معروف الحضري
توطئة
يقول الإمام حسن البنا: "إنما تنجح الفكرة إذا قوي الإيمان بها، وتوفر الإخلاص في سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووُجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها، فهي عناصر أربعة: الإيمان، والإخلاص، والحماس، والعمل".
وقال رحمة الله: "وأريد بالجهاد الفريضة الماضية إلى يوم القيامة والمقصود بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات ولم يغزُ ولم ينوِ الغزوَ مات ميتةً جاهليةً", وأول مراتبه إنكار القلب وأعلاها القتال في سبيل الله، وبين ذلك جهاد اللسان والقلم واليد وكلمة الحق عند السلطان الجائر، ولا تحيا دعوة إلا بالجهاد.
وبقدر سموِّ الدعوة وسعة أفقها تكون عظمة الجهاد في سبيلها، وضخامة الثمن الذي يُطلب لتأييدها، وجزالة الثواب للعاملين: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ (الحج: من الآية 78)، وبذلك تعرف معنى هتافك الدائم: "الجهاد سبيلنا".
على هذه المعاني الحية تربي الإخوان المسلمون، فعرفوا للعزة معنى، وللكرامة مفهومًا، فحملوا على عاتقهم عودة المجد التليد للإسلام وعزته؛ ففي وقت نسي الناس فيه الجهاد وطغت المادة فاستعبدت النفوس؛ انتفض فتية مؤمنون فأحيَوا الجهاد وأعادوا الكرامة لأمتنا بمواقفهم الحية.
من هؤلاء الذين خُضِّبت رمال فلسطين والقنال بدماء جراحهم؛ كان الضابط: معروف الحضري.
البداية
في مزرعته الواقعة بين الإسماعيلية وفايد روى لنا الدكتور أحمد معروف الحضري لمحات من تاريخ والده وأعماله التي قام بها.
في عام 1918م كان ميلاد معروف الحضري في مدينة الخرطوم بالسودان؛ حيث كان والده يعمل ضابطًا في الجيش المصري بالسودان، وإن كانت الأسرة أصلها من القليوبية.
التحق بمراحل التعليم حتى تخرَّج في الكلية الحربية في بداية الحرب العالمية الثانية، وقبل ذهابه لحرب فلسطين تزوَّج من كريمة الحاج أحمد حسين أحد التجار المعروفين؛ حيث تقابَل مع أحد أهل بلدته أثناء الصلاة في مسجد الحسين فرشَّح ابنته للضابط معروف، فوافق الرجل، ورزقهما الله بأحمد عبد العزيز عام 1952م ونبوية ومحمد وسمية وهبة الله وآمنة.
معروف الحضري وحرب فلسطين
عندما أعلن الإنجليز قرار انسحابهم من فلسطين في 15/5/1947م سارعت الجيوش العربية بالدخول لفلسطين لصدِّ الهجمات الصهيونية، كما سبقهم لهذا الأمر متطوِّعو الإخوان المسلمين.
سمحت الحكومة المصرية عام 1948م لبعض ضباط الجيش الراغبين في التطوع للقتال في فلسطين بتحقيق رغبتهم، وكان عددهم 14 ضابطًا على مستوى الجيش المصري، وقبلت طلبات إحالتهم للاستيداع، وفتحت لهم مخازن الجيش المصري ليتسلَّحوا من أسلحته، وانضمَّ هؤلاء الضباط بقيادة البكباشي أحمد عبد العزيز إلى المتطوعين من الإخوان، وتم تنظيم قيادة المجموعة على النحو التالي:
1- البكباشي أحمد عبد العزيز.. قائدًا للقوات.
2- اليوزباشي عبد المنعم عبد الرؤوف.. أركان حرب.
3- الملازم أول معروف الحضري.. مساعد أركان حرب العمليات.
4- بكباشي زكريا الورداني.. أركان حرب إمداد وتموين.
5- يوزباشي كمال الدين حسين.. قائد لمدفعية الهاوزر.
6- ملازم ثانٍ خالد فوزي.. مساعد لقائد مدفعية الهاوزر.
7- يوزباشي حسن فهمي عبد المجيد.. قائد للمدفعية المضادَّة للمصفَّحات.
8- ملازم ثانٍ أنور الصيحي.. مساعد لقائد المدفعية المضادة للمصفَّحات.
ولقد شارك معروف الحضري في الكتيبة التي سافرت لفلسطين، وهناك تعرَّف على جمال عبد الناصر وصلاح سالم وكمال الدين حسين، ولقد أصيب معروف الحضري مرتين؛ حيث اخترقت إحدى الرصاصات رأسه واستقرت أسفل المخ؛ غير أنه نجا منها أثناء معركة كفار ديروم، فحمله الإخوان من داخل المستعمرة؛ حيث رحل للعلاج في القاهرة وقبل أن يتماثل للشفاء عاد ليواصل جهاده ويلعب دورًا مهمًّا على مسرح الحرب.
في قافلة الإخوان
انضم الحضري إلى الإخوان المسلمين حينما كان طالبًا بمدرسة المنصورة الثانوية في شعبة الإخوان المسلمين بالمنصورة، وكان أول افتتاح لها بالمنصورة، وحضر الشيخ حسن البنا بنفسه لافتتاح هذه الشعبة وكان معه الدكتور خميس حميدة رئيس شعبة الإخوان بالدقهلية، وكان لها نادٍ فسيح على النيل مباشرة، وانضم معه بعض أبطال المدرسة الثانوية في الألعاب المختلفة، وخاصة الملاكمة، وكان ممن انضموا معه المرحوم الصاغ عبد الرؤوف نور الدين، والذي كان طالبًا في نفس الفصل الدراسي، وكذلك الدكتور كمال صالح خريج معهد التربية.
ولقد تعرَّف على الإخوان المسلمين أثناء الحرب؛ حيث شاهد بطولاتهم التي أذهلت العالم بشجاعتهم والتي كبَّدت اليهود خسائر جمة.
'يقول العلامة' د. يوسف القرضاوي: ولقد قال بعض ضباط اليهود للرائد معروف الحضري- وهو أسير لديهم-: نحن لا نخاف من الجيوش العربية، ولكننا حقيقةً نخاف من جماعة (الله أكبر)؛ أي من شباب المتطوعين، فقال لهم: وما الذي يُخيفكم منهم وهم قليلو الخبرة بالأمور العسكرية، وسلاحهم متواضع؟ قالوا له: نحن لا نخاف من سلاحهم ولا من تدريبهم، ولكن نخافهم لأمر مهم، هو: إننا- نحن اليهود- جئنا من أقطار شتى إلى هذه الأرض لنعيش، وهؤلاء جاءوا من أقطارهم إليها ليموتوا، فكيف نواجه أمثال هؤلاء؟!
وكان معروف الحضري أحد ضباط الإخوان الذين اعتُقلوا، ثم صار تبادل أسرى، وفي اليوم الذي صار فيه تبادل الأسرى جاء دايان يقول لمعروف الحضري: اليوم نسلمك للمصريين كتبادل؛ فقال له أريد أن أسألك سؤالاً: لماذا كنتم تهاجمون كل المعسكرات إلا معسكر الإخوان المسلمين؟ قال ديان: لأننا جئنا نعيش، والإخوان المسلمون جاءوا يموتون، والذين يريدون الموت لا يُغلبون ولا يُقهرون.
ويقول الأستاذحسن الجمل: "بدأت سلسلة من المحاضرات في العسكرية يلقيها علينا اليوزباشي عبد المنعم عبد الرؤوف والملازم معروف الحضري، وبدأنا نخرج لعمل دوريات استطلاع ومراقبة لمدة أسبوع، ثم وصلت إلى القيادة أخبار بأن دورية يهودية مصفحة تحوم حول "خان يونس" وتطلق النار عشوائيًّا على الأهالي لإرهابهم، فأمر قائد فصيلة "البويز" الملازم محمد نور الدين بالتصدي لهذه الدورية، فخرجت مجموعة بقيادة جاويشي، وهذه العملية هي أول عملية لنا مع العصابات الصهيونية، وعادت المجموعة بجثة الأخ الشهيد فتحي الخولي.
بعد أن حصلت القيادة على ما تحتاجه من معلومات وتحريات، تمهيدًا لمعركة فاصلة ضد مستعمرة "كفار ديروم" التي تتحكم في الطريق بين "خان يونس" و"غزة" عند دير البلح. انطلقت مجموعة من القيادة- وعلى رأسها أحمد عبد العزيز وعبد المنعم عبد الرؤوف ومعروف الحضرمي وكمال الدين حسين وحسن فهمي عبد المجيد- يرتدون زيًّا فلسطينيًّا للتمويه؛ عبارة عن شال أحمر مزركش مثبت بعقال أسود، انطلقت المجموعة إلى دير البلح لاستكشاف المستعمرة واستحكاماتها ووديانها وسهولها، ثم عادت واجتمعت مع قادة الفصائل لشرح المهام المطلوبة من كل فصيلة ومن كل فرد فيها.
ومن المواقف التي أذكرها أن معروف الحضري كان يقف بجوار الأسلاك الشائكة عندما رأى رجلاً في زي أعرابي، يقول له: تقدم، فظن أنه معنا، ولكن اتضح أنه جاسوس مختوم بخاتم عصابات "الهاجاناه" الصهيونية، وتقدَّم معروف الحضري، فأطلقوا عليه دفعةً من رشاش "برن" في جسده، فسقط مضرَّجًا في دمائه، وقام من بجواره بسحبه إلى الخلف؛ حيث كانت سيارة الإسعاف تنتظر وبها طبيب يُدعى الدكتور "غراب" يداوي الجرحى لحين وصولهم إلى المستشفى.
وفي يوم 23 من يونيو حضر اليوزباشي معروف الحضري من القاهرة بعد شفائه من إصابته في دير البلح، وكلَّفه القائد أحمد عبد العزيز باحتلال مواقع أمامية في مواجهة اليهود ومنها احتلال تبة "مار إلياس" وبالفعل تم الاستيلاء على التبة وتقدم معروف الحضري بثلاث فصائل لاحتلال ثلاثة مواقع أمامية أخرى".
درب الجهاد
يقول معروف الحضري : "بدخولي الكلية الحربية عام 1939م انقطعت عنها إلى حين تكونت مجموعات وخلايا الإخوان المسلمين في الجيش عام 1941م وكانت الشخصيات التي انضمت إليها عبد المنعم عبد الرؤوف وجمال عبد الناصر وخالد محيي الدين وحسين حمودة وصلاح خليفة ورشاد مهنا وعبد المنعم عبد الرؤوف وكمال الدين حسين ومجدي حسنين وأبو المكارم عبد الحي، ويلاحظ أن الضباط من أسلحة مختلفة: مدفعية ومشاة وفرسان وكان عبد المنعم عبد الرؤوف من الضباط الطيارين أيضًا حتى حوكم في قضية هروب عزيز المصري سنة1942م، كما أن عبد المنعم عبد الرؤوف له صلة بأنور السادات على أساس صلتهما بعزيز المصري، وبالتالي كان تنظيم الضباط الإخوان في الأسلحة جميعها وأخذ كل فرد ينشر الدعوة في صفوف سلاحه".
في حصار الفالوجا
يذكر التاريخ بكل الفخر والإعزاز الموقف المشرّف للإخوان المسلمين ولبطلهم معروف الحضري وموقفهم البطولي في حماية الجيش المصري أثناء حصار الآلاف من أبنائه في الفالوجا، وكان من بينهم جمال عبد الناصر وسيسجل الزمان بمداد من نور الدورَ البارزَ لهم في تأمين الجيش المصري أثناء انسحابه وشهادة قيادة القوات المصرية في فلسطين اللواء أحمد المواوي واللواءفؤاد صادق.
حاصر اليهود 5000 جندي في 16/10/1948م وظلت محاصرة حتى نهاية الحرب في 13/11/1948م وعندما ساءت أحوال القوة المحاصرة، استنجدت قيادة الجيش بقوات الإخوان التي غامرت باختراق الحصار اليهودي في رحلتين على الجمال تحت قيادة المجاهد معروف الحضري ونجحوا في إيصال أكثر من 100 صندوق من المؤن إليهم واستقبلهم الجنود بفرحة لا توصف؛ على حدِّ تعبير اللواء سيد طه قائد القوات.
يقول الدكتور أحمد الحضري: عندما شاهد والدي الجيش محاصرًا عرض على القادة أنه على استعداد لإدخال ذخيرة وسلاح ومؤن، مع العلم بأن كل الموجودين داخل الفالوجا وافقوا على الاستسلام لليهود؛ غير أن اختراق معروف الحضري للحصار ووصول المؤن للجيش شدَّ من عزمهم، وأثناء وجوده في الفالوجا أخبر البعض بالطريق التي سلكها وهو طريق لم يعرفه اليهود، وعندما عاود معروف العملية مرة أخرى وجد اليهود قد أعدوا كمينًا له، وأسر لديهم، فأدرك أن بعض زملائه من داخل الفالوجا على صلة باليهود وينقل لهم كل الأخبار، وظل في الأسر، حتى عقدت معاهدة ردوس في مارس 1949م، وحدث تبادل الأسرى فعاد معروف مع من عاد، وعندما عاد حصل على ترقية استثنائية ونجمة فاروق، وعاد للعمل في سلاح الإمداد والتموين بالعباسية.
وبعد عودة القوات إلى القاهرة أقيم لهم حفل تكريم في ميدان عابدين، تحدث فيه اللواء سيد طه "الضبع الأسود" عن ظروف الحصار، وأثنى ثناءً كبيرًا على دور الإخوان المسلمين في اختراق الحصار وتوصيل المؤن والأدوات الطبية والذخائر للقوات المحاصرة. وكان هذا الكلام أمام الملك فاروق والحاشية والحكومة.
مع الضباط الأحرار
لم يتشكَّل تنظيم الضباط الأحرار إلا في غضون عام 1950/1951م وبهذا الاسم وكان الهدف من تسميته بهذا الاسم أغراضًا سياسيةً وخداعيةً؛ فهذا التنظيم منبثق من تنظيم الضباط الإخوان بالجيش المصري، وكان الفراغ الذي يعيش فيه الجيش مع الأحداث الخطيرة التي كانت تمر بها البلاد والعالم قد أدي إلى نشر الدعوة للعودة والعمل بالإسلام الحنيف في صفوف الجيش، سواء في صفوف الضباط أو صف الضباط وكان لشخصية الشيخ حسن البنا والصاغ محمود لبيب أثر كبير في نفوس الضباط وكان تأثيرهما كبيرًا.
وحاولت الحكومة المصرية كشف تنظيم الضباط الإخوان في الجيش، واقترح الصاغ محمود لبيب تغيير الاسم إلى "الضباط الأحرار" مثل الفرنسيين الأحرار جيش الجنرال ديجول الفرنسي، لضمان نجاح التنظيم بعيدًا عن المؤثرات وتهديدات إبراهيم عبد الهادي والملك ولضمان نجاح هذا التنظيم في تحقيق أغراضه الأصلية وكان التنظيم بنفس الأشخاص السابقين في تنظيم الضباط الأحرار.
وفي أكتوبر سنة 1951م التحق بكلية أركان حرب كطالب في الدورة الثانية عشرة وكان في صفوف المدرسين جمال عبد الناصر وكمال الدين حسين "فكنت التقى بهم يوميًّا كما كان في صفوفنا في داخل الدورة أفراد من الضباط الأحرار أمثال مصطفى لطفي وعبد المحسن أبو النور، فكنا دائمًا نقلب الأمور باستمرار وفي كل وقت وفي كل حين فكنا في اجتماع دائم ومستمر.
أما بالنسبة للتنظيم نفسه فكنت أعرف
تنظيم المدفعية مكون من: رشاد مهنا و كمال الدين حسين و خالد فوزي و صلاح سالم و مصطفى لطفي.
ومن الفرسان: حسين الشافعي حيث ضم بعد المحاولة الفاشلة التي قام بها جمال عبد الناصر لقتل حسين سري عامر و ثروت عكاشة و خالد محيي الدين.
ومن خدمة الجيش: معروف الحضري و مجدي حسنين و إبراهيم الطحاوي و محمد الشناوي و عبد الرحمن حسن و كمال الموجي.
ومن المشاة: عبد المحسن أبوالنور و زكريا محيي الدين و عبد الحكيم عامر و يوسف منصور صديق.
ومن الطيران: كان دائمًا يحضر الاجتماعات حسن إبراهيم أماجمال سالم فلم أره في حياتي ولا في اجتماعات ما قبل الثورة ولا حتى مصادفة، وإذا نفاجأ جميعًا أنه أصبح في مجلس قيادة الثورة وأعتقد أن الذي رشحه لذلك أخوة صلاح سالم".
وقامت الثورة واشترك معروف الحضري فيها حيث قام بتأمين نفق العباسية والاستيلاء على القيادة المركزية، ونجحت الثورة غير أن معروف الحضري لم يحظ بما حظي به أقرانه بسبب قربه من الإخوان وعبد المنعم عبد الرؤوف.
المحن
لم يكن معروف الحضري يتوقع أن يغدر به رفقاؤه بسبب مصالحهم الخاصة، غير أنه ما أن استقر وضع الثورة حتى أصدر مجلس قيادة الثورة بمحاكمة عبد المنعم عبد الرؤوف و معروف الحضري محاكمة عسكرية، غير أن المحكمة برأت معروف الحضري وقد هرب عبد المنعم بسبب علمهم بالحكم الذي سيحكم عليه وهو الإعدام في تهمة لا أساس لها.
غير أن معروف أحيل للتقاعد من الجيش وبعد حادث المنشية اعتقل مع الإخوان وحكم عليه بعشر سنوات، غير أن كمال الدين حسين توسط له حتى أفرج عنه، وأثناء سجنه تعرف على بعض إخوان الإسماعيلية الذين أرشدوه على أرض الإسماعيلية وبعد خروجه اشتراها عملاً بنصيحة هؤلاء الإخوان.
التحق معروف بشركة تصدير واستيراد حتى عام 1960م حيث عين على إحدى الشركات التي أممت وظل بها حتى عام 1964م، وأراد عبد الناصر الاحتفال بزواج إحدى بناته وأراد أن يحضر معروف الحضري حفل الزفاف غير أنه رفض فضغط عليه إخوته بسبب مناصبهم في الجيش وتحت الضغط وافق على الذهاب لحفل الزفاف، وهناك التقى بيوسف صديق وظل جالسًا معه حتى انتهى الحفل ما أثار حنق عبد الناصر عليه، واعتقله بتهمتين التهمة الأولى قضية أمن دولة والتي كان فيها حسين توفيق، والقضية الثانية قضية الإخوان، وحكم عليه بعشر سنوات خاصة بعد اعتراف علي عشماوي عليه، وقد رأى كل ألوان التعذيب، وأثناء النكسة أرسل لجمال أن يجعله جنديًّا في الحرب لكنه قابل هذا الطلب بأن عزله في زنزانة فردية وشدد عليه الحراسة.
يقول علي عشماوي : وكانوا قد جاءونا بأحد الإخوة وهو الأستاذ "معروف الحضري" وظل معنا في "نمرة 5" طوال فترة حرب 67، وكان مهتمًا إلى حد كبير بسير العمليات الحربية منذ بداية الحرب ورسم خريطة للمعركة وبمكان القوات، وكانوا قد فتحوا الميكروفونات الأخبار طول 24 ساعة، وكان الأستاذ معروف- حسب البيانات الصادرة- يغير في الخريطة ويشرح بالأسهم أن قواتنا هنا، وقواتهم هنا، وأن المفروض أن نفعل كذا والمفروض أن يكون كذا، وأن نفتح ثغرة في مكان كذا، وأن نلتف من مكان كذا. باختصار كنا نعيش معه المعركة، فهو خبير من الناحية العسكرية، ويعرف سيناء معرفة جيدة، لكننا فوجئنا جميعًا بأن ما كان يرسمه ويقدره كان ضربًا من الخيال وأن المعركة لم تكن معركة، وإنما كانت هزيمة، وهزيمة خطيرة وصريحة وصارخة.
وفاته
خرج معروف الحضري بعد وفاة جمال عبدالناصر وتوسط حسين الشافعي لدى السادات في يوليو1971م وأعاده لمجلس إدارة شركة القاهرة العامة للمقاولات، ورقي إلى رتبة لواء وحصل على معاش وزير.
طلب معروف الخروج على المعاش عام1976م، وبعد ثلاثة شهور تقابل في ميدان التحرير مع أحد الفلسطينيين الذين كانوا يحاربون معه في فلسطين عام1948م، وطلبه للعمل في السعودية ولقد سافر عن طريق نواف آل سعود وزير الداخلية، وظل هناك لمدة عام ثم أدركته الوفاة في 10 يونيو1978م ودفن في بقيع مكة.
المراجع
1- حوار شخصي مع الدكتور أحمد معروف الحضري يوم 7/8/2008م.
2- حسن الجمل: جهاد الإخوان في القنال و فلسطين، دار التوزيع والنشر الإسلامية.
3- سيد قطب: لماذا أعدموني.
4- أحمد عبد المجيد: الإخوان وعبد الناصر .. القصة الكاملة لتنظيم 1965م، الزهراء للإعلام.
5- هيام عبد الشافي عبد المطلب: دور الإخوان المسلمين في حرب فلسطين، رسالة ماجستير بجامعة عين شمس، 2008م.