سيد قطب والقيادة الفكرية لتنظيم 1965م
موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين
بقلم: أ . علاء ممدوح
واقع العمل الإخواني قبل القيادة الفكرية لسيد قطب
تعد الفترة التي سبقت قيادة الشهيد سيد قطب للتنظيم في الستينات فترة ركود شديد في العمل و النشاط الإخواني الذي انحسر كثيرا كنتيجة لظروف الاعتقالات و شدة القبضة الأمنية.
غير أن بعض الأفاضل حاول لم شمل الجماعة لكن تلك الجهود المباركة كانت لاتزال قليلة ، ومحصورة وئيدة .
محصورة من حيث الانتشار الجغرافي في القاهرة والجيزة والدقهلية ، وعدد محدود في الإسكندرية وباقي المحافظات الأخرى ، مع وجود تنظيم ضعيف بالصعيد .
يخبر عن ذلك المهندس محمد الصروي فيقول نقلا عن الأستاذ عوض عبد المتعال:
" استقر العمل على وجود إخواني في أماكن متفرقة تصلح جيدا كبداية لعمل تنظيمي جيد وهي:
ميت غمر :
ـ جودة حسانين .
شربين
إسماعيل عبد المتعال ومعه مجموعة من الإخوان مثل محمد جمعه وآخرين
مدينة المنصورة
عوض عبد المتعال ومجموعته.
دكرنس
د/ محمد عامر والسيد يوسف وعثمان عرفة أبو مهدى وغيرهم.
وأنت ترى نشاطا ملحوظا في محافظة المنصورة أكثر من باقي محافظات الجمهورية عدا القاهرة والجيزة .
في الغربية
1- طنطا : توفيق عبد الباري وأخ آخر اختفى من خريطة التنظيم مبكرا .
2- المحلة : مجموعة كبيرة من العمال المخلصين لدعوة الإخوان بقيادة الأخ / أحمد سلام .. والشيخ / محمد فتحي رفاعي.
دمنهور
1- مدينة دمنهور : محمد عبد الفتاح شريف ومن معه.
2- شبراخيت : السيد السيد أبو شلوع ( محامي ) .
عباس السيسي , مجدي عبد العزيز , عبد المجيد الشاذلي , وعبد المنعم عرفات , الهام يحيى بدوي , عبد المجيد محمد عبد المجيد , أحمد محمد الزفتاوي ( أصلا من طنطا )
لم يكن هناك وجود تنظيمي سوى التنظيمات المالية النشيطة بقيادة عبد الحميد الطنبداوى
1- بلبيس .. محمد عواد وأمين سعد والشيخ نصر عبد الفتاح وغيرهم
2- مركز الزقازيق .. عبد العزيز عبد القادر ومجموعته
3- مدينة الزقازيق .. أحمد حامد , محمد على العريشى , محمد عبد العزيز عبد الله وغيرهم.
1- مدينة الجيزة .. فاروق المنشاوي ومعه مجموعة كبيرة من طلبة كلية الهندسة وباقي الجامعة
2- كرادسة .. أحمد عبد المجيد , سيد نزيلى , جابر رزق , جابر الفولي وغيرهم .
3- مجموعة إخوان الخمسات .. مبارك عبد العظيم , إمام سمير ثابت , عبد الفتاح الخضري , أحمد توفيق كنزى .
4- امبابة .. مرسى مصطفى مرسى , محمد عبد المنعم شاهين , محمد بديع سامى
1. مجموعة فى الزيتون.. على رأسها كمال الفرماوي ( محامى )
2. مجموعة مصر الجديدة.. طلبة كلية طب عين شمس وتجارة عين شمس ـ محمود فخرى ,مجدي عبد الحق,صلاح عبد الحق, محمود عزت إبراهيم , فتحى عبد الحق ( طالب بالكلية الحربية آنذاك ).
3. مجموعة شبرا.. مصطفى الخضيري , حبيب عثمان وغيرهم .
4. حدائق القبة يحيى بياض ( طالب هندسة ) فاروق عبد الغنى الصاوي ( معيد بمعهد بحوث الصحراء ) وغيرهم .
5. مجموعة مدينة نصر ( مجموعة الطيارين ) يحيى حسين , ضياء الدين عباس الطوبجى , محمد الغنام , سمير الهضيبى وغيرهم .
6. المطرية علي محمد جريشة ( نائب بمجلس الدولة ) ومعه مجموعة من ضباط الجيش والبوليس كما تقول الأوراق .
7-. معيدون الطاقة الذرية .. وكلهم معيدون بهيئة الطاقة الذرية ويسكنون غالبا حول منطقة المطرية ... محمد عبد المعطى الجزار , صلاح خليفة , أحمد عبد الحليم السروجى , محمد المأمون يحيى زكريا .
8. مجموعة مركز الخانكة حمدى حسن صالح , منصور عبد الظاهر منصور ومجموعتهم .
9. مجموعة السيدة زينب محمد عبد المعطي عبد الرحيم ( رسام ) , كمال عبد العزيز سلام ( ضابط مهندس ) , فؤاد حسن علي ( ضابط مهندس ) , محمد أحمد البحيري (مهندس ) , السيد سعد الدين الشريف ( طالب بكلية الهندسة ) , إمام عبد اللطيف غيث ( مهندس كهرباء ) , ممدوح درويش الديرى ( طالب بكلية علوم عين شمس ) ..
ومن خارج جمهورية مصر
ـ هانى بسيسو ( من غزة )
الأخ عبد الحليم ( من السودان )
عبد الله محمد ابوسن ( من ليبيا )
مروان حديد ( سوريا ) غادر مصر فبل أيام قليلة من القبض عليه وكان له حضور فكرى وحماس قوى جدا واستشهد في حماة فى سوريا بعد ذلك
مجموعة ضباط الجيش
من البوليس
- عريف / كامل السعيد ( من ملوي )
وكان الأخ علي جريشة على اتصال جيد بمجموعتي الجيش والبوليس
هذا ما وعته الذاكرة التي سقط منها كثير من الأسماء".
أما حيث أهداف التنظيم فكانت محدودة وهي :
1- إيقاظ مجموع الإخوان في المحافظات فيما عدا أصحاب فكر ( تنظيم بلا تنظيم ) .. فالجماعة .. والتعارف والتفاهم والتكافل فكر أساسي لتنظيم 65 .. والعمل الجماعي ضرورة حتمية في فكر الإخوان المسلمين.
2- جمع الاشتراكات من الإخوان قدر الاستطاعة والتربية الإيمانية على التضحية بالمال.
3- الاستعداد لضرورة التخلص من جمال عبد الناصر .. ولكن كيف يتم عمل ذلك هذا موضوع حوار طويل دار في أروقة التنظيم وكانت هناك أكثر من وجهة نظر في هذا الموضوع ..".
الرموز العملاقة ... بصمة هامة في تلك الفترة
كان هناك عمالقة من شباب الإخوان في فترة ما قبل قيادة سيد قطب للتنظيم الإخواني و كانت لهم بصمة هامة جدا و وضاءة ، يخبر عن ذلك المهندس الصروي قائلا :
" بعض الشخصيات الفاعلة في التنظيم ( 57 ــ 63 )
لقد كان في التنظيم شخصيات متحركة تجوب القطر كله حركة ونشاطا وفاعلية وأبرزهم ( بخلاف علي عبده عشماوي الذي سنفرد له مقالا كاملا ) :
1- الشيخ عبد الفتاح إسماعيل ( رحمه الله )
نثنى عليه بما هو أهله بعد موته كان لا يهدأ أبدا .. تراه في الصباح في دمياط وبعد الظهر في المنصورة والمغرب في القاهرة وبعد العشاء في الجيزة .. وقد يصلى الفجر في أسيوط مع الشهيد محمد منيب يلهب حماس الشباب ويجمع الفتية الذين آمنوا بربهم .. يوقظ هذا لصلاة الفجر ..
ويحمس ذلك للعمل .. يتكلم في نصرة الدين , ودعم قضية الشريعة , والجهاد في سبيل الله .. ويشرح مساوئ النظام وعوراته , قلبه ينبض بروح الشباب , وتجرى في عروقه دماء الحيوية .. متوكل على الله حق التوكل .. يأكل القليل .. يرضى من الدنيا باليسير ..
ترك زوجه وأولاده الأطفال على الله رزقهم , يجمع الشباب على الدعوة , ويناقش الشيوخ في الفكرة , ويتصل بالقيادة طالبا الشرعية والتأييد , ويسافر إلى الخارج لجمع المال للتنظيم .. ساعات نومه غالبا حينما يركب القطار .. أو الأتوبيس فهو ينام فيهما بين محطة القيام ومحطة الوصول .. وكفاه بهذا نوما .. فان في القبر نوما كثيرا ..
وما أطال النوم عمرا .. ولا أعطت كثرة النوم مزيدا من الصحة أو العافية .. دائم التمني للشهادة .. يحفظ القرآن الكريم ويتلو آياته أناء الليل وأطراف النهار .. قلبه لا يخاف .. جرئ إلى ابعد الحدود
شاب .. ذو همة عالية .. يجوب منطقة الدلتا كلها متنقلا بين دمنهور والإسكندرية وطنطا ومراكز المنصورة .. ميت غمر ـ دكرنس وميت أبو خالد ثم بعد ذلك يربط الغربية والمحلة بباقي التنظيم .. همزة الوصل بين شباب تنظيمات (54 ) وشباب (65 ) فهو شاب في مقتبل الشباب ..
كما يتمتع بعاطفة شبابية جياشة ويمتاز بمعرفة الغالبية جملة وتفصيلا ولكنه سافر في عام 1963 في بعثه إلى الجزائر حتى أحضروه موثقا بالحبال في طائرة خاصة مع فتحي رفاعي
3- الشيخ محمد فتحي رفاعي
عالم أزهري .. اعتقل في عام 1954 مع الإخوان وعاش وتربى في مدرسة السجن الحربي , وخرج ولم تكسر له شوكة , ولم تلن له قناة .. لم يرهبه التعذيب في السجن الحربي رغم مرضه بالربو بل خرج منه في أواخر عام 1956 مصرا على العمل والجهاد والنضال .. أزهري متفتح ..
يكره الجدال في الخلافات الفرعية شعاره الدائم " إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها" وأحيانا يثور إذا سألته الفرعية ودائما يرد أين أنت من عظائم الأمور والجهاد في سبيل الله , استطاع مع الأخ أحمد سلام من إخوان المحلة الذين اعتقلوا في 1954 جمع أعداد كبيرة من عمال شركة المحلة .. وبث في قلوبهم حماسا عاليا .. وعلمهم جميعا العمل للآخرة .. فهي خير وأبقى ..
وله معهم جهد تربوي كبير .. كان متحمسا للتخلص من عبد الناصر فهو يرى انه حجر عثرة في طريق هذه الدعوة ويجب التخلص منه .. ويكفيه ولا نزكى على الله أحدا أنه استطاع تربية أكثر من حوالي أربعين أخا عاملا من عمال شركات المحلة والقرى المجاورة للمحلة الذين إذا حدثوك فكأنك لست أمام عامل بسيط .. بل كلمات عالم جليل ..
كما شارك الشيخ فتحي رفاعي في كل المناقشات الفكرية للتنظيم والاجتماعات الكبرى والحساسة وأدلى بدلوه الأزهري والفقهي فيها , ولكنه سافر عام ( 1963 ) في بعثه إلى الجزائر وتسلم مكانه الأستاذ صبري عرفة الكومي ـ رئاسة منطقة الدلتا وبذلك نجا فتحي رفاعي بأعجوبة من حبل المشنقة .
4. ...مبارك عبد العظيم عياد
هو من إخوان " الخمسات " .. متعدد المواهب فهو مصارع روماني ممتاز .. مدرب سباحة قدير .. يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب .. بطل رياضي .. مثقف ثقافة واسعة .. كل هذا جانب .. لكن الجانب الأهم قدرته على الحوار والإقناع مع الصبر الطويل ..
روحانيات عالية جدا .. خرج من السجن في عام 1960 وعاد إلى كليته .. كلية العلوم جامعة عين شمس .. وتخرج منها وكان من الأوائل .. وله فرصته معيد في الجامعة ثم أستاذا بها .. ولكنه رفض تماما لأنه قرر التفرغ للتنظيم .. واستطاع في جلسات حوار طويلة أن يضم إلى التنظيم اكبر عدد من المثقفين المهنيين فى القاهرة الكبرى .. وقبلها ضم اغلب إخوان الخمسات .. وكان ممن ضمهم الى التنظيم:
اثنى عشر مهندسا كمياويا ــ جامعة القاهرة
1. ... فاروق أحمد علي المنشاوي
2. ... فايز اسماعيل
3. ... السيد سعد الدين الشريف
4. ... حسن أحمد البحيري
5. ... فؤاد حسن علي
6. ... أحمد عبد الستار عوض كيوان ( دمياط )
7. ... جلال الدين بكرى ديساوي
8. ... محمد عبد العزيز الصروي ( كاتب هذه السطور)
9. ... عز الدين عبد المنعم علي شمس
10. ... محمد عبد الحميد خفاجى
11. ... علي بكري بدوي
12. ... عبد الرحمن منيب ( كان في طور الإقناع والحوار )
ومن قسم التعدين بهندسة القاهرة
1- مهندس محمد أحمد عبد الرحمن
ومن قسم الميكانيكا
ومن قسم الكهرباء
2- والفنان الموهوب محمد عبد المعطي عبد الرحيم وشهرته ( محمد رحمي )
مجموعة الطاقة الذرية
1. ... محمد عبد المعطي الجزار.
2. ... أحمد عبد العزيز السروجي.
3. ... صلاح محمد خليفة.
4. ... محمد المأمون يحيى زكريا
وكلهم من حملة الدكتوراه ( فيما بعد ) في الطاقة النووية وتعرف عليهم أثناء دراسته بعلوم عين شمس ومعهم ممدوح درويش الديري ( طالب بعلوم عين شمس [ صار فيما بعد أستاذا بعلوم الزقازيق ] .. رحمه الله.
ومن مجموعة إخوان الخمسات:
1. ... إمام سمير ثابت
2. ... محمد على العريشي
3. ... أحمد حامد السيد إدريس
. ... أحمد توفيق كنزي
5. ... عبد الفتاح الخضري
ولقد تولى فور انضمامه إلى التنظيم المسؤلية التنفيذية للقاهرة الكبرى كلها .. كما تولى الجانب الروحي والتربوي والثقافي لمجموعة هؤلاء الإخوان الشباب الجدد "
ثقافة التنظيم في تلك الفترة
يخبر عنها المهندس محمد الصروي بقوله :
" تتركز المحاور الثقافية للتنظيم في الفترة الأولي على الآتي :
الفقه
كتاب فقه السنة ... الفقه على المذاهب الأربعة
السيرة
نور اليقين للخضرى
التفسير
في ظلال القرآن .. تفسير ابن كثير .. مختصر ابن كثير للشيخ أحمد شاكر
الحركة .. والعمل
رسائل الإمام حسن البنا
الثقافات
كتابات كل من الشيخ محمد الغزالي والاستاذ محمد قطب .. احياء علوم الدين للغزالي
السياسة
بروتوكولات حكماء صهيون ( محمد خليفة التونسي )
أنشطة التنظيم الصيفية
اعتاد الإخوان منذ الأربعينات وأوائل الخمسينات الذهاب إلى مصيف جمصة .. ففى عام 1958سافرت ثلاث رحلات إلى مصيف جمصة .
• ... الأخ إسماعيل عبد المتعال ( شربين ـ المنصورة ) ومعه مجموعة.
• ... الأخ عوض عبد المتعال ومحمد عواد .. ومعهم مجموعة
• ... علي عشماوي وأمين شاهين ومعهم مجموعة ميت غمر وميت أبو خالد ومنهم السيد البردينى وجودة حسانين ومحمد عبد الحي وعلي عشماوي وغيرهم
ولعل هذا كان أول الخيط في التعرف على علي عبده عشماوي وربطه بالتنظيم الذي بدأه في السجن ( محمد عبد الفتاح شريف ـ عبد الفتاح إسماعيل ـ عوض عبد المتعال ـ فتحي رفاعي)
البرنامج التقليدي للمصيف
• ... قيام الليل
• ... صلاة الفجر
• ... قراءة المأثورات
• ... إفطار
• ... جرى على البلاج ( صباحا ) .. وبعد العصر
ولقد كان الشهيد محمد عواد يرصد المصيف كله .. فسمع أناسا يقرءون المأثورات فعرف أنهم من الإخوان فراقبهم وراقب تحركاتهم .. وانتهى الأمر بالتعرف على هذه المجموعة .. مجموعة الأخ إسماعيل عبد المتعال ( شربين دقهلية )
البرنامج العسكري
• ... الجري
• ... السويدي
• ... فك وتركيب المسدس .. والتعرف على أجزاء المسدس" .
السلاح و القيادة الفكرية للأستاذ سيد قطب
يقول المهندس الصروي موضحا معنى و هدف السلاح في جماعة الإخوان:
" للسلاح في التنظيمات تاريخ يجب قراءة الخلفية التاريخية له حتى يمكن معرفة الملابسات التاريخية .. ويسهل ـ بعد ذلك ـ فهم القضية .
فان نزع أي قضية عن ملابساتها التاريخية يجعلها تفقد ركنا من أركان الفهم لإدراك الحقيقة الكاملة إن حيازة السلاح الشخصي في الأربعينات أيام الملك فاروق كانت شيئا من حقوق الحرية الشخصية ويتم ترخيصه لأي شخص كائنا من كان لغرض الدفاع الشخصي , وكذلك كان ـ بل ولا يزال ـ حيازة الخفير الشخصي لمزرعة ما أو لشخص ما , بل وحيازة الحرس الشخصي ـ لشخص ما ـ لحماية هذه الشخصية الكبيرة هو من الحقوق المعترف بها أيضا .
ثم جاءت حرب فلسطين سنة 1948 وجمع الإخوان المسلمون سلاحا كثيرا لفلسطين تحت سمع وبصر الدولة .. بل ومباركتها , وكان للمرحوم المهندس محمد سليم رئيس التنظيم السري للإسكندرية قبل ( 1954 ) جهدا كبيرا في شراء السلاح للمجاهدين في فلسطين .. وكان يجمع بقايا الأسلحة الملقاة بعد الحرب العالمية الثانية في العلمين .
وكذلك كان العرب في الصحراء الغربية يجمعون السلاح لحسابه ثم يشتريها منهم ويقوم بإصلاحها وتنظيفها ويرسلها إلى فلسطين .
... ثم تم تكوين الجهاز السري للإخوان المسلمين في الأربعينات وهو تنظيم يقوم على الجهاد بالنفس والمال .. وحمل السلاح بديهة من بديهياته ..
وكان الحصول على السلاح وحمله يحتاج إلى شئ من الكتمان وهو ما يعرف بـ" السرية " ولم يكن الإخوان المسلمين ـ وحدهم ـ بدعا في هذا الأمر , فالشيوعيون كانت عندهم أسلحة , وكذلك أصحاب القمصان الخضر والقمصان الزرق من حزبي مصر الفتاه وحزب الوفد .. ولم تكن الحكومة تتعامل بحساسية مفرطة في هذا الأمر بل كانت حتى بداية ثورة 23 يوليو سنة 1952 تغض الطرف نوعا ما عن حمل السلاح
ولقد كان الفدائيون أثناء مقاومة القوات الإنجليزية في منطقة مدن منطقة قناة السويس يحملون السلاح علنا في شوارع الشرقية ..
بل وكان أصحاب القمصان الزرقاء والخضراء يدخلون المطاعم ـ في الزقازيق ومدن الشرقية القريبة من منطقة القناة
ـ وهم يحملون السلاح علنا وبغير مواربة .. وظل الأمر على هذا الحال حتى يوم حادث المنشية في 29 أكتوبر 1954م وبدأ الأمر يتغير تماما بعد حادث المنشية وتصاعد حظر حمل السلاح يوما بعد يوم حتى يومنا هذا ."
ثم يفصل م. الصروي في الكلام عن السلاح في فترة الستينات فيقول :
" ولما بدأ تكوين تنظيم جديد للإخوان بعد عام 1956م كانت حيازة السلاح شيئا عاديا إلى حد ما عند كثير من أفراد جماعة الإخوان المسلمين .. بل كان الشعور بضرورة التدريب على السلاح كضرورة شخصية للإنسان العادي ..
فضلا عن الإنسان المجاهد في سبيل الله .. ولم يكن أحد يناقش في هذه البديهة آنذاك ومن هنا كانت حيازة التنظيم لعدد قليل من الأسلحة لا يجاوز أصابع اليد الواحدة سواء من المسدسات أو المدافع الرشاشة لغرض التدريب على الفك والتركيب والرماية ..
بل إن بعضها كان قديما يعلوه الصدأ , ويتم غسله وتنظيفه بالجاز أو البنزين بين الحين والأخر .. والذي لا شك فيه أن هذا السلاح لا يصلح لقلب نظام الحكم أو تغيير دستور الدولة بالقوة كما اتهمتنا الحكومة أو كما قال الخياليون في ذلك الحين ...
ولكن الحكومة كان لها رأى آخر تماما .. فان حيازة السلاح .. أي سلاح .. عند الإخوان هو مبرر قوى كافي وموضوعي ومقنع لإعمال يد القتل والسجن وتعليق المشانق للإخوان .. وأن تنسج خيوط مؤامرة وتلفيقها للإخوان سهل وميسور إذا وجدت بعض قطع السلاح .. فمهمة تلفيق التهم بالمؤامرة على الحكومة تقوم الكرابيج والكلاب المتوحشة وحمزة البسيوني وصفوت الروبي بها خير قيام ..
بل شر قيام .. ولقد حدث أن قام فريق المباحث الجنائية العسكرية المشرف على قضية ( 1965 ) بالرقص في السجن الحربي وعمل حفل عظيم بعد العثور على قطع السلاح , وكان غناؤهم أثناء الرقص " كسبنا القضية .. كسبنا القضية .. كسبنا القضية " .
فحيثما وجد السلاح كان تبرير الشنق والإعدام والتعذيب تبريرا قويا .. بل موضوعيا لدى الحكومة وأجهزة الإعلام , ويوم وجد شمس بدران المشرف على تحقيقات ( 1965 م ) هذه البقايا مما يسمى مجازا أسلحة .. أقام مؤتمرا صحفيا في السجن الحربي .. وأعلن عن المؤامرة وأن الإخوان هم أعوان إسرائيل وعملاء إسرائيل ..!!!
وهنا همس أحد الضباط في أذنه قائلا : هم أعداء إسرائيل يا معالي الوزير .. نهره وقال له اخرس .. فماذا نقول عنهم إذن ؟!.
ومن قبيل التسجيل التاريخي لقضية ( 65 ) أن وزير الداخلية حينذاك كان اللواء عبد العظيم فهمي وهو ضابط مباحث عامة ( أمن دولة ) محترف وناجح جدا في عمله , وكان يعمل ستة عشر ساعة كل يوم على الأقل كما يقول الأستاذ أحمد حمروش في كتابة قصة الثورة ..
حينما استدعاه جمال عبد الناصر وقال له أن هناك تنظيما مسلحا للإخوان المسلمين نفى بشدة وصب جام غضبه على شمس بدران ورجاله , وقال له يا ريس شمس بدران ورجالته هايولعوا البلد .. إن للإخوان المسلمين أكثر من ثلاثين تنظيما ماليا لإعالة أسر المعتقلين وهم تحت بصرنا وأعيننا , ونحن تركناهم لإعالة هذه الأسر بدلا من تشردها , ولا يوجد أي تنظيم مسلح للإخوان المسلمين ..
وكان الرجل الوزير محبوبا من عبد الناصر فصدقه عبد الناصر , وانتصر وزير الداخلية في الجولة الأولى , ولكن بعد العثور على بقايا ما يسمى ( سلاحا ) استدعاه عبد الناصر وكان يوما أسود عليه إلى أن مات ."
يؤكد على هذا المعنى الأستاذ أحمد رائف بقوله :
" وبحكم طبيعة المجتمع المصري فالمراقب يجد أن حيازة السلاح أمر طبيعي وعادى وعلى الأخص في القرى والكفور والنجوع , وكان من الطبيعي أن تتواجد بعض قطع السلاح في حيازة بعض الأفراد , وعلى وجه التحديد من أولئك الذين يسكنون الأماكن البعيدة عن القاهرة , والذين يعملون في نفس المهن الخاصة مثل التجارة والزراعة ,
أما طبقة المثقفين وكبار المتعلمين الحاصلين على الشهادات العلمية العالية فلم يثبت أن أحدا قد فكر في هذا , ولا يمكن اعتبار أفكار بعض المغامرين الحالمين في الإعداد العسكري لعدد أقل من الخمسين معيارا أو أساسا للحكم على السياسة العامة للتنظيم ...
وكل ما ضبط من سلاح في حوزة أعضاء التنظيم أقل مما هو موجود في حيازة إقطاعي صغير لا تتجاوز أرضه الخمسين فدانا من الأرض المزروعة ."
محاولات إعادة البناء التنظيمي بسواعد شبابية
في عام ( 1957 ) في حديقة الدمرداش بالعباسية , وبعد مناقشات طويلة اتفقوا على الأتي :
1. ... تعيين علي عشماوي أميرا لهم
2. ... تعيين أمين شاهين مسئولا من النواحي المالية
3. ... تعيين أحمد عبد المجيد مسئولا عن المعلومات
4. ... وضع برنامج دراسي تربوي
5. ... السرية التامة مع الحذر الشديد في التحرك والاتصالات
6. ... عدم التقيد بالتقسيم الجغرافي لحركة كل واحد , والاتصال بكل من يعرف في أي مكان بمصر .
7. ... جس نبض القيادات القديمة المعروفة للإخوان وعدم مصارحتهم إلا بعد التيقن من موافقتهم على التنظيم
8. ... استبعاد أي أخ سبق له تأييد الحكومة في السجن .. كذلك استبعاد أي أخ فيه شك ولو بنسبة 1%
حاول هذا الشباب المتوقد الذي سبق ذكر رموزه أعلاه أن يعيد الحيوية للتنظيم وبالفعل طلبوا من المرشد أن يجعل لهم قائدا فدلهم على عبد العزيز علي ويخبرنا عن هذه التداعيات الأستاذ أحمد عبد المجيد قائلا :
" .. كنا نلتقي مع الأستاذ عبد العزيز علي في شقة في مصر الجديدة بها جمعية خيرية كان يرأسها الوزير .. كأنما اختير موقعها بعناية فائقة في منطقة هادئة جدا بمصر الجديدة تطل على ميدان فسيح .. والدخول للشقة كان طبيعيا كأننا أعضاء في الجمعية .. وكنا ندخل إليها فرادى ونخرج منها فرادى أيضا مع عمل احتياطات الأمن من كل منا عند الدخول والخروج .
اجتمعنا معه سبع أو ثماني مرات .. ولكننا لم نتواءم معه لعدة أمور أهمها عدم درايته الكاملة بأمور ومشاكل الجماعة أو الخط التربوي الإسلامي , وتكاد تنحصر خبرته الحركية فيما حدث في ثورة ( 1919 ) حيث كان مشتركا فيها ..
وسبب آخر خوفنا منه لأنه كان وزيرا في عهد الثورة ذات الخط الأمريكي ولقد قامت الثورة بترتيب من الولايات المتحدة الأمريكية رغم التغطية لها بأنها تابعة لروسيا فخشينا أن يكون له صلة مشبوهة بأمريكا وان يكشفنا لكننا أدركنا خطأنا بعد القبض علينا , وعلمنا أنه رجل من أفاضل الناس ومن كرام الناس .. رحمه الله رحمة واسعة."
التنظيم الوليد بين معارضة قلة من القيادات ... وموافقة وتأييد المرشد
يقول الصروي عن هذا الأمر:
" قلاقل حول التنظيم ثلاثة من قيادات الإخوان القدامى لم توافق على هذا التنظيم بعد أن تنسمت رائحته , وتسربت إليهم أخباره وهم :
1. ... الأستاذ محمد فريد عبد الخالق عضو مكتب الإرشاد السابق
2. ... الأستاذ منير دله عضو مكتب إرشاد سابق
3. ... اللواء صلاح شادي ، أحد القيادات الكبرى للإخوان المسلمين وعضو بمكتب الإرشاد في أيام الأستاذ عمر التلمسانى
ويقول أ. أحمد عبد المجيد عن هذه المعارضة:
" ولا يفوتني أن أذكر كذلك محاولة استئناف الاتصال بالإخوان القدامى المسئولين في هذه المرحلة وبدأ كل منا الاتصال بمن يعرفه والتفاهم معه بعد مناقشة الأمر مع المجموعة , وتم الاتصال بكثير من قيادات الجماعة التي على الساحة , خارج السجون وعلى كافة مستوياتها القيادية , بدءا من نواب الشعب , فأعضاء الهيئة التأسيسية , فالنظام الخاص السابق , وفدائيي فلسطين , ..
حتى مكتب الإرشاد ... وكنا نسعى جهدنا لذلك ليتولوا قيادتنا وتوجيهنا بعد تسليم الزمام لهم باعتبارهم أقدم منا , وأجدر بذلك , وكذلك سرعة استجابة الإخوان لهم بحكم وضعهم , ومسئولياتهم السابقة , وكذلك أعمارهم حيث كان أكبرنا سنا وقتها الشيخ عبد الفتاح إسماعيل وعمره فى ذلك الوقت لا يتجاوز 37 عاما.
إلا انه للأسف باءت كل هذه المحاولات بالفشل ولم يكن موقفهم الرفض فقط, بل بدءوا يحاربوننا ويطاردوننا ويحذرون منا الإخوان في كل مكان ويضعون أمامنا العراقيل .. وكانوا يبررون تصرفاتهم بدافع حرصهم على الجماعة , ولا يعلم حقيقة هذه الدوافع إلا الله .. فهل هو الخوف من الاعتقال ثانية وما سيترتب عليه .. أم أن الوقت غير مناسب , أم أنهم أدوا دورهم وكفى؟ كل ذلك جائز ..." انتهى
ويحكى أ. أحمد عبد المجيد عن الاتصال بالأستاذ المرشد وأنه :
" كان يتم عن طريق الشيخ عبد الفتاح إسماعيل بواسطة الأخت زينب الغزالي ، التي كانت تقوم بالذهاب إلى الأستاذ المرشد في بيته , أو في أي مكان أخر , وكان يتم ذلك في أضيق الحدود , وعند الضرورة فقط , حيث كان منزله مراقبا مراقبة مستمرة ليلا ونهارا , وكان يخضع لنظام " تحديد الإقامة الجبرية "
ومما كان يسهل مهمتها وجود صلة نسائية بينها وبين بيت الأستاذ المرشد مما يبدو على أنه أمر طبيعي لا يلفت إليه النظر ولا يثير الشكوك ) انتهى
أما الأستاذ أحمد رائف صاحب كتاب البوابة السوداء فيقول :
" كان الشيخ عبد الفتاح إسماعيل يرتب لقاء مع المرشد العام عبر الحاجة زينب الغزالي التي دفعت ثمن هذا غاليا من التعذيب في السجن الحربي فيما بعد " .
الاتصال بسيد قطب في السجن:
كان الاتصال بالسجن بواسطة الشيخ عبد الفتاح إسماعيل والحاجة زينب الغزالي والأخت حميدة قطب شقيقة الأستاذ سيد قطب , وكان هذا الطريق مأمونا أيضا بتوفيق الله , ويبدو عاديا بحكم صلة الإخوان ببعضهم أسوة ببيت فضيلة المرشد ." انتهى
سيد قطب .... القيادة الفكرية لتنظيم 65
استمر الوضع مع الوزير عبد العزيز علي ولكنه لم يدم و أسباب ذلك جاءت في كتاب الزلزال والصحوة :
" لم تكن قيادة الوزير عبد العزيز علي مقنعة للتنظيم خصوصا في القضايا التالية :
1. ... لم يكونوا على قناعة تامة بفكرة اغتيال عبد الناصر بالسم وسألوه : كيف يتم هذا ؟ قال : لابد من تدبير هذا ؟
2. ... لم يكونوا على قناعة بأن قتل عبد الناصر هو الغاية الكبرى للتنظيم ... وسألوه : وماذا بعد قتل عبد الناصر ؟ فأجاب : قتله هو غاية في حد ذاتها
3. ... تخوفوا جميعا من طلب الوزير لأسماء وعناوين جميع أفراد التنظيم .. بل إن بعضهم بالغ في التحليلات السياسية , وظن أنه مندس على التنظيم .. ثم تبين لهم بعد ذلك إخلاص الرجل وصلابته في السجن الحربي .
4. ... لم يكن الوزير على دراية بالمناهج والأساليب التربوية عند جماعة الإخوان المسلمين .. وكل قناعاته في القتال فقط أما التربية والتكوين والانتشار الأفقي , وهداية الناس فليست في قاموس مناقشاته
لهذه الأسباب مجتمعة .. فكر أفراد التنظيم في الانسحاب المنظم والتدريجي من العلاقة مع الوزير عبد العزيز علي ,والبحث عن قائد آخر للتنظيم , وأرسلوا الحاجة زينب الغزالي إلى فضيلة المرشد حسن الهضيبي لتخبره بذلك فلم يمانع الأستاذ حسن الهضيبي , وأفادهم أنهم أعلم بظروفهم المحيطة بهم .. وأنه لا يمانع في أي قرار تنفيذي يرونه مناسبا لظروفهم التنظيمية .
وأوكل الإخوان مهمة الانسحاب التدريجي من العلاقة مع الوزير إلى علي عشماوي , الذي صار يلتقي به وحده ـ دون سواه ـ مرة كل أسبوع وأوحى علي عشماوي إلى الوزير أن هناك تكاسلا وتراخيا في العمل في هذه الفترة .. وبعد حوالي 8 لقاءات انقطعت الصلة مع الوزير عبد العزيز علي وكذلك صدر تفويض آخر للشيخ عبد الفتاح إسماعيل بالبحث عن قائد آخر يقود التنظيم ..
وفى هذه الفترة حدثت عدة أمور:
1. ... تقلص دور المهندس محمد عبد الفتاح شريف فلم يعد قائدا للتنظيم واكتفى بمنطقة دمنهور والعمل فيها .
2. ... سافر الشيخ محمد فتحي رفاعي إلى الجزائر للعمل مدرسا للغة العربية هناك
3. ... سافر الأخ عوض عبد المتعال عوض إلى الجزائر أيضا للعمل مدرسا هناك , وحل محلهما الأستاذ صبري عرفة الكومي ( مدرس كيمياء ثانوي .. آنذاك ) في قيادة وسط وشرق الدلتا .
4. ... تولى مجدي عبد العزيز متولي ( كيماوي متميز بشركة النصر للأقلام الجرافيت ) قيادة منطقة الإسكندرية , ويعاونه عبد المجيد الشاذلي ( كيماوي بمصنع الحرير الصناعي بالإسكندرية ) , كما تولى مجدي عبد العزيز متولي القيادة العسكرية للتنظيم لأنه كان ضابطا احتياطيا بالجيش , علاوة على لياقته البدنية العالية
5. ... تولى علي عشماوي قيادة منطقة القاهرة الكبرى ( القاهرة والجيزة والقليوبية )
6. ... تولى الأخ أحمد عبد المجيد عبد السميع قيادة وجه قبلي .. كما تولى أيضا قسم المعلومات , وهو ما يسمى في العصر الحديث [ قاعدة بيانات (data base ) ] ومع الأخ أحمد عبد المجيد في قاعدة البيانات هذه أو قسم البيانات كما كان يسمى في العقود الماضية ..
معه مجموعة من الشباب المتميز في جمع المعلومات وهو ما ظهر في التحقيقات ومنهم على سبيل المثال جابر رزق جابر , ومحمد عبد المنعم شاهين وغيرهم .. كما كان جمع المعلومات وظيفة تلقائية لكل أخ ينضم للتنظيم , وكان يساعده في الصعيد الشهيد محمد منيب أمين عام مكتبة جامعة أسيوط رحمه الله رحمة واسعة .
7. ... تولى الشيخ الشهيد عبد الفتاح إسماعيل منطقة شمال الدلتا( دمياط)إلى جانب مجموعات مرتبطة به من القاهرة وغيرها وأيضا الاتصال بالإخوان القدامى والاتصال بالخارج والاتصال بفضيلة المرشد والبحث عن قائد جديد للتنظيم...
كما أن له حرية الحركة في كل أنحاء مصر .. دعوة وتربية وجمع اشتراكات وخلافه وفى هذه الأثناء وبعد مداولات ومشاورات استقر الرأي على الاتصال بالشهيد سيد قطب في ليمان طرة لكي يكون قائدا فكريا للتنظيم حتى يأذن الله له بالفرج من السجن".
سيد قطب و القيادة الفكرية التنفيذية للتنظيم من داخل السجن
اعتمد الأستاذ سيد قطب في النقلة الفكرية التي قادها لتنظيم 65 على النهج الذي انتهى إليه الإمام البنا رحمه الله في آخر عمره وفي ختام رسائله ولم يحد عنه قيد أنملة ...
يقول الأستاذ شفيق شقير:
وبنفس الروح كانت جماعة الإخوان عام 1948 أعلنت معركة المصحف حتى تحدد الدولة موقفها من القرآن باعتباره المصدر للتشريع والحكم، وكتب البنا أربعة مقالات في صحيفة الإخوان اليومية، أنهى مقالته الأخيرة بقوله: "ليس بعد النصيحة أو البيان إلا المفاصلة أو الجهاد".
نعم هذه المقالة التي انتهى لها حال الشيخ البنا من التوجه نحو المفاصلة بعد طول نصح انطلق منها الأستاذ سيد قطب في قيادته الفكرية لتنظيم 65 واستمر عليها، فما غير ولا بدل رحمه الله تعالى.. يصف لنا تنفيذ هذه القيادة الفكرية المهندس محمد الصروي :
" بدأ سيد قطب يكتب رسائل للتنظيم فصدر له :
1-هذا الدين
هذا الكتيب القيم يحمل فوق طياته أسلوبا جديدا وجذابا في مخاطبة الشباب .. وفى التعبير عن حقائق ( هذا الدين ) .. ولا يزال هذا الكتاب يؤثر في أجيال بعد أجيال .. فهو من العلم الذي ينتفع به بعد وفاة سيد قطب .. فكر جديد .. وروح جديدة .. هي ـ كما نحسبها ـ قبس من نور الإيمان
2- المستقبل لهذا الدين
وهو أيضا كتيب قيم يبعث الأمل في نفوس الدعاة إلى الله وهو الكتيب المكمل للكتيب الأول " هذا الدين " هذان الكتيبان صدرا للشهيد سيد قطب وهو في السجن ، وهما عبارة عن منشورين من منشورات الشهيد سيد قطب ، ولعل الشهيد تنسم رائحة التنظيم ، أو أن معلومات وصلت له عن طريق أخته حميدة قطب نقلا عن الحاجة زينب الغزالي التي كانت على صلة طيبة بأسرة الشهيد سيد قطب .
وفى هذه الأثناء اقترح الشيخ عبد الفتاح إسماعيل اسم سيد قطب رغم أنه كان لا يزال في السجن وليس هناك أي بوادر إفراج عنه .. ولكن الجميع كانوا يعرفونه من كتاباته ومن تاريخه .. ووافق الجميع , واستطاع الشيخ عبد الفتاح إسماعيل بحركته الواسعة وصبره ودأبه الطويلين أن يزور سيد قطب في سجنه في مستشفى ( ليمان طره )".
يقول صاحب كتاب البوابة السوداء الأستاذ أحمد رائف:
" كان رحمه الله ( يقصد الشيخ عبد الفتاح إسماعيل ) متوقد الذهن , عظيم الحماس ، وهداه تفكيره إلى ( صاحب الظلال ) الشهيد سيد قطب , ولكنه في السجن يقضى فترة العقوبة ، واستطاع ببراعته الفائقة أن يصل إليه , وكان هذا وقتها ضربا من المحال .
وكان العلامة سيد قطب قد وهب نفسه لتفسير القرآن والحياة في جوه وصوره وأخيلته وإيحاءاته , وقد زادته مرارة السجن حرارة , وألهبت روحه أشواق الآخرة فهو رجل مريض زكى القلب ثاقب النظرة إلى ما في القرآن من معان خفية , وإشارات لطيفة , وليس أمامه غير ما وضعوه فيه , يتعلم ويعلم في صبر وأناة وثقة في صحة الطريق الذي يسير فيه , ليس عنده ما يخفيه فهو بين أنياب الأسد حقيقة لا مجازا , وهو في قبضة حاكم شرس لا يقبل غيره على الساحة .
وطلب منه الشيخ عبد الفتاح أن يكون أبا روحيا لجماعة من الإخوان خارج السجن تريد ما يصحح مفاهيمها , ويهديها إلى الصراط المستقيم وأنهم يتوسمون فيه هذه القدرة , ورضي الرجل بما قاله عبد الفتاح إسماعيل , وصارت كتاباته تأخذ طريقها إلى التنظيم تهريبا من السجن قبل أن تذهب إلى المطبعة وأخذت أفكار ( الشهيد ) سيد قطب طريقها إلى تنظيم الإخوان الرسمي لأول مرة , حتى صارت بعد ذلك الطابع الأساسي لفكر الإخوان المسلمين .
ويواصل أحمد رائف حديثه قائلا :
" ولم تكن فكرة الانقلاب وتغيير الحكم بالقوة تداعب خيال أحد , وكانت غاية ما يرجونه هو إعداد المسلم الإعداد الصحيح ليحمل أعباء سوف يتعين عليه حملها يوما"
يؤيد ذلك الأستاذ أحمد عبد المجيد فيقول :
" في هذه الفترة ( 57 ـ1962 ) وصلت إلينا مخطوطات من الشهيد سيد قطب من السجن أذكر أن بها فكرة عن تكوين الكيان المسلم وتربيته , وفكرة عامة عن المخططات الصهيونية العالمية , والصليبية الدولية ومحاربتها للإسلام ووسائلها وعملائها في المنطقة وبعض الأسماء كذلك .
وكان الكلام بها في غاية الخطورة وقتها , حيث لم يكن الكثير من هذه المخططات قد انكشف بعد واتضحت الصورة التي ظهرت عليها بعد ذلك وكان عنوان هذه المخطوطات " خيوط خطة "
وأحضر لنا كذلك مذكرات من الشهيد محمد يوسف هواش بواسطة الشهيد سيد قطب كانت بعنوان " جولة في العقيدة والحركة " وكانت مكتوبة بروحانية عالية وموضوعاتها في غاية الدقة والأهمية للعاملين في حقل الدعوة الإسلامية , حيث يصف فيها حزب الله ومواصفاته , وحزب الشيطان وحدوده , وكيفية التعامل معه , وكان هناك باب بعنوان " من نحن " وآخر "ومن الناس " وكانت هذه المذكرات تذهب للمرحوم الأستاذ المرشد حسن الهضيبي أولا لقراءتها ومراجعتها , ثم تصلنا بعد ذلك منه ."
خروج سيد قطب من السجن
يخبرنا عن سبب الخروج المهندس محمد الصروي قائلا :
" كان يحكم العراق بعد ذهاب الحكم الملكي رجل يسمى عبد الكريم قاسم وكان بين عبد الكريم قاسم وعبد الناصر عداوات ومساجلات ومؤامرات انتهت بالإطاحة بعبد الكريم قاسم , ودبرت وعاونت مصر انقلابا عليه بقيادة الرئيس عبد السلام عارف .
وفى عام 1964 حضر عبد السلام عارف لزيارة مصر , وكان قارئا لكتب سيد قطب , فطلب من عبد الناصر زيارة سيد قطب .. وكان في هذا إحراج لعبد الناصر , فاضطر عبد الناصر إلى الإفراج عن سيد قطب ومحمد يوسف هواش وعدد قليل آخر من الإخوان المسجونين ..
وعرض عليه عبد السلام عارف أن يكون سيد قطب وزيرا للتعليم في العراق , ولكن سيد قطب رفض بأدب بالغ مع توجيه خالص الشكر لعبد السلام عارف وذهب الشيخ عبد الفتاح إسماعيل لسيد قطب مهنئا , وتكلما سويا في بعض أمور الدعوة , وطبيعة العمل الحالي , وأفهمه باختصار أنه على صلة ببعض الشباب الذين عندهم رغبة للعمل الإسلامي , ويبحثون عمن يرشدهم ويوجههم ..
ثم طلب من الشيخ عبد الفتاح إسماعيل أن يقابلنا ( نحن قيادة التنظيم ) , وتقابلنا معه في صيف 1964 في رأس البر , واستقبلنا استقبالا طيبا كأنه يعرفنا منذ سنوات طوال , وتحدث معنا حديثا شيقا بأسلوب جذاب يشد الانتباه , وسمعنا منه مفاهيم جديدة لأول مرة, وعرضنا عليه ترشيح شقيقه الأستاذ محمد قطب للجلوس معنا والاستفادة منه .
ولكنه اعتذر لنا اعتذارا رقيقا , وقال: إن محمدا له مجال آخر , وأي شئ تطلبونه أنا تحت أمركم , وفى أي وقت ترغبون , وألا يكون لصحته أو وقته أي اعتبار .
ولقد تركت المقابلة في نفوسنا أثرا كبيرا , فعلى الرغم من أنه لم يخرج من السجن إلا لأيام معدودة مضت , إلا أن كل انشغاله واهتمامه هو أمر هذا الدين , وضرب لنا موعدا نلتقي به في منزله بحلوان بعد ذلك.
وتم اللقاء , وتكررت اللقاءات , وهو يوجه فكرنا إلى منحنى آخر وبطريقة ذكية وكانت هذه اللقاءات قاصرة على ما نسمعه منه من توجيهات عامة , أو ما نعرضه عليه من استفسارات أو قضايا , وكنا نتلاقى خارج هذه الجلسة لمناقشة شئون التنظيم المختلفة .
وبعد عدة لقاءات اتفقنا على أن نفاتحه في أن يشاركنا في الأمر كله , ويوجهنا توجيها كاملا , وبعد أن استمع إلى وجهة نظرنا هذه , قال: ليس عندي مانع , ولكن قبلها لي مطلبان :
الأول: أريد معرفة كيف التقيتم مع بعضكم البعض خاصة أن كل واحد منكم من بلدة بعيدة من الأخرى ولا يوجد اثنان فيكم من بلدة واحدة .
الثاني : لابد من أخذ إذن بذلك من الأستاذ المرشد .
فشرحنا له الظروف التي مررنا بها والمشاكل التي واجهتنا , ولازالت تواجهنا , خاصة عدم موافقة المسئولين على ذلك , وذكرنا له الأسماء ومضايقتهم لنا .
وبناء على ذلك , نطلب أن يتقدم " العشرات " الذين خرجوا من السجن ويعرفهم بدلا منا , ونتأخر نحن ونعمل تحت إمرتهم .
وأجبناه عن المطلب الثاني بأن لدينا إذنا سابقا من فضيلة المرشد .
ولقد عقب على كلامنا بالأتي :
بالنسبة للنقطة الأولى : ظهر عليه عدم الارتياح من اتصالنا بإحدى المجموعات القيادية للإخوان , والتي تعتبر دائرة مغلقة على نفسها بحكم التقارب الفكري والعائلي والاجتماعي بينها وقال : " سيحاربونكم حربا لا هوادة فيها , قدر الله وما شاء فعل , فانهم لا يوافقون على شئ خارج عنهم وعن دائرتهم .. "
وبالنسبة للنقطة الثانية :
أجاب أن هذا الإذن خاص بي شخصيا لا بكم , وأنا لا أفعل شيئا بدون مشورته , ولابد من استئذانه أولا قبل البدء معكم , وسوف أكتب له مذكرة بما سمعت منكم وأرسلها له أولا حيث أن وقته وصحته لا يسمحان بالشرح والجلوس معه لفترة طويلة
وبعد ذلك أرسل للأستاذ المرشد المذكرة مع الشرح والتعليق في عدة صفحات كما بلغنا , وبعدها تم لقاء في بيته بالمنيل ـ بالروضة ـ وتناقش معه في أمر التنظيم ، وسأله الأستاذ المرشد عن العدد فأجابه بأنهم ما بين 300 إلى 350 شخصا , فقال :
أنا لا أتصور أنه في مصر 300 رجل فما بالك بثلاثمائة رجل مسلم عليك بتربيتهم والاهتمام بهم ولا داعي لإضافة أحد جديد حاليا .
ولما أثار موضوع الإخوان المخالفين لنا في ( الرأي ) والسابق ذكرهم قال فضيلته : أن فلانا حضر إلىّ عدة مرات يشكو من ذلك وقال : أن هؤلاء هيودوا الجماعة في داهية , ويشكون من خطورة كتاب المعالم فاجأب ( فضيلة المرشد ) :
" انتم خايفين من إيه ، وجماعة إيه اللي انتم خايفين عليها , ما أنتم موتوها طول العشر سنين , هو أنتم فاكرين اللي قدمتوه هو ده كل شئ "
وأضاف ( فضيلة المرشد ) " إذا كنتم خايفين على أنفسكم ما تسيبوا الشباب اللي عايز يعمل ويستشهد في سبيل الله , ناس عايزين يستشهدوا !!! ماتسيبوهم يستشهدوا !!
وأخيرا طلب ( الشهيد ) سيد قطب من فضيلة المرشد أن يكفوا من الكلام عن الإخوان ( يقصد التنظيم ) فقال : سأفعل إن شاء الله "
ويخبر الأستاذ أحمد عبد المجيد عن اللقاء بينهما قائلا :
"هكذا نقل لنا الشهيد سيد قطب ما دار في الجلسة مع فضيلة المرشد ويكاد يكون الكلام بالنص أو الحرف الواحد كما ذكرت .
ولقد أثلج هذا الكلام صدورنا ، وأراح قلوبنا مع التأكيد علي موافقته لعملنا ، حيث كان يشاع أننا مخالفون وخارجون عن الشرعية ،
ونتصرف من تلقاء أنفسنا ، وحرصًا علي صلتنا بالأستاذ المرشد وعلي الحركة نفسها لم نكن نستطيع الرد علي هؤلاء الإخوان بأن لدينا موافقة من الأستاذ المرشد . وبهذا اعتبرنا من يخالفنا هو الذي لا شرعية لموقفه ضدنا .
ولقد التقي الرجلان – يرحمهما الله – معًا مرة ثانية للتفاهم والتشاور في بعض الأمور علي الرغم من المراقبة المستمرة لبيت الأستاذ المرشد ليلاً ونهارًا ، ولكنها عناية الله سبحانه"
يقول المهندس محمد الصروي :
" خرج سيد قطب من عند فضيلة المرشد وبدأ يمارس عمله الجديد في قيادة هذا التنظيم الوليد .. هذا التنظيم الذي أسلم قيادته الفكرية تماما للشهيد سيد قطب .. ولم لا
و الوحيد في الإخوان الذي رضي بأن يقوم بهذه المهمة الشاقة .. وفور خروجه من السجن !! .. وبدأ ( الشهيد ) في مهمته التربوية والسياسية فورا .. وتوالت المحاضرات بين الشهيد والقيادة مرة كل أسبوع على الأقل استطاع سيد قطب خلالها أن ينشئ تصورا اعتقاديا فريدا وجديدا في عقل وقلب هذه القيادة واستمر على هذا الحال حتى اعتقل سيد قطب في 9 أغسطس 1965م وقبل اكتشاف التنظيم....
ولعل ابرز المهام التي قام بها الشهيد سيد قطب للتنظيم في هذه الفترة :
• ... وضع منهج ثقافي متكامل للتنظيم
• ... إخراج كتاب معالم في الطريق
• ... تكوين رأى في الاغتيالات
• ... تحديد مهمة واضحة للسلاح لدى الأفراد ( الدفاع عن النفس )" .
قام الشهيد سيد قطب بوضع منهج ثقافي للتنظيم , وكانت أهم المراجع الثقافية للتنظيم هي :
• ... رسالة الإيمان ابن تيمية
• ... رسالة العبودية ابن تيميه
• ... زاد المعاد ابن القيم
• ... العقائد حسن البنا
• ... المصطلحات الأربعة أبو الأعلى المودودى
• ... مبادئ الإسلام أبو الأعلى المودودى
• ... الإسلام والجاهلية أبو الأعلى المودودى
• ... شهادة الحق أبو الأعلى المودودى
• ... ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين أبو الحسن الندوي
• ... النبّوة والأنبياء أبو الحسن الندوي
• ... من كتاب في ظلال القرآن : تفسير السور التالية ( المقدمة بصفة خاصة )
الأنعام - الأعراف ـ يونس ـ هود ـ يوسف ـ المائدة ـ النساء ـ البقرة ـ آل عمران ..... بنفس الترتيب لان السور الخمس الأولى(1) مكية وتتناول العقيدة ومحاربة أهل الباطل لها ولاتباعها من الرسل الكرام , والسور الباقية مدنية تتناول الجوانب التشريعية والتطبيقية في وجود الدولة المسلمة.
كتب سيد قطب هذا الدين ـ المستقبل لهذا الدين ـ خصائص التصور الإسلامي ـ معالم في الطريق ـ الإسلام ومشكلات الحضارة والعدالة الاجتماعية في الإسلام.
كتب محمد قطب منهج التربية الإسلامية ـ جاهلية القرن العشرين ـ هل نحن مسلمون - معركة التقاليد ـ التطور و الثبات في النفس البشرية- في النفس والمجتمع.
- السيرة النبوية كتاب السيرة لابن هشام
- الحديث رياض الصالحين
- الفقه فقه السنة سيد سابق
- سبل السلام للإمام الصنعانى
- الكتب السياسية الذئب الأغبر للشيخ مصطفى صبري مفتى تركيا الأسبق
- الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر د. محمد محمد حسين
- بروتوكولات حكماء صهيون محمد خليفة التونسي
- خطر الصهيونية العالمية على الإسلام والمسيحية عبد الله التل
- العالم العربي اليوم مورو برجر
- الغارة على العالم الإسلامي مترجم
- الإسلام في العصر الحديث ( مترجم ) ولفريد كاتتل سميث
- الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي د. محمد البهي
- زعماء الإصلاح أحمد أمين
- حاضر العالم الإسلامي شكيب ارسلان
كان كتاب معالم في الطريق هو الدستور الفكري لتنظيم ( 65 ) , وهو كتاب يحمل في طياته ثورة فكرية هائلة فيما يخص المعتقدات والتصورات والأساس النظري للحركة .. هذه حقيقة لا مراء فيها ..
واضح من التحقيقات والمذكرات التي نشرت في هذا الشأن أن :
1- علماء الإخوان ومنهم الشيخ عبد المتعال الجابري لم يوافقوا على عملية اغتيال عبد الناصر .
2- بعد اجتماع المطرية في منزل الشيخ نصر عبد الفتاح عام 1958م استقر الرأي على أن اغتيال عبد الناصر خطأ تنظيمي قاتل ..
وخسائره اكبر من نفعه .. إن كان فيه نفع .. وإذا مات عبد الناصر سوف يحضر بعده واحد من رجاله .. أو من الشيوعيين , وسوف يكون هذا مبررا قويا لمجزرة دموية بالآلاف للإخوان دون نفع يذكر .
3- بعض الشباب كان على اقتناع بضرورة اغتيال عبد الناصر .. وليكن بعدها ما يكون , ولكن ليس هذا الخط العام الذي تم الاتفاق عليه .
4- حتى مجموعة كلية الهندسة التي كنت أنا منها كان أغلبهم غير موافق على اغتيال عبد الناصر ولكنه في الأيام الأخيرة للتنظيم , وقبل الاعتقال بأقل من شهر واحد وجد نفسه يساق سوقا في الأحداث بلا أدنى قدرة على التفكير والاعتراض .. وهذه أحد المساوئ الكبيرة للتنظيمات السرية .. بل هي بلوى هذه التنظيمات السرية .
5- ورغم كل هذا فقد وقعت القيادة العامة للتنظيم.. في قرار كان خاطئا .. وهو قرار مقاومة السلطات عند الاعتقال ومواجهة السلطات .. كأنهم ند للحكومة .
6- وتبع هذا القرار .. قرار مقاومة الاعتقال تبعه قرار آخر هو الاحتفاظ بهذا السلاح الذي لا يسمن ولا يغنى من جوع .. ولكنه كان دليلا ثابتا على أركان الجريمة ..
وأذكر أنني ـ شخصيا ـ قلت ونحن سائرون على كوبري جامعة القاهرة بالجيزة للأخ فاروق المنشاوي ـ رحمه الله - يا فاروق لابد من التخلص من السلاح ورميه في النيل حتى لا تكتمل أركان الجريمة .. ولكنه - رحمه الله ـ لم يوافق على هذا القرار .. وكانت الأحداث أسرع منه ومن تفكيره .. وكان الجميع مضطرب التفكير .
أما الشهيد سيد قطب رحمه الله :
1. ... لم يوافق على مبدأ الاغتيالات .. وخصوصا اغتيال عبد الناصر ..
2. فسوف يأتي بعده من هو أسوأ منه .
تحديد مهمة السلاح في فكر الشهيد سيد
يقول المهندس الصروي :
- اعتبر سيد قطب أن السلاح لدى التنظيم سلاح شخصي
- اعتبره أيضا سلاحا للتدريب على استعمال السلاح لدى التنظيم.
- أن قطع السلاح الموجودة لا تتعدى عشرة قطع لا تكتفي لأي عمل عسكري إطلاقا .. فلا خوف منها .
- لعل الأستاذ سيد قطب لم يعلم بقرار قيادة التنظيم بمقاومة السلطات .. فلعله كان معتقلا حين اتخذ هذا القرار , ولم يذكر القيادي أحمد عبد المجيد في كتابه(تاريخ هذا القرار".
انتظام العمل مع الشهيد سيد قطب والتكوين الفكري العقدي للتنظيم
يقول الأستاذ أحمد عبد المجيد :
" انتظم العمل بعد ذلك ، وحسن سيره بصورة أفضل من ذي قبل ، وساعد علي ذلك ما استجد في الأمر ، والذي كان حافزًا ، ويمكن إيجاز ذلك فيما يأتي :
وجود الأمير الجديد
كان وجود الشهيد سيد قطب معنا حافزًا قويًا ، ومؤثرًا لنا وعلينا ، حيث أصبح لنا شخص أكبر منا سنًا وخبرة وعلمًا نرجع إليه ونستشيره في أمورنا ويشاركنا متاعبنا ، ونستفيد من خبرته وعلمه وخلقه ومعاملته الطيبة وحكمته في معالجة الأمور .
المنهج الدراسي والتربوي
وضع لنا الأستاذ سيد قطب منهجًا دراسيًا وتربويًا للسير عليه مع إخواننا يركز أساسًا علي العقيدة ، ثم الحركة بهذه العقيدة في تجمع حركي ، ثم الدراية والمعرفة بالمخططات الصهيونية والصليبية وأعوانهم لضرب الإسلام ووسائلهم في ذلك .
ويمكن كتابة الكتب والمراجع التي احتواها هذا المنهج مما تعيه الذاكرة حاليًا كالآتي :
- رسالة العبودية
- ابن تيمية
- الإيمان
المصطلحات الأربعة
- أبو الأعلى المودودي
الأنعام – الأعراف – يونس – هود – يوسف – المائدة – النساء – البقرة – آل عمران . ( وبنفس الترتيب المذكور ، حيث إن السور الخمس الأولي مكية : وتتناول العقيدة ومحاربة أهل الباطل لها ولأتباعها مع الرسل الكرام ، والسور الباقية مدينة : تتناول الجوانب التشريعية والتطبيقية في وجود الدولة المسلمة ) .
- مبادئ الإسلام ... أبو الأعلى المودودي
- الإسلام والجاهلية ... أبو الأعلى المودودي
- شهادة الحق ... أبو الأعلى المودودي
- ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ... أبو الحسن الندوي
- خصائص التصور الإٍسلامى ... سيد قطب
- المستقبل لهذا الدين ... سيد قطب
- معالم في الطريق ...سيد قطب
- منهج التربية الإسلامية 1/2 ... محمد قطب
- جاهلية القرن العشرين ... محمد قطب
- هل نحن مسلمون ؟ ... محمد قطب
-- معركة التقليد ... محمد قطب
- الإسلام ومشكلات الحضارة ... سيد قطب
- العدالة الاجتماعية ... سيد قطب
- السيرة النبوية... ابن هشام
- زاد المعاد... ابن القيم
- رياض الصالحين... النووي
- سبل السلام... الصنعاني
- فقه السنة...الشيخ سيد سابق
- الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر ... د . محمد محمد حسين
- الروحية الحديثة ... د . محمد محمد حسين
- برتوكولات حكماء صهيون ... مترجم
- خطر الصهيونية العالمية علي الإسلام والمسيحية ... عبد الله التل
- العالم العربي اليوم - مترجم – موروبرجر
- الغارة علي العالم الإسلامي ... مترجم – ترجمة محب الدين الخطيب
- الإسلام في العصر الحديث ... مترجم
- الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي ( الكتاب لا الكاتب ) ... د . محمد البهي
التربية العسكرية
التدريب على المشي الطويل
وكان على أربع مراحل بالنسبة لسكان الجيزة :
• ... من ميدان الجيزة إلى الهرم ( 7.5 كيلو متر )
• ... من باب اللوق إلى حلوان ( 20 كيلو متر )
• ... أو من أول شارع الهرم شمالا على ترعة المريوطية لمسافة ( 30 كيلو متر )
• ... من شارع الهرم على ترعة المنصورية حتى قرية نكلا ثم القناطر الخيرية ( 36 كيلو متر )
- التدريب على المصارعة اليابانية ...وقد كان يتولاها الكثيرون من الإخوان المدربين مبارك عبد العظيم
ـ حسين عبد العزيز قرقش ( من المنصورة ) ـ رحمه الله ـ وغيرهما .. ثم يصير المتدربون مدربين
التدريب على استعمال السلاح
.. فك وتركيب المسدس واستعماله
تعليم السباحة
... وكان يتم ذلك في حمام سباحة كلية الهندسة على يد مدرب قدير هو أيضا [مبارك عبد العظيم عياد] وكان الرأي السائد أن هذا التدريب هو تعلم فن الدفاع عن النفس الذي كثيرا ما يفيد عند اللزوم .. فإذا جاء الشيوعيون مثلا واستولوا على الحكم كما كان يردد الشيخ عبد الفتاح إسماعيل فسوف يقيمون مجزرة للإخوان حينئذ نستطيع الدفاع عن أنفسنا على الأقل ولا نموت ( فطيس ) كما يقال.
ولعل البعض كان له رأى آخر وهو الاستعداد للدفاع عن النفس في حالة الاعتقال .."
خاتمة
لا يستطيع المرء أن يعلق على عظمة هذه النقلة الفكرية التي قام به الأستاذ سيد قطب والتي كان أساسها ومن ثم منطلقها من مقولة الإمام المرشد حسن البنا " ليس بعد النصيحة أو البيان إلا المفاصلة أو الجهاد".
إن قيادة سيد قطب الفكرية لجماعة الإخوان المسلمين في هذه الفترة الحرجة و المهمة كانت بمثابة التأسيس الثاني للجماعة بعد تأسيس الإمام البنا ... ولا يستطيع أحد أن ينكر أن هذه التربية الفكرية ربت أفرادا كالأسود ثبتوا ثبات الجبال الراسيات أمام الظلم والزور و الطغيان في محنة 65 برغم كل ما كان من وحشية في التعذيب ، و همجية في البطش و التنكيل ، و إرهاب و بلطجة على أهل هؤلاء الأسود الأبطال ...
وقد أردنا أن نلقي الضوء على حقيقة وأهمية الدور الذي قام به لنبين للناس كلهم خاصة هؤلاء الذين يشوهون هذا الفكر كيف أثبت التاريخ أن هذا الفكر قد أحدث نقلة قوية للإخوان – وما زال - الأمر الذي أرعب جيوش الباطل والإرهاب فكانت رصانة وعمق إسلامية هذا الفكر سببا في إسراع الظالمين في إعدام سيد قطب برغم كل الوساطات التي تدخلت بصفة شخصية لإيقاف هذا الحكم الجائر ... فرحمه الله رحمة واسعة.. وجزاه عن الإسلام و أمته خيرا.
المراجع
1- الزلزل والصحوة ... محمد الصروي..دار التوزيع والنشر الإسلامية
2- الإخوان و عبد الناصر القصة الكاملة لتنظيم 1965 ... أحمد عبد المجيد.
3- البوابة السوداء .... أحمد رائف.
4- مقال منهج حركة الإخوان المسلمين ورؤاها الفكرية... شفيق شقير... إخوان ويكي