قصة الإخوان المسلمين في فلسطين
حوار- إيمان يس:
مقدمة
ليست مجرد قضية تشغل أذهان الإخوان المسلمين أو حتى مجرد حدث، ولكنها هدفٌ رئيسي ومبدأ ثابت تضمنته المسودات الأولية لتأسيس الجماعة قبل ثمانين عامًا، وركن أصيل لم تغِب عنه أبدًا أدبياتها وأعمالها.
لغط المرجفين وشبهاتهم التي تلاحق الإخوان حيث ساروا لم يتخلَّف عن فرعها الذي أسسته المقاومة في فلسطين المحتلة، ولأجل صورة أكثر وضوحا فقد التقى (إخوان أون لاين) أحد مؤسسي حركة حماس في فلسطين الشيخ عبد الفتاح دخان، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني وأجرى معه هذا الحوار.
- جهاد الإخوان في فلسطين مرتبط في الأذهان بحرب 1948م ثم اختفاء كامل حتى انتفاضة 87.. فهل هناك خطأ في هذه الفكرة؟
- جهاد الإخوان في سبيل القضية الفلسطينية صاحب تأسيس الجماعة أواخر عشرينيات القرن الماضي؛ فقد كان لهم السبق في تجييش المشاعر وتوجيه القلوب وتنبيهها على الخطر الداهم الذي يتربص بأرض الرباط أرض المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وقد كانت لزعيم فلسطين الحاج أمين الحسيني في ثلاثينيات القرن العشرين زيارات متواصلة إلى مصر ليلتقيَ بالإمام حسن البنا ويتدارسا معًا شئون القضية الفلسطينية، وليس سرًّا أن الإخوان المسلمين أنشئوا الجهاز الخاص استعدادًا لمعركة فلسطين في عام 1948م، وقد بدأ جنود هذا الجهاز بجمع الأسلحة المتبقية من الحرب العالمية الثانية من منطقة العلمين في بداية الأربعينيات استعدادًا لمعركة فلسطين؛ فهم أول من فكَّر في الاستعداد لذلك اليوم، وهم أول من أعدَّ العدة للمواجهة، وبالتالي هم أول من دخل فلسطين لمواجهة اليهود في حرب 47- 48.
ويشهد العدو والصديق ببلائهم الأحسن في قتال الصهاينة، ولكن تآمرت الدول الاستعمارية الكبرى:
بريطانيا، فرنسا وأمريكا مع بعض الأنظمة المنحرفة لتجريد الإخوان المسلمين من أسلحتهم؛ مما تتسبب في النتيجة التي نعرفها جميعًا، ولولا هذا التدخل لتغيَّر الوضع؛ لأن اليهود كانوا لا يجرءون على مواجهة الإخوان المسلمين فيهاجمون الجيوش العربية ويبتعدون عن مواقع الإخوان؛ لأنهم يعلمون أن الإخوان ما جاءوا إلا لنيل إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة، والوضع لم يتغيَّر كليًّا إلا بعد إقصاء الإخوان عن الساحة.
* وهل كان اليهود حينها على علمٍ بجماعة الإخوان ويشعرون بخطرها على كيانهم المنشود؟
- بالطبع؛ فالإخوان كانوا ملء السمع والبصر بما حرروه من مواقع وبذلوه من جهاد وتضحيات، وكم من مرةٍ استنجد فيها ضباط الجيش المصري بالإخوان في أكثر من موقعة؛ أذكر منها ما حدث في (تبتة الـ86) شرق دير البلح، وهو موقع احتله اليهود من الجيش المصري ولم يتمكن الجيش المصري من استرجاعه، فجاءت قيادة الجيش المصري واستنجدت بالإخوان المسلمين في معسكرهم بالبريج، وعندما جاء الإخوان وقف كل الضباط المصريين وهتفوا: "جاء الأبطال.. جاء الأشاوس".
فتقدم الإخوان واسترجعوا الموقع من اليهود وطردوا اليهود وسلَّموا الموقع للجيش المصري، فأرسل قائد الجيش إلى القيادة العليا في مصر لتقديم نياشين شرف لرجال الإخوان، إلا أنهم رفضوا ذلك قائلين: "إننا لا نقاتل لننال نياشين الشرف والأوسمة، لكننا نقاتل في سبيل الله"، فأصرَّ الجيش على أن يمنحهم تلك الأوسمة والنياشين، وعلم الجميع منذ ذلك الحين أن الإخوان شوكة في حلوق بني صهيون.
* وصفت في حديثك القضية الفلسطينية بأنها "أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين" فهل كان لهذا الربط أثر على القضية؟
- نعم، والإخوان المسلمون هم أول مَن نبَّه على هذا المعنى؛ فهم ينظرون إلى القضية على أنها فلسطينية عربية إسلامية؛ ففلسطين أرض وقف إسلامي؛ أوقفها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وأجازت المذاهب الفقهية وقفية أرض فلسطين، وكل أرض فتحها المسلمون في عصر الخلفاء الراشدين بالجهاد أرض وقف إسلامي، وأرض الوقف لا يجوز التنازل عنها مطلقًا ولا بأية حال من الأحوال، ولا يسري على أراضي الوقف قانون التقادم؛ فالإخوان ينظرون إلى القضية على أنها قضية إسلامية عقائدية إلى أبعد الحدود، ولولا هذه النظرة التي عمل الإخوان على تعميقها في قلوب كل المسلمين لما أخذت قضية فلسطين هذا البعد وهذا الاهتمام.
كما أن الإخوان المسلمين هم أول التنظيمات الموجودة في الوطن العربي التي اهتمت بقضية فلسطين؛ فباقي التنظيمات الأخرى لم تكن لها اهتمامات بالقضية الفلسطينية مطلقًا؛ فالإخوان هم من أبرزوا هذه القضية عالميًّا على مستوى المنظمات الدولية من خلال حضور المؤتمرات الدولية والدفاع عن القضية وبيان وجه الحقيقة فيها وحتى اليوم، وإذا برز الإخوان على الساحة تختفي كل الفصائل الأخرى وتذوب؛ لأنهم لا يمتلكون أي رصيد على أرض الواقع.
* هذا عن السبق، فماذا عن المنعة؟ هل كانت للجماعة وقفات حاسمة مثَّلت لفلسطين الحماية من الضياع في وقت من الأوقات؟
- نعم، هناك العديد من المواقف؛ أذكر منها الاتفاق الذي كان في عام 53 بين النظام المصري في عهد عبد الناصر وأمريكا ووكالة غوث للاجئين على توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء، وعندما علمنا بهذا الموضوع قام شباب الإخوان المسلمين في المدارس الثانوية بمظاهرات في قطاع غزة ضد التوطين، واستمرت المظاهرات عشرة أيام؛ مما اضطر النظام المصري إلى التراجع عن تقسيم أرض سيناء، وبالتالي اضطرت كلٌّ من أمريكا ووكالة غوث للاجئين إلى التراجع، لولا ذلك الموقف في ذلك الوقت لتم التوطين وانتهت القضية.
وكان هذا الاتفاق من الخطورة لدرجة أنه كان اتفاقًا سريًّا، شاء الله لنا أن نكتشفه، عندما كنا في إحدى دورات رفع كفاءة مدراء المدارس التي تقيمها وكالة غوث اللاجئين، وسمعنا بوجود سيدة تشغل منصب "كاتم سر الوكالة"، فحاولنا معرفة هذا السر الذي تحمله فرفضت، إلا أنها بعد عدة أعوام نُقلت إلى وظيفة أخرى، فأقمنا حفل وداع على شرفها، وقلنا لها: أنت الآن خارج وظيفة كاتم السر، ولا حرج عليك إن أخبرتنا به، فأخبرتنا بأن السر هو توطين اللاجئين في أماكن سكناهم.
ولا يخفى على أحد أن هذا يعني ألا حق لهم في العودة، ومن هنا أستطيع أن أؤكد إلى أقصى الحدود أنه لولا دور الإخوان في هذه المرحلة لتحولت القضية إلى قضية لاجئين.
دخول الدعوة فلسطين
* حديثك عن مظاهرات طلبة الثانوية من الإخوان المسلمين يتطلب بعض التوضيح لكيفية انتقال دعوة الإخوان إلى فلسطين ومتى بدأت؟ وما هي المراحل التي مرت بها؟
- أرسل الإخوان في الأربعينيات من القرن الماضي وفودًا لنقل الحركة الإسلامية الإخوانية من مصر إلى فلسطين، ففتحت في كل مدن فلسطين شعبًا للإخوان المسلمين، وكذلك امتدت هذه الشعب إلى كل المناطق التي وجد فيها فلسطينيون لاجئون، وقد كان هذا بعد ثورة 1952م، ثم بدأت القلاقل في عام 54 عندما حُلِّت جماعة الإخوان وصودرت ممتلكاتها وأغلقت الشعب، وانتقلت الحركة إلى العمل السري، وكان الإخوان قد استطاعوا أن يعدوا جيلاً من الشباب الفلسطيني ملؤه الحماس يعشق الرباط والجهاد، واستلموا الراية بعد أن حوصرت حركة الإخوان في مصر، وقاتل الإخوان الفلسطينيون في كل الميادين المتاحة لهم في فلسطين، واستمر العمل السري حتى جاء الاحتلال عام 67، فأعيد ترتيب الإخوان من جديد مع استمرار العمل السري حتى الانتفاضة الأولى عام 87 التي كانت بمثابة إعلان جديد عن الجماعة التي كانت صاحبة قرار الانتفاضة ووقود نارها.
وبهذا تكون الجماعة قد مرت بمرحلة العمل السري في زمن الملك فاروق، ثم فتحت الأبواب قليلاً بعد الثورة من عام 52 حتى عام 54 حين أغلقت الشعب وأصبح الإخوان مطاردين، فعدنا إلى النشاط السري، ثم بعد قرار التقسيم عام 67 بدأنا مرحلة أخرى هي مرحلة فصل قطاع غزة عن الضفة مع استمرار العمل السري، ثم المرحلة الأخيرة التي بدأت بالانتفاضة التي اشتعلت في غزة وانتقلت إلى الضفة.
* إذن أنتم امتداد للإخوان داخل فلسطين، فهل يعني هذا أن قراراتكم تأتي من مقرها الرئيسي في مصر؟
- إخوان فلسطين امتداد لإخوان مصر والأردن وسوريا والمغرب العربي وباقي الدول العربية؛ فنحن امتداد الإخوان في العالم، وحتى حماس نصَّت في الميثاق على أنها جناح من أجنحة الإخوان بفلسطين؛ فحماس امتداد لجهود الإخوان المسلمين في 48 وفي 67، والإخوان المسلمون الفلسطينيون هم إخوان مسلمون لحمًا ودمًا، لكن دور الإخوان خارج فلسطين هو دور استشاري داعم، بحسب إمكانيات الخارج، كما أن الدور المصري على وجه الخصوص كان دورًا بسيطًا في الأوقات التي كان بها إخوان مصر داخل السجون والمعتقلات، كما أننا نحن أيضًا لا نتدخل في شئون الدول العربية أو الإسلامية؛ فنحن دورنا في فلسطين، ونحن حركة مقاومة في فلسطين، أي أننا لا نتحرك مترًا واحدًا خارج فلسطين، ولا نتدخل في الشئون الداخلية لبلدان أخرى، ونترك كل بلد تعالج مشاكلها على حسب رؤيتها.
الانتفاضة قرار فلسطيني
* حتى قرار الانتفاضة كان قرارًا داخليًّا فقط؟
- بالتأكيد كانت هناك إرهاصات واستعدادات متواصلة، وكانت مشاورات سابقة أشارت إلى تلهف الإخوة بالخارج لهذه الفرصة، إلى أن جاءت اللحظة المناسبة فأشعلت الانتفاضة واستبشر بها الجميع في الداخل والخارج، لكن القرار كان قرارًا فلسطينيًّا، والمجموعة التي اتخذت القرار هي الشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، والمهندس عيسى النشبار، والدكتور إبراهيم اليازوري، والأستاذ محمد حسن شمعة، والشيخ صلاح شحادة، والشيخ عبد الفتاح كفار، هم الذين اتخذوا قرار الانتفاضة الأولى، وما زالت الانتفاضة مستمرة.
* ومتى استقللتم عن إخوان الخارج؟
- بعدما أُغلقت شُعَب الإخوان في عام 55 انقطع التواصل بيننا وبين الإخوان في مصر؛ فقبل 55 كانت هناك زيارات مستمرة من الإخوة الشيخ الباقوري والشيخ محمد الغزالي والأباصيري وإخوة آخرين، لكن بعد 55 عندما حُلِّت الحركة في مصر انقطع الاتصال بيننا وبين مصر، ولم يكن هناك من نتواصل معه، حيث كان 70 ألفًا من الإخوان في المعتقلات والسجون؛ ولذلك كان لا بد لنا أن ندبِّر شئوننا وأمورنا ونتخذ قراراتنا بأنفسنا، وبحسب الإمكانات المتاحة.
* التضييق سنة الدعوات قديمًا وحديثًا.. قد تناسبت هذه السمة طرديًّا مع سرعة الانتشار، فما ملامح ذلك في فلسطين؟
- بالطبع واجهنا الاحتلال، وظننا بأن الفرج سيأتي مع الحكم المصري لغزة الذي استمر منذ عام 48 وحتى عام 67، إلا أننا فوجئنا بالتقارير التي ترفع إلى المباحث عن كل شاب؛ فإذا توجه الشاب إلى المسجد جاء في تقرير المباحث أنه ساءت أخلاقه، وإذا لزم المقاهي ودور السينما جاء في التقرير أنه تحسنت أخلاقه، أما من يُعرف أنه من الإخوان فقد كان يخضع للمراقبة ليلاً ونهارًا من المباحث ومن المخابرات، وأما من يحاول اقتناء كتاب يتحدث عن الإسلام أو عن الإخوان فليس له مصير إلا السجن.
وقد بلغ بنا التضييق أننا إذا مرض أحد الإخوان لا نستطيع زيارته إلا ليلاً؛ حتى لا يرانا أحد، وإذا انكشف أمرنا تعرضنا للمساءلة؛ فقد عيَّنت المباحث مخبرًا لكل 6 منا.
وأذكر هذه الحادثة الطريفة التي مرَّت بي أنا شخصيًّا عندما كنت مديرًا لإحدى المدارس في عام 1959م، وأردت أن أشتريَ حصيرًا للطلاب ليصلُّوا عليها، فقامت الدنيا ولم تقعد! وأرسلت المباحث مفتشًا يفتش عن الحصيرة! وأبعدت عن مكان سكني 5 سنوات على أثر الحصير!!
أما عن سرعة انتشار الدعوة فقد بدا هذا واضحًا بفضل الله، وقد تضاعفت الأعداد التي تنضوي تحت الحركة والحمد لله؛ فبعد عام 67 عندما اندحر الحكم المصري عن القطاع، وأصبح القطاع تحت الحكم الصهيوني خفت موجة الانتقادات للإخوان المسلمين، وكفَّت وسائل الإعلام المصرية عن اتهامهم بالتخابر لصالح الصهاينة والعمالة لأمريكا، فبدأ الشباب يتسابقون في الانضمام إلى حركة الإخوان، حتى جاء عام 87 ولدينا العدد الكافي من الأفراد لمواجهة القوات الصهيونية لتبدأ المواجهة بالحجر وبإحراق إطارات "الكاوتشوك" في الانتفاضة.
وما تقوم به حركة حماس الآن من جهود على مستوى المقاومة والجهاد، وما تقدِّمه يوميًّا من الشهداء، هو خير دليل على توجه الناس إلى فكرة الإخوان وإلى أسلوبهم وطريقهم في مواجهة الغزوة الصهيونية الكبيرة، ووقوف الإخوان في وجه الحملة الصهيونية دفاعًا عن العرب وعن المسلمين هو ما أخَّر تقدُّمها في الوطن العربي عشرات السنين، ولا يخفى على أحد أن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية يتسمون بالتدين الفطري؛ فهم قريبون للإسلام بعيدون جدًّا عن المذاهب والتوجهات الأخرى، ويتأثرون بالإسلام؛ فأعداد الإخوان في ازدياد يومًا بعد يوم، والشباب مقبل على منهج الإخوان وعلى عمل الإخوان وعلى الرباط وعلى الجهاد وعلى المقاومة.
- للشيخ دخان تاريخ طويل ومشرف في الجهاد تشهد عليه سنوات عمره واستشهاد ولديه طارق وزياد، وجَرح ولدين آخرين في مواجهات العدو الذي أسر خامسهم في معتقلاته مدة 15 عامًا.. عبر تاريخكم الجهادي لا شك في وجود وقفات للإخوان وذكريات لا تنسى.
- المواقف كثيرة؛ فكل الذين أسسوا حركة المقاومة الإسلامية حماس من الإخوان المسلمين قدَّموا أبناءهم وقدَّموا إخوانهم شهداء؛ منهم من قدَّم شهيدًا، ومنهم من قدَّم شهيدين، ومنهم من قدَّم ثلاثة شهداء؛ فنحن وأبناؤنا مشاريع شهادة بإذن الله؛ فاغتيال الشيخ ياسين كان مؤثرًا جدًّا، وكذلك اغتيال الدكتور الرنتيسي واغتيال الدكتور إبراهيم المقادمة والمهندس إسماعيل أبو شنب والشيخ صلاح شحادة؛ فهؤلاء من إخواننا الكرام الذين أسَّسوا هذه الحركة، وقد كانوا يسهرون على الحركة ليل نهار.
هذه المواقف كانت مؤثرةً جدًّا، ولكن حركتنا ولودٌ بإذن الله؛ كلما ذهب قائد برز قائد يدير الصراع مع اليهود، والحرب دائمة بيننا وبين اليهود حتى يأتيَ وعد الله.
وبالطبع.. لا أنسى عام 48 حين أرسلت عائلة عناني من إخوان مصر اثنين من أبنائها للجهاد في فلسطين، وقدَّر الله لهما الشهادة، ثم فوجئنا بوالد الشهيدين يأتي بابنه الثالث للإمام البنا ويرجوه أن يسمح له بالجهاد في فلسطين؛ علَّه يلحق بأخويه الشهيدين، لكن الإمام رحمه الله أجابه قائلاً: "كفاكم جنةً يا آل عناني.. كفاكم جناتٍ يا آل عناني".
فإذا كانت أسرة مصرية من القاهرة من آل عناني قدَّمت شهيدين وتمنَّت لابنها الثالث اللحاق بهما، فهل بعد ذلك نجدة ونخوة وأريحية وشجاعة؟! فالأخ من الإخوان عندما كان يُجرح كان يهتف مهللاً: "إنني أشم رائحة الجنة"، فهم لم يأتوا إلى فلسطين إلا طلبًا للنصر والتحرير أو للشهادة.
* ماذا خسرت فلسطين بإقصاء الإخوان المسلمين عنها؟
- حقيقةً النظام الناصري أخَّر الوطن العربي والإسلامي أكثر من قرن بأكمله؛ بهجومه الغاشم على كل حركة الإخوان المسلمين، والغريب أنه من مطالعاتنا أن عبد الناصر كان من الإخوان من سنة 1942م وفي عنقه البيعة، ومقسمٌ على القرآن والمسدَّس أن يعمل على قيام حكم إسلامي إذا وصل إلى الحكم، فلمَّا وصل إلى الحكم في ثورة 23 يوليو تنكَّر للبيعة وتنكَّر للإخوان المسلمين، ولما اختلف مع الإخوان كان الاحتكام إلى الحاج أمين الحسيني وشاهد سوري كان لاجئًا سياسيًّا في مصر اسمه أحمد بهاء الأميري، وقد أصدرا حكمهما لصالح الإخوان، فكان جزاء أحمد بهاء الأميري الطرد من مصر فورًا، أما الحاج أمين الحسيني فسلطوا عليه الإعلام الشيوعي الذي كان يسيطر على مصر لتشويه صورته؛ مما اضطره إلى الانتقال من مصر إلى العيش في لبنان.
والحقيقة أن الثورة المصرية أو جمال عبد الناصر والزمرة الملتفَّة حوله أخَّرت الوطن العربي والإسلامي مئات السنين، وهذا الكلام موجود في كتاب محمود عبد الحليم (الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ).
* وما هو تصوركم لو فُتِحَ الباب للإخوان المسلمين قديمًا وحديثًا؟
- لو فتح الباب للإخوان قديمًا وحديثًا لانتهى اسم الكيان الصهيوني من الوجود واندحر الاحتلال إلى اللا عودة، لو فُتِحَ الباب لسارع الإخوان إلى تقديم نصرة عظيمة جدًّا لفلسطين.
* هذا ينتقل بنا إلى السؤال عن تقييمكم للدور الحالي الذي يقدمه الإخوان لدعم القضية؟
- الإخوان يدعمون القضية الفلسطينية كلما سمحت الظروف، ويقفون إلى جانب الفلسطينيين، ولكن بالطبع تحدُّهم الدوائر الأمنية؛ فالدائرون في فلك الاستعمار هم الذين يضعون العقبات في وجه الإخوان وسيفشلون إن شاء الله، وحركة المقاومة الإسلامية حلقة من حلقات جهاد الإخوان المسلمين بفلسطين