زكريا محي الدين
إعداد: موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)
بقلم/ أحمد سلامة
مقدمة
زكريا عبد المجيد محيي الدين (5 يوليو 1918) كان أحد أبرز الضباط الأحرار علي الساحة السياسية في مصر منذ قيام ثورة يوليو، ورئيس وزراء ونائب رئيس جمهورية مصر العربية، عرف بميوله يمين الوسط.
قررالإنزواء بعد عام من نكسة يونيو 1967، التي كان مرشحا في أعقابها رئيسا لمصر، وهو أيضا الذي قاد تيارا قويا يعارض توجهات الاتحاد الاشتراكي بقيادة السيد علي صبري قبيل النكسة. تلك صفحة مطوية من تاريخ أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة ، إتسمت بالغموض أحيانا، واتهمت بالقسوة ضد الإخوان المسلمين أحيانا أخرى.
إنضم زكريا محيي الدين إلي تنظيم الضباط الأحرار قبل قيام الثورة بحوالي ثلاثة أشهر، وكان ضمن خلية جمال عبد الناصر، شارك في وضع خطة التحرك للقوات وكان المسئول علي عملية تحرك الوحدات العسكرية وقاد عملية محاصرة القصور الملكية في الأسكندرية وذلك أثناء تواجد الملك فاروق الأول بالأسكندرية.
زكريا محيي الدين فى سطور
- ولد في 7 مايو 1918( كفر شكر) محافظة القليوبية،تلقى تعليم أولي في إحدى كتاتيب قريته، ثم انتقل بعدها لمدرسة العباسية الابتدائية، ليكمل تعليمة الثانوية في مدرسة فؤاد الأول الثانوية.
- التحق بالمدرسة الحربية في 6 أكتوبر عام 1936 و ليتخرج منها برتبة ملازم ثاني في 6 فبراير 1938، تم تعيينه في كتيبة بنادق المشاة في الأسكندرية ،انتقل إلي منقباد في العام 1939 ليلتقي هناك بجمال عبد الناصر ثم سافر إلى السودان في العام 1940 ليلتقي مرة أخرى بجمال عبد الناصر و يتعرف بعبد الحكيم عامر.
- تخرج من كلية أركان الحرب عام 1948 وسافر مباشرة إلى فلسطين فأبلى بلاء حسنا في المجدل وعراق وسويدان و الفالوجا ودير سنيد وبيت جبريل وقد تطوع أثناء حرب فلسطين ومعه صلاح سالم بتنفيذ مهمة الاتصال بالقوة المحاصرة في الفالوجا وتوصيل إمدادات الطعام والدواء لها، بعد انتهاء الحرب عاد للقاهرة ليعمل مدرسا في الكلية الحربية ومدرسة المشاة.
- انضم للضباط الأحرار قبل قيام الثورة بحوالي ثلاثة أشهر ضمن خلية جمال عبد الناصر وشارك في وضع خطة التحرك للقوات وكان المسؤول على عملية تحرك الوحدات العسكرية وقاد عملية محاصرة القصور الملكية في الأسكندرية وذلك أثناء تواجد الملك فاروق الأول بالأسكندرية.
- عين وزير داخلية عام 1953
- أسند إليه إنشاء إدارة المخابرات العامة المصرية من قبل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى 1955 .
- عينه جمال عبد الناصر نائبا لرئيس الجمهورية للمؤسسات ووزير الداخلية للمرة الثانية عام 1961 .
- في عام 1965 أصدر جمال عبد الناصر قراراً بتعينه رئيسا للوزراء ونائبا لرئيس الجمهورية.
- عندما تنحي عبد الناصر عن الحكم عقب هزيمة 1967 ليلة 9 يونيو أسند الحكم إلى زكريا محي الدين ولكن الجماهير خرجت في مظاهرات تطالب ببقاء عبد الناصر في الحكم.
عرف عن زكريا محي الدين لدى الرأي العام المصري بالقبضة القوية و الصارمة نظرا للمهام التي أوكلت اليه كوزير للداخلية ومديرا لجهاز المخابرات العامة، ولم يعرف عنه ما يشين سلوكه الشخصي أو السياسي و كان يتم الترويج له على انه يميل للسياسية الليبرالية، كان رئيسا لرابطة الصداقة (المصرية-اليونانية) وحصل على 18 وساما فى حياته.(1)
كانت بداية معرفة زكريا محيي الدين بالإخوان المسلمين أثناء تواجده فى الكلية الحربية ، حيث كان الإخوان المسلمين كما يقول الأستاذ سامى شرف فى مذكراته بأن حركة الضباط الأحرار فى بدايتها كانت تأخذ الشكل الإخواني ، ولكن بداية العلاقة المباشرة بين زكريا محيي الدين والإخوان المسلمين كانت أثناء حصار الفالوجا ،حيث حاصر اليهود معسكر الجيش المصري في الفالوجا، وحاولت قيادة الجيش مد القوات المحاصرة بالمؤن والذخيرة، وتم تكليف زكريا محيي الدين بتموين الفالوجا، ولم يستطع إدخال أي شيء.. وحاول الجيش أن يرسل طائرات لتموين القوات المحاصرة إلا أن مدفعية العدو حالت دون ذلك.. ومن هنا لجأ زكريا محيي الدين إلى متطوعي الإخوان المسلمين، فاتصلوا بالأخ لبيب الترجمان المسئول عن متطوعي الإخوان في صور باهر، وحملوه المسئولية عن اختراق الحصار وإنقاذ القوات، فأرسل ثلاثة من الإخوة وهم: محمد عبد الغفار وصلاح العطار ومحمد عبد النبي الشهير بالبريد إلى قيادة المتطوعين في بيت لحم التي وافقت على المهمة وكلفت القوة الموجودة في صور باهر بتنفيذها، فاختار أحمد لبيب الترجمان خمسة عشر أخًا، وطلب منهم الذهاب إلى القيادة في بيت لحم، فوجدوا عربتين محملتين بالمواد الطبية والمؤن والذخائر.
فقام المتطوعين من الإخوان المسلمين بإدخال كافة الحمولات التي كانت بالسيارات الى معسكر الفالوجا ، لذلك نرى أن الإخوان قاموا بمساعدة القوات المصرية التي كانت محاصرة فى الفالوجا وكان معهم زكريا محي الدين .
وقد قام زكريا محيي الدين بترتيب وتنسيق وصول ثلاث قوافل أخرى مع الإخوان المسلمين ، وقد قام الإخوان بهذا الدور على أكمل وجه مما جعل زكريا محيي الدين يعجب بالإخوان المسلمين ويقوم بالإشادة بهم وبدورهم فى فك حصار الفالوجا فى أكثر من مناسبة.(2)
من خلال ما قام به الإخوان من مساعدة المحاصرين فى الفالوجا ومنهم زكريا محيى الدين هل حدث تقارب بين زكريا محى الدين وبين الإخوان أم أن العلاقة بينهم سارت فى مسار آخر ؟؟
علاقة زكريا محيي الدين بالإخوان المسلمين
أخذت علاقة زكريا محيي الدين بالإخوان المسلمين جانبين احدهما قبل الثورة والثاني بعد الثورة
الجانب الأول : قبل الثورة
يقول الأستاذ/ سامي شرف فى مذكراته: أن زكريا محيي الدين ، وكمال الدين حسين، وصلاح سالم، وجمال عبد الناصر، وعبد اللطيف البغدادي، كانوا على صلة وثيقة بعبد المنعم عبد الرؤوف شديد الولاء لجماعة الإخوان المسلمين، وكان يسعى إلى احتواء حركة الضباط الأحرار، داخل جماعة الإخوان.
كما يقول: أن جذور الضباط الأحرار كانت تمتد في غالبيتها، إلى الإخوان المسلمين، حيث كان حسن البنا، مرشد الإخوان المسلمين قد طالب بعد توقيع معاهدة 1936، بتخصيص نسبة من طلبة الكلية الحربية، لخريجي الأزهر، حتى يضمن بذر الأفكار الدينية، داخل الجيش، ولم يدر في خلد أحد، لحظة واحدة، أن حركة 23 يوليو، كانت حركة إسلامية.(3)
كما التقى كلا من زكريا محيي الدين وقيادات من الإخوان المسلمين وعلى رأسهم الأخ / لبيب الترجمان أثناء حصار اليهود للفالوجا ، وقد قام الإخوان المسلمين بدور كبير فى مساعدة المحاصرين وإمدادهم بالدعم الذى يحتاجون إلية من طعام وشراب وسلاح وذخيرة .
الجانب الثاني بعد الثورة
يظهر فى الحديث النادر الذى أجراه الشاعر فاروق شوشة مع زكريا محيى الدين ومما جاء فيه ، يقول فاروق جويدة......
فيقول :فاروق جويدة فى كتابه (من يكتب تاريخ ثوره يوليو لقاء مع زكريا محيي الدين) إتصل بي الصديق المؤرخ الكبير د. يونان لبيب رزق يدعوني للقاء مع السيد زكريا محيي الدين في مبني مجلس قيادة الثورة والذي يجري إعداده الآن ليكون متحفا للثورة حيث يوضح السيد زكريا محيي الدين تفاصيل الأحداث والأماكن في هذا المبني العتيق.
ولم أتردد في قبول الدعوة،وكانت لدي أسباب كثيرة تم نشر هذا الكتاب فى تاريخ 3-2-2011 من هذه الأسباب أيضا أن السيد زكريا محيي الدين التزم الصمت منذ ترك السلطة في نهاية الستينيات رغم أنه واحد من أهم وأخطر الضباط الأحرار الذين شاركوا في الثورة وكان من أقرب رجالاتها للزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
يقول /فاروق جويدة كانت القضية الملحة التي دارت في رأسي ونحن نتبادل الأحاديث مع السيد زكريا محيي الدين هي تجاوزات الثورة مع الإخوان المسلمين , ورأيه في هذه القضية.
قال: أنا لا أستطيع أن أتجاهل أو أنكر هذه التجاوزات التى جرت ضد الإخوان المسلمون ولكن الظروف فرضت علينا الكثير منها، وإذا راجعنا تاريخ هذا المبني الذي نجلس فيه وهذه الحجرة بالذات كانت مكتبة جمال عبد الناصر، وقد اخترنا هذا المبني في بداية الثورة لكي يكون مقرا لنا. لظروف أمنية حيث كان من السهل تأمين حراسته ونحن لا نختار أقدارنا، ولكن الأقدار هي التي تختار، ولو رجع بي العمر مرة أخري للوراء لما اخترت شيئا غير ما حدث إنها الظروف التي فرضت علينا مواقف كثيرة ولم يكن أمامنا بديلا عنها، ومازلت أذكر مقولة النحاس باشا، أن الثورة مثل وابور الزلط وليس من الحكمة أن يقف أحد أمامها ولا أنكر أن للثورة تجاوزات ولكن لها ايجابيات غيرت أشياء كثيرة في مصر.(4)
لعل من هذا الحوار الذى أجراه فاروق جويدة نستطيع أن نستشف بعض الأمور منها اقتناع زكريا محيي الدين بم حدث ضد الإخوان المسلمون، ومع اعترافه بالتجاوزات ضدهم إلا أنه غير نادم على ما تم فعله بالإخوان المسلمين.
كما يظهر فى ما أدلى به أقدم برلمانى مصرى (إسماعيل الضبع) حيث أنه أدلى باعترافات خطيرة تؤكد ضلوع زكريا محيي الدين فى المشاركة فى خطة القضاء على الإخوان المسلمين ولا يستطيع أحد التشكيك فى شهادته وذلك لوثيق صلته بزكريا محيى الدين وعدم وفاقه مع الإخوان . لأن شهادة الخصم لصالح خصمه لا يشكك فيها ،وكان يعمل وبشكل مباشر مع زكريا محيي الدين أثناء قيام زكريا محيي الدين بمهام وزير الداخلية .
يقول إسماعيل الضبع عندما كنت فى الخدمة كان وزير الداخلية زكريا محيى الدين وأن زكريا محيي الدين هو الذى أنشأ جهاز أمن الدولة بغرض القضاء على الإخوان المسلمين وخلال هذه الفترة كرهت أمن الدولة بشدة بسبب التجاوزات التى كانت تحدث من اعتقالات وتأميم ثروات وممتلكات وعزل سياسي، لذلك لم أكمل الخدمة فى هذا الجهاز رغم أننى كنت ناجح والقضايا التى أنجزتها كانت تدرس فى كلية الحقوق، وكنت ساخط جدا عندما تركت المباحث الجنائية، ونقلت من الأسكندرية إلى القاهرة للعمل فى أمن الدولة، كانت أغلب الاعتقالات تتم ضد جماعة الإخوان المسلمين فهم كانوا مختلفين مع عبد الناصر، وأنا كنت شاهد عيان على حادث المنشية فى الأسكندرية، كنت وقتها فى المباحث الجنائية ورأيت الشخص الذى أطلق الرصاص على عبد الناصر، والحقيقة أن الطلقات الأولى أطلقت إلى أعلى فى الهواء، لكن عبد الناصر سقط للخلف والحقيقة أن عبد الناصر لم يكن مقصودا بهذه الطلقات، لكن الرصاص بعد ذلك أصاب أحد المحامين المتواجدين بجوار عبد الناصر وأنا أؤكد أن حادث المنشية مدبر من عبد الناصر لوضع الإخوان فى المعتقلات.
ويضيف إسماعيل الضبع بأنه أخذ أمر مباشر من زكريا محيي الدين فيقول طلب منى وزير الداخلية زكريا محيي الدين القبض على أحد أفراد جماعة الإخوان فى منطقة بعد إمبابة، بعيدة عن العمران وعندما دخلت منزل الرجل وجدت حوالى 12 من أبنائه ينامون على حصيرة وهو جالس "مقرفص" ويضع فوقهم قطعة من الخيش فى عز الشتاء، فأشفقت على الرجل قلت له بلدك أيه، قال لى إنه من دمنهور، فقلت له اذهب إلى بلدك لأنه سيتم القبض عليك، وتركته ولم أقبض عليه، وعندما جاءت فرصة الترشح لمجلس الأمة تركت أمن الدولة لأنه جهاز قمعى منذ تأسيسه ولم يتغير حتى الآن.(5)
لعلنا أيضا ومن خلال هذا النموذج يتبين لنا حقيقة علاقة زكريا محيي الدين بالإخوان المسلمين.
ويظهر كذلك فيما ذكره وحيد رمضان أحد ضباط «ثورة يوليو» : وشهادة جديدة على علاقة الإخوان بتنظيم الضباط الأحرار، يقول: ولا شك أن عبد الناصر استوعب ما جاء فى كتاب (الأمير) لــ«ميكيافيللى» وألم بما فيه جيداً، بدليل أنه تخلص من كل أصدقائه إلا الماكرين منهم، وأشهرهم «السادات، وزكريا محيى الدين» ومن سخرية الأقدار أن زكريا محيي الدين هو الذى أشرف على سيناريو الخلاص من الإخوان المسلمين و الفريق محمد فوزي أشرف على سيناريو الخلاص من «المشير عامر» والغريب أن الفريق محمد فوزي زوج خالة سامى شرف، فوزى هذا هرب ليلة قيام الثورة، وقال لزملائه فى سلاح المدفعية، ليست لى علاقة بما تقومون به، هرب ليلة الثورة، والهارب هذا يصبح فيما بعد القائد العام للقوات المسلحة، وهو أحد مشاهد الكوميديا السوداء التى كانت من تأليف عبد الناصر، الذى قال لنا فى بداية الثورة إنه بحاجة إلى «الجدعان» لنجاح هذه الثورة، ولما نجحت قال:«السجن للجدعان.(6)
يتضح لنا من النماذج السابقة حقيقة علاقة زكريا محيي الدين بالإخوان المسلمين ، يتبقى لنا أن نعرف حقيقة تأسيس زكريا محيي الدين لجهاز المخابرات ، وهل كان لهذا الجهاز دور فى القضاء على الإخوان المسلمين.
تأسيس زكريا محيي الدين لجهاز المخابرات
أنشئ الجهاز بعد ثورة يوليو 1952 لكي ينهض بحال الاستخبارات المصرية، حيث أصدر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر (1918 - 1970) قراراً رسمياً بإنشاء جهاز استخباري حمل اسم "المخابرات العامة" في عام 1954 وأسند إلى زكريا محي الدين مهمة إنشائه بحيث يكون جهاز مخابرات قوي لديه القدرة على حماية الأمن القومي المصري داخليا وخارجيا.
و رغم جهود كل من زكريا محي الدين وخلفه المباشر علي صبري ؛ إلا أن الانطلاقة الحقيقية للجهاز كانت مع تولي صلاح نصر رئاسته عام 1957 حيث أقام مبنى منفصل للجهاز وأنشىء وحدات منفصلة للراديو والكمبيوتر والتزوير والخداع.
لتغطية نفقات عمل الجهاز الباهظة في ذلك الوقت؛ قام صلاح نصر بإنشاء "شركة النصر للاستيراد والتصدير" لتكون ستاراً لأعمال المخابرات المصرية، بالإضافة إلى الاستفادة منها في تمويل عملياته، وبمرور الوقت تضخمت الشركة واستقلت عن الجهاز وأصبحت ذات إدارة منفصلة،الجدير بالذكر أن المخابرات العامة المصرية تملك شركات أخرى داخل مصر أغلبها للسياحة والطيران والمقاولات، وتعود تبعية الجهاز لرئاسة الجمهورية بشكل مباشر.
علنا من خلال فقرة حماية الأمن القومي المصري داخليا نستطيع أن نستنتج لماذا تم بناء الجهاز ؟ يؤكد ( عادل حمودة ) على أن جهاز المخابرات قام بدور كبير فى القضاء على جماعة الإخوان المسلمين ، باسم حماية الأمن القومي المصري داخليا!!(7)
نريد أن نخرج من الاستنتاج إلى التأكيد على اشتراك زكريا محيي الدين فى القضاء على الإخوان المسلمين وهو ما أكده المستشار علي جريشة عندما قام بنشر وثيقة كانت مكتوبة بطريقة الوثائق السرية، فهي تبدأ بتقرير اللجنة المؤلفة برئاسة السيد زكريا محيي الدين رئيس الوزراء في حينه بشأن القضاء على تفكير الإخوان وبناء على أوامر السيد الرئيس بتشكيل لجنة عليا لدراسة واستعراض الوسائل التي استعملت والنتائج التي تم التوصل اليها بخصوص مكافحة جماعة الإخوان المسلمين المنحلة ولوضع برنامج لأفضل الطرق التي يجب استعمالها في مكافحة الإخوان بالمخابرات والمباحث العامة وذلك لبلوغ عدة أهداف.
دور زكريا محيي الدين فى القضاء على الإخوان
يظهر ذلك فى تقرير اللجنة المؤلفة برياسة زكريا محيى الدين رئيس الوزراء فى حينه، بشأن القضاء على تفكير الإخوان المسلمين لبلوغ هدفين.
أ ـ غسل مخ الإخوان من أفكارهم .
ب ـ منع عدوى أفكارهم من الانتقال إلى غيرهم .
وذلك فى مبنى المخابرات العامة بكوبرى القبة، وعقدت عشرة اجتماعات متتالية وبعد دراسة كل التقارير والبيانات والإحصائيات السابقة، أمكن تلخيص المعلومات المجتمعة فى الآتى :
1 ـ غالبية الإخوان ذوو طاقة فكرية وقدرة تحمل ومثابرة كبيرة على العمل، وقد أدى ذلك إلى اطراد دائم وملموس فى تفوقهم فى المجالات العلمية والعملية .
2 ـ هناك انعكاسات إيجابية سريعة تظهر عند تحرك كل منهم للعمل فى المحيط الذى يقتنع .
3 ـ تداخلهم فى بعض، ودوام اتصالهم الفردى ببعض وتزاورهم، والتعارف بين بعضهم البعض يؤدى إلى ثقة كل منهم فى الآخر ثقة كبيرة .
4 ـ هناك توافق روحى، وتقارب فكرى وسلوكى يجمع بينهم فى كل مكان حتى ولو لم تكن هناك صلة بينهم .
5 ـ رغم كل المحاولات التى بذلت منذ عام 1936 لإفهام العامة والخاصة بأنهم يتسترون وراء الدين لبلوغ أهداف سياسية إلا أن احتكاكهم الفردى بالشعب يؤدى إلى محو هذه الفكرة عنهم، رغم أنها بقيت بالنسبة لبعض زعمائهم .
6 ـ تزعمهم للجهاد سنة 1948 والقتال سنة 1951 رسب فى أفكار بعض الناس صورهم كأصحاب بطولات وطنية عملية، وليست دعائية فقط.
7 ـ نفورهم من كل من يعادى فكرتهم جعلهم لا يرتبطون بأى سياسة خارجية سواء كانت عربية أو شيوعية أو استعمارية، وهذا يوحى لمن ينظر فى ماضيهم أنهم ليسوا عملاء .
وبناء على ذلك كانت توصيات زكريا محيي الدين إتباع إسلوب جديد فى المكافحة يجب أن يشمل بندين متداخلين وهما :
أ ـ محو فكرة ارتباط الدين الإسلامي بالسياسة .
ب ـ إبادة تدريجية مادية ومعنوية وفكرية للجيل القائم فصلاً من معتنقى الفكرة .
ويمكن تلخيص أسس الأسلوب الواجب استخدامه لبلوغ هذين الهدفين فى الآتى :
أولاً : سياسة وقائية عامة :
1 ـ تغيير مناهج تدريس التاريخ الإسلامي والدين فى المدارس وربطها بالمعتقدات الاشتراكية.
2 ـ التحري الدقيق عن رسائل وكتب ونشرات ومقالات الإخوان المسلمين فى كل مكان ثم مصادرتها وإعدامها .
3 ـ يحرم بتاتاً قبول ذوى الإخوان وأقربائهم حتى الدرجة الثالثة فى القرابة من الانخراط فى السلك العسكري أو البوليس أو السياسة.
4 ـ مضاعفة الجهود المبذولة فى سياسة العمل الدائم على إفقاد الثقة بينهم وتحطيم وحدتهم بشتى الوسائل.
5 ـ بعد دراسة عميقة لموضوع المتدينين من غير الإخوان، وهم الذين يمثلون " الاحتياطي " لهم وجد أن هناك حتمية طبيعية عملية لالتقاء الصنفين فى المدى الطويل، ووجد أنه من الأفضل أن يبدأ بتوحيد معاملتهم بمعاملة الإخوان قبل أن يفاجئونا كالعادة باتحادهم معهم علينا .
ومع افتراض احتمال كبير لوجود أبرياء منهم إلا أن التضحية بهم خير من التضحية بالثورة فى يوم ما على أيديهم
ولصعوبة واستحالة التمييز بين الإخوان والمبتدئين بوجه عام فلا بد من وضع الجميع ضمن فئة واحدة ومراعاة ما يلى :
أ ـ تضييق فرص الظهور والعمل أمام المتدينين عموماً فى المجالات العلمية والعملية .
ب ـ محاسبتهم بشدة وباستمرار على أى لقاء فردى أو زيارات أو اجتماعات تحدث بينهم .
جـ ـ عزل المتدينين عموماً عن أى تنظيم أو اتحاد شعبي أو حكومي أو اجتماعي أو طلابي أو عمالي أو إعلامي.
د ـ التوقف عن سياسة استعمال المتدينين فى حرب الشيوعيين واستعمال الشيوعيين فى حربهم بغرض القضاء على الفئتين.
ذ ـ تشويش الفكرة الشائعة عن الإخوان فى حرب فلسطين والقتال وتكرار النشر بالتلميح والتصريح عن اتصال الإنجليز ب[[حسن الهضيبي|الهضيبي]، وقيادة الإخوان، حتى يمكن غرس فكرة أنهم عملاء للاستعمار فى أذهان الجميع .
ثانياً :
استئصال السرطان الموجود الآن، وبالنسبة للإخوان الذين اعتقلوا أو سجنوا فى أى عهد من العهود يعتبرون جميعاً قد تمكنت منهم الفكرة كما يتمكن السرطان فى الجسم ولا يرجى شفاؤه، ولذا تجرى عملية استئصالهم كالآتي :
المرحلة الأولى :
إدخالهم فى سلسلة متصلة من المتاعب تبدأ بالاستيلاء أو وضع الحراسة على أموالهم وممتلكاتهم، ويتبع ذلك اعتقالهم وأثناء الاعتقال تستعمل معهم أشد أنواع الإهانة والعنف والتعذيب على مستوى فردى ودورى حتى يصيب الدور الجميع ثم يعاد وهكذا .
وفى نفس الوقت لا يتوقف التكدير على المستوى الجماعي بل يكون ملازماً للتأديب الفردى .
وهذه المرحلة إذا نفذت بدقة ستؤدى إلى :
بالنسبة للمعتقلين :
اهتزاز الأفكار فى عقولهم وانتشار الاضطرابات العصبية والنفسية والعاهات والأمراض بينهم .
بالنسبة لنسائهم :
سواء كن زوجات أو أخوات أو بنات فسوف يتحررن ويتمردن لغياب عائلهن، وحاجتهن المادية قد تؤدى لانزلاقهن .
بالنسبة للأولاد :
تضطر العائلات لغياب العائل ولحاجتها المادية إلى توقيف الأبناء عن الدراسة وتوجيههم للحرف والمهن، وبذلك يخلو جيل الموجهين المتعلم القادم ممن فى نفوسهم أى حقد أو أثر من آثار أفكار آبائهم .
المرحلة الثانية :
إعدام كل من ينظر إليه بينهم كداعية، ومن تظهر عليه الصلابة سواء داخل السجون أو المعتقلات أو بالمحاكمات، ثم الإفراج عنهم بحيث يكون الإفراج عنهم على دفعات، مع عمل الدعاية اللازمة لكى تنتشر أنباء العفو عنهم ليكون ذلك سلاحاً يمكن استعماله ضدهم من جديد فى حالة الرغبة فى إعادة اعتقالهم .
وإذا أحسن تنفيذ هذه المرحلة مع المرحلة السابقة فستكون النتائج كما يلى :
1 ـ يخرج المعفو عنه إلى الحياة فإن كان طالباً فقد تأخر عن أقرانه، ويمكن أن يفصل من دراسته ويحرم من متابعة تعليمه .
2 ـ إن كان موظفاً أو عاملاً فقد تقدم زملاؤه وترقوا وهو قابع مكانه .
3 ـ إن كان تاجراً فقد أفلست تجارته، ويمكن أن يحرم من مزاولة تجارته .
4 ـ إن كان مزارعاً فلن يجد أرضاً يزرعها حيث وقعت تحت الحراسة أو صدر قرار استيلاء عليها .
وسوف تشترك الفئات المعفو عنها جميعها فى الآتي :
1 ـ الضعف الجسمانى والصحى، والسعى المستمر خلف العلاج والشعور المستمر بالضعف المانع من أية مقاومة
2 ـ الشعور العميق بالنكبات التى جرتها عليهم دعوة الإخوان وكراهية الفكرة والنقمة عليها .
3 ـ انعدام ثقة كل منهم فى الآخر، وهى نقطة لها أهميتها فى انعزالهم عن المجتمع وانطوائهم على أنفسهم .
4 ـ خروجهم بعائلاتهم من مستوى اجتماعي أعلى إلى مستوى اجتماعي أدنى نتيجة لعوامل الإفقار التى أحاطت بهم .
5 ـ تمرد نسائهم وثورتهن على تقاليدهم، وفى هذا إذلال فكرى ومعنوى لكون النساء فى بيوتهن يخالف سلوكهن أفكارهم، ونظراً للضعف الجسمانى والمادى لا يمكنهم الاعتراض .
6 ـ كثرة الديون عليهم نتيجة لتوقف إيراداتهم واستمرار مصروفات عائلاتهم .
النتائج الإيجابية لهذه السياسة هى :
1 ـ الضباط والجنود الذين يقومون بتنفيذ هذه السياسة سواء من الجيش أو البوليس سيعتبرون فئة جديدة ارتبط مصيرها بمصير هذا الحكم القائم حيث يستشعرون عقب التنفيذ أنهم فى حاجة إلى نظام الحكم القائم ليحميه من أى عمل انتقامى قد يقوم به الإخوان للثأر .
2 ـ إثارة الرعب فى نفس كل من تسول له نفسه القيام بمعارضة فكرية للحكم القائم .
3 ـ وجود الشعور الدائم بأن المخابرات تشعر بكل صغيرة وكبيرة وأن المعارضين لن يستتروا وسيكون مصيرهم أسوأ مصير .
4 ـ محول فكرة ارتباط السياسة بالدين الإسلامي .(8)
كانت هذة الوثيقة التى تقدم بها زكريا محيي الدين للقضاء على جماعة الإخوان المسلمين وهو ما وضح الدور العدائي الكبير الذى قام بة زكريا محيي الدين فى التخطيط للقضاء على جماعة الإخوان المسلمين وهو ما أخذت بة الحكومة الناصرية ونفذته بمنهى الدقة .
أهم المراجع
1-ميلاد زكريا محيى الدين أحد أعضاء تنظيم «الضباط الأحرار» جريدة المصري اليوم بتاريخ/7/5/2009 م بقلم(ماهر حسن).
2-زكريا محيي الدين موسوعة تاريخ أقباط مصر بقلم عزت أندراوس.
3- كتاب سنوات وأيام مع جمال عبد الناصر/شهادة سامي شرف .
4- فاروق جويدة فى كتابه(من يكتب تاريخ ثوره يوليو لقاء مع زكريا محيي الدين)
5- الحقيقة يوميا الموقع الرسمي للصحفي وائل الإبراشي (حوار مع أقدم برلماني مصري إسماعيل الضبع) أدار الحوار ماهر عبد الواحد.
6- مذكرات وحيد رمضان أحد ضباط «ثورة يوليو».
7-مجلة روزاليوسف مارس عام 1993 م بقلم عادل حمودة.
8-كتاب قذائف الحق للشيخ محمد الغزالي.