العلاقة بين الإخوان والأزهر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
العلاقة بين الإخوان والأزهر الشريف

بقلم: محمد الصياد

تمهيد

الجامع الأزهر .. قلعة الوسطية

لا شك أن الأزهر قلعة الوسطية وحصن الشريعة ، في العالم الإسلامي ، وهو المؤسسة العلمية العريقة التي تتسع أجنحتها لتحتضن المذاهب الفقهية الأربعة التي تلقتها الأمة بالقبول ، وتضيف إليها بعض المذاهب الشيعية في لمحة قوية لوحدة الأمة الإسلامية ولفلسفة التقارب السني الشيعي الذي هو محور مهم من المحاور التي يرتكز إليها الأزهر الشريف .

الأزهر كذلك يدرس المذاهب العقدية الأشعرية والماتريدية والحنبلية ، فثمة انفتاح إذن علي كل الأفكار والمناهج الموجودة علي الساحة الإسلامية .

والأزهر حينما يتعامل مع الآخر فمن منطلق حرصه علي وحدة الصف الإسلامي ، ولا يفوتنا في هذا السياق أن الأزهر مؤسسة علمية عريقة كبرى ، وليس حزبا سياسيا ، وليس جماعة دعوية وليس فرقة صوفية ، فالأزهر بوتقة كبرى تحمل في لبناتها كل هذا وغيره . فمن البدهي إذن أن تجد الأزهر به أفراد أصحاب توجه سياسي أو فكري معين . فيجب أن يكون الأزهر بمثابة الأب المحتضن لكل هذه الطوائف .

ولقد كان الأزهر عبر تاريخه بهذه المثابة ؛ كان الدائرة الواسعة التي تضم شراذم الأمة وفرقها وتعصم الأمة المباركة من التشرذم والتفرق ، وهذا دور المؤسسات العلمية العريقة في كل مكان .

نريد أن نقول بأنه لا ينبغي لأحد أن يجعل الأزهر ندا ومناهضا لأي من التيارات الإسلامية لأنه بذلك يخلط الأمور ، بين مؤسسة علمية منحصر أدائها في تخريج طلبة العلم وأساتذة الدعوة الذين يمارسون الواقع بالمنهجية الأزهرية ، وبين جماعة دعوية لم تزعم أنها مؤسسة علمية ، أو حزب سياسي لم يدعي أنه جاء ليسحب البساط من تحت الأزهر .

وفي هذه الورقات نناقش التقارب المنهجي بين الإخوان والأزهر ، ونثبت فيها أن لا خلاف بين المدرسة العلمية العريقة الكبرى وبين الجماعة الدعوية السياسية التي قامت أركانها علي كتف علماء الأزهر وأبنائه بشهادة وثناء الإمام المؤسس الشهيد حسن البنا رحمه الله .


الإمام البنا والأزهر

الامام البنا يخطب في الجامع الازهر عام 1945م


كان الإمام البنا شديد الاحترام للأزهر والأزهريين وكان محبا لهم ، واعتمد عليهم في تشييد دعوته كالشيخ طنطاوي جوهري صاحب جواهر القرآن ، وكالشيخ الباقوري والغزالي وعبد اللطيف دراز وغيرهم .

وقد عبر حسن البنا عن تكامل الأزهر الشريف مع الإخوان المسلمين بقوله: " إن الأزهر معقل الدعوة وموئل الإسلام، وأنه اعتبر دعوة الإخوان دعوته وغايتها غايته، وإن صفوف الإخوان امتلأت بعلماء الأزهر, وشبابه الناهض، وكان لعلماء الأزهر الشريف وطلابه أثر كبير في تأييد الدعوة ونشرها.. (1)

كذلك كان هنا ألفة وود بين الجانبين والتيارين الكبيرين في العالم الإسلامي . فاحتفلت جماعة الإخوان بولاية الشيخ المراغي لمشيخة الأزهر الشريف (1935-1945) وأقامت احتفالية بهذه المناسبة، وألقى مصطفى الطير -مدرس بالأزهرالشريف وكاتب بجريدة الإخوان- قصيدة يمتدح فيها المراغي مطلعها .. (2):

شع منه الهدى ولاح يقينه
وبدا علمه الغزير يزينه

الجماعة والأزهر

في 1352هـ، الموافق 1933م، اجتمع مجلس شورى الإخوان بالإسماعيلية ومثل فيه كل فروع الجماعة، حيث رفع فيه الإخوان عريضة إلى شيخ الأزهر الظواهري (1929ـ 1935) مشفوعة برجاء من مكتب الإرشاد لشيخ الأزهر يطالبونه باتخاذ الوسائل المختلفة لمواجهة المنصرين، والتدخل بنفوذه لدى الملك لتحقيق مطالب المجلس في هذا الشأن، وهي ستة مطالب شملتها العريضة، وهذا نصها بعد المقدمة .. (3):

حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الأزهر...

قد اشتد أذى المنصرين للإسلام والمسلمين، واتخذوا المستشفيات والمدارس والملاجئ وسائل للعدوان على الإسلام، واستغلوا البؤس في شراء الضمائر، وإفساد العقائد مما لا يقره منطق ولا يسلم به قانون.

ولسنا في حاجة إلى التدليل على ذلك، فالحوادث المستفيضة خير شاهد على ذلك، وقد أدى العدوان إلى إثارة مشاعر المسلمين وإهاجة شعورهم في مشارق الأرض ومغاربها لولا أنهم مستمسكون بالحكمة متذرعون بالصبر منتظرون جهودكم الصادقة ودفاعكم المجيد.

يا صاحب الفضيلة لابد للناس من وَزَعة, وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وللحكومة أن تحافظ على دينها كما تحافظ على قانونها، لأن دينها جزء من دستور الدولة وهو قانونها الأعلى.

وإن مجلس شورى الإخوان المسلمين العام المجتمع بمدينة الإسماعيلية، بتاريخ 22 صفر 1352هـ/1933م، والتي مثلت فيه دوائر جمعياتهم في بلاد القطر المختلفة يرفع إليكم هذه الكلمة راجيا من حكومة جلالة الملك العادل حامي حمى الدين ونصيرة أن تغل يد تلك الفئة المستهترة بكرامة الدولة الغازية لعقائد الجماهير، الهادمة لكيان الأسر، ونحن ندلي ببعض الطرق التي نراها موصلة للمقصود ونراها في وسع الحكومة إن أرادتها، ونرى أنها أول الواجبات على كل من يعتقد الإسلام ويدين به :

أولاً: فرض رقابة دقيقة على مدارس التنصير ومعاهده ومستشفياته، بحيث تتأكد وزراه المعارف أو الهيئة المختصة بواسطة مفتشيها ومراقبيها من أن هذه الدور لا تُستخدم للتنصير، والاتصال بأولياء أمور الطلبة والطالبات لإفهامهم الخطر الذي يستهدف أبناءهم، وإيواء هؤلاء الأبناء إذا كان القائمون بشأنهم في حال عوز حقيقي.

ثانياً: توزيع المبلغ الذي أعلن معالي وزير الداخلية أن سيخصص للملاجئ لهذه الغايات على الجمعيات الخيرية الإسلامية.

ثالثاً: سحب التراخيص من أي مستشفى أو مدرسة يثبت أنها تستغل مركزها للتنصير.

رابعاً: إبعاد كل من يثبت للحكومة أنه يعمل على إفساد العقائد، ويعمل على إخفاء البنات والبنين من أجل التنصير.

خامساً: الامتناع عن معونة هذه الهيئات بتاتا، بالأرض أو بالمال أو غيرهما، فإن من الغريب أن يستغل مال الدولة وأرضها في محاربة دينها ودستورها.

سادساً: الاتصال بحضرات الوزراء المفوضين في مصر والخارج حتى يساعدوا الحكومة في تنفيذ خطة الحزم حفظا للأمن ومراعاة لحسن العلائق .

وتفضلوا بقبول فائق احترامنا، القاهرة في 27 صفر سنة1352هـ/1933م.


وفي 4/ 7 مايو 1935م/4/2/1354هـ أرسل حسن البنا رسالة إلى الشيخ المراغي (1935ـ1945)، يدعوه إلى الحفاظ على الكيان الروحي والقومي للأمة، وتقوية نفوس أبنائها، وتصحيح أفكارهم، لتنهض الأمة بقيادة الأزهر لتلك الغايات.

وقد جاء في الرسالة ..(4):

إلى فضيلة الأستاذ الأكبر محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر الشريف من حسن البنا:

نحمد إليكم الذي لا إله إلا هو، ونصلي ونسلم على سيدنا محمد إمام الهادين، وسيد المرسلين، وقدوة العالمين العاملين، وعلى آله وصحبه أجمعين .

وبعد: فقد كانت أمنية فتحققت، وكان أمل مرجي فأدركه آملوه، وكان ليل طال بالسارين مداه، فطلع عليهم فجره ساطعا وضاح الجبين، وعند الصباح يحمد القوم السرى.

الآن وقد وكل الله إليكم رعاية أقرب طائفة من الأمة إلى الإسلام وحقوق الإسلام، وتعاليم الإسلام، وحياطة الإسلام في عزة أبيّه، جعلت القلوب ملتفة حولكم، والآمال منوطة بكم، فإنا نتقدم إليكم بالتذكرة والذكرى تنفع المؤمنين، وندلي بالنصيحة والنصيحة ركن من أركان الدين، ونهنئ المنصب بكم ونهنئكم به، تهنئة لا يقصد بها إلا وجه الله في طيها، تقديرا لعظم التبعة، وجلال المهمة، وأمل في قوة النفس، ومضاء العزم، وإشفاق مما ينطوي تحت أجنحة الحوداث العصيبة، تولى الله حياطتكم، وسدد في الإصلاح خطواتكم، ولسنا نفيض في بيان واجب أنتم أعرف الناس به، فإن الحاجة إلى الأفعال لا إلى الأقوال .

إن الشرق الناهض يتجه بنهضته إلى أخطر النواحي على كيانه القومي والروحي، وإن الأزهرالشريف وحده الذي يستطيع أن يحوّل هذه الوجهة إلى أفضل الاتجاهات، إذا سلمت عقيدة أبنائه، وصحت أفكارهم، وقويت نفوسهم، وإن المسئول الأول عن ذلك شيخ الأزهر، وكل راع مسئول عن رعيته وإن الأزهريين والعالم الإسلامي من بعدهم يترقب من الأستاذ الأكبر أن يقود الأزهر حثيثا إلى هذه الغاية، ولَرقابة الله أدق وأعظم، والله أحق أن تخشاه فإلى الإمام، والله ولي توفيقكم، وقلوب المسلمين تؤيدكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وفي يوليه 1935م/3/1354هـ، رفع مرشد الإخوان حسن البنا مذكرة إلى شيخ الأزهر مصطفى المراغي يقترح عليه بعضا من الاقتراحات الإدارية والفنية، وأرفق المذكرة بمذكرة تفسيرية لمقترحاته، جاءت في أربع صفحات .

أما الاقتراحات التي وردت في المذكرة فهذا نصها .. (5):

إلى فضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر
من فضيلة الأستاذ المرشد العام للإخوان المسلمين

حضرة صاحب الفضيلة ...

أشرف بأن أرفع إلى فضيلتكم مقترحات بشأن الإصلاح الأزهري الذي عقدت عليكم الآمال في نفاذه بطريقة تحفظ للأزهر صبغته، وتعيد للإسلام مجده، وعلم الله أنه ما حدا بي إلى ذلك إلا اعتقادي أن من واجب كل مسلم أن يتقدم بالنصح في هذا الأمر الخطير الذي يؤثر أبلغ الأثر في مستقبل الشرق والإسلام، والله أسأل أن يسدد في الإصلاح خطاكم، وأن يؤيد الإسلام بجهودكم، وأن ينهض مصر ومن ورائها العالم الإسلامي على أيدكم، وهو ولي التوفيق

أولا: مقترحات إدارية:

  • (أ) تعمل مشيخة الأزهرالشريف على ضم مراقبة التعليم الأولي بكل اختصاصاتها إلى الناحية الأزهرية ويتبع ذلك إلغاء مدارس المعلمين الأولية والاستعاضة عنها بقسم إعدادي بعد شهادة " الكفاءة أو الأزهرية" لتخريج المدرسين بالمدارس الأولية.
  • (ب) ضم شعبة البلاغة والأدب الحالية للتخصص الأزهري إلى دار العلوم والمطالبة بضم قسم العربية بكلية الآداب بالجامعة المصرية إليهما، ثم يضم الجميع إلى ناحية الأزهر الشريف حتى يتوحد المعهد الذي يخرج أساتذة الدين واللغة العربية بالمدارس المصرية.
  • (ج) المطالبة بتقرير تدريس الدين في كل مراحل التعليم، وبأن يكون مادة أساسية في كل المدارس المصرية.
  • (د) العمل الدائب على إعادة التشريع الإسلامي وجعله القضاء السائد في الأمة، وتبعاً لذلك يُضم التخصص الأزهري الحالي في كلية الشريعة إلى كلية الحقوق بالجامعة المصرية ثم يضمان معاً إلى الأزهر الشريف.

ثانيا: مقترحات فنية:

  • (أ) العناية باختيار مواد الدروس الدينية وجعلها أساساً في المناهج الأزهرية مع جعل حفظ القرآن الكريم مادة أساسية يمتحن فيها الطلبة امتحاناً صحيحاً في كل مرحلة من مراحل التعليم الأزهري بحيث يتوقف نيل الطالب الشهادة على إجادة الحفظ.
  • (ب) تحرير المناهج الأزهرية من تقليد غيرها من المناهج، والاقتصار في العلوم الرياضية والحديثة على الضروري منها.
  • (ج) العناية باختيار المدرسين، وترك الحرية للطلاب في الأقسام العالية والتخصص في الحضور على من يريدون من العلماء.
  • (د) ملاحظة أن يكون مدرس الرياضة والعلوم الحديثة ممن يميلون بفطرتهم إلى البيئة الأزهرية، مع قسم إعدادي يلتحقون به مدة معينة يلمون فيها بما لابد منه من المعلومات الدينية التي تتصل بدروسهم، والتي تحدد كرامة المدرس وعقيدة الطالب.
  • (هـ) العناية باختيار الكتب المدرسية.
  • (و) مراعاة القصد في البعوث الأزهرية بأن تكون بين الشعوب الإسلامية التي يريد أهلها أن يتعلموا الإسلام عن طريق الأزهرالشريف.
  • (ز) العناية بالتربية والإصلاح الخلقي الذي يقوي في طالب الأزهر الشريف خلق الرجولة الكاملة، وذلك بأن تكون دراسة الدين في الأزهرالشريف علمية وعملية.
  • (ح) الزى الأزهري يجب أن يبقى كما هو أو يتقرب أكثر من ذلك إلى الشكل العربي، أما إدخال الأزياء الإفرنجية بالأزهر فجريرة لا يعلم مدى سوء أثرها إلا الله سبحانه .

وفى 3 مارس 1936م/10/12/1354هـ أرسلت جمعية الإخوان مذكرة إلى شيخ الأزهر الشيخ مصطفى المراغي، بمناسبة اعتزام مشيخة الأزهر تكوين لجنة لبحث البدع والخلافات في الدين هذا نصها .. (6):

من جمعية الإخوان المسلمين
إلى الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر

وبعد... فكان من أسعد الأنباء اعتزام الأزهر والأوقاف تأليف لجنة علمية إسلامية تبحث مواضيع البدع والخلافات ليقف الناس على صحيح الدين ويرتفع الخلاف وتمتنع الخصومة.

ولقد أحببنا أن نكتب إلى فضيلتكم لنشر هذه الهمة الموفقة ولنهنئ بهذا العزم المبرور، ولندلي ببعض ملاحظتنا حول هذه الفكرة .

أولاً: حبذا لو فكر الأستاذ الأكبر في أن تتضمن هذه اللجنة الموقرة أكبر ما يمكن من العناصر المختلفة ليكون في اتفاقها القضاء التام على المبتدعات والخلافات, فيكون هناك مندوب عن الصوفية بمعرفة دارهم الرسمية، ومندوب عن السبكية(الجمعية الشرعية) بمعرفة جمعيتهم وشيخهم، ومندوب عن الجمعيات الإسلامية التي ترى المشيخة أهليتها لذلك.

ونحن نعلم ما يعترض تنفيذ هذا المقترح من عقبات يرجع معظمها إلى المزاج التكويني الخاص برجال هذه الفرق, ولكننا مع هذا نعتقد أن روح الإخلاص, والألم من الفرقة، والشعور بضرورة الوحدة، وحكمة أعضاء اللجنة, وهمة فضيلة الأستاذ, سيكون لذلك كله الأثر في توحيد القلوب وتوجيهها نحو الغاية إن شاء الله.

ثانياً: نرجو أن تُعنى اللجنة أول ما تعني بتوضيح القواعد الأصولية وتقريرها تقريراً متفقا عليه فيما بين أعضائها، إذ أن هذه الأصول ستقوم مقام الحكم في مقام الخلاف، فترد الحائر، وتهدي الضال، وتقرب مسافة الخلاف، وتقصر طريق البحث، ومثال ذلك العناية بتعريف البدعة،وتحديدها، وبيان أنواعها، وحكم البدعة الإضافية والمتروكة، والفوارق بين هذه النواحي وناحية المصالح المرسلة، واجتهاد الإمام، وإلى أي حد يؤخذ به وهكذا.

ثالثاً: مثارات الخلاف ثلاث:

  • 1- ما أُجمع على ابتداعه أو حرمته.
  • 2- ما تردد بين الحرام والابتداع الجواز والندب.
  • 3- ما اختلف فيه الفقهاء طبقا لاختلاف النظر في الأدلة.

ونحب أن يكون موضع نظر اللجنة بيان القسم الأول، إذ أن القول فيه أوضح مسلكا وهو أعظم ضررا, فإذا ما نجحت اللجنة في علاج هذه الناحية وضعت فيها كتابها الأول، ثم استأنفت عملها في علاج القسم الثاني, فإذا نجحت أقبلت على القسم الثالث, وضم إليها من أعلام الفقهاء والمشرعين ما يحقق وجوده الغرض المنشود, وحبذا لو شملت مهمة هذه اللجنة بعد النقاط الثلاث عملا مهما جديراً بكل عناية, وهو تلخيص الأحكام العملية في الشريعة على نسق قانوني, ويُستعان في ذلك ببعض رجال القانون المختصين للمطالبة بتوحيد القضاء، وإعادة التشريع الإسلامي إلى الأمة الإسلامية التي فقدته ففقدت أهم ركن من أركان الحياة الصالحة.

رابعاً: نرجو أن تعي اللجنة بالتطبيق بإيضاح الرابطة بين القاعدة الأصولية والدليل من جهة, ثم بين هذين والعمل المراد الحكم عليه من جهة أخرى, وأن يكون هذا التطبيق مستوعباً للأعمال الشائعة بين الناس في العقيدة والعبادة والعادات.

خامساً: نرجو كذلك أن تعني اللجنة بوضع بيان مسهب ونداء مؤثر في صدر مضابطها يبين فيه ضرورة الخلاف في الفرعيات وأسبابه, وضرر التعصب في تمزيق وحدة الأمة .


التعاون الإخواني الأزهري في نشر الإسلام

ذهبت جريدة الإخوان إلى مشيخة الأزهر الشريف لتطالب الأزهر بإرسال بعثة دينية إلى أمريكا لنشر الإسلام هناك، وذكرت الجريدة أن المسلمين في حاجة ماسة وملحة لإرسال البعثات الأزهرية إلي الدول غير الإسلامية لنشر الإسلام .. (7)

وتوجه جريدة الإخوان دعوة أخرى للأزهر ليهتم بالشيخ "حافظ" الداعية الإسلامي بكاليفورنيا بأمريكا، ويسدي الأزهر الشريف عطفه ومساعدته له. والشيخ حافظ هذا داعية إسلامي يقوم بخدمة كبيرة في نشر الإسلام بأمريكا، وقد نجح في ذلك نجاجاً كبيراً، ولذلك فهو يحتاج لدعم الأزهر ليستطيع مواصلة مهمته في خدمة الإسلام داخل بلد غير مسلم .. (8)

وقد جاءت الدعوة في سياق قصة مفادها أن سيدة من كاليفورنيا زارت مشيخة الأزهر وطلبت بناء بيت لها، فوعدتها مشيخة الأزهر بذلك، ويؤخذ من ذلك أن المسلمين من غير المصريين لم تصرفهم عن تقدير الأزهر الصوارف، وما زال الأزهر عندهم له مكانة، عليه أن يحافظ عليها، ويعتز بمنزلته، ويدرك رفعته ومكانته .

ولما قدم إلى مصر السيد ساتي ماجد، وهو داعية أمريكي له يد طولى في نشر الدعوة الإسلامية بأمريكا، ويلقبونه في أمريكا بشيخ الإسلام, زار جمعية الإخوان المسلمين، وبعدها طالبت جريدة الإخوان مشيخةَ الأزهر بالمسارعة في إرسال بعثة من علماء الأزهرالشريف لأمريكا ولغيرها من الدول لنشر الإسلام فيها .. (9)


موقف الأزهر الشريف من رسائل الإخوان

دلت الرسائل والمذكرات التي بعث بها الإخوان للأزهر على وجود قنوات مفتوحة بين الأزهرالشريف والإخوان, خاصة وأن الأزهر الشريف قد تفاعل مع رسائل الإخوان تفاعلاً اعترف به مرشد الإخوان لما قال:

" أبشركم بان مكتب الإرشاد وجد روحا طيبة من كل الهيئات الإسلامية التي اتصل بها وتحدث إليها" .

ويرى البنا أن الأزهر "اعتبر دعوة الإخوان دعوته، وغايتها غايته، وأن صفوف الإخوان قد امتلأت بشبابه الناهض وعلمائه الفضلاء ومدرسيه وواعظيه .. (10)

كذلك كان ثمة تعاونا في مختلف المجالات ومداولة الاقتراحات والآراء والنقاش حولها وقد تقبل الأزهر ذلك بصدر رحب وأفق واسع .

فلقد قبل الأزهر التماس الإخوان لإنشاء معهد ديني في السنغال (وإن كان التنفيذ تأخر جدا), واستجاب لدعوة الإخوان بإرسال بعثة إلى اليابان لنشر الدعوة الإسلامية, كما أن الأزهر الشريف لبى دعوة الإخوان في العناية بموضوع "الزى الأزهري" حيث اجتمعت لجنة خاصة لفحص الموضوع، فضلاً عن مدى الارتياح الذي عبر عنه [حسن البنا] بمناسبة اعتزام الأزهر والأوقاف تأليف لجنة تبحث مواضيع البدع والخلافات التي تصدر من الصوفية .

كما استجاب الأزهر الشريف للنداء الخاص بالزي، حيث اجتمعت لجنة خاصة بأمر من شيخ الأزهر الشريف، وفحصت الموضوع لتأخذ فيه رأيا يحفظ للزي الأزهري هيبته ووقاره، وسعد الإخوان لاستجابة الأزهر لطلبهم .. (11)

كما أشادت جريدة الإخوان باستجابة الأوقاف لطلبها بفتح المساجد الكبيرة بعد صلاة العشاء، والاهتمام بها من الناحية العلمية والتاريخية .. (12)

وهكذا كانت علاقة الإخوان بالأزهر الشريف علاقة تكامل دعوي وتقاطع أفكار ، والتقاء منهجي .


العلاقة الآنية بين الأزهر والإخوان

الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر يستقبل الدكتور محمد بديع بمشيخة الأزهر

في شهر مايو 2011م ، زار وفد من جماعة الإخوان المسلمين برئاسة مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع والمرشد السابق محمد مهدي عاكف ، زار مشيخة الأزهر والتقي بالإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب ، وكان حوارا مثمرا سيما وقد جاء بعد ثورة يناير التي أطاحت بنظام مبارك وأجهزته الأمنية التي كانت تمنع الالتقاء بين التيارات الإسلامية وتحول دون تكاتفها .

وقد فرح الوسط الديني وكل المهتمين بالشأن الإسلامي بهذه الزيارة واعتبروها بمثابة وحدة الصف وقد خرج مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع بعد اللقاء ليقول : "نحن والأزهر يد واحدة" .

وقد قال أحد الباحثين :

قد نتفق أو نختلف قد يشتد الحوار ليقنع كل منا الأخر قد يتعصب كل منا لرأيه ولكن هذا لايمنع أننا جميعا مسلمون إخوانا كنا أو اخوةُُ مسلمون أو سلفيون المهم أننا كلنا مسلمون ،، ولا أخفي سرا أن ما دفعني للكتابة هو الزيارة التاريخية لقادة الأخوان المسلمين للأزهر الشريف تلك الزيارة التي تأخرت كثيراوالتي تعد اللقاء الأول من نوعه حيث لم يسبق لمرشد الاخوان المسلمين أن دخل مشيخة الأزهر من قبل .

فهذه الزيارة التاريخية للأخوان المسلمين للأزهر الشريف تعد بمثابة فتح صفحة جديدة بين الطرفين وتأكيدا علي أن أغلب الإخوان المسلمون أزهريون تلقوا تعليموهم في رحاب الأزهر بل وأمام الإخوان الشيخ حسن البنا قد درس هو الأخر في رحاب الأزهر وجدير بالذكر أننا كنا ننافس طلاب الإخوان المسلمين دائما خلال المرحلة الجامعية في النشاط الطلابي يحيث يسعي كل منا بكل جهد لرفع اسم الأزهر خفاقاً وهذا يدل علي حب الأخوان للأزهر وحب الأزهر للأخوان برغم الاختلاف في بعض وجهات النظر إزاء بعض القضايا والمسائل الشرعية .. (13)

وفي هذا الإطار نري أن استمرارية التعاون بين الإخوان والأزهر خاصة في المرحلة القادمة سوف يعود بالنفع لا محالة علي تيار الصحوة الإسلامية المعاصرة ، وعلي وحدة الصف المسلم الداخلي .

المراجع

(1) رسائل الإمام الشهيد حسن البنا 156 ط/ العلمية د.ت .

(2) جريدة الإخوان المسلمين عدد 17 سنة 28 ، 3/8/1935 ص21 .

(3) جريدة الإخوان المسلمين, العدد3، السنة1، 1933م، ص20، 21 .

(4) جريدة الإخوان المسلمين، عدد4، السنة 3، 7 مايو 1935م، ص21 .

(5) جريدة الإخوان المسلمين، العدد13، السنة 3، 9 يوليو 1935، ص3، 4 .

(6) جريدة الإخوان المسلمين، العدد27، السنة3, 3 مارس 1936م, ص4،3 .

(7) جريدة الإخوان المسلمين, العدد40, السنة2, 14/3/1935م, ص23,22 .

(8) محمد زكي، "لدغات حرة"، جريدة الإخوان المسلمين، العدد 40 السنة 3 ،14/1/1936م، ص12.

(9) جريدة الإخوان المسلمين, العدد 1, السنة2 ,19 محرم 1353هـ/1934م, ص1 .

(10) رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، ص 165 .

(11) الأهرام، الخميس 4/6/1935م، ص 7 .

(12) انظر رسالة ماجستير بعنوان "العلاقة بين الأزهر الشريف وقوى وجماعات التيار الإسلامي في مصر من 1919م إلى 1936م" بقسم التاريخ والحضارة بكلية اللغة العربية بأسيوط لصديقنا الدكتور حسين القاضي ، بتصرف .

(13) http://www.masrawy.com/Ketabat/ArticlesDetails.aspx?AID=111036


للمزيد عن علاقة الإخوان بالأزهر الشريف

وصلات داخلية

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

أخبار متعلقة بالأزهر

أحداث في صور

وصلات فيديو