الإخوان وفلسطين تاريخ مشرف عريق
محسن الخزندار
الإخوان المسلمون
تأُسست حركة الإخوان المسلمين عام 1928م على يد الإمام حسن البنا( ) بهدف خلق جيل يتحلى بأخلاق الإسلام متحرراً من فكر الاستعمار وأعوانه متفقهاً في مجالات الدين والدنيا واضعاً نصب عينيه الجهاد في سبيل الله وقد ركزت الحركة على إعداد الشباب علمياً ليبعثوا الشريعة الغائبة فيكون جهادهم متفقاً وروح العصر وذلك لكي تحكم الشعوب العربية بشرع الله وكان أملهم أن تكون مصر أول دولة إسلامية يقوم بها حكم إسلامي وأن تعمل هذه الدولة على خلق المجتمع المسلم وأن تحل المشكلات العصرية بمنظور إسلامي حق وأن تقوم بتحرير فلسطين.
حرصت جماعة الإخوان المسلمين دوماً على تحقيق برنامجها الديني الثقافي والاجتماعي ولكن حرب فلسطين وتدخل الإخوان المسلمين أبرزا الدور السياسي والعسكري لهذه الحركة التي سعت إلى تغيير الأمور في مصر من أحزاب فاسدة وطبقات اجتماعية متفاوتة وثقافة تافهة ومنحرفة ومتعاملة مع الإنجليـز ومرتبطة بمصالح التجار والإقطاعيين المصريين وفكرة القومية المصرية الانعزالية الفرعونية عن العرب في الخارج وعن الشعب المصري في الداخل ووقوف حكومة محمود باشا عام 1929م ضد ثورة الشعب الفلسطيني وتهديد الفلسطينيين المقيمين في مصر بالطرد واتهامهم بإثارة الفتن الطائفية لدى الشعب المصري الوقت الذي تمت سيطرة اليهود على البنوك والشركات ومحلات الصرافة والفنادق والملاهي وتجارة الورق للصحف والكتب وتجارة أدوات الطباعة ومحلات الألبسة وتجارة الساعات وشركات التأمين وتجارة المجوهرات وبورصة بيع الأسهم والسينما والسمسرة والعمولات مما جعل النفوذ اليهودي الاقتصادي في مصر قوياً ومؤثراً( ).
أول وفد للإخوان المسلمين يزور فلسطين: في 3 /أغسطس/1935م انتدب مكتب الإرشاد العام لجمعية الإخوان المسلمين كلا من عبد الرحمن الساعاتي شقيق حسن البنا ومراقب مجلس الشورى العام ومكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين ومحمد أسعد الحكيم سكرتير عام مكتب الإرشاد العام لجمعية الإخوان المسلمين في ذلك الوقت لزيارة فلسطين وسوريا ولبنان لنشر دعوة الإخوان المسلمين فيها وحضر وفد إلى فلسطين في 3/أغسطس/1935م زار أعضاؤه القدس والخليل واتصلوا بالزعماء الفلسطينيين ومن بينهم الحاج أمين الحسيني، وعبر عبد الرحمن الساعاتي عن إدراك الجمعية لخطورة الحركة الصهيونية ليس على فلسطين وحدها بل على العالم الإسلامي بقوله: لو سار المسلمون كما سرنا إلى أرض فلسطين ولو وقفوا أمام الحرم ومشوا في شوارع بيت المقدس ورأوا أسراب الرجال والنساء ونظروا إلى كتائب اليهود المنظمة وجيوش الصهيونية الظالمة تتجمع في فلسطين من سائر بقاع الأرض ثم لو نظروا كيف يتجمعون عند الحرم ويقفون عند حائط البراق الشريف فينفخ أحدهم في البوق خلافاً لكل عرف ونظام فيجيبه جمهور اليهود في العام المقبل يا إسرائيل لو نظر المسلمون ذلك وفهموا ما يرمي إليه اليهود من ورائه لتجافت جنوبهم عن المضاجع وسارعوا لإنقاذ الأقصى الشريف( ).
طالب أعضاء الوفد حسن البنا العمل على نشر مبادئ الجمعية وناشدوا أيضاً المفكرين المصريين توجيه انتباههم إلى القضية الفلسطينية ونادوا بتطوع المصريين للدفاع عن فلسطين وأن يرسل إليها الأموال والأدوية والأطباء وبعد أن أوضح أعضاء الوفد حقيقة الوضع في فلسطين حذروا اليهود "في العام المقبل يا إسرائيل بل غداً إن شاء الله يا شراد الليل ويا شر قابيل نجعل كيدكم في تضليل ونرسل عليكم حجارة من سجيل ونذيقكم أنواع العذاب الوبيل ولتعلمن نبأه بعد حين".
بعد زيارة الوفد لفلسطين أصبح المركز العام للإخوان المسلمين بالقاهرة منتدى لقادة المقاومة الفلسطينية لشرح أبعاد القضية وللتنسيق مع الجمعية جهودها لمساعدة فلسطين ورأت حركة الإخوان المسلمين أن المسلمين وحدهم هم القادرون على انتزاع الحق الفلسطيني المغتصب وأن الأجيال المسلمة القادمة هي التي سترفع كلمة الله عالياً في القدس الشريف وكان للحركة وجوداً حاضراً في الأقطار العربية المختلفة وكان حضورها قوياً في فلسطين.
كانت بداية انتشار حركة الإخوان في فلسطين في مطلع الأربعينات من القرن الماضي وتأسست شُعبها الأولى مراكزها أو وحداتها التنظيمية عام 1945م في حيفا ويافا وغزة والقدس والخليل وشكلت شُعب الإخوان المسلمين في فلسطين قوات غير نظامية منذ بداية الحرب عملت في أماكن استقرارها في الشمال والوسط تحت القيادات العربية المحلية تتبع جيش الإنقاذ أو جيش الجهاد المقدس وقد قامت بغارات ناجحة على مستعمرات اليهود وطرق مواصلاتهم على الرغم من الضعف الشديد الذي كانت تعانيه سواء في التسليح أو التدريب عملت مجموعات أخرى في المناطق الجنوبية وخصوصاً غزة وبئر السبع وانضم العديد من إخوان فلسطين إلى قوات الإخوان المصرية وشاركوا بقوة وفاعلية في معارك فلسطين ( ) وقد قدر عدد المجاهدين من أبناء المناطق الجنوبية في فلسطين حوالي ثمانمائة مجاهد حيث شاركوا تحت قيادة كامل الشريف الذي رافقه حوالي مائتي مجاهد من الإخوان المسلمين المصريين.
كانت أنشط شعب الإخوان مشاركة في الجهاد شعبة الإخوان المسلمين في يافا حيث كان هناك تنظيم عسكري سري خاص ضمن أعضاء الإخوان في يافا شارك فيه عدد محدود من الإخوان ممن يصلحون لهذا العمل ولم يكن باقي الإخوان أعضاء فيه أو يعلمون شيئاً عنه وقد ظهر نشاطه الجهادي مع بداية الحرب وعندما تشكلت لجنة قومية في يافا مع بدء الحرب شارك ضمن قيادتها ممثلاً عن الإخوان المسلمين رئيس الفرع هناك ظافر راغب الدجاني وقد ألفت هذه اللجنة لجاناً عديدة لتعنى بمختلف الشؤون في المدينة وقد أُسندت مهمة إدارة اللجنة الاقتصادية لظافر الدجاني الذي كان يشغل أيضاً رئاسة الغرفة التجارية في المدينة( ).
جاء كامل الشريف إلى منطقة يافا مع سرية من شباب الجامعات تولى هو قيادة مجاهدي الإخوان حيث تجمع تحت قيادته حوالي مائة مجاهد وتولى قيادة منطقة كرم التوت وتقع بين يافا وتل أبيب حيث وقعت معارك يومية بين المجاهدين واليهود و شارك الإخوان المسلمون في الهجوم على مستعمرة بتاح تكفا.
ما لبث كامل الشريف أن انتقل إلى منطقة النقب وكان للإخوان المسلمين في يافا قوات متحركة يبلغ عددها ثلاثون مجاهداً بقيادة حسن عبد الفتاح والحاج أحمد دولة وكان عندهم ثلاثين بندقية ورشاش ستن وقد كانوا يهبون لنجدة المواقع كلما دعت الحاجة وقد قام الإخوان أثناء الحرب بالدفاع عن مناطق البصة وتل الريش والعجمي والنـزهة في يافا فضلاً عن المحافظة على الأمن داخل المدينة كما يؤكد على الدور المشرف الذي قام به الإخوان في يافا حيث كان الالتزام بالإسلام من سماتهم وكان الدفاع والقتال عن إيمان بالله وفي منطقة القدس شارك إخوان فلسطين في القتال مع إخوانهم القادمين من البلاد العربية ومع قوات الجهاد المقدس( ).
الإخوان المسلمون ينتصرون لفلسطين (القاهرة 1941)
قامت مظاهرات القاهرة 1941م تأييداً لثورة رشيد علي كيلاني في تمكن البوليس السري المصري من اعتقال مجموعة كبيرة من طلاب الأزهر بعد اشتباكات عنيفة جرت بين القوات البريطانية والمتظاهرين في حي الأزهر ومحاولة احتلال السفارة البريطانية في القاهرة اعتقل عدد كبير من الطلاب العرب وسجنوا في سجن الأجانب في باب الخلق وظلوا في المعتقل ثلاثة شهور في مصر وتم ترحيلهم بالقطار إلى سجن صرفند في فلسطين واستمرت فترة اعتقالهم مدة أربعة أشهر ثم أطلق سراحهم بكفالة.
كانت التهم الموجهة لهم تأييد ثورة رشيد الكيلاني في العراق وطباعة منشورات وتحريض الشعب المصري على الإنجليز والتعاطف مع ألمانيا و كان من المعتقلين الشيخ هاشم الخزندار و الشيخ مشهور الضامن مفتي نابلس لاحقاً والشيخ علي دويك من الخليل والشيخ سالم النجدي من عرب السبع والشيخ مدحت فتفت من لبنان وعمل لاحقاً في السفارة اللبنانية في مصر الشيخ إبراهيم القطان قاضي القضاة في الأردن والشيخ مصطفى السباعي مرشد الإخوان المسلمين في سوريا والشيخ فارس حمداني والشيخ يوسف المشاري.
دور الإخوان المسلمين المصريين( ): كان اهتمام الإخوان المسلمين بتحرير فلسطين صادقاً ومرتكزاً على الإيمان الديني العميق ولأن الإخوان في مصر قد أصبحوا في تلك الفترة من أنشط الاتجاهات وأقواها فقد كان لهم الدور الأكثر قوة من بين إخوان الدول العربية المشاركين في حرب فلسطين وقبل إعلان الحرب قام الإخوان في مصر بمهمة تهيئة الشعب لفكرة الجهاد وانطلقوا في أرجاء القطر المصري داعين للجهاد في سبيل الله لإنقاذ الأرض المباركة كما قاموا بالعديد من المظاهرات والتي كان لها أثرها في زيادة وعي الجماهير بقضية فلسطين وقاموا بحملة لجمع التبرعات لفلسطين كما أخذوا يجوبون صحراء مصر الغربية لتوفير السلاح من بقايا الحرب العالمية الثانية للجهاد في فلسطين( ).
أبرق الشيخ حسن البنا في 9/أكتوبر/1947م إلى مجلس الجامعة العربية يقول إنه على استعداد لأن يبعث كدفعة أولى عشرة آلاف مجاهد من الإخوان إلى فلسطين وتقدم فوراً إلى حكومة النقراشي طالباً السماح لفوج من هؤلاء المجاهدين باجتياز الحدود ولكنها رفضت وفي 15/ديسمبر/1947م قام الإخوان بمظاهرة كبرى وممن خطب في هذه المظاهرة رياض الصالح والأميرفيصل بن عبد العزيز وجميل مردم بك وإسماعيل الأزهري وقد خطب أيضاً حسن البنا الذي أكد أن الإخوان المسلمين قد تبرعوا بعشرة آلاف متطوع للاستشهاد في فلسطين وهم على أتم استعداد لتلبية ندائكم, وبدأ الإخوان المسلمون المصريون بالتوجه فعلاً للجهاد في فلسطين منذ أكتوبر/1947م أي قبل بدء الحرب في فلسطين بأكثر من شهر.
سافرت أول كتيبة من الإخوان تحت إمرة محمد فرغلي وقيادة محمود لبيب والشيخ يوسف طلعت ومحمد عبده وحسن دوح وأحمد عبد العزيز وعبد المنعم عبد الرؤوف وزكي الورداني وكامل الشريف وعلي صديق وعلي شيحة ودخل معهم مجموعات من الإخوان المسلمين من ليبيا وتونس والسودان ومراكش واليمن لكن التضييق الشديد من الحكومة المصرية على سفر الإخوان قد جعل مشاركتهم محدودة.
اضطر الإخوان المسلمين للتحايل فاستأذنوا بعمل رحلة علمية إلى سيناء فأذنت لهم الحكومة بعد إلحاح شديد ومن هناك انطلقوا إلى فلسطين وأخذ الإخوان المسلمين يتسللون سراً حيث تجمعوا في معسكر النصيرات في وسط قطاع غزة وقاموا بأعمال جهادية في صحراء النقب وانضم للإخوان المسلمين الكثير من المجاهدين من عرب فلسطين حتى صاروا أضعاف عدد الإخوان المسلمين أنفسهم فيما بعد وبدأت حرب عصابات تُبشر بنجاح.
طلبت الحكومة المصرية من المركز العام للإخوان المسلمين سحب قواته من النقب فرفض الإخوان المسلمون فقطعت عنهم الحكومة الإمدادات والتموين وراقبت الحدود وجد الإخوان المسلمين من أهالي عرب فلسطين في غزة وخان يونس والبريج كل مساعدة وعون واشتد الضغط الشعبي على الحكومة المصرية مما أدى إلى السماح للمتطوعين بالمشاركة في الجهاد تحت راية الجامعة العربية حيث تدربوا في معسكر هاكستب وكان يشرف على حركة التطوع محمود لبيب وكيل الإخوان للشئون العسكرية وتألفت ثلاث كتائب من المتطوعين يقدر عددها بستمائة مقاتل نصفهم تقريباً من الإخوان المسلمين.
كان أبرز قادة هذه الكتائب أحمد عبد العزيز وعبد الجواد طبالة ولم يكن معسكر هاكستب يكفي لاستيعاب المتطوعين حيث إن المتطوعين كانت أعدادهم تزيد عن طاقة استيعاب ذلك المعسكر فأرسل الإخوان المسلمون مائة من أفرادهم ليتدربوا في معسكر قطنا في سوريا وهو كل ما استطاع المركز العام للإخوان أن يقنع الحكومة المصرية بقبوله وقد سافرت هذه الكتيبة عن طريق ميناء بورسعيد في 10/مارس/1948م وقبل مغادرتها خرجت بورسعيد عن بكرة أبيها لتحيَّتهم وتوديعهم وخطب الإمام حسن البنا في الجميع ومما قاله "هذه كتيبة الإخوان المسلمين المجاهدة بكل عددها وأسلحتها تتقدم للجهاد في سبيل الله ومقاتلة اليهود أعداء الإسلام والوطن ستذهب إلى سوريا حتى تنضم إلى باقي المجاهدين حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله وفي هذا فليتنافس المتنافسون" واستقبلت هذه الكتيبة في سوريا استقبالاً شعبياً كبيراً وكان في مقدمة المستقبلين المراقب العام للإخوان في سوريا مصطفى السباعي وعمر بهاء الدين الأميري والشيخ محمد الحامد وغيرهم وفي ظهر يوم الثلاثاء 23/مارس/1948م سافر حسن البنا إلى دمشق على متن طائرة لتفقد أحوال المتطوعين هناك.
قام الإخوان المسلمون بدور مشرف في حرب فلسطين خاصة في جنوب فلسطين في مناطق غزة ورفح وبئر السبع حيث كانوا يهاجمون المستعمرات ويقطعون مواصلات اليهود ومن أبرز المعارك التي شاركوا فيها هناك معركة التبة 86 التي يذكر العسكريون أنها هي التي حفظت قطاع غزة عربياً ومعركة كفار دوروم وهي مستوطنة يهودية على أطراف دير البلح واحتلال مستعمرة ياد مردخاي إلى الشمال من قرية بيت لاهيا.
أسهم الإخوان المسلمون بدور مهم في تخفيف الحصار عن القوات المصرية في الفالوجا وكانت مشاركتهم فعالة في معارك القدس وبيت لحم والخليل وخصوصاً صور باهر وكان من أبرز المعارك التي شاركوا فيها في تلك المناطق معركة رامات راحيل واسترجاع مار الياس وتدمير برج مستعمرة تل بيوت قرب بيت لحم والدفاع عن "تبة اليمن" التي سميت تبة الإخوان المسلمين نظراً للبطولة التي أبدوها وغيرها وقد استشهد من إخوان مصر في معارك فلسطين حوالي مائة وجرح نحو ذلك وأسر بعضهم وكانت وطأة الإخوان شديدة على اليهود وقد سئل موشي ديان بعد الحرب بقليل عن السبب الذي من أجله تجنب اليهود محاربة المتطوعين في بيت لحم والخليل والقدس فأجاب "إن الفدائيين يحاربون بعقيدة أقوى من عقيدتنا إنهم يريدون أن يستشهدوا ونحن نريد أن نبني أمة وقد جربنا قتالهم فكبدونا خسائر فادحة ولذا فنحن نحاول قدر الإمكان أن نتجنب الاشتباك بهم" وكتبت مجلة حائطية في الجامعة العبرية تعليقاً تحت صورة للشيخ حسن البنا جاء فيه "إن صاحب الصورة كان من أشد أعداء إسرائيل لدرجة أنه أرسل أتباعه عام 1948 من مصر ومن بعض البلدان العربية لمحاربتنا وكان دخولهم الحرب مزعجاً لإسرائيل لدرجة مخيفة ولذلك كان انتقام اليهود من الإخوان المسلمين رهيباً إذا وقعوا أسرى في أيديهم فقد كانوا يقتلونهم ويشوهون أجسادهم وقدمت حركة الإخوان المسلمين عدداً من الشهداء من خيرة شبابها منهم: عمر شاهين وعادل غانم ونبيل منصور وأحمد المنسي وعباس الأعسر لكن المؤلم حقيقة هو أمر اعتقال المئات من المصريين شاركوا ضمن الإخوان المسلمين حتى قبل عودتهم إلى مصر حيث تم حل جماعة الإخوان في مصر في ديسمبر قبل أن تنتهي المعارك وقد اغتيل عام 1949م النقراشي باشا على يد أحد شباب الإخوان المسلمين وهو عبد المجيد حسن واعتقل الشيخ سيد سابق وحقق معه لمدة طويلة بتهمة أنه أفتى بقتل النقراشي باشا ولكن المحكمة برأته وأخلت سبيله وقامت مخابرات القصر باغتيال حسن البنا نفسه في 11/فبراير/1949 قبل قليل من توقيعها اتفاقية الهدنة مع الكيان الصهيوني لإنهاء الحرب.
دور الإخوان المسلمين السوريين: قام الإخوان المسلمين في سورية بدور مشهود خصوصاً في معارك منطقة القدس وقد تدربت كتيبة الإخوان السوريين في قطنا ثم سافرت إلى منطقة القدس وقد شارك من الإخوان السوريين حوالي مائة مجاهد بقيادة المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا مصطفى السباعي وقد استبسلوا في معارك القدس مثل معركة باب الخليل التي أصيب فيها خمسة وثلاثون منهم بجراح وكان النصر معقوداً فيها للمجاهدين ومعركة القسطل حيث شارك فيها فوج منهم بقيادة المجاهد عبدَ القادر الحسيني ومعركة الحي القديم في القدس ومعركة القطمون ونسف الكنيس اليهودي الذي اتخذه اليهود مقراً حربياً وغيرها( ) وقد شارك الإخوان المسلمون السوريون فوضعت منطقة الشيخ جراح تحت مسئولية عدنان الدبس وكانت مسئولية الدفاع عن القطمون لكل من زهير الشاويش وكامل حتاحت كما تألف من الإخوان السوريين فريق لحفظ الأمن والانضباط في المدينة بقيادة الشيخ ضيف الله مراد ثم انضم إليه بعد انتهاء معارك القطمون زهير الشاويش الذي طارد اللصوص والفجار وأغلق الخمارات وأندية القمار وشعر السكان في المدينة بالأمن والطمأنينة إثر ذلك وجاء وفد منهم يشكرون الإخوان على جهودهم أما الإشراف على الاتصال بين المراكز وأمور السلاح والذخيرة فكان يشرف عليه لطفي السيروان وقد استشهد العديد من الإخوان السوريين في أثناء المعارك كما جُرح الكثيرون( ).
دور الإخوان المسلمين الأردنيين: تفاعل سكان شرق الأردن مع حرب فلسطين وشكل الإخوان المسلمون هناك لجنة لجمع التبرعات والمساعدات كما فتحوا باب التطوع للمشاركة في الجهاد وكان تجاوب الناس رائعاً فيذكر محمد عبد الرحمن خليفة أنه عندما فتح باب التطوع في شعبة السلط سجل أكثر من ثلاثة آلاف شخص أنفسهم وتكونت من إخوان منطقة عمان وما حولها سرية متطوعين تضم نحو مائة وعشرين مجاهداً من الإخوان المسلمين وسميت باسم سرية أبي عبيدة وقد تولى قيادتها الحاج عبد اللطيف أبو قورة المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن في تلك الفترة أما قيادتها العسكرية فقد تولاها الملازم المتقاعد ممدوح الصرايرة وقد دخلت فلسطين في 14/إبريل/1948م وتمركزت في عين كارم وصور باهر وقد خاضت هذه السرية عدة معارك واستشهد عدد من أفرادها منهم سالم المسلم وبشير سلطان وفي إربد تولى مسئول شعبة الإخوان هناك أحمد محمد الخطيب قيادة الإخوان فيها في حرب فلسطين وبلغ مجموع من شارك معه في الجهاد من إخوان إربد وأهلها المتطوعين حوالي مائة مجاهد بحيث كان يشترك في المعركة الواحدة من عشرين إلى خمسة وعشرين مجاهداً وكان إخوان إربد يقومون بمهاجمة المستعمرات القريبة من الحدود ويرجعون إلى إربد ثانية بعد القيام بعملياتهم وقد استشهد من إخوان إربد شهيدٌ واحد كما أصيب أحمد الخطيب بجراح خطيرة لكنه تماثل للشفاء بعد فترة طويلة.
دور الإخوان المسلمين العراقيين: بعد أسبوع واحد من قرار التقسيم أسهم الإخوان المسلمون في العراق بقيادة الشيخ محمد محمود الصواف بفعالية في تأسيس جمعية إنقاذ فلسطين في بغداد ولقد لبى نداء التطوع خمسة عشر ألفاً معظمهم ممن تدرب في الجندية أو الشرطة وكان للإخوان المسلمين في تلك الفترة دور أساسي في تعبئة الجماهير للجهاد وكانوا على رأس المظاهرات التي خرجت للتنديد بقرار تقسيم فلسطين والتي اشترك فيها مائتا ألف عراقي في بغداد وتألف من المتطوعين للجهاد فوجا الحسين والقادسية، وسرية المغاوير وغيرها وكلما تدرب فريق منهم كانت الجمعية ترسله إلى اللجنة العسكرية في دمشق.
وصلت أول سرية مغاوير إلى دمشق في 7/يناير/1948م وبعد أسبوع وصل فوجان آخران مع السلاح والعتاد وبينما كانت الجمعية تستعد لإرسال فوج جديد تلقت إنذاراً من اللجنة العسكرية بأن تكف عن إرسال المتطوعين حتى إشعار آخر كما أشار صالح جبر بعد أن وقع معاهدة بورتسموث بعدم إرسال أكثر من خمسمائة متطوع كما أن طه الهاشمي قال لرئيس الجمعية "إذا أرسلتم مدداً آخر من المتطوعين أعدتهم إلى بغداد على نفقة الجمعية!!" فاكتفت الجمعية بعد ذلك بإرسال التبرعات وقد كان الإخوان من أبرز عناصر هذه الجمعية وأنشطها وقد وصلت كتيبتا الحسين والقادسية من متطوعي العراق كل واحدة تتكون من ثلاثمائة وستين مقاتلاً إلى فلسطين في شهر مارس/1948م.
اشترك ضمن الأفواج التي ذهبت للجهاد الكثير من إخوان العراق الذين قاتلوا ضمن قوات جيش الإنقاذ.
دور الإخوان المسلمين في فلسطين: بدأت علاقة الإخوان المسلمين بالقضية الفلسطينية في وقت مبكر ففي عام 1935م أرسل الإمام حسن البنا أخاه إلى القدس للقاء بالحاج أمين الحسيني ومنذ ذلك اليوم أصبح الحاج أمين الحسيني الرئيس الفخري لحركة الإخوان المسلمين في فلسطين وفي عام 1936م شكلت حركة الإخوان المسلمين اللجنة المركزية لمساعدة أبناء فلسطين برئاسة الإمام حسن البنا كما شكلت اللجنة الطلابية للتعرف على القضية الفلسطينية وأرسل الضابط المتقاعد محمود لبيب 1945م لتدريب الشباب الفلسطيني على الأعمال العسكرية وإعادة تأهيل الهيئات شبه العسكرية مثل النجادة والفتوة.
عملت الحركة على إعداد الصفوة من المقاتلين وكان معهم البكباشي أحمد عبد العزيز الذي كان محاضراً في كلية الأركان المصرية وهو ضابط شجاع وشديد الثقة بنفسه ودينه وشعبه وجيش مصر هاجم بفيلقه مستوطنة كفار داروم في غزة بعد أن هاجمها متطوعو الإخوان المسلمين من قبل ولكنهم لم يتمكنوا منها لأن المستوطنة محصنة وفرض عليها حصاراً محكماً وأوقع قافلة كبيرة محملة بالجنود والعتاد في كمين وهي القافلة التي كانت قادمة لفك الحصار عن المستوطنة وقضى على كل أفرادها ثم استدرج رجال تلك المستعمرة للخروج من وحصونها وأسلاكها لنجدة القافلة فلقوا مصير أفراد القافلة التي أُبيدت كاملة أبيها وأوقع في صفوف رجال المستعمرة خسائر جسيمة وغنم خمس عشرة مصفحة مليئة بأحدث الأسلحة والذخائر وأفضل مواد التموين.
اشترك في هذه المعركة الشيخ محمد فرغلي ويوسف طلعت وحسن الميناوي وعبد الواحد أبو سبل وقد استشهد اثني عشر مجاهداً من كتيبة الشهيد أحمد عبد العزيز وهم من الإخوان المسلمين وعندما عقدت الهدنة لتسليم الجثث حضر القائد الإنجليزي لتفقدها الجثث فوقف مذهولاً لأنه لاحظ أن جميع الشهداء من الإخوان مصابون في صدورهم ودار نقاش علم منه القائد الإنجليزي أن من صفات المؤمنين أن يقبلوا في المعارك ولا يولوا الأدبار( ).
قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذّين كَفَروا زحفاً فلا تُولّوهم الأدبار ومَن يُولّهم يومئذٍ دُبره إلاَ مُتَحرفاً للقتال أو مُتحيزاً إلى فئةٍ فقد باء بغضبٍ مِنَ الله ومأواه جهنم وبئس المصير" صدق الله العظيم. سورة الأنفال آية 10
وحينئذٍ قال القائد الإنجليزي: "لو أن عندي ثلاثة آلاف رجل مثل هؤلاء لفتحت بهم الدنيا".
في نداء وجهه لواء أركان حرب أحمد فؤاد صادق قائد عام القوات المصرية بفلسطين للشعب الفلسطيني قال فيه:"لقد كان لموقفكم النبيل المشرف وإيمانكم بنصرة الحق أحسن الأثر في نفسي وفي نفس جنودي فلقد احتملتم متاعب الغارات وضحاياها كما احتملتم ضغط العدو بإذاعاته ومنشوراته الكاذبة ولقد وقفتم رابطي الجأش ثابتي العزيمة بالرغم مما لاقيتم من خسائر فباسمي واسم جنودي أشكركم أولاً وأهنئكم بهذا الإيمان وهذه العزيمة الصادقة".
كان للإخوان المسلمين دور مشرف في منطقة جبال الخليل فقد احتلوا مستعمرة رمات راحيل ودير مار الياس المشرف على طريق القدس بيت لحم ولا ننسى معركة تبة ستة وثمانين وبعد تراجع الجيش المصري إلى منطقة قطاع غزة حاولت القوات الصهيونية أن تقطع عليه الطريق من المنطقة الجنوبية فاحتلت القوات الإسرائيلية تبة ستة وثمانين التي تتحكم في الطريق وحاول الجيش المصري عدة مرات استرجاع تبة 86 ولكن محاولته في جميعها لم تنجح فاستعانت قيادة الجيش المصري بمجاهدي الإخوان المسلمين الذين سبق أن اعتقلتهم الحكومة المصرية في معتقل الهايكستيب وعندما وصلت قوات متطوعي الإخوان ارتفعت الروح المعنوية في الجيش المصري واستطاع متطوعي الإخوان المسلمين فك الحصار عن الجنوب وتحرير تبة 86 وكافأت الحكومة المصرية متطوعي الإخوان المسلمين باعتقالهم ثانية ووضعهم في السجون المصرية.
إن هؤلاء المناضلين مع إخوانهم من المتطوعين العرب ومتطوعي الإخوان المسلمين وبالاشتراك مع الجيش المصري والجيش السعودي قاموا باحتلال مستعمرة نحال عوز الواقعة إلى الشرق من مدينة غزة في النهار ولكن فاجأهم العدو من مخابئ تحت الأرض ليلاً فاستشهد في هذه المعركة عدد كبير يقدر بأكثر من مائتي رجل من الثوار والمتطوعين العرب من مصر والسودان والدول العربية.
كان الشيخ محمد فرغلي وعبد المنعم رءوف و يوسف طلعت كامل الشريف يلجئون لحل مشكلات الذخيرة وصناعة الأسلحة اليدوية وتصليح الأسلحة وتطويرها إلي ورش غزة ومن أصحاب هذه الورش محمد أسعد عاشور ورشدي خليل خضر وصبحي فيصل وإخوانه الذين كانوا يقومون بإصلاح الأسلحة وصناعة أسلحة محلية ويقومون بتصفيح السيارات وتصليح الآليات المعطوبة غنم متطوعو من الإخوان المسلمين كمية من ذخيرة المورتر في بعض المواقع مع الصهاينة وعادوا بها إلى غزة حيث تم صناعة مدفع لقذائف المورتر في ورش غزة كما صنع راجمة قنابل استخدمت في العمليات العسكرية التي خاضها الإخوان المسلمون تجاوز عدد المتطوعين من الإخوان المسلمين المصريين في قطاع غزة الألفين.
كان للإخوان المسلمين مركزاً في البريج وآخر في دير البلح وقد رافق الشيخ محمد فرغلي الإمام حسن البنا في جولات ميدانية على خطوط القتال في فلسطين.
وكان من مبعوثي الإخوان المسلمين لفلسطين الشيخ معز عبد الستار وسعيد رمضان والشيخ سيد سابق ومحمود الصباغ ويذكر أنه بتاريخ 28/فبراير/1948م أقامت جماعة الإخوان المسلمين معسكراً لتدريب الشباب الفلسطيني في القاهرة وكان عددهم أربعمائة وستين متطوعاً أغلبهم من النجادة والفتوة.
راية الجهاد بعد البنا: تركت نكبة فلسطين عام 1948م أسوأ الأثر على حركة الإخوان المسلمين حيث قررت الحكومة المصرية حلها بتاريخ 8/ديسمبر/1949م وقرر المتطوعون من الإخوان المسلمين مواصلة الجهاد إلى جانب الجيش المصري.
نظم الإخوان المسلمون والشيخ هاشم الخزندار ومعه الحاج إبراهيم أبو معيلق وعبد الرحمن جمعة الإفرنجي وموسى أبو عبيد وسلامة الهّزيل قوافل التموين إلى الثوار المحاصرين في الفالوجة وقد كانت الحامية المصرية في أمس الحاجة لتزويدها بالسلاح والذخيرة والمؤن وكان عرب بئر سبع خير أدلاء وبواسطتهم تمكن الإخوان من معرفة الطرق والمدقات وباستخدامهم الجمال استطاعوا أن يؤمنوا عشرات القوافل إلى المحاصرين في الفالوجة.
من المساعدات الجليلة التي قدمها متطوعو الإخوان المسلمين من أهالي غزة والنقب للقوات المصرية العسكرية إرشاد قوات الجيش المصري للطرق والمدقات لخرق الحصار وإجلاء الجرحى واستطاع شباب الإخوان المسلمين والثوار الفلسطينيون خلال فترة الحصار إدخال أكثر من سبع عشرة قافلة محملة بالمؤن والدواء والسلاح.
كانت حكومة محمود فهمي النقراشي باشا في 11/يونيو/1948 قد قررت مصادرة أسلحة الهيئة العربية وجيش الإنقاذ في قطاع غزة وأيضاً حكومة إبراهيم عبد الهادي 1949 أكدت على القرار السابق وأصدرت أمراً باعتقال جميع أفراد الإخوان المسلمين ومصادرة أسلحتهم التي غنموها أثناء الحرب أو التي اشتروها من بقايا الحرب العالمية الثانية سواء من العلمين أو من فلسطين وقد كانت كمية الأسلحة معدة لتسليح المواطنين في قطاع غزة في حالة فشل الجيوش العربية ضد اليهود وحينما علم الإخوان المسلمون بأمر الاعتقال والمصادرة تم تكليف كل من الشيخ هاشم الخزندار والشيخ عبد الله أبو ستة والشيخ فريح المصدر والشيخ حسن الإفرنجي والشيخ عبد الله أبو مزيد وقيادات الإخوان المسلمين بالعمل على إخفاء الأسلحة وقد تم ذلك في أراضي أعضاء حركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة وبيوتهم ومصانعهم واعتقل أفراد الإخوان المسلمين وتم ترحيلهم إلى السجون فوراً كما صودرت كميات من الأسلحة التي اكتشفت مخازنها حين ذاك من قبل السلطات المصرية ( ).
الحركة الإسلامية في مصر وفلسطين: كان لعبد المنعم رؤوف صلة وثيقة مع الثوار من أبناء الحركة الإسلامية في مصر و عمل مع إخوانه على تدريب المناضلين الفلسطينيين في معسكرات الجيش المصري وكان التدريب العملي يتم في دوريات داخل الأرض المحتلة في فلسطين مع إخوانهم الثوار الذين يقومون بدوريات استطلاع تحركات العدو ورصدها وزرع الألغام لقوافل الصهاينة.
قام عبد المنعم رءوف بتنظيم العمال الفلسطينيين الذين يعملون في معسكرات الجيش المصري وتأطيرهم في رفح والعريش منهم: محمد أبو سيدو وعثمان أبو سيدو وموسى سبيته وفهمي صقر وعايش عميرة قدم كذلك عبد القادر عودة وكيل الإخوان المسلمين في القاهرة وأحمد القصاص من قيادات الإخوان المسلمين في القنطرة ومحمود رياض مدير المخابرات الحربية في غزة وزهدي أبو العز مأمور قسم شرطة سيناء الوسط والمسئول عن شئون البدو مساعدات كبيره للمناضلين الفلسطينيين في حركة الإخوان المسلمين.
الإخوان المسلمون وشيوخ القبائل في النقب 1947م: استقبلت عشائر النقب متطوعي الإخوان المسلمين القادمين من سيناء أحسن استقبال وأكرموا وفادتهم ووفروا لهم العتاد والمقاتلين الذين حافظوا على مدينة بئر السبع أكثر من ستة أشهر ومن هؤلاء العشائر: عشيرة الترابين وعشيرة النصيرات وعشيرة التياها وعشيرة السوراكة وعشيرة العزازمة.
كان من مشايخ العرب المجاهدين الشيخ حسين أبو ستة والشيخ فريح المصدر الشيخ حسن الإفرنجي والشيخ حسين أبو عمرة والشيخ عودة الصوفي وعلي العطاونة وعودة أبو رقيق وفرحان محفوظ وسالم الطلاع وجميل الوحيدي ومصطفى فريح أبو مدين وإبراهيم أبو ستة ويوسف الوحيدي وعبد السلام العطاونة وسعيد أبو عويلي وهلال عيد وعودة أبو عاذرة ولطفي العكاوى.
بعثة الوعظ والإرشاد المصرية إلى غزة: بعثت الحكومة المصرية بعد نكبة فلسطين 1948 إلى غزة بعثة وعظ وإرشاد تتكون من علماء الأزهر أمثال: الشيخ محمد الغزالي والشيخ محمد الأباصيري والشيخ محمد جعفر والشيخ حسن الباقوري والشيخ عطية صقر والشيخ عبد الله المشد والشيخ محمد عيد وكانوا حلقة الوصل بين تنظيم الإخوان في مصر وتنظيم الإخوان في غزة وكانت الزعامة المحلية لحركة الإخوان المسلمين في غزة تعمل بعلم وتنسيق مع علماء البعثة الأزهرية في مجال الوعظ والإرشاد ولكن هذه الزعامة المحلية عملت بصمت وروية في الخفاء وتحركت في مجال التعبئة والتنظيم والتدريب دون علم بعثة الوعظ والإرشاد تحسباً لتقلب الظروف السياسية التي كانت تحكم المنطقة( ).
ثورة يوليو 1952م والإخوان المسلمين: كان الرئيس جمال عبد الناصر عضواً في جماعة الإخوان المسلمين عام 1941م وعضواً في تنظيم الضباط عام 1943 حيث تم إنشاء تنظيم سري في عام 1943 داخل الجيش المصري وسُميّ تنظيم الإخوان الضباط بعد موافقة الأستاذ حسن البنا وعُين الصاغ محمود لبيب ليكون حلقة الاتصال بين جمعية الإخوان المسلمين وبين تنظيم الإخوان الضباط واستمر هذا التنظيم حتى عام 1949م فاقترح الصاغ محمود لبيب اسماً جديداً له تنظيم الضباط الأحرار ومن كبار الضباط المصريين من الإخوان المسلمين الذين عملوا في فلسطين عبد المنعم رءوف ومحمود رياض وجمال عبد الناصر ومصطفى متولي وأنور السادات وأبوالمكارم عبد الحي وعبد المنعم واصل وكمال حسين ورءوف فهمي و[حسين حمود] وأحمد أبو الفتوح.
عقب قيام الثورة المصرية عام 1952م عاد الإخوان المسلمون إلى الظهور بقوة نظراً لوجود علاقات وطيدة بينهم وبين معظم رجال الثورة الذين كان أغلبهم إما منتمياً لحركة الإخوان المسلمين أو متعاطفاً معها وفي فترة الرضا والتوافق بين رجالات الثورة وحركة الإخوان المسلمين.
أصدرت حركة الإخوان المسلمين عام 1954م في مدينة غزة صحيفة سياسية أسبوعية ناطقة باسم حركة الإخوان المسلمين وكان رئيس تحريرها الدكتور صالح مطر أبو كميل وشارك عدد كبير من المنتمين لحركة الإخوان المسلمين وأنصارها ومنهم: هارون هاشم الرشيد وخليل الوزير وصلاح خلف وإضافة إلى عدد من الكتّاب منهم منير الريس وموسى الصوراني وعبد الله رشماوي.
كان لتطور الأحداث لاحقاً بين قيادة الثورة والإخوان المسلمين أثر بالغ في توقف الجريدة عن الصدور عام 1961 مما أدى إلى الاصطدام والمواجهة بين الطرفين تمثل ذلك في اختلاف قيادة الإخوان المسلمين مع الحكومة المصرية على اتفاقية الجلاء وموقف الحكومة من الحياة الديمقراطية وبعد فشل محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في 4/مايو/1954م حاول الإخوان المسلمين التفاهم مع جمال عبد الناصر فقام حسن الهضيبي المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين بإرسال رسالة إلى رئيس مجلس الوزراء جمال عبد الناصر يشرح فيها خطوط الالتقاء مع الثورة المصرية( ) محاولاً إيجاد صيغة تفاهم بين حركة الإخوان المسلمين والحكومة المصرية( ).
جمعية الإخوان المسلمين في قطاع غزة
تشكلت هذه الجمعية وسط تلك الظروف الصعبة وقد تكونت الهيئة الإدارية من كل من: الشيخ عمر صوان رئيس الإخوان المسلمين في غزة ونجيب جويقل نائباً له وهو الشرقية بمصر والشيخ هاشم الخزندار والحاج صادق المزيني وحسين الثوابتة وزكي السوسي وكامل مشتهى ويوسف عميرة وأحمد فرج وأسعد حسنية وصبحي السرحي ومحمد أبو سيدو وعبد الرحمن القيشاوي وحسين الشوا وسليم مراد وحسن النخال وزهدي أبو شعبان ومحمد محمود الشوا والشيخ عبد الله القيشاوي وعيد ملكة ومحمود عابد وعلي هاشم رشيد ومصباح الزميلي أما اللجنة المركزية لحركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة 1952م - 1955م فتكونت من كل من: الشيخ محمد الغزالي ومأمون الهضيبي والشيخ هاشم الخزندار والحاج صادق المزيني وزكي السوسي ومحمد أبو شرار وحسن النخالة وزكي الحداد وكامل مشتهى وكمال ثابت وعلي هاشم رشيد وزهدي أبو شعبان وكان لحركة الإخوان المسلمين عدة شعب في مدينة غزة ومدن القطاع الأخرى ومنها:
شعبة الرمال برئاسة الشيخ هاشم الخزندار وشعبة الشجاعية برئاسة كامل مشتهى وشعبة الزيتون برئاسة صبحي السرحي وشعبة الدرج برئاسة الشيخ عمر صوان.
المكتب العام الذي كان يشرف على قسم العمال وقسم الطلاب وكان من القيادة في مكتب العمال منير عجور وأما في قسم الطلاب كان سليم الزعنون ومعاذ عابد وصلاح خلف وأسعد الصفطاوي وسعيد المزين وفتحي البلعاوي ورياض الزعنون ومحمد المدهون وأما قسم التربية البدنية والكشافة الجهاز العسكري فقد كان تحت إمرة إسماعيل القدرة ويساعده كل من: كمال عدوان وإسماعيل القدوة وخليل الوزير وعلي القوقا ومحمد مقداد أما الجهاز المالي فكان تحت إمرة الشيخ هاشم الخزندار.
مكتب التوجيه والإرشاد-المكتب العام: كان عدد كبير من الشعب الفلسطيني منخرطاً في حركة الإخوان المسلمين منهم: الشيخ هاشم الخزندار ( )والشيخ عمر صوان وظافر الشوا والشيخ حسين الشوا وصادق المزيني وجمعة حماد وقنديل شبير وهانى بسيسو وحسين الثوابتة وزكي السوسي وكامل مشتهى واسعد حسنية واحمد فرج وصبحي السرحي وهاشم حسن النخالة وكامل الشريف ونبيل جويفل ويوسف عميرة ومنير عجور وخليل زعرب وغانم الشوا وصفوت النونو وأحمد ياسين وعبد الرحمن بارود وبكر الخزندار وعيسى عكيلة وعيد ملكة وعلي هاشم رشيد ومحمد أبو شرار وكمال ثابت وعايش عميرة وإسماعيل القدوة وعلي القوقا ومحمد مقداد ومحمد المدهون وعبد الرحمن القيشاوي ونجيب الخزندار وعبد الحي القيشاوي وعادل فيصل وعبد الفتاح دخان وحماد الحسنات ومصطفى أبو القمصان وإبراهيم اليازوري وعبد الله أبو عزة وعمر كردية والشيخ أحمد ياسين ومحمد الخالدي وعبد الكريم مهاني ونهاد البورنو وداود أبو جبارة وشكري الجرجاوي ومحمد حسن الشوا وعبد الرحمن سكيك وكمال صقر وفهمي صقر ومنير مراد ومحمد صبحي مراد ومحمد أحمد حمدان ومحمد المخللاتي ومحمود المخللاتي ومحمد البدري ومحمود صيام وعثمان أبو سيدو وخضر أبو سيدو ومحمد أبو سيدو ومحمد نوفل وموسى اسبيته وحسن النخالة وزهدي أبو شعبان وفايز أبو شرخ فتحي أبو شرخ والشيخ رجب العطار وإبراهيم السلوت والشيخ محمود حسن ومحمد العزازي وإبراهيم الميقاتي ومحمد أبو حطب وصالح أبو حطب وعمر أبو شرخ وعودة الثوابتة وجميل العشي وإسماعيل الخالدي وسليم مراد ومحمود عابد ومصباح الزميلي وزهدي ساق الله وكمال الوحيدي سلامـة المبيض ومحمد جاد الله وسالم غربية وشعبان البغدادي ومطيع البغدادي وعبد الكريم الضاش ونور الدين الفرا وعيد الأغا وجاسر الأغا ونصر أحمد خليل ومحمد دبور الشيخ محمد وناجي السعافين ومحمد محمود صيام والشيخ حافظ البطة والشيخ حسن العقاد ويوسف السطري ومحمد صقر وعبد القادر إبراهيم البزم قيطة وحمدان سالم حمدان أبو زايد وماجد صادق المزيني والشيخ حسن البطة وسليم العباسي وفتحي الحايك ومحمد زيارة وخليل صرصور وياسر عرفات القدوة وخليل الوزير وصلاح خلف ومحمد يوسف النجـار وفتحي البلعاوي وعبد الله صيام وعبد الفتاح الحمود وأسعد الصفطاوي وكمال عدوان والشيخ محمد أبو سردانة ومحمود مقداد ومحمد حرب عليان وعبد المجيد الأسمر وأحمـد رجب عبد المجيـد وعبد الله العبادلة وصدقي العبادلة وحمدان عاشور وحسن عبد الحميد صالح وسليم الزعنون ورياض الزعنون وسعيد المسحال وعوني القيشاوي وأحمد فاضل الملاح وأحمد الإفرنجي وعرفة سكيك وغالب الوزير وعرفات أبو سكران وسعيد المزين ومحمد علي الأعرج ومعاذ عابد وناهض الريس وعبد أبو مراحيل وصلاح سكيك وهندي الشوبكي ومحمد جرادة ومحمود عابد وسليمان الشرفا وسليمان أبو كرش وصبحي أبو كرش وممدوح صيدم وحسن صرصور وإبراهيم علي خضر( ).
التشكيلات: نظام التشكيلات في حركة الإخوان المسلمين: الأسرة -الشعبة -الكتيبة –المركز العام
الأسرة: تتكون من عشرة أشخاص.
الشعبة: تجمع أسر منطقة الشعبة.
الكتيبة: مجموعة مختارة من شباب الإخوان المسلمين وعددهم أربعون.
المركز العام: المسئول عن الأسر والشعب والكتائب وفيه قسم الطلاب وقسم العمال وقسم التربية المدنية وقسم الكشافة والجهاز المالي وكانت التعليمات إلى الأسر والكتائب: الفهم والإخلاص والعمل و الجهاد و لتضحية والطاعة والثبات والتجرد والأخوة والثقة( ).
النظام الخاص المعروف بالجهاز السري: تم تشكيل الجهاز الخاص في حركة الإخوان المسلمين لمحاربة الإنجليز واليهود في مصر وفلسطين ويعمل النظام الخاص بالتشكيلات بالخفاء وتلوذ بالسرية المطلقة وكان أفراد التنظيم لا يعرفون بعضهم إلا في أضيق الحدود وكان عملهم على أساس خلايا صغيرة لا يعرف أحدها شيئاً عن الأخرى وتتم المبايعة في النظام السري على السمع والطاعة والكتمان وبذل الدم والمال مقسمين على ذلك على المصحف والمسدس وكان من قيادة النظام الخاص في مصر: عبد الرحمن السندي وصالح عشماوي وأحمد حسنين وحسني عبد الباري وطاهر عماد الدين وعلى حسين الحريري ومحمود الصباغ وأحمد الملاط وأحمد زكي حسني ومحمد فرغلي النخليلي وأحمد عادل كمال ومحمد أحمد على وعمل النظام الخاص من الإخوان المسلمين ضد اليهود في المنطقة مابين البحر الأحمر إلى منطقة بئر السبع على الحدود المصرية في عام 1952-1953 وقد شاركت في العمليات قبائل العزازمة والسواركة والرميلات والبياضية في صحراء النقب وقطاع غزة.
كان امتداد عمل النظام الخاص إلى قطاع غزة أن اتخذ تنظيم الإخوان المسلمين بأساليبه وبدأ باختيار النوايات الصلبة من شباب الإخوان المسلمين في قطاع غزة وذلك في أخذ البيعة من جديد في غرفة مظلمة من أداء يمين القسم على المصحف والمسدس.
وجاءت عمليات الإخوان المسلمين في قطاع غزة ضد العدو الإسرائيلي عبر حدود الأراضي المحتلة وكان من أبرزها زرع الألغام ضد وسائل النقل المدنية والعسكرية الإسرائيلية ونسف المنشآت وتخريب خطوط المياه والكهرباء.
كانت الأعمال الفدائية التي يتخذها شباب الإخوان المسلمين تهدف إلى تخريب سياسة التفاهم الأمريكية المصرية وإبعاد شبح مشروعات التوطين وكانت تقوم بالتنسيق العسكري مع تنظيم الإخوان المسلمين في مصر للحصول على الألغام والسلاح والذخيرة والأموال والتي يحصلون عليها من رجال المقاومة من حركة الإخوان المسلمين في حرب القنال( ).
جمعية التوحيد: عندما قامت الحكومة المصرية بحل جمعية الإخوان المسلمين عام 1950م قامت قيادة الإخوان المسلمين بتشكيل إطار علني بديـل هو جمعية التوحيـد التي اتخذها الإخـوان المسلمون واجهة لنشاطاتهم السرية منذ نهاية حرب فلسطين وكانت مصر في حالة غليان ناشئة عن موقف الإخوان المسلمين ضد الحكومة المصرية واتهامها بالتقصير في حرب فلسطين وفى أوج النزاع بين الإخوان والحكومة المصرية واغتيال زعيم حركة الإخوان الإمام حسن البنا بعد أن اغتيل رئيس الوزراء المصري النقراشي باشا عام 1948م تعرض أعضاء حركة إخوان المسلمين للسجن والتعذيب وقد كانوا قوة كبرى لها جذور قوية في الوسط الشعبي في مصر مما أضعف الملك فاروق ومهد لسقوط الملكية في مصر وكان على رأس الإخوان المسلمين في غزة الشيخ عمر صوان الذي تلقى علومه في الأزهر ودرس الحقوق في استانبول وشغل منصب رئيس بلدية غزة حتى أعفته الحكومة المصرية من منصبه لانتمائه لحركة إخوان المسلمين وظل حتى آخر حياته وفياً لمبادئه.
كان ظافر الشوا سكرتيراً للإخوان المسلمين وقد ترأس هذه الجمعية الجديدة وهي جمعية رفعت شعار: " لا اله إلا الله محمد رسول الله إن الدين عند الله الإسلام" وكان من أعضائها: عوني القيشاوي وسليم الزعنون وعرفة سكيك وهاشم حسين النخالة وسليمان الشرفا وجواد محمد عرفات ووصفي عبد المجيد وأحمد فاضل الملاحي وعبد الرحمن القيشاوي وصلاح خلف وعزت مكي وحسن النخالة وكانت هذه الجمعية ستاراً لنشاط الإخوان المسلمين والدعوة واستقطب الذين تفرغوا لتطور جمعية التوحيد شباب حركة الإخوان المسلمين.
كانت هذه الجمعية بعيدة كل البعد عن السياسة والإخوان المسلمين ونشاطاتها محصورة في الدعوة الإسلامية والنشاطات الثقافية والرياضية والخيرية واستمرت هذه الجمعية في نشاطها رغم عودة حركة الإخوان المسلمين للحياة السياسية فقد حافظت حركة الإخوان المسلمين على الجمعية لاستمرار حالة الصراع مع السلطة المصرية وقد استمر وجود جمعية التوحيد رغم نزوح الكثير من قيادتها واستمرت قيادة الإخوان في الإشراف على نشاطها إلا أن السلطات المصرية اكتشفت هوية الجمعية لاحقاً فأغلقتها عام 1958م( ).
فتح من رحم الإخوان المسلمين
كانت ولادة حركة فتح في خضم العمليات الفدائية في غزة في أوائل الخمسينات من رحم حركة الإخوان المسلمين( ) وعلى قاعدة الصراع السياسي الفكري التي عاشتها حركة الإخوان المسلمين.
كان الشيخ هاشم على رأس مظاهرة نظمتها حركه الإخوان المسلمين في عام 1953 انطلقت من محطة السكة الحديد بحي الشجاعية بغزة طالبت الحاكم العسكري المصري بالتجنيد وكان شعار هذه المظاهرة جندونا تجدونا وقدم مذكرة إلى الحاكم العسكري المصري جاء فيها باسمي وباسم إخواني من أهالي قطاع غزة نطلب من الحكومة المصرية فتح باب التجنيد لتحويلنا من مهاجرين إلى مجاهدين نرفض أن يتحول الغذاء إلى سلاح للاستسلام ولا تنازل عن عودتنا إلى فلسطين" مما حذا الحكومة المصرية لتشكيل كتيبة فلسطينية كـ11 حرس حدود فلسطين.
كانت حركة الإخوان المسلمين قد شكلت فرقاً مسلحة سرية لتحرير فلسطين ومنها:
1- كتيبة الحق: خليل الوزير ومحمد الإفرنجي وحسن عبد المجيد وعبد أبو مراحيل وحمد العايدي.
2- كتيبة شباب الثأر الأحرار: صلاح خلف وأسعد الصفطاوي وسعيد المزين وعمر أبو الخير وإسماعيل السويرجي وإسماعيل النونو( ).
وفي بداية 1950م تأسست رابطة الطلاب الفلسطينيين في القاهرة بجهود عناصر الإخوان المسلمين من أبناء فلسطين وقد حرصت حركة الإخوان المسلمين على مد نفوذها إلى قطاع الطلبة في المدارس والجامعات والاتحادات والمؤسسات في قطاع غزة ومصر.
كان أعضاء الهيئة الإدارية لهذه الرابطة: ياسر عرفات وصلاح خلف وعبد الفتاح الحمود وفتحي البلعاوي وحسام أبو شعبان وبشير البرغوثي وعزت عودة وحسني زعرب وزهير العلمي ورجب القدسي وخميس شاهين ونديم النحوي وقنديل شبير ونجيب أبو لبن وفايز الحزينة وناجي الأسطل وكامل الشوربجي وتوفيق شديد وهاني البورنو وعدنان الريس وعيد الأغا ومحمد يونس وفاتح نجيب وأسعد الصفطاوي والشيخ سليم شراب وهشام العلمي وقد تمكن شباب الرابطة من الاتصال بالعالم الخارجي فقد مثلت الرابطة في مؤتمر اتحاد الطلاب العالمي المنعقد في وارسو عام 1955م ومؤتمر اتحاد الطلاب العالمي الثاني المنعقد في موسكو عام 1956م( ).
كما حصلت الرابطة على دعم الهيئة العربية العليا والحاج أمين الحسيني وعلى دعم مالي من المملكة العربية السعودية وقام وفد من رابطة اتحاد الطلبة بمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر وطالبوا بتسليح المواطنين في قطاع غزة وكان لرابطة الطلاب الفلسطينيين وجود حاضر منذ بداية الخمسينات واشترك أعضاء الرابطة في دعم المقاومة السرية في غزة عام 1956م وفي المظاهرات ضد التدويل وكان لحركة الإخوان المسلمين دور فاعل في هذه الرابطة سواء في نشاط الهيئة الإدارية أم في العلاقات الخارجية في داخل الوطن وخارجه.
قامت رابطة الطلاب الفلسطينيين في عام 1955م بتشكيل نواة لتجمع فلسطيني كان يسيطر عليه فكر الطلبة الذين اطلعوا على تجربة شباب الثأر الأحرار وكتيبة الحق وهي الخلايا المسلحة لتنظيم إخوان مسلمين والاطلاع على تجربة الإخوان المسلمين( ) وعلى تجربة الهيئة العليا الحاج أمين الحسيني وكان عددهم في هذه النواة محدوداً ياسر عرفات وعبد الفتاح الحمود وكمال عدوان وصلاح خلف وخميس شاهين.
كانت النواة المركزية موجودة في غزة والتي شاركت في التصدي لمشروع التوطين ومشروع التدويل وحركة المقاومة في عام 1956م و على رأسهم الشيخ هاشم الخزندار و محمد يوسف النجار وفتحي البلعاوي وعبد المجيد الأسمر ومعاذ عابد ومحمد الإفرنجي وسعيد المزين وماجد صادق المزيني ومحمد مقداد وأحمد رجب عبد المجيد وسليم الزعنون وغالب الوزير ومنير عجور وكانت هذه المجموعة قد طرحت فكرة إنشاء تنظيم مستقل أثناء تجربة جبهة المقاومة الشعبية في عام 1956م وثم وضع الأساس العملي لتطوير هذا التنظيم بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة وحضور شباب رابطة الطلاب الفلسطينيين من القاهرة إلى القطاع أصبحت فكرة إنشاء تنظيم فتح مطروحة منذ عام 1957م كان هناك نشاط للإخوان المسلمين في مدارس الحكومة والوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين وقد وافقت الحكومة المصرية على تأسيس نقابة المعلمين في عام 1954م.
في أول انتخابات لنقابة المعلمين فاز الإخوان المسلمون بأغلب مقاعدها وكان منهم: فتحي البلعاوي وصلاح خلف ومحمود مقداد ومحمد حرب وأسعد الصفطاوي وكانت نقابة المعلمين محطة هامة لتجميع الإخوان المسلمين وحرص ومنبراً إسلامياً ضد الفكر اليساري ومنها انبثقت قيادات حركة فتح وقد لعبت نقابة المعلمين دوراً هاماً في قيادة حركة فتح في قطاع غزة وكانت الرئة العلنية التي نما من خلالها رافد من روافد الحركة الوطنية الفلسطينية( ).
بدأت مغادرة كوادر الإخوان المسلمين وهروبهم هرب كامل الشريف وعبد المنعم رءوف وجمعة حماد والشيخ محمد أبو سردانة إلى الأردن وكان الحظر الذي فُرض على الإخوان المسلمين في عام 1954م وحملات المطاردة والسجن دفعت عدداً كبيراً من قادة جماعة الإخوان المسلمين وكوادرها إلى الهجرة واتجه عدد آخر منهم للانخراط في الحلقات الأولى لحركة حركة فتح في قطاع غزة وخارجه في الدول العربية على الرغم من احتفاظهم ببعض الولاء والتعاطف والاعتزاز بتجربتهم مع حركة الإخوان المسلمين( ).
حافظ قادة فتح على علاقاتهم بالإخوان المسلمين وطوروها إلى تحالفات بين الحركتين في لبنان والأردن وعمل قادة حركة فتح على المحافظة عليها ليكون الإخوان حليفاً احتياطياً لحركة فتح في فلسطين والدول العربية ضد التحالفات القائمة بين فصائل حركة المقاومة الفلسطينية والأنظمة العربية.
غير أن إفساح الحكومة المصرية المجال للتيارات القومية واليسارية وهجرة العديد من الكفاءات والرموز البارزة للإخوان المسلمين إلى الخارج وخصوصاً إلى دول الخليج أضعف من قوة حركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة وهمّش دورها منذ أواخر الخمسينيات وحتى عام 1967م وقد استمر سلوك الحركة الإسلامية العام للمحافظة على النفس والتركيز على الجوانب الإيمانية والتربوية غير أن هذا لم يمنع من ظهور تساؤلات وسط الصف الشبابي الإخواني عن وسائل العمل الممكنة لتحرير فلسطين فأخذ يظهر توجه للقيام بعمل منظم مسلح لا يتخذ أشكالاً إسلامية ظاهرة وإنما يتبنى أطراً وطنية عامة تمكن من تجنيد قطاع واسع من الشباب ولا تصطدم بعداء الأنظمة وملاحقتها( ).
قدم شباب الإخوان المسلمين العاملون في المجموعات المسلحة كتيبة مثل الحق وشباب الثأر الأحرار مشروعاً بذلك إلى قيادة الإخوان المسلمين في غزة لكن لم يحصلوا على رد مقنع من القيادة( ) وفي المقابل شكلت تجربة الثورة الجزائرية بارقة أمل ودفعة معنوية كبيرة للقيام بعمل وطني وقد كانت هذه هي البذور الأولى لنشأة حركة فتح التي خرجت من حركة الإخوان المسلمين وبالذات من أبناء قطاع غزة( ).
رغم عدم استجابة العديد من المسئولين في حركة الإخوان المسلمين إلا أن عدداً من ذوي المكانة والاحترام من بين القيادات الميدانية للإخوان المسلمين اقتنعوا بهذا التصور منهم الشيخ هاشم الخزندار والحاج صادق المزيني وهاني بسيسو وتمكنوا من التأثير على عدد كبير من الأعضاء من الإخوان المسلمين الذين كانوا يعتبرون هذه الحركة رصيداً لهم وكان الإخوان ينفذون عمليات نضالية العدو الصهيوني في المناطق الحدودية المتاخمة لقطاع غزة.
ظلت قيادة الإخوان المسلمين في غزة مشرفة إشرافاً كاملاً على حركة فتح بوجود ثلاثة أعضاء تعينهم بنفسها وفي عام 1963 لم تلتزم حركة فتح بأوامر الإخوان المسلمين فأمرت قيادة الإخوان المسلمين عناصرها بالانفصال عنها وخيّروهم بين إحدى الجهتين إما ولائهم لحركة الإخوان المسلمين أو لحركة فتح فانتهت بذلك لأول مرة علاقة فتح والإخوان المسلمين.
توسعت الحركة في تجنيد العناصر من التيارات المختلفة واستفادت حركة فتح من ضرب مصر لحركة الإخوان المسلمين وسجن قياداتها وتشريدهم وأصبحت تملك الجرأة والثقة لرفض التوجه لحركة الإخوان المسلمين فمن وقت مبكر سعت حركة فتح إلى وضع خط مستقل في التعبئة والتنظيم عن حركة الإخوان المسلمين، وفي وقت لاحق استقطب الرعيل المؤسس في فتح بعثيين وقوميين وتيارات أخرى.
المعروف أن حركة الإخوان المسلمين حركة شعبية مفتوحة اجتذبت قطاعات واسعة من المجتمع وخصوصاً الشباب بسبب دعوتها الأقرب إلى فطرة الناس وبسبب مواقفها الوطنية ومشاركة أفرادها البطولية في حرب 1948 فضلاً عن نشاط أفرادها في الجوانب الاجتماعية والخيرية ولذلك كانت الحركة الشعبية الأولى في قطاع غزة والمعروف أن أفراد الإخوان المسلمين يتفقون على الأطر العامة للفكرة الإسلامية وأن هناك تركيزاً على التربية الإيمانية والسلوكية ومعاني الانضباط والطاعة لجميع الأفراد وقد أسهم ذلك في انفضاض الكثيرين عندما تعرضت حركة الإخوان المسلمين لضغط والملاحقة من مصر عام 1954 وقد ظل هؤلاء يحملون في تاريخهم أنهم يوماً ما كانوا في جماعة الإخوان المسلمين.
كان كثير من الأفراد قد انضموا إلى الإخوان المسلمين باعتبارها حركة تمثل طموحهم الوطني ورغبتهم الملحّة في الجهاد لاسترداد فلسطين وعندما لم تستطع هذه الحركة التعبير عن هذا المشروع بسبب ظروفها الخاصة فإنهم سعوا إلى إيجاد مشروع وطني يتجاوز هذه الظروف ويلبي رغبتهم الملحّة في العمل الجهادي النضالي ويبدو أن ظروف حركة الإخوان في أواخر الخمسينيات لم تمكنها من تحقيق قدر من التماسك والانضباط التنظيمي مما سهَّل على الشخصيات التي انتمت لمشروع حركة فتح أن تجند الكثير من أعضاء حركة الإخوان المسلمين الذين حافظ الكثير منهم بعد انضمامهم إلى حركة فتح على تدينهم الشخصي( ).
كانت هزيمة 1967م صدمة حقيقية جعلت شعبنا الفلسطيني يبحث عن أسباب الهزيمة فالثورة الفلسطينية أصبحت موقعاً جديداً على درب النضال ضد المحتل الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية وغدت أمل الجماهير بعد هزيمة الأنظمة العربية الرسمية وبعد أن فشلت الأحزاب السـياسة كلياً في فلسطـين والوطن العربي في الوقوف أمام الإعصار الإسرائيلي.
رأى الإخوان المسلمون ضرورة تغيير إستراتيجية الجهاد وفكروا في بناء قاعدة شعبية في الأراضي المحتلة بعد هزيمة 1967م لحركتهم والتحضير جيداً لصراع طويل مع الاحتلال والمقاومة بشكلٍ مباشر وكان اهتمامهم موجهاً لإنقاذ أخلاق الشباب وتنقيتها مما لحق من تأثيرات الاحتلال في النواحي الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وفي السبعينات أعيد ترتيب الوضع التنظيمي للإخوان المسلمين.
توسعت الحركة في صفوف الطلاب الذكور والإناث في المساجد وهي ركائز أساسية في تربية المجتمع وفي معالجة التشوهات التي سببها الاحتلال وجرى استقطاب الناس في المساجد وتعبئتهم دينياً ووطنياً وبنيت مؤسسات اجتماعية ترعى نشاطات الشباب الرياضية والثقافية وتقدم خدمات إلى الفقراء والأيتام( ).
امتد نشاط الإخوان المسلمين إلى الأراضي المحتلة لعقد دورات تعليمية وتنظيمية وندوات لشرح أمور الإسلام وتهيئ جيلاً إسلامياً في داخل الأراضي المحتلة لعام 1948م.
وكان ظهور الإخوان المسلمين من جديد عام 1968م في معسكرات حركة فتح حيث قام الإخوان المسلمون الموجودون في مصر ولبنان وسورية والأردن والعراق واليمن والسودان ودول الخليج بالتفاهم مع ياسر عرفات شخصياً لصلته بإخوان المسلمين فعملوا تحت مظلة حركة فتح في تنظيم معسكرات تدريبية للشباب المسلم وبقيت بعض هذه المعسكرات في الأردن حتى أيلول في 1970م.
لعب الحاج أمين الحسيني دوراً واضحاً في التفاهم بين الإخوان المسلميـن وياسر عرفات وعلى أي حال فقد كانت هناك مشاركة محدودة للإخوان المسلمين في معسكرات حركة فتح في الأردن 1968م-1970م وتم تدريب حوالي ثلاثمائة رجل توزعوا على سبع قواعد فدائية ورغم محدودية إمكاناتهم فقد قدموا نماذج مشرفة فخاضوا عمليات قوية ناجحة مثل الحزام الأخضر 31/أغسطس/1969م ودير ياسين 14/سبتمبر/1969م وسيد قطب 28/أغسطس/1970 واستشهد منهم حوالي ثلاثة عشر متطوعاً( ).
الإخوان المسلمين وتأسيس المجمع الإسلامي
كان موقف الإخوان المسلمين في فلسطين متعاطفاً بل ومتضامناً مع الشعب المصري رغم ما تعرضوا له في عام 1965م من النظام المصري.
اعتبروا أن هزيمة عام 1967م انتقام من الله لبعد نظام الحكم في مصر عنه بعدما حلت جماعة الإخوان المسلمين وأعدمت قيادتها وزجت كوادرها في السجون والمعتقلات وألغي دورها السياسي في مصر وجاء تواصل الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية مع أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948م و انتقال مركز ثقل الإخوان المسلمين من مصر إلى الأردن مما عجل في احياء الفكر الديني والمعاني الإسلامية هذه التغيرات أعادت لجماعة الإخوان المسلمين نشاطها فعملت على إنشاء الجمعيات الخيرية ولجان الزكاة والمدارس والنوادي الرياضية والمكتبات الإسلامية وكان وجودهم واضحاً في الجامعات في قطاع غزة والضفة الغربية .
ابتدأت علاقة الشيخ هاشم الخزندار مع المجمع الإسلامي مبكرة فقد كان على إطلاع ومشورة بتأسيس المجمع عام 1973م كان على اتصال بالشيخ سليم شراب والشيخ أحمد ياسين وقد ساعدهم بالمال وقدم لهم مواد البناء وكان الشيخ أحمد ياسين قد رشح لقيادة الحركة بعد الأستاذ إسماعيل الخالدي الذي غادر القطاع عام 1968م بعد أن رسخ جهده لأحياء الحركة الإسلامية من جديد وقد قام الشيخ هاشم الخزندار باستخراج ترخيص لجمعية عثمانية باسم المجمع الإسلامي.
وكان من أعضاء المجمع الإسلامي في بداياته كل من: أحمد دلول وإسماعيل أبو العوف وأسعد حسنية ومصطفى عبد العال وعبد الحي عبد العال ولطفي شبير ويعقوب أبو كويك وأحمد أبو الكأس.
أسهم الشيخ سليم شراب في تأسيس المجمع الإسلامي وفتح باب المملكة العربية السعودية في وجه الطلاب الفلسطينيين بالعمل على توفير المنح الدراسية لهم وقد كان الشيخ سليم شراب أحد أوائل الدعاة في قطاع غزة ومن نشطاء الإخوان المسلمين هو من أسس جامع جورة الشمس في مدينة غزة ودعم إقامة كلية الشريعة في باقة الغربية وهي الكلية التي خرّجت كوادر الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948م وعمل على توأمتها مع الجامعات السعودية وقد كان مقرباً من الشيخ عبد العزيز بن باز والذي ساعد بن باز في الحصول على المساعدات النقدية والمنح الطلابية الهادفة إلى تطوير الكادر الطلابي الإسلامي بين الطلاب الفلسطينيين في الدول العربية وقد عرف الشيخ سليم شراب ناشطاً في قرى فلسطين ومدنها من شمالها إلى جنوبها في سبيل الدعوة الإسلامية .
وقد وعي الشيخ هاشم الخزندار أن هذه المجموعة هي الشُعلة التي ستعطي المد للحركة الإسلامية في فلسطين وقد أعطت هذه الحركة الأمل للشعب الفلسطيني بالنصر بعد فقدان القدس وإحراق المسجد الأقصى وتنامى الوعي الديني في الصراع العربي الإسرائيلي الذي اثبت للمسلمين أن إسرائيل اليوم ليست إلا نسخة من الحروب الصليبية.
عمل المجمع الإسلامي على إيقاظ الصحوة الإسلامية كرد طبيعي على التحدي والهيمنة الإسرائيلية وتخليص المجتمع العربي الفلسطيني من حالة الخضوع والاغتراب والتردي والظلم والقهر وإعادة الطابع العربي الإسلامي إلى الشعب الفلسطيني.
مع تنامي الوعي الديني في فلسطين وشدة القمع الإسرائيلي وممارسات الاحتلال ومصادرة الأراضي وطرد المواطنين وهدم بيوتهم وكذلك القيم الغربية المشوهة التي جلبها الاحتلال إلى فلسطين كان هناك صعوداً في فكر الجماعات الدينية اليهودية فصار معروفاًَ أن الصراع مع اليهود إنما هو صراع ديني تعززه الجماعات المسيحية اليمينية في أوروبا وأمريكا.
أصبح لعرب فلسطين المحتلة لعام 1948م مركز ثقل إسلامي فعملوا على إنشاء جمعيات وأطر إسلامية وقاموا بإصلاح الجوامع وتنظيف المقابر ونشر الوعي الديني بين الشباب المسلم وكان الانفتاح على الأردن وتشابك العلاقات وتشعبها أعطي الفكر الإسلامي اتجاها قوياً وملموساً في الأراضي الفلسطينية.
رغم تضييق الخناق على المقاومة الفلسطينية في الأردن والتجائها إلى لبنان والخلاف بين منظمة التحرير الفلسطينية والإخوان المسلمين إلا أن قادة حركة فتح في الخارج والداخل حافظوا قدر المستطاع على علاقات مودة مع قيادة الإخوان المسلمين والعلاقات الطيبة مع المملكة العربية السعودية الجهة الداعمة والراعية لحركة الإخوان المسلمين.
حرصت قيادة فتح علي أن وجود حيف لها في داخل الأرض المحتلة وخارجها وعلى الساحات العربية وذلك لتغير طبيعة التحالفات القائمة بين فصائل المقاومة الفلسطينية واتجهت قيادة فتح إلى إقامة تحالفات مع الاتجاه الإسلامي لمواجهة التحالفات المتنافسة في داخل حركة فتح وفي قيادة منظمة التحرير ولمواجهة التنظيمات السياسية في الأراضي المحتلة من أجل احتواء التيارات الإسلامية لعلمهم بالثقل الجماهيري للحركة الإسلامية.
اتصل خليل الوزير بالشيخ هاشم الخزندار وحثّه على الاتصال بالقيادات الشابة من الإخوان المسلمين وفي عام 1972م أُرسل خليل الوزير جوازات سفر يمنية مزورة للشيخ أحمد ياسين والأستاذ محمد نوفل وطلب خليل الوزير مقابلتهم في بيروت أو في أي مكان يرغبون به .
كان رد الأستاذ ممحمد نوفل بالاعتذار لأسبابٍ صحية وعائلية أما الشيخ أحمد ياسين فقد قام بتقطيع جواز السفر وقال: "إنه لا يتعامل مع الطاغوت ولا يتعامل إلا مع جهة تحكم باسم الله ومرجعيتها القرآن الكريم ولا يأتمن جانب كل العلمانيين!"( ).
كان رأي الشيخ هاشم الخزندار أن خليل الوزير يسعى إلى تجميع القوى الإسلامية للرد على التيار اليساري في الأراضي المحتلة وفي الخارج وعندما اجتمع الشيخ هاشم الخزندار مع خليل الوزير وقيادة حركة فتح في دمشق قال: لهم إن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والأراضي المحتلة 1948م لديهم نزعة دينية وأن عرب فلسطين 1948م أشد توجهاً للإسلام فالإسلام بجاذبيته أقوى عامل محرك في المجتمع الفلسطيني.
وفي المقابل نفى خليل الوزير أن يكون هدفه العمل على تجيير عمل الجماعات والحركات الإسلامية في فلسطين لصالح حركة فتح بل أنه في حقيقة الأمر يريد استثمار كل الجوانب التاريخية والثقافية والاجتماعية والسياسية للحركة الإسلامية في الصراع مع العدو الصهيون ثم أردف قائلاً أن الإسلام سيصبح القوة الأساسية في مواجهة الاحتلال الصهيوني ولكن لا يقدر وحده أن يغير مفهوم حركة فتح في ظل الوفاق العالمي ووجود الاتحاد السوفيتي وانتشار الفكر اليساري في سوريا والعراق وما لهم من قوة وتأثير على منظمات المحسوبة عليهم.
لقد رحل الشيخ هاشم الخزندار مغدوراً بيد آثمة كما رحل من بعده خليل الوزير مغدوراً بيد العدو الصهيوني وعملائه وقد تحققت نظراتهم ورؤياهم بظهور التيار الإسلامي في قطاع غزة والضفة الغربية والأراضي المحتلة لعام 1948م.
برز دور المجمع الإسلامي في قطاع غزة بقيادة الشيخ أحمد ياسين وفي سنة 1983م قبض على الشيخ أحمد ياسين وعدد من رفاقه بعد اكتشاف مخزن أسلحة في أحد المساجد بتهمة تكوين تنظيم مسلح معادٍ لإسرائيل.
أما حركة الجهاد الإسلامي فكان أبناؤها المؤسسون أعضاء في الإخوان المسلمين حيث تكونت نواتهم الأساسية من الطلبة الفلسطينيين الدارسين في مصر في أواخر السبعينيات برئاسة د. فتحي الشقاقي وبدئوا تشكيلاتهم في فلسطين منذ 1980م ودعوا إلى الإسلام ( ) .
المراجع
1 - د. رفعت السعيد: حسن البنا متى... كيف... لماذا؟- دمشق 1977- الطبعة الأولى.
2 - زياد أبو عمرو: أصول الحركات السياسية في قطاع غزة 1948-1967 – دار الأسوار -عكا- 1987 ص61.
3 - عبد الفتاح حسن دخان: الإخوان المسلمون وقضية فلسطين في القرن العشرين- الجزء الثاني - مركز النور للبحوث والدراسات- الطبعة الأولى- غزة- فلسطين- حزيران/2004م.
4 -زياد أبو عمرو: الحركة الإسلامية في الضفة الغربية وقطاع غزة- دار الأسوار- عكا 1989- ص 19 وما بعدها.
5 -عبد الفتاح حسن دخان: الإخوان المسلمون وقضية فلسطين في القرن العشرين- الجزء الأول - مركز النور للبحوث والدراسات- الطبعة الأولى- غزة- فلسطين- حزيران/2004م.
6 - د. يوسف القرضاوي: الإخوان المسلمون 70 عاماً في الدعوة والتربية والجهاد- مؤسسة الرسالة- الطبعة الأولى- بيروت 2001.
7 – د. زياد أبو عمرو: أصول الحركات السياسية في قطاع غزة 1948-1967 – دار الأسوار -عكا- 1987 - ص83.
8 -كامل الشريف: الإخوان المسلمين في حرب فلسطين- مطابع دار التوزيع والنشر الإسلامية- القاهرة- الطبعة الثانية 1986- ص45-65 وص201-271.
9 - مصطفى السباعي: جهادنا في فلسطين- دار الوراق- بيروت- ط1 -2000- ص23 وما بعدها.
10 - مصطفى السباعي: "جهادنا في فلسطين "- ص170 وما بعدها.
11 - إبراهيم خليل سكيك:" غزة عبر التاريخ- العمليات الحربية في الديار الغزة" – الجزء الخامس 1981- ص148.
12 - معلومات مستقاة من السادة أسعد حسنية- صفوت النونو- عبد الرحمن سكيك- مشهور الضامن.
13 - زياد أبو عمرو:" أصول الحركات السياسية" - ص 69-71.
14 - محمد سليمان: الصحافة في قطاع غزة (1886-1994) وزارة الإعلام- رام الله 2001 صـ17.
15 - عاطف إبراهيم عدوان: سياسة الإدارة المصرية تجاه الحركة الإسلامية في قطاع غزة- ط1- دار التيسير للطباعة والنشر والتوزيع 1997- ص6-7.
16 - أحمد عادل كمال: الإخوان المسلمون والنظام الخاص- الزهراء القاهرة- 1986- ص335 وما بعدها.
17 - معلومات مستقاة من السادة أحمد حسنية - بكر الخزندار- زهدي ساق الله- إبراهيم علي خضر.
18 - د. أمين بن محسن بن علي جابر: الطريق إلى جماعة المسلمين- الطبعة الخامسة 1992- مطابع الوفار- المنصورة.
19 - عبد الله أبو عزة: مع الحركة الإسلامية في الدول العربية- الطبعة الثانية 1992- دار القلم للنشر والتوزيع- الكويت- صـ24-26.
20 - عاطف إبراهيم عدوان: " سياسة الإدارة المصرية تجاه الحركة الإسلامية في قطاع غزة " -ص5 وما بعدها.
21 - زياد أبو عمرو: أصول الحركات السياسية في قطاع غزة 1948-1967 - صـ85-94.
22 - زياد أبو عمرو: أصول الحركات السياسية في قطاع غزة 1948-1967 -ص77-78.
23 -صلاح خلف: "فلسطيني بلا هوية" ،كاظمة الكويت، الطبعة الأولى 1980، ص50-51.
24 -زياد أبو عمرو: " أصول الحركات السياسية في قطاع غزة 1948-1967 " ص77.
25 -زياد أبو عمرو: أصول الحركات السياسية في قطاع غزة 1948-1967 - ص75.
26 -معلومات مستقاة من السيد عطايا الطيبي- فوزي بيدس- بكر الخزندار.
27 -عبد الله أبوعزة: "مع الحركة الإسلامية في الدول العربية" ، صـ71-73.
28 -زياد أبو عمرو: " أصول الحركات السياسية في قطاع غزة 1948-1967 "صـ76-79.
29 -مجلة شئون فلسطينية: العدد 17/نوفمبر/1973 ص 47- فتح- الميلاد- المسيرة- حديث مع كمال عدوان.
30 -كمال عدوان في حديث مع طاهر عبد الحكيم نشر بعنوان فتح .. الميلاد .. والمسيرة .. حديث مع كمال عدوان- مجلة شئون فلسطينية
العدد 17- يناير/1973- صـ47.
31 -معلومات مستقاة من الشيخ أحمد ياسين.
32 -زياد أبو عمرو: أصول الحركات السياسية في قطاع غزة 1948-1967 "، صـ85-94.
33 - محسن الخزندار"فلسطين في عيون الامام –صفحات منسية من كفاح الشعب الفلسطيني " ،غزة ،الطبعة الأولى 2008
- المصدر: أدباء الشام
|
|
|
|
مواقع إخبارية |
الجناح العسكري . الجناح السياسي |
الجناح الطلابي الجناح الاجتماعي
|