مستقبل المرأة في ظل الإخوان المسلمين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مستقبل المرأة في ظل الإخوان المسلمين

د/ محمد علي عطا باحث في الفكر الإسلامي

موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين (إخوان ويكي)

مقدمة

السيدة لبيبة أحمد أول رئيسة لقسم الأخوات

يحتل مستقبل المرأة في الظروف الراهنة جزءا كبيرا من المخاوف، وأحاول هنا التنبؤ بمستقبل المرأة المصرية في ظل غلبة الإخوان المسلمين؛ مراعيا: قراءة نمو شخصيتها عبر التاريخ، وقراءة الإنجازات السابقة للإخوان المسلمين في مجال المرأة على مدار تاريخهم، وملامح الاختلاف في بيئة العمل الإخواني،كل ذلك لمحاولة تصور شكل العمل النسائي الإخواني في المستقبل، وشكل مستقبل المرأة المصرية عموما.





أولا: أنواع المرأة المصرية

يمكن أن نقسم المرأة المصرية من حيث طبيعة النشاط إلى ثلاثة أقسام: ربة المنزل التي تعمل في صمت، حامية للأسرة، وبانية للرجال، ومشاركة للرجل في الزراعة والصناعة والعمل، ولا يذكرها التاريخ إلا لماما، وهن الأغلبية. والمرأة الجماهيرية التي تشارك في الأنشطة السياسية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو الإعلامية، أو الأدبية... إلخ. والمرأة الشاردة.

ويمكن تقسيم المرأة من حيث العمر إلى زهرات، وناضجات. ومن حيث الحالة الاجتماعية إلى متزوجات وآنسات، والمشروع الأمثل هو الذي يستوعب هذه الأقسام جميعها.

ثانيا: المرأة المصرية عامة

منذ القدم والمرأة المصرية جزء لا يتجزأ من تاريخ مصر؛ إما في الحكم، مثل: "كليوباترا" الأولى والثانية والثالثة، و"الملكة برنيقة"، و"نفرتيتي"، و"شجرة الدر"... إلخ. وإما في القتال والحرب مثل دور المرأة السيناوية في حرب أكتوبر المجيدة وما قبلها، وإما في التعليم والعلم والبحث العلمي، مثل العالمة المصرية سميرة موسى، وإما في مجال العمل السياسي مثل صفية زغلول، وهدى شعراوي، .. وغيرها من المجالات.

ثالثا: مصر في بدايات القرن العشرين

كانت مصر في مطلع القرن العشرين مرتعا خصبا لأفكار عالمية أثرت تأثيرا متفاوتا فيه، منها:

القومية، التحرر، الاستقلال، الروح العسكرية والجوالة، الديمقراطية، فكرة المجتمع الدولي، الاشتراكية، الروح العلمية، وانتشر فيها في هذا الوقت موجة انحلال خلقي، وتقلص للفكرة الإسلامية في النفوس، وقصر الإسلام على المسجد وبعض العبادات.

هذا بالإضافة إلى انتشار المسرح والفرق المسرحية التي كانت المرأة عنصرا مهما من عناصرها، وأبرز الملامح في هذا العهد هو أن بيوت الهوى كانت رسمية وبترخيص رسمي من الدولة، فكانت له دور معروفة، ونساء معروفات.

هذا إلى جانب انتشار التبشير كالنار في الهشيم، حتى وصل إلى المدن البعيدة النائية مثل مدينة المنزلة في أقصى دلتا مصر، كما حكى الأستاذ الدكتور جابر قميحة، وكان من أهم وسائلهم مدارس البنات، والمشاغل النسائية.

رابعا:وضع المرأة عند نشأة الإخوان

كان تعليم المرأة في بدايات القرن العشرين أمرا نادرا، لم يكن المجتمع يحفل به كثيرا، وقليل جدا منهن من سمحت لهن أسرهن الأرستقراطية بالتعليم، فلم يكن في مصر سوى ثلاث مدارس خاصة بالبنات، منها المدرسية السَّنيَّة.

وكان هناك رموز من النساء، اشتغلن بالعمل العام متأثرات ـ معظمهن ـ بالأفكار العالمية التي اجتاحت العالم ـ كما ذكرت سابقا ـ مثل: "ملك حفني ناصف" باحثة البادية(1886- 1918م)، والأميرة "فاطمة إسماعيل" 1920م)، و"صفية زغلول" (1878ـ 1946م)، و"سميرة موسى" (1917ـ 1952م) عالمة الذرة، و"هدى شعراوي" (ت1979).

وقد انصبت أنشطتهن في: الإصلاح الاجتماعي، وإنصاف المرأة وتحريرها، وتعليمها، وجمح بعضهن مثل هدى شعراوي وصفية زغلول إلى خلع الحجاب، والدعوة إلى السفور والتغريب، وانفردت "ملك حفني ناصف" عنهن بأنها كانت مناوئة لدعوات تغريب المرأة وسفورها.

وانحصرت جهود هؤلاء النسوة في: المحاضرات العامة، وإنشاء المجلات النسائية، وإنشاء الاتحادات النسائية، والمشاركة في الاتحادات النسائية العربية والعالمية، وتقديم توصيات لإصلاح أحوال النساء.

ويقابل هذه الصورة صورة المرأة الفنانة مغنية أو ممثلة، مثل: "دولت أبيض" (1880ـ1959م)، و"ماري منيب" (1905ـ 1969م)، و"بديعة مصابني" (1892 ـ 1974م)، وإن كنَّ واردات على مصر فإنهن كن نموذجا يحتسب على نساء مصر؛ لأن معظم حياتهن كانت فيها.

خامسا: المرأة في فكر الإخوان المسلمين

ذكرت في مقال سابق (نشر في جريدة "المشهد" المصرية، العدد الخامس، السنة الأولى، 19فبراير 2012م، ص16) أن المرأة في المشروع النهضوي للإخوان المسلمين ركن ركين؛ فمراحل المشروع النهضوي عند الإخوان المسلمين هي: تكوين الفرد المسلم، تكوين البيت المسلم، تكوين المجتمع المسلم، تكوين الحكومة المسلمة، التحرر من السيطرة الأجنبية، إعادة الكيان الدولي الإسلامي، أستاذية العالم.

ومرحلة البيت المسلم تعتمد اعتمادا كليا على المرأة؛ لأنها ستكون مربية الأولاد وحاضنة الزوج، ولن تفلح المرأة في هذه المرحلة ما لم تُعَدّ إعدادا جيدا في مرحلة الفرد المسلم، التي يسبق إلى الذهن أنها تهتم بالرجل فقط، وهذا خطأ؛

لأن المرأة إن لم تعدّ في مرحلة الفرد المسلم لن تكون صالحة في مرحلة البيت المسلم ولا غيرها من المراحل، كما أن دورها لن يقف عند مرحلة البيت المسلم بل يستمر بعد ذلك؛ لأنها ستكون شريكة في الحكومة، وشريكة في الإعلام، وشريكة في السياسة، وشريكة في الاقتصاد.

سادسا: المرأة في تاريخ الإخوان

اعتنى الإخوان المسلمون بالمرأة منذ مرحلة النشأة الأولى في الإسماعيلية (من مارس 1928م إلى1931م)، وكانت عنايتهم الأولى بفئة لم تصلها الجهود السابقة التي تحدثت عنها سابقا من قِبَل ملك حفني ناصف وهدى شعراوي وغيرهن من المهتمات بالمرأة في هذا العهد، حيث اعتنى الإخوان ـ أول اعتنائهم ـ بالمرأة الشاردة.

فقد بدأ الإمام حسن البنا (1906م ـ 1949م) دعوته في الإسماعيلية ببناء مسجد عام 1929م، ولما بناه وبدأ دعوته قل الطلب على بيوت الدعارة، وذهب وفد من النساء العاملات في هذه المهنة يشتكين ضيق الرزق بعد تدين شباب الحي، فاقترح عليهن ترك هذه المهنة الوضيعة وأن يتبن، وساعدهن على ذلك باستئجار بيت للتائبات منهن سمي "بيت التائبات"، ورُتبت دروس لهن ودبرت النفقات عليهن، حتى صلح حالهن، وزُوج كثير منهن، وتعلمن مهنًا أخرى مثل الخياطة والطهي وتربية الأولاد.

كما خرجوا من دائرة الاهتمام النظري بالقوانين والمحاضرات والجمعيات إلى الاهتمام العملي، وأقصد به مجال التربية والتهذيب العملي وليس النظري؛ ولذلك أنشؤوا معهد " أمهات المؤمنين" للتربية والتهذيب ونشر الثقافة الإسلامية، كما أُسست فرقة الأخوات في هذه المرحلة، ووضعت لها لائحة لتسييرها.

وفي مرحلة القاهرة كلفت الحاجة "لبيبة أحمد عبد النبي" (1875م ـ 1955م)، برئاسة قسم الأخوات، وقد كانت تخرجت في المدرسة السنية، ونشأت تابعة لهدى شعراوي وشاركت معها في ثورة 1919م، ثم رأت أن هدى شعراوي أخذت جانبا تغريبيا، فاستقلت وأنشأت جمعية خاصة بها سمتها "نهضة السيدات المصريات"، ركزت فيها على زيادة المستوى الديني والخلقي وعلى زيادة فرص التعليم أمام الفتيات ومحاولة جعله إجباريا في مراحله الأولى والعناية بأحوال الطبقة العاملة المصرية وتشجيع الصناعات الوطنية والتجارة المحلية، وكان لهذه الجمعية مجلة ناطقة باسمها، اسمها " مجلة النهضة النسائية"، توقفت سنة 1942م.

ونظرا لتفردها بالبعد عن الحركة التغريبية وميلها إلى التربية كانت قريبة من فكر البنا رحمه الله، ولعل هذا هو سبب اختيارها لترأس أول قسم للأخوات المسلمات، في القاهرة، واستمرت في رئاسة هذه اللجنة حتى سافرت إلى الحجاز واستقرت هناك.

ثم تتابع تأسيس اللجان حتى وصلت إلى خمسين لجنة، وتكون أول لجنة تنفيذية من الأخوات عام 1944م، وتشكلت منها لجنة إرشاد عامة للأخوات، وكان المرشد حسن البنا يحرص على متابعتها بنفسه.

ولم يقف اعتناؤه بالمرأة عند ذلك الحد بل ألف رسالة خاصة بالمرأة سماها "المرأة المسلمة"، بين فيها: أن الإسلام يرفع قيمة المرأة ويجعلها شريكة الرجل في الحقوق والواجبات، وأن التفريق بينهما في الحقوق جاء تبعا للفوارق الطبيعية وتبعا لاختلاف المهمة، وبين أنه يجب تهذيب المرأة، ومنع الاختلاط، وبين مهمة المرأة الأساسية في الإسلام.

سابعا: مستقبل المرأة الإخوانية

قد بينت في مقالي في المشهد أيضا أنه في ظل استعراض التاريخ الطويل للمرأة المصرية عامة والمرأة الإخوانية خاصة نجد أن الإخوان مسبوقون في مجال الاهتمام بالمرأة، ولكنهم زادوا على الجهود الليبرالية والعلمانية من إنشاء الجمعيات، والمجلات، والمحاضرات، والمناداة بتعليم المرأة ونيل حقوقها.. إلخ، زادوا على ذلك معالجة حال المرأة الشاردة، وكانت هذه حالة استثنائية في الإسماعيلية، وزادوا أيضا الاهتمام بجانب التربية، وبالاهتمام بالتربية الإيمانية للزهرات الصغيرات، وهن طائفة لم تحظ بأي جهد سابق سوى المناداة بتعليمها إلزاميا.

وفي الفترة المعاصرة؛ بعد الثورة، افتتح الإخوان قناة مصر 25 يناير وفيها نساء، ثم رشحوا لانتخابات مجلس الشعب عددا لا بأس به من النساء على قوائمهم، وقد رأينا صورهن بخمرهن في المجلس.

وهذا يعني أن شخصية المرأة في تاريخ الإخوان وحاضرهم شخصية نامية، وليست شخصية ثابتة؛ لذا أتوقع في الفترة القادمة انفتاحا أكثر للمرأة الإخوانية في ظل انفراج القبضة الأمنية، ومن صور هذا الانفراج المرتقب:أن يرشحوا أكثر من وزيرة إخوانية عند تشكيل الحكومة المقبلة.

وأن يعدوا داعيات ومربيات على مستوى عالٍ، وتأهيلهن للانتشار في الفضائيات. وأن يرشحوا نساء في المجالس الخاصة بالمرأة والأمومة والطفولة وغير ذلك من المنظمات التي تدافع عن حقوق المرأة، التي كان يحتكرها الحزب الوطني، وأخضعها طواعية أو غصبا للترويج لقوانين لا تتفق مع الفطرة فضلا عن اتفاقها مع الشرع المطهر، من أجل ضمان تدفق الدعم المادي لها.

وأن يرشحوا نساء في انتخابات النقابات، خاصة النقابات التي تليق بإدارة امرأة. وأن يعدوا مذيعات محجبات إعدادا مهنيا عاليا؛ ليكن قدوة في هذا المجال، وليكسرن احتقار المذيعات السافرات، أو المحجبات حجابا نصَفًا.

وأن يرشحوا فتيات في الاتحادات الطلابية. وأن يركزوا أكثر من ذي قبل على التربية الإسلامية، وتنويع الأساليب المستخدمة في ذلك، التي كانت غالبها أساليب مغلقة ومحدودة؛ نظرا للتضييقات الأمنية على الرجال فضلا عن النساء. وأن يهتموا بالزهرات في المراحل الصغيرة، وتربيتهن في بيئة مفتوحة.

ثامنا: مستقبل المرأة غير الإخوانية

اتضح من خلال ممارستهم في انتخابات النقابات قديما أنهم يفضلون الترشح فقط على منصب أمين الصندوق أو نائب الرئيس دون الرئيس، واتضح من خلال ممارستهم في مجلس الشعب الحالي حرصهم على تمثيل كل القوى التي لها تمثيل داخل القبة حسب حجمها الحقيقي في الشارع، وكل ذلك يدل على أنهم يسيرون على مقياس دقيق وهو حجمهم الحقيقي في المجتمع، لا يزيدون على حجمهم ذلك ولا ينقصون عنه؛ لذا أتوقع أنهم:

سيدعمون ترشيح نساء من خارج الإخوان المسلمين وخاصة من كانت لا تعادي الفكرة الإسلامية في أماكن مختلفة في الوزارات والنقابات ورئاسة الجمعيات النسائية والمجالس المختصة بالأمومة والطفولة وغيرها، وإن لم يوجد الفضلى فسيدعمون من تلي ذلك في الفضل، وهكذا.

وستصل المرأة في عهدهم إلى مناصب قد تصل إلى رئيس وزراء ولكن أبدا لن تصل إلى رئاسة الجمهورية. وستحظى المرأة القبطية بتمثيل مشرف في المجتمع المصري.

ولن يتم جبر أحد على خمار أو نقاب أو على زي موحد؛ ولكن سيعملون على نشر جماليات الخمار، وأخلاقياته، إلى أن يتم الاقتناع به تلقائيا في المجتمع، وربما يأخذ ذلك أجيالا.

كما أتوقع أن يعملوا على إعادة دور الأسرة الإنتاجي. وأن تحظى المرأة في الريف والعشوائيات بنصيب وافر من الرعاية الصحية والاجتماعية والاقتصادية، والتوعوية، والتعليمية.

وأن يهتموا بمؤسسات رعاية اليتيمات، وتزويجهن، فقد كانوا يقومون بهذا النشاط خفية في ظل الحكم الغابر. وأن تحظى الممثلات المحجبات بمشاركة واسعة في إنتاجاتهم الفنية التي أعلنوا عنها.

وأن تحظى المرأة الأمية برعاية تعليمية في نشاط خيري تقوم به العضوات في الجماعة، بالتوازي مع مؤسسات الدولة التي تقوم بهذه الرعاية. وأن يزداد النشاط الديني النسائي في المساجد خلال عشر السنوات القادمة.

كما أتوقع أن تزداد نسب الزواج ؛ لأن برنامج حزب الحرية والعدالة يتضمن:"تشجيع الشباب والشابات على الزواج وتيسير أسبابه بتغيير القيم المادية التي تعوق أو تعسر قيامه"، و"تشجيع المؤسسات الاجتماعية التي تسهم في الإعانة عليه بالتوفيق بين المتناسبين، والدعم المادي لهم من مصارف الزكاة وتبرعات أهل الخير".

و"توفير فرص عمل للشباب حتى يقدر على الزواج". و"توفر المساكن المناسبة لبداية الحياة بأسعار أو إيجارات مناسبة وتشجيع الجمعيات التعاونية لمنتجي الأثاث بتخفيض الضرائب والرسوم، أو إعفائهم منها".

بالطبع لن ينجحوا بمفردهم ، ولكنهم يحتاجون لتعاون جميع الطوائف معهم، وبالطبع أيضا سيختلف حجم النجاح من مجال إلى آخر، ولكن نجاحهم مشروط بتوفير الفرصة الكاملة لهم، دون تعويق.

للمزيد عن الإخوان المسلمون والمرأة

من أعلام الأخوات المسلمات

.

.

أقرأ-أيضًا.png

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

متعلقات أخرى

وصلات فيديو

.