في ذكرى تأسيس "حماس"
بقلم/ ياسر البنا
اعتاد المراقبون كل عام، على وصف حلول ذكرى انطلاقة حركة "حماس" بالقول إنها تأتي في "ظروف بالغة التعقيد والصعوبة"؛ وكأن هذه الذكرى سبق وأن مرت على الحركة على مدار 21 عاما، وهي تهنأ بشيء من البحبوحة والسعة!.
فمنذ نشأتها، تسير حماس (التي أعلنت أمس عن بدء احتفالاتها بهذه الذكرى) في حقول من "الأشواك والألغام"، وكأن هذا قدرها الذي كتب لها، ولا تملك سلوك درب سواه.
ولعل أبرز ما يميز هذه الذكرى، حلولها مع إقرار حركة فتح، بفشل طريق التسوية، وسقوط أوهام السلام والمفاوضات، وهو ما يؤكد صوابية استراتيجية "حماس" القائمة على "المقاومة"، والتمسك بالثوابت.
كما سبق هذه الذكرى، فضيحة كبرى، لا يمكن تأريخها كواقعة أو حدث معزول، تمثلت بمحاولة الرئاسة الفلسطينية، بإنقاذ (إسرائيل) من الإدانة في مؤسسات الأمم المتحدة، تجاه ما اقترفت من جرائم خلال حرب غزة؛ وهو الأمر الذي أثر بلا شك على مزاج الرأي العام الفلسطيني.
وقد تتصادف هذه الذكرى، مع إتمام مفاوضات صفقة التبادل، التي تسير وسط تكتم شديد، وهو ما سيرفع حتماً من أسهم الحركة في الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي.
ولا ننسى أنها تهل، بعد أن صمدت الحركة، أمام حرب عاتية، شنتها (إسرائيل) قبل نحو عام، بكامل عدتها وعتادها، هادفة بشكل أساسي لإسقاط الحركة والقضاء عليها، وهو الأمر الذي سيكون له بالتأكيد صداه لدى صانعي سياسات الدول الكبرى، وسيترجم-ولو بعد حين-في طريقة تعاملها مع الحركة.
وبالطبع فقد سبق ذلك كله، صمود قل نظيره، في وجه إسقاط وإفشال تجربة الحركة في الحكم، خلال الأربع سنوات الماضية، عبر استخدام كل ما يعجز عن تخيله العقل من الوسائل والأساليب، والتي لا يتسع المجال لذكرها، وقد عايشها المواطن الفسطيني لحظة بلحظة.
ما سبق سيكون–في تقديري-محركا سيدفع "حماس" خلال السنوات القليلة المقبلة، نحو قيادة الشعب الفلسطيني، بديلا عن القيادة التقليدية التي قادت المشروع الوطني الفلسطيني خلال المرحلة المقبلة؛ حيث تشير كل الدلائل أن الحركة، هي المؤهلة لقيادة الشعب الفلسطيني وتمثيله، بعد أن أثبتت على مدار تاريخها أنها الأحرص على مصالح الشعب الفلسطيني، وقدمت في سبيل ذلك أغلب قادتها المؤسسين شهداء، والآلاف من كوادرها بين شهيد وأسير.
أما عن أبرز التحديات التي تواجه الحركة اليوم، فقد يكون تجربتها في حكم قطاع غزة، حيث ورثت الحركة منظومة حكومية مهترئة، وتعاني من حصار مشدد جعل أولوياتها يتمثل في تسيير حياة الناس اليومية بالحد الأدنى من الامكانيات.
وكما هو معلوم، فإن أي حكومة في العالم –رغم تمتعها بكامل الامكانيات-لن تتمكن من إرضاء الجمهور، فكيف بحكومة محاصرة، ولا تمتلك أدنى المقومات؟ وهو الأمر الذي ألحق بالحركة ظلماً كبيراً تمثّل بتحميلها وزر الإشكاليات التي تعاني منها الحكومة نتيجة الحصار.
من وجهة نظري المتواضعة، أرى أن على الحركة أن تسارع اليوم للفصل الكامل بينها-كحركة وتنظيم-وبين الحكومة، فالحكومة، هي حكومة الشعب، ولا تمثل بالضرورة الحركة، فهي تضم مسؤولين وموظفين من كافة الاتجاهات، فلماذا تتحمل وحدها وزر إخفاق أو تقصير بعضهم؟
كما أن "حماس" ملزمة اليوم، بعد أن امتصت عشرات الصدمات التي واجهتها للانتقال إلى مواجهة أعمق وأوسع لمشاكل الناس، عبر توظيف المتاح لديها بشكل أفضل، وفتح باب الابتكار والابداع في تخفيف معاناة المواطنين.
- المصدر: موقع كتائب القسام
|
|
|
|
مواقع إخبارية |
الجناح العسكري . الجناح السياسي |
الجناح الطلابي الجناح الاجتماعي
|