علي نويتو.. ذكريات حادثة المنشية
أسباب وأبعاد الاعتقال
سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى حلقة جديدة من برنامج زيارة خاصة نحن الآن في مدينة الإسماعيلية امصرية وفكرت وأنا قادم إلى هنا كم أن التاريخ يكرر نفسه فقبل أكثر من نصف قرن حصلت اعتقالات كثيرة بتهمة محاولة الانقلاب وقتل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر واليوم بعد أكثر من نصف قرن الاعتقالات مستمرة والتهم تقريبا هي نفسها المساس بأمن الدولة يسعدني أن أستضيف رجلا دخل إلى السجن وهو في السادسة والعشرين من العمر وخرج منه بعد عشرين عاما المهندس الشيخ علي نويتو غريبة قصة علي نويتو هكذا فكرت حينما تعرفت على هذا الشيخ امصري الذي تقدم به العمر حتى شارع على ثمانين لا يزال متقدا كنار متحفزا كأسد ضاحكا كمن عاش في نعيم الحياة بينما هو عاش في جحيمها خلف قضبان السجون علي نويتو الذي كان في الطلائع الأولى لشبيبة الإخوان المسلمين في مصر وأمضى زهرة عمره في السجن إلى جانب محمد مهدي عاكف المرشد العام الحالي لجماعة الإخوان المسلمين لا يزال يبتسم ويضحك ويحب الحياة كمن يكتشفها للمرة الأولى وبين هواية الرسم التي أتقنها بالعلم في مدرسة الفنون التطبيقية العليا وحلم الحياة الذي صقله بالصوفية تارة وبالانتماء إلى جماعة الإخوان أخرى كادت حياته تضيع بعد أن أعتقل في أعقاب ما تعرف بحادثة المنشية الشهيرة حيث اتهمت جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر كان علي نويتو ليلة اعتقاله في السينما.
علي نويتو: لية ما اتقبض علي قلت أيه أبعد عن إمبابة خالص رحت السيدة زينت دخلت السينما كان فيلم اسمه أيه..
سامي كليب [مقاطعاً]: السيدة المتوحشة.
علي نويتو: "آن الأميرة المتوحشة" هندي الحادثة حصلت يوم الثلاثاء الكلام ده يوم الخميس بالليل ثاني أنا متقبض علي مع إمبابة كلها قبضوا عليها في ليلة واحدة كل إمبابة.
سامي كليب: طيب غريب أنه قبض على كل أهالي إمبابة إلا أنت.
علي نويتو: تمام كده ليه بقى خذ بالك أنا رحت المساحة أنا قلت لك أنا كنت رايح بحثه ألمانيا مفيش ألمانيا بقى خلاص رحت المساحة يوم الثلاثاء يوم الحادث ورحت الأربعاء وشعب الجرائد اللي طلعت ثاني يوم رحت الخميس وشفت الجرائد الثانية وفى الخميس بالليل رحت السينما اللي هي السيدة زينت رجعت الساعة واحدة ونصف جالي المخبر بعدها..
سامي كليب [مقاطعاً]: كعضو في الإخوان المسلمين كان مسموح أن تذهب على السينما؟
علي نويتو: بقولك أيه السينما قلنا زي الكوباية خلاص ما فيها يديها حكمها.
سامي كليب: طيب كويس.
علي نويتو: يعني كل القياس ده على كل ده..
سامي كليب [مقاطعاً]: بس آن السيدة المتوحشة يعني..
علي نويتو: آه ماشي.
سامي كليب: مش ممكن.
علي نويتو: {وآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} خلاص {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} فأيه فجالي بقى حسين زهران كان منوفي ولديه الاثنين من الإخوان ولاده الاثنين من الإخوان في قسم العمال عندنا في الإخوان في المنيرة فجالي بالليل وقال لي عاوزين خمس دقائق طلعوا عشرين سنة بمقياس ريختر الدقيقة بأربع سنين خمس دقائق بس تعالى عايزينك خمس دقائق فكان بدء القبض علي في يوم الخميس بعد الحادث بثلاثة أيام.
سامي كليب: كثير من الذين اعتقلوا بعد حادثة المنشية لم يعرفوا حتى اليوم سر اعتقالهم فالمحاكمات كانت سريعة وذهب البعض ضحية البعض الآخر ولكن الأكيد أن لا دخان دون رماد ونار فعلي نويتو لم يكن بريئا 100% وهو كان يحتل منصب رديفا لرئيس فصيل منطقته إمبابة في جماعة الإخوان المسلمين وكان يعمل بالسر مع رفاق له في إعادة توزيع قواعد الجماعة وعنده اختبأ عبد المنعم عبد الرؤوف أحد أوائل الضباط الأحرار وجسر العلاقة بين عبد الناصر والإخوان المسلمين آنذاك لا بل أن نويتو كان قبيل اعتقاله ناقلا رسالة من عبد الرؤوف إلى عاكف.
علي نويتو: فبقي أيه مجاش عاكف الميعاد المواعيد متخرش المية فأكبر غلطة غلطتها أنني أنا توجهت لمسكنه على طول فورا بس كان لسه محطوش حد ليصطاد كل اللي ييجي دخلت الشقة لفتها كلها وخرجت بعد ما أنا خرجت خطوا واخد بالك خلاص كان لسه قابضين عليه اتقبض عليه قبلينا إحنا بحوالي ثلاثة شهور أربع شهور وموتوه في السجن الحربي جوه وأشاعوا بره أنه مات وفعلا كان مات واللي أحياه يهودي أسمه أوري شيفتو.
سامي كليب: أين أخذت في اليوم الأول؟
علي نويتو: على حجز إمبابة وجدته مكتظ والمكاتب مكتظة لأنه في ليلة واحدة قبضوا على كل إمبابة حتى اللي ماشي على كوبري إمامة يعني أيه جابو كل إمبابة فالمكاتب كلها مليانه بتاعة القسم دخلوني فين بقى في الحجز وما أدراك ما الحجز مليان جثث ناس خطيت مناخيري تحت الشباك تحت عقب الباب كده علشان أشم نفس مخلوط بالصنانة على القاذورات والحاجات دي كلها بس أيه عاوز أيه أدي أول حاجة فين في حجز إمبابة بعد حجز إمبابة دار القضاء العالي.
سامي كليب: في هذه الفترة تعرضت للضرب؟
علي نويتو: لا هنا مفيش ضرب كفاية أنك أنت جاي ببدلتك وجايب حاجتك كلها وجاي أيه من نعيم مترف واخد بالك لأيه للطين للصنان مش لاقي تتنفس مكبوس بناس فوقيك وتحتيك واخد بالك الحاجات دي كلها يعني كانت نقلة صعبة أوي بعدها دار القضاء العالي اللي هي كانت مختلطة قبل كده في الأسعاف دي حصل فيها تحقيق وحصل فيها ضرب خلاص.
سامي كليب: شو كانت الأسئلة؟
علي نويتو: الأسئلة كانت أنت من جامعة الإخوان المسلمين أه أنت واخد بالك في النظام الخاص بتاعهم مفيش حاجة اسمها نظام خالص دي مجموعات ده علشان خاطر حرب واحد بالك يعني عشان حرب الإنجليز وحرب كل الناس اللي هم طيب أخذوني على القلعة ثاني مرحلة..
سامي كليب [مقاطعاً]: كان الضرب.
علي نويتو: المبرح فين القلعة.
سامي كليب: المبرح قوي يعني؟
علي نويتو: التخويف الأخر إرهاب وتخويف الثانية بقى في القلعة دي بقى وما أدراك ما القلعة قليلة الحياء ولغاية اليوم قالعة لسة ملبستش من ساعتها من ساعة ما بناها محمد على قالعة لغاية ده الوقت.
سامي كليب: هي نفسها قلعة محمد علي بس فيها التعذيب.
علي نويتو: أه قالعة الهدوم بتاعتها أه واخد بالك في سجن فوق لغاية اليوم كل ما بصلاح سالم اللي كنت فيه ده أبص له كده أتذكر ييجي الشريط على طول اللي حصل فوق.
سامي كليب: شو حصل خبرنا؟ لأنه طبعا الناس نسيت التاريخ من خمسين سنة.
علي نويتو: أه أكثر من خمسين سنة.
سامي كليب: ستين سنة؟
علي نويتو: فأيه كل ما أمر أفتكر لما كانت الزنزانة فيها ماء والدنيا ثلج وعاملين شيلف كده رف علشان تنط تقعد فوق بعيد عن الماء مطلوش تقع في الماء واخد بالك وبعدين في وسط الكرب ده أبص ألاقي في عين صغيرة في الخشب واحد بيقول لي مين اللي جوه الدنيا ثلج بالليل قلت له علي نويتو سامع كده أو مش سامع خذ بالك مين اللي جوه بصوت خافت علي نويتو.
سامي كليب: مين كان؟
علي نويتو: مين كان بقى شوف الآيات بتاعة ربنا سبحانه وتعالى.
سامي كليب: ليكون عاكف.
علي نويتو: لا عاكف استوى في السجن الحربي مات وسأقول لك اللي حصل له أيه المهم أنه أيه فيه كان بيحضر معايا في المنية سجان اسمه عبد العظيم الشحيمي كان راجل طيب ويحضر معانا الدروس في المسجد خلال أتاريخ هو أيه ماسك النبطشية بالليل في القلعة فوق فعاوز يعرف لما عارف أنو أنا انقبض علي فعاوز يعرف فين طلع علي نويتو وراح جاب لي خرطوم وشاي ساخن وقال اشرب شوف رحمة ربنا ده له معي حكاية ثانية ما خرجنا من جنهم الحمراء السجن الحربي ورحنا الجنة لومان طره المسألة نسبية زي ما بيقول انيشتني خد بالك ما كنا فيه كان جهنم ما أولنا إليه كان جنة مع أنها بيخفوفوا بيه مصر كلها.
سامي كليب: ولكن سجن القلعة يعني غير المياه كان فيه تعذيب.
علي نويتو: لا كان كان فيه سأقول لسيادتك..
سامي كليب [مقاطعاً]: مثلا مثل شو؟
علي نويتو: لا دي لما كنت مسجون في السجن الحربي في القلعة بقى التحقيقات خلاص التحقيقات أيه بقى عنينها عليها بتاع ده أسمه أيه اللي بيحطوه على البهائم لما تيجي تلف.
سامي كليب: طبيعي يعني يغطو العيون.
علي نويتو: يغطوا بأيه بحصواية تحت وشادين عليها فبتخش جوه يعني تتغرز جوه الإنسان العين آلام شديدة جدا علشان ما تشفوش حاجة في حاجة اسمها العروسة أو اسمها في الجيش الجندالي أجندلك يعني أيه أحطك على العروسة كده وأجندلك وحاجة اسمها بقى أيه الكرباج السوداني ده ماشي في حاجة اسمها الفلكة فيا أكثر من حبل وكل حبل فيه عقد الضربة بمئات الضربات كل عقدة واخد بالك وفيه حاجة اسمها يحط الطوق هنا وفيه أيه القنب أنت عارف حبل القنب من النخل اللي كله شوك الحبل تخين وفيه عقد ويفضلوا يربطوا فيه لما أنت أيه يتهيأ لك أنها طارت وكل ده يزرق.
سامي كليب: لما كنت تتعرض لهذا النوع من التعذيب تعترف يعني تقول ما لديك من معلومات؟
علي نويتو: أنا قلت أكثر أنا قلت اللي هما عايزينه هأقول لك حطني تحت عنوان أيه ضرب بالشوم الغشيم حتى تلف فاعترف بما اقترف وما لم يقترف ثاني ضرب بالشوم الغشيم يعني أيه كل شومة فيها بزوز كثيرة الضربة الواحدة بمئات الضربات طخ ضرب بالشوم الغشيم حتى تلف فاعترف بما اقترف وما لم يقترف ده عنوان للتتر بقى ماشي فبقى أيه وبيتفننوا بقى في التعذيب يعني مثلا يصرفلي أيه يقول له أيه أديله عشر كرابيج على العروسة..
سامي كليب [مقاطعاً]: عشر كرابيج؟
علي نويتو: أه كرباج على ظهري بالجلد على الظهر يقوم هو مش مدي عشرة سلم موسيقي يوصل لغاية تسعة ميوصلش عشرة ثمانية سبعة ستة خمسة أربعة ثلاثة اثنين واحد اثنين ثلاثة اربعة تسعة ما يوصل ميه بقى مفتوح بقى مش عشرة في غيرهم بقى رأفة ورحمة واحد يخش علي الزنزانة من السجانه برده اللي بيضربوا يقول لي مش عاوز أضربك أنا سأضرب الكرباج في الأرض وأنت صرخ هل يستوي ده مع ده لأ ده رحمة أصرخ أنا بقى خذ بالك يقول ده بيضربوه جوه خلاص.
سامي كليب: كان عمرك تقريبا بلغ 26 سنة.
علي نويتو: أه 26 سنة يعني كنت راشد كانت رايح ألمانيا بعثة.
سامي كليب: فيه بعض الأشخاص توفوا تحت التعذيب.
علي نويتو: نعم.
سامي كليب: مين مثلا.
علي نويتو: زكريا البشتولي عليه رحمة الله واخد بالك ده في السجن الحربي وانت داخل تأخذ وجبه الأول علشان تعرف أنك أنت في جهنم الزبانية على اليمين وعلى الشمال في المدخل بالكرابيج خلاص يضربك ده تروج تستجير هنا كالمستجير من الرمضاء بالنار طاخ طاخ تتكسر الأول تعرف أنك أنت دخلت جهنم خلاص الداخل مفقود والخارج مولود ضرب و عذاب تسمع ولا تنام ولا تأكل تجويع أنا شفت بعيني لما جيت من الإعدام شفت بعيني خلاص بقى إحنا هنعدم يعني سنتلكم في الإعدام بقى.
سامي كليب: طيب ولكن حين كان يصل التعذيب إلى هذه الدرجة يعني بماذا كنت تفكر؟
علي نويتو: أفكر في الآتي..
سامي كليب [مقاطعاً]: تفكر أن تموت مثلا؟
" فكرت بالانتحار من شدة التعذيب الذي كنت فيه لكن الله عصمني من ذلك التفكير " علي نويتو: لا أنا فكرت مره في الحكاية دي بس اللي وقفني أيه خوفي من الله دماغي دي عملوا فيها الحبل ده أزرق كله دي طارت مني يعني خد بالك مش أيه وبعدين رص بالكرابيج والفلكة ورموني في الحمام حطوا عليه مادة بيضاء ومن ضمن وسائل التعذيب مراية طويلة من السقف لغاية الأرض تشوف نفسك مشلفط اللي حصلك خلصت خذ بالك فده عذاب كمان فوق العذاب أما ببص كده في النهاية تلاقي نهر النيل وأمام القلعة مجلس قيادة الثورة أمام القلعة فكرت في الأتي علشان النار اللي أنا فيها دي كأي واحد بيفكر كأي إنسان اللي عصمني أيه خوفي من ربنا وديني خوفي من الله بس دني أزحف لما جيت عند شباك وادي مش عالي حتى يعني مدماك واحد وشباك طويل علشان تفكر أنك أنت تنتحر من اللي أنت فيه وقفت اللي منعني ربي بس ولولا أن ثبتناك قلت لا ما أموتش أدخل جنهم لا أنا شغال علشانه هو لا أصبر على الأذي أموت أحسن أو يموتوني أحسن رجعت ثاني ده مشهد فكرت فيه فعلا جديا بس اللي عصمني ربي بس لأني أنا منتهي يعني بدون إرادة مفيش بتاع كله خلاص يعني ادمرت.
سامي كليب: علي نويتو المحب للحياة الضاج حيوية منذ صباه الحالم بأن يصبح مهندسا والذي برع منذ سنواته الدراسية الأولى في الرسم والتصوير لم يدري أن رحلة الأحلام ستنتهي خلف القضبان وفى غايهب السجون بتهمة الانتماء إلى التنظيم السري للإخوان المسلمين والمساس بأمن الدولة وبمحاولة قتل الرئيس جمال عبد الناصر والانقلاب على حكمه ولعل آخر بارقة أمل لاحت له كانت في المحكمة حيث اعتقد أن المحامي الذي كلفته الدولة للدفاع عنه سينصفه فإذا بالمحامي يصبح أقصى من الاتهام.
علي نويتو: شوف يا سيدي قال أيه عشان الديمقراطية لازم يبقى فيه أيه الحكومة عينت محاني المحامي أول ما وقف يقول أيه المفروض يدافع عني أنا هذا الثعلب الماكر الماثل أمامكم أنا ثعلب ماكر يا عم سبني أنا أتكلم.
سامي كليب: وهو مفترض أن يكون محاميك.
علي نويتو: ابعد عني محامي أنا أول القصدية أيه أهو فدي علشان تعرف إزاي أنها كلها تمثيليات واخد بالك ولغاية هذا الوقت للآن وهو سيف مرسل للأحكام العسكرية.
سامي كليب: المحامي الذي عين لك تحاور معك قبل المحاكمة.
علي نويتو: مفيش تحاور.
سامي كليب: أبدا نهائيا فقط شفته في خلال المحاكمة.
علي نويتو: لا هو بس ده المحامي بتاعك..
سامي كليب [مقاطعاً]: وقال انظروا هذا الثعلب الماكر.
علي نويتو: أه .. الثعلب الماكر الماثل أمامكم حفظها أنا هذا الثعلب الماكر الماثل أمامكم أنا أهو طب خلاص بقى أول القصيدة خلاص اتعرفت.
سامي كليب: صدر حكم الإعدام.
علي نويتو: اسمع بقى حكم الإعدام هضحكك كان معنا فتوة كان فيه نظام الفتوات في مصر قبل كده فتوه يعني أيه يعني حمي الزمار ويحمي الحي مفيش حد يتحرك في الحي إلا لما يأخذ منه إذن يعطيه رشوة يعني يوكله لقمة ويقول له سأعمل فرح سأعمل مش عارف جنازة..
سامي كليب [مقاطعاً]: يعني زعيم الحي رئيس العصابة.
علي نويتو: زعيم الحي هو رئيس العصابة هو كده كان اسمه الفتوة يعني حضرتك فكان أيه واحد عندنا فتوة في إمبابة الله يرحمه بقى أخذ معي إعدام الله يرحمه سعد حجاج الله يرحمه ده بقى كان عامل مفيش مش مؤهل بحاجة عامل في الترسانة البحرية جنب كوبري إمبابة بس بسطة في الجسم واللي يدير عشره بالسلاح يبقى نايم ما يضربهوش بالرصاص يبقى مخه أد أيه يبقى عنده بسطة في الجسم وبسطة في الإدارة وهو نائم يخافه منه خلاص ده ربنا هداه سنة 1950 وعرف طريق الإخوان جاء لنا كسيدنا عمر بن الخطاب واخد بالك لما راح يقتل أخته أسلم فدخل بنفس القوة فالأخر برده ربنا شرح صدره دخل بنفس القوة فتوة برده كنا بنحب نغيظه أو نستنفره بعد كده سنة 1952 أو 1953 يقول أيه أرجع لكم قبل 1950 لا يا عم سعد خليك ده في الأربع سنين أخذ معي إعدام فتوه برده خد بالك.
سامي كليب: ولكن لم يعدم مثلك؟
علي نويتو: لا هو مثلي بس حصل اسمع حتاته نقط الحكم ف الدائرة الأولى سعد حجاج إمبابة دي أخذت حملة الموسم إمبابة كان منها محمود عبد اللطيف وهنداوي جبر رحمه الله فأخذنا حملة الموسم إحنا أكبر عدد كان موجود في السجون خلاص فأيه سعد حجاج وهو بتحاكم بقى بيأخذ الإعدمات الأول تقسيم موسيقي واخد بالك الإعدامات الأول وبعدين المؤبد وبعدين 15 وبعدين 10 المهم نادي سعد حجاج إبراهيم أفندم هو كان طويل وحتاته قاعد.
سامي كليب: إعدام.
علي نويتو: إعدام شنقا قال له يا رجل صلى علي النبي هي رأس جزرة تقطمها كده ولا أيه يا راجل صلي على النبي فتوة الراجل حتاته قعد يضحك ده صحيح، ليه صحيح إعدام ليه؟
سامي كليب: ليه؟ السؤال لا يزال حتى اليوم مطروحا لماذا تدهورت علاقات عبد الناصر بالإخوان المسلمين إلى تلك الدرجة هل فعلا حاولوا قتله أو الانقلاب عليه فرماهم في السجن أم أن القضية كانت أبعد من ذلك المهم صدرت أحكام الإعدام بعد حادية المنشية صدرت على أحد عشر متهما أعدم ستة ولم يعدم الباقون وكان بين الناجين علي نويتو وصديق العمر مهدي عاكف ويروي نويتو أنه لم يذق طعم النوم طيلة ثلاثة أيام اعتقادا منه بأنه بات على مشارف الموت شنقا خصوصا حين وصلتهم أخبار إعدام زملائهم.
علي نويتو: عرنا أمتى بقى أقول لك أنا لما دخلنا السجن الحربي مكناش نعرف بعد النطق بالحكم ما نعرفش أتاريهم بالليل أعدموا الستة كل نصف ساعة واحد وإحنا لما دخلنا بقى مين اللي قال لنا بقى وإحنا قاعدين في السجن الحربي حلقة المغرب لما جئنا من المحاكمة جابولنا أكل كثير جدا كنا ممنوعين من الأكل أتاري التعيينات كلها بتصرف كاملة وما بتخشش جوه .. جوه وادي الجوع هؤلاء هيموتوا بقى خلاص يعني هما عارفين إننا هنموت فحطوا قدامنا أكل كثير جدا إحنا كنا خمسة أنا الوحيد اللي مرضيتش آكل قلت أنا سأموت إحنا بنأكل عشان نعيش طلب هأكل ليه مش واكل دي الفلسفة اللي جاتلي يقولولي كل وهم نزلوا أكل جعانين كل لا خلاص تربست أنا خلاص قفلت ما أكلتش جاء بقى الشاويش بتاع السجن الحربي اللي هو معاه كرباج ما بيهمدش يضرب في أي حد حتى الضباط يجروا من قدامه الضباط رؤساؤه يجروا من قدامه ما يلقاش حد يضرب في نفسه زي العقربة يعني ده شغلته ضرب كان اسمه محمود وقف كده أول مرة يشيل الكرباج تحت باطه وقف وإحنا قاعدين كده هو أنتم دماغكم هتطير زي اللي طارت إمبارح بس دمعة عايزه تخرج من عنيه مسكها على طول بسرعة ورجع لأصله كإنسان أهوه..
سامي كليب [مقاطعاً]: مين عرفته أنه أعدموا الزملاء.
علي نويتو: بس عرفنا إنهم إعدموا.
سامي كليب: فهمت أن حضرتك ما نمت ثلاثة أيام ولم تغمض لك عين.
علي نويتو: أه أقول لسيادتك على الحكاية دي أولا النوم ده سلطان ولا ينام الليل إلا أبو قلب خالي خلاص ماشي واللي عنده ثلاثة مايناموش خليهم أربعة الجائع والبردان والخائف واللي وراها الطلق ما تنمش واخد بالك من النقطة دي خلاص أنا بقى عندي كل ده أنا خايف وهموت وأهخلص وكل حاجة وهنام أزاي والله ما أنام ثلاثة أيام بلياليهم على أساس أنه هيتفتح علي الباب ده الوقت أنا اتفقت مع الأستاذ المرشد أيه محمد مهدي عاكف هو طلع نمرة واحد وأنا جنبه على طول قلت له لما ييجوا يأخذوك أبقى خبط على الحيطة خبطتين كده أعرف أنه هم القضاء.
سامي كليب: بس خفت يعني؟
علي نويتو: أه سأموت خلاص سيدنا موسى خاف.
سامي كليب: وأين الإيمان؟
علي نويتو: فتوة الأنبياء خاف { ولَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ} {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} لا الخوف ده فطرة فينا نراشدها ولا نبددها مش ممكن تبديدها إنما ترشيدها ممن أخاف {إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وخَافُونِ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} هخاف أخاف من ربنا بقى خلاص فأنا بقى مليان رعب خلاص هموت عارف هموت يعني أيه صعب.
سنوات الاعتقال
سامي كليب: ولأن الموت صعب والحياة داخل السجن أصعب فإن علي نويتو ورفاقه من مساجين الإخوان المسلمين والشيوعيين وغيرهم سعوا لأن يكيفوا حياتهم على واقع السجن حاولوا الخروج من تلك الأيام الرتيبة فاخترعوا لأنفسهم عشرات الأساليب لمقاومة الموت البطيء وهناك خلف القضبان وفى الغرف المعزولة عن العالم الخارجي عاد علي نويتو إلى حرفة الصبا وهواية الشباب عاد يرسم رفاقه رفاق السجن وإخوان الجماعة ويصور سرا عمليات القمع والتعذيب والإذلال.
علي نويتو: فيه بقى ظلال شوف ده أيه التون اللي هو العادي يبقى فيه جزء منه ظلال بنعمل أيه استرس على الحتة.
سامي كليب: ماذا يعني لك الرسم هل كان يخفف عنك عذاب السجن مثلا؟
علي نويتو: لا كان أنا نمرة واحد أمارس ميزة ربنا إدها لي خلاص ميزه أن أنا أبص للواحد خلاص صورته انطبعت في ذهني خلاص أبص كده ألاقي صورته قدامي خلاص فأنا ربنا إداني الميزة دي استثمرتها دي واحد بتسعد الإخوان بتطمن الاهالي بره كنا بنهربها ساعات الأول واخد بالك يعرفوا أن ابنهم موجود لسه هي أد كده أول ما هربت قلم كان قد كده هربه لي واحد اسمه حلمي خربوش شاويش كان بيضحي علشان يأخذ فلوس فكان يهربه يحطه في الدكة يفتشونه شخصي كل يوم وهو داخل اللومان فقلم قد كده وشوية ورق صغيرين كده مثل البوسطة وأرسم الصورة تطلع بره يا سلام اطمئنوا على ابنهم أنه هو موجود قبل الزيارات وقبل الحاجات دي كلها فأيه من الأول عملت مجلات ورقة واحدة حاجتين حصلوا في السجن تصوير رسمي وتصوير تهريب خلاص التصوير الرسمي بتاع صاحب أنشأته له في كل السجون الباب لما تخش كده في باب السجن تلاقي على اليمين غرفة السلاحليك الأسلحة بتاعة اخترت الغرفة دي خليتها في كل السجون تبقى أيه بارتيشن بتاع التصوير دارك روم وكاميرا وديفلوبر وفيكسر واخد بالك فين بتوع التصوير هنا؟ خلاص كامل وبقيت أفتح على الإخوان بالليل أمرنهم أفتح الأهوية عليهم بالليل وخذ بالك ويدخلوا يتعلموا التصوير وسجلنا كل المساجين خلاص سجلات علمت له سجلات في كل السجون نمره واحد نمره اثنني ده تصوير رسمي التصوير اللي مش رسمي بقى أيه هربت كاميرا وهربت ديفلوبر.
سامي كليب: والله آلة تحميض.
علي نويتو: وفيكسر واخد بالك أيه واستغليت براميل بتاعة السولار اللي جايبينها الحكومة علشان المازوت وبتسيبها لنا علمت منها تحت الأرض معمل تحميض والكاميرا هربتها..
سامي كليب [مقاطعاً]: بس يعني غضوا النظر عنكم مش ممكن تكون هربت كل هذه الأشياء.
علي نويتو: لا مش غضوا النظر أصل السجن أيه قمم وقيعان تأتي فترة في كل شنبر يدخل كل حاجة تخش علشان يقدروا يعذبوك في حاجة أصل لو أنت معدم هذه الأرض وهذه هي القمتين بس هيعملوا فيك أيه في الأول يدوك يسيبوك لما يبقى عند أقول لك مراجع أمهات الكتب وعند روب دوشامبر وعندك أدوات عزف وعندك كل اللي أنت عايزه وبعدين هب مرة واحدة يأخذوها منك تقوم تحس بأيه أنك فقد هذه الأشياء تقوم تحس بالعذاب إنما إحنا كنا نفعل أيه بقى أعطونا شكرنا منعونا صبرنا بل شكرنا لأن المعطي..
سامي كليب [مقاطعاً]: وبدأت بالرسم والتصوير.
علي نويتو: بدأت بالرسم والتصوير علمت إخوانا التصوير وهربت كاميرا وبقيت استخبى في الخيام بتاعتنا علشان ما يشوفونيش وأنا بأصور وأصور صور التعذيب ولغاية ده الوقت فيه واحد من الإخوان عايش اسمه عباس عبد السميع ربنا يشفيه ويعافيه ماشي بعجله ده الوقت وخلاص ظهره لو تشفوه من أثر التعذيب في سنة 1954 كتل لحم والجلد بقى نايلون شفاف يخاف لما تيجي ناحيته لا مساس لغاية الآن شفت سنه كام ده الوقت فصورت هؤلاء بقيت استخبى في الخيمة كده وأروح لاقط الصورة ربنا بعتلي الطلب الهجانة اللي برده المفروض أنهم كرباجية يجيي ما يعرفش أبوه ولا أمه جاي من السودان.
سامي كليب: جلاد يعني.
علي نويتو: جلاد بره هايك خيمة صغيرة اسمها هايك بره السلك الشائك حراسة علينا طلع من إخوان أم درمان من الإخوان المسلمين .
سامي كليب: من الإخوان المسلمين من السودان؟
علي نويتو: أه خذ بالك أسمه عبد الله نصر أصور الفيلم أعطيه للأستاذ عبد العزيز عطيه كان مدرس الإمام الشهيد حسن البنا في دار العلوم وآمن به كان هو الرئيس بتاعنا أكبرنا يعطيه للأخ على عبد المنعم ترزي حافر من تحت السلك الشائك في الرمل يروح معطيه لعبد الله نصر بيروح كل شهرين السودان يعطيه للإخوان أم درمان ينزلوه في العالم كله عبد الناصر يشد شعره يبعتولنا بقى حملة تأديبية خلاص وسأقول لك على حلمة منهم مش بتاعه محمود صاحب لا واحد ثاني اسمه إسماعيل همت.
سامي كليب: لا تخبرنا عن حملة لأنه فيه أشياء مهمة في داخل السجن تعرفت على الشيوعيين.
علي نويتو: نعم.
سامي كليب: كيف كانت العلاقة معهم؟
علي نويتو: العلاقة كانت كالآتي من أول يوم هو المقصود عبد الناصر كان قاصدها يحط الأضدنس أنت تعرف الأقطاب المتشابهة متنافرة زائد زائد الزائد يكون معه ناقص تبقى ماشيه لكن زائد زائد لا ناقص ناقص لا يبقى فيه تنافر خلاص بقى فحاطط معنا الشيوعيين في خيام معسكر بينا وبينهم خيام المساجين بتوع الخدمة اللي جايين من اللومان بتوع المطبخ وبتاع فأيه مفتوحة يعني كل واحد يقوم على واحد يقتله بالليل مفتوحه ما فيش حراسة خلاص فإحنا عملنا أيه بيننا وبينهم جبناهم أقعد أنتم عارفينا العين الحمراء أهي هتمشوا كويسين نمشى كويسين من الأول هتلفوا بذيلك انتم عارفينا لا نتعايش سلميا.
سامي كليب: كانوا أقلية؟
علي نويتو: أيوه وكنا إحنا الأول وبعدين بقينا أقلية ونفس الحكاية وبقت هم خرجوا أمام خروشوف قالوا نخرج ومش هييجر خروشوف يزور مصر اشترط عبد الناصر إلا لم نخرج ونستلم الإعلام عبد الستار الطولة محمد أمين العالم لسه عايش لغاية اليوم واخد بالك الدكتور شريف حتاته لسه عايش واخد بالك كلهم وهيراري كل الشيوعيين واخد بالك وأحمد طه اللي كان نائب كلهم أعرفهم واحد واحد خلاص وعشت معهم واحد واحد وعارفهم من الداخل خلاص عارف من الداخل.
سامي كليب: شريف حتاته كان معك زوج..
علي نويتو [مقاطعاً]: كان معي أيه يا سيدي والله لسه جايبينه في التليفزيون قريب لسه شفت البرنامج بتاعه كل هؤلاء فين بقى البروليتاريا وفين البتاع انتهت كلها خلاص ليه بقى؟
سامي كليب: استطعتم إقناع أحد الشيوعيين بالانتماء إلى الإخوان داخل السجن؟
علي نويتو: شوف إحنا كنا مسلطين ثلاثة عليهم دارسين المذهب الماركسي تمام إسماعيل نصار ربنا يبارك فيه عايش لغاية اليوم عبد الحليم خفاجي بتاع ألمانيا لسه عايش لغاية اليوم خلاص بقى ألماني عبد المنعم خفاجي مات والثالث اللي مات بتاع نقابة المهم واخد بالك واحد سـتأذكر اسمه ده الوقت الثلاثة هؤلاء دماغاتهم مصفحة خلاص سايبنهم يتكلموا مع الشيوعيين يهدوا دماعهم ويكسروها لأن عندهم حنكة.
سامي كليب: نجحوا في ذلك؟
علي نويتو: نجحوا في ذلك.
سامي كليب: كيف ما فيش مثال واحد؟
علي نويتو: لا نجحوا في ذلك لا مثال واحد لا ده في أمثلة كثيرة هم ده الوقت فين؟
سامي كليب: فيه شيوعي واحد أصبح أخوان فيما بعد؟
علي نويتو: بأقول لك أيه دي يبقى لها دراسة ثانية مش بتاعتي أنا أنا قلت لك على اللي أنا عارفه اللي هو كان نصراني وبقى مسلم ومات على الإسلام ده أعرفه ما شهدنا إلا بما علمنا خذ مني التوثي.
سامي كليب: تروي كمان أن مأمور السجن المدعو آنذاك المدعو حلواني سليم سلم إدارة السجن إلى محمد مهدي عاكف.
علي نويتو: لا مش حلواني سليم.
سامي كليب: مين؟
علي نويتو: الحلواني.
سامي كليب: الحلواني؟
علي نويتو: أول مأمور السجن لما رحنا ليمان طره..
سامي كليب [مقاطعاً]: سلم إدارة السجن لمهدي عاكف.
علي نويتو: أيوه نعم شهر.
سامي كليب: كيف؟
علي نويتو: ليه أول دفعة راحت مفيهاش غير الإخوان المسلمين بس في الواحات خلاص ثاني دفعة إحنا رحنا كان معانا الشيوعيين عربة قطار إخوان وعربة قطار شيعويين فهو قعد شهر بحاله الرجل لابس الجلبية البيضاء ما هو معذب أصل مبيبعتوش هناك حد يكون له ده هناك أي موظف ستة شهور بس ويرجع وإلا مياه الوحات بتجيب له أزمات سأقول لك عليها خذ بالك بيحصل حصوات وبيحصل مصيبة ثقيلة لأن الميه واخد بالك وكلنا أخذنا وأنا أخذت المهم أيه..
سامي كليب [مقاطعاً]: أنتم صار عندكم أثار السجن في الواحات.
علي نويتو: أنا هو.
سامي كليب: شو مثلاً.
علي نويتو: شو مثلا واحد من الإخوان اسمه الشيخ صبري عبد السميع رحمه الله كان أزهري فوجئنا بأن جسمه كله دوائر حمراء كل جسمه فإحنا عندنا دكتور السجن اسمه ميشيل قعد في كلية الطب عشرين سنة أخذ درجة أيه مقبول قالوا له غور بعد المقبول كمان نطروه عندنا مبيفهمش حاجة في الطب دخله الشيخ صابر خذ بالك يقول له أيه قال له أيه ده قاله له شوف قلنا له أيه ده نزله أسيوط مستشفى جامعي يشوفوا أيه اللي عنده فنزله أسيوط اتضح الآتي سبب الحكاية دي جاب لنا 12 حصوة زي البراد ناعمة خد بالك استقرت في الكلى واتربت مش من النوع الخشن اللي هو يعني ينزل دم لا استقرت جابهم لنا في أيده كده فالسبب في الحكاية دي ما يعرفهاش ميشيل.
سامي كليب: شو السبب المياه؟
علي نويتو: المياه فالحكومة ما بتخليش حد هناك أكثر من ستة شهور فأول ما جه الحلواني عارف أنه مشرد ما بيجبوش حد هناك إلا لما بيكون أيه فعمل أيه لبس جلبية بيضاء الدنيا حر ولعة وكرباج تحت باطه قال له تعالى يا أخ مهدي أنت بتاع تربية رياضية شوف بقى ريحني أنا بقى أدي الضباط وأدي السجن وأدي البتاع وأدي عربيتين واحدة تجيب بها المياه والثانية تشتري من الواحات الحاجة بتاعتك اللي إنت عاوزها وأدي فلوسكم أهي وأدي المخازن أهي وسبيني أنا بقى كفاية الحر اللي أنا فيه.
سامي كليب: واستلم مهدي عاكف إدارة السجن.
علي نويتو: استلم خذ بالك هو الرئيس وبرده هو المدير بس سلم كل المهام لمين لعاكف إحنا على طريق أيه بقى مدق الأربعين اللي بيروح السودان مرورا بالفيوم إمبابة الفيوم خذ بالك الواحات وبعدين بيرس قبلي وبعدين السودان بتيجي لنا الجمال من إمبابة بنوزعها على كل الجمهورية خلاص المدق ده جنب السجن بتاع جناح فالأخ مهدي طلع معه فلوس وقف قبيلة بس وقف هات نشتري جازور أحسن لحمه تأكلها من الجمل الصغير.
سامي كليب: مليح يعني شروط السجن أصبحت جيدة.
علي نويتو: لا ده كان في الأول الرجل كان فاهم الرجل معذب معانا وفاهم فقالك لك لا استحالة حد يهرب استحالة 230 كليو.
سامي كليب: شو كانت صفات مهدي عاكف في السجن؟
علي نويتو: شوف كان الشباب يتلموا حواليه كلهم وكان ريتش ابن أسرة ثرية يعني خذ بالك فكان دائما في يده المادة وبيصرف ما يبخلش وفاهم الشباب كويس جدا جدا وحبوب وعطوف ورياضي يعني خذ بالك..
سامي كليب [مقاطعاً]: رياضي.
علي نويتو: وإحنا كلنا عاوزين رياضة فكل أنواع الرياضة معه وأتي كمان مين بقى البير تاردس.
سامي كليب: كان مثقف بالسجن؟
علي نويتو: آه أمال وأحنا شرط في الإخوان أن يكون مثقف الفكر.
سامي كليب: طيب تروي أيضا عن عبد القادر حميدة اللي أقام متحف حشرات في السجن.
علي نويتو: نعم ده كان خريج أيه خذ بالك كلية الزراعة وكان أيه في قسم الحشرات وكان بيدرس هو مدرس فإحنا في السجن في عندنا الفنك ده عبارة عن أيه ثعلب مصغر لأنه ما بيأكلش فاي الوادي بيآكل الفراغ مظلظ تلاقي ذيله عندنا بقى السخط ده اسمه الفنك بيمشي يكاد يقع خذ بالك لأنه ما فيش أكل يلقى له جربوع يلقى له طريشة هذا الأكل بس فانسخط الثعلب بقى فنك خلاص الفنك ده بقى أيه اصطاد اثنين منهم علم لنا جوه أيه اصطاد اثنين وعمل لهم بيت كده صغير واخد بالك بالطين كده وخباهم وحطهم فيه بقى عندنا جنينة حيوانات في السجن فكل يوم الصبح نصبح عليهم ونديلهم اللحم وبتاع وهما قاعدين مؤدبين أوي قاعدين كده تلاقيهم أمكر خلق الله هو ثعلب أتاريهم بيحفروا خندق لأن الحبسة وحشة حتى على الحيوانات.
سامي كليب: حتى الثعلب.
علي نويتو: حتى الثعلب مش عايز يقعد وعلشان كده ضابطنا فكرفوا في الهرب سأقول لك عليها فالثعلب عمل أيه فؤجئنا بيوم اختفى الاثنين وبعدين واحد ثاني اسمه عبد الحميد خفاجي شاعر قال هل جاءك نبا الأفناك الضاحك منها والباكي لما مركت مكر الحسن لما خشعت كالنساك وبعدين طويلة كل واحد أنا رسمت مفيش حد كل أدلى بدلوه وكتبوا لك حاجة ليه لأن الانفعال غير الافتعال من الانفعال هربوا تفجر الشعر والزجل والرسم والأدب كله تفجر من الانفعال إنما لما الواحد يفتعل حاجة بتطلع مش كويسة تقوم تشعر بالحيوية فيها نتيجة أيه الانفعال.
سامي كليب: الانفعال يؤجج الحواث والحواس تصبح أكثر اقتادا داخل السجن وحرمان الحرية أعطى علي نويتو ورفاقه من الإخوان المسلمين داخل السجن أبوابا ربحة نحو عوالم اخترعتها ريشته ومخيلته فكان حلم الخروج من السجن يركب على حصان المخيلة ويذهب نحو الأفق الرحب.
" السجين في قلب السجن لديه خيال كبير وأمنيات، فهو يتمنى أن السجن يفتح والزنزانة تتسع ويخرج ويرى الناس ويعيش معهم لكن هذا كله رؤى وأحلام لذلك يفجر لديه الشعر والزجل والرسم والأدب " علي نويتو: هنا المساجين طبعا في قلب السجن عندهم خيال كبير جدا وعندهم أمنيات وهو يتمنى أن السجن ده يتفتح و الزنزانة تتسع ويخرج بره ويشوف الناس ويعيش في العالم بره إنما اللي بيحصل ده كله في عالم الرؤى والأحلام فواحد مسجون في الزنزانة القمر كان مكتمل القمر له يدين جابة من الزنزانة خرجه مها خارج أهوه وقربه وعاش مع القمر خذ بالك فيه بيتين شعر كويسين.
يامن على البعد ينسانا ونذكره
سيأتي يوم تذكرنا وننساك
إن الظلام الذى يجلوك يا قمر
له صباح متى تدركه أخفاك
هنا المسجون نفسه قاعد في الزنزانة أهو خلاص زميله نايم متغطي هو الضوء اللي جايله من شابك الزنزانة بيسرح معه بره وبيلف معه الكون كله خذ بالك لدرجة أنه بيطير في الصورة اللي بعدها يطير حولين الكرة الأرضية.
سامي كليب: والطيران بالطيران يذكر ولكن الفارق كان كبيرا بين حلم الطيران عند مساجين الإخوان المسلمين وبين كابوس الطائرات الإسرائيلية الذي هبط كالصاعقة على الطائرات امصرية في ذاك اليوم المشؤوم من عام 1967 كانت الهزيمة سريعة والنكسة مؤلمة ولكن وكما يقول المثل إن مصائب قوم عند قوم فوائد فإن جماعة الإخوان المسلمين نجت في ذاك اليوم من إعدام كان ربما محتما.
علي نويتو: كنا في سجن قنا وكان الدكتور أسمه ميشيل لآخر فكان زي ما تقول كده في شماته في إبلاغ الخبر لنا إنما إحنا عرفنا أن نكبة كبيرة جدا حلت على البلد كلها وإحنا أصلا حب مصر حب الوطن ده من عقيدتنا الثابتة الرأسية الراسخة النبي صلى الله عليه وسلم كان بيقول على مكة لو أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت إنك أحب بلاد الله إلى فحب الوطن ده من الإيمان الراسخ الجامد فأي مصيبة بتحصل فتحوا باب السجون انفتح المساجين خرجت إحنا قلنا لا مش خارجين نروح فين؟ اتفتحت الأبواب يعني شوف وصلت لدرجة أيه أن في الليلة اللي كان سيعدمون الإخوان في السجن الحربي كان ليلتها بقى كان حمزة البسيوني واخد أقصى ما عنده قال تقعدوا الامتحان بكره إحنا عملنالكم توعية لمدة شهرين الامتحان بكره اللي هيسقط إعدام على طول دورغي رقبته هتطير التهديد ده كان بالليل الإخوان على طول قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فحصلت النكسة بالليل وتغير كل شيء اتفتحت باب السجون اخرجوا محدش المساجين خرجوا واخد بالك راحو الصعيد وراحوا خرجوا انفتحت البلد كل حاجة فيها ربكة يعني البلد كلها كانت مضطربة ومربوكة واليهود وصلوا لغاية الكيلو 101 واستعانوا بالإخوان هأقول لك على حاجتين النكبة.
سامي كليب: دخول يعني كيف وصل الخبر؟
علي نويتو: الخبر وصل عن طريق الإدارة وصل عن طريق ده فيه البلد المصيبة فيها ثقيلة والطائرات كانت واطية وبقت تيجي من فوق وطيت خالص بقت الناس شافية الطيارات وشايفة كل حاجة حاصلة يعني هرج ومرج حصل عدم مفيش مسؤولية ما فيش قوة تحكم افتكت كل حاجة لدرجة أقول لك السجون افتحت أخرجوا يلا ملكوش جناية اتفضلوا اخرجوا لا أروح فين ده هنا أهون واخد بالك.
سامي كليب: طيب ماذا فعلتم؟
علي نويتو: فعلنا مطرحنا لما الأمور ابتدأت تستقر استعانوا بنا بقى استعانوا بنا في أيه بقى إخوان السويس مش بتتكلم عن نكبة لما كان اليهود في الكيلو 101 مش كده ؟ لما كانوا على أبواب القاهرة وحاوطوا ما نجحوش هناك في السويس كان معانا أخ اسمه صقر من السويس وبتوع السويس هؤلاء عفاريت سليمان ما يعرفوش اللي هما يعرفوه عن جبال عتاقة وجبل الشايب وجبل غريب والجبال دي كلها كانوا مدقات عارفينها كلها فالإدارة اتصلت بنا وقالوا عايزين نبعث رسالة للمحاصرين في السويس خلاص تعالى يا صقر إحنا ما كناش نعرف الكلام ده أيه الأول جابو صقر نادوا عليه قال سيلبسونه افتكرناه إفراج قلنا إفراج بدون إحراج فرحنا أنه الباب سينفتح وإذا به يغطس ييجي 15 يوم وجاء لنا ثاني قلع ولبس الله أيه يا صقر فيه أيه قال أبدا ده كان في قافلة عاوزه تروح السويس واليهود وافقين على الكيلو 101 وصلتهم هناك بالرسالة وجبت الرد وجيت عفاريت سليمان ما يعرفوش المدقات كلها لأنه كان بيتدرب عليها وعارفها كلها شبر شبر.
سامي كليب: هو كان عضو في الإخوان؟
علي نويتو: أه كان معانا في السجن أقول لك نادوا عليه الثاني الدكتور محمد كمال خليفة لسه جاي من أميركا وتخصص وحيد والروس السد تخصص وحيد بالخرسانة مش موجود في الشرق الأوسط كله ولسه جاي من الطيارة على السجن عندنا وعضو مكتب إرشاد وكان أستاذ في كلية الهندسة خذ بالك وكان مدير عام الطرق والكباري في وقتها فجابوه عظيم الرجل لسه جاي من بره وقاعد المهم أيه الدكتور محمد كمال خليفة جم قلع لبس مبارك يا دكتور واحد من الإرشاد سيخرج مبارك يا دكتور فرحنا قلنا سيفتح الباب بدون إحراج من بعيد بدون تقييد وشوية غطس شوية وجه قلنا أيه يا دكتور قال أبدا فيه مشكلة قابلت الروس في السد رحت حلتها لهم وجيت لأن الروس اللي قالوا مصر عندكم واحد لسه جاي من أميركا موجود في الواحات.
سامي كليب: يعني كان رجال عبد الناصر يستعينون بكم ويعيدونكم إلى السجن.
علي نويتو: نعم ليه لأن الوطن بتاعنا أصله..
سامي كليب [مقاطعاً]: طيب الإفراج عنك تتذكر كيف حصل وكيف عشته؟
علي نويتو: أه اسمع يا سيدي إحنا كان السادات بيقول أيه أنا ما عنديش مساجين سياسيين في خطبه كنا آخر خمسة بقى.
سامي كليب: مين ومين؟
علي نويتو: ثلاثة توفوا كانوا داخلين متزوجين صلاح شادي عليه رحمة الله ومحمد سليم مصطفى مهندس ومحمد أحمد العدوي مدرس في مدرسة الصنايع خذ بالك نجارة ده اللي كان ضابط شرطة اللي قلت لك عليه اتنفخ الثلاثة هؤلاء دخلوا متزوجين اختارهم الله فضلوا اثنين خذ بالك واحدة قايمة واحدة نايمة الأستاذ المرشد العام محمد مهدي عاكف ربنا يبارك فيه وعلي نويتو اللي في آخر الصف خلاص يبقى خمسة هؤلاء اللي اثنين هؤلاء اللي هما ما تجوزوش اللي لما خرجوا من السجن 46 سنة.
سامي كليب: حتى مهدي عاكف ما كان متزوج؟
علي نويتو: آه ما أنا وهو بار اليل في كل حاجة ميلادا وإعداما و20 سنة وزواجنا وألمانيا لما رحت له هناك والأن للأن وحتى الزوجات يعني المهم وحتى الخلفة برده قريبين من بعضهم تمام كل حاجة المهم خذ بالك أيه الخمسة هؤلاء أخر خمسة أمضوا عشرين سنة بالتمام والكمال كان قبلينا خرج أخر واحد خرج على 19 سنة والسادات قفلها بقى قال أنا معنديش مساجين سياسيين أقل له يا أخ صلاح الرجل ده بيخرف أمال إحنا أيه هو طول المكث خلانا غيرنا أمال إحنا أيه كان في قدر الله فاضل ثلاثة شهور بالضبط عمل أيه أيه محمد صاحب فتحولنا قالوا زيارة قلت أيه نبهو يوم الجمعة الجاية دي في الزيارة الجاية دي ييجوا يأخذوكم الجمعة اللي بعدها هتطلعوا بره ثلاثة أيام أجازة وتيجوا أجازة؟ أجازة كريستي في حاجة اسمها أجازة في السجن أيه الكلام ده أجازة أيه وبتاع أيه قال لا أنتم هتخرجوا ثلاثة أيام وتيجوا يا أخوانا لا ما نبهناس على الأهالي فهم راحوا داخلين منبهين عليهم تعالوا لهم المرة الجاية ومعكم لبس ملكي وهيخرجوا معاكم ثلاثة أيام ويرجعوا تاني ما صدقناش إلا لما حصل فعلا.
سامي كليب: حصل فعلا وخرج آخر معتقلي الإخوان المسلمين من السجون خرج علي نويتو ليتكشف القاهرة التي تغيرت ووجوه الناس التي كبرت وسياسة البلد التي انتقلت من عبد الناصر إلى أنور السادات كان يصور كل شيء وكأنما في الصورة يريد التعويض عما غاب أصبح بعد فترة وكيلا أولا في وزارة التعمير بجواز سفر دبلوماسي صارت صالونات الشرف تفتح له وراح يسافر في بعثات كثيرة إلى دول العالم الرحب وخرج مهدي عاكف يستعيد نشاطه في الإخوان ويصبح لاحقا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر فرحت إمبابة بابنها علي نويتو فرح الناس وصفقوا وزغردت النساء ولكن ماذا عن العمر ماذا عن السنوات العشرين التي هربت من عمر نويتو؟
علي نويتو: أقول لك والله ولي التوفيق رفع الله من عمري العشرين سنة أبدوا أنقص من عمري عشرين سنة أنا دارس تشريح وعارف كويس كل حاجة مش مسألة عمر مسالة قلب مسألة أنك أنت عايز تفعل كل حاجة عايز الإرادة بتعتك تشتغل عاوز تمشي عاوز ما تنمش ما تمرضش أما يجيلك المرض أنا مش عيان أنا بخير دي بتعطي شوف ما ينفعكش مليون دواء اللي ينفعك هو ده خذ بالك أنك أنت بتفعل كل الطاقات اللي ربنا مديهالك وتفجرها.
سامي كليب: نادم على هذه السنوات في السجن؟
علي نويتو: بالعكس هذا قدر الله أرضى به ولو عدنا خذ بالك اللي كان هيحصل ده نفسه للآن لأن هذا قدر الله هو اللي اختاره وهو اللي زكانا ونقانا وحفظنا.
سامي كليب: الشيخ المهندس علي نويتو الذي اعتقل وهو في مقتبل العمر وبقي في السجن عشرين عاما بتهمة المساس بأمن الدولة بعد حادثة المنشية الشهيرة تزوج وأجنب أولادا وصلوا إلى مراتب تعليمية عالية ولا يزال حتى اليوم ضاجا بالحياة مرحا محبا للرسم والتصوير تاركا لأولاده صورة الأب الذي دخل السجن بقناعة وإيمان وخرج منه أكثر قناعة ولكن أيضا أكثر رغبة في الصفح عمن أساء إليه.
علي نويتو: نعم وللآن أفضى لما قدم ربنا يغفر للجميع لأني أنا في حاجة للغفران { ولْيَعْفُوا ولْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبـُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ }مش أنت برده يا على عايز ربنا يعفوا عنك أعف قدم الخير تلاقيه.
- المصدر:علي نويتو.. ذكريات حادثة المنشية ،الجزيرة نت