسئولية المسلمين جميعًا" لم يكن معلومًا وقتئذٍ، ولم يبرز في فكري من قراءاتي السابقة في الظلال أو في فقه السنة أو غيره من الكتب أو اللقاءات التي حضرتها؛ بل إن جماعة الدعوة والتبليغ كانت تركز على ستة مواضيع، من بينها التحذير من الاشتغال بالخلافات السياسية، لكن الإخوة الذين دعوني للالتحاق بالإخوان أثاروا معي هذا المعنى، ودارت نقاشات طويلة حول السياسة والدين، وكان كتاب "النظريات السياسية" لمؤلفه الدكتور محمد ضياء الدين الريس؛ موضع مدارسة ومناقشة في هذا الموضوع، فكان بذلك الخاتمة الفكرية بعد الظلال وفقه السنة اللذين كونا قناعتي الإسلامية.
وانتقلت إلى جماعة الإخوان إلى أن أصبحت في أسرة إخوانية، وزرت الأستاذ سيد قطب في حلوان عدة مرات.
- صف لنا أول لقاء بينكم وبين الشهيد سيد قطب؟
- كان الأستاذ الشهيد سيد قطب أحد أعلام مفكري الأمة في زمانه، فقد زرته أنا وأخ من زملائي بهيئة الطاقة الذرية، وتناول الحديث عن الإسلام وقضايا الأمة وما تعانيه من مشكلات، وضرورة الحركة الإسلامية لتغيير الواقع الأليم، وإعادة الخلافة الإسلامية الراشدة، وتناول الحديث أيضًا عن الطاقة الذرية ومجالاتها، وكان رضي الله عنه يحتفي بنا كثيرًا، ويرحب بنا كأننا ممثلون للطاقة الذرية بالجماعة.
حقيقة الجاهلية
- ما رأي الشهيد سيد قطب الحقيقي في موضوع الجاهلية؟
- سألت الأستاذ سيد قطب عن موضوعي الجاهلية والكفر.. فكان ردُّه أن الإيمان يقابل الكفر، وهما عمليتان متقابلتان، وأن الإسلام يقابل الجاهلية، وأن الوصف بالجاهلية لا يعني الكفر، وأوضح أن الجاهلية انحرافٌ عن الإسلام في الظاهر، وقد يصل هذا الانحراف إلى الكفر.. فالجاهلية قد تطلَق على إحدى المخالفات مثل قول الرسول الكريم "إنك امرؤ فيك جاهلية"، فالوصف بالجاهلية لا يعني الكفر.
- وكان ذلك أثناء محاكمتي ضمن 42 أخًا في القضية التي أُطلق عليها "قضية سيد قطب"، وكان معي فيها الأستاذ سيد قطب والحاجة زينب الغزالي والحاجة حميدة قطب.. فكنا نقضي ساعات المحاكمة في القفص أو في عربة الترحيلات في المناقشات والحوارات، وكنا نسأل الأستاذ سيد قطب في قضايا كثيرة، ومنها قضايا الجاهلية والكفر واستهداف الإسلام وسياسة الدولة تجاه الإخوان، وكان يجيبنا بكل حب، وكانت هذا القضايا مثارَ اهتمام الجميع، خصوصًا في جوِّ الاعتقال والسجن والتعذيب، وفي عدم وجود كتب أو مراجع لنا.
- كم مرة اعتُقلت؟
- اعتقلت ثلاث مرات؛ المرة الأولى في 1965م وحكم عليَّ فيها بالسجن بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 سنة، والمرتان الأخيرتان كانتا خلال السنتين الماضيتين؛ الأولى احتجزت فيها لمدة 52 يومًا والثانية لمدة 40 يومًا.
- ما ذكرياتك في المعتقل؟
- السجن الحربي مليء بالذكريات المؤثرة والمؤلمة من الإهانات والتعذيب البدني والنفسي، فقد تُوفي والدي أثناء اعتقالي، فلم أحضر جنازته، ولم آخذ العزاء، كما أنه لم يتم السماح لعائلتي بزيارتي إلا مرة واحدة فقط، ومن خلال الأسلاك وبيننا فاصل يبلغ ما يقارب المترين، ووسط حضور جميع المعتقلين وأهليهم؛ فلم أستطع أن أراهم جيدًا، أو أسمع شيئًا منهم وسط ضجيج الجميع.
غسيل المخ
وأبرز الذكريات هي ما كانت تُسمى بعملية "غسيل المخ"؛ حيث يُحضرون لنا الشيوخ والمفكِّرين وغيرهم، وكان أبرزهم الشيخمحمد بيصار شيخ الأزهر وقتها، والشيخ محمد فتح الله بدران، ومن المفكرين عبد الغني سعيد، والدكتور أحمد شلبي؛ حتى يعملوا لنا "غسيل مخ" أي محاولة تغيير أفكارنا.
وأتذكر أن أول شيخ حضر لنا هو الشيخ محمد بن فتح الله بدران، فقد جمعونا وحولنا اصطف الإخوان، وهو يجلس أمامنا في حجرة، ونحن نجلس على الأرض، وكان لدينا توجس حول هذه القضية ماذا يريدون من مناقشاتنا بعد كل ما حصل، وقد نبَّه علينا العساكر أنه لا مناقشة ولا أسئلة، بل استماع فقط.
وقام حمزة البسيوني بتقديم الشيخ قائلاً: إن الرجل (يقصد عبد الناصر) قلبه كبير يريد أن يتناقش معكم، ويفتح صدره لكم، ولكن أنا في تقديري أنكم لا تستحقون إلا الإبادة والبتر من هذا المجتمع؛ لأنكم مثل السوس ينخر في جسم المجتمع، وقد قابلتكم في 65، والآن وأنا أقابلكم هنا وسأقابلكم في 1975م، وأنا الكرباج وأنا القاضي وأنا اللي بيدي حبل المشنقة.. ثم قال اتفضل يا أستاذ:
والشيخ بعد أن حمد الله وأثنى عليه- وكان هذا الشيخ زميل الشيخ عبد الستار فتح الله السعيد الذي هو معتقلٌ معنا أثناء هذه المناقشة- قال: إن لي شرطًا وحيدًا عليكم قبل أن أبدأ كلامي؛ هو أن يستحضر كل واحد منكم ليفة حمراء، والتي تستعمل في غسيل الأواني ليغسل كل منا ما في رأسه من أفكار. وكان من تقدير الله أن هذه المقدمة ساعدت في تنبيه الإخوان إلى هذه المحاولة الماكرة، وفي عدم دخولنا في حوارات أو طرح أسئلة على هذا الشيخ أو غيره.
في إحدى هذه المحاضرات.. أخ من الإخوان غلبته نفسه وسأل سؤالاً.. وطالت إجابة الشيخ على السؤال، حتى تململ الحرس فلما رجعنا إلى السجن جمعنا هؤلاء الحرَّاس ونادَوا إلى هذا الأخ صاحب السؤال، وقالوا له ولنا جميعًا: ألم تعلموا يا أولاد (….) أن هذا الشيخ الذي يحاضركم لو قال غير الذي يقول لسُجِنَ معكم افهموا يا أولاد (...) وكان يومًا عسيرًا علينا، وظلوا يعذبوننا طوال اليوم على هذا السؤال!.
المحاكمة!!
- ما ذكرياتك عن المحاكمة؟
- كانت تُنصَب الخيام في السجن الحربي لوكلاء النيابة بجوار مكاتب التعذيب، وكان يُطلَب من كل منا أن يكتب سيرته الذاتية، ومعها اعترافاته التي أقرَّ بها تحت التعذيب، وكان وكيل النيابة يسأل المعتقل منا في بنود هذا الإقرار، فإذا وافق كلامنا ما في التقرير فبها ونعمت، وإذا خالف كلام أحد منا ما في التقرير يبعثه لمكاتب التعذيب ليُضرَب ويُقِرَّ بما في التقرير.
- وأثناء التحقيق كنا نسمع أصوات المعتقلين الذين يعذَّبون، وأتذكر أن وكيل النيابة بعد أن انتهى من أخذ أقوالي قال لي: أنت حكمك ثقيل.. ألا تريد أن تكتب التماسًا يخفف هذا الحمل فرددت عليه بأني مستعدٌّ للإجابة عن أي سؤال، فاسأل أجيبك، فقال لي: أنا أحب أن تكتب التماسًا، فقلت: أنا عند موقفي، فقال سأتركك تفكر، وذهب إلى مكاتب التعذيب، وعاد إلي بعد وقت طويل ليقول: لي هل كتبت شيئًا؟ قلت له: أنا قلت لحضرتك قبل ما تمشي: إني مستعدٌّ أن أجيب عن أي سؤال، قال: ألم تسمع إلى الحكمة التي تقول: "لأن يقولوا: جبان فرَّ خيرٌ من أن يقولوا: شهيدٌ يرحمه الله"، وقلت له: لم أسمع عن هذه الحكمة من قبل، فردَّ عليَّ بغضب، وقال مع السلامة.
- من كان معك من شيوخ الأزهر أثناء المحاكمة؟
- الشيخ محمد عبد الله الخطيب والشيخ عبد الستار فتح الله سعيد وغيرهما.
- وكيف كان حال رمضان في المعتقل؟
- مرَّ عليَّ في المعتقل عشرة رمضانات، وكنا نشعر فيها بالحرمان والجوع، ولكن التعذيب كان يقل بعض الشيء في رمضان.
- وماذا حدث بعد خروجك من المعتقل؟
- لما خرجت من السجن في 1975م التقيت الحاج مصطفي مشهور، وكانت المقابلة شبه بيعة، ثم تلا ذلك جلسات لدراسة أحوال الإخوان وإعادة بناء التنظيم.
- وكانت هناك اجتماعاتٌ مع الأستاذ عمر التلمساني وكبار الإخوان، وتألفت مجموعات للعمل وكنت المسئول عن مجموعة القاهرة.
- وكان في ذلك الوقت بالجامعات المصرية تنتشر "الجماعة الإسلامية"، يقودها شباب متحمِّسون للإسلام، وكانت هناك اتصالاتٌ بينا وبينهم، وكان جزءٌ كبيرٌ منهم يميل إلى فكر الإخوان عن غيرهم، فتمَّ دمجهم مع الإخوان القدامى في الأسر؛ حيث تتكون الأسرة الإخوانية من النقيب واثنين من الإخوان القدامى، واثنين من شباب الجماعة الإسلامية.
- ما برنامجك اليومي؟
- يبدأ مع صلاة الفجر، بعدها أجلس مع إخوان بالمسجد، ونقرأ كل يوم جزءًا من القرآن الكريم ونذكر الله تعالى، ثم أعود إلى البيت أقوم بالكتابة حتى الساعة 7 صباحًا، ثم أسمع نشرة الأخبار، وعندي بعض الدواجن أضع لها الطعام وأصلي الضحى، وأنام في حدود التاسعة إلى صلاة الظهر، ثم أفطر بعد صلاة الظهر، ثم أقضي ما عندي من ارتباطات أو مواعيد، ثم أنام ساعة القيلولة قبل صلاة العصر، بعدها أقوم بعمل مراجعات لبعض الكتب لـ"دار الأندلس"، ثم مطالعة الكتب ومدارستها، ثم أنام بعد العشاء، وأحرص على عدم السهر.
- ما السر في بقاء دعوة الإخوان رغم هذه المحن؟
- إنها دعوة الله سبحانه وتعالى.. كما أن الحملات الإعلامية التي كان يروِّج لها النظام ضد الإخوان قد أتَت بنتائج عكسية، فتعرَّف الناس على دعوة الإخوان وهم في السجون والمعتقلات، والهجوم الشديد على كتب الأستاذ سيد قطب قد هيَّأ وأوجدَ أرضيةً ضخمةً للإخوان، إلى جانب خطب الشيخ الغزالي في جامع الأزهر، وخطب الشيخ السيد سابق بمسجد عمر مكرم، كل هذه قد حرَّكت المياه الراكدة، وغيَّرت عقول الناس.
- بعد هذه السنوات في ظل دعوة الإخوان ماذا تعلمت منها؟
- أهم حاجة عرفتها في ظل الإخوان المسلمين أن القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وعمل الصحابة الكرام؛ هو منهج الإسلام الصحيح، وتلك هي المرجعية الأساسية التي نؤمن بها، ونعمل لها، ونسعى لتطبيقها في حياتنا وحياة الناس.
كما تعلمت أن الدين العظيم يشمل كل مظاهر الحياة، فلسنا بحاجة إلى غيره.
كما تعلمت من خلال دعوة الإخوان أنه لا عصمة لأحد من البشر، وأن كلاًّ يؤخذ من كلامه ويردُّ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذا تعلمت نظام الالتزام والتربية على هذه المبادئ، وأثَّر ذلك في إيجاد الجيل الذي يحمل عبء هذه الدعوة خلفًا عن سلف، وهذا على غير ما عليه له بعض الدعاة من الوقوف عند الكلمة أو الموعظة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو النصيحة، على مذهب (قل كلمتك وامشِ).
إقرأ أيضا