الإمام البنا يكتب عن الكعبة والحج والعيد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الإمام البنا يكتب عن الكعبة والحج والعيد

مقدمة

موضوعات ذات صلة
  1. الإمام البنا وأدب الخلاف وفقه الاختلاف
  2. الإمام البنا والمشروع الإسلامي
  3. الإمام البنا ورحلات الإخوان للحج
  4. الإمام البنا يدعو إلى مقاطعة اقتصادية من أجل فلسطين
  5. الإمام البنا يكتب عن الكعبة والحج والعيد
  6. الإمام البنا يكتب عن: الحج والعمرة في الإسلام
  7. الإمام البنا يكتب عن: المولد النبوي الشريف وفلسطين
  8. الإمام البنا يكتب للفلسطينيين عن صناعة الموت
  9. الإمام البنا يكتب: "أنواع الربا وأحكامه"
  10. الإمام البنا يكتب: حول محاولات تقسيم الأمة إلى طوائف
  11. الإمام البنا يكتب: لماذا يشترك الإخوان في انتخابات مجلس النواب
  12. الإمام البنا.. إلى حجاج بيت الله الحرام
  13. الإمام البنَّا والأبعاد الاقتصادية في فكر الإخوان المسلمين
  14. الإمام الشهيد يكتب: هبي ريح الجنة
  15. الإمام حسن البنا في رؤية الشيخ محمد الغزالي
  16. الإمام حسن البنا في عيون معاصريه
متفرقات-للإمام-البنا.gif

لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك، بهذا النشيد المحبب إلى القلب ارتفعت أصوات حجاج بيت الله به، بل ارتفع به قلب كل مؤمن في هذه الأيام الكريمة، لقد أسرعت الأجساد للطواف ببيت الله الحرام، وصفت القلوب وقت أن وقفت بين أيدي الله الغفور الشكور، طالبة الغفران والرحمة.


إن الحج هو أسمى معاني الوحدة بين المسلمين فانظر كيف أن كل مسلم في كل مكان يدخر المال لهذه الوقفة الكريمة التي يبتغي من ورائها غفران الله للذنوب، بل يبتغي تجسيد أسمى معاني الوحدة بين المسلمين، ولهذه المعاني كان الإمام البنا حريصًا كل الحرص على السفر في الشهر الحرام للطواف حول الكعبة، ومقابلة المسلمين لتعليمهم فضل الوحدة بين المسلمين، وفضل هذا الشهر وهذه الكعبة في توحيد المسلمين.


فكتب الإمام البنا بهذا المناسبة وتحت عنوان (حول الكعبة) يقول: "﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26)﴾ (الحج). هناك قواعد أساسية تقوم عليها الإنسانية الصالحة، منها المساواة، والأخوة، ومقاومة الشر، وحب السلام والخير، وحسن الصلة بالله العلى الكبير.

ولقد جاء الإسلام الحنيف ينادي بهذه القواعد، ويقررها فرائض من فرائضه وأهدافًا توصل إليها كل تعاليمه وينطق بها القرآن الكريم، وتظهر جلية في أحاديث النبي العظيم صلى الله عليه وسلم وأفعاله وكل تصرفاته.


ولكن التقرير النظري لا يكفي وحده حتى تقوم الأعمال التطبيقية، والرموز الحسية بتجسيم هذه المعنويات وتدعيمها في النفوس، والأفئدة، والأرواح. ولهذه المهمة الجليلة شرع الله الحج، وفرضه على المستطيعين من عباده، وقال:﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾' (آل عمران: من الآية 97).

هذا الإحرام الذي يتجرد فيه كل حاج من ثيابه جميعًا، ويرتدي ثوبين اثنين بسيطين كل البساطة في شكليهما، ولونيهما، ووضعيهما، إزار ورداء لا غير.. إنما هو إعلان لهذه المساواة بين الناس بزوال شارات التفريق التي تحملها هذه الملابس العادية باختلاف قيمها، وأشكالها، وألوانها، ومظاهرها. إنك لترى الحجاج وقد تجردوا من ثيابهم، وأحرموا لله رب العالمين؛ فلا تكاد تميز بين أمير ومأمور، وكبير وصغير، ورئيس ومرؤوس، ووجيه ومغمور، كل أولئك قد سوى بينهم المظهر الجديد؛ فلا اختلاف ولا تمييز.


وبهذا الإحرام يحرم على الحاج أن يحلق شعره، أو يقص ظفره، أو يقطع شجرًا، أو يهيج صيدًا، أو يقتل حشرةً، أو ينال مخلوقًا بسوء؛ حتى لو لقي قاتل أبيه لما استطاع أن يمد إليه يدًا، أو يتجه إليه بانتقام، وهذا تدريب عملي يتجسم به معنى المسالمة والسلام، فتنطبع به النفوس، وتنطوي عليه الجوانح والقلوب.


وهذه الكعبة المشرفة التي رفع قواعدها إبراهيم، وأعانه في ذلك إسماعيل إنما هى علَم الوحدة الإنسانية والأخوة البشرية، ورمز ارتباط القلوب والنفوس والأرواح ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ﴾ (المائدة: من الآية 97)، تهوي إليها الأفئدة، وتطوف بها القلوب تارة، والأشخاص تارة أخرى، وتستقبلها الوجوه في كل مكان إيذانًا بوحدة الوجهة، وتقديرًا لهذه الوحدة. والحجر الأسود فيها نقطة التقاء المشاعر الإنسانية، والعواطف الإخوانية؛ فمن صافحه فكأنما يصافح إخوانه من بني الإنسان جميعًا، ومن قبله فكأنما يرسل إليهم على صفحته بإخلاصه ومودته ومظهر إخائه ومحبته.


وهذه الجمرات يقف أمام هدفها الحاج متمثلاً أن قوى الشر قد جسمت في إبليس لعنه الله، وأنه الآن قد طهر من الآثام، وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، بعد أن سعد بوقفة عرفات، وتدلت عليه من الله الرحمات والفيوضات؛ فعليه أن يكون للرحمن وليًا، وللشيطان عدوًّا، وإنه ليعرب عن كل هذه المشاعر، ويرمز إلى مدلول هذه الخواطر بهذا العدد من الحصى يقذف به وجه عدوه اللعين؛ إرضاء للرحمن، ورجمًا للشيطان، باسم الله والله أكبر.


والحاج في كل هذه المواقف موصول القلب بالله- تبارك وتعالى-، معلق النفس والروح بمغفرته ومثوبته ورضائه ومحبته، فإذا أحرم فشعاره "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"، وإذا طاف فعمله دعوات صاعدة إلى السماء، وابتهال وبكاء، والتزام ودعاء، واستلام وتقبيل، وأنس برحمة الله الكبير الجليل، اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، وإتباعًا لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم.


ويقول الذين لا يعلمون: إن هذه الكعبة والحجر بقية من وثنية الجاهلية أقرها الإسلام، ونقول لهؤلاء: إنما جاء الإسلام ليحطم الوثنية في كل صورها، وليقضي على عبادة الأوثان والأصنام، وإن كل موقف من مواقف الحج إنما هو تقرير لهذه الوحدانية، وإسلام الوجوه والقلوب لله وحده الملك العلام، وإنما مَثَل الكعبة والحجر كمثل هذا العلم تنصبه الدول رمزًا لمجدها، وشعارًا لوطنها، فتخفق له القلوب، وتهتز لاهتزازه الأفئدة لا لذاته، ولكن لما يشير إليه من معنى عظيم، وشعور كريم.


ولقد أراد الله الحكيم العليم أن تكون الكعبة هكذا عَلَمًا مركوزًا على الأرض؛ تتجسم به الوحدة العالمية، ويرمز إلى هذه الأخوة الإنسانية، واختار إبراهيم وهو موضع التقدير والتكريم من كل أهل الأديان السماوية؛ لإنفاذ هذه الإرادة الربانية، فصدع بأمر الله واستجاب لنداء مولاه، وسأله بعد ذلك أن يتقبل عمله، وأن يبارك له فيما أولاه ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)﴾ (البقرة)، ولعلها الحكمة الإلهية أن يقطع الله على هؤلاء المتربصين حبل الجدل وتشقيق الكلام بأن يختار لهذه المهمة محطم الأصنام.


وإن العمل العظيم في مغزاه ليصغر إذا جهل الناس هدفه ومرماه، وكذلك هذا الحج الذي أقام الله به دعائم الصلاح والقوة في الحياة أصبح عند الكثيرين عبادة آلية عادية يؤدونها، وخيرهم من يرجو بها المثوبة والأجر، أما ما وراء ذلك من المنافع المادية والروحية والاجتماعية التي أشارت إليها الآية الكريمة ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ﴾ (الحج: من الآية 28)؛ فإنهم لا يطيلون فيها التفكير، ولا ينظرون إليها نظرة الفاحص الخبير.


فاللهم فقهنا في ديننا، وانفعنا بهذا الفقه في دنيانا وآخرتنا، واجعلنا جميعًا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب".


إن البيت الحرام له مكانة في فلب كل مسلم في العالم، فهو بيت الله الحرام والذي جعل الله توحيدًا لأفئدة المؤمنين في كل مكان، بل ملتقى هذه القلوب الطاهرة التي أتت حبوًا لله، إنها قلوب صفت وطهرت، فلقد تجرد كل حاج من الرفث واللغو والفسق، وطهر لسانه وقلبه طمعًا في أن تتنزل رحمات الله عليهم في يوم عرفات.


ولقد كتب أيضا الإمام البنا حول هذا المعنى تحت عنوان (حكمة) يقول:- "﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ (البقرة: من الآية 269).


هذا البيت الحرام بين يدي رسول صلى الله عليه وسلم، وها هو يرى فيما يرى النائم- ورؤيا الأنبياء وحي مطاع مصدق- أنه يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ويعتمر آمنًا مطمئنًا، وإذن فلا بد لهذه الرؤيا من تصديق، ولا بد من رحلة إلى مكة المكرمة بعد أن طال بها العهد وشط عنها المزار.


وتقف نجائب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على أبواب مكة عند الحديبية، وقد ساقوا الهدى وأهلوا بالعمرة، وتذهل قريش لهذا النبأ، فيأتمرون ويقسمون ألا يدخلها عليهم محمد وأصحابه عنوة، ويوفد إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه ليفاوضهم في الأمر، وليعلمهم أنهم ما جاءوا فاتحين ولا محاربين، وإنما جاءوا لعمرة ونسك، ولا يحل لهم أن يصدوا أحدًا عن بيت الله، أو يحولوا بينه وبين ما يريد من طواف وسعي، فيحتجزه القوم فترة.


ويصل نبأ ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فيسند ظهره إلى الشجرة، ويتنادى أصحابه إلى البيعة، بيعة الموت والفداء واستخلاص الحق بالدماء، ويفزع ذلك قلوب المتجبرين في مكة، فيطلقون عثمان، ويوفدون الرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليردوه عن قصده، ويتردد هؤلاء الرسل بين القوم والنبي عليه الصلاة والسلام.


وينتهي الأمر إلى اتفاق ظنته قريش انتصارًا، وظنه الكثير من المسلمين إج

موضوعات ذات صلة

موضوعات ذات أهمية عن الإمام البنا

الإصلاح الإجتماعي عند البنا

قضايا المرأة والأسرة

محاربة الفساد

نظرات في التربية والتعليم

الإصلاح السياسي عند البنا

الإخوان بين الدين والسياسة

الإخوان ووحدة الأمة

قضايا سياسية

مطالب الإخوان بتطبيق الشريعة

محاربة الاحتلال

الإمام البنا والقضية الفلسطينية

تراث الإمام البنا في موسم الحج

موضوعات متنوعة عن الإمام البنا