جمال سالم وعلاقته بالإخوان المسلمين
إعداد: ويكيبيديا الإخوان المسلمين
مقدمة
جمال مصطفى سالم وشهرته التى عرف بها هى جمال سالم واحد من مجلس قيادة الثورة ، شهد له زملائه بأنه كان متناقضا إلى حد بعيد فهو تارة هادئ الطباع وتارة أخرى عصبي المزاج ،قاد المقاومة ممثلا لمجلس قيادة الثورة فى السويس عام 1956م أثناء هجوم العدوان الثلاثي على مصر ، فمن هو جمال سالم ، وما هى حقيقة علاقته بالإخوان المسلمين ، وهل كان متعاطفا معهم أم أنه كان مناوئا للإخوان وعدوا لهم ؟ هذا ما سوف نتعرف علية باختصار شديد فى هذا البحث إن شاء الله تعالى.
كما نريد أن نوضح للقارئ العزيز حقيقة علاقة جمال سالم بزملائه من أعضاء مجلس قيادة الثورة ، وحقيقة الدور الذي لعبه جمال سالم فى القضاء على زعماء الإخوان المسلمين ، وهل كان جمال سالم يستند إلى منطق فى القضاء على زعماء الإخوان المسلمين أم أنه كان يقيم محاكمات صورية لهم ؟.
وماذا قالت المنظمات العالمية لحقوق الإنسان فى محاكمات الشعب التى أقامها جمال سالم للإخوان المسلمين ، وكيف أنهم شبهوها بمحاكم التفتيش التي أقامتها الكنيسة فى أوربا فى القرون الوسطى.
بادئ ذى بدء نريد أن نتعرف على جمال سالم بشكل شخصي ، علنا نستطيع أن نعرف ملامح شخصيته من التعرف عليه بشكل شخصي ، والله الموفق وهو الهادي الى سواء السبيل.
جمال سالم فى سطور
- جمال سالم ولد في 1918 أثناء عمل والده في السودان، وهو يكبر أخاه صلاح سالم بعامين، تخرج من الكلية الحربية سنة 1938، وأوفدته الدولة في بعثات عسكرية خارج مصر إلى إنجلترا والولايات المتحدة.
- انضم إلى تنظيم الضباط الأحرار، وشارك في حرب فلسطين، وبعد نجاح حركة يوليو 1952 وسيطرتها على السلطة في مصر، اختير جمال سالم رئيسا للجنة العليا للإصلاح الزراعي التي لعبت دورا بارزا في تصفية ممتلكات كبار ملاك الأراضي الزراعية، ساهم في الصراع على السلطة بين الرئيس محمد نجيب وجمال عبد الناصر، وانحاز انحيازا مطلقا إلى عبد الناصر، فيما عُرف في السياسة المصرية بأزمة مارس 1954 .
- رأس محكمة الثورة التي أصدرت الحكم بالإعدام على عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، كانت له آراء متطرفة أوردها عدد من زملائه في مجلس قيادة الثورة في مذكراتهم، ومنها اقتراحه بإعدام جميع ضباط المدفعية الذين اعترضوا على بعض قرارات المجلس في يناير 1953 .
- اختير وزيرا للمواصلات في سبتمبر 1954، ورأس محكمة الثورة في ذلك العام، وقد شكلت هذه المحكمة لمحاكمة قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وأصدر حكما بالإعدام على عدد من قياداتهم البارزة، منهم عبد القادر عودة ومحمد فرغلي.
- وصف السادات جمال سالم في مذكراته "البحث عن الذات" بأنه كان حاد المزاج، عصبيا إلى حد غير طبيعي، لا يهاب الدم، وهو ما دفع بالرئيس عبد الناصر في النهاية إلى الحد من اختصاصاته، أصيب بالسرطان، وتوفي في مايو 1968 ...(1)
- يستوقفنا هنا الوصف الذى وصفه محمد أنور السادات لصلاح سالم فى كتابة (البحث عن الذات) نريد أن نتوقف عند هذه النقطة ونستوضح هذه العلاقة لنستوضح أكثر عن شخصية جمال سالم ، ونستطيع أن نكون فى أذهاننا صورة واضحة لجمال سالم.
علاقة جمال سالم بأعضاء مجلس قيادة الثورة
- نشب خلاف بين جمال سالم وصلاح نصر في يونيو حزيران عام 1953 بعد أن دار حديث جاف بينهما في مكتب عبد الحكيم عامر، أبلغ عباس رضوان صلاح نصر بأن جمال غاضب بدرجةٍ كبيرةٍ منه وأنه يهدد بقتله لأنه يعتبره قد أهانه، وعرض عليه التصالح مع جمال سالم في حضوره، لكن صلاح نصر اضطر إلى حمل طبنجته معه أثناء جلسة الصلح بعد إحدى ثورات غضب جمال سالم، الذي كان معروفا عنه إفلات زمام أعصابه لأتفه الأسباب.
- وفي فبراير شباط عام 1954 حينما بدأت أزمة مارس تتبلور، وجه أحد الضباط الأحرار، وهو الصاغ ربيع عبد الغني من سلاح المدفعية في مكتب المشير عامر، عبارة إلى جمال سالم لم تعجبه، إذ قال له حينما سمعه يسب محمد نجيب: "اللي مش عاجبه يستقيل"، وإذا بجمال سالم يمسك بربيع عبد الغني ويلطمه على خده، وصاح ربيع قائلاً: "أتضربني يا جمال؟!"، فتدخل الواقفون لمنع تدهور الموقف.
- وكان جمال سالم أكثر أعضاء مجلس الثورة تحمساً للتخلص من نجيب، لدرجة أنه صرح بأنه على استعداد لأن يطلق النار على محمد نجيب ويخلص البلاد من شروره ثم يسلم نفسه إلى المجلس لمحاكمته، ويكون بهذا قد أدى واجباً وطنياً لمصر!، بل إن جمال سالم اعتدى بالفعل على الرئيس نجيب بالضرب أثناء توديع العاهل السعودي الملك سعود لمصر في نهاية مارس آذار عام 1954، فطلب نجيب من سعود حمايته.
- وجمال بعصبيته المفرطة كاد يفتك بسائقه الخاص عندما تأخر عليه بضع دقائق فأوسعه ضربا بالأيدي وركلاً بالأقدام ، ثم أعطى السائق خمسة جنيهات ليسترضيه عندما وجده يبكي ويبرر تأخره بتناول طعام الإفطار.
- وبعد الإنذار البريطاني الفرنسي وعمليات إنزال القوات المعتدية أثناء العدوان الثلاثي على مصر، كان رأي صلاح سالم أن الاستمرار في الحرب سيؤدي إلى تدمير مصر وإن على المجلس أن يسلم إنقاذا للبلد، فوصمه جمال عبد الناصر بالجبن ، وقد أثر هذا في صلاح سالم فشكا لعدد من زملائه في المجلس بمرارة وقال: "أنا لست جباناً وسأتحرك إلى السويس لأحارب كجندي تحت قيادة القائد العسكري هناك".. وبالفعل سافر جمال، وأصبح مسئولا عن الدفاع عن منطقة السويس.
- يقول السنهوري رئيس مجلس الدولة، في 29 مارس آذار عام 1954، كما أوردها من دبرها وشارك فيها أي اليوزباشي حسين عرفة رئيس إدارة المباحث الجنائية العسكرية في 1954، والتي تضمنها كتاب أحمد حمروش عن شهود يوليو.
- يعترف عرفة بأن ما يسميه حادث مجلس الدولة أبرز ما قامت به المباحث الجنائية، إذ استدعاه أحمد أنور قائد الشرطة العسكرية عندئذ وقال له: نريد منع اجتماع مجلس الدولة بالعنف أو بالحسنى، ولكنه حذره من وفاة أي شخص، وأعد عرفة خطة بالتعاون مع كل من إبراهيم الطحاوي وأحمد طعمية المسئولين في هيئة التحرير التنظيم الذي أنشأته الثورة وتوجه هو إلى مقر مجلس الدولة، وطلب مقابلة الدكتور السنهوري، بدعوى تحذيره من حدوث مظاهرات ضد المجلس، ولما رفض السنهوري المقابلة، أرسل عرفة شاويشا إلى طعيمة والطحاوي فتدفقت المظاهرات التي قاما بتدبيرها، ومعها بعض جنود المباحث الجنائية في ملابس مدنية نحو المجلس وهي تهتف الموت للخونة وتحاصر المجلس الذي كانت أبوابه مغلقة بسلاسل حديدية.
- ويضيف عرفة قائلاً: طلب رئيس المجلس أي السنهوري مندوبين عن المتظاهرين ففتحت الأبواب وتدفق المتظاهرون، وهجموا يعتدون على أعضاء الجمعية العمومية، وتظاهرت بأني أمنعهم من ذلك.. وعندما حاول السنهوري وأحد المستشارين الآخرين مخاطبتهم من بلكونة المجلس اعتدوا عليهما بالضرب أيضاً. توتر الموقف، فاقترحت أن يعد أعضاء المجلس بياناً تذيعه الإذاعة، وفعلا كتبوا بياناً لا يؤيد الثورة، قرأه مستشار اسمه عبد الخبير فضربوه أيضاً هاتفين تحيا الثورة، تسقط الرجعية وأعاد المستشارون صياغة بيان جديد، أخذته منهم، وافتعلت تمثيلية بأنه قد أغمي علي من الجهد وأنا في موقف المدافع عن أعضاء المجلس.. وهنا كان قد حضر صلاح سالم فأعطيته البيان الجديد وخرج به إلى مجلس الثورة.
- أما توفيق عبده إسماعيل فقد حدث أثناء أزمة سلاح الفرسان أن اصطحبه ذات ليلة أحمد أنور ومجدي حسنين وإبراهيم الطحاوي إلى المنزل ،حيث اقتادوه إلى القيادة بعد أن أخذوا معهم منشورات الضباط الأحرار ، وهناك قابل عبد الحكيم عامر الذي قال له هامسا ً: "الأولاد عايزين يدبحوك ..خليك جامد وأوعى تنخنخ.
- وشكلت لجنة تحقيق معه مؤلفة من البغدادي وصلاح سالم وزكريا محيي الدين حول الأزمة التي أعقبت حركة اعتقالات ضباط المدفعية في 15 يناير كانون أول عام 1953 .. وفي 18 يناير كانون أول عام 1953 قال له عامر: أنا نجحت في إخراجك من الموضوع،خذ عربتك وسافر إلى بلدكم لمدة أسبوعين ,وبعدين تعالى.
- خالد محيي الدين كاد أن ينال علقة على يد الضباط بعد الاقتراح بتعيينه رئيساً للوزراء، لكن جمال سالم ضربهم ركلاً بالأقدام، في حين سحبه عامر إلى خلف مكتبه.. ولكن جمال سالم نفسه أيد مع صلاح سالم وكمال الدين حسين وأنور السادات وحسن إبراهيم، اعتقال خالد محيي الدين بعد اتهامه بتشجيع ضباط السواري على التحرك ضد قيادته وإحداث شرخ في الجيش ، واقترح هذا الفريق تحديد إقامة خالد في مرسى مطروح في حين رأى عامر سفره إلى الخارج ، لكن ناصر حسم الموقف.
- كما اعتدى وحيد الدين جودة رمضان على خالد محيي الدين أثناء هذه الأزمة بالسباب، فآثر خالد العودة ثانية إلى غرفة مجلس قيادة الثورة بالطابق الثاني من المبنى.
وكان ضباط الثورة يزورون زملاءهم في السجن، بل إن عامر وهو قائد عام القوات المسلحة ذهب إلى السجن عدة مرات وقام بزيارات ودية لبعض الضباط الأحرار المسجونين.
- الطريف أنه لم تتعد مدة سجن الضباط المحكوم عليهم بالمؤبد مثلاً، أكثر من سنتين أو ثلاث سنوات، حتى انتشرت طرفة رددها الضباط قائلين: لو عاوز تروح مدير شركة، إعمل انقلاب ولو صوري!!...(2)
يستوقفنا هنا حقيقة الدور الذى قام به جمال سالم مع الإخوان المسلمون ، وحقيقة علاقة جمال سالم بالإخوان المسلمين
جمال سالم والإخوان المسلمين
معظم الباحثين الذين تناولوا هذا الجانب بالدراسة والتوضيح أكدوا على حقيقة كراهية جمال سالم للإخوان المسلمين ، وهو ما جعل باحثا غربيا مثل ريتشارد ميتشل يصف محكمة الشعب التى كان يرأسها جمال سالم والتى أقيمت من أجل إجراء محاكمات عاجلة للإخوان المسلمين .
يقول في كتابه الإخوان المسلمون الصادر عن مكتبة مدبولي عام ١٩77 ، أما رئيس المحكمة جمال سالم فقد كان تصرفه أقرب إلي تصرف المدعي العام : كان يقاطع دون تحرج إجابات الشهود إذا لم تعجبه وكان يضع الكلمات في أفواههم فيتقول عليهم ما لم يقولو وكان أحياناً يستعمل التهديد ليفرض عليهم الإجابة التي يريدها...(3)
والغريب والذى لفت انتباه الباحثين أن رئيس المحكمة السيد جمال سالم لم يكن دارسا للقانون!! فكيف يكون قاضيا يصدر أحكاما بالإعدام على قيادات الإخوان المسلمين !!.
ونريد فى هذا السياق أن نستوضح حقيقة ما قام به جمال سالم من محاكمات ضد الإخوان المسلمين ولنأخذ بعض النماذج من المحاكمات التى تمت ضد الإخوان المسلمين ،والتى تمت فى محكمة الشعب التى أقامها عبد الناصر وجعل من جمال سالم رئيسا لها .
جمال سالم والإخوان ومحكمة الشعب
أشار الكثير من المؤرخين إلى فساد هذه المحاكمات والتأكيد على روح الانتقام من الإخوان المسلمون عند جمال سالم لعدة أسباب، من بينها.
1-أن القضاة فيها يمثلون المجني عليه وهو مجلس قيادة الثورة، وهذا ما أشار إليه القاضي عبد القادر عودة وهو يدافع عن نفسه أمام المحكمة؛ باعتباره قاضيًا سابقًا، ولكن كان رد القاضي الجاهل عليه فظًّا غليظًا.
- المتهم: حضرات القضاة، أنا متهم بتهمة لو صحت لكنت الجاني وأنتم المجني عليهم ولست أعلم أن جانيًا ارتاح لأنْ يحاكمَه مجنٍ عليه.
- جمال سالم: ليس لك الحق في هذا الاعتراض مطلقًا.
- المتهم: أنا لا أعترض.
- جمال سالم: ولا تلميحًا تقدر تتكلم مضبوط إتكلم ما تقدرشي نجيب لك محامي.
2-افتقار القضاة لأي خبرة قانونية أو دراسة سابقة للقانون، كان قضاة المحكمة الرئيس قائد جناح جمال مصطفي سالم عضوية ،وقائمقام أنور السادات (عضو يمين)و عضوية : بكباشي حسين الشافعي (عضو شمال)وثلاثتهم أعضاءً بمجلس قيادة الثورة، والمجلس هو الذي يقدم المتهمين للمحاكمة، وممثلوه هم الذين يصدرون الأحكام ثم يشتركون في التصديق عليها، ولهم أن يوقفوا تنفيذ الحكم ولو كان بالسجن خمسة عشر عامًا وتلك مهزلة أخرى.. فالقانون لا يعرف سجن 15 سنة مع إيقاف التنفيذ، فإيقاف التنفيذ يشمل أحكام الحبس وليس أحكام السجن.
ومن نماذج السقطات الشنيعة التي وقعت بتلك المحاكمات والتى أكددت على كراهية جمال سالم للإخوان المسلمين:
- أغفل جمال سالم - رئيس المحكمة- أثناء المحاكمة تكليف الادعاء بتقديم شهود الإثبات الذين ضبطوا الجاني لحظة ارتكاب الجريمة، وكانوا- وبالمصادفة- من العاملين بمديرية التحرير، وهؤلاء الشهود معروفون بأسمائهم ووظائفهم.
- رغم أن أي طالب بالسنة الأولى بكلية الحقوق يعلم أن أول شهود يستمع إليهم هم شهود الإثبات الذين لهم صلة بضبط الجاني أو مشاهدة الجريمة أو اكتشاف سلاح الجريمة ولكن هؤلاء الأربعة لم يدلوا بشهادتهم عند محاكمة الجاني، ولعل الادعاء خشي أن يقدمهم، ويقدم خديوي آدم- العامل الذي عثر على المسدس- حتى لا تتخبط أقوالهم ويظهر شيء محظور كانوا يسعون لإخفائه.
3-سرعة وصورية إجراءات المحاكمات، ومن أسوا ما يدل على صورية هذه المحاكمات وعدم جديتها ما ورد بالمادة الخامسة من أمر تشكيلها.
- يخطر المتهم بالتهم ويوم الجلسة- بمعرفة المدعي- قبل ميعادها بأربع وعشرين ساعة على الأقل، ولا يجوز تأجيل القضية أكثر من مرة واحدة ولمدة لا تزيد على 48 ساعة للضرورة القصوى، ثم ما نطق به ممثل الإدعاء في أولى جلسات المحاكمة.
- المدعي العام: المتهم لما أعلناه بالادعاءات سألنا إذا كان له محامٍ فقال معندهوش محام، وقانون تشكيل المحكمة لا يستلزم وجود محام مع المتهم، والقضية جاهزة ونطلب نظرها، ثم هذه السرعة الغريبة في إنهاء القضايا، ومحاكمة هذا العدد الضخم من المتهمين في فترة وجيزة جدًّا؛ فقد عُقدت أول جلسة لمحكمة الشعب صباح الثلاثاء 9/11/1954م، واستمرت إلى 2/12/1954م، وبدأت الدوائر الفرعية عملها ابتداءً من 5/12/1954م.
- استمرت محاكمة محمود عبد اللطيف إلى 20/11 أي لمدة أسبوعين.
- استغرقت محاكمة الأستاذ حسن الهضيبي 3 أيام.
- ويوسف طلعت يومًا واحدًا!!
- وحوكم إبراهيم الطيب وهنداوي دوير في يوم واحد!!
- وفي يوم 30/11 حوكم خمسة من قيادات الجماعة معًا في يوم واحد
- وفي الدوائر الفرعية كان الأمر أعجب!!
- ففي يوم 9/12 نظرت 28 قضية، وفي 11/12 نظرت 21 قضية، وفي 12/12 نظرت 13 قضية، وفي 13/12 نظرت 19 قضية، وفي 18/12 نظرت 40 قضية، وفي 21/12 نظرت 48 قضية، وفي 28/12 نظرت 42 قضية، وفي 9/2/55 نظرت 69 قضية أمام الدائرة الفرعية الثالثة.
4-شمول المحاكمات والأحكام لتلك الأعداد الضخمة بما يعني الأخذ بمبدأ المسئولية الجماعية ودون الاقتصار على منفذي الجريمة والمحرِّضين عليها.
5-قسوة الأحكام وعدم تناسبها مع الجريمة المنسوبة للمتهمين (شروع في القتل) وبناؤها على أسباب سياسية فقط، وهذا باعتراف جمال عبد الناصر نفسه لأحمد حسين.
ويضاف لذلك عدم إحالة اوراق المتهمين المحكوم عليهم بالإعدام إلى فضيلة المفتي للتصديق عليها.
6-مسلك رئيس المحكمة الغريب وسخريته وتهجمه على المتهمين والشهود بصورة منفرة.
7-مسلك المحامين المنتدبين للدفاع عن المتهمين؛ إذ كانوا يتعاملون مع المتهمين والشهود وكأنهم ممثلو إدعاء وليسوا محامين.
8- محكمة الشعب في نظر المؤرخين والباحثين الذين تناولوا موضوع محكمة الشعب بالدراسة والتوضيح.
شهد بمهزلة هذه المحاكمات أو مأساتها كل من شاهدها أو قرأها
يقول الكاتب الأمريكي ريتشارد ميتشل: أما المحاكمات نفسها فكانت نموذجًا لا يُنسى لما تملكه الحكومة الثورية وما تضفيه على نفسها من حقوق تتعلق أصلاً بحكم القانون؛ إذ اتضح منذ البداية أن آخر شيء ترمي إليه الحكومة هو إيضاح القضية، وتقدير مدى إدانة كل فرد فيها.
بل إن جمال سالم في الحالات التي عَيَّنت فيها المحكمة المحامين طرح هؤلاء أسئلةً وأبدَوا ملاحظات كان من الأخلق أن تُترك لممثل الاتهام، أما رئيس المحكمة جمال سالم فقد كان تصرفه أقرب إلى تصرف المدعي العام.
كان جمال سالم يقاطع دون تحرج إجابات الشهود إذا لم تعجبه الإجابة، وكان يضع الكلمات في أفواههم، فيتقوَّل عليهم ما لم يقولوا، وكان أحيانًا يستعمل التهديد ليفرض عليهم الإجابة التي يريدها، وكانت الأسئلة تصاغ بحيث تستبعد أي رد إلا ما تريده المحكمة، وكان يوقف كل محاول للتخفيف من توتر الموقف.
بل إن جمال سالم كان يتبادل مع الشهود في بعض الأحيان الشتائم الوضيعة، وفي غالبية هذه الحالات كانت الشتائم تنهال من جانب المحكمة وحدها، وكانت تواجه شاهدًا بآخر، وقد زُيِّفت شهادة أحدهما لتثير الشاهد الآخر، وسُمح للحضور أن يشاركوا في الضحك على الشهود والهزء والسخرية بهم وسبِّهم، وكانت أكثر الأسئلة في مثل هذه المواقف غير متعلقة بالجريمة، وتضمنت فيما تضمنته أسئلةً تتعلق بإعراب القرآن وتفسيره بقصد إحراج الشهود وإرباكهم.
أما الشهود أنفسهم فقد كانوا مشوشين، وبطبيعة الحال خائفين، وفي أغلبية الأحوال غير صريحين ولا صادقين، وطفحت الأدلة بالتناقض؛ وذلك لأن المحكمة من ناحية كانت توجه الشهود؛ ولأن الشهود أنفسهم كانوا غير راغبين في الكلام من ناحية أخرى....(4)
ونريد توضيحا أن ناخذ نموذج مجسما لم قام بة جمال سالم من محاكمات لقيادات الإخوان المسلمين
نماذج من محاكمات جمال سالم للإخوان
النموذج الأول: (قضية الأستاذ حسن الهضيبي)
قضية الأستاذ حسن الهضيبي - الشاهد: محمد محمد فرغلي
- جمال سالم: لمَ لمْ تسع وتذهب إلى الرئيس جمال عبد الناصر كما سبق وتسأله؟
- الشاهد: الظروف كانت متحرجة بعض الشيء.
- جمال سالم: ليه أنت مش كنت بتقابله قبل حادث الاعتداء بثلاثة أيام، وكنت متغدي عنده.
- أحد الحاضرين: كمان يا راجل .. يا خبر أبيض (ضحك)
- جمال سالم: مش كنت متغدي عنده قبلها بثلاثة أيام ولاَّ فطران.. وكنت قاعد عنده قبلها بثلاثة أيام؟
- الشاهد: ما كنتش أنا موجود.
- جمال سالم: انت كنت بمفردك وفطرت عنده قبلها بثلاثة أيام.
- الشاهد: ده قبل كده بفترة طويلة.
- جمال سالم: قبل الحادث؟
- الشاهد: ده من عدة أشهر.
- جمال سالم: يعني كمان تنكر الأكل اللي بتاكله.. تعمل زي القطط تاكل وتنكر.
قضية الأستاذ حسن الهضيبي - الشاهد: يوسف طلعت
- الشاهد: السلام عليكم
- جمال سالم: عليكم السلام ورحمة الله سي يوسف (ضحك)
- جمال سالم: ده كان المستشار الفني؟
- الشاهد: تقريبًا كنا بنعتبره زي كده.
- جمال سالم: المستشار الفني للبعثة الفنية لإعادة التنظيم (ضحك).
مشهد آخر
- جمال سالم (للمتهم حسن الهضيبي): شفت الجهاز اللي عملته يا حضرة المستشار القانوني
- المتهم: لم أعمله.
- جمال سالم: لماذا لم تذهب إلى الحكومة يا قصير الباع؟ يا قصير الذيل؟
- المتهم: الحكومة ما تقدرش تحله.
- جمال سالم: ما تقدرش تحله؟
- المتهم: آه.
جمال سالم: إحنا حلينا سلسلة وسط أبوه، إحنا مش حنحله هو، مش بس هو.
- المتهم: أنا مش باقول حاجة.
- جمال سالم: اقعد. مشهد آخر
- جمال سالم: المرشد جاي منين؟
- الدفاع: من بره.
- المتهم يريد الكلام.
- جمال سالم: أنا مش عارف أكلم مين فيكم أنتم الاتنين أما إنت أو المحامي (موجهًا كلامه للمتهم).. فين القانون اللي درسته؟
- المتهم: إحنا ماعندناش مانع أن المتهم يتكلم مع المحامي.
- جمال سالم: طريقتك وصلتك للنظام ده، طريقتك عشان خاطر ناس يحرصوا على القوانين الموجودة في البلد ولا يستهتروا بها،القانون تخلى عنك من يوم ما رضيت أن ترأس جهاز سري، كان يجب على القانونيين يشيلوا منك صفة القانون ويسحبوها منك؛ لأنك عار على القانونيين الموجودين في البلد.
النموذج الثانى: (قضية عبد القادر عودة)
قضية عبد القادر عودة- المتهم يدافع عن نفس
- المتهم: حضرات القضاة.. أنا متهم بتهمة لو صحت لكنت الجاني وأنتم المجني عليهم،ولست أعلم أن جانيًا ارتاح لأن يحاكمه مجني عليه.
- جمال سالم: ليس لك الحق في هذا الاعتراض مطلقًا.
- المتهم: أنا لا أعترض.
- جمال سالم: ولا تلميحًا، تقدر تتكلم مضبوط اتكلم ماتقدرش نجيب لك محامي .
مشهد آخر
- المتهم: أنا أرجو أن تقرأوا الخطاب لتحكموا إذا كان موضوعًا بشكل يقصد منه التحريف أو يدل على الكذب.
- جمال سالم: إحنا حافظينه زي ما انت حافظ القرآن، واحنا مش حافظينه، إحنا كفرة وانتم بس اللي تعرفوا في الإسلام.
- المتهم: من قال هذا.. إن الإسلام ليس دين أشخاص.. إن الإسلام دين الله
- جمال سالم: وانت مالك بنا إحنا كفرة.
مشهد آخر
- المتهم: كوني أترافع عن عبد المنعم عبد الرءوف دليل أني متصل بالنظام تدليل لا أستسيغه، وأخشى أن الدكتور هاشم يقال إنه اشترك في النظام لأنه دافع عن ناس في النظام.
- جمال سالم: بلاش سخرية، ملكش دعوة بالدكتور هاشم واحترم نفسك...(5)
وقد عرف عن جمال سالم بأنه قام باصدار أحكام بالإعدام على قيادات من الإخوان المسلمين
أشهر من حكم عليهم جمال سالم بإعدامهم
حكم جمال سالم بالإعدام على كلا من:
- 1- محمود عبد اللطيف.
- 2- يوسف طلعت.
- 3- إبراهيم الطيب.
- 4- هنداوي دوير.
- 5- محمد فرغلي.
- 6- عبد القادر عودة.
- 7-حسن الهضيبي...(6)
وأخيرا نريد أن نستوضح رأى المنظمات الدولية الحقوقية فى المحاكمات التى أجرتها محكمة الشعب لقيادات الإخوان المسلمين بغرض التخلص منهم ، وكانت المحكمة برئاسة جمال سالم.
ماذا قالت المنظمات الحقوقية فى محكمة الشعب
وبعد المحاكمات أصدرت هيئة العفو العالمية بيانا رسميا بشان محكمة حسن الهضيبي وزملائه من الإخوان المسلمين بتاريخ تحت عنوان: تقرير منظمة العفو الدولية عن محاكمات الإخوان المسلمين، جاء فيه سجل تقرير هيئة العفو الذى وزعته على الصحف العالمية ما يلى:
- أولاً :ان الهيئة العالمية طلبت تأشيرة دخول لمحام دولى لحضور المحاكمات بصفة مراقب ولكن السلطات المصرية لم تقبل إعطاءه تأشيرة لدخول مصر.
- ثانياً: ان الهيئة العالمية اضطرت لإيفاد أحد أعضائها وهو عضو بالبرلمان البريطاني إلى مصر بصفته رقيبا غير رسمى نظرا لرفض السلطات المصرية دخول مراقب مصرى.
- ثالثاً: ان محاكمات الإخوان المسلمين فرض عليها قانون استثنائي صدر بعد وقوع الاعتقالات بأثر رجعى.
- رابعاً: المحاكم العسكرية رفضت سماع أقوال المتهمين عن التعذيب الذى وقع عليهم
- خامساً: الأستاذ حسن الهضيبي وزملاؤه من الإخوان المسلمين حرموا من حقهم الشرعى والطبيعى فى اختيار محامين للدفاع عنهم.
- سادساً: ان السلطات المصرية طردت المحامين السودانيين الذين ذهبوا للقاهرة بقصد الدفاع عن الإخوان المسلمين وأبعدتهم من مصر بدون مبرر.
- سابعاً: أن السلطات المصرية خالفت قرارات مؤتمر المحامين العرب الذى شاركت فيه نقابة المحامين بالجمهورية العربية المتحدة ووافقت على قراره بالعطاء المحامين العرب الحق فى المرافعة عن المتهمين السياسيين أمام القضاء المصرى.
- ثامناً: ان السلطات المصرية منعت الجمهور والصحافة من حضور الجلسات وفرضت الرقابة على أنباء المحاكمات و الجلسات.
- تاسعا: الهيئة نبهت السلطات المصرية الى ضرورة إقامة محاكمة عادلة حرصا على سمعة القضاء المصرى...(7)
المراجع
1- كتاب البحث عن الذات (تأليف محمد أنور السادات).
2- مذكرات صلاح نصر (الجزء الأول الصعود) من إصدارات دار الخيال القاهرة- لندن الطبعة الأولى.
3- كتاب الإخوان المسلمون (تأليف ريتشارد ميتشل) من إصدارات مكتبة مدبولى القاهرة عام 1977م.
4- مهزلة أسمها محكمة الشعب (للأستاذ الدكتور/ جابر قميحة).
5- الإخوان وعبد الناصر القصة الكاملة لتنظيم 1965م (بقلم أحمد عبد المجيد).
6- روبرت سان جو الجزء الثاني (مكتبة الإسكندرية).
7- موقع منظمة العفو الدولية 15 أبريل 2008م.