الإخوان ونصرة فلسطين المسلمة
مقدمة
فى شهر رجب من عام 1357هـ الموافق سبتمبر 1938م، انتهز الإخوان المسلمون ذكرى الإسراء والمعراج، وجعلوا منها بداية لحملة عامة لنصرة فلسطين بالدعاية لقضيتها في كل مكان، وكسب تعاطف الرأي العام مع أهلها المستضعفين، وجمع التبرعات لإعانتهم ونجدتهم، وكشف مؤامرات اليهود والإنجليز، وفضح جرائمهم في حق شعب فلسطين الأعزل.
وكان من نماذج الجهد الكبير الذي بذله الإخوان في هذا الصدد تبنيهم لمشروع "أسبوع فلسطين الشهيدة"، ويبدأ من يوم 27 رجب، ويستمر لمدة أسبوع، تكثف فيه جهود المتطوعين من شباب الإخوان ورجالهم لجمع التبرعات والدعاية بكل الوسائل الممكنة لنصرة فلسطين وشعبها المجاهد.
وهذا بيان وجهته اللجنة المركزية لمساعدة فلسطين بدار الإخوان المسلمين للمسلمين تدعوهم للمشاركة في هذه الحملة التي تستهدف القيام ببعض الواجب تجاه إخوانهم المسلمين :
نداء إلى العالم الإسلامي عامة والمصريين خاصة
أيها المسلمون:
في فلسطين شعب يجاهد في سبيل الله، وثورة رائعة على الظلم والاستعباد، وجهاد مقدس في ساحة الدفاع عن المسجد الأقصى؛ أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى الرسول عليه الصلاة والسلام, وفي كل يوم يسقط في ساحة الجهاد زهرة أبناء ذلك الشعب الأبي المجاهد، ويفتك مجرمو اليهود بقنابلهم النساء المسلمات وعشرات من الأبرياء، ويعلق الإنجليز المشانق للمجاهدين الذين باعوا أنفسهم لله.
في فلسطين اليوم يقترف الإنجليز أفظع ألوان التعذيب الوحشية بعد أن دُفِنَتْ مع محاكم التفتيش؛ بل إنهم ليبعثونها اليوم أشد قسوةً وإيلامًا بما يستعينون فيها من وسائل العلم الحديث غير متورعين عن اقترافها في الأرض المقدسة, يقلعون أظافر المجاهدين بكلاليب خاصة، ويكوون أجسامهم بالنار، ويسيرون بالتعذيب على أساليب فنية ليبلغوا من الإيلام أقصى ما يُمكن أن يحتمله الإنسان فيراوحون الشخصَ بين التعذيب إلى درجة الإغماء والراحة حتى يفيق ويسترد قواه، ويستمرون في مراوحة المجاهد بالعذاب أيامًا وأسابيعً.
ويفتشون القرى فينزلون بأهلها صنوفًا من التعذيب ما بين ضربٍ بأعقاب البنادق والهراوات الغليظة إلى إطلاق الرصاص على الأبرياء إلى التمثيل بجثث الشهداء حتى العِرْض لم يسلم من اعتداء الإنجليز، وكان اعتداؤهم مقرونًا دوامًا بصورٍ داميةٍ من الحيوانية في أخس أوضاعها, وما عادت قرية صفورية من أعمال الناصرة ببعيد؛ حيث اعتدى خمسة عشر وحشًا من جنودهم على عفاف- فتاة عربية صغيرة لا تتجاوز الخامسة عشر من عمرها- ففضوا بكارتها بالإكراه، ثم تعاقبوا عليها حتى مزقوا جسمها، وانتهت بها وحشيتهم إلى الموت.
أما رجال الشرع الشريف فقد اعتقلوهم، وأما المساجد فقد انتهكوا حرماتها، وعطلوا الصلاة فيها نتيجة لنظام منع التجول، ونسفوا بعضها، وأما القرآن الكريم فقد مزقوه بأيديهم النجسة وداسوه بالأقدام.. ألا شلت أيد تمتد بالأذى لكتاب الله المنزل بالهدى ودين الحق.
ولما كانت الأخوة في الله تفرض على المسلمين واجبًا مقدسًا هو أن يعلنوا في جرأة وصراحة وإباء إنهم على أتمِّ استعدادٍ لبذل ما وهبهم الله تعالى من أرواح وأموال وجهود في سبيل نصرة شعب قام يجاهد في سبيل الله مسطرًا بجهاده النبيل صفحات رائعة في سجل المجد الإسلامي.
لذلك قررت اللجنة المركزية لمساعدة فلسطين بدار الإخوان المسلمين تنظيم أسبوع لفلسطين الشهيدة يبدأ من يوم الإسراء المبارك 27 من رجب سنة 1357هـ الموافق 22 سبتمبر 1938م سيحوي برنامجه توزيع طوابع قرش فلسطين، وسيعلن عن البرنامج التفصيلي فبما بعد إن شاء الله.
وإنَّا لنهيب بالمسلمين عامة والمصريين خاصة أن يتطوعوا منذ اليوم جنودًا للأسبوع لنجعل منه مظهرًا رائعًا من مظاهر الأخوة في الله وإعلاء كلمة الحق.
وتطلب استمارات التطوع ابتداءً من دار الإخوان المسلمين (5 ميدان الملكة فريدة)، وإن الإخوان ليرحبون بالمسلمين المتطوعين ليرفعوا معًا ألوية الله في يقين وحماسة وإيمان.
والله أكبر ولله الحمد
اللجنة المركزية لمساعدة فلسطين بدار الإخوان المسلمين
وكان لصحافة الإخوان دورُ كبيرٌ في مساندة هذه الحملة الهادفة، وهذه صورة من صور الدعاية للمشروع، وهي وإن كانت بسيطة في مظهرها إلا أنها تحمل روحًا مخلصةً ومتحمسة للدعاية للقضية بكل الصور الممكنة.
المصدر : مجلة النذير – السنة الأولى – عدد 18- 26/9/1938م (عدد خاص عن فلسطين)