خيري حافظ الأغا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
خيري حافظ عثمان الأغا عاشق فلسطين


إخوان ويكي

مقدمة

قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك"، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس" أخرجه الطبراني.

فعلى أرض خانيونس بفلسطين ولد الدكتور خيري حافظ عثمان مصطفى عبد الرحمن عثمان جاسر حسين عثمان إبراهيم الأغا لأب عاشق لفلسطين وترابها وربى أبناء على ذلك. ولد خيري يوم الإثنين 1 يناير 1934م الموافق 15 رمضان 1352ه، حيث نشأ في كنف والده الحاج حافظ عثمان الأغا الذي كان محافظاً على تعاليم الدين الحنيف، وأما الوالدة الفاضلة فهي المرحومة زينب عثمان عبد الحافظ العثملي التي كانت تسهر على تربية أولادها ورعايتهم بكل لطف وحنان.

وعرف عن الراحل التفوق الدراسي بالمدرسة، معتمدًا على قدراته الذاتية، فحصل على شهادة الثانوية العامة، وعمل مدرسًا بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بداية الخمسينيات، وبعدئذ انتقل إلى إدارة المعارف الحكومية.

واستقال الأغا من عمله، وسافر إلى المملكة العربية السعودية، وفتح الله عليه فعمل واجتهد، وثابر، وحصل على الجنسية السعودية وفي سن متأخرة حصل على الدكتوراه في إدارة الأعمال من الولايات المتحدة الأمريكية. ويعتبر الفقيد الأغا أحد مؤسسي الجامعة الإسلامية بمدينة غزة عام 1987، ومدير هيئة الإغاثة الإسلامية، ورئيس هيئة المشرفين في ذات الجامعة، وهو أحد أبرز رجال الأعمال في المملكة العربية السعودية.

ويعتبر أحد مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية حماس، وأول رئيس للمكتب السياسي للحركة منذ نشأتها حتى عام 1993م. تزوج من السيدة ليلى عيد إسماعيل طاهر الأغا، وله منها عدة أولاد وهم الدكتور أسامة والدكتور أبوعبيدة والمهندس أيمن والأستاذ هاني ومروة ودعاء والمهندسة صفاء ومنى وشروق.

رحلة بين صفوف المجاهدين

خيري-حافظ-عثمان-الأغا.15.jpg

كان خيري الأغا واحد من الذين انضموا وتعرفوا على دعوة الإخوان في وقت مبكر حتى أصبح أحد قيادتها. انتمى لجماعة الإخوان المسلمين في شبابه المبكر، ونشط في صفوفها، وتولى قيادة منطقة خان يونس والوسطى في التنظيم العسكري السري المقاوم، الذي أنشأه الإخوان في قطاع غزة في النصف الأول من خمسينيات القرن الماضي

وساهم في إنشاء تنظيم الإخوان الفلسطينيين (1962-1963)، والذي ضم إخوان القطاع مع الفلسطينيين في الدول العربية، وأصبح مسؤول الإخوان الفلسطينيين في السعودية وممثلاً لهم في مجلس الشورى، ثمَّ انتخب نائبًا للمراقب العام للإخوان الفلسطينيين عام 1973، ثمَّ المراقب العام عام 1975، عمل على توحيد الإخوان الفلسطينيين مع إخوان الأردن في تنظيم واحد عام 1978 أطلقوا عليه اسم بلاد الشام.

يقول إسماعيل عبد العزيز الخالدى في كتابه "60 عاما في جماعة الإخوان المسلمين":

عندما بدأ النشاط السري لم يكن ينتظم فيه جميع الإخوان في القطاع ، بل كان في كل مدينة مجموعة يقودهم أحد الإخوان النشطاء، فكان الأستاذ محمد أبو دية والأستاذ عبد الله أبو عزة في غزة وكان الأستاذ حماد الحسنات في المنطقة الوسطى، والأستاذ عبد البديع صابر ومحمد حنيدق البنا والأستاذ خيري الأغا في خانيونس ، والأستاذ أحمد رجب والأستاذ يعقوب نصر في رفح، وكان هؤلاء يكثرون من الزيارات الشخصية والرحلات من بلد لأخرى وكانت هذه الزيارات تزداد في حقبة الصيف، وتكثر الحفلات الصغيرة على شاطئ البحر احتفاء بالمدرسين القادمين من الخارج وكطلاب الجامعات.

ومع مرور الزمن انتظمت هذه المجموعات بعد اجتماع تم عام 1962م في إحدى المواصى في خانيونس، التقى فيه جميع القياديين فيها، وانتخبوا هيئات إدارية لكل مكتب، وانتخبوا لجنة تنفيذية للجماعة، ومراقبا عاما، وكان أول مراقب عام للإخوان المسلمين الفلسطينيين الأستاذ هاني مصطفى بسيسو وكان نائبه الأستاذ عبد الرحمن بارود

ووضعوا قانونا أساسيا لها فكانت المكاتب الإدارية كما يلي:

  1. المكتب الادارى لقطاع غزة وكان يرأسه الأستاذ عبد البديع صابر ثم خلفه عبد الله أبو عزة، وبعد ذلك انتخب إسماعيل الخالدى عام 1963م رئيسا له، واستمر إلى خروجه من القطاع سنة 1967م، حيث انتخب الشيخ أحمد ياسين.
  2. المكتب الادارى للطلاب الفلسطينيين في مصر ويرأسه الطالب خليل زعرب ثم الطالب عبد الرحمن بارود.
  3. المكتب الإداري للإخوان المسلمين في السعودية ويرأسه الأستاذ خيري الأغا.
  4. المكتب الادارى في قطر ويرأسه الأستاذ عبد البديع صابر الذي انتخب رئيسا للجنة التنفيذية للإخوان المسلمين في فلسطين بعد انتقال الأستاذ هاني مصطفى بسيسو إلى رحمة الله في السجون المصرية.
  5. المكتب الادارى في الكويت ويرأسه الأستاذ سليمان حمد ثم عمر أبو جبارة يرحمه الله.
  6. المكتب الادارى في سوريا ويرأسه الأستاذ عدنان النحوي.

كما كتب الدكتور محسن محمد صالح يصف عمله الدعوي وجهاده والمنشور على موقع "عربي 21"، يوم 24 مايو 2019م فيقول:

قليلٌ هم الزعماء والرموز الذين يُصرّون على البقاء بعيداً عن الأضواء طيلة حياتهم؛ وقليلة هي الشخصيات التي تحقق منجزات كبيرة، وتحرص أن يبقى ذلك بينها وبين ربِّها. وفي تاريخ فلسطين الحديث والمعاصر يقف خيري الآغا في مقدمتهم. وفي الذكرى الخامسة لوفاته رحمه الله (1 حزيران 0 يونيو 2014) عن عمر يجاوز الثمانين عاماً، نكتب هذه السطور لعلها توفي هذه القامة الكبيرة بعض حقها.
التقيته رحمه الله على مدى يومين في منتصف شهر أيلول - سبتمبر 1998، عندما كنت أتابع بحثاً علمياً حول تاريخ التيار الإسلامي الفلسطيني؛ فكان يجيب عن أسئلتي، خصوصاً تلك التي لدي فكرة عامة عن خلفياتها. أما المواضيع التي عرفت لاحقاً أن له دوراً رئيسياً، فيها فلم يتطرق إليها ما دمت لم أسأل عنها.
في هذا المقال المحدود، أختار أربع نقاط للحديث فيها عن ابن خان يونس، الدكتور خيري حافظ عثمان الآغا (أبو أسامة)، القائد الفلسطيني ورجل الأعمال، الحاصل على الدكتوراه في إدارة الأعمال، وعضو جماعة الإخوان المسلمين مذ ريعان شبابه، والذي قضى شطراً كبيراً من حياته في السعودية وتوفي فيها.

ظمالنقطة الأولى: دوره المهم في التنظيم العسكري السري الذي أنشأه الإخوان المسلمون في قطاع غزة في النصف الأول من خمسينيات القرن العشرين، وكان يهدف لاستئناف العمل المقاوم ضدّ الاحتلال الإسرائيلي. وهو أحد أوائل وأبرز التنظيمات التي نشأت بعد نكبة 1948، والتي لم تأخذ حقها في تاريخ فلسطين الحديث.

اتصلت خيوط التنظيم بكامل الشريف (أحد أبرز قادة الإخوان المسلمين المصريين في حرب 1948)، والذي كان مقيماً في مدينة العريش في سيناء، والذي أوكل له إخوان مصر أيضاً قيادة المقاومة المسلحة ضدّ الإنجليز في قناة السويس. كان معظم أعضاء هذا التنظيم من الشباب ومن طلبة الثانوية والجامعة.
وتوزعت قيادته في القطاع على ثلاث مناطق، حيث تولى خيري الآغا قيادة منطقة خان يونس والمنطقة الوسطى، وكان يساعده محمد أبو سردانة، بينما تولى أبو جهاد خليل الوزير قيادة غزة وشمال القطاع، أما رفح وجنوب القطاع فكانت بقيادة محمد يوسف النجار.
وكان صلة الوصل بين كامل الشريف وبين هؤلاء؛ هو محمد أبو سيدو الذي كان يعمل "سباكاً" في الجيش المصري في سيناء، وتَسْهُل حركته بين سيناء والقطاع حيث كان ينتقل أسبوعياً بين المنطقتين، وينقل الأوامر والتعليمات لإخوانه في طريق عودته إلى مدينة غزة.
قام هذا التنظيم بعمل عسكري محدود (أشار لبعضه خليل الوزير في كتاباته)، غير أن الإخوان قبل أن يشتد ساعد هذا التنظيم، تلقوا ضربة قاسية من عبد الناصر في سنة 1954، حيث اضطر الإخوان في ظل حملات المطاردة الشرسة والتشويه الإعلامي إلى الانكفاء على الذات. إن هذا التنظيم الذي تفكك لاحقاً، كان مصدراً أساسياً لإنشاء حركة فتح، حيث انضم إليها عدد من أفضل عناصره؛ بينما ظلّ خيري الآغا في صفوف الإخوان الذين تضطرم في نفوسهم الرغبة في الجهاد، ويتوقون لاستئنافه ضمن رؤية إسلامية.
النقطة الثانية: دوره الأساس في تنظيم الإخوان المسلمين الفلسطينيين وإنشاء تنظيم بلاد الشام:
عندما أعاد الإخوان في قطاع غزة ترتيب أنفسهم تحت قيادة شابة، كان ثمة حاجة لربط الإخوان في القطاع مع إخوانهم الذين اغتربوا في البلاد العربية في تنظيم واحد. وفي صيف 1963 (بعض الروايات تتحدث عن صيف 1962) قام خيري الآغا بالترتيب لاجتماع سري في مواصي عيد الآغا في منطقة خان يونس، حضره 15 مندوباً، حيث تقرر إنشاء تنظيم الإخوان الفلسطينيين في البلاد العربية ما عدا الأردن (كانت الضفة الغربية تتبع الأردن)
وتمّ انتخاب خمسة أعضاء برئاسة هاني بسيسو الذي أصبح أول مراقب عام للإخوان الفلسطينيين، بينما كان خيري الآغا، مسؤولاً عن الإخوان في السعودية، وممثلاً لهم في مجلس الشورى. وفي سنة 1973، انتخب خيري الآغا نائباً للمراقب العام عمر أبو جبارة (الذي كان مسؤول الإخوان في الكويت). وعندما توفي أبو جبارة رحمه الله في بداية صيف 1975، تولى الآغا مكانه، وفي اجتماع مجلس الشورى في السنة نفسها، تمّ انتخاب الآغا مراقباً عاماً، وسليمان حمد نائباً له.
كان لخيري الآغا دور رئيسي في توحيد تنظيمي الإخوان الفلسطينيين والإخوان الأردنيين في تنظيم واحد، يحمل اسم "بلاد الشام"، حيث لاحظ الآغا وإخوانه مدى التداخل بين التنظيمين خصوصاً في بلاد الاغتراب، ووجود أعداد كبيرة من ذوي الأصول الفلسطينية في تنظيم الأردن، بالإضافة إلى أن كلا التنظيمين يحملان الهمَّ الفلسطيني.
طرح خيري الأغا، وسليمان حمد الفكرة على اجتماع لمجلس شورى الإخوان في الأردن سنة 1978، فوافق المجلس بالإجماع. وخلال السنة نفسها تمّ حلّ مجلسي الشورى لكلا التنظيمين، وتمّ انتخاب مجلس جديد وقيادة جديدة برئاسة محمد عبد الرحمن خليفة، وانضمت تنظيمات الإخوان الفلسطينيين في قطاع غزة والكويت والسعودية وقطر والإمارات... للتنظيم الجديد. وتنحى الآغا عن القيادة بنفس راضية راغبة بل ومبادِرة، لتُفتح بذلك صفحة جديدة في العمل الإخواني لفلسطين.
النقطة الثالثة: دوره الأساس في إنشاء وقيادة حماس:
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.27.jpg
سعى خيري الآغا خلال النصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين لاستكمال دراسته العليا، حيث تفرَّغ لإنهاء الدكتوراة في الإدارة في الولايات المتحدة. وخلال تلك الفترة، كان العمل لفلسطين تتم متابعته من خلال لجنة متخصصة في تنظيم "بلاد الشام".
وفي تشرين الأول - أكتوبر 1983 عقد الإخوان في عمَّان مؤتمراً داخلياً لفلسطين، كان من أبرز قراراته إنشاء جهاز خاص أو لجنة للعمل الفلسطيني الإخواني، بحيث يضع الخطط والدراسات، ويتولى تأمين متطلبات الإعداد والاستعداد للعمل المقاوم. وبعد فترة من العمل على إنضاج الفكرة وتطويرها.. تمّ إنشاء "قسم فلسطين" سنة 1985، والذي عرف لاحقاً باسم "جهاز فلسطين".
وفي تلك الفترة، كان خيري الآغا قد عاد للسعودية بعد أن أنهى الدكتوراة. وتحت الضغط الشديد من إخوانه وافق على قيادة "الجهاز"؛ الذي أخذ يدير العمل الفلسطيني، ويملك صلاحيات واسعة، تحت سقف تنظيم "بلاد الشام". وقد أسهمت المزايا الشخصية للدكتور الآغا من تحقيق قفزة نوعية في عمل الجهاز، فقد كان يتمتع برؤية بعيدة المدى، وبدينامية عالية، وبإمكانات قيادية كبيرة، وبشبكة علاقات واسعة، وبقدرة متميزة على توظيف الطاقات واستيعابها وخصوصاً الشباب.
وكانت إلى جانبه كفاءات قيادية متميزة، من طراز الشيخ الشهيد أحمد ياسين في غزة، وحسن القيق في الضفة، وسليمان حمد في الخارج... وهذا فتح الطريق لاحقاً لإطلاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بعد أن أعطت قيادة الخارج لقيادة الداخل (المكتب الإداري الذي يدير الضفة والقطاع) الضوء الأخضر، وصلاحية اختيار التوقيت المناسب لإطلاق العمل المقاوم.
كان خيري الآغا يرعى هذا العمل لحظة بلحظة، بعيداً عن الأضواء، وبأقصى درجات السرية التي لم تؤثر على فاعلية العمل وديناميته. ومع انطلاقة حماس في كانون الأول - ديسمبر 1987، تابع الآغا قيادة العمل، وأصبح أول رئيس لحركة حماس. غير أن الآغا وبسبب إيمانه العميق بضرورة أن يتولى الشباب الراية، وأن يُفسح الكبارُ لهم المجال، قام بعد أن أعاد مجلس الشورى انتخابه 1993 رئيساً للحركة، بالاستعفاء من منصبه، وتسليم موقعه لنائبه في ذلك الوقت موسى أبو مرزوق. بينما ظلّ الآغا يُقدم الدعم والنصح والمشورة لإخوانه بعيداً عن أي منصب تنفيذي.
النقطة الرابعة: دوره الأساس في إنشاء الجامعة الإسلامية بغزة:
يعترف كل من له صلة بإنشاء الجامعة الإسلامية بغزة بأن فضل تأسيسها ووقوفها على أقدامها، وفضل الرعاية المستمرة لها؛ يعود (بعد الله سبحانه) بشكل أساسي لخيري الآغا، الذي كان يؤمن بثنائية "العلم والإيمان"، ودورها المركزي في إنشاء جيل النصر والتحرير. وقد رأس الآغا هيئة المشرفين، وتمكن بما يملك من حنكة وخبرة وعلاقات، من تجاوز الكثير من العقبات.
وأعانته علاقاته الجيدة بياسر عرفات، والعديد من قيادات فتح، ورموز ووجهاء القطاع، على تحويل حلم الجامعة إلى واقع عملي، خصوصاً وأن هيئة المؤسسين (هيئة المشرفين لاحقاً كانت أقرب إلى المناصفة بين تيار الإخوان (حماس) وتيار فتح، قبل أن تنسحب فتح منها وتركز على إنشاء جامعة الأزهر).
وتابع الآغا رعاية الجامعة بعد إنشائها، وكان من موقعه، كرجل أعمال مقيم في السعودية، ينفق بسخاء على الجامعة، ويوظِّف شبكة علاقاته الإسلامية الواسعة وعلاقاته برجال الأعمال في دعم الجامعة وتغطية احتياجاتها، إلى أن أصبحت أحد أكبر الصروح العلمية في فلسطين المحتلة.

ويقول الدكتور يوسف رزقه:

حينما حدثت خلافات شديدة بين أفراد حماس وفتح في السجون الإسرائيلية فيما عرف باسم الكبسولات عام 1992م توجه ياسر عرفات للدكتور خيري وحصل منه على خطاب أرسله للفريقين فكان له سحر على الجميع حيث هدأت الأوضاع بينهما.

وفاته

عن عمر ناهز الـ80 عاما رحل الدكتور المجاهد خيري حافظ الأغا بعد صراع مع المرض يوم الأحد 1 يونيو 2014م الموافق 3 شعبان 1435ه في مدينة جدة السعودية ودفن بها.

قالوا عنه

كتب الشيخ ياسين طاهر الأغا

عقد الموت بالأسى لساني وال *** قلب ينفطر من الغم والأحزان

إني فقدت بموتك سلوتي وعزوتي *** فقد كنت لي أهلي ومعلمي وخلان

تجرعت مر الفراق مضاعفا *** ورضيت حكم الواحد الديان

كنتَ قلعةً أحيطت بروضة غناء *** خضراء من ذكر وترتيل قرآن

صان الإله بك أمة مكلومة *** في عصرنا المتقلب الحيران

ماذا تقول قصائد الشعر التي *** صارت بلا روح ولا أوزان ؟

ماذا ستقول عنك مرشدي *** ستظل عاجزة عن التبيان ؟

مات سليل الأسود ولم يمت بعد *** حزن القلوب وأدمع الأجفان

أفنيت عمرك ناصحا وموجها *** ومعلما للناس دون كَلٍ وتوان

مات العميد عليه أندى رحمة *** وأجل مغفرة من الرحيم الرحم

وقال ياسر الزعاترة :

جانب من عزاء ا.خيري حافظ الأغا
د. خيري الآغا رفيق درب الشيخ ياسين، وأحد أهم مؤسسي حماس. كان بعيدا عن الأضواء، لكنه كان محورا أساسيا في مسيرة الحركة وبنائها منذ كانت فكرة.

وكتب سالم فلاحات: المراقب العام للإخوان في الأردن:

خير كله ولا نزكيه على الله. بعدُ نظرٍ ورؤيةٌ ثاقبة. قدرة فائقة على الإقناع والحجة الباهرة. (كريزما) شخصية لا يمتلكها الكثيرون من القادة. رأيته أول مرة في ثمانينيات القرن الماضي في عمان ولم تغب عني تلك اللحظات. رأيت رجلاً مهيباً وسيما يتحدث بأفكار متدفقة لا يتلعثم، يشي حديثُه بثقافة واسعة وبكلام كبير فعلاً، فقلت في نفسي قبل أن أتعرف عليه الحمد لله الذي جعل من رجالات الإخوان المسلمين أمثال هذا الرجل الفذ.
سألت عنه وإذا رصيده من العمل والممارسة أكبر من مظهره وحديثه وتنظيره، فإذا له باع في التكوين والتنظيم حتى كان الوحدوي الذي تذوب أمام وعيه الهويات الصغيرة فيأتي في عام (1978) بمشروع ليوحد تنظيم الإخوان المسلمين الفلسطينيين مع تنظيم الإخوان في الأردن في تنظيم واحد يطلق عليه تنظيم بلاد الشام وبقي على هذا الحال حتى عام (2006) عندما استجدت ظروف واحوال وقناعات.
ووجدته في مشروع المجمع في غزة الصامدة صاحب فكرة وممولاً وراعياً ووجدته في الجامعة الإسلامية في غزة حيث كانت حلماً فأصبحت حقيقة وكان حامل لوائها فنياً ومالياً هو وإخوانه رحمه الله. كنت أزوره أحياناً خلال أداء العمرة، تجلس إليه فيحدثك عن الاحتلال والمقاومة وعن مشكلات العالم الإسلامي ويسألك عن تفصيلات تشعر أنه يتابع دقائقها. أوذي في الله فصبر وغفر واحتسب، ولقي الله على العهد.
وإن كانت الظروف قد باعدت بينك وبين إخوانك وبين مسقط رأسك ومهوى فؤادك الأول فقد زالت الحواجز الآن وأنت في ضيافة الجواد الكريم سترى من منعت من رؤيته ومجالسته وقد استودعت أحباءك وإخوانك كوكبة من الفرسان تربّت.. في بيت طهر وفضل، رضعوا حب الخير والأرض والدين والهمة العالية رجالاً ونساءً ثقلت برحيلك أعباؤهم وتضاعفت مسؤولياتهم أعانهم الله ونفع بهم.
غادرت كما يغادر الكبار في العادة بلا ضجيج وبسرعة ونحن الأحوج إليك لكنها سنة الله التي لا تتخلف. جمعنا الله بك في مستقر رحمته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلفنا خيراً منها.

ونعى رئيس الوزراء إسماعيل هنية، في تصريح فقيد فلسطين الدكتور الأغا. وقال:

"إن الأغا كان علمًا ورمزًا وشيخًا ومؤسسًا في مسيرة شعبنا الفلسطيني".

وكتب الدكتور أحمد يوسف:

هناك رجال تلتقيهم مرة أو مرتين في مشوار الحياة، ولكنَّ ذكراهم تعيش معك أبداً ولا تغيب، فمجالسهم مدرسة تعلمك الكثير وترسم لخطاك معالم الطريق وهدي السبيل. إن واحداً ممن عرفت من بين هؤلاء الرجال كان د. خيري الأغا.
التقيت الأخ خيري الأغا (رحمه الله) أول مرة في مدينة شيكاغو في نهاية الثمانينيات، وكان وقتها يرأس "جهاز فلسطين"، الذي كان بمثابة الهيئة العليا لتنظيم الإخوان المسلمين في داخل الأرض المحتلة وخارجها، فيما كان د. موسى أبو مرزوق نائباً له.
كانت أحاديثنا معه في مواطن الغربة شيَّقة، فهو موسوعة معرفية بتاريخ الحركة الإسلامية على أرض فلسطين، كما أن علاقاته بالحركة الوطنية والرئيس ياسر عرفات (رحمه الله) كانت وطيدة، فالرجل يُحسن وصل ما انقطع ولا يترك عداوات خلفه، وكل من عرفه وتعامل معه ذكره بخير وبأياديه البيضاء، التي تركت الكثير من الأثر في قطاع غزة وفي الشتات.
عندما التقيته في ذلك الوقت من أواخر الثمانينيات كنت أشرف على تحرير مجلة (فلسطين الغد)، وقد طلبت منه - بعد أن أطلت الاستماع إليه - أن أجري حديثاً صحفياً معه، إلا أنه رفض بشدة، وقال إنه لا يُحبِّذ الظهور الإعلامي، وكلٌّ ميسرٌ لما خُلق له.
ربما كان مكان عمله في المملكة العربية السعودية، وحساسية القضية الفلسطينية في السياسة الإقليمية، وانتماؤه الإسلامي الحركي، تفرضان عليه التزام السريِّة والابتعاد بالكلية عن الإعلام، للحفاظ على مكانته وحماية علاقاته مع رجالات المال والأعمال، ليبقى شريان الدعم للكثير من مشاريع العمل الإسلامي في قطاع غزة، حيث يُشهد له أنه كان وراء تأسيس الجامعة الإسلامية وتطوير منشآتها العلمية الضخمة، لتظهر بالشكل الحضاري التي هي عليه اليوم، إضافة لمشاريع أخرى كالمجمع الإسلامي وبعض المساجد والمؤسسات الدعوية والخيرية التي تدور في فلك الحركة الإسلامية.
بالتأكيد لن تبقى صفحات مسيرته الحركيِّة طي الكتمان، إذا سيتناول الكثير ممن عرفوه تسريب جوانب من شخصيته الحركية ومسيرته الحياتية. ولعليِّ هنا أعرض بعضاً مما أورده د. محسن صالح؛ المؤرخ والباحث السياسي ومدير مركز الزيتونة، في مقالٍ له بعنوان (خيري الأغا: مقاوماً وقائداً لحماس)، بتاريخ 24 مايو 2019

حيث تناول موقع د. خيري الأغا (رحمه الله) في الخريطة التنظيمية والحركيِّة للعمل الإسلامي لفلسطين، ذاكراً دوره المهم في التنظيم العسكري السري الذي أنشأه الإخوان المسلمون في قطاع غزة في النصف الأول من خمسينيات القرن العشرين، والذي كان يهدف لاستئناف العمل المقاوم ضدّ الاحتلال الإسرائيلي.

كما أشاد بدور د. الأغا الأساس في تنظيم الإخوان المسلمين الفلسطينيين، وكذلك بإنشاء تنظيم بلاد الشام، بهدف ربط الإخوان في قطاع غزة مع إخوانهم المغتربين في الدول العربية، داخل إطار تنظيمي واحد يحمل اسم "بلاد الشام" عام 1978.

إنشاء قيادة حماس: الرجل الأساس

خيري-حافظ-عثمان-الأغا.31.jpg

كان العمل الإسلامي لفلسطين تتم متابعته من خلال لجنة متخصصة في تنظيم "بلاد الشام". وفي أكتوبر 1983، عقد الإخوان في عمَّان مؤتمراً داخلياً لفلسطين، كان من أبرز قراراته إنشاء جهاز خاص أو لجنة للعمل الفلسطيني الإخواني، بحيث يضع الخطط والدراسات، ويتولى تأمين متطلبات الإعداد والاستعداد للعمل المقاوم. وبعد فترة من العمل على إنضاج الفكرة وتطويرها، تمّ إنشاء "قسم فلسطين" سنة 1985، والذي عُرف لاحقاً باسم "جهاز فلسطين".

في تلك الفترة من نهاية الثمانينيات، كان خيري الأغا قد عاد للسعودية بعد أن أنهى دراسته للدكتوراه. وتحت الضغط الشديد من إخوانه، وافق على قيادة "الجهاز"؛ الذي أخذ يدير العمل الفلسطيني بصلاحيات واسعة، وتحت سقف تنظيم "بلاد الشام".

وقد أسهمت المزايا الشخصية والخبرة الحركية للأخ د. خيري الأغا من تحقيق قفزة نوعية في عمل الجهاز، فقد كان يتمتع برؤية بعيدة المدى، وبدينامية عالية، وبإمكانات قيادية كبيرة، وبشبكة علاقات واسعة، وبقدرة متميزة على توظيف الطاقات واستيعابها وخصوصاً الشباب. لا شكَّ بأن هذا فتح الطريق - لاحقاً - لإطلاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بعدما أعطت قيادة الخارج لقيادة الداخل الضوء الأخضر في اختيار صلاحية التوقيت المناسب لإطلاق العمل المقاوم.

كان د. خيري الأغا يرعى هذا العمل لحظة بلحظة، بعيداً عن الأضواء، وبأقصى درجات السرية التي لم تؤثر على فاعلية العمل وديناميته.

ومع انطلاقة حماس في ديسمبر 1987، تابع د. الأغا قيادة العمل، وأصبح أول رئيس لحركة حماس.

اللقاء في عمَّان: النصائح والتوجيهات

في فبراير 1988، قررت العودة من أمريكا إلى قطاع غزة، وكان هناك تكليف لي بفتح قسمٍ جديد للإعلام بالجامعة الإسلامية. التقيت د. خيري الأغا في العاصمة الأردنية على غداء خاص في بيت (أبو بشير) الزميلي؛ وهو فلسطيني وأحد قيادات الإخوان المسلمين في الأردن، حيث جمعنا حديث طويل عن أوضاع العمل الإسلامي في أمريكا وفي قطاع غزة، وأخذنا النقاش باتجاه الانتفاضة الفلسطينية، ويبدو أنه كان بيت القصيد؛ لأنه تضمن رسائل خاصة طلب مني د. خيري أن أحملها للشيخ أحمد ياسين (رحمه الله).

خيري-حافظ-عثمان-الأغا.33.jpg

كانت مضامين تلك الرسائل تتعلق بالمخاوف من سرعة اتساع نطاق الانتفاضة بشكل كبير، وعدم القدرة على تغطية أكلافها العالية، فالمطلوب التدرج في التصعيد لمنح الحركة في الخارج الوقت الكافي للتحرك وإعداد الرأي العام الإسلامي والعربي للتفاعل معها، وتوفير الدعم المالي والمعنوي لإسنادها والحفاظ على استمراريتها.

كانت الانتفاضة في ديسمبر 1987 من حيث القوة والاتساع الشعبي مفاجئة للجميع، فيما متطلباتها الميدانية أكبر بكثير من الميزانيات المخصصة للضفة والقطاع، ففي الوقت الذي لم تكن تتجاوز ميزانية الحركة في قطاع غزة مليون دولار شهرياً، ارتفعت مع الانتفاضة إلى أضعاف هذا الرقم

والمؤشرات يصعب التحكم فيها مستقبلاً، وهذا يستدعي تحركاً كبيراً على المستوى الإسلامي وحركة الإخوان المسلمين في الوطن العربي وحول العالم للقيام بحملات دعم مالية واسعة لتغطية أسر الشهداء والجرحى والمعتقلين والأسرى، والأجهزة الأمنية والإعلامية التي تمَّ توسعة أنشطتها، لتواكب الفعاليات اليومية للانتفاضة، وتحريك مسارات القضية الفلسطينية في المحافل الأممية.

تفهم الشيخ أحمد ياسين (رحمه الله) رسالة إخوانه في قيادة الحركة، وكانت إجابته: نحن انطلقنا على بركة الله، ولم يبخل علينا إخواننا مشكورين بما كنا نتطلع إليه من جهد الاستطاعة، والانتفاضة لا يمكنها التوقف أو التراجع الآن، وسنتعهدها بكل ما نملك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

مضت الانتفاضة بحيويتها الشعبية التي أذهلت الجميع، وأذلَّت جيش الاحتلال والمستوطنين، فكان التجاوب الكبير معها عربياً وإسلامياً وعالمياً، وتوفرت لها بفضل الله وهمَّة الدعاة والخيّرين من أبناء أمتنا العربية والإسلامية، وجالياتنا الفلسطينية في الدول الأوروبية وأمريكا، كل الأموال والطاقات المطلوبة، والتي حافظت على زخمها وطهارة دماء شهدائها وجرحاها، وكانت وراء رضوخ الاحتلال وتوقيعه لاتفاقية أوسلو، وخروجه من قطاع غزة مذموماً مدحوراً.

إن كل من عرف د. خيري الأغا يتفهم لماذا كان الرجل يؤثر الابتعاد عن الأضواء، وتجنب الظهور في الأماكن التي تفصح عن شخصيته الحركية، فالرجل كان بمثابة "الصندوق الأسود" و"مالك كل الأسرار"، ولهذا السبب وغيره كان يُقدِّم الشباب لأخذ المهمة بقوة وحمل الراية، ويُشجِّع الكبار على ضرورة إفساح المجال لهم.

ولذلك، وكما أشار د. محسن صالح،

"قام د. خيري بعد أن أعاد مجلس الشورى انتخابه 1993 رئيساً للحركة، بالاستعفاء من منصبه، وتسليم موقعه لنائبه في ذلك الوقت د. موسى أبو مرزوق. بينما ظلَّ يُقدم الدعم والنصح والمشورة لإخوانه بعيداً عن أي منصب تنفيذي".

ختاماً

لقد قضى د. خيري الأغا عمره في الحركة الإسلامية يعمل بصمت ويجود بهدوء.. ثمانون عاماً كانت رحلة حياته، والتي كانت آخر أنفاسه فيها مع مطلع اليوم الأول من شهر يونيو 2014، وقد شهد الأخ د. خيري الأغا (أبو أسامة) بيعة الأخ هاني بسيسو عام 1963، كأول مراقب عام للإخوان المسلمين في فلسطين، وربما كان هو الرجل الأول وراء ترتيب ذلك اللقاء والإعداد له في أحد الكروم التي تعود لقريب له في منطقة المواصي بمدينة خانيونس.

كما نعاه الكثيرون وحرص الكثير على أداء واجب العزاء فيه لمكانته الكبيرة سواء في غزة وجدة وقطر والكويت وغيرها.

ألبوم صور

ألبوم صور.. خيري حافظ الأغا


خيري-حافظ-عثمان-الأغا.1.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.2.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.3.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.4.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.5.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.6.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.7.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.8.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.9.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.10.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.11.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.12.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.13.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.14.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.15.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.16.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.17.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.18.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.19.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.20.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.21.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.22.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.23.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.24.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.25.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.26.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.27.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.28.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.29.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.30.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.31.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.32.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.33.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.34.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.35.jpg
خيري-حافظ-عثمان-الأغا.36.jpg


للمزيد عن الإخوان في فلسطين

أعلام الإخوان في فلسطين

العمليات الجهادية لكتائب القسام منذ تاريخها مقسمة حسب الشهر

المواقع الرسمية لإخوان فلسطين

مواقع إخبارية

الجناح العسكري

.

الجناح السياسي

الجناح الطلابي

الجناح الاجتماعي

أقرأ-أيضًا.png

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

.

تابع مقالات متعلقة

وصلات فيديو

تابع وصلات فيديو

.